- إنضم
- 13 مارس 2022
- المشاركات
- 628
- مستوى التفاعل
- 546
- النقاط
- 93
سيرة القديس العظيم الشهيد الانبا بيفا الجندي نقلا عن مخطوط من مخطوطات المتحف القبطي المنشورة على موقع ارشيف archive عيد استشهاده يوم 24 طوبة بالتقويم القبطي الموافق ل 1 او 2 فبراير من كل عام الكلام ما بين قوسين للتوضيح ولم يتم تغيير اي لفظ الا للضرورة القسوى لتلافي اخطاء اعرابية او لغوية او معنى لكلمة غير واضح اي للتوضيح
النص:
المجد لله اب الأنوار والبركات خالق جميع ما في الأرض والسماوات المنزه عن ادراك المعقولات المتعال على كل المخلوقات الممجد من الصفوف والملائكة والقوات المسبح من المراتب والطغمات الذي أوجد الإنسان من العدم وانتخب له اصفياء مختارين من الله فصاروا متبارين على اتباع وساروا في طرقه ولم يتجاوزوا الوصية وجاهدوا واقتنوا الغلبة والظفر وصاروا باتعابهم مساهمين الملائكة النورانيين وارتقوا من المنازل التالية مراتب السمائيين واستقرت نفوسهم الطاهرة في محل الأنوار وثبتوا في نعيم الملكوت الذي ليس فيه كدر ولا بوار فلنسأل الرب الإله شفاعتهم المقبولة مغفرة الخطايا والآثام فيما سلف من السنين والأيام الأن وكل أوان
اما بعد ايها الأخوة الأحباء المؤمنون انه لما كان في مملكة الملك الكافر دقلاديانوس الذي رزل اله السماء وعبد الأوثان النجسة أرسل الى كل المدن والقرى التي تحت مملكته بذلك وكان في مدينة تدعى شفط رجلا بارا نقيا خائفا من الله محبا للأصوام والصلوات والصدقات مواظبا تلاوة الكتب المقدسة اسمه بيفا
وانه لما سمع هذا الخبر النجس استحضر اهل بلدته وقال لهم يا أخوتي ان يوم عرس الختن السماوي قد دنا فمن كان مستعدا ليحضر مع العريس الى حجلته السماوية لان من تعب يسيرا سينال راحة كثيرة اما سمعتم ما قاله الروح القدس على لسان المرتل داود النبي ان المنافقين كمثل الهباء الذي تذريه الرياح عن وجه الأرض فكثيرا هو العزاء والراحة والنياح الذي يكون للصابرين على الشدائد من اجل السيد المسيح لان النبي يقول ايضا ان خلاص الرب هو من عند الأبرار وكثيرة هي احزان الصديقين ومن جميعها يخلصهم الرب وواحدة من عظامهم لا تفسد فاذ لنا مثل هذا الرجاء الصالح فلنسارع ونموت على اسم السيد المسيح ونصير مع جملة الشهداء الذين سفكوا دمائهم وماتوا على اسم السيد المسيح ونالوا الأكاليل غير المضمحلة في ملكوت السماوات وان الجماعة لما سمعوا كلام القديس انبا بيفا امتلأوا خوفا وايقنوا الموت على اسم السيد يسوع المسيح
ثم قال لهم ما بالكم هكذا يا اخوة لأن المخلص يقول في الانجيل المقدس ما من احد يضع يده على سكة الفدان (المحراث) ويرجع الى وراءه يكون مستحقا لملكوت السماوات وقال ايضا ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه وقال انه من احب ابا او اما اكثر مني فما يستحقني ومن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني والأن ايها الأخوة الأحباء لنقوم ونجاهد ما دام السوق حاضر لننال المجد مع ابناء النور ولنحب بعضنا بعضا لأن يوحنا الرسول يقول ان المودة تغطي كثرة الخطايا
وان القديس انبا بيفا لما قال هذا تقدم عند العسكر فنظر الى قس بلدته والأجناد يشحطوه (يجروه) ليمضوا به الى السجن وان القديس انبا بيفا تقدم اليه وتبارك منه وقال له تقوى يا ابي القسيس وتشجع ولا تخاف لتنال الأكاليل الغير مضمحلة في ملكوت السماوات ثم تذكر القديس قول النبي حبقوق اذ يقول لماذا تنظر يا رب عذاب المساكين وانت تميل (تميل نظرك) لأجل هذا يقول المنافق انا ابتلع البار وهو يصنع بالناس كمثل سمك البحر وانه بعد ذلك بسط يديه وصلى هكذا قائلا ايها الرب اله القوات ابو ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح اصنع رحمة مع خليقتك وصنعة يديك لكي يرجعوا عن طرقهم الشريرة لأنك ملجأ المتوكلين عليك وبك يليق المجد أيها الثالوث المقدس الآب والإبن والروح القدس الأن وكل أوان وإلى دهر الداهرين امين وبعد ذلك رشم جبهته بعلامة الصليب المقدس وتقدم الى الوالي وصرخ قائلا أيها الجهلة العمي القلوب ما بالكم تصنعون هكذا بعبيد الله الحي ثم قال انا مسيحي علانية
ثم ان الوالي لما سمع هذا الكلام غضب غضبا شديدا وقال له ايها المكرم انبا بيفا ماذا اتى بك الى هاهنا من غير ان يسألك أحد فأجابه القديس قائلا مخلصي يقول في الإنجيل المقدس ان من انكرني قدام الناس انكره قدام ابي الذي في السماوات ومن اعترف بي قدام الناس اعترفت انا به قدام ابي الذي في السماوات وهوذا انا الأن قدمت الى هاهنا لأنال الأكاليل الغير مضمحلة في السماوات وان الوالي قال له يا بيفا ارجع عن هذا الرأي الفاسد لئلا تموت موتا رديا اجابه القديس بيفا قائلا لا يكون هذا ابدا ايها الكلب النجس ان اترك سيدي يسوع المسيح واعبد الأوثان النجسة
