
لا تقذف قاربي بالحجارة!
بينما كان سامح يلعب بقاربه الصغير في بركة ماء، ابتعد بعيداً عن متناول يده. وإذ خاف أن ينزل في البركة نادى أخاه الأكبر ليحضره له.
توقع سامح أن أخاه ينزل إلى البركة، ويذهب إلى قاربه ليحضره له، لكنه فوجىء بأخيه يُلقي بحجارة في البركة بجوار قاربه. صار يصرخ قائلاً: لا تقذف قاربى بالحجارة".
لم يبال الأخ الأكبر بصرخات أخيه، بل صار يلقي بالحجارة التى سببت أمواجاً حركت القارب حتى صار في متناول يد سامح!
ما أبعد أحكامك عن فهمي يارب. تبدو كمن يلقي حجارة على حياتي، لكن بحكمتك وبحبك تشبع كل احتياجاتي.
لتلق ِ بالحجارة كما تريد، ولتحدث أمواجاً في حياتي، فإني مطمئن ما دامت من صنع
يديك!

من العيادة إلى حديقة الحيوانات
فى مدينة نيويورك أصيب طالب بالثانوى بكسر فى أنفه، فأنطلق من المدرسة إلى العيادة الطبية، حيث قام الطبيب بمعالجته، كان الطالب متألماً، وفيما هو يفكر فى نفسه لماذا سمح الله له بكسر أنفه وجد نفسة أمام حديقة حيوانات برونكس Bronx zoo . فكر أن يدخلها كنوع من الاسترخاء حيث لا يوجد أحد فى منزله فى الصباح .
دفع الطالب ثمن التذكرة وبعد دقائق فوجى بكبار موظفى الحديقة يقدمون له هدية، والصحفيون يلتقطون له الصور.إذا سأل عن السبب عرف أنه كان الإنسان رقم بليون الذى دخل الحديقة منذ نشأتها !
وأنه حدث بسيط لكنه يومى فى حياة المؤمن الذى يردد مع الرسول بولس:ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله، اللذين هم مدعون حسب قصده رو28:8.
أبوتك حانية وعجيبة،تحول كل أمور حياتى للخير! خطتك فائقة، تخرج من المُرعذوبة، ومن الأكل أكلا! فيك وبك تطمئن نفسى ياقائد حياتى!

وتلاقيا الزجان بعد سنوات
هاجر كثير من أعضاء كنيسة بإحدى مدن شمال إنجلترا ولم يتبقَ إلا القليل من العائلات، أغلبها من المسنين، فأُهملت مباني الكنيسة إلى سنوات.
قبيل عيد الميلاد لعام 1958م اجتمع بعض الأعضاء وقروا تهيئة المبنى بمجهودهم الذاتي للاحتفال بالعيد. وبالفعل بذلوا جهدًا في تهيئته، غير أن عاصفة شديدة قامت بالليل حطمت كل ما صنعوه. كما سقط جزء كبير من ملاط إحدى الحوائط فظهر شق وفجوة في الحائط.
أعاد الأعضاء العمل وقاموا بتنظيف الكنيسة وكل أثاثاتها، لكنهم وقفوا عاجزين عن التصرف بخصوص الشق الظاهر في الحائط بعد سقوط الملاط.
في وقت الظهيرة عبر راعي الكنيسة على صالة مزاد فشاهد غطاء مائدة أبيض جميل مطرَّز، فشعر أنه مناسب لتغطية الشق. اشتراه الراعي ببعض الشلنات.
على محطة الأتوبيس شاهد الراعي سيدة تبكي، فأدرك أنها في ضيقة شديدة. سألها إن كانت تذهب معه إلى الكنيسة، وهناك أنصت إلى قصتها. لكنه لاحظ أن السيدة قد توقفت عن الحديث فجأة وصارت تركز على غطاء المائدة الأبيض. سألها عن سبب صمتها، فأجابت أن هذا الغطاء هو ملكها، قدمه لها زوجها، وأنه يوجد عليه الثلاثة حروف الأولي من اسمها. ثم روت له كيف عاشت هي وزوجها في فينا.
في أثناء الحرب وُضع رجلها في معسكر، وقد جاء إليها خبر وفاته. فجاءت إلى بريطانيا العظمى لتعمل مربية لأطفال في مدينة قريبة من الكنيسة، لكنها إذ جاءت إلى المدينة وجدت فرصة العمل قد ضاعت منها.
تأثر الراعي بقصتها جدًا واهتم بها وطلب منها أن تأخذ هذا الغطاء بكونه ذكرى من زوجها الراقد في الحرب، أما هي فإذ عرفت أنه سيغطي به شقًا كبيرًا في جدار الكنيسة، خاصة أثناء الاحتفال بعيد الميلاد رفضت قبوله، قائلة إنها تود أن تقدم شيئًا في هذا العيد لأية أسرة أو إنسانٍ ولكن إذ لا تملك ما تقدمه فإنها تتنازل عن هذا الغطاء للكنيسة.
حاول الراعي بكل جهده أن تقبل الغطاء لكنها رفضت، وحسبت أن رفض الراعي لقبوله إنما هو حرمان لها من عطاء شيء عزيز لديها للَّه في هذا العيد المبارك.
تركت السيدة الكنيسة، وبعد ساعات قليلة امتلأت الكنيسة بالقادمين للاحتفال. عاد الكل إلى منازلهم وبقي رجل واحد جاء إلى الراعي يسأله:
- من أين هذا الغطاء؟
- اشتريته من مزاد... لماذا تسأل؟
- إنه هديتي لزوجتي في فينا.
- وهل أنت تعيش هناك؟
- لا، فقد افترقنا أنا وزوجتي بسبب الحرب، وأُرسلت زوجتي إلى معسكر، واخبروني أنها ماتت. وقد جئت إلى انجلترا أعمل في تصليح الساعات في هذه المدينة.
دُهش الراعي للأحداث العجيبة التي يلمسها بنفسه، فأخبر الزوج بأن زوجته كانت في الكنيسة منذ ساعات، وأنها تظن بأن زوجها قد مات، وأنها جاءت إلى إنجلترا للقيام بالعمل كمربية... ثم أخبره عن اسم العائلة التي في المدينة المجاورة الني كانت تود أن تعمل عندهم كمربية لأطفالها.
ذهب الزوج إلى الأسرة واكتشف عنوان زوجته عن طريق خطاب أرسلته لهم بعد وصولها...
وفي الصباح الباكر التقى الزوج بزوجته بعد سنوات، وفرحا أنهما عادا إلى بيت الزوجية من خلال تنازل الزوجة الفقيرة عن غطاء المائدة لتستر به حائطٍ مشقوقٍ!
لقد أدركت أن اللَّه قدم لها في هذا العالم أضعاف ما قدمته من أجل محبتها... شعر الزوجان أن كل أمورهما لا تسير اعتباطًا، بل تعمل يدَّ اللَّه الخفية لحسابهما .
كثيرًا ما نظن خطأ أن أمورنا تسير اعتباطًا، ولا نكتشف يدَّ اللَّه الخفية العاملة لحسابنا، يدَّ ضابط الكل الذي يحصي حتى شعور رؤوسنا. أعمال محبتنا للَّه وللناس تقود حياتنا خفية، يتقبلها اللَّه رائحة بخور طيبة، وبسببها يُوجّه الأحداث لحسابنا ونحن لا ندري. لنلقِ خبزنا على وجه المياه، حتمًا سيعود إلينا يومًا ما

