- إنضم
- 13 مارس 2022
- المشاركات
- 556
- مستوى التفاعل
- 480
- النقاط
- 63
حصريا جدا سيرة قديس اول مرة حد يسمع عنه سيرة القديس العظيم الشهيد لكارون من المخطوطات الأصلية نقلا عن النص القبطي مترجمة عن الترجمة الإنجليزية عيد استشهاده يوم 24 اكتوبر
نص المخطوط :
شهادة شهيد المسيح القديس الشهيد أبا لكارون وكل من أكملوا (جهادهم) معه. وقد أكمل جهاده ونضاله المجيد في الرابع عشر من بابة (الموافق ليوم 24 أكتوبر) بسلام الله. آمين.
حدث في السنة الثامنة عشرة لدقلديانوس الإمبراطور الجائر، عندما كان آريانوس والياً على أنصنا، أنه ركب سفينته وأبحر جنوباً. ورسى بها على ضفاف أسيوط، وشقَّ طريقه إلى المدينة بحثًا عن المسيحيّين لكي يعبدوا الأصنام المدنَّسة. جلس الوالي في المسرح وأمر الواقفين أمامه أن يحضروا له كل المسيحيين. فَلَمَّا أُحْضِرُوا قَالَ لَهُمُ الْوَالِي هل ستذبحون لهذه الآلهة الإمبراطورية أم لا؟ فقالوا جميعاً في انسجام تام لَنْ نَذْبَحَ لِهَذِهِ الْآلِهَةِ الْجَامِدَةِ والدنسة الرجسة. نحن مسيحيون علانية وإلهنا في السماء. سوف يساعدنا. في تلك اللحظة أمر بقطع رؤوسهم جميعاً بالسيف. فأكملوا استشهادهم وصعدوا إلى السماء في المجد. بعد هذا توجّه القائد إلى الوالي وقال له سيّدي الوالي، يوجد هنا جنديّ لا يعبد الآلهة بل يحتقرهم ككائنات غير إلهيّة ولا يطيع أمرك قائلاً أنا مسيحي.
فَغَضِبَ الْوَالِي وَأَحْضَرَهُ أَمَامَهُ. فأحضره القائد أمام الوالي الذي قال له ما اسمك؟ فأجابه القديس إن كنتَ تسأل عن اسمي بحسب الجسد، فهو لكارون. ولكن الاسم الذي أعيش به هو ”الذي يدعى بيسوع المسيح“. قال له الوالي كم عمرك؟ أجاب أبا لكارون : أنا اليوم في الرابعة عشرة من عمري. فسأله الوالي عن عمله. فأجاب القديس أنه كان جنديًا مع ملك فان، ولكن من الآن فصاعدًا كان في نيته أن يكون جنديًا مع ملك خالد، ملك الملوك ورب الأرباب، يسوع المسيح. فسأله الوالي لماذا تركت الجندية؟ أخبرني الآن من أين أنت؟ فأجابه القديس بما أنك تريد أن تعرف من أين أنا، فأنا من مدجل ملحق بفرقة في أسيوط. لهذا السبب أريد أن أصير جندياً لملك من في السماء ومن على الأرض، ربي يسوع المسيح، ملك الدهور كلها. تَرَكْتُ جُنْدِيَّتِي الَّتِي هي فَانِيَةٌ وَفَاسِدَةٌ. أنا الآن مسيحيٌّ علانيةً، أنتمي إلى إله السماء، ربي يسوع المسيح.
فأجاب الوالي اِذْبَحْ لِهَذِهِ الْآلِهَةِ وَسَأُخَلِّي سَبِيلَكَ خَاصَّةً لِأَنَّكَ جُنْدِيٌّ. لقد عارضت الأباطرة باعترافك بأنك مسيحي، لذلك نحن نريد أن نكون رحماء بك على وجه الخصوص حتى يتسنى لك التضحية ونيل الشرف.
فأجاب أبا لكارون: أتوسل إليك (دعني) لكي أرضي ملك الملوك لكي أنال منه إكليل الخلود. لا تظن أيها الوالي أنك تستطيع أن تخدعني بكلامك الكاذب. فإنّي أحتقرك وأحتقر كلامك الفارغ بسبب اعترافي بربّي يسوع المسيح. فَأَجَابَ الْوَالِي وَقَالَ لِلْجُنُودِ ألقوه على بطنه واجلدوه بأوتار العجل واخبروه بأن يستمع لأمر أسيادنا الأباطرة. فأجاب القدّيس أبا لكارون باعتدال: أمري أن أسمع لأوامر ملك الحقّ العظيم، ربّي يسوع المسيح، الذي يخلّص كلّ من يرجوه. فأمر الوالي بجلده حتى سال دمه على الأرض قائلاً: "اذبح (للالهة). ولا تمت بميتةً مؤلمةً على يديَّ. فأجاب القدّيس أبا لكارون وقال للوالي: "يا ابن الشر ، إِنَّ لَنَا اللهَ مُعِينًا لَنَا، قَادِرًا عَلَى أَنْ يُعِينَنَا. هو الذي سينقذنا من يديك ويهلكك أنت ورفاقك الحكام الاشرار. فأمر الوالي بتعليقه على خشبة وسلخه حتى سقطت أحشاؤه على الأرض وغمر دمه جسده كله. تحمل أبا لكارون البار هذا التعذيب بثبات. وأمر الوالي أيضًا بإلقائه في السجن حتى يقرر كيف سيعاقبه، لأنه كان حسن المنظر، فأمر الوالي بإلقائه في السجن.
في ذلك المساء ظهر له الرب وقال له كن قوياً يا لكارون لأني أنا الرب يسوع المسيح. تقو واغلب. أنا معك في الامك القادمة. أنا أتعهد بأنك ستحتفل مع قديسي في أورشليم السماوية وسيمجد اسمك على الأرض وسيشتهر استشهادك في العالم كله. تقوى واغلب. بهذه الطريقة عانقه المخلّص. وأعطاه علامة السلام (اشارة الصليب ربما) ومضى إلى السماء في المجد مع ملائكته القديسين. وسهر المبارك أبا لكارون في ذلك المساء حتى اليوم التالي، متقوياً بالفرح الذي باركه به الرب. فَلَمَّا طَلَعَ النَّهَارُ أَمَرَ أَرِيَانُوسُ الْوَالِي أَنْ يُنْصَبَ لَهُ مَجْلِسٌ ليؤتي بِالْقِدِّيسِ إِلَيْهِ لِيَسْمَعَهُ. فجيء بالقديس وهو ينشد مزامير: يا ربُّ، اسرع الى معونتي وخلصني باسمك. فأمر الوالي أن أن يُقيَّد القديس على سرير من حديد، وأن يُفتح فمه بملقط من حديد، وأن تُنزع أسنانه واحدة بعد أخرى، وأن يُصبَّ الرصاص المذاب على فمه وجسده. ثم أمر بإنزاله من السرير وتعليقه على وتد وسلخه.
فصرخ الشهيد القديس بأعلى صوته: يا ربي يسوع المسيح، نجني من كل هذا العذاب القاسي. فأمر الوالي بإحضار بقرة من البرونز وتسمير جسده عليها بمسامير طويلة واسياخ دقيقة. خلال كل هذا كان القديس فاقدًا للوعي تمامًا. وأمر الوالي بسحب الحيوان البرونزي بواسطة آلات موصولة به حتى تتفكك جميع أطراف القديس وتصبح مثل تراب الأرض. اما المبارك أبا لكارون فاستمر في تحمل كل هذا العقاب بثبات. بعد ذلك أمر الوالي بإلقائه في السجن مكبلاً بالأغلال الحديدية.
وذاع صيته في المدينة كلها بأنه رجل الله الذي كان الرب معه. وكان هناك امرأة في المدينة كان ابنها في الحقل يحرث مع دوابه. واحد منهم سقط ومات في الحال. فَلَمَّا سَمِعَتْ بأبا لكارون قَامَتْ وَ ذَهَبَتْ إِلَيْهِ فِي السِّجْنِ وَتَوَسَّلَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً أتوسل إليك، أيها الشهيد، أن يعينني المسيح لأن ابني الأصغر كان يحرث اليوم مع دوابه في الحقول فسقط أحدها ميتاً. فقال لها الطوباويّ أبا لكارون لمّا رأى تواضعها وحماسها خذي عصاي هذه وضعيها على رأس الدابة هكذا، وقولي "بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللهِ الْحَيِّ الَّذِي مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ الْقُدُّوسِ أَخَذْتُ هَذَا الأَلَمَ، انهضي وَقُومِي". فَأَخَذَتِ الْمَرْأَةُ الْعَصَا وَوَضَعَتْهَا عَلَى رَأْسِ الدابة قَائِلَةً باسم قَائِلَةً بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ اله القديس ابا لكارون، قُومْي وَقِفْي. فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ قَامَت وَوَقَفَت. فَلَمَّا رَأَى الْجَمْعُ مَا حَدَثَ أَعْطَوْا مَجْدًا للهِ والقديس أَبَا لكارون.