وان الوالي قال له يا بيفا ارجع عن هذه الضلالة الرديئة وبخر للآلهة لئلا تنال عذابا شديدا وان القديس قال له ان موت هذا العالم ليس هو موتا بل حياة دائمة لمن يعترف بابن الله الحي لأن فخر هذا العالم زائل وحلاوته غير دائمة والويل لمن تمسك به واما انتم ايها الكفرة المعاندين للحق فسوف تنالون عذابا عظيما واما انا فليس اعبد الا الاله الواحد الخالق الذاتي سيدي يسوع المسيح وان الوالي قال له هوذا انا الأن اسمع كلامك واطيل روحي عليك والان تقدم مسرعا واحمل البخور للآلهة فقال له القديس قد قلت لك مرة واثنتين ان هذا لا يكون ابدا ان اترك الهي السيد المسيح واعبد الأوثان النجسة
وان الوالي لما سمع هذا الكلام غضب غضبا عظيما وامر ان يرفع القديس على المعصرة ففعلوا به ذلك وعصروه الى ان تقطعت اعضائه وانه صرخ قائلا يا سيدي يسوع المسيح ابن الله الحي اعني وخلصني وان الوالي قال له هوذا انا الأن اعذبك الى ان انظر ان كان يسوع يأتي ويخلصك من يدي وللوقت نزل ملاك الرب من السماء وكسر المعصار نصفين وخلص القديس ولم يصيبه الم البتة وان الاعوان لما نظروا الى هذا تعجبوا كثيرا وامنوا بالسيد المسيح وان الوالي لما رأى هذه الأعمال غضب جدا وامر الاشراط ان يعذبوا القديس وانهم لما قصدوا ان يمدوا ايديهم اليه تيبست للوقت وان الوالي اشار اليهم بيده لكي ما يعذبوه وللوقت تيبست يده ايضا وصار لا يقدر ان يتحرك من مكانه وسائر الحاضرين عميت ابصارهم ولم يقدروا ان يتحركوا من اماكنهم وان الجمع صاحوا قائلين ارحمنا يا قديس الله انبا بيفا وخلصنا من هذا العذاب الشديد وان الوالي قال له ايها الساحر ما هذا الذي صنعته بنا حلني الان لكي اريك قوتي واعذبك الى ان تعترف بالآلهة الكرام وان القديس تحنن عليهم ورشمهم بعلامة الصليب وللوقت عوفيوا
وان الوالى امر ان يرفع القديس على سرير حديدي ويحمى تحته بالنيران ففعلوا به ذلك وهو صابرا عليه بقوة السيد المسيح وانطفئ لهيب النار وانكسر السرير الحديد لنصفين ولم يصيبه الم البتة ثم قال للوالي اسمع ايها الوالي الكافر ماذا قال داود النبي عن الهتك المرذولة قال هكذا ان الهة الأمم ذهب وفضة لها اعين ولا تبصر ولها اذان ولا تسمع ولها ايدي ولا تلمس ولها ارجل ولا تمشي ولها حناجر وليس فيها صوت فليكن صانعوها مثلها وكل من يتوكل عليها ويعبدها وربنا يقول في الانجيل المقدس احبوا اعدائكم وباركوا على لاعنيكم واحسنوا لمن يبغضكم وهوذا انا لا اخالف قول سيدي ومخلصي بل اتبعه الى الموت لأنال الحياة الدائمة التي لا زوال لها
وان الوالي لما سمع هذا الكلام غضب غضبا شديدا وامر الاشراط ان يربطوا القديس ويجعلوا في عنقه طوق حديد ويربطوا يديه الى خلف بسلاسل من حديد ففعلوا به ذلك ووضعوا لجاما في فمه واشهدوه للمدينة كلها قائلين هذا يفعل لمخالفي الملوك ومن لا يسجد للآلهة الكرام وبعد ذلك ضربوه ضربا كثيرا وكان القديس صابرا على هذا كله بقوة السيد المسيح وهو يصلي قائلا اشكرك يا رب الذي (لأنك) جعلتني مستحقا ان اتألم على اسمك القدوس فلما كان بعد ذلك امر الوالي ان يمضى بالقديس الى السجن ففعلوا به ذلك
وكان داخل السجن قس البلدة وكان القديس يصرخ قائلا خلصني يا ربي يسوع المسيح يا ابن الله الحي الممجد وكانوا القديسين داخل السجن يقولون له طوباك يا بيفا اخانا لأنك صبرت على الأتعاب من أجل السيد المسيح هوذا الأكاليل الغير مضمحلة معدة لك وقد ظهرت ابات الرب في جسدك وصارت لك علامات الغلبة من أجل العجائب التي صنعتها بقوة المخلص فقال لهم القديس اغفروا لي يا اخوتي الأحباء ليس هذا كله لي ولا هو من قبلي بل هو لله الحي مخلصي يسوع المسيح فيجب علينا يا اخوتي الأحباء ان لا (كلمة غير واضحة غالبا هي: ننفر أو نيأس) من الشدائد التي تأتي علينا لكن نصبر لننال اكليل (الفرج او الفرح) والغلبة لأن اتعاب هذا العالم الزائل لا توازي المجد المزمع ان يظهر فينا كما قال بولس الرسول ثم ان القديس قال للقس صلي علينا يا ابانا القديس لأجل انك كاهن الله العلي
