سيرة القديسون العظماء مار ميخائيل واخته سيراس ومعلمه مار يوسف من المخطوطات الأصلية

karas karas

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
13 مارس 2022
المشاركات
602
مستوى التفاعل
524
النقاط
93
سيرة القديسون العظماء القديس ميخائيل واخته سيراس ومعلمه مار يوسف مترجمة عن السريانية نقلا عن مخطوط لكنيسة الشهداء الأربعون عربي رقم 993 من القرن العشرين هؤلاء القديسين غير معروفين حاليا ولا توجد لهم صور أو أيقونات عيدهم يوم 1 مايو

نص المخطوط :

قصة القديس ميخائيل واخته سيراس ومعلمه مار يوسف في الجيل (القرن) الثاني

الحمد لله واجب الوجود ومظهر المخلوقات من العدم الى الوجود . الذي لا تدركه العقول والحدود . المنزه عن النداد والاعراض والضدود . المتفرد بالوحدانية والكرم والجود . الذي بحكمته ابدع الملائكة المقربين وجعلهم اصنافا وجنود. والهمهم التسبيح والتقديس والسجود . ثم خلق بفضله ادم واسكنه جنة الخلود. واباح له جميع الثمار ما خلا شجرة العود . وسلطه على الحيوان والطير بأمر محدود . يراقبه حافظا العهود . فلما جارى ابليس وابى عن السجود . هبط مع تابعيه بقطفه الثمرة من شجرة العود . وحشر محشر ابليس اللعين الذي خالف وعد المولى الكريم المعبود. ثم اصطفى من نسله اصفياء وجعل مأواهم النعيم ودار السعود . واما التابعين ابليس وزلته فجعل مأواهم النار والدود . نحمده حمد المخلصين في حسن ولائه قبل ان تطمنا المنية في اللحود ونشكره على الائه (انعامه) ليكون لنا حظ مع اصفيائه يوم الحكم العظيم المشهود .

واما بعد فان وخاريت (قصائد ومدائح) القديسين فرضت علينا انجازها نحن المؤمنين. لكي نسمع مجاهدتهم مع الشيطان الرجيم .وكيف قهروه لأجل محبة الرب العظيم. فأما هذا القديس الطاهر النفيس ماري ميخائيل الذي اصطفته العناية الربانية من بحر الغواية مثل فولوس (بولس) الرسول بغير وسيط من البرايا . هذا الذي لم يدنسه سيان الخطية . وفاز من ربه بالموهبة الروحانية. هذا الذي ترك ملك ابيه الحنيف وقصد ملكوت السماء بعقله اللطيف . هذا الذي نجا من عبادة الأصنام واختار لنفسه عبادة رب الأنام . هذا الذي خلص اخته سيراس من تيه الضلالات فنجت وصارت باختيار الله مع البتولات .

ان خبر هذين القديسين عجيب . وامر مجاهدتهما غريب . وذلك ان مدينتهما كانت في حدود بلاد الروم واسمها قونيا . وكان ابوهما نمرود بالاسم صغير وبالأفعال الرديئة كبير. وكان يعظم ألهة الصنميين ويفتخر بعبادة الشياطين . ويقرب ذبائح للشمس والكواكب وهو على فلك الخطايا والآثام راكب. وكان له ولدان ابن اسمه ميخائيل وبنت اسمها سيراس . فلما بلغ ميخائيل من العمر خمسة عشرة سنة دخل يوما بيت الاصنام وحده فوجد الصنم مزخرفا للسجود . فما سجد له . ثم دنا منه يخاطبه فما رد عليه . ثم هزه فلم يهتز . فعلم انه من الذهب والنحاس مصنوع لا يحس ولا يسمع ولا يضر ولا ينفع . ففي الحال حلت على القديس عناية الرب القوية وانجلت عن عينيه الظلمة الشيطانية . وقال ان هذا ضلال مبين . الويل لمن كانوا له من الساجدين . فأما انا لا اعبد الا الله خالق البرايا ومنشئهم بعد عدمهم من رميم الرزايا . فانكر عليه ذلك خادم الاصنام وناواه . ومضى فاخبر اباه .

