سفر يونــــــان

Messias

غالى عليك
عضو مبارك
إنضم
1 نوفمبر 2005
المشاركات
541
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
غريب انا فى الأرض لا تخفى عنى وصياك
بسم الله القوى



يونان -
سفر يونان



وهو خامس سفر من أسفار الأنبياء الصغار الاثنى عشر، وهو كما سبقت الإشارة سفر تاريخى أكثر منه نبوي، فهو يروى ما حدث ليونان بعد عصيانه أمر الرب له بالذهاب إلى نيونه لتحذير أهلها. والاحداث الغريبة الكثيرة المسجلة فى هذا السفر، جعلته موضوعاًللعديد من التفسيرات المتباينة.
أولاً: الكاتب:
ينسب التقليد اليهودى كتابة السفر إل] يونان النبي نفسه، الذى تنبأ في أيام يربعام الثاني ملك إسرائيل (2مل 14: 25).
ويتضح من السفر أن يونان كان يهوديا شديد التعصب ليهوديته، مما أدى به إلى عصيان أمر الله له بالذهاب إلى عصيان أمر الله له بالذهاب إلى نينوى لتحذير أهلها، إذ لم يشأ أن تلك المدينة - عاصمة أشور المعادية لشعب الله - تتوب، فيصفح عنها الله وتخطى بغفرانه، وهو الأمر الذي ونجه الله عليه بشدة (يونا 4: 6- 11).
وقد استخدم الرب يسوع ما حدث ليونان وأهل نينونى، درساًوآية لجيله، فالثلاثة أيام والثلاث ليال التى مكثها يونان في بطن الحوت، كانت مثالاًلموت الرب ودفنه وقيامه فى اليوم الثالث (مت 12: 38-41). كما أستخدم تجاوب أهل نيونى مع مناداة يونان، وتوبتهم، درساًلتوينج الذين لم يؤمنوا به (لو 11: 32).
ثانياً: اصالة السفر:
كما سبق القول، أدت الأحداث العجيبة المسجلة فى​
سفر يونان إلى تباين الآراء حول طبيعة السفر، وذلك ليس فقط لحادث ابتلاع الحوت ليونان وبقائه الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال حياًفى بطن الحوت، ولكن أيضاًلما جاء به عن توبه أهل نينوى (يونا 3: 5).
ولقد دافع عن تاريخية السفر كثيرون من أبرز علماء الكتاب المقدس، وحجتهم القاطعة فى الرد على من ينكرون تاريخيته، هو استشهاد الرب يسوع بما جاء به. ويستند من ينكرون تاريخته، إلى ما يأتى:
(i) استخدام عبارة ملك نيونى (8:3) فلم تكن نيونى دولة، بل عاصمة للدولة، والمنتظر من معاصر للأحداث أن يقول: ملك أشور.
(ii) استخدام الفعل الماضى فى وصف اتساع المدينة : أما نينوى فكانت مدينة عظيمة له مسيرة ثلاثة أيام (3: 3)، مما يبدو معه أن السفر كتب بعد مدة طويلة من الأحداث المذكورة فيه.
(iii) يوصف اتساع المدينة. بعبارات فيها نوع من المغالاة (3:3) .
(iv) إن توبة أهل نينوى ينقصها الدليل التاريخى.
(v) من غير المحتمل أن يظل كائن بشرى فى بطن الحوت كل هذه المدة سليماً.
وبالنسبة لعبارة ملك نينوى، فهناك عبارات مشابهة فى العهد القديم، فيقال عن أخآب ملك إسرائيل، ملك السامرة (1مل 21:1)، وعن بنهدد ملك أرام ملك دمشق (2 أخ 24: 23)، فليس بغريب أن يقال عن ملك أشور، إنه قال نينوى.
أما استخدام الفعل الماضى فى وصف اتساع المدينة، فلا يدل على شئ إلا على أن النبي يذكر ما كانت عليه عندما كان هو فيها قبل كتابته للسفر.
ووصف المدينة بأنها كانت مسيرة ثلاثة أيام، ليس فيه شئ من المغالاة، بل هو وصف لما كان يستلزمه قطع كل أجزاء المدينة وضواحيها للمناداة لكل أهلها.