وان القس وبقية القديسين صلوا الى الرب يسوع المسيح ان يثبتهم على الإيمان المستقيم ويكون معهم الى الانقضاء ويخلص العالم من المحن والتجارب وللوقت ابتهجت نفوسهم جدا وان الاشراط مضوا الى الوالي واعلموه بما قال القديس الأنبا بيفا وانه يمنع الناس من السجود للآلهة وان الوالي لما سمع هذا الكلام غضب غضبا عظيما وقال للأعوان امضوا بسرعة وكبلوه بالحديد واتوني به لكي امحق (أهلك) اسمه مع بقية العالم من النصارى الى ان يعودوا ويبخروا للآلهة وان الأجناد الذين مضوا ليحضروا القديس امسى عليهم الوقت فدخلوا الى بلدة تسمى شفط وهي بلدة والد القديس انبا بيفا وادخلوا القديس ومن معه الى بيت مظلم
فلما كان الغد حضر الوالي الى البلدة المذكورة وامر بإحضار القديس انبا بيفا وقال له ايها الجاهل تقدم الان مسرعا واذبح للآلهة لئلا تموت موتا رديا فقال له القديس قد قلت لك ان هذا لا يكون ابدا ان اترك الهي يسوع المسيح واعبد الأوثان النجسة وان الوالي قال له دع عنك هذا الكلام لئلا تموت موتا رديا فقال له مهما اردت ان تفعله افعله سريعا قاني محتمل في جسدي جراح ربنا يسوع المسيح الذي نزل من السماء لأجل خلاصنا نحن البشر وتجسد من العذراء القديسة مرت مريم سيدة نساء العالمين وتألم وصلب وقبر وقام في اليوم الثالث وأقامنا معه وخلصنا من خطايانا وكسر اقفال الجحيم وانقذنا من آثامنا وهو الأن معي يخلصني ويحميني (أو ينجيني) فلا أخاف من عذابك أيها الكافر الملعون
وان اصحاب الوالي قالوا له يا سيدنا احرق هذا الرجل وهو حي لئلا يضل اهل المدينة وان الوالي غضب جدا وقال للأعوان خذوا قضبان حديد محمية بالنار وضعوهم في أذان بيفا حتى يصنع ارادتي حينئذ الأعوان فعلوا كذلك وكان القديس يصرخ قائلا يا سيدي يسوع المسيح مقوي الشهداء اعنني وللوقت حلت عليه قوة الرب وصار كأنه لم يصيبه الم البتة وكان الأعوان يضربوه وهو لا يتألم وان الشرط تعجبوا من ذلك كثيرا واعلموا الوالي بذلك وانه امر ان يرفع على المعصرة ففعلوا به ذلك وللوقت صرخ القديس اعنني يا مخلصي يسوع المسيح ابن الله وان الوالي قال له يا بيفا وحق الآلهة لأعذبنك عذابا شديدا حتى انظر ان كان يسوع يأتي ويخلصك من يدي ولما قال هذا واذا ملاك الرب نزل من السماء وخلص القديس وكسر المعصرة وصار كأنه لم يصيبه ألم البتة
فرفع صوته وقال للوالي ايها الجاهل الغير انسان الذي ليس له اله انظر الان الى قوة سيدي يسوع المسيح كيف خلصي من يديك ايها الكافر وان الوالي غضب جدا وامر ان يوضع القديس في قدر نحاس ويوقد تحته النيران ففعلوا به ذلك الى ان ارتفع اللهيب جدا وان القديس صلى الى الله ان يخلصه عاجلا وللوقت امر الرب النار فخمدت وصار لهيبها كمثل الندى البارد ولم يضر القديس ولم يؤلمه وانكسر القدر نصفين ولم يصيب القديس الم البتة بل خرج سالما كمثل من خرج من وسط روضة طيبة
حينئذ لما رأى الوالي ذلك غضب كثيرا وصرخ قائلا ما اعظم سحر هذا النصراني بيفا ماذا اصنع به لأنه قد اطغى اهل المدينة كلها وان جليس الوالي قال له هوذا انا اقوم ادخل وسط هذه النار وانا اعلم ان قوة الآلهة معي لا تؤلمني حرارتها وانه قام مسرعا وفعل ذلك وللوقت احرقت النار رجلاه ولم يقدر ان يتخلص ولا ان يدنوا منه احد وان القديس تحنن عليه وقال له ايها الشقي اخرج الان من هاهنا فإن اوان احراقك قد دنا في نار جهنم فخرج من وسط النار وهو مفتضح
وان الوالي لما رأى هذه الأعمال غضب كثيرا وامر ان يلقى (القديس) في اتون النار وهو مكبل اليدين والرجلين بقيود حديد ففعلوا به ذلك وان القديس صلى هكذا قائلا ايها الرب الاله الذي خلق السماء والارض وكل ما فيهما الذي بيده كل شئ المالك لمخلوقاته فأنه الفاعل فيهم ارادته وحده الذي كان مع الاباء الرسل وخلصهم من جميع شدائدهم واعانهم الى ان ردوا المسكونة الى معرفة الحق وخلصت الثلاثة فتية من اتون النار المتوقدة ببابل الكلدانيين انت ايها الرب بقدرتك العظيمة قادر ان تغير هذه النار الحامية الى البرودة والليونة كما ان بقدرتك العالية اخرجت الماء من الصخرة الصماء أسألك الأن ان تخلصني عاجلا لكي ما افضح هؤلاء الكفرة الجاحدين الوهيتك يا ابن الله الحي الممجد الى دهر الدهور كلها امين
حينئذ نزل ملاك الرب من السماء الى وسط الأتون ونفض اللهيب للخارج وصار الاتون كالندى البارد وحل وثاق القديس وشفى جراحاته وقواه وعزاه واعطاه السلام وصعد الى السماء بمجد عظيم وان القديس خرج من وسط الاتون كمثل من خرج من وسط روضة طيبة وقال للجند الموكلين بالوقيد قوموا يا اخوة فان السيد المسيح الهي لم يتركني الى الانقضاء لكن برحمته افتقدني وخلصني بيد ملاكه العظيم وهوذا انا طيبا سالما معافى اتيت لأفضحكم مع ألهتكم الأنجاس