وَكَانَ فِي السِّجْنِ مَعَ لكارون شَخْصٌ كَانَ فِي السِّجْنِ وَكَانَ بِهِ شَيْطَانٌ. فتوسل إلى لكارون قائلاً إن شئتَ، تستطيع أن تشفيني. فأجابه لكارون هل تؤمن أن إلهي قادر على شفائك؟ فأجابه الرجل الممسوس بالشيطان أنه يؤمن بذلك. فقام القدّيس وصلّى: يا ربي يسوع المسيح، يا إلهي، فليكن لهذا الرجل حسب إيمانه. فشُفي الرجل في الحال. وجميع الذين كانوا في السجن، عندما رأوا ما حدث، صرخوا بصوت عالٍ: وَاحِدٌ هُوَ إِلَهُ القديس ابا لكارون. ولا اله سواه ، الذي يستمع إلى كل الذين يصرخون إليه من كل قلوبهم.
وكان هناك أيضاً أحد موظفي المدينة في السجن بسبب دين في مسألة جباية الجزية. فلمّا رأى ما حدث، قام وقبَّل قدمي القدّيس أبا لكارون وتوسَّل إليه قائلا يا خادم المسيح، عمّدني كمسيحي. فلمّا رأى لكارون إيمانه المستقيم، أشار بإبهامه الأيمن بإشارة الصليب على الأرض، فخرج الماء متدفّقًا. وعمَّد الرجل باسم الآب والابن والروح القدس.
كانت هناك أيضًا امرأة ممسوسة بشيطان. فألقاها الشيطان أرضاً وصرخت قائلةً أنا أتوسل إليك يا لكارون، لا تعذبني. سأخرج منها. لي وجها (كوجه) كلب . أنا داخل هذه المرأة منذ 13 سنة وكانت مسكني. سأخرج الآن منها. فقال لكارون للمحبوسين معه: لنقم ونصلّي. فَقَامَ وَبَسَطَ يَدَيْهِ وَصَلَّى: أيُّها الربُّ يسوعُ المسيحُ، اسمعْ صلاتي، وتقبَّلْها منّي، وأعطِ صوتًا لدموعي. ليعلم الجميع أنّك اله المتواضعين المجيد ومعين الذين لا شيء لديهم، يا من وسّع سمواته المقدّسة وثبتها وزيّنها بالنجوم، يا من كال الاكام بالميزان والأنهار بميزان, يا من ظهر في رحم مريم العذراء الطاهرة ليخلّص الجنس البشري كله، الذي ظهر لرسله القديسين ليكرزوا باسمه المبارك لتتبارك أنت، وليُعطى المجد لصلاحك العظيم القدوس الذي هو نور للعالم أجمع. المجد لك يا ربي يسوع المسيح إلى أبد الآبدين. آمين، وعندما قال ”آمين“ رددها الجميع بعده. وفي تلك اللحظة ألقى الشيطان المرأة على الأرض وخرج منها مثل وميض نار. فَصَرَخَ جَمِيعُ مَنْ كَانَ فِي السِّجْنِ : واحد هو إله لكارون ولا أحد بجانبه.
وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ قُطِعَتْ يَدُهُ. جاء إلى لكارون وطلب قائلا منه اشفني يا سيدي. فأنا أتألم. فَمَدَّ الْمُبَارَكُ إِصْبَعَهُ وَرَفَعَ إِشَارَةَ الصَّلِيبِ قَائِلاً ضع يدك على كتفك، وباسم الرب يسوع المسيح ستشفى. فَلَمَّا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِهِ تَمَكَّنَ مِنْ مَدِّ يَدِهِ كَغَيْرِهِ. وَالْجَمْعُ الْكَثِيرُ مِنَ الْمَحْبُوسِينَ ، لَمَّا رَأَوْا مَا حَدَثَ صَرَخُوا: لاَ إِلَهَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ فِي الأَرْضِ إِلاَّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ إِلَهُ ابا لكارون.
ولما سمع أريانوس الحاكم بالمعجزات والعجائب التي صنعها الأب لكارون، أمر بإحضاره إلى المحكمة. فقال له الحاكم: لقد حرصت على إنقاذك. فأجاب القديس: لا تُنقذني، وأضاء وجهه كالشمس وهو يُخاطب الحاكم، فقال له: اذبح (للآلهة). ولا تمت ميتة مؤلمة يا لكارون. فأجاب القديس: بالأمس كنت ستُنقذني، أما اليوم فلا تُنقذني، فأنا مُستعد للموت من أجل ربي يسوع المسيح. لقد قدمت جسدي ذبيحة لله. لأنه مكتوب: لا تخف من مَن يقتل جسدك. أما نفسك، فلا يُمكنه قتلها. فأمر الحاكم بتعليقه على الوتد وسلخ جسده حتى تخرج أحشاؤه من بطنه. فرفع المبارك عينيه إلى السماء قائلًا:: "اسمعني يا ربّي يسوع المسيح، وأرسل لي رئيس ملائكتك القديس العظيم ميخائيل لكي يعينني في ساعة حاجتي.
وفي تلك اللحظة جاء ميخائيل رئيس الملائكة من السماوات وأعاد أحشاء القديس إلى بطنه وأنزله من على الوتد. و لم يكن هناك أي تشوه على جسده ولم يكن به أي عيب على الإطلاق. اما الجلادون، فعندما رأوا الملاك يعيد أحشاءه إلى بطنه آمنوا بالله وفي تلك اللحظة وضعوا الدروع التي كانوا يرتدونها عند قدمي الوالي وقالوا نحن مسيحيون علانية وننتمي إلى إله أبا لكارون. فغضب أريانوس وقال ماذا رأيتم؟ أجابوا ما رأيناه لا نستطيع أن نخبرك به، لأنه مكتوب: ”لا تضعوا الأشياء الثمينة قدام الخنازير لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت وتمزقكم إرباً “. فَأَجَابَ أريانوس أيها البائسون، ألا تعلمون أن حياتكم بيدي؟ فقال له الجلادون افعل بنا ما شئت ونحن لن ننسحق بعذاباتك، لأن لنا المسيح إلهنا معينا. فغضب أريانوس غضبًا شديدًا وأمر بحفر خندق وملئه بالنار. في تلك اللحظة ألقى القديسون بأنفسهم تلقائيًا في النار. هكذا أكملوا استشهادهم بنبل ونالوا الإكليل الخالد وصعدوا إلى السماء في المجد.
فقال المقدم للحاكم: يا سيدي، إن تركتَ هذا الساحر لكارون في المدينة، الجميع هنا سيصدِّقونه. انظر، لقد صنع بالفعل معجزات كثيرة مستخدما اسم ”يسوع المسيح“، الذي أغضب حكام العالم كله. دعونا نعدّ له عذابات ، عشرة آلاف مرة أسوأ من هذه. فرفع القديس الشكر إلى الله. وبِوَجْهٍ مُشْرِقٍ استمرَّ في ترنيم المزامير قائلاً يا رب لا تتوقف عن مباركتك لي (مزمور 108:1 حسب النص ) لأَنَّ الحُكَّامَ الجائرينَ تجبروا علي. ولما قيلت ال”آمين“ استلقى ونام.
وفي منتصف الليل قام أبا لكارون وصلّى (قائلا): يا رب، إذا فتحتَ شفتيَّ فمي ، فستباركك (مزمور 50:17) وفي منتصف الليل أقوم وأتراءى لك امام كرسي عدلك (مزمور 119:62 حسب النص). وعندما توقف عن الصلاة، جاء الشيطان في صورة ملاك من ملائكة الله إلى القديس وقال لقد قدمت طلبات كثيرة أمام الله. وقد أرسلني إليك لكي اقويك، حتّى إذا سمعك الوالي غدًا وسألك بعض الأشياء، فإنك تجيب بدون تذمُّر في قلبك وتنال الفائدة من إله السماء. فعرف أبا لكارون أنه الشيطان وقال له انصرف عني يا شيطان، خادم الإثم. ليس لك نصيب في عبيد المسيح الحي. فَلَمَّا سَمِعَ إِبْلِيسُ بِاسْمِ الْمَسِيحِ صَارَ كَشُعْلَةِ نَارٍ وانصرف عنه فقال أبا لكارون في نفسه فلنتيقظ ونطلب أن لا يخدعنا العدو.