حجر الزاوية
في جوٍ مملوء حبًا ولطفًا اعتاد الأب أن يجلس مع ابنه الوحيد بعد العشاء يتسامران ويتناقشان في أمورهما اليومية.
كان الابن، الصبي الصغير، يشعر أن هذه الفترة هي أسعد لحظات عمره، فينتظر نهاية العشاء ليجلس مع أبيه ويتحدث معه بصراحة وفي جوٍ روحي مبهج.
في إحدى الأمسيات، أراد الابن أن يروى لأبيه بعض الطرائف، فقال له: "حاول أن تعرف ماذا تقول الحائط لأختها الحائط؟"
بابتسامة حاول الأب أن يهرب من الإجابة فقال لابنه: "لا أعرف، اخبرني أنت ماذا تقول كل حائط لإختها". أجاب الابن: إنها حتمًا تقول لأختها: "هلم نلتقي معًا عند الزاوية التي تربطنا معًا وتوًّحدنا" .
صمت الأب قليلاً ثم قال لابنه:
"كلامك حق، وكان يجب أن أعرف الإجابة.
إنه يليق بكل مؤمن حقيقي أن يقول لأخيه:
هلم نقترب معًا نحو حجر الزاوية ربنا يسوع المسيح،
ففيه وبه نتحد معًا!
هو يسندنا معًا ويوحدنًا، لنصير بيت اللَّه الحي!"
كلما أقترب إليك يا حجر الزاوية المرفوض، أقترب إلى اخوتي، وأصير معهم واحدًا فيك! بدونك أصير وحيدًا، أشعر بالعزلة عن اللَّه والناس، حتى إن التف الكل حولي. بك أشعر بالدفء، حتى إن تركني الكل! بروحك القدوس اجذبني إليك، فأجري مع اخوتي إليك، نفرح ونتهلل بك، يا سعادة نفسي

يـكـفــــــــينـي نــظـــــــــــــرة من أبــــــي
لاحظ الأب على ابنته الصغيرة شيري علامات القلق الشديد، عندما أمسك الطبيب بحقنة ليحقن بها هذه الطفلة البالغة الرابعة من عمرها। هذه هي المرة الأولى التي فيها تُدرك الطفلة أنها سُتحقن। لقد ظنت أن هذه الإبرة كفيلة بأن تقتل فيلاً لا طفلة مثلها। أمسك الأب بيد ابنته وتطلع إليها بنظرة حب مملوءة حنانًا. لم تسمع منه كلمة واحدة لكن كان يكفيها أن تشعر بحضرته وتنعم بنظرة منه فتسلم نفسها للطبيب يفعل ما يشاء!.
ما أحوجنا أن نشعر بالحضرة الإلهية وقت ضيقنا لنرى عينيْ مخلصنا تتطلعان إلينا!

على درب أبيــــــــــه
حرص أرساني أن يكون قُدوة لابنه الصغير مينا في كل تصرفاته، فكان يصلي كل صباح ومساء، وقبل الأكل وبعده। كان حريصًا أن يكون دائم البشاشة، مرحًا، يقدم كل محبة لزوجته وابنه حتى يشعر مينا بالدفء العائلي। وفي عيد الميلاد المجيد انطلق الأب المحب يزين بيته بل والشارع بزينات الكريسماس، وإذ انطلق إلى حديقة بيته يزينها، وكان قد أهمل تنظيف ممراتها من الثلج، بدأ يسير بحذر يحمل الزينات। فجأة سمع صوت ابنه مينا وراءه يناديه "بابا، سأساعدك في وضع الزينات"। اضطرب الأب جدًا إذ تطلع إلى خلفه ليرى ابنه يسير وراءه فرحًا. إذ لاحظ مينا علامات اضطراب والده ابتسم قائلاً: "بابا، إنني أسير في طريق آمن، إني أسير على إثر خطواتك تمامًا". عندئذ أمسك أرساني بيد ابنه وشعر بالمسئولية أنه كان يجب أن ينظف الممرات من الثلج، لأن ابنه حتما يسير في طريق
قد يكون آباؤنا الجسديون أو الروحيون أمثلة حيَّة لكن ليس في كل شيء، أما مسيحنا فهو "الطريق والحق والحياة"। هو وحده المثال الكامل لنا، لنتطلع إليه ولنسر على أثر خطواته بلا خوف، إنه يحملنا فيه، ويعبر بنا في آمان إلى حضن أبيه!