وان الشرط مضوا الى الوالي واعلموه بكل ما عاينوا وسمعوا فغضب جدا وان جلسائه اشاروا عليه ان يرسله الى القصر الذي هو عليه جندنا (أو خبرنا الكلمة غير واضحة) لكي ما يعذب هناك وان الوالي ركب ليمضي الى قصر تشلا وبصحبته القديس انبا بيفا مكبلا بالحديد والقيود وانه لما وصلوا تشلا (او بسلام) جلس الوالي في مكان الحكم وامر بإحضار القديس انبا بيفا وقال له ايها الجاهل هوذا انا الان اتيت الى هاهنا لكي ما ابيد سحرك وامحق اسمك فقال له القديس مهما اردت ان تفعله افعله سريعا لأني لا اغير ايماني المستقيم بربي يسوع المسيح وان الوالي امر ان يُمضى به الى السجن ففعلوا به ذلك وكان بصحبته قس البلدة وان الأثنان كانا يتحدثان بعظائم الله وفيما هو كذلك واذا قد لحقه سباتا فنام فرأى السماء مفتوحة وانسانا نورانيا قائما في وسط السماء وبيده اكليلا مضيئا جدا وفي يده الأخرى تاجا مرصعا بالجواهر الرفيعة وهو يقول له افرح يا بيفا فان هؤلاء قد اعدهم السيد المسيح لك وللوقت استيقظ واخبر القس بكل ما رأى وقال له يا ابي لنجاهد ما دام الوقت معنا ونموت على اسم السيد المسيح لننال الظفر والغلبة
وفيما هما يتكلمان بذلك اذ ارسل الوالي الاعوان فأتوا بالقديس انبا بيفا اليه فقال له أيها الساحر تقدم الأن مسرعا وأحمل البخور للآلهة لئلا تموت موتا رديئا وان الوالي امر ان تثقب كعابه ويديه ففعلوا به ذلك وهو صابرا عليه بقوة السيد المسيح ابن الله ولم يناله الم البتة وان الوالي صرخ قائلا الويل لي اليوم من هذا النصراني بيفا وماذا اصنع به لأجل هذه الأسحار التي يصنعها باسم يسوع الناصري واما القديس فكان يتقوى ويتشجع بالسيد المسيح وبعد ذلك أمر ان يربط القديس في ذنب (زيل) حصان ويطاف به المدينة كلها ففعلوا به ذلك ولم يناله الم البتة وان الجمع لما رأوا هذه الأعجوبة صرخوا قائلين واحد هو اله القديس انبا بيفا وان الوالي لما رأى هذه الأعمال غضب جدا وكتب قضيته لتؤخذ رأسه المقدسة بحد السيف وان الجند أخذوه الى حيث يكمل جهاده
فبسط يديه وصلى هكذا قائلا أيها الرب الإله خالق السماوات والأرض ما لا ترى وما لا يرى (أو ما يرى وما لا يرى) الواحد وحده اسألك يا ربي والهي في كل من يدعوك باسمي اذا كان في شدة أو ضيق في البر أو البحر أو الطرق المسلوكة او قدام احد الحكام او برية مخوفة أو من احد الوحوش الضارة اسمعه عاجلا من علو سمائك المقدسة وكل من يكتب سيرة شهادتي والاتعاب التي قبلتها على اسمك القدوس اكتب اسمه يا رب في سفر الحياة وكل من يعطي صدقة باسمي او قربان لبيعتي أو يطعم او يسقي عطشان او يكسي عريان او يفتقد محبوس أو يصنع شيئا من الخير باسمي اعطيه يا رب حظا مع الأبرار في ملكوت السماوات وكل من يكفن جسدي استره في يوم الدينونة بنورك الإلهي وكل من بنى بيعة باسمي اسكنه يا رب في بيعة الأبكار السمائية وكل من حلف في بيعتي كاذبا انتقم منه عاجلا وأغفر خطايا شعبك المؤمنين باسمك وخلصهم من الضيقات والشدائد لأن لك المجد الى الأبد امين
ولما قال هذا واذا بصوت من السماء يقول لقد قبلت طلبتك يا عبدي بيفا تعال الى اماكن النياح لتتنعم مع جميع القديسين وتفرح هوذا مسالتك؟ (كلمة غير واضحة ربما تعني مناك او جهادك او سؤالك او مسألتك) تم وان القديس ابتهجت نفسه كثيرا وقال للجند اكملوا ما امرتم به فتقدم احدهم وانتبه؟ وضرب رأسه المقدسة بحد السيف وهكذا أكمل جهاده المقدس ونال اكليل الشهادة في اليوم الرابع والعشرين من شهر طوبة وان الجند رأوا نورا عظيما نازلا على جسد القديس بيفا ومن عظم تحنه؟ (كلمة غير واضحة ربما تعني عظمته او طوله او محبته) امنوا بالسيد المسيح وأخذوا الجسد المقدس وكفنوه بلفائف نقية واخفوه الى ان انقضى زمان الاضطهاد وبنيت له بيعة حسنة ووضع داخلها وأظهر الرب منه آيات وعجائب لا تحصى
فلنسأل الرب بشفاعته المقبولة ان يغفر خطايانا ويسامحنا بآثامنا ويستر هفواتنا ويعيننا على صالح الأعمال قبل فروغ الآجال ويكفينا الضربات الشيطانية والمحن الزمنية والامراض (المتدنية او المعدية ربما)؟ ويعلي نيلنا ويرخص اسعارنا ويربي اطفالنا ويهب النشأة الصالحة لشباننا ويقوي مشايخنا ويجعل باب بيعته مفتوحا في وجوهنا على ممر الدهور والأزمان ويسمعنا الصوت الفرح القائل تعالوا الي يا مباركي ابي رثوا الملك المعد لكم من قبل انشاء العالم ما لم تره عين ولم تسمع به اذن ولم يخطر على قلب بشر بشفاعة سيدتنا كلنا والدة الإله العذراء القديسة مرت مريم (والقديس الشهيد الأنبا بيفا) وسائر الشهداء والقديسين وكل من ارضى الرب الاله بأعماله الصالحة من ذرية ادم الى الابد امين