وعندما جلس الحاكم في المحكمة، أمر بإحضار ابا لكارون إليه. ولما أحضروه، قال له الحاكم: لا أريدك أن تذبح مثلي، بل أريدك أن تُقدم قليلًا من البخور على المذبح. وسأُريحك من العذاب. فقال القديس للحاكم: أنت تُريد أن تخدعني بكلامك المُتملق الذي يُغضب الله وملائكته. فأمر الحاكم بإحضار مقعد وإجلاس القديس عليه. واحضار مسامير دقيقة وثقب القديس بها، واحد منها في جنبه الأيمن حتى خرج من جسده وثبت على المقعد، وآخر في جنبه الأيسر وآخر في رأسه حتى خرج من حقويه وتثبت على المقعد. فقال الحاكم: يا لكارون، فليأتِ إلهك الذي تؤمن به ويُنقذك من يدي ويدعني أرى قوته.
وفي تلك اللحظة، نزل ملاك الرب من السماء، وأزال المسامير من جسد القديس، وثقب بها الحاكم. فصرخ الحاكم: يا لكارون، الآن أعلم أن الإله الذي تعبده إلهٌ قدير. إن شفيت، فسأؤمن به. فأجاب القديس: أنا أعلم أنك سوف لن تؤمن، ولكن بسبب كثرة الناس الواقفين هنا، سأتوسل إلى سيدي يسوع المسيح أن يمنحك هذا الشفاء هذه المرة أيضًا. في تلك اللحظة، وضع ابا لكارون يده على جسده كله، وقال: باسم سيدي يسوع المسيح الذي أعبده، لتظهر قوتك حتى يعرف كل هؤلاء الناس أنك أنت الله، وليس هناك أحد سواك، ويمجدوا اسمك. وفي تلك اللحظة، خرجت المسامير من جسد الحاكم كالماء الساقط على الأرض. فصرخ الحاكم بصوت عالٍ: لا إله مثل أبولو وأرتميس، هذين اللذين يعتمد عليهما العالم أجمع، لأنني شُفيت بفضلهما. فقال له ابا لكارون: سوف تقع في يدي مرة أخرى.
فغضب الوالي وقال للجلادين أحضروا لي آلات تعذيب كثيرة وضعوها أمامه لأعذبه بها حتى أنظر هل ينقذه الهه من يدي. فلما أحضروا آلات التعذيب و وضعوها أمام القديس، وهم يعذبونه بلا رحمة، لم يمس جسده أي عذاب من تعذيبهم له, لم يتوقف الجلادون عن تعذيبه من الصباح إلى المساء، ولم يشعر القديس بأي شيء على الإطلاق. فغضب الوالي غضبًا شديدًا. فقام وأخذ الأداة من يد أحد الجلادين ليضرب بها رأس المبارك أبا لكارون. في تلك اللحظة، أفلتت الأداة التي كانت في يده وسقطت على رأسه، فجرح (الوالي) رأسه. فتبسم المبارك أبا لكارون وقال حقًا إن مزمور داود لا يكذب عندما يقول إن "الذين يقاتلوننا هم أولئك الذين ذلوا وسقطوا وأهلكتهم سيوفهم وكسرت سهامهم" (مز 26:2 36:15).
فأجابه الحاكم وقال وقوة الرومان وأبوللو الإله العظيم (ان) لكارون يقوم بحيل سحرية. ثم أمر بإحضار دولاب (به سنون حديدية) خشبي (يدعى الهنبازين) وقال للجلادين: " ضعوا هذا الساحر على الدولاب في المنتصف. فوضعوا القديس على على الدولاب وسحبوه عليه. فكان يتألم ألماً شديداً، لأن جسده كله بدأ ينقسم إلى قسمين. عندئذٍ رفع الشهيد عينيه إلى السماء وصلّى: يا ربّ اسمع صلاتي. لا تسكت عني، يا ربّ، لأني غريب ومنفيّ تماماً كما كان آبائي أيضاً. والآن، أيها الربّ إله الجنود، لا تبقَ بعيدًا عنّي. لا تدعني أموت حتى أخزي هذا البائس الاثم. أيها الرب إله الجنود أعطني القوة على احتمال هذا العذاب من الوالي الشرير من أجل اسمك القدوس لأجد انفتاحا في الحديث امام عينيك ، يا رب يا إله الكل يا رحيم ومحسن، احسبني يا رب من خراف حظيرتك وأعطني القوة يا ربي في فضائلك النورانية.
وبينما كان يقول هذا الكلام، ظهر له الرب يسوع في تلك اللحظة. وقال تشجع، أيها الشهيد القديس، حبيب أبي الصالح. تعال إليّ وسأريك اكليلك. وعندئذٍ يمكنك أن تعود إلى المحكمة وتقاتل من أجل اسمي وتُخزي الوالي الظالم. فأخذ المخلِّص القدِّيس إلى السماء. وأراه السماوات وعانقه مع جميع القدّيسين وأراه عرشه وإكليله، وثوب مجده. والقديسون كلهم قالوا له في انسجام تام كن منتصراً أيها الشهيد القديس، بطل المسيح الملك. فستنال إكليلَ الملكوت الخالد، وترث خيرات ملكوت السماء.
وبعد أن أراه الرب كل هذه الأمور، أنزله إلى الأرض إلى الدولاب، وأخذ أطراف القديس، واعادها له مرة أخرى، وأقامه مرة أخرى في حالة سليمة. وقال له الرب: السلام لك. اذهب وأخزِ هذا الحاكم الظالم، والجمع كله ينظر إليك. ثم قام ووقف أمام الحاكم والجمع كله. فقال له الحاكم الشرير: لا أعرفك. ابتعد عني. فأجاب القديس وقال له: لماذا تقول هذا يا ابن الشيطان؟ ألست أنا الذي نشرتني؟ لقد جاءني ربي يسوع، وأخذ أطرافي وأعادها. وأقامني وأرسلني إليك لأخزيك أنت وأباطرتك الظالمين.
فهتف الجمع الواقفون هناك: واحد هو إله القديس أبا لكارون. ولا أحد سواه، واسمه باق إلى الأبد. ثم قال الحاكم للحشد الواقفين: لا تقلقوا. أليست كل هذه الأمور قد حدثت بالسحر؟ فلنطلب منه أن يصنع بعض العجائب. إن استطاع صنعها، فسنؤمن نحن أيضًا بإلهه. فقال أبا لكارون للحاكم: اسألني ما تشاء. قال له الحاكم: أريد أن يتحول هذا الحذاء في قدمي إلى حيوان مرة أخرى، لأؤمن بإلهك. في تلك اللحظة، بسط القديس يديه وصلى: يا إلهي، خالق السماء والأرض وكل ما فيها، الذي أرسل ابنه الوحيد إلى العالم، وبذل جسده ودمه ليخلصنا من خطايانا، تقبل صلاتي اليوم، وأظهر قدرتك أمام هذا الطاغية وكل هذا الجمع من حوله، ليتمجد اسمك القدوس، وليعلم كل هؤلاء الناس أنه لا إله إلا الرب الإله القدير، وابنه الوحيد، والروح القدس، إلى أبد الآبدين. آمين.
وبعد أن انتهى ابا لكارون المبارك من صلاته، تحوّل حذاء الحاكم إلى عجل (صغير الثور) أمام الحاكم والجمع كله. فقال الحاكم: ألم أخبركم؟ لكارون يمارس خدعًا سحرية. في تلك اللحظة، أمر بقتل العجل وإلقاء جثته للكلاب، وباستدعاء طبيب لقطع لسان لكارون. وعندما وصل الطبيب، قال له الحاكم: خذ هذا الصبي واقطع لسانه، فأنا لم أعد أطيق سماعه.
وعندما قُطع لسان القديس، قال للحاكم: لقد قطعتَ لساني، لكي لا أستطيع الكلام بعد الآن. الآن سأتخذ لسانًا روحيًا، لا سلطان لك ولا لأبيك الشيطان عليه. فأجاب الحاكم لأبا لكارون: اسمع لي وتذوق لحم الذبيحة واشرب من خمر الذبيحة. وسأطلق سراحك لتذهب وتنجو من هذا العذاب. فقال ابا لكارون المبارك للحاكم: حاشا لي أن أفعل هذا أبدًا! لأنه مكتوب أنك لا تستطيع أن تأكل من مائدة الرب ومائدة الشياطين. فغضب الحاكم غضبًا شديدًا وأمر بفتح فمه وحشو اللحم فيه.
