**كيف يتحقق عمل الله في النفس، وكيفية تجاوبها معه؟** ✨

لمسة يسوع

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
20 أغسطس 2022
المشاركات
3,087
مستوى التفاعل
1,638
النقاط
113
في الإيمان المسيحي، عمل الله في النفس هو عملية عميقة ومتواصلة تُعرف بـ"التقديس"، حيث يعمل الله على تجديد الإنسان وتحويله ليصبح أكثر شبهًا بالمسيح. هذه العملية ليست تلقائية، بل تتطلب تجاوبًا مستمرًا من النفس البشرية. وهنا سنوضح كيف يتحقق هذا العمل، وكيف تتجاوب النفس معه بطريقة روحية عميقة.

### **١. عمل الله في النفس: دعوة للقداسة والتغيير**
الله، بعمل نعمته، يتدخل في حياة الإنسان بعدة طرق ليجذبه إليه ويجدد قلبه، ومن أهم هذه الأعمال:

#### **١.١ نعمة الله المُخلِّصة (التبرير)**

العمل الأول الذي يقوم به الله في النفس هو التبرير، أي قبول الإنسان في محضره بناءً على نعمة المسيح المخلِّصة. يقول الكتاب المقدس:
*"لأنكم بالنعمة مخلَّصون، بالإيمان، وذلك ليس منكم، هو عطية الله، ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد" (أفسس ٢: ٨-٩).*
هنا، يبدأ الله عمله في الإنسان عندما يستجيب لدعوته بالإيمان بيسوع المسيح، حيث يُعلن الإنسان بارًا بدم المسيح، ويُفتح له باب الشركة مع الله.

#### **١.٢ عمل الروح القدس في التجديد**
بعد التبرير، يأتي دور **الروح القدس**، الذي يدخل إلى ق
لب المؤمن ويبدأ في تغييره. يقول الكتاب:
*"إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدًا" (٢ كورنثوس ٥: ١٧).*
هذا التجديد يشمل تغيير الفكر، العواطف، والإرادة، بحيث يصبح الإنسان راغبًا في مشيئة الله لا مشيئته الشخصية.

#### **١.٣ التقديس: رحلة النمو الروحي**

التقديس هو العملية المستمرة التي يعمل بها الله ليجعل الإنسان أكثر قداسة، وهو يتم من خلال:
- **التجارب والتنقية**: الله يستخدم الضيقات والتحديات ليُطهّر النفس، كما يقول الكتاب: *"إن كان يجب تحزنون يسيرًا بتجارب متنوعة، لكي تكون تزكية إيمانكم، وهي أثمن من الذهب الفاني" (١ بطرس ١: ٦-٧).*

- **كلمة الله**: قراءة وتأمل الكتاب المقدس يفتح عيون النفس على مشيئة الله، كما قال المسيح: *"قدسهم في حقك، كلامك هو حق" (يوحنا ١٧: ١٧).*

- **الكنيسة وأسرارها المقدسة**: من خلال المشاركة في الأسرار المقدسة مثل التناول والاعتراف، يحصل المؤمن على نعمة تعينه في طريق القداسة.

### **٢. كيف تتجاوب النفس مع عمل الله؟**

رغم أن الله هو المبادر في العمل، إلا أن تجاوب النفس ضروري ليتمم الله عمله فيها. هناك عدة خطوات تساعد الإنسان على التفاعل مع نعمة الله بفاعلية: ٠

#### **٢.١ التوبة الحقيقية: تسليم كامل لله**
التوبة ليست مجرد الشعور بالذنب، بل هي قرار واعٍ للرجوع إلى الله، كما قال داود: *"قلبًا نقيًا اخلق فيَّ يا الله، وروحًا مستقيمًا جدِّد في داخلي" (مزمور ٥١: ١٠).*
يجب أن يكون الإنسان مستعدًا لترك الخطايا والعادات التي تفصله عن الله، وأن يسعى لحياة الطهارة.

#### **٢.٢ الطاعة لكلمة الله**
المؤمن الذي يريد أن يرى عمل الله في حياته يجب أن يكون مطيعًا لكلمته. المسيح نفسه قال: *"ليس كل من يقول لي: يا رب يا رب! يدخل ملكوت السماوات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات" (متى ٧: ٢١).*

الطاعة تعني تنفيذ وصايا الله حتى عندما تكون صعبة أو غير مفهومة.

#### **٢.٣ حياة الصلاة والشركة مع الله**
الصلاة هي القلب النابض للحياة الروحية، ومن خلالها يتواصل الإنسان مع الله ويسمح له بالعمل في
داخله. يقول بولس الرسول: *"صلّوا بلا انقطاع" (١ تسالونيكي ٥: ١٧).*
الصلاة تجعل النفس مستعدة لاستقبال نعمة الله وتجعلها قادرة على التمييز بين إرادة الله وإرادة العالم.

#### **٢.٤ قبول التأديب الإلهي بتواضع**
الله يؤدب أولاده لكي ينقيهم، كما قال الكتاب: *"الذي يحبه الرب يؤدبه
، ويجلد كل ابن يقبله" (عبرانيين ١٢: ٦).*
التجاوب الصحيح مع التأديب هو القبول بتواضع، والتعلم من التجربة بدلاً من التذمر والابتعاد عن الله.

#### **٢.٥ الثبات في الإيمان وعدم الارتداد**
الحياة الروحية هي رحلة مستمرة، وليست مجرد لحظة. لهذا، يجب على الإنسان أن يكون ثابتًا، ولا
يسمح للعالم أن يسحبه بعيدًا عن الله. كما يقول بولس الرسول:
*"جاهدتُ الجهاد الحسن، أكملتُ السعي، حفظتُ الإيمان" (٢ تيموثاوس ٤: ٧).*
هذا يعني الثبات في الكنيسة، وعدم الرجوع إلى الحياة القديمة بعد أن بدأ الإنسان في السير مع الله.

### **٣. ثمار عمل الله في النفس**
عندما يتجاوب الإنسان مع عمل الله، تبدأ الثمار الروحية بالظهور في حياته، ومن أهمها:

- **المحبة**: محبة الله ومحبة الآخرين بدون مصالح شخصية.
- **السلام**: سلام داخلي حتى وسط الأزمات.

- **الفرح الروحي**: فرح لا يعتمد على الظروف الخارجية بل على العلاقة مع الله.
- **الوداعة والتواضع**: عدم التكبر بل الشعور بالاحتياج الدائم لله.
- **الصبر والتحمل**: قدرة على احتمال التجارب دون تذمر.

عمل الله في النفس هو أعظم معجزة تحدث للإنسان، حيث ينقله من الظلمة إلى النور، ومن الموت الروحي إلى الحياة في المسيح. لكنه لا يحدث بالقوة وحدها، بل يحتاج إلى تجاوب صادق من الإنسان، من خلال التوبة، الطاعة، الصلاة، وقبول تأديب الله بتواضع. وعندما يحدث هذا، تنعكس صورة المسيح في حياته، ويصبح نورًا للعالم، وملحًا للأرض، وشاهدًا حيًا على محبة الله ونعمته العجيبة.

**"وأما نحن فلنا فكر المسيح" (١ كورنثوس ٢: ١٦).**
ربي يبارككم، ويجعل حياتكم مليانة بحضوره ونعمته ✨🙏🔥
 
التعديل الأخير:
أعلى