النص:
المجد لله اب الأنوار والبركات خالق جميع ما في الأرض والسماوات المنزه عن ادراك المعقولات المتعال على كل المخلوقات الممجد من الصفوف والملائكة والقوات المسبح من المراتب والطغمات الذي أوجد الإنسان من العدم وانتخب له اصفياء مختارين من الله فصاروا متبارين على اتباع وساروا في طرقه ولم يتجاوزوا الوصية وجاهدوا واقتنوا الغلبة والظفر وصاروا باتعابهم مساهمين الملائكة النورانيين وارتقوا من المنازل التالية مراتب السمائيين واستقرت نفوسهم الطاهرة في محل الأنوار وثبتوا في نعيم الملكوت الذي ليس فيه كدر ولا بوار فلنسأل الرب الإله شفاعتهم المقبولة مغفرة الخطايا والآثام فيما سلف من السنين والأيام الأن وكل أوان
اما بعد ايها الأخوة الأحباء المؤمنون انه لما كان في مملكة الملك الكافر دقلاديانوس الذي رزل اله السماء وعبد الأوثان النجسة أرسل الى كل المدن والقرى التي تحت مملكته بذلك وكان في مدينة تدعى شفط رجلا بارا نقيا خائفا من الله محبا للأصوام والصلوات والصدقات مواظبا تلاوة الكتب المقدسة اسمه بيفا
وانه لما سمع هذا الخبر النجس استحضر اهل بلدته وقال لهم يا أخوتي ان يوم عرس الختن السماوي قد دنا فمن كان مستعدا ليحضر مع العريس الى حجلته السماوية لان من تعب يسيرا سينال راحة كثيرة اما سمعتم ما قاله الروح القدس على لسان المرتل داود النبي ان المنافقين كمثل الهباء الذي تذريه الرياح عن وجه الأرض فكثيرا هو العزاء والراحة والنياح الذي يكون للصابرين على الشدائد من اجل السيد المسيح لان النبي يقول ايضا ان خلاص الرب هو من عند الأبرار وكثيرة هي احزان الصديقين ومن جميعها يخلصهم الرب وواحدة من عظامهم لا تفسد فاذ لنا مثل هذا الرجاء الصالح فلنسارع ونموت على اسم السيد المسيح ونصير مع جملة الشهداء الذين سفكوا دمائهم وماتوا على اسم السيد المسيح ونالوا الأكاليل غير المضمحلة في ملكوت السماوات وان الجماعة لما سمعوا كلام القديس انبا بيفا امتلأوا خوفا وايقنوا الموت على اسم السيد يسوع المسيح
ثم قال لهم ما بالكم هكذا يا اخوة لأن المخلص يقول في الانجيل المقدس ما من احد يضع يده على سكة الفدان (المحراث) ويرجع الى وراءه يكون مستحقا لملكوت السماوات وقال ايضا ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه وقال انه من احب ابا او اما اكثر مني فما يستحقني ومن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني والأن ايها الأخوة الأحباء لنقوم ونجاهد ما دام السوق حاضر لننال المجد مع ابناء النور ولنحب بعضنا بعضا لأن يوحنا الرسول يقول ان المودة تغطي كثرة الخطايا
وان القديس انبا بيفا لما قال هذا تقدم عند العسكر فنظر الى قس بلدته والأجناد يشحطوه (يجروه) ليمضوا به الى السجن وان القديس انبا بيفا تقدم اليه وتبارك منه وقال له تقوى يا ابي القسيس وتشجع ولا تخاف لتنال الأكاليل الغير مضمحلة في ملكوت السماوات ثم تذكر القديس قول النبي حبقوق اذ يقول لماذا تنظر يا رب عذاب المساكين وانت تميل (تميل نظرك) لأجل هذا يقول المنافق انا ابتلع البار وهو يصنع بالناس كمثل سمك البحر وانه بعد ذلك بسط يديه وصلى هكذا قائلا ايها الرب اله القوات ابو ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح اصنع رحمة مع خليقتك وصنعة يديك لكي يرجعوا عن طرقهم الشريرة لأنك ملجأ المتوكلين عليك وبك يليق المجد أيها الثالوث المقدس الآب والإبن والروح القدس الأن وكل أوان وإلى دهر الداهرين امين وبعد ذلك رشم جبهته بعلامة الصليب المقدس وتقدم الى الوالي وصرخ قائلا أيها الجهلة العمي القلوب ما بالكم تصنعون هكذا بعبيد الله الحي ثم قال انا مسيحي علانية
ثم ان الوالي لما سمع هذا الكلام غضب غضبا شديدا وقال له ايها المكرم انبا بيفا ماذا اتى بك الى هاهنا من غير ان يسألك أحد فأجابه القديس قائلا مخلصي يقول في الإنجيل المقدس ان من انكرني قدام الناس انكره قدام ابي الذي في السماوات ومن اعترف بي قدام الناس اعترفت انا به قدام ابي الذي في السماوات وهوذا انا الأن قدمت الى هاهنا لأنال الأكاليل الغير مضمحلة في السماوات وان الوالي قال له يا بيفا ارجع عن هذا الرأي الفاسد لئلا تموت موتا رديا اجابه القديس بيفا قائلا لا يكون هذا ابدا ايها الكلب النجس ان اترك سيدي يسوع المسيح واعبد الأوثان النجسة