وعندما توقفوا عن فعل ذلك به، قال الحاكم: يا لكارون، لقد توقف خطابك العلني أمام إلهك اليوم. أجاب لكارون: لا تفرح مبكرًا، يا عدو الله ورفيق الشياطين الذي يكره رحمة الله والغريب عن ممارسات جميع القديسين. في تلك اللحظة، غضب الحاكم وأرسله إلى السجن. في اليوم التالي، أحضر أبا لكارون من السجن إلى المحكمة. فقال أبا لكارون في نفسه: ماذا سيفعل بي هذا الشرير؟ ولما وصل إلى المحكمة، قال له الحاكم: قدّم ذبيحة للآلهة يا لكارون. لا تمت ميتة مؤلمة على يدي. أجاب أبا لكارون المبارك بهدوء: لن أقدّم ذبيحة. افعل بي ما تشاء. إلهي معي، يساعدني، كسور حديد يحيط بروحي وجسدي معًا. فقال له الحاكم: يا لكارون، هل ستجبرني على معاقبتك أكثر بكلامك الحازم؟ اذبح (للآلهة) الآن وسأطلق سراحك.
فلم يُكلِّمه المبارك. فقال له الحاكم: "إذا أردتَ أن أُمهلك بضعة أيام حتى تعود الى صوابك، فأخبرني". أجابه المبارك: "لقد فكَّرتُ في الأمر قبل أن آتي إليك، فافعل ما يُرضيني. جسدي بين يديك، لكن روحي ونفسي لربي المسيح".
عندما سمع الحاكم كلمات ابا لكارون هذه، أمر بتعليقه على عمود من رأسه لمدة ثلاثة أيام. ففعل به الجنود ما أمر به الحاكم. فصلى ابا لكارون، المعلق من العمود، قائلاً: يا سيدي يسوع المسيح، أول الشهداء، يارب الدهور بقدرته الإلهية، فلترسل لي ملاكك المقدس لمساعدتي وبينما كان يقول هذا، ظهر ملاك الرب ووقف فوقه. فأنزله من العمود وأقامه على قدميه دون أن يصاب بأذى. وقال له الملاك: تثبت وسوف تكون قويا ، يا مصارع المسيح، لأن جهادك قد اقترب. وبعد أن قال ملاك الرب هذا، عانقه وصعد إلى السماء، والقديس ينظر اليه.
ولما انقضى اليوم الثالث، قال الحاكم: اذهبوا وانظروا هذا البائس ، إن كان ميتًا أم لا. فذهب الجنود الذين علقوا القديس من العمود، فوجدوا القديس واقفًا عند أسفل العمود. فاندهشوا دهشة بالغة، وهتفوا: نحن مسيحيون جهارًا، وننتمي إلى إله لكارون. وخلعوا دروعهم وألقوا بها في وجه الحاكم، فقال لهم: ماذا رأيتم حتى ألقيتم دروعكم؟ هل تعلقتم بإله لكارون؟ فقال الجنود: لن نخبرك بما رأينا، لأنك غريب عنا. فقال الحاكم: تباً لكم! لقد تكلمت معك جيدًا. و أنتم تتكلمون معي بسوء. ولأكون متأكدا لا أعرف كيف أعاقبكم، لأنكم لم تنالوا المعمودية بعد (أي لم تصيروا مسيحيين رسميا بعد).
عندما سمع القديس أبا لكارون، مصارع المسيح، هذا من الحاكم، قال للجنود: "تقووا، لأن ربي يسوع المسيح معنا". وصلى قائلاً: "انظر إليّ يا ربي، إليّ وإلى إخوتي الذين هم معي هنا الآن، ليتمجد اسمك القدوس". وفي تلك اللحظة، رسم القديس أبا لكارون إشارة الصليب على الأرض بيده اليمنى، فانفجر نبع ماء أبيض كالثلج، وعمدهم باسم الآب والابن والروح القدس. فقال الجنود للحاكم: "لقد جعلنا الله أهلاً لمعموديته المقدسة. لقد رأيت ذلك بأم عينيك. احكم علينا لنتركك (بدون أذى) ".
فغضب الحاكم وقال: آمُر بقطع رؤوسهم بالسيف، فتم ذلك على الفور. وفي اليوم الأول من شهر توت ، أكملوا جهادهم ونالوا الاكليل الذي لا يضمحل في السماء. وبعد كل هذا، قال أريانوس للكارون: قدّم ذبيحة للآلهة ولا تموت ميتة مؤلمة على يدي، فأنت عاقل. فأجاب القديس: أنا عاقل في كل وقت، لأني أسعى إلى ملكوت ربي يسوع المسيح، الذي سأذهب إليه قريبًا لأخذ الاكليل الذي لا يزول. فلما سمع الحاكم هذا، صر على أسنانه وقال له: بما أنك لن تستمع إليّ وتفعل ما يأمر به الأباطرة، فإني آمُر بقطع رأسك بالسيف.
فعندما سمع المبارك حكمه، بدأ يشكر الله. في تلك اللحظة، ووضع الجنود لجامًا ضيقًا على فمه، وقادوه إلى المكان الذي سيُقتل فيه. فقال للجلادين: "اصبروا عليّ قليلًا لأرفع صلاة إلى الله". وتجمع حشد كبير من الناس. وبسط ابا لكارون المبارك يديه وصلى هكذا: "يا ربي يسوع المسيح، كن بجانبي، وامنحني القوة لأُكمل جهادي".
فظهر له المخلص يسوع في تلك اللحظة. ولم يعرفه أحد إلا القديس وحده، فقال له: يا ربي وإلهي، لقد سمعت صلاتي إليك. والآن، يا سيدي، أتوسل إليك أن تُكمل لي ما اطلبه منك، لأنك رحيم ورؤوف. فقال له المخلص: سأفعل ما تشاء. فقال ابا لكارون المبارك: أتوسل إليك يا سيدي، ألا تدع جسدي يتحلل في الأرض، بل أن تحفظه سليمًا وتبني عليه ضريحًا، وتمجد من يبنون الضريح في أورشليم السماوية جزاءً لجهودهم، وتحسبهم مع قديسيك. ومن نذر لضريحي ووفى بنذره، باركه هو وجميع أهل بيته. يا رب، لا تدع عاصفة أو حيوانًا يدخل ضريحي. لا تدع زناة نجسين أو أرواحًا نجسة تقترب من المكان الذي يوضع فيه جسدي. يا رب، إن جاء مريضٌ أو ممسوسٌ بالشيطان إلى ضريحي ليسجد على جسدي، فامنحه الشفاء. والذي يكتب شهادتي تذكارا لنفسه (اي ليتذكر الشهيد به)، أفصله عن خطاياه، وأنقذه من فخاخ الشيطان، ولتكن بركاتك ورحمتك وسلامك في مساكنه، واحفظه واكتب اسمه في سفر الحياة، وبارك كل من يسمع شهادتي، وكل من يعمل وليمة محبة (كصدقة) في يوم تذكاري امنحهم أجرهم، وتمم ما يسألونه (منك)، وخلصهم من كل شر، وكل من يتألم، ويأتي إلى ضريحي ويسجد على جسدي أفيض عليهم رحمتك، وباركهم، واغفر لهم خطاياهم. وأنا أيضًا يا مخلصي، اغفر لي خطاياي، وأعطني الراحة، وفقًا لرحمتك العظيمة، أنا الشقي، يا إلهي الذي يحب البشر، ويكافئ كل من يؤمن به.
عندما انتهى ابا لكارون المبارك من حديثه، قال له المخلص: تقوى. فقد انقضت جميع شدائدك. أقسم لك بذاتي أنني سأفعل كل ما قلته. وسأفعل ما لم تذكره. سأترك الملائكة تراقب جسدك ليلًا ونهارًا، تستقبل ذكرى من يأتون إلى ضريحك وتحملها إليّ. وسأبارك كل واحد حسب استحقاقه. وبعد أن قال المخلص هذا، احتضنه وصعد إلى السماء بمجد.
وعندئذ عاد المبارك إلى الجلادين وقال لهم: تعالوا وأكملوا مهمتكم. في تلك اللحظة وصل الجلادون. ومدّ ابا لكارون المبارك رقبته ، فقُطعوا رأسه المقدس. وأكمل اعترافه الصالح في الرابع عشر من شهر بابه. وظهر نورٌ عظيم في ذلك المكان. وفاض المكان بالطيب لكثرة الملائكة الذين جاؤوا لأخذ نفس ابا لكارون المبارك. وأخذ المخلص نفسه معه، ومعه ملائكته الذين كانوا يتبعونه. وتقدمته جوقة جميع القديسين، وسلموا عليه حتى اقتيد إلى مدينة ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، الذي المجد يليق به، وبأبيه الصالح، وبالروح القدس المحيي، إلى أبد الآبدين. آمين.