المليونيرة الفقيرة
يروي لنا دونالد بارنهاوس أنه منذ سنوات طويلة إذ كان يعظ في إحدى الكنائس في جنوب غرب الولايات المتحدة الأمريكية، وقف على المنبر في صباح الأحد وإذا براعي الكنيسة يهمس في أذنيه قائلاً له: "لاحظ هذه السيدة التي تجلس في مقدمة الصفوف وقد ارتدت ثيابًا بالية وحذاءً ممزقًا"। شاهد بارنهاوس السيدة البائسة، وكان منظرها يستدر كل عطفٍ. كانت ربما في أواخر الستينات من عمرها، وقد مدت إحدى قدميها ليظهر ثقب كبير في نعل حذائها بينما تمزقت الأطراف وخرج الجلد عن النعل. كانت ثيابها بالية مملوءة رقعًا، وقبعتها تشبه قطعة بالية من البرميل تضعها على رأسها. تحنن الواعظ عليها وفكر في تقديم قليلٍ من الدولارات لإنقاذها من حالة البؤس التي تنتابها. قال له راعي الكنيسة: "كان لهذه السيدة وزوجها كميات ضخمة من الأراضي البور التي ترعى فيها القطعان، وكانا يعيشان في عربة قديمة يسحبونها. أُكتشف في أراضيهما بترول؛ وتعاقدت شركة بترول مع رجلها لضخ البترول، وقد أقامت الشركة المضخات. فجأة مات الرجل قبل توقيع العقد، فطلبت الشركة من الزوجة أن توقع عليه، لكنها تخشى توقيع العقد. يبلغ رصيدها الآن الملايين من الدولارات، ولازال الضخ مستمرًا، لكنها ترفض التوقيع وبالكاد تبحث عن سنتات لتعيش بها. إنها لا تزال تسحب العربة القديمة لتعيش فيها وتحيا في بؤس".....
هذا هو حال الكثير من المؤمنين، فمع كونهم وارثين مع المسيح وشركاء معه في المجد، ماله صار لهم، لينالوا كل بركة روحية في السماويات (أف2:1)؛ يقدم لهم اللَّه الآب كل غنى بلا حدود لينعموا به، لكنهم لا يمدوا أيديهم لينالوا، لا يطلبوا حتى القليل مما يشتهي اللَّه أن يقدمه لهم. † ! اكشف لي عن مخازن حبك فيّ! † كثيرًا ما استدر عطف الغير، اشتهي كلمة مديح تفرح قلبي، أو عاطفة تملأ جوانب نفسي، أو كلمة تشجيع تسندني. أعيش في مذلة، أتوسل الحب والمديح من الغير، وأنت هو الحب كله! أنت هو السند الحقيقي وحده! اكشف لي عن مخازن حبك في داخلي! ليقدني روحك القدوس إلى كنزك المخفي فيّ! فأدرك غناي بك وفيك. واشتهي العطاء بسخاء عوض الاستجداء!

رائحة المسيح الذكية
أخذت لونا ابنتها الصغيرة مريم إلى صديقتها الحميمة لوسي... وإذ لمحت قارورة طيب جميلة، تركت والدتها واندفعت نحو القارورة। حاولت الأم أن تنتهر ابنتها خشية أن تكسر قارورة الطيب، لكن سرعان ما أمسكت لوسي القارورة باعتزاز شديد وهي تقول: "لقد أحضر لي زوجي هذه الزجاجة من باريس في الصيف الماضي بمناسبة عيد زواجنا". لم تُعط لونا اهتمامًا للأمر، لكن لوسي قالت لها: "أتعرفين ماركتها؟" أجابت لونا: "لا". قالت لوسي: "إنها أشهر نوع من الطيب في كل العالم، ثمنها هو..." دُهشت لونا عند سماعها للثمن، فقالت: "هل يُعقل أن تكون ثمنها هكذا؟" - هذا ثمنها مع الإعفاء الجمركي، لأنه اشتراها من السوق الحر من مطار باريس. - كيف يدفع هذا الثمن؟ - محبته وتقديره لي. - هل لي أن أشتم رائحتها؟ - آسفة، لقد فرغت تمامًا، وإنني احتفظ بالقارورة فارغة. لاحظت لوسي صديقتها لونا تحاول إخفاء تنهدها، فقالت لها: "لماذا تتنهدين يا لونا؟ هل تضايقتي لأنه دُفع ثمنًا كبيرًا في قارورة طيب وقد اُستهلكت تمامًا، ولم تبق سوى القارورة الفارغة الجميلة؟ أجابت لونا: "لا يا لوسي، أنت تستحقين أكثر بكثير من هذا الطيب.
لكن ما يحزنني أنني أخشى أن أكون كقارورة الطيب الجميلة التي بلا رائحة. حقًا أحمل اسم السيد المسيح، وأحفظ الكثير من عبارات الكتاب المقدس، وأمارس الكثير من العبادات الروحية، لكنني أتساءل: هل أحمل رائحة المسيح الذكية؟ طيب هذا العالم يُستخدم فيُستهلك، أما رائحة مسيحنا الذكية فتُستخدم لتزداد في داخلنا كما في خارجنا". هكذا تحول الحديث عن طيب هذا العالم إلى طيب المسيح العجيب. وفي ختام الزيارة وقفت لونا تصلي، قائلة: "نشكرك يا رب لأنك جعلتنا قارورة طيب إلهي سماوي! لتفح رائحتك فينا، نشتَّمها نحن، ويشتَّمها من هم حولنا، فلا تُستهلك رائحتك، بل تنتشر وتزداد. مع كل جمال سكبته فينا، هب لي ألا أكون قارورة جميلة من الخارج وفارغة. أنت تملأ حياتي بك. أنت سرّ غناي وجمالي وعذوبتي!"

ما بين الروح والجسد
في الستينات كنت افتقد شابًا لا علاقة له بالإنجيل ولا اتصال له بالكنيسة। بدأت أتحدث معه عن عذوبة الحياة في المسيح والتمتع بالشركة معه، وتعرضت للحديث عن الدخول إلى أعماق الإنجيل والممارسات الكنسية بفكر روحي. أما هو فقال لي: "هل تظن أن اللَّه لا يسمع لي وأنا مسترخي على سريري، أشرب السيجارة؟ هل من ضرورة للوقوف للصلاة أو الجلوس لدراسة الكتاب المقدس أو الشركة في العبادة الكنسية؟" أجبته عن ضرورة اشتراك الجسد مع النفس في العبادة، سواء الخاصة أو الكنسية، ومساهمة كيان الإنسان كله معًا في التعبير عن شوقه للتمتع باللَّه والحديث معه والاستماع إليه. حين يكون الإنسان جادًا في تصرفات جسده تشارك النفس جِدِّية الجسد، وحين يسترخي الجسد تجد النفس فرصتها أيضًا للاسترخاء. فقط تحت ضغط المرض أو الظروف المحيطة بنا قد يتوقف الجسد عن بعض هذه الممارسات. لكن النفس تجاهد وتستعذب الحياة في المسيح. لكن مادام للجسد فرصته للجهاد بجدية فكل تهاون يعكس أثره على النفس. هذا ما تُعلمه إيَّانا قُطعان الحملان. هل رأيت حملاً يأكل وهو مُلقى على الأرض مسترخيًا؟ ربما يكون العشب على بعد بوصة واحدة من فمه، لكنه لا يأكل منه! لكي يأكل الحمل يقف وينحني برأسه وقد يركع بقدميه الأماميتين ليأكل!
لقد دخل بنا ربنا إلى مراعيه الخضراء لكي ننحني برؤوسنا كما برُكَبنا، فتنحني نفوسنا بالتواضع وتأكل وتشبع وترتوي! هب لي يا رب أن أعبدك بكل كياني،جسدي بحواسه وطاقاته يتعبد لك،ونفسي بكل قدراتها تسجد أمامك، كياني كله لا يعرف الاسترخاء،لكي يشاركك أمجادك الأبدية!