وان الوالي قال له يا بيفا ارجع عن هذه الضلالة الرديئة وبخر للآلهة لئلا تنال عذابا شديدا وان القديس قال له ان موت هذا العالم ليس هو موتا بل حياة دائمة لمن يعترف بابن الله الحي لأن فخر هذا العالم زائل وحلاوته غير دائمة والويل لمن تمسك به واما انتم ايها الكفرة المعاندين للحق فسوف تنالون عذابا عظيما واما انا فليس اعبد الا الاله الواحد الخالق الذاتي سيدي يسوع المسيح وان الوالي قال له هوذا انا الأن اسمع كلامك واطيل روحي عليك والان تقدم مسرعا واحمل البخور للآلهة فقال له القديس قد قلت لك مرة واثنتين ان هذا لا يكون ابدا ان اترك الهي السيد المسيح واعبد الأوثان النجسة
وان الوالي لما سمع هذا الكلام غضب غضبا عظيما وامر ان يرفع القديس على المعصرة ففعلوا به ذلك وعصروه الى ان تقطعت اعضائه وانه صرخ قائلا يا سيدي يسوع المسيح ابن الله الحي اعني وخلصني وان الوالي قال له هوذا انا الأن اعذبك الى ان انظر ان كان يسوع يأتي ويخلصك من يدي وللوقت نزل ملاك الرب من السماء وكسر المعصار نصفين وخلص القديس ولم يصيبه الم البتة وان الاعوان لما نظروا الى هذا تعجبوا كثيرا وامنوا بالسيد المسيح وان الوالي لما رأى هذه الأعمال غضب جدا وامر الاشراط ان يعذبوا القديس وانهم لما قصدوا ان يمدوا ايديهم اليه تيبست للوقت وان الوالي اشار اليهم بيده لكي ما يعذبوه وللوقت تيبست يده ايضا وصار لا يقدر ان يتحرك من مكانه وسائر الحاضرين عميت ابصارهم ولم يقدروا ان يتحركوا من اماكنهم وان الجمع صاحوا قائلين ارحمنا يا قديس الله انبا بيفا وخلصنا من هذا العذاب الشديد وان الوالي قال له ايها الساحر ما هذا الذي صنعته بنا حلني الان لكي اريك قوتي واعذبك الى ان تعترف بالآلهة الكرام وان القديس تحنن عليهم ورشمهم بعلامة الصليب وللوقت عوفيوا
وان الوالى امر ان يرفع القديس على سرير حديدي ويحمى تحته بالنيران ففعلوا به ذلك وهو صابرا عليه بقوة السيد المسيح وانطفئ لهيب النار وانكسر السرير الحديد لنصفين ولم يصيبه الم البتة ثم قال للوالي اسمع ايها الوالي الكافر ماذا قال داود النبي عن الهتك المرذولة قال هكذا ان الهة الأمم ذهب وفضة لها اعين ولا تبصر ولها اذان ولا تسمع ولها ايدي ولا تلمس ولها ارجل ولا تمشي ولها حناجر وليس فيها صوت فليكن صانعوها مثلها وكل من يتوكل عليها ويعبدها وربنا يقول في الانجيل المقدس احبوا اعدائكم وباركوا على لاعنيكم واحسنوا لمن يبغضكم وهوذا انا لا اخالف قول سيدي ومخلصي بل اتبعه الى الموت لأنال الحياة الدائمة التي لا زوال لها
وان الوالي لما سمع هذا الكلام غضب غضبا شديدا وامر الاشراط ان يربطوا القديس ويجعلوا في عنقه طوق حديد ويربطوا يديه الى خلف بسلاسل من حديد ففعلوا به ذلك ووضعوا لجاما في فمه واشهدوه للمدينة كلها قائلين هذا يفعل لمخالفي الملوك ومن لا يسجد للآلهة الكرام وبعد ذلك ضربوه ضربا كثيرا وكان القديس صابرا على هذا كله بقوة السيد المسيح وهو يصلي قائلا اشكرك يا رب الذي (لأنك) جعلتني مستحقا ان اتألم على اسمك القدوس فلما كان بعد ذلك امر الوالي ان يمضى بالقديس الى السجن ففعلوا به ذلك
وكان داخل السجن قس البلدة وكان القديس يصرخ قائلا خلصني يا ربي يسوع المسيح يا ابن الله الحي الممجد وكانوا القديسين داخل السجن يقولون له طوباك يا بيفا اخانا لأنك صبرت على الأتعاب من أجل السيد المسيح هوذا الأكاليل الغير مضمحلة معدة لك وقد ظهرت ابات الرب في جسدك وصارت لك علامات الغلبة من أجل العجائب التي صنعتها بقوة المخلص فقال لهم القديس اغفروا لي يا اخوتي الأحباء ليس هذا كله لي ولا هو من قبلي بل هو لله الحي مخلصي يسوع المسيح فيجب علينا يا اخوتي الأحباء ان لا (كلمة غير واضحة غالبا هي: ننفر أو نيأس) من الشدائد التي تأتي علينا لكن نصبر لننال اكليل (الفرج او الفرح) والغلبة لأن اتعاب هذا العالم الزائل لا توازي المجد المزمع ان يظهر فينا كما قال بولس الرسول ثم ان القديس قال للقس صلي علينا يا ابانا القديس لأجل انك كاهن الله العلي
وان القس وبقية القديسين صلوا الى الرب يسوع المسيح ان يثبتهم على الإيمان المستقيم ويكون معهم الى الانقضاء ويخلص العالم من المحن والتجارب وللوقت ابتهجت نفوسهم جدا وان الاشراط مضوا الى الوالي واعلموه بما قال القديس الأنبا بيفا وانه يمنع الناس من السجود للآلهة وان الوالي لما سمع هذا الكلام غضب غضبا عظيما وقال للأعوان امضوا بسرعة وكبلوه بالحديد واتوني به لكي امحق (أهلك) اسمه مع بقية العالم من النصارى الى ان يعودوا ويبخروا للآلهة وان الأجناد الذين مضوا ليحضروا القديس امسى عليهم الوقت فدخلوا الى بلدة تسمى شفط وهي بلدة والد القديس انبا بيفا وادخلوا القديس ومن معه الى بيت مظلم