فلما سمع ابوه امر بإحضاره ولما مثل بين يديه اخذ يخاطبه قائلا . اما تعلم يا ابني ان لا اله غير اصنامي . لماذا ترفضهم وتأبى كلامي . فقال له القديس يا ابتاه راقب ربك واستغفر لديه عن ذنبك . ولا تكن من الضالين فتحشر مع ابليس اللعين . يوم الحكم والدين . يا ابي اما تعلم ان لا اله غير الذي خلقك وعلى خلقه بغير استحقاق قد سلطك . وهو يحيي ويميت وهو لا يموت . وعلى كل شيء قدير. اما اصنامك فإنها لا تضر ولا تنفع ولا تبصر ولا تسمع . وكل من يعبدها الى الهاوية والنار يًدفع . فأجاب الملك وقال . لقد ضللت يا ولدي ميخائيل اما تعلم ان هؤلاء الالهة نشأوك ومن تيه الاباطيل نجوك فتب اليهم وتأدب . واستغفر عن ذنبك وتهذب . ولا تكن من الضالين لكي لا تصير من الهالكين . واعلم انك لست عندي اعز من الهتي وان كنت ولدي وهشاشة كبدي . اجاب ميخائيل بأعلى صوته وقال . انك يا ابتاه جاهل وعقلك عن الحق مائل وحق الذي ارشدني ومن بحر الضلالة انقذني . اني بالهتك كافر . وبعبادتهم قاصر . ولرب الارباب ناظر . ومن ملكك نافر .

فعند ذلك غضب الملك غضبا شديداً . وامر ان يقيدوا ولده بقيد من حديد . ويلقى في السجن زمنا عتيدا لعله يعود عن عزمه بالتهديد . ولما القي في السجن . قضى ليله في الصلاة بتخشع وحزن . فأشرق عليه نور السيد يسوع المسيح . وملأ قلبه من العزاء والسلوان والتسبيح . ولما اصبح الصباح وجلس ابوه على كرسي مملكته وطاح . انفذ في طلب ولده . ولما احضر اليه . قال له يا ولدي أريد ان تكفر بما انت عليه . واعلم ما انت قادم اليه كن لي سامعا وتقدم اليوم وقدم ذبيحة للأصنام لعلها تغفر ذنبك ولا تهان (انت) . فصرخ ميخائيل بأعلى صوته وقال . اني كافر بما انت قائله ورافض ما انت تابعه وممتثله . فلما سمع ابوه ذلك منه امر بضرب عنقه وحرق جسده دون اشفاق عليه . فتقدم اذ ذاك من حضر عنده من النواب والوزراء والكتاب . وقالوا له . ليس هذا بصواب فالأصلح لك ان تحقن دمه ولا ترى عينك موته . نشده على بغلة زعرة (سيئة الطبع) ونطلقه في ارض وعرة . حتى يموت بعيدا ولا يتشفى بك الحساد والاعداء .

فاستحسن الملك قولهم وقبل مشورتهم فشدوا القديس على البغلة واطلقوها دون ان يتبعها احد او يقفوها (يقتفي اثرها) . فصارت تقطع الجبال والصحاري وتعبر المياه البراري ولم يقدر احد ان يردها او يمسسها حتى وافاها ملاك الرب الى حدود نصيبين بعناية رب العالمين . وكان شمالي مدينة كفرتوثا جبل عظيم جدا لم يطرقه احد من البشر لكثرة وحوشه وهول علوه واحتباك (تشابك) اشجاره وشدة طرقه . وفي طرف الجبل صومعة قوية الاركان شاهقة البنيان كان يسكنها حبيس اسمه يوسف ذو علم وعمل وفي العبادة عاسف عامل عجائب ومعجزات وفاعل آيات باهرات . فلما وصلت البغلة الى تلك الناحية وحياتها من اتعاب الشقاء راحية (أو ذاهبة) . قال الهاتف في المنام . ايها الحبيس يوسف ابشر بالسلام . ان غدا يأتيك ولد الإيمان وهو يرث مقامك . ويكون ولي عهدك من بعدك .

