شفاء النفس الجريحة

حياة بالمسيح

خادمة الرب
عضو مبارك
إنضم
29 أبريل 2014
المشاركات
13,237
مستوى التفاعل
1,706
النقاط
76
أن الشفاء الداخلي يهدف إلى شفاء المشاعر المتألمة (المجروحة) في حد ذاتها، بينما نحن ندرك علمياً وكتابياً أن المشاعر هي وليدة الأفكار ولا يمكن أن توجد من تلقاء نفسها، وإن معاناة الإنسان بالدرجة الأولى هي معاناة فكرية، وأن المشاعر لا تتغير ولا تتبدل إلا بتغيير الأفكار المسببة لها.​
ثانياً: بالتالي لا يمكن أن يحدث الشفاء (التغير) داخلياً في خبرة لحظية، الأمر الذي ينادي به الشفاء الداخلي، مهما إن بلغت هذه الخبرة من عظمة ومن روحانية، لأن تغيير الأفكار يعتمد على تغيير الاتجاهات الداخلية ونظم القيم والمعتقدات الأساسية لدى الإنسان وهو الأمر الذي يحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد من الإنسان. كذلك من المستحيل أن يحدث الشفاء (التغيير) كلياً دفعة واحدة بطريقة تامة في اختبار واحد محدد مهما بلغت عظمته - كما ذكرت سابقاً - لذات السبب.​
ثالثاً: الشفاء الداخلي يهدف إلى إنهاء مشاعر الألم لدى الإنسان وقيادته إلى الشعور بالسعادة، بينما، وبخلاف أن هذا الهدف غير قابل للتحقيق، يعلمنا الكتاب المقدس أن الإنسان يستطيع أن يحصل على السعادة أو بالأحرى الشبع والسلام بالرغم من وجود الألم، بل أن الألم كثيراً ما يكون ضرورة إلهية لتغيير العالم الفكري للإنسان وإعادة تشكيله، وبالتالي تغيير مشاعره وتصرفاته.​
رابعاً: الشفاء الداخلي ينادي بأن يختبر الإنسان شفاء معيناً داخله بناء على اختبارٍ ما خارجياً يحدث للإنسان في الصلاة سواء بمفرده أو تحت قيادة الشخص الذي يقوم بهذه الخدمة. ومن الجدير هنا بالذكر أن الكثير من رائدي "الشفاء الداخلي" أمثال فرانسيس ماك نات McNutt والثنائي بيتي وإيد تابسكوت Betty & Ed Tapscott يضعون تكنيك محدد للعلاج والذي يسمى "شفاء الذكريات" (انظر الملحق أسفل المقال) والذي فيه يطلب الشخص من المسيح الرجوع معه بذاكراته إلى الوراء إلى حيث موقع الإساءة أو الصدمة (الجرح) ومن ثم يقوم المسيح بطريقة ما بلمس هذه المنطقة المصابة لدى الشخص بلمسة شافية. وأي إن كانت الكيفية والأسلوب الذي يحدث به هذا الاختبار فإن ذلك يعني أن الإنسان عليه أن ينتظر شيئاً ما خارجياً يحدث له لكي ما يتغير، وهذا ما يتنافى مع المعتقدات العلمية والكتابية في أن الإنسان حر ومسئول بالكامل عن نفسه، وإلا ما طالبه بولس الرسول بالتغير في قوله "تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رو12: 2)، ولذا فلكي يتغير الإنسان فعليه أن يقوم هو باتخاذ بعض القرارات والاختيارات التي من شأنها أن تنتج تغييراً فكرياً ينعكس على تصرفاته ومشاعره بالتبعية.​
خامساً: الشفاء الداخلي يقول بأن مشاكل ومعاناة الإنسان البالغ ترجع إلى الإساءات والصدمات التي تعرض لها الطفل في طفولته حين كان غير مسئولاً عن ما حدث له، وهو الأمر الصحيح علمياً. ولكن القول بأن تغير الإنسان عن سلوكياته المضطربة والمنحرفة وليدة هذه الإساءات والصدمات أمر يتوقف على حدوث شفاء لذكريات هذه الخبرات - الأمر الذي يخرج خارج نطاق مسئولية الإنسان - فإن هذا يجعل الإنسان في هذه الحالة، وحتى يحدث له هذا "الشفاء"، غير مسئولاً عن بعض تصرفاته واختياراته وليدة جروح الطفولة بل أن المسئولية هنا تقع على الماضي والآخرين وربما على الله أيضاً الذي لم يقم بشفاء هذه الذكريات، وبالطبع هذا لا يتفق علمياً أو كتابياً مع ما نؤمن به حيث أن الإنسان البالغ والكامل الأهلية مسئول أمام الله وأمام نفسه وأمام الجميع عن أفكاره وتصرفاته جميعها بغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى تكوينها، وإلا فإن الله يكون غير عادل في أن يحاسب الإنسان على كل أفكاره واختياراته وتصرفاته دون استثناء، "فإذاً كل واحدٍ منا سيعطي عن نفسه حساباً لله" (رو14: 12).​
سادساً:إن الشفاء الداخلي في تركيزه على علاج آلام الإنسان إنما، ولو بطريقة غير واعية، يضع الإنسان في بؤرة الاهتمام بدلاً من الله وذلك حين يضع تركيز الإنسان على أن يجد حلاً لمشكلاته عوضاً عن أن يجد الله من خلال مشكلاته. وهنا يجدر بي أن أقتبس مقولة عالم النفس الأميركي المسيحي المعاصر لاري كراب Larry Crabb من كتابه "البحث عن الله Finding God"، إذ يقول:
"لقد صرنا مكرسين لعلاج الآلام التي تقع خلف مشاكلنا أكثر من استخدام ألمنا لكي نناضل بحماس أكثر مع شخصية الله وأغراضه منا. إن الشعور بالتحسن صار أكثر أهمية لدينا من أن نجد الله."​
 
  • Like
التفاعلات: admy
أعلى