فلما كان الغد حضر الوالي الى البلدة المذكورة وامر بإحضار القديس انبا بيفا وقال له ايها الجاهل تقدم الان مسرعا واذبح للآلهة لئلا تموت موتا رديا فقال له القديس قد قلت لك ان هذا لا يكون ابدا ان اترك الهي يسوع المسيح واعبد الأوثان النجسة وان الوالي قال له دع عنك هذا الكلام لئلا تموت موتا رديا فقال له مهما اردت ان تفعله افعله سريعا قاني محتمل في جسدي جراح ربنا يسوع المسيح الذي نزل من السماء لأجل خلاصنا نحن البشر وتجسد من العذراء القديسة مرت مريم سيدة نساء العالمين وتألم وصلب وقبر وقام في اليوم الثالث وأقامنا معه وخلصنا من خطايانا وكسر اقفال الجحيم وانقذنا من آثامنا وهو الأن معي يخلصني ويحميني (أو ينجيني) فلا أخاف من عذابك أيها الكافر الملعون
وان اصحاب الوالي قالوا له يا سيدنا احرق هذا الرجل وهو حي لئلا يضل اهل المدينة وان الوالي غضب جدا وقال للأعوان خذوا قضبان حديد محمية بالنار وضعوهم في أذان بيفا حتى يصنع ارادتي حينئذ الأعوان فعلوا كذلك وكان القديس يصرخ قائلا يا سيدي يسوع المسيح مقوي الشهداء اعنني وللوقت حلت عليه قوة الرب وصار كأنه لم يصيبه الم البتة وكان الأعوان يضربوه وهو لا يتألم وان الشرط تعجبوا من ذلك كثيرا واعلموا الوالي بذلك وانه امر ان يرفع على المعصرة ففعلوا به ذلك وللوقت صرخ القديس اعنني يا مخلصي يسوع المسيح ابن الله وان الوالي قال له يا بيفا وحق الآلهة لأعذبنك عذابا شديدا حتى انظر ان كان يسوع يأتي ويخلصك من يدي ولما قال هذا واذا ملاك الرب نزل من السماء وخلص القديس وكسر المعصرة وصار كأنه لم يصيبه ألم البتة
فرفع صوته وقال للوالي ايها الجاهل الغير انسان الذي ليس له اله انظر الان الى قوة سيدي يسوع المسيح كيف خلصي من يديك ايها الكافر وان الوالي غضب جدا وامر ان يوضع القديس في قدر نحاس ويوقد تحته النيران ففعلوا به ذلك الى ان ارتفع اللهيب جدا وان القديس صلى الى الله ان يخلصه عاجلا وللوقت امر الرب النار فخمدت وصار لهيبها كمثل الندى البارد ولم يضر القديس ولم يؤلمه وانكسر القدر نصفين ولم يصيب القديس الم البتة بل خرج سالما كمثل من خرج من وسط روضة طيبة
حينئذ لما رأى الوالي ذلك غضب كثيرا وصرخ قائلا ما اعظم سحر هذا النصراني بيفا ماذا اصنع به لأنه قد اطغى اهل المدينة كلها وان جليس الوالي قال له هوذا انا اقوم ادخل وسط هذه النار وانا اعلم ان قوة الآلهة معي لا تؤلمني حرارتها وانه قام مسرعا وفعل ذلك وللوقت احرقت النار رجلاه ولم يقدر ان يتخلص ولا ان يدنوا منه احد وان القديس تحنن عليه وقال له ايها الشقي اخرج الان من هاهنا فإن اوان احراقك قد دنا في نار جهنم فخرج من وسط النار وهو مفتضح
وان الوالي لما رأى هذه الأعمال غضب كثيرا وامر ان يلقى (القديس) في اتون النار وهو مكبل اليدين والرجلين بقيود حديد ففعلوا به ذلك وان القديس صلى هكذا قائلا ايها الرب الاله الذي خلق السماء والارض وكل ما فيهما الذي بيده كل شئ المالك لمخلوقاته فأنه الفاعل فيهم ارادته وحده الذي كان مع الاباء الرسل وخلصهم من جميع شدائدهم واعانهم الى ان ردوا المسكونة الى معرفة الحق وخلصت الثلاثة فتية من اتون النار المتوقدة ببابل الكلدانيين انت ايها الرب بقدرتك العظيمة قادر ان تغير هذه النار الحامية الى البرودة والليونة كما ان بقدرتك العالية اخرجت الماء من الصخرة الصماء أسألك الأن ان تخلصني عاجلا لكي ما افضح هؤلاء الكفرة الجاحدين الوهيتك يا ابن الله الحي الممجد الى دهر الدهور كلها امين
حينئذ نزل ملاك الرب من السماء الى وسط الأتون ونفض اللهيب للخارج وصار الاتون كالندى البارد وحل وثاق القديس وشفى جراحاته وقواه وعزاه واعطاه السلام وصعد الى السماء بمجد عظيم وان القديس خرج من وسط الاتون كمثل من خرج من وسط روضة طيبة وقال للجند الموكلين بالوقيد قوموا يا اخوة فان السيد المسيح الهي لم يتركني الى الانقضاء لكن برحمته افتقدني وخلصني بيد ملاكه العظيم وهوذا انا طيبا سالما معافى اتيت لأفضحكم مع ألهتكم الأنجاس