وعندما اصبح الصباح ولاح . واذا بالبغلة وعليها غلام كالمصباح وقد ربطت تحت الصومعة قائمة (أو نائمة). لا يقام لها قائمة. وانحل القديس من شدته بأذن الله . وخاطبه الشيخ واليه استفاه . فأخبره بما تم له مع والديه وكيف وصل بعناية الله اليه . فقال له الحبيس ابشر يا ولدي واهنأ . لأن نعمة الله أوصلتك الى هنا . انك قد خلصت من عبادة الشيطان . وصرت حرا عتيق الرحمن . طوبى لنفسك لأنك فزت بالأيمان . واقام عنده مواظبا معه الصوم والصلاة . ومنعكفا على العبادة سائر الأوقات . ومن بعد وصول القديس ميخائيل الى الحبيس بمدة شهرين دنا وقت انتقاله فعلم يوسف الحبيس مار ميخائيل القديس شروط الوحدة وطرائق (طرق ) الحبوسية وقضاء الحدود الفرضية وترك الأفكار الردية . وتنيح الحبيس يوسف يوم الاربعاء اول ايار(مايو) . واجتمعت الى تجنيزه شعوب كثيرة وصلوا عليه بأجمعهم ووضعوا جسده في تلك المغارة التي كانت تحت الصومعة وتسلم مقامه القديس ميخائيل بالاعارة .

اما ما كان من اخت القديس . فمن الوقت الذي فارقها اخوها تركت اهلها ووالديها وغلمانها وجواريها . وكانت تبكي ليلا ونهارا على فرقة اخيها وبهجة فؤادها . ولم تكن تأكل وتشرب من حزن قلبها . وما اعطت العين قرارها (اي النوم) على ما اوحشها واغاظها . فلما سمع بذلك ابوها دعاها اليه وطيب خاطرها . وعزاها وقال لها يا سيراس لا يحزنك فقد اخوك الذي اهلكته الالهة ووقوك لأنه رزلهم ومقتهم ولم يسجد لهم . انت روحي وحياتي فاسمعي كلامي ومشورتي. اجابته القديسة سيراس. يا ابي لا تكثر علي كلامك لأنني غير سامعة له لمخالفته الصواب واطاعة الحق اولى بلا ارتياب . انني لا اعبد الهتك ولا اقدر ان اتخلى عن اخي واتبعك . قال لها ابوها يا ابنتي توبي عما انتي فيه . ولا تكشفي سرنا المخفي . لأنك انت ولية عهدي ومدبرة مملكتي من بعدي . لأنه ليس لي وريث يرثني غيرك ولا لي منتظر (رجاء) اخر سواك . فقالت له القديسة الطوباوية . حاشا لي ان اكون وريثة عابد الاصنام والشياطين ومقتفية اثر الضالين والهالكين . انني قد ملكت نفسي للختن ( العريس) السماوي يسوع المسيح . فإياه لنا تابعة وباسمه انا مؤمنة وله انا ساجدة وبك وبأصنامك جاحدة .

قال لها ابوها يا سيراس لا يدخل فيك جنون اخيك . الذي اهلكته الاصنام واقصوه عني وعنك . وهكذا انت ايضا سيصيبك ان دمتي في طغيانك . لستي اعز من الهتي ولا اكرم من معبوداتي . بهم اقسم وباسمي وبرأسي ان كنتي لا تعودين عن هذه الضلالة الحقك بأخيك فتكوني في اسوء حالة . فقالت له القديسة وحق الذي ارجو عنايته . وانا واثقة بقوته اني لا اترك عبادته ولا ايأس من رحمته . انا مؤمنة بيسوع المسيح له السجود والتسبيح . وانا مؤمنة بما امن به اخي الفائز . ومقامك عند الان بمقام ابليس البائس لأنك لا تؤمن بيسوع المسيح الرئيس . انني طالبة من قاضي الحاجات ان يجمع شملي بأخي قبل الممات .