مين هيتصل بالبوليس الأول
يروي لنا دونالد بارنهاوس Donald G। Barnhouse أنه إذ كان في فندقٍ ضخمٍ سمع أمًا تقول لطفلها البالغ خمس سنوات أنها ستتركه إلى لحظة لترى شخصًا يقف بجوار الحجرة، وأنها تعود فورًا। أجاب الطفل بصوت عالٍ بطريقة تستلفت الأنظار يعوزها الذوق: "لا!" عادت الأم تتوسل إلى ابنها مرتين أو ثلاث مرات لكي تخرج إلى لحظة وتعود। فأجابها الطفل: "لا، إن خرجتِ لن أكل الطعام طول اليوم!" فاضطرت الأم أن تجلس بجواره ولا تفارقه وهي في حيرة... ماذا تفعل. انتقد بارنهاوس سلوك الأم التي كان يجب أن تربي ابنها بفكرٍ إنجيلي فيعرف إكرام الوالدين، وأن تدرك أن اللَّه في أبوته الحانية يستخدم الحزم والتأديب أحيانًا. حقًا إن الطريق المعتدل أو الطريق الوسطى هو طريق الفضيلة الملوكي... نحب أطفالنا ونقدر شخصياتهم ونخلق فيهم روح القيادة، لكن دون تجاهل للحزم المملوء حبًا. أذكر في زيارة لإحدى العائلات بنيوجيرسي روى لي أب هذه القصة: كان طفلي الصغير قد التحق بمدرسة ابتدائية، وهناك غالبًا ما يتعلم الأطفال من بعضهم البعض أنه إذا ما ضَرَبهم أحد الوالدين يُهددون بطلب رجال الشرطة (البوليس) له، أو يطلبونه بالفعل. ارتكب ابني خطأ هددته بالضرب ففوجئت به يهددني أنه يطلب له "البوليس". قلت له: "لا انتظر أنك تطلب البوليس، بل سأذهب معك إلى قسم البوليس". وبالفعل أخذت الطفل في عربتي فذهبت به إلى قسم البوليس. هناك التقيت برجل البوليس وأمام ابني سألته: - ماذا لو أخطأ ابنك ألا تؤدبه؟ - لابد أن أفهمه خطأه وإن أصرّ أُؤدبه؟ - هل يهددك ابنك أنه يطلب لك البوليس؟ ضحك رجل البوليس ولاطف الابن، قائلاً له: "اسمع لصوت والديك..." عاد الابن إلى منزله ولم يعد يهدد بطلب البوليس لوالديه! لقد سمع الطفل لرجل الشرطة... بينما لا نسمع نحن لصوت الوصية الإلهية.
علمني يا رب أن يتسع قلبي بالحب للكل!لأقدر كل نفس، حتى نفس الرضيع الصغير!أراك في كل نفس فأتهلل بك.هب لي أن أشاركك سمات حبك!لأموت ويحيا كل إنسان!هب لي أيضًا حكمتك السماوية،فلا يتحول حبي إلى ميوعة ورخاوة.هب لي حبًا مملوء حزمًا!وحزمًا مملوء حبًا أيها الحب يا حكمة الآب!

أعمى ولكني أرى
في زيارة القديس أنبا أنطونيوس للقديس ديديموس الضرير مدير مدرسة الإسكندرية الذي فقد بصره وهو في الرابعة من عمره، وقد اخترع فكرة نحت الحروف على قطع خشب ليقرأ بأصابعه لا بعينيه، وهكذا سبق الفرنسي برايل بأكثر من 15 قرنًا في اختراع الكتابة البارزة لفاقدي البصر। سأل القديس أنبا أنطونيوس: "هل أنت حزين لأنك فقدت بصرك؟" صمت القديس ديديموس فكرر القديس أنبا أنطونيوس السؤال مرة ثانية فثالثة، وأخيرًا أجاب القديس ديديموس: "إني أشكر اللَّه على كل حالٍ، لكنني بلاشك حزين لأني فقدت عطية البصر وحُرمت من رؤية أمور كثيرة، خاصة قراءة الكتب..." علَّق القديس أنبا أنطونيوس على هذه الإجابة بقوله: "كيف تحزن يا ديديموس على فقدان البصر الذي يشترك فيه الإنسان مع الحيوانات بل ومع الحشرات الصغيرة، ولا تفرح بالحري أن اللَّه وهبك البصيرة الداخلية التي تشترك فيها مع السمائيين، فتتعرف على الأسرار الإلهية الفائقة!
" حقًا نحن نشكر اللَّه على عطية البصر، وإن سحبها لننال حدة بصر روحية داخلية فنشكره على عطية فقدان البصر الجسدي مع تمتع ببصيرة أعظم وأبقى إلى الأبد. تُذكرني هذه القصة التي ترجع إلى القرن الرابع الميلادي بما
حدث في القرن العشرين حين فقد ضابط شاب بصره في الحرب . اهتمت به ممرضة تقية في مستشفى عسكري فتزوجها. سمع يومًا ما إنسانًا يتحدث عنه وعن زوجته قائلاً: "إنها سعيدة الحظ! إنه أعمى! تزوجها دون أن يرى ملامح وجهها... لو كان أبصر لما كان قد تزوجها!" تحرك الضابط نحو الصوت والتقى بالمتحدثين عنه وهو يقول: "لقد سمعت ما تتحدثون به عني، وأنا أشكر اللَّه من أعماق قلبي لأجل عمى عيني ليهبني بصيرة داخلية أرى بها جمال نفس هذه السيدة الفائق. إنها شخصية رائعة، أجمل شخصية التقيت بها كل حياتي. فلو أن ملامح وجهها كان يطابق جمالها الداخلي لا يكون ذلك إلا قناعًا يخفي جمال نفسها... لقد ربحت الكثير بفقدان بصري! رفع الرجل عيني قلبه ليصرخ: أشكرك يا إلهي لأنك نزعت عني بصيرة الجسد، ووهبتني بصيرة القلب الداخلي. وهبتني عينيك لأرى بهما جمال النفس لا الجسد. حقًا كنت قبل أنظر ما هو بالخارج، الآن أعطيتني أن أرى بك ما في القلب!