يا رب، ارحم البائس الذي كتب هذا، خائيل ابن ماتوي. آمين
نص المخطوط :
شهادة شهيد المسيح القديس الشهيد أبا لكارون وكل من أكملوا (جهادهم) معه. وقد أكمل جهاده ونضاله المجيد في الرابع عشر من بابة (الموافق ليوم 24 أكتوبر) بسلام الله. آمين.
حدث في السنة الثامنة عشرة لدقلديانوس الإمبراطور الجائر، عندما كان آريانوس والياً على أنصنا، أنه ركب سفينته وأبحر جنوباً. ورسى بها على ضفاف أسيوط، وشقَّ طريقه إلى المدينة بحثًا عن المسيحيّين لكي يعبدوا الأصنام المدنَّسة. جلس الوالي في المسرح وأمر الواقفين أمامه أن يحضروا له كل المسيحيين. فَلَمَّا أُحْضِرُوا قَالَ لَهُمُ الْوَالِي هل ستذبحون لهذه الآلهة الإمبراطورية أم لا؟ فقالوا جميعاً في انسجام تام لَنْ نَذْبَحَ لِهَذِهِ الْآلِهَةِ الْجَامِدَةِ والدنسة الرجسة. نحن مسيحيون علانية وإلهنا في السماء. سوف يساعدنا. في تلك اللحظة أمر بقطع رؤوسهم جميعاً بالسيف. فأكملوا استشهادهم وصعدوا إلى السماء في المجد. بعد هذا توجّه القائد إلى الوالي وقال له سيّدي الوالي، يوجد هنا جنديّ لا يعبد الآلهة بل يحتقرهم ككائنات غير إلهيّة ولا يطيع أمرك قائلاً أنا مسيحي.
فَغَضِبَ الْوَالِي وَأَحْضَرَهُ أَمَامَهُ. فأحضره القائد أمام الوالي الذي قال له ما اسمك؟ فأجابه القديس إن كنتَ تسأل عن اسمي بحسب الجسد، فهو لكارون. ولكن الاسم الذي أعيش به هو ”الذي يدعى بيسوع المسيح“. قال له الوالي كم عمرك؟ أجاب أبا لكارون : أنا اليوم في الرابعة عشرة من عمري. فسأله الوالي عن عمله. فأجاب القديس أنه كان جنديًا مع ملك فان، ولكن من الآن فصاعدًا كان في نيته أن يكون جنديًا مع ملك خالد، ملك الملوك ورب الأرباب، يسوع المسيح. فسأله الوالي لماذا تركت الجندية؟ أخبرني الآن من أين أنت؟ فأجابه القديس بما أنك تريد أن تعرف من أين أنا، فأنا من مدجل ملحق بفرقة في أسيوط. لهذا السبب أريد أن أصير جندياً لملك من في السماء ومن على الأرض، ربي يسوع المسيح، ملك الدهور كلها. تَرَكْتُ جُنْدِيَّتِي الَّتِي هي فَانِيَةٌ وَفَاسِدَةٌ. أنا الآن مسيحيٌّ علانيةً، أنتمي إلى إله السماء، ربي يسوع المسيح.
فأجاب الوالي اِذْبَحْ لِهَذِهِ الْآلِهَةِ وَسَأُخَلِّي سَبِيلَكَ خَاصَّةً لِأَنَّكَ جُنْدِيٌّ. لقد عارضت الأباطرة باعترافك بأنك مسيحي، لذلك نحن نريد أن نكون رحماء بك على وجه الخصوص حتى يتسنى لك التضحية ونيل الشرف.
فأجاب أبا لكارون: أتوسل إليك (دعني) لكي أرضي ملك الملوك لكي أنال منه إكليل الخلود. لا تظن أيها الوالي أنك تستطيع أن تخدعني بكلامك الكاذب. فإنّي أحتقرك وأحتقر كلامك الفارغ بسبب اعترافي بربّي يسوع المسيح. فَأَجَابَ الْوَالِي وَقَالَ لِلْجُنُودِ ألقوه على بطنه واجلدوه بأوتار العجل واخبروه بأن يستمع لأمر أسيادنا الأباطرة. فأجاب القدّيس أبا لكارون باعتدال: أمري أن أسمع لأوامر ملك الحقّ العظيم، ربّي يسوع المسيح، الذي يخلّص كلّ من يرجوه. فأمر الوالي بجلده حتى سال دمه على الأرض قائلاً: "اذبح (للالهة). ولا تمت بميتةً مؤلمةً على يديَّ. فأجاب القدّيس أبا لكارون وقال للوالي: "يا ابن الشر ، إِنَّ لَنَا اللهَ مُعِينًا لَنَا، قَادِرًا عَلَى أَنْ يُعِينَنَا. هو الذي سينقذنا من يديك ويهلكك أنت ورفاقك الحكام الاشرار. فأمر الوالي بتعليقه على خشبة وسلخه حتى سقطت أحشاؤه على الأرض وغمر دمه جسده كله. تحمل أبا لكارون البار هذا التعذيب بثبات. وأمر الوالي أيضًا بإلقائه في السجن حتى يقرر كيف سيعاقبه، لأنه كان حسن المنظر، فأمر الوالي بإلقائه في السجن.
في ذلك المساء ظهر له الرب وقال له كن قوياً يا لكارون لأني أنا الرب يسوع المسيح. تقو واغلب. أنا معك في الامك القادمة. أنا أتعهد بأنك ستحتفل مع قديسي في أورشليم السماوية وسيمجد اسمك على الأرض وسيشتهر استشهادك في العالم كله. تقوى واغلب. بهذه الطريقة عانقه المخلّص. وأعطاه علامة السلام (اشارة الصليب ربما) ومضى إلى السماء في المجد مع ملائكته القديسين. وسهر المبارك أبا لكارون في ذلك المساء حتى اليوم التالي، متقوياً بالفرح الذي باركه به الرب. فَلَمَّا طَلَعَ النَّهَارُ أَمَرَ أَرِيَانُوسُ الْوَالِي أَنْ يُنْصَبَ لَهُ مَجْلِسٌ ليؤتي بِالْقِدِّيسِ إِلَيْهِ لِيَسْمَعَهُ. فجيء بالقديس وهو ينشد مزامير: يا ربُّ، اسرع الى معونتي وخلصني باسمك. فأمر الوالي أن أن يُقيَّد القديس على سرير من حديد، وأن يُفتح فمه بملقط من حديد، وأن تُنزع أسنانه واحدة بعد أخرى، وأن يُصبَّ الرصاص المذاب على فمه وجسده. ثم أمر بإنزاله من السرير وتعليقه على وتد وسلخه.
فصرخ الشهيد القديس بأعلى صوته: يا ربي يسوع المسيح، نجني من كل هذا العذاب القاسي. فأمر الوالي بإحضار بقرة من البرونز وتسمير جسده عليها بمسامير طويلة واسياخ دقيقة. خلال كل هذا كان القديس فاقدًا للوعي تمامًا. وأمر الوالي بسحب الحيوان البرونزي بواسطة آلات موصولة به حتى تتفكك جميع أطراف القديس وتصبح مثل تراب الأرض. اما المبارك أبا لكارون فاستمر في تحمل كل هذا العقاب بثبات. بعد ذلك أمر الوالي بإلقائه في السجن مكبلاً بالأغلال الحديدية.
وذاع صيته في المدينة كلها بأنه رجل الله الذي كان الرب معه. وكان هناك امرأة في المدينة كان ابنها في الحقل يحرث مع دوابه. واحد منهم سقط ومات في الحال. فَلَمَّا سَمِعَتْ بأبا لكارون قَامَتْ وَ ذَهَبَتْ إِلَيْهِ فِي السِّجْنِ وَتَوَسَّلَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً أتوسل إليك، أيها الشهيد، أن يعينني المسيح لأن ابني الأصغر كان يحرث اليوم مع دوابه في الحقول فسقط أحدها ميتاً. فقال لها الطوباويّ أبا لكارون لمّا رأى تواضعها وحماسها خذي عصاي هذه وضعيها على رأس الدابة هكذا، وقولي "بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللهِ الْحَيِّ الَّذِي مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ الْقُدُّوسِ أَخَذْتُ هَذَا الأَلَمَ، انهضي وَقُومِي". فَأَخَذَتِ الْمَرْأَةُ الْعَصَا وَوَضَعَتْهَا عَلَى رَأْسِ الدابة قَائِلَةً باسم قَائِلَةً بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ اله القديس ابا لكارون، قُومْي وَقِفْي. فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ قَامَت وَوَقَفَت. فَلَمَّا رَأَى الْجَمْعُ مَا حَدَثَ أَعْطَوْا مَجْدًا للهِ والقديس أَبَا لكارون.