ولما سمع الملك هذا الجواب من ابنته غضب غضبا شديدا وامر من حضر عنده من حاشيته ان يلقوها تلك الليلة في السجن حتى يتفكر كيف يهلكها بالعذاب والحزن . ولما حبست القديسة رفعت نظرها نحو السماء . وبدأت بالصلاة والدرس حتى طلوع الشمس . طالبة من الله لكي يخلصها من كفر ابيها ويوصلها الى عند اخيها . ولما كان الغد احضر الملك ما اعد ثم قال ائتوني بتلك الجاهلة ابنتي التي ازدرت بآلهتي . ولما حضرت قال لها لتعتبر وتطيعه فيحبها . وحلف بآلهته ان لم تسمع لقوله سيعذبها . ومن بيته يطردها . وباخيها يلحقها . فقالت له اني لا اكفر بربي والهي يسوع المسيح اما انت فافعل ما شئت من ارتكاب الشر والقبيح . فامتلاء قلبه اذ ذاك خبثا عليها وامر الشرط بقطع لسانها وتقليع عينيها فامتنعوا من ذلك لأنها ابنة الملك ومن ثم اشتد غضبا وسل (استل) سيفه وضرب كل من وجد نحو عشرين رجلا بالعدد .

ثم امر قوما من اشر غلمانه ان يخرجوها من لقائه ويمضوا بها الى البحر ليغرقوها فيه . فأخذها الغلمان ومضوا بها الى البحر وهي تصلي الى الله وتبتهل لكي ينجيها من ايديهم ويوصلها الى اخيها واميرهم . ولما وصلت الى البحر شعل (اشعل) الشيطان في قلوب الشرط حبها وارادوا ان ينجسوا جسدها ويقعوا في الخطية معها . ويفسدوا بتوليتها . فكشف الله لها ما عزموا عليه فطلبت منهم مهلة ساعة زمنية حتى تغتسل بالماء وتصير نقية ولما بعدت منهم قليلا رفعت عينيها نحو السماء وصلت قائلة . يا قاضي الحاجات . يا مجيب الدعوات . يا قابل الطلبات . يا غافر الزلات . يا ماحي السيئات . يا سيدي يسوع المسيح انت رجائي واليك ملجئي . وبك استجاري (بكل استجير) يا كاشف (عارف) بلواتي (مصائبي) . اتوسل اليك واتضرع بين يديك . يا رب الارباب نجني من هؤلاء الذئاب . الذين عزموا على ان يخرفوا في جاريتك الانياب . وصلني برحمتك الى محل اخي تابعك بلا ارتياب . لأنك انت الموفق والصائن كل بكر وشاب .

ولما اتمت القديس صلاتها القت في البحر نفسها دون ان تخشى هياج الامواج . ولا مطاردة الافواج . فلما نظر الشرط عدم عودتها وابطائها سارعوا نحو الماء فلم يجدوها فازدادوا بذلك غما شديدا . وظنوا انها قد غرقت واختفت وكان فيهم شخص شاب يحسن السباحة فهم لينقذها لتجد الراحة . ورمى بنفسه في الماء مفتشا عليها . ولما لم يجدها وقطع الرجاء منها خرج من الماء . ولما عزم هو ورفقته ان يرجعوا عند الملك اذا بالقديسة قد ظهرت فوق الماء كسمكة سابحة وهي صبيحة الوجه نيرة مثل الشمس وابتدأت تبكتهم على وحشة ضميرهم ورداءة سيرتهم . ثم غابت عن اعينهم . فعادوا واعلموا الملك بما تم عليهم . فشكر اصنامه الذليلة . وجحد نعمة الرب الجليلة . ودام على كفره الى حين انتهاء اجله .