المربية السارقة
قيل أن مسيحيًا سمع أن المربية التي كانت تعمل لديه وقد تركته فجأة دون إنذار مريضة جدًا। ذهب الرجل إلى المربية، وإذ عرفت أنه قادم بدأت تتساءل في أعماقها: "تُرى هل هو قادم ليعاتبني؟ هل هو شامت فيَّ لأني قابلت معاملته اللطيفة بالجحود؟ أم هل هو قادم لأنه بالحق تقي ويحبني؟" التقي الرجل بالمربية فسألها: "ما هو حالك؟" أجابته في خجل: "سامحني فقد سلمت نفسي للشيطان". صمت الرجل قليلاً ثم قال لها: "اللَّه يسامحنا جميعًا... لكنني أود أن أسألك..." خشيت المربية أن يسألها عن سبب تركها بيته فجأة فارتبكت، أما هو فبابتسامة قال لها: "ماذا تظنين لو أنكِ أخذتِ أحد أولادي وهربتِ به لتبيعيه في سوق العبيد؟" أجابته: "يستحيل! كيف أفعل ذلك؟ إنه ابنك، ليس من حقي هذا". قال الرجل: "ألا تعلمين أن نفسك هي ابنة اللَّه، كيف تسلبين إياه، وتقدمينها لعدوه إبليس وبلا ثمن؟!"
في غباوة كم مرة أقول لنفسي:إنني حُرَّ أفعل ما أشاء!نفسي هي ابنتك!لم تقتنها بذهبٍ أو فضة،بل بدمك الثمين!وهبتني أن أكون ابنًا للآب،لي حق شركة المجد معك إلى الأبد.أخطأت لأنني سلبتك نفسي التي هي ابنتك!هب لي أن أردها بالتوبة إليك يا مخلص نفسي!

أنا مين فيهم يا أبي ؟
انطلق الصبي ماثيو مع والده إلى معرضٍ دولي। إذ دخل قسم الموسيقى بينما كان الاثنان يتنقلان بين أدوات الموسيقى كان ماثيو منسجمًا جدًا مع صوت الموسيقى - يا لها من موسيقى رائعة! - نعم إنها موسيقى الفنان المشهور بيتهوفن الذي حُرم من عطية السمع. - هل لو اشتريت أدوات موسيقى من هنا أصير مثل بيتهوفن، أخترع موسيقى جميلة هكذا؟ - تساعد الأدوات الإنسان، لكن ما قدمه بيتهوفن هو ثمرة نبوغه مع جهاده بمثابرة. صمت الصبي وعاد يستمتع بموسيقى بيتهوفن، كما اشترى بعض الاسطوانات الموسيقية لهذا الفنان. دخل الاثنان معًا قسم الفن... وقد وقف الصبي أمام بعض التماثيل الرائعة واللوحات العالمية، وكان مشدودًا لهذا الفن. وفي حوار لطيف مع والده اشتاق الصبي أن يهبه اللّه نبوغًا لتقديم عمل فني رائع... هكذا مع كل قسم من أقسام المعرض كان قلب الصبي يلتهب بالشوق أن يكون يومًا ما نابغًا. في المساء جلس ماثيو مع والده وتباحثا معًا في موضوع النبوغ في المواهب، وكان الأب يحاول أن يمسك بيد ابنه ليكتشف مواهبه الخاصة وينميها. قال الأب: "كم أنا سعيد يا ماثيو من أجل شوقك الحقيقي أن تكتشف مواهبك لتنميتها وتصير يومًا ما نابغًا... لكنني أود أيضًا أن أحدثك عن نبوغٍ أبدي وفريد". - ما هو يا أبي؟ - لا يستطيع الإنسان أن يكون نابغًا في كل شيء، إنما يلزمه أن يكتشف مواهبه. لكنه يوجد نبوغ فريد وفي متناول يدنا ونلتزم به جميعًا. - ما هو؟ - أن نحمل في داخلنا السيد المسيح، حكمة اللَّه والبرّ! نحمله فننعم بحياته فينا. نعيش مقدسين، نمارس الحياة الفائقة العجيبة. لذا دُعي اسمه عجيبًا، ويجعل من مؤمنيه عجبًا. قلوبنا بعواطفها، وأجسادنا بحواسها، وفكرنا وكل طاقاتنا تعمل بقوة فائقة سماوية! إلهي، من يقدر أن يُروِّض لساني؟ من يضبط أفكاري ويقدسها؟! من يُقدس حواسي؟ من يُبارك أحلامي؟ لأقتنيك يا قدوس فأقتني حياتك فيّ!

سيجار .. والماضي طــــــــــار
في الستينات، في بدء إنشاء كنيسة الشهيد مارجرجس بإسبورتنج وقبل البدء في بنائها كنت افتقد شابًا قد انحرف. قرعت الباب وإذا بسيدة تفتح الباب: - من تطلب؟ - (فلان) - إنه لا يحضر قبل منتصف الليل! شعرت أنها تتحدث بلهجة جافة مع أنني كنت أسأل عن ابنها، وإذ مرّ بي الإحساس التالي: ربما تكون هذه هي المرة الأخيرة التي التقي بها مع هذه السيدة، فلماذا لا أتحدث معها عن خلاصها وأبديتها؟ وإذ كنت خجولاً تمالكت نفسي وقلت لها: "هل يمكن أن أتحدث معكِ". وافقت لكنني لم أشعر بترحيب. دخلت إلى الصالة وبدأت تشاهد برنامج التليفزيون (وكان في ذلك الوقت غير منتشرٍ في مصر)، وقد أمسكَت بالسيجارة تدخن، وكأنه لا يوجد ضيف... صمت قليلاً ثم قلت لها: "هل يمكن أن نخفض صوت التليفزيون لنقرأ الكتاب المقدس؟" دُهشتُ لاستجابتها السريعة، إذ أطفأت السيجارة، وأغلقت التليفزيون وجلست في خشوع وهي تقول: "منذ سنوات طويلة لم أقرأ في الكتاب المقدس... إني مشتاقة أن أسمع صوت الكتاب". بدأْت أقرأ فصلاً من الكتاب، وبدأتْ تسأل باهتمام شديد وشوق عجيب। وقبل نهاية الجلسة سألتني: "أين الكنيسة التي تصلي فيها؟" - إنها قريبة جدًا منك... بجوار الترام بين الإبراهيمية واسبورتنج الصغيرة"। - لم أكن أعرف أنه توجد كنيسة هنا! - مبناها مؤقت على شكل جراج إلى حين أخذ تصريح بالبناء. - هل يوجد اجتماع لدراسة كلمة اللَّه؟ - كل سبت في العشية. تغيرت حياة هذه السيدة حيث مارست حياة التوبة الصادقة، وارتبطت بالكنيسة وبدأت تعيش بكلمة اللَّه الحية... تعلمت من هذا اللقاء الكثير، إذ كثيرًا ما نحكم على إنسان بالمظهر الخارجي لأننا لا نرى استعداد قلبه. كثيرون لا يمارسون الحياة المقدسة وهم ينتظرون دعوة بسيطة: "هل يمكن أن نقرأ كلمة اللَّه؟"
تعلمت من هذا اللقاء الكثير، إذ كثيرًا ما نحكم على إنسان بالمظهر الخارجي لأننا لا نرى استعداد قلبه. كثيرون لا يمارسون الحياة المقدسة وهم ينتظرون دعوة بسيطة: "هل يمكن أن نقرأ كلمة اللَّه؟" كثيرون خارج الكنيسة في نظرنا يصيرون أعظم بكثير من الذين نظنهم في داخلها. سَنُدان أمام اللَّه لأننا نهمل في دعوة اخوتنا للتمتع بعذوبة الحياة الروحية والصداقة الحقة مع مخلص النفس وعريسها وطبيبها.
إلهي، هب لي أن أشتاق إلى خلاص كل نفس!حوِّل اشتياقي أيضًا إلى صلاة وعمل! نفوس كثيرة تنتظر كلمة حب مني!هب لي أن أبحث عنها، وأدعوها للحياة معك!عوض إدانة اخوتي هب لي أن أخدمهم!أعطني شجاعة مع إيمان فأقدم إنجيلك لأخوتي!لتكن كل نسمات حياتي عاملة لبنيان اخوتي،لمجد اسمك القدوس أيها العجيب في حبه!