وَكَانَ فِي السِّجْنِ مَعَ لكارون شَخْصٌ كَانَ فِي السِّجْنِ وَكَانَ بِهِ شَيْطَانٌ. فتوسل إلى لكارون قائلاً إن شئتَ، تستطيع أن تشفيني. فأجابه لكارون هل تؤمن أن إلهي قادر على شفائك؟ فأجابه الرجل الممسوس بالشيطان أنه يؤمن بذلك. فقام القدّيس وصلّى: يا ربي يسوع المسيح، يا إلهي، فليكن لهذا الرجل حسب إيمانه. فشُفي الرجل في الحال. وجميع الذين كانوا في السجن، عندما رأوا ما حدث، صرخوا بصوت عالٍ: وَاحِدٌ هُوَ إِلَهُ القديس ابا لكارون. ولا اله سواه ، الذي يستمع إلى كل الذين يصرخون إليه من كل قلوبهم.
وكان هناك أيضاً أحد موظفي المدينة في السجن بسبب دين في مسألة جباية الجزية. فلمّا رأى ما حدث، قام وقبَّل قدمي القدّيس أبا لكارون وتوسَّل إليه قائلا يا خادم المسيح، عمّدني كمسيحي. فلمّا رأى لكارون إيمانه المستقيم، أشار بإبهامه الأيمن بإشارة الصليب على الأرض، فخرج الماء متدفّقًا. وعمَّد الرجل باسم الآب والابن والروح القدس.
كانت هناك أيضًا امرأة ممسوسة بشيطان. فألقاها الشيطان أرضاً وصرخت قائلةً أنا أتوسل إليك يا لكارون، لا تعذبني. سأخرج منها. لي وجها (كوجه) كلب . أنا داخل هذه المرأة منذ 13 سنة وكانت مسكني. سأخرج الآن منها. فقال لكارون للمحبوسين معه: لنقم ونصلّي. فَقَامَ وَبَسَطَ يَدَيْهِ وَصَلَّى: أيُّها الربُّ يسوعُ المسيحُ، اسمعْ صلاتي، وتقبَّلْها منّي، وأعطِ صوتًا لدموعي. ليعلم الجميع أنّك اله المتواضعين المجيد ومعين الذين لا شيء لديهم، يا من وسّع سمواته المقدّسة وثبتها وزيّنها بالنجوم، يا من كال الاكام بالميزان والأنهار بميزان, يا من ظهر في رحم مريم العذراء الطاهرة ليخلّص الجنس البشري كله، الذي ظهر لرسله القديسين ليكرزوا باسمه المبارك لتتبارك أنت، وليُعطى المجد لصلاحك العظيم القدوس الذي هو نور للعالم أجمع. المجد لك يا ربي يسوع المسيح إلى أبد الآبدين. آمين، وعندما قال ”آمين“ رددها الجميع بعده. وفي تلك اللحظة ألقى الشيطان المرأة على الأرض وخرج منها مثل وميض نار. فَصَرَخَ جَمِيعُ مَنْ كَانَ فِي السِّجْنِ : واحد هو إله لكارون ولا أحد بجانبه.
وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ قُطِعَتْ يَدُهُ. جاء إلى لكارون وطلب قائلا منه اشفني يا سيدي. فأنا أتألم. فَمَدَّ الْمُبَارَكُ إِصْبَعَهُ وَرَفَعَ إِشَارَةَ الصَّلِيبِ قَائِلاً ضع يدك على كتفك، وباسم الرب يسوع المسيح ستشفى. فَلَمَّا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِهِ تَمَكَّنَ مِنْ مَدِّ يَدِهِ كَغَيْرِهِ. وَالْجَمْعُ الْكَثِيرُ مِنَ الْمَحْبُوسِينَ ، لَمَّا رَأَوْا مَا حَدَثَ صَرَخُوا: لاَ إِلَهَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ فِي الأَرْضِ إِلاَّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ إِلَهُ ابا لكارون.
ولما سمع أريانوس الحاكم بالمعجزات والعجائب التي صنعها الأب لكارون، أمر بإحضاره إلى المحكمة. فقال له الحاكم: لقد حرصت على إنقاذك. فأجاب القديس: لا تُنقذني، وأضاء وجهه كالشمس وهو يُخاطب الحاكم، فقال له: اذبح (للآلهة). ولا تمت ميتة مؤلمة يا لكارون. فأجاب القديس: بالأمس كنت ستُنقذني، أما اليوم فلا تُنقذني، فأنا مُستعد للموت من أجل ربي يسوع المسيح. لقد قدمت جسدي ذبيحة لله. لأنه مكتوب: لا تخف من مَن يقتل جسدك. أما نفسك، فلا يُمكنه قتلها. فأمر الحاكم بتعليقه على الوتد وسلخ جسده حتى تخرج أحشاؤه من بطنه. فرفع المبارك عينيه إلى السماء قائلًا:: "اسمعني يا ربّي يسوع المسيح، وأرسل لي رئيس ملائكتك القديس العظيم ميخائيل لكي يعينني في ساعة حاجتي.
وفي تلك اللحظة جاء ميخائيل رئيس الملائكة من السماوات وأعاد أحشاء القديس إلى بطنه وأنزله من على الوتد. و لم يكن هناك أي تشوه على جسده ولم يكن به أي عيب على الإطلاق. اما الجلادون، فعندما رأوا الملاك يعيد أحشاءه إلى بطنه آمنوا بالله وفي تلك اللحظة وضعوا الدروع التي كانوا يرتدونها عند قدمي الوالي وقالوا نحن مسيحيون علانية وننتمي إلى إله أبا لكارون. فغضب أريانوس وقال ماذا رأيتم؟ أجابوا ما رأيناه لا نستطيع أن نخبرك به، لأنه مكتوب: ”لا تضعوا الأشياء الثمينة قدام الخنازير لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت وتمزقكم إرباً “. فَأَجَابَ أريانوس أيها البائسون، ألا تعلمون أن حياتكم بيدي؟ فقال له الجلادون افعل بنا ما شئت ونحن لن ننسحق بعذاباتك، لأن لنا المسيح إلهنا معينا. فغضب أريانوس غضبًا شديدًا وأمر بحفر خندق وملئه بالنار. في تلك اللحظة ألقى القديسون بأنفسهم تلقائيًا في النار. هكذا أكملوا استشهادهم بنبل ونالوا الإكليل الخالد وصعدوا إلى السماء في المجد.
فقال المقدم للحاكم: يا سيدي، إن تركتَ هذا الساحر لكارون في المدينة، الجميع هنا سيصدِّقونه. انظر، لقد صنع بالفعل معجزات كثيرة مستخدما اسم ”يسوع المسيح“، الذي أغضب حكام العالم كله. دعونا نعدّ له عذابات ، عشرة آلاف مرة أسوأ من هذه. فرفع القديس الشكر إلى الله. وبِوَجْهٍ مُشْرِقٍ استمرَّ في ترنيم المزامير قائلاً يا رب لا تتوقف عن مباركتك لي (مزمور 108:1 حسب النص ) لأَنَّ الحُكَّامَ الجائرينَ تجبروا علي. ولما قيلت ال”آمين“ استلقى ونام.
وفي منتصف الليل قام أبا لكارون وصلّى (قائلا): يا رب، إذا فتحتَ شفتيَّ فمي ، فستباركك (مزمور 50:17) وفي منتصف الليل أقوم وأتراءى لك امام كرسي عدلك (مزمور 119:62 حسب النص). وعندما توقف عن الصلاة، جاء الشيطان في صورة ملاك من ملائكة الله إلى القديس وقال لقد قدمت طلبات كثيرة أمام الله. وقد أرسلني إليك لكي اقويك، حتّى إذا سمعك الوالي غدًا وسألك بعض الأشياء، فإنك تجيب بدون تذمُّر في قلبك وتنال الفائدة من إله السماء. فعرف أبا لكارون أنه الشيطان وقال له انصرف عني يا شيطان، خادم الإثم. ليس لك نصيب في عبيد المسيح الحي. فَلَمَّا سَمِعَ إِبْلِيسُ بِاسْمِ الْمَسِيحِ صَارَ كَشُعْلَةِ نَارٍ وانصرف عنه فقال أبا لكارون في نفسه فلنتيقظ ونطلب أن لا يخدعنا العدو.