اما القديسة فبدأت تسير في المياه حتى وافاها الحين والقضية الى عين باقبرا في صومعة اخيها غربي شمال . وكان قبلي( جنوب) العين بركة تجتمع اليها المياه لأجل سقي البستان . فنزلت إليها لأنها كانت عريانة وإذ كان أخوها ساهراً في الصلاة طول الليل أبصر فوق البركة نوراً يضيئ كالشمس أو كقمر يضيئ في وسط الليل الحندس (أي الشديد الظلمة) . فقال القديس أن هذا لأمر عجيب ومنظر مذهل غريب . فقصد الاقتراب إليه والاطلاع عليه . ولما بلغ من البركة . نادته سيراس باللسان الرومي باسمه فأجابها القديس وهو متفكر ومتعجب . ثم قالت له يا ميخائيل أخي كيف كان وصولك الى هنا وكيف انت مع ربنا . اجابها ميخائيل يا سيراس الناجية ان ربي وربك واحد جل ثناءه من مؤمن وجاحد . ثم أخبرها عن حاله ووصوله واخبرته هي أيضا بحالها ووصولها وبشوقها الى لقائه . ومجدا كلاهما الرب سبحانه وتعالى . وكانت القديسة تقضي طول نهارها في المعين (القلاية او معبدها الخاص) وليلتها في البركة , تصلي وتبكي وتخدم ربها بطهارة ولنعمه شاكرة حتى دنا وقت وفاتها فاستدعت اخاها وقضت معه نحبها . وسلمت نفسها الى ربها وكان ذلك يوم الخميس أول ايار (مايو) سنة اربعمائة وستة وتسعين للإسكندر .

وكان في كفرتوثا والي اسمه يونس وله ولد وحيد طوال عمره متوسوس . وقد عجزت الأطباء عن معالجته . هذا جاء (له) في منامه ان يأخذ ولده ويمضي الى القديسين الذين في الجبل فيرزق ولده (ب) الشفاء. فلما انتبه الوالي من نومه استفسر عن مكان القديس ميخائيل ثم اخذ ابنه اليه واتفق عندئذ وفاة القديسة سيراس فلما ارتقى الجبل وجد القديسة قد توفيت وعامود نور ساطع يشرق عليها . وملائكة السماء ناشرين اجنحتهم مثل الطيور فوقها ورائحة أذكى من المسك والعنبر تعبق وتفوح من جسدها فنزل الوالي بنفسه واصعد جسد القديسة وكفنه بأفخر الثياب ووضعه في تابوت من العاج . ثم قبره (دفنه) تحت صومعة اخيها وكان اخوها يصلي عليها . ولما رأى الرب عاطفة ايمان الوالي ومحبته وسمع صلوات القديسين لأجل ولده فمن عليه بالشفاء فمضى الى بيته بفرح وسرور . ثم بنى على قبر القديسة قبة مربعة تذيع للمارين ما حباه الله من جزاء البر والحبور .

ولما شاع خبر هذه الأعجوبة كان كل من يسمع يأتي لزيارة قبر القديسة وطلب صلوات القديس ميخائيل فيُشفى من جميع ما فيه بصلواتهما . وكان الوالي في كل سنة يحضر ويحتفل بعيدها . وكان لملك تلك الناحية ابن عزيز اسمه قوباد مبتلي بالوسواس ووجع الفؤاد . وقد عجز حكماء البلد عن مداواته . فلما سمع يونس الوالي مضى فاخبره بما كان من امر ولده وكيف شفي بصلوات القديسين فاخذ الملك ولده وجميع جنده وقصد القديس ميخائيل وفي تلك الليلة شفي ولده من وجعه . فلما رأى الملك هذه الآية العظيمة بعث في الحال فاستحضر صناعا ومعلمين بالعدد اربعين وبنى حول الصومعة والقبة ديراً مؤيداً واوقف له اوقافاً وجعل فيه للرهبان رحاة ( ربما تعني مكان فسيح أرض مستديرة او عظمة وجاه او الرحى التي تطحن القمح ) وبستاناً واهتم بعمارته جداً حتى وصل عدد رهبانه في ايامه الى اربعين راهب وحبيس واحد .