لا لا تحرر مخالفة
قيل إنه في إحدى المدن الأمريكية حاول راعي كنيسة أن يجد موضعًا ليترك فيه سيارته فلم يستطع. كان الراعي على موعدٍ هامٍ، فاضطر إلى ترك السيارة في مكان ممنوع فيه الانتظار. وكتب رسالة لرجل الشرطة تركها على زجاج السيارة الأمامي تحت "الممسحة". جاء في هذه الرسالة:
عزيزي رجل الشرطة. إني راعي كنيسة...، أخضع للقانون، ولا أحب كسره. لكنني على موعدٍ هامٍ، وقد سرت حول هذا المبني عشرات المرات ولم أجد عدادًا شاغرًا للانتظار أترك بجواره سيارتي حيث الأماكن كلها مشغولة. لقد خشيت لئلا أفقد الموعد المحدد وقد أزف بي الوقت جدًا... اغفر لنا خطايانا (Forgive us our trespasses).
عبر رجل الشرطة وقرأ الرسالة. أدرك أن الراعي حريص على حفظ القانون، لكنه كان في مأزقٍ شديدٍ، وأنه كرجل شرطة يليق به أن يكون في خدمة الشعب... بدأ يصارع في داخله، هل يقبل العذر أم يؤدي واجبه ويحرر له مخالفة Parking-ticket . أخيرً حرر المخالفة، وأرفق بها رسالة للراعي، جاء فيها:
عزيزي جناب الراعي... قرأت رسالتك، وأنا في خدمة الشعب. كنت أود أنا لا أحرر لك مخالفة، لكنني خشيت أن أفقد وظيفتي... لا تدخلنا في تجربة lead us not in temptation.
هكذا اقتبس الراعي جزءًا من الصلاة الربانية لعلها تسنده في تقديم عذره لرجل الشرطة، وقدم الأخير العبارة التالية من نفس الصلاة استخدمها في تقديم عذره في تحرير المخالفة له। بالأمس قرأت هذه القصة التي كتبها Green باختصار، فأثارت في داخلي مشاعر عميقة. لقد كان الراعي في مأزق وطلب من رجل الشرطة أن يشاركه مشاعره عمليًا، لكن الأخير إذ خشي على وظيفته اضطر ألا يقبل عذر الراعي...
ونحن مع كل صباح وظهر ومساء نصرخ إلى اللَّه لنقدم له أعذارنا التي لا تنتهي... وبحبه العجيب يميل بأذنيه ليعلن شوقه أن يغفر لنا خطايانا ولا يعود يذكرها. من يقدر أن يتحملني في ضعفاتي اليومية إلا ذاك الذي يفتح لي قلبه المتسع حبًا ولطفًا؟!
يسمع أقربائي وأحبائي وأصدقائي كلماتي، ويراقبون ملامح وجهي وكل تحركاتي، ويحاولون مشاركتي أفراحي وأحزاني. أما أنت فوحدك تسمع أنات قلبي الخفية، وتدرك لغة مشاعري وأحاسيسي، تشاركني أعماقي لا بالكلام فحسب، بل تدخل إليها، وتسكن فيها، وتملأ فراغنا. مع ابتداء تضرعي يصدر أمرك الإلهي: مغفورة لك خطاياك! عجيب أنت في حبك وطول أناتك! تغفر أخطائي مادام قلبي بالحق يتحدث. لا تعود تذكر معاصيَّ مادمت إليك أتوب! من يحبني مثلك؟!

فراشة في أمان
فجأة سمع جاك صوت نقرات على نافذة الحجرة المطلة على الحديقة। وفي هدوء شديد فتح جاك الباب ليرى منظرًا عجيبًا. رأى طائرًا خارج الحجرة يحاول أن يصطاد فراشة جميلة بجوار النافذة كانت من داخل الحجرة، بينما يقف زجاج النافذة حائلاً دون اصطيادها. يحاول الطائر بكل قوته أن يقتنص الفراشة وهو لا يرى الزجاج، فيضرب بمنقاره الزجاج،وتحاول الفراشة أن تهرب تارة تصعد إلى فوق وتارة تنزل إلى تحت وهي لا تدرك أن الزجاج يحميها من منقار الطائر... إذ تكررت محاولات الطائر بدون جدوى، وبقيت الفراشة محفوظة منه، رفع جاك عينيه نحو السماء وهو يقول:
"أشكرك يا ربي، لأن حضرتك الإلهية غير المنظورة تقف حائلاً بيني وبين عدو الخير. إنه يود أن يقتنصني بمنقاره القاتل، لكنه لا يقدر أن يلمسني، فإنني محفوظ بين يديك. إنني مطمئن لأنه لا يقدر أحد أن يخطفني من يديك (يو 28:10،29). إنني بحق أشبه فراشة لا حول لها ولا قوة، لا أقدر أن أقف أمام منقار طائرٍ عنيف. لا تسمح لي أن أفلت من عنايتك لئلا أهلك! احفظني بحضرتك الإلهية، فلا أخاف الخطية ولا الشيطان بكل جبروته، ولا الأشرار بكل خططهم، ولا الأحداث المؤلمة أو المستقبل المجهول! إنني مطمئن ومستريح بك يا حصن حياتي!