وعندما جلس الحاكم في المحكمة، أمر بإحضار ابا لكارون إليه. ولما أحضروه، قال له الحاكم: لا أريدك أن تذبح مثلي، بل أريدك أن تُقدم قليلًا من البخور على المذبح. وسأُريحك من العذاب. فقال القديس للحاكم: أنت تُريد أن تخدعني بكلامك المُتملق الذي يُغضب الله وملائكته. فأمر الحاكم بإحضار مقعد وإجلاس القديس عليه. واحضار مسامير دقيقة وثقب القديس بها، واحد منها في جنبه الأيمن حتى خرج من جسده وثبت على المقعد، وآخر في جنبه الأيسر وآخر في رأسه حتى خرج من حقويه وتثبت على المقعد. فقال الحاكم: يا لكارون، فليأتِ إلهك الذي تؤمن به ويُنقذك من يدي ويدعني أرى قوته.
وفي تلك اللحظة، نزل ملاك الرب من السماء، وأزال المسامير من جسد القديس، وثقب بها الحاكم. فصرخ الحاكم: يا لكارون، الآن أعلم أن الإله الذي تعبده إلهٌ قدير. إن شفيت، فسأؤمن به. فأجاب القديس: أنا أعلم أنك سوف لن تؤمن، ولكن بسبب كثرة الناس الواقفين هنا، سأتوسل إلى سيدي يسوع المسيح أن يمنحك هذا الشفاء هذه المرة أيضًا. في تلك اللحظة، وضع ابا لكارون يده على جسده كله، وقال: باسم سيدي يسوع المسيح الذي أعبده، لتظهر قوتك حتى يعرف كل هؤلاء الناس أنك أنت الله، وليس هناك أحد سواك، ويمجدوا اسمك. وفي تلك اللحظة، خرجت المسامير من جسد الحاكم كالماء الساقط على الأرض. فصرخ الحاكم بصوت عالٍ: لا إله مثل أبولو وأرتميس، هذين اللذين يعتمد عليهما العالم أجمع، لأنني شُفيت بفضلهما. فقال له ابا لكارون: سوف تقع في يدي مرة أخرى.
فغضب الوالي وقال للجلادين أحضروا لي آلات تعذيب كثيرة وضعوها أمامه لأعذبه بها حتى أنظر هل ينقذه الهه من يدي. فلما أحضروا آلات التعذيب و وضعوها أمام القديس، وهم يعذبونه بلا رحمة، لم يمس جسده أي عذاب من تعذيبهم له, لم يتوقف الجلادون عن تعذيبه من الصباح إلى المساء، ولم يشعر القديس بأي شيء على الإطلاق. فغضب الوالي غضبًا شديدًا. فقام وأخذ الأداة من يد أحد الجلادين ليضرب بها رأس المبارك أبا لكارون. في تلك اللحظة، أفلتت الأداة التي كانت في يده وسقطت على رأسه، فجرح (الوالي) رأسه. فتبسم المبارك أبا لكارون وقال حقًا إن مزمور داود لا يكذب عندما يقول إن "الذين يقاتلوننا هم أولئك الذين ذلوا وسقطوا وأهلكتهم سيوفهم وكسرت سهامهم" (مز 26:2 36:15).
فأجابه الحاكم وقال وقوة الرومان وأبوللو الإله العظيم (ان) لكارون يقوم بحيل سحرية. ثم أمر بإحضار دولاب (به سنون حديدية) خشبي (يدعى الهنبازين) وقال للجلادين: " ضعوا هذا الساحر على الدولاب في المنتصف. فوضعوا القديس على على الدولاب وسحبوه عليه. فكان يتألم ألماً شديداً، لأن جسده كله بدأ ينقسم إلى قسمين. عندئذٍ رفع الشهيد عينيه إلى السماء وصلّى: يا ربّ اسمع صلاتي. لا تسكت عني، يا ربّ، لأني غريب ومنفيّ تماماً كما كان آبائي أيضاً. والآن، أيها الربّ إله الجنود، لا تبقَ بعيدًا عنّي. لا تدعني أموت حتى أخزي هذا البائس الاثم. أيها الرب إله الجنود أعطني القوة على احتمال هذا العذاب من الوالي الشرير من أجل اسمك القدوس لأجد انفتاحا في الحديث امام عينيك ، يا رب يا إله الكل يا رحيم ومحسن، احسبني يا رب من خراف حظيرتك وأعطني القوة يا ربي في فضائلك النورانية.
وبينما كان يقول هذا الكلام، ظهر له الرب يسوع في تلك اللحظة. وقال تشجع، أيها الشهيد القديس، حبيب أبي الصالح. تعال إليّ وسأريك اكليلك. وعندئذٍ يمكنك أن تعود إلى المحكمة وتقاتل من أجل اسمي وتُخزي الوالي الظالم. فأخذ المخلِّص القدِّيس إلى السماء. وأراه السماوات وعانقه مع جميع القدّيسين وأراه عرشه وإكليله، وثوب مجده. والقديسون كلهم قالوا له في انسجام تام كن منتصراً أيها الشهيد القديس، بطل المسيح الملك. فستنال إكليلَ الملكوت الخالد، وترث خيرات ملكوت السماء.
وبعد أن أراه الرب كل هذه الأمور، أنزله إلى الأرض إلى الدولاب، وأخذ أطراف القديس، واعادها له مرة أخرى، وأقامه مرة أخرى في حالة سليمة. وقال له الرب: السلام لك. اذهب وأخزِ هذا الحاكم الظالم، والجمع كله ينظر إليك. ثم قام ووقف أمام الحاكم والجمع كله. فقال له الحاكم الشرير: لا أعرفك. ابتعد عني. فأجاب القديس وقال له: لماذا تقول هذا يا ابن الشيطان؟ ألست أنا الذي نشرتني؟ لقد جاءني ربي يسوع، وأخذ أطرافي وأعادها. وأقامني وأرسلني إليك لأخزيك أنت وأباطرتك الظالمين.
فهتف الجمع الواقفون هناك: واحد هو إله القديس أبا لكارون. ولا أحد سواه، واسمه باق إلى الأبد. ثم قال الحاكم للحشد الواقفين: لا تقلقوا. أليست كل هذه الأمور قد حدثت بالسحر؟ فلنطلب منه أن يصنع بعض العجائب. إن استطاع صنعها، فسنؤمن نحن أيضًا بإلهه. فقال أبا لكارون للحاكم: اسألني ما تشاء. قال له الحاكم: أريد أن يتحول هذا الحذاء في قدمي إلى حيوان مرة أخرى، لأؤمن بإلهك. في تلك اللحظة، بسط القديس يديه وصلى: يا إلهي، خالق السماء والأرض وكل ما فيها، الذي أرسل ابنه الوحيد إلى العالم، وبذل جسده ودمه ليخلصنا من خطايانا، تقبل صلاتي اليوم، وأظهر قدرتك أمام هذا الطاغية وكل هذا الجمع من حوله، ليتمجد اسمك القدوس، وليعلم كل هؤلاء الناس أنه لا إله إلا الرب الإله القدير، وابنه الوحيد، والروح القدس، إلى أبد الآبدين. آمين.
وبعد أن انتهى ابا لكارون المبارك من صلاته، تحوّل حذاء الحاكم إلى عجل (صغير الثور) أمام الحاكم والجمع كله. فقال الحاكم: ألم أخبركم؟ لكارون يمارس خدعًا سحرية. في تلك اللحظة، أمر بقتل العجل وإلقاء جثته للكلاب، وباستدعاء طبيب لقطع لسان لكارون. وعندما وصل الطبيب، قال له الحاكم: خذ هذا الصبي واقطع لسانه، فأنا لم أعد أطيق سماعه.
وعندما قُطع لسان القديس، قال للحاكم: لقد قطعتَ لساني، لكي لا أستطيع الكلام بعد الآن. الآن سأتخذ لسانًا روحيًا، لا سلطان لك ولا لأبيك الشيطان عليه. فأجاب الحاكم لأبا لكارون: اسمع لي وتذوق لحم الذبيحة واشرب من خمر الذبيحة. وسأطلق سراحك لتذهب وتنجو من هذا العذاب. فقال ابا لكارون المبارك للحاكم: حاشا لي أن أفعل هذا أبدًا! لأنه مكتوب أنك لا تستطيع أن تأكل من مائدة الرب ومائدة الشياطين. فغضب الحاكم غضبًا شديدًا وأمر بفتح فمه وحشو اللحم فيه.