وان الشرط مضوا الى الوالي واعلموه بكل ما عاينوا وسمعوا فغضب جدا وان جلسائه اشاروا عليه ان يرسله الى القصر الذي هو عليه جندنا (أو خبرنا الكلمة غير واضحة) لكي ما يعذب هناك وان الوالي ركب ليمضي الى قصر تشلا وبصحبته القديس انبا بيفا مكبلا بالحديد والقيود وانه لما وصلوا تشلا (او بسلام) جلس الوالي في مكان الحكم وامر بإحضار القديس انبا بيفا وقال له ايها الجاهل هوذا انا الان اتيت الى هاهنا لكي ما ابيد سحرك وامحق اسمك فقال له القديس مهما اردت ان تفعله افعله سريعا لأني لا اغير ايماني المستقيم بربي يسوع المسيح وان الوالي امر ان يُمضى به الى السجن ففعلوا به ذلك وكان بصحبته قس البلدة وان الأثنان كانا يتحدثان بعظائم الله وفيما هو كذلك واذا قد لحقه سباتا فنام فرأى السماء مفتوحة وانسانا نورانيا قائما في وسط السماء وبيده اكليلا مضيئا جدا وفي يده الأخرى تاجا مرصعا بالجواهر الرفيعة وهو يقول له افرح يا بيفا فان هؤلاء قد اعدهم السيد المسيح لك وللوقت استيقظ واخبر القس بكل ما رأى وقال له يا ابي لنجاهد ما دام الوقت معنا ونموت على اسم السيد المسيح لننال الظفر والغلبة
وفيما هما يتكلمان بذلك اذ ارسل الوالي الاعوان فأتوا بالقديس انبا بيفا اليه فقال له أيها الساحر تقدم الأن مسرعا وأحمل البخور للآلهة لئلا تموت موتا رديئا وان الوالي امر ان تثقب كعابه ويديه ففعلوا به ذلك وهو صابرا عليه بقوة السيد المسيح ابن الله ولم يناله الم البتة وان الوالي صرخ قائلا الويل لي اليوم من هذا النصراني بيفا وماذا اصنع به لأجل هذه الأسحار التي يصنعها باسم يسوع الناصري واما القديس فكان يتقوى ويتشجع بالسيد المسيح وبعد ذلك أمر ان يربط القديس في ذنب (زيل) حصان ويطاف به المدينة كلها ففعلوا به ذلك ولم يناله الم البتة وان الجمع لما رأوا هذه الأعجوبة صرخوا قائلين واحد هو اله القديس انبا بيفا وان الوالي لما رأى هذه الأعمال غضب جدا وكتب قضيته لتؤخذ رأسه المقدسة بحد السيف وان الجند أخذوه الى حيث يكمل جهاده
فبسط يديه وصلى هكذا قائلا أيها الرب الإله خالق السماوات والأرض ما لا ترى وما لا يرى (أو ما يرى وما لا يرى) الواحد وحده اسألك يا ربي والهي في كل من يدعوك باسمي اذا كان في شدة أو ضيق في البر أو البحر أو الطرق المسلوكة او قدام احد الحكام او برية مخوفة أو من احد الوحوش الضارة اسمعه عاجلا من علو سمائك المقدسة وكل من يكتب سيرة شهادتي والاتعاب التي قبلتها على اسمك القدوس اكتب اسمه يا رب في سفر الحياة وكل من يعطي صدقة باسمي او قربان لبيعتي أو يطعم او يسقي عطشان او يكسي عريان او يفتقد محبوس أو يصنع شيئا من الخير باسمي اعطيه يا رب حظا مع الأبرار في ملكوت السماوات وكل من يكفن جسدي استره في يوم الدينونة بنورك الإلهي وكل من بنى بيعة باسمي اسكنه يا رب في بيعة الأبكار السمائية وكل من حلف في بيعتي كاذبا انتقم منه عاجلا وأغفر خطايا شعبك المؤمنين باسمك وخلصهم من الضيقات والشدائد لأن لك المجد الى الأبد امين
ولما قال هذا واذا بصوت من السماء يقول لقد قبلت طلبتك يا عبدي بيفا تعال الى اماكن النياح لتتنعم مع جميع القديسين وتفرح هوذا مسالتك؟ (كلمة غير واضحة ربما تعني مناك او جهادك او سؤالك او مسألتك) تم وان القديس ابتهجت نفسه كثيرا وقال للجند اكملوا ما امرتم به فتقدم احدهم وانتبه؟ وضرب رأسه المقدسة بحد السيف وهكذا أكمل جهاده المقدس ونال اكليل الشهادة في اليوم الرابع والعشرين من شهر طوبة وان الجند رأوا نورا عظيما نازلا على جسد القديس بيفا ومن عظم تحنه؟ (كلمة غير واضحة ربما تعني عظمته او طوله او محبته) امنوا بالسيد المسيح وأخذوا الجسد المقدس وكفنوه بلفائف نقية واخفوه الى ان انقضى زمان الاضطهاد وبنيت له بيعة حسنة ووضع داخلها وأظهر الرب منه آيات وعجائب لا تحصى
فلنسأل الرب بشفاعته المقبولة ان يغفر خطايانا ويسامحنا بآثامنا ويستر هفواتنا ويعيننا على صالح الأعمال قبل فروغ الآجال ويكفينا الضربات الشيطانية والمحن الزمنية والامراض (المتدنية او المعدية ربما)؟ ويعلي نيلنا ويرخص اسعارنا ويربي اطفالنا ويهب النشأة الصالحة لشباننا ويقوي مشايخنا ويجعل باب بيعته مفتوحا في وجوهنا على ممر الدهور والأزمان ويسمعنا الصوت الفرح القائل تعالوا الي يا مباركي ابي رثوا الملك المعد لكم من قبل انشاء العالم ما لم تره عين ولم تسمع به اذن ولم يخطر على قلب بشر بشفاعة سيدتنا كلنا والدة الإله العذراء القديسة مرت مريم (والقديس الشهيد الأنبا بيفا) وسائر الشهداء والقديسين وكل من ارضى الرب الاله بأعماله الصالحة من ذرية ادم الى الابد امين