هل نحن عرائس صامتة ؟
لاحظ بيشوى على زوجته إنها قد غابت كثيرًا في حجرة ابنتها ماري وقد عادت متهللة جدًا. سألها: "لماذا تأخرتِ الليلة مع ماري؟" صمتت الأم قليلاً ثم بدأت دموعها تتسلل من عينيها وهي تقول: "إذ عدت من عملي فتحت الباب بهدوء شديد وتسللت إلى حجرة ماري لأقَّبلها كعادتي، وكانت المفاجأة. رأيتها تجلس في زاوية الحجرة وهي تبكي دون أن تُصدر صوتًا. جرت إليّ وعانقتني وقبّلتني، فقَّبلتها ولاطفتها، ثم سألتها: - لماذا تبكين؟ هل ضربك أحد ن أخوتك؟" - "لا" - فلماذا تبكين؟ - الدمية؟ - هل انكسرت؟ - لا! - ماذا حدث لها؟ - إني أحبها جدًا، ألاطفها وأتحدث معها، وأقبّل وجهها ويديها ورجليها. احتضنها حتى في نومي... لكنها لا تقَّبلني! إني أحبها جدًا وهي لا تبادلني الحب. شعرت إنها تحتاج إلى حبنا واهتمامنا بها، كما تحتاج إلى اكتشاف حب اللَّه الفائق لها. عندئذ سال بيشوي زوجته عن موضوع حديثها مع ماري في تلك الليلة، فأجابت: "تحدثت مع ماري عن حب اللَّه إلينا. نزل إلى أرضنا وتحدث معنا. أحب الأطفال وأحبوه. صعد إلى السماء يُعد لنا مكانًا. وأرسل لنا روحه القدوس ساكنًا في قلبنا. أخيرًا قلت لها: "هل تحزنين يا ماري لأن الدُمية لا تحتضنكِ ولا تقبلكِ؟" أجابت: "لقد حزنت يا أماه؟ قلت لها: ونحن حين لا نصلي إنما نكون كالدمية التي لا تقَّبل اللَّه الذي يحبها!" لقد ركعت ماري وصلت: "حبيبي يسوع... أنت تحبني، وأنا أحبك. أنت في قلبي، وأنا أريد أن أكون معك. أنت تقبلني، وأنا أريد أقبّلك! سامحني لأنني كثيرًا ما كنت كالدمية، كنت أنسى الصلاة، كنت لا أقبّلك يا من أنت تَّقبلني دائمًا."

مأساة في عسل النحل
سألني شاب: "لماذا لا يسمح اللَّه لنا بالأفكار التي تبعث لذة جسدية؟ إنها لا تضر أحدًا! إنني لا أستطيع أن أنام ما لم تمر بي الأفكار، ولو إلى بضع دقائق؟ ما هي مضار الأفكار الجسدية إن كانت لا تتحول إلى ممارسة خاطئة؟" إلى مثل هذا الشاب أروي القصة التالية التي استوحيتها من إحدى عبارات القديس أغسطينوس : في فصل الربيع إذ أزهرت الأشجار، وفاحت الروائح الجميلة وسط الحقول، انطلقت نحلة إلى الحقل المجاور؛ كانت تبسط جناحيها لتطير في كمال الحرية من زهرة إلى زهرة. كان المنظر جميلاً للغاية، والرائحة جذابة، أما هي فكانت تجمع الرحيق باجتهادٍ وتحمله إلى الخلايا، لتعود فتنقل غيره... قضت أيامًا كثيرة تجمع الرحيق بفرحٍ حتى صارت كمية العسل ليست قليلة. في أحد الأيام وجدت النحلة كمية عسل في وعاء فوقفت تتأمله: ما أعذب هذا العسل الذي جمعته، ولكن لماذا أطير بعد لأجمع غيره؟! لأتمتع بالعسل وأعيش فيه. ألقت النحلة بنفسها وسط العسل، فغاصت فيه... ولم تعد قادرة على الخروج منه، ولا الطيران بين الزهور، بل سرعان ما ماتت في وسط العسل!
هذه ليست قصة خيالية، بل هي قصة الكثيرين، عوض أن يحملوا الفكر الحرَّ الذي يطير بالروح ليجمع الرحيق العذب، يسقط تحت لذة الشهوات فيفقد الفكر حريته واتزانه وسموه ليغوص في شهوات قاتلة للنفس! وهبك اللَّه الفكر لكي يسمو بك ويرفعك إلى لذة السماويات، لا لكي تغوص في عسل الشهوات فيتحطم ويحطم الحياة التي في داخلك! أشكرك يا من وهبتني عطية الفكر، وقدمت لي روحك جناحين تطير بها أفكاري. ارتفع إليك، وارتمي في أحضانك. هب لي أن أجمع بالفكر رحيقًا عذبًا! لا تسمح لي أن أغوص كنحلة في العسل!
إلهي هب لي أن أمتلك أفكاري، لا أن تمتلكني أفكاري.
قدس إرادتي فيك، فتوجه أفكاري نحوك بنعمتك، فلا تحطم الأفكار إرادتي، وتجعلني أسير لذات مفسدة!
لا تنزع عن ذاكرتي صورة النحلة التي أهلكها عسلها!

