كيف أبلغ حرية مجد أولاد الله عملياً في حياتي

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
[ من المستحيل لأي واحد أن يطلب نعمة الله
إن لم يكن عنده الروح القدس ] العلامة ديديموس الإسكندري

لقد أسس الرب كنيسته على نهر الحياة الأبدي، جاعلاً إياها بمقتضى ناموس روح الحياة أن تقبل الروح القدس الرب المُحيي، حتى يتدفق منها كل النعم والخيرات السماوية كينبوع ماء حي يسقي كل شعب المسيح، المسيح الممجد بمجد عظيم عن يمين العظمة في المجد الأسمى...

لقد تشوهت طبيعتنا بالسقوط الذي جعل الإنسان يقع تحت سلطان الخطية والموت بالتالي الفساد، ولم يفلت منه أحد قط، بل الكل سقط وطعن نفسه بأوجاع الموت الخطيرة، فلم يعد الإنسان قادر على شفاء نفسه لأنه فسد بالتمام، ويستحيل بعد الفساد أن يعود الإنسان لحالته الأولى قط !!! مثل الميت الذي يمكث في قبره فأنه ينتن ويصير في حالة فساد ولا يستطيع أحد أن يرده عن فساده الطبيعي، فمهما ما بلغ أي طبيب من مهارة فأنه لا يستطيع أن يُصلح ما قد فسد وأن يُعيده للحياة مرة أخرى !!!

والروح القدس كإله جددنا في المعمودية، وهو بطبيعة اتحاده مع الآب والابن يردنا من حالة الموت إلى الحياة، يردنا من القبح إلى جمالنا الأصلي، فيجعلنا أيقونة الله المقدسة التي تعكس جماله الخاص، فهو يملأنا من نعمته حتى لا نعود نعطي مكاناً لأي شيء لا يليق بطبيعة إنساننا الجديد المخلوق في القداسة والحق حسب صورة ربنا يسوع الكلمة المتجسد القائم بمجد عظيم وجالس بجسم بشريتنا عن يمين العظمة في الأعالي...
[ حينما نغطس في جرن المعمودية، فإننا بإحسان الله الآب وبنعمة الروح القدس، نتعرى من خطايانا ونطرح عنا الإنسان العتيق (الفاسد)، فنولد من جديد ونُختم بقوته الملكية المقدسة. ولكن حينما نخرج من الجرن نلبس المسيح مُخلَّصنا، كثوبٍ لا يبلى، مستأهل لذات الكرامة التي نلناها بتجديد الروح القدس الذي خُتمنا بخاتمه. إذ كما يقول الكتاب المقدس : " لأن كلكم الذين اعتمدتم في المسيح قد لبستم المسيح " ( غلاطية 3: 37 ) .
فإننا بنفخة الله، قد قبلنا صورة الله ومثاله، كما يقول الكتاب. ولكننا بسبب الخطية فقدناها. وها نحن الآن قد صرنا معروفين من الله مرة أخرى، كما كنا معروفين حينما خُلقنا أولاً، بلا خطية وأسياداً على ذواتنا ] ( العلامة ديديموس الإسكندري – في الثالوث 2 : 12 )
الروح القدس يعطينا حرية المسيح الممجد كأولاد لله، فهو يحررنا من سلطان الخطية والموت ويجعلنا روحيين فعلاً، شركاء في المجد الإلهي، نعبد الله ونسجد له بالروح والحق كأبناء في الابن الوحيد ويُشكلنا باستمرار على صورة ابن الله، إذ يطبع فينا صورته بمجد عظيم، ويعطينا روح التقوى ويسكب فينا محبة الله، فنحبه فعلاً ونحفظ وصاياه بسهولة، لأنها لم تعد ثقيلة، لأن الروح القدس يعمل في داخلنا بروح الوصية وقوتها، لأنه ينقل قوتها لنا في أعماقنا من الداخل، لذلك لم تعد ثقيلة كما كانت قبل أن نتوب ونعود لله ليعمل في داخلنا بقوته !!!

إذن فأننا بدون الروح القدس لن نتغير أو نتجدد على صورة ربنا يسوع، ولن تكون الوصية سهلة ومحبوبة لنا، بل سنجدها صعبة جداً بل ومستحيل تنفيذها على المستوى العملي، بل من الجائز أن نقول أننا قادرين على تنفيذها بقوة الله شفوياً وفكرياً، أو يتهيأ لنا أننا نحياها بكوننا نعرف الكثير عن الله أو دارسين لها بعمق ونستطيع أن نجاوب الجميع على كل سؤال بتدقيق كمسيحيين عارفين ديننا، ولكن على مستوى الفعل والواقع العملي المُعاش في حياتنا اليومية، فأننا لا نكون قادرين أن ننفذها بفرح ومسرة أو بسهولة، بل نعيش في حالة من الغصب وتصبح الوصية ثقيلة جداً ومحزنة لأنفسنا لأننا لا نقدر أن نعيشها كما هي وفي ملء قوتها، وقد نجد أن وصية المحبة نظرية نعتنقها لأننا نشعر أنها مستحيلة، بل وقد نهرب منها بتفسيرات شتى، وكل هذا لأن روح المسيح لا يعمل فينا !!!
يقول العلامة ديديموس: [ ليس أحد غير مولود ثانية من روح الله القدوس وغير موسوم بختم تقديسه، ينال العطايا السماوية، ولو كانت حياته بلا خطية في أي شيء ] ( في الثالوث 2: 12 )
ولنا أن نتيقن أن: [ كل من يتصل بالروح القدس، ففي نفس اللحظة هو يتقابل مع الآب والابن. وكل من يشترك في مجد الآب، فأن هذا المجد في الواقع هو ممنوح له من الابن بالروح القدس ] ( العلامة ديديموس عن الروح القدس 17 )
يا أحبائي، بتجديدنا في المعمودية نتمتع بالألفة مع الله على قدر ما تسمح طاقة طبيعتنا، فعلى قدر ما يقدم الإنسان نفسه لله بالتوبة ويطلب الله بقلبه ليعمل فيه بروحه القدوس الذي يسكن في إناءه يُشابه الله غير المائت، ويحيا الحرية التي حررنا بها ربنا يسوع بموته وقيامته نائلاً حياته فيه :

  • " روح الرب علي لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق و للعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية " (لو 4: 18)
  • " وتعرفون الحق والحق يحرركم " (يو 8: 32)
  • " فان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً " (يو 8: 36)
  • " لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية و الموت " (رو 8: 2)
  • " و أما الرب فهو الروح وحيث روح الرب هناك حرية " (2كو 3: 17)
  • " فاثبتوا إذاً في الحرية التي قد حررنا المسيح بها ولا ترتبكوا أيضاً بنير عبودية " (غل 5: 1)
المجد لله الذي حررنا بالحقيقة آمين
 
أعلى