وعندما توقفوا عن فعل ذلك به، قال الحاكم: يا لكارون، لقد توقف خطابك العلني أمام إلهك اليوم. أجاب لكارون: لا تفرح مبكرًا، يا عدو الله ورفيق الشياطين الذي يكره رحمة الله والغريب عن ممارسات جميع القديسين. في تلك اللحظة، غضب الحاكم وأرسله إلى السجن. في اليوم التالي، أحضر أبا لكارون من السجن إلى المحكمة. فقال أبا لكارون في نفسه: ماذا سيفعل بي هذا الشرير؟ ولما وصل إلى المحكمة، قال له الحاكم: قدّم ذبيحة للآلهة يا لكارون. لا تمت ميتة مؤلمة على يدي. أجاب أبا لكارون المبارك بهدوء: لن أقدّم ذبيحة. افعل بي ما تشاء. إلهي معي، يساعدني، كسور حديد يحيط بروحي وجسدي معًا. فقال له الحاكم: يا لكارون، هل ستجبرني على معاقبتك أكثر بكلامك الحازم؟ اذبح (للآلهة) الآن وسأطلق سراحك.
فلم يُكلِّمه المبارك. فقال له الحاكم: "إذا أردتَ أن أُمهلك بضعة أيام حتى تعود الى صوابك، فأخبرني". أجابه المبارك: "لقد فكَّرتُ في الأمر قبل أن آتي إليك، فافعل ما يُرضيني. جسدي بين يديك، لكن روحي ونفسي لربي المسيح".
عندما سمع الحاكم كلمات ابا لكارون هذه، أمر بتعليقه على عمود من رأسه لمدة ثلاثة أيام. ففعل به الجنود ما أمر به الحاكم. فصلى ابا لكارون، المعلق من العمود، قائلاً: يا سيدي يسوع المسيح، أول الشهداء، يارب الدهور بقدرته الإلهية، فلترسل لي ملاكك المقدس لمساعدتي وبينما كان يقول هذا، ظهر ملاك الرب ووقف فوقه. فأنزله من العمود وأقامه على قدميه دون أن يصاب بأذى. وقال له الملاك: تثبت وسوف تكون قويا ، يا مصارع المسيح، لأن جهادك قد اقترب. وبعد أن قال ملاك الرب هذا، عانقه وصعد إلى السماء، والقديس ينظر اليه.
ولما انقضى اليوم الثالث، قال الحاكم: اذهبوا وانظروا هذا البائس ، إن كان ميتًا أم لا. فذهب الجنود الذين علقوا القديس من العمود، فوجدوا القديس واقفًا عند أسفل العمود. فاندهشوا دهشة بالغة، وهتفوا: نحن مسيحيون جهارًا، وننتمي إلى إله لكارون. وخلعوا دروعهم وألقوا بها في وجه الحاكم، فقال لهم: ماذا رأيتم حتى ألقيتم دروعكم؟ هل تعلقتم بإله لكارون؟ فقال الجنود: لن نخبرك بما رأينا، لأنك غريب عنا. فقال الحاكم: تباً لكم! لقد تكلمت معك جيدًا. و أنتم تتكلمون معي بسوء. ولأكون متأكدا لا أعرف كيف أعاقبكم، لأنكم لم تنالوا المعمودية بعد (أي لم تصيروا مسيحيين رسميا بعد).
عندما سمع القديس أبا لكارون، مصارع المسيح، هذا من الحاكم، قال للجنود: "تقووا، لأن ربي يسوع المسيح معنا". وصلى قائلاً: "انظر إليّ يا ربي، إليّ وإلى إخوتي الذين هم معي هنا الآن، ليتمجد اسمك القدوس". وفي تلك اللحظة، رسم القديس أبا لكارون إشارة الصليب على الأرض بيده اليمنى، فانفجر نبع ماء أبيض كالثلج، وعمدهم باسم الآب والابن والروح القدس. فقال الجنود للحاكم: "لقد جعلنا الله أهلاً لمعموديته المقدسة. لقد رأيت ذلك بأم عينيك. احكم علينا لنتركك (بدون أذى) ".
فغضب الحاكم وقال: آمُر بقطع رؤوسهم بالسيف، فتم ذلك على الفور. وفي اليوم الأول من شهر توت ، أكملوا جهادهم ونالوا الاكليل الذي لا يضمحل في السماء. وبعد كل هذا، قال أريانوس للكارون: قدّم ذبيحة للآلهة ولا تموت ميتة مؤلمة على يدي، فأنت عاقل. فأجاب القديس: أنا عاقل في كل وقت، لأني أسعى إلى ملكوت ربي يسوع المسيح، الذي سأذهب إليه قريبًا لأخذ الاكليل الذي لا يزول. فلما سمع الحاكم هذا، صر على أسنانه وقال له: بما أنك لن تستمع إليّ وتفعل ما يأمر به الأباطرة، فإني آمُر بقطع رأسك بالسيف.
فعندما سمع المبارك حكمه، بدأ يشكر الله. في تلك اللحظة، ووضع الجنود لجامًا ضيقًا على فمه، وقادوه إلى المكان الذي سيُقتل فيه. فقال للجلادين: "اصبروا عليّ قليلًا لأرفع صلاة إلى الله". وتجمع حشد كبير من الناس. وبسط ابا لكارون المبارك يديه وصلى هكذا: "يا ربي يسوع المسيح، كن بجانبي، وامنحني القوة لأُكمل جهادي".
فظهر له المخلص يسوع في تلك اللحظة. ولم يعرفه أحد إلا القديس وحده، فقال له: يا ربي وإلهي، لقد سمعت صلاتي إليك. والآن، يا سيدي، أتوسل إليك أن تُكمل لي ما اطلبه منك، لأنك رحيم ورؤوف. فقال له المخلص: سأفعل ما تشاء. فقال ابا لكارون المبارك: أتوسل إليك يا سيدي، ألا تدع جسدي يتحلل في الأرض، بل أن تحفظه سليمًا وتبني عليه ضريحًا، وتمجد من يبنون الضريح في أورشليم السماوية جزاءً لجهودهم، وتحسبهم مع قديسيك. ومن نذر لضريحي ووفى بنذره، باركه هو وجميع أهل بيته. يا رب، لا تدع عاصفة أو حيوانًا يدخل ضريحي. لا تدع زناة نجسين أو أرواحًا نجسة تقترب من المكان الذي يوضع فيه جسدي. يا رب، إن جاء مريضٌ أو ممسوسٌ بالشيطان إلى ضريحي ليسجد على جسدي، فامنحه الشفاء. والذي يكتب شهادتي تذكارا لنفسه (اي ليتذكر الشهيد به)، أفصله عن خطاياه، وأنقذه من فخاخ الشيطان، ولتكن بركاتك ورحمتك وسلامك في مساكنه، واحفظه واكتب اسمه في سفر الحياة، وبارك كل من يسمع شهادتي، وكل من يعمل وليمة محبة (كصدقة) في يوم تذكاري امنحهم أجرهم، وتمم ما يسألونه (منك)، وخلصهم من كل شر، وكل من يتألم، ويأتي إلى ضريحي ويسجد على جسدي أفيض عليهم رحمتك، وباركهم، واغفر لهم خطاياهم. وأنا أيضًا يا مخلصي، اغفر لي خطاياي، وأعطني الراحة، وفقًا لرحمتك العظيمة، أنا الشقي، يا إلهي الذي يحب البشر، ويكافئ كل من يؤمن به.
عندما انتهى ابا لكارون المبارك من حديثه، قال له المخلص: تقوى. فقد انقضت جميع شدائدك. أقسم لك بذاتي أنني سأفعل كل ما قلته. وسأفعل ما لم تذكره. سأترك الملائكة تراقب جسدك ليلًا ونهارًا، تستقبل ذكرى من يأتون إلى ضريحك وتحملها إليّ. وسأبارك كل واحد حسب استحقاقه. وبعد أن قال المخلص هذا، احتضنه وصعد إلى السماء بمجد.
وعندئذ عاد المبارك إلى الجلادين وقال لهم: تعالوا وأكملوا مهمتكم. في تلك اللحظة وصل الجلادون. ومدّ ابا لكارون المبارك رقبته ، فقُطعوا رأسه المقدس. وأكمل اعترافه الصالح في الرابع عشر من شهر بابه. وظهر نورٌ عظيم في ذلك المكان. وفاض المكان بالطيب لكثرة الملائكة الذين جاؤوا لأخذ نفس ابا لكارون المبارك. وأخذ المخلص نفسه معه، ومعه ملائكته الذين كانوا يتبعونه. وتقدمته جوقة جميع القديسين، وسلموا عليه حتى اقتيد إلى مدينة ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، الذي المجد يليق به، وبأبيه الصالح، وبالروح القدس المحيي، إلى أبد الآبدين. آمين.
يا رب، ارحم البائس الذي كتب هذا، خائيل ابن ماتوي. آمين