سنوات مع أسئلة الناس للبابا سنودة الثالث

لمسة يسوع

Active member
إنضم
20 أغسطس 2022
المشاركات
595
مستوى التفاعل
161
النقاط
43
افتراضي
أعثرت بعض الأشخاص وسقطوا في الخطية بسببي ثم تبت انا فهل تغفر لي توبتي



أعثرت بعض الأشخاص وسقطوا في الخطية بسببي ثم تبت انا فهل تغفر لي توبتي


أعثرت بعض الأشخاص ، وسقطوا في الخطية بسببي ، ثم تبت انا
، اما هم فما يزالون يسقطون . مازالت أري ثمار عثرتي في حياة الناس
، فهل تغفر لي توبتي ؟

إنه سؤال صعب ومؤثر . إنسان تاب ، ولكن الذين أخطأوا بسببه لم يتوبوا ،
فهل ما يزال يتحمل مسئولية خطيتهم ؟
هذا السؤال يظهر لنا مقدار طول الخطية وعمقها ومداها الزمني و الشخصي .
إنسان ترك الخطية . ولكن خطيئته ما تزال تعمل في غيره ،
ويراها امامه في كل حين ، ويتألم بسببها ، ويشعر بمدي مسئوليته عنها
، فهو السبب ، فماذا يفعل ؟
من الجائز ان يبذل كل جهده لكي تتوب هؤلاء الذين اعثرهم . ولكن ماذا أن لم يتوبوا ؟
أنه قد يقدر علي نفسه ، ولكن ماذا يفعل بغيره ؟
لا شك ان مثل هذا الإنسان سيعيش حزيناً ومتالماً لمدة طويلة
. لا تفرحه توبته بقدر ما تؤلمه نتائج خطيئته في غيره وبخاصه لو هلك هذا الغير …
من الجائز ان توقف امامه عبارة " نفس تؤخذ عوضا عن نفس " ،
فيصرخ إلي الله قائلاً " نجني من الدماء يا الله خلاصي "…
قد يحاول أن يعمل ما يستطيعه من أجل خلاصهم . ولكن ربما لا يستطيع ،
ربما رجوعه إلي الاتصال بهم ، بسبب خطورة عليه ، ومن الصالح له أن يبعد لئلا يهلك هو أيضاً .
وربما يكون هؤلاء الذين أعثرهم ، قد أعثروا هم أيضاً كثيرين ،
واتسعت الدائرة ، وأصبحت هناك عثرة غير مباشرة إلي جوار العثرة المباشرة
… أليس حقاً إننا لا نستطيع ان نحصر مدي خطايانا ومقدار امتدادها
…أول نصيحه يمكن ان اتوجه بها إلي صاحب السؤال ، هي أن
ينسحق ويتذلل أمام الله مصلياً لأجل هذه النفوس ،
لكيما يرسل الله لها معونة لخلاصها .
فليخصص لأجلهم أصواماً وقداسات ومطانيات ،
وليبك من أجلهم بدموع غزيرة وليتذكر من أجلهم ولو بطريق غير مباشر ،
ويوصي بهم مرشدين وآباء اعتراف .
أما هو - فمادام قد تاب - سوف لا يهلك بسببهم . ومثالنا في ذلك القديسة مريم القبطية …
في حياتها الأولي قيل التوبة ، اعثرت آلافاً وأسقطتهم وربما يكونون قد هلكوا بسببها .
اما هي فبتوبتها الصادقة صارت قديسة عظيمة ،وغفرت لها خطاياها الماضية …
لاننسي أيضاً أن الذين وقعوا في العثرة ، اشتركت إرادتهم الخاطئة في هذا السقوط ،
فليست كل مسؤليتهم علي الذين اعثرهم .
يكفي أنهم استجابوا للعثرة ، وقبولها … ولكنه مع ذلك قد يقول لنفسه :
حقاً إنهم ضعفاء وسقطوا ، ولكنني أنا قدمت مادة لضعفهم ،
ولم ارحم ضعفهم ، وكان واجبي هو ان احميهم وأشددهم لا أن اتسبب في سقوطهم .
ربما لولاي ما سقطوا …
أنه مثل سائق عربة صدم إنساناً ، وبسبب له عاهة مستديمة
، ثم تاب وغفر الله له . ولكنه يري ضحيته في عاهته يحزن …
عن هذا الحزن يساعد ولا شك علي قبول توبته …
 
أعلى