وفي أيامه تنيح القديس ميخائيل على هذه الصورة فإنه قبل انتقاله بثلاثة أيام رأى رؤيا قيل له فيها أبشر و افرح أيها المغبوط لأنك بعد ثلاثة أيام ستنتقل بسلام وتحظى بنعيم رب الأنام . ولأنك رذلت مملكة أبيك الفانية سترث ملكوت ربك الباقية . وعوضاً لرفضك العالم المحسوس سيخلدك في العالم الروحي المعقول . حيث لم تنظره عين ولا سمعت به اذن ولا خطر على قلب بشري . ولما انقضت الأيام الثلاثة بدأ بانتظار الساعة وقام يصلي ويطلب الى الرب قائلاً . اللهم اني اسألك واتوسل بين يديك فأغفر لي ذنوبي وخطاياي وأغفر لكل من أخطأ إلي واقبلني برحمتك وأحشرني (اسكنني واحسبني) مع قديسيك في ملكوتك . واقبل صلاة كل من يدعوك ويستغفر باسمك وباسم ضعفي . استجب دعاء كل من يستشفع باسمي . واقبل قربان كل من يقرب لاسمك القدوس عند قبري وسكينتي (صومعتي او مسكني) . وكل نذر وهبة قدمت باسمي . وكل من يبني او يرمم بيعة أو ديرا باسمي ارحمه وارحم والديه واكتب اسمه في درج (سفر) الحياة . واسكنه في بيعة الأبكار السمائية . وكل بلد او مدينة او قرية يجتمعون ويعملون عيداً أو تذكاراً أو قرباناً أو سهراً باسمي اعبر (ابعد) عنهم كل المصائب والبلايا والآفات . وأغمرهم بالنعم والخيرات والبركات . وامحي اثامهم وخطاياهم . وارحمهم وارحم موتاهم . واقبل روحي المسكينة .

ولما انتهى من صلاته رسم ذاته بعلامة الصليب ونام على حصيرة واسلم روحه الى ربه يوم الجمعة اول ايار (مايو) . وعند مفارقة نفسه جسده امتلأ ذلك الموضع نوراً عظيماً . وفاحت فيه نسمة عطر ذكية وشاع خبر وفاته في كل البلد فاجتمع لتجنيزه عوام كثيرون وسمع أيضاً والي كفرتوثا واتى مع قسان وشمامسة وانزلوا جسده الطاهر في الصومعة وصلوا عليه سبعة ايام وسبع ليال وحفروا له قبرا ودفنوه بإكرام شرقي (قبر) اخته وبنوا له هيكلاً . وكان الله يجري بصلواتهم أشفية ومعونات كثيرة للمرضى والموجوعين والمصابين .

نسأله تعالى بصلواتهم وصلوات كل القديسين ان يجعلكم في هذه الدنيا من الخالصين (المخلصين) . ويعضدكم في سلوك المتقين. ويحرس مكانكم والدين . ويحفظ لكم مقتنياتكم مع البنات والبنين . ويرحم من سلف لكم من المتنيحين . ويجعلكم تحت أكتافه مستريحين . وفي ظل الدولة القاهرة أمنين . ولدوامها بالعز والاقبال داعين . ولازلتم في تزييح الاعياد مبتهلين . وبالفضائل مزدانين . وبالأمان راتعين (مقيمين) . وبالفوائد غانين . ويوم القيامة من جانب اليمين منعدين . بشفاعة السيدة أم النور مريم البتول وبصلوات مار يوسف (الحبيس) ومارت سيراس ومار ميخائيل والشهداء الأربعين وسائر القديسين . برحمتك يا أرحم الراحمين . ارحم القارئ الكاتب والسامع والحاضر امين , ورحمة الله على كلنا اجمعين أمين أمين والحمد لله أمين .
 
التعديل الأخير:

كلدانية

مشرف
مشرف
إنضم
1 نوفمبر 2010
المشاركات
65,426
مستوى التفاعل
6,018
النقاط
113
امين يارب
بركة صلواتهم تكون معنا
شكرااا كاراس ربنا يبارك مجهودك
 
أعلى