السرير المحطم
إذ سمع جرس الباب فتح جون فوجد فوجد مندوب شركة اثاثات يسلمه طرداً ضخماً عباره عن سرير اطفال كان قد أشتراه من الشركة فرح جون بالطرد لان سرير طفله الوحيد صار صغيراً عليه فتح الطرد و بدأ تركيب السرير و إذ كان الجو بارداً طلبت منه زوجته أن يدخل به إلي المطبخ و بالفعل قام بتركيبه و تغريته كان الطفل متهللاً بسريره الجديد ييحاول أن ينام فيه لكن والديه طلبا منه أن ينتظر دقائق حتي يتم تغريته و إذ صار السرير معد تماماً أرتمي الطفل عليه ساله والده أن يقوم فأنه سيحمل السرير مع والدته إلي حجرته الخاصة كانت المفاجأه أن بابا المطبخ ضيق بالنسبة للسرير حاولا الابوين بكل الطرق فلم يفلحا إذ كان الأمر يحتاج إلي بوصة واحده حتي يمكن إخراج السرير و الدخول به إلي حجرة الطفل لينام عليه لم يكن هناك الا تحطيم السرير الذي كانت التصقت أجزاؤه تماماً بمادة لاصقة لا بمسامير كان لابد من شراء سرير جديد لا تعجب مما فعله هذان الوالدان
فأنك كثييراً ما نفعل نحن نفس الأمر فأن نفسك أشبة بالأبـــن الوحيـــد الذي يريد أن يقام له سرير لراحته تبذل كل جهدك بحسابات بشرية تختلف عن الحسابات الألهية و إذ تعبر بالسرير لكي تستريح تجد مسيحك الباب الضيق الذي به وحده يدخل بك الي حضن ابيه السماوي
إن اردت لنفسك طهارة وعفــة و راحة حقيقية يلزمك أن تحسب لنفسك حساب النفقة تقبل السيبد المسيح المصلوب عاملاً فيك ربي الحبيب كيف تستريح نفسي قدمت لها كل راحه زمنية لكنها صارت كما في تيه يا ربي :- أنت هو الباب الضيق لكنك تدخل بنفسيإلي حضن أبيك بك أتمتع بشركة أمجادك ما ظننته بهجة لنفسي اهلكها أنت وحدك أيها المصلوب سر تعزيتي و سلامي
Share5
0 comments
Labels: التهاون والتساهل, الجهاد, الخلاص, الفداء والصليب, قصص أبونا تادرس يعقوب ملطي
وأخيرا تقابلا
هاجر كثير من أعضاء كنيسة بإحدى مدن شمال إنجلترا ولم يتبقَ إلا القليل من العائلات، أغلبها من المسنين، فأُهملت مباني الكنيسة إلى سنوات. قبيل عيد الميلاد لعام 1958م اجتمع بعض الأعضاء وقروا تهيئة المبنى بمجهودهم الذاتي للاحتفال بالعيد. وبالفعل بذلوا جهدًا في تهيئته، غير أن عاصفة شديدة قامت بالليل حطمت كل ما صنعوه. كما سقط جزء كبير من ملاط إحدى الحوائط فظهر شق وفجوة في الحائط. أعاد الأعضاء العمل وقاموا بتنظيف الكنيسة وكل أثاثاتها، لكنهم وقفوا عاجزين عن التصرف بخصوص الشق الظاهر في الحائط بعد سقوط الملاط. في وقت الظهيرة عبر راعي الكنيسة على صالة مزاد فشاهد غطاء مائدة أبيض جميل مطرَّز، فشعر أنه مناسب لتغطية الشق. اشتراه الراعي ببعض الشلنات. على محطة الأتوبيس شاهد الراعي سيدة تبكي، فأدرك أنها في ضيقة شديدة. سألها إن كانت تذهب معه إلى الكنيسة، وهناك أنصت إلى قصتها. لكنه لاحظ أن السيدة قد توقفت عن الحديث فجأة وصارت تركز على غطاء المائدة الأبيض. سألها عن سبب صمتها، فأجابت أن هذا الغطاء هو ملكها، قدمه لها زوجها، وأنه يوجد عليه الثلاثة حروف الأولي من اسمها. ثم روت له كيف عاشت هي وزوجها في فينا. في أثناء الحرب وُضع رجلها في معسكر، وقد جاء إليها خبر وفاته. فجاءت إلى بريطانيا العظمى لتعمل مربية لأطفال في مدينة قريبة من الكنيسة، لكنها إذ جاءت إلى المدينة وجدت فرصة العمل قد ضاعت منها. تأثر الراعي بقصتها جدًا واهتم بها وطلب منها أن تأخذ هذا الغطاء بكونه ذكرى من زوجها الراقد في الحرب، أما هي فإذ عرفت أنه سيغطي به شقًا كبيرًا في جدار الكنيسة، خاصة أثناء الاحتفال بعيد الميلاد رفضت قبوله، قائلة إنها تود أن تقدم شيئًا في هذا العيد لأية أسرة أو إنسانٍ ولكن إذ لا تملك ما تقدمه فإنها تتنازل عن هذا الغطاء للكنيسة. حاول الراعي بكل جهده أن تقبل الغطاء لكنها رفضت، وحسبت أن رفض الراعي لقبوله إنما هو حرمان لها من عطاء شيء عزيز لديها للَّه في هذا العيد المبارك. تركت السيدة الكنيسة، وبعد ساعات قليلة امتلأت الكنيسة بالقادمين للاحتفال. عاد الكل إلى منازلهم وبقي رجل واحد جاء إلى الراعي يسأله: - من أين هذا الغطاء؟ - اشتريته من مزاد... لماذا تسأل؟ - إنه هديتي لزوجتي في فينا. - وهل أنت تعيش هناك؟ - لا، فقد افترقنا أنا وزوجتي بسبب الحرب، وأُرسلت زوجتي إلى معسكر، واخبروني أنها ماتت. وقد جئت إلى انجلترا أعمل في تصليح الساعات في هذه المدينة. دُهش الراعي للأحداث العجيبة التي يلمسها بنفسه، فأخبر الزوج بأن زوجته كانت في الكنيسة منذ ساعات، وأنها تظن بأن زوجها قد مات، وأنها جاءت إلى إنجلترا للقيام بالعمل كمربية... ثم أخبره عن اسم العائلة التي في المدينة المجاورة الني كانت تود أن تعمل عندهم كمربية لأطفالها. ذهب الزوج إلى الأسرة واكتشف عنوان زوجته عن طريق خطاب أرسلته لهم بعد وصولها... وفي الصباح الباكر التقى الزوج بزوجته بعد سنوات، وفرحا أنهما عادا إلى بيت الزوجية من خلال تنازل الزوجة الفقيرة عن غطاء المائدة لتستر به حائطٍ مشقوقٍ! لقد أدركت أن اللَّه قدم لها في هذا العالم أضعاف ما قدمته من أجل محبتها... شعر الزوجان أن كل أمورهما لا تسير اعتباطًا، بل تعمل يدَّ اللَّه الخفية لحسابهما .
كثيرًا ما نظن خطأ أن أمورنا تسير اعتباطًا،
ولا نكتشف يدَّ اللَّه الخفية العاملة لحسابنا،
يدَّ ضابط الكل الذي يحصي حتى شعور رؤوسنا.
أعمال محبتنا للَّه وللناس تقود حياتنا خفية،
يتقبلها اللَّه رائحة بخور طيبة،
وبسببها يُوجّه الأحداث لحسابنا ونحن لا ندري.
لنلقِ خبزنا على وجه المياه، حتمًا سيعود إلينا يومًا ما!