أما توبة أهل نينوى: فلا تعنى أن كل سكانها قد أمنوا بيهوة إله إسرائيل، فهو يصف أن توبتهم كانت عن رهبة من التهديد بخراب المدينة (يونا 4:3). وبينما لا يسجل التاريخ العالمي هذه الحادثة، فهناك ما يدل على إمكانية حدوث ذلك، ففى العقد السابق (765-729ق.م) شاهدت نيونى كسوفا كلياًللشمس. كما احتاجها وبا أن خطيران، مما جعل الأهالى على استعداد لتوقع مثل هذه الأخطار، وبخاصة أنهم لابد قد عرفوا ما حدث من معجزات مع النبي الذي جاء إنذاهم بالخطر الذي يتهدهم، مع ملاحظة أن أحد ملوك أشور، وهو هدد نيرارى الثالث، قد أمر بقصر الصلاة على إله واحد، هو اإله بنو. وإذا كان يونان قد عاصر حكم نيرارى الثالث هذا (810-783ق.م)، فمن المحتمل أن عقيدة التوحيد اليهودية التى كان يمثلها يونان، قد وجدت جوا أكثر ملاءمة مما فى مجتمع وثني متعدد الآلهة.
أما الحادث الذى يخلق أعظم صعوبة، فهو حياة يونان فى بطن الحوت، إذ كثيراًما يقال إن بلعوم الحوت لا يتسع لمرور جسم فى حجم الإنسان، كما أن الحيتان لا تعيش عادة فى البحر المتوسط، ولكن الكلمة العبرية داج (dag) المترجمة حوتاًتعنى سمكة كبيرة. وقد ترجمت نفس الكلمة مراراًعديدية فى العهد القديم سمكة دون تحديد لنوعها 0أنظر مثلاًتك 9: 22 عد11: 22، 1مل 4: 33، 2 أخ 33: 14...الخ). والأرجح أن السمكة الكبيرة التى ابتلعت يونان كانت من نوع سمك القرش فى البحر المتوسط، وكثيراًما وجدت جثث بشر فى بطون هذا النوع من الأسماك، وعلاوة على ذلك، فإن الأمر مع يونان كان معجزة إلهة، وهل يستحيل على الرب شئ؟.
أما مشاركة البهائم والمواشى فى الصوم مع الناس (يونان 3: 8.7) فأمر له نظائر فى التاريخ، فقد سجل هيرودوت المؤرخ الشهر، حالة مماثلة فى تاريخ الأمبراطورية الفارسية.
ثالثاً: آية النبي: هناك تفسيرات عديدة لآية يونان النبي (مت 12: 39)، فيقول كيل (Keil): كان ارساية يونان حقيقة لها أهمية رمزية بالغة، فلم يكن الهدف منها هو إثارة إسرائيل، من جهة موقع العالم الأممى بالنسبة لملكوت الله فحسب، بل أيضاًلترمز إلى تبني أمثال أولئك الوثنيين فى المستقبل عندما يقبلون كلمة الله، وينالون نصيبهم فى الخلاص المعد فى إسرائيل لكل الأمم . ويقول هودون Whedon: إن ربنا يسوع المسيح فى رفضه أن يعمل آية أمام الكتبة والفريسيين، اعطاهم آية يونان النبي بنوة عن دفنه فى القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال، ملثما كان يونان فى بطن الحوت. وهذا القول فى ذاته كان معجزة، لأنه علم بالمستقبل، وكان فى ذلك برهان على أنه المسيا.
(رابعاً) وضع السفر:
(i) يوضع
سفر يونان بين أسفار الأنبياء الصغار، ويبدو فريداًبينها، حيث أنه ليس مجموعة من النبوات كباقى الأسفار النبوية، بل بالحري هو قصة إرساليته إلى نينوى، وما تشير إليه من أن نعمة الله غير مقصورة على شعب إسرائيل، بل تمتد إلى الأمم. وقد وضع السفر بين الأسفار النبوية لأن خدمة يونان واختباراته الفريدة- كانت صورة نبوية لموت الرب يسوع ودفنه وقيامه، وما نتج عن ذلك من بركه للأمم.
(ii) ينظر النقاد بصفة عامة إلى
سفر يونان على أنه أسطورة أو أقصوصة رمزية، ولكنه فى حقيقته تاريخ، وليس ثمة أساس لرفض ذلك أو لاعتباره أسطورة أو خرافة، والمعجزات فى سفر يونان شبيهة بالمعجزات الكثيرة التى تذخر بها سائر أسفار الكتاب المقدس، وبخاصة أسفار موسى الخمسة، فالنوء، وابتلاع الحوت ليونان، وخروجه من بطن الحوت حيا، وتوبة اهل نينوى، وسرعة نمو اليقطية ، ليست بأشد غرابة من شق البحر الأحمر، وعمود السحاب والنار، والمن من السماء، والماء من صخرة الصوان، واقامة الموتى، وبخاصة قيامه الرب يسوع، التى كان اختبار يونان رمزاًلها (مت 12: 41.39، لو 29 32). فالسفر لا شك فى تاريخته، فليس فيه ما ينفي ذلك. والزعم بأن ما قاله الرب يسوع عن يونان، ليس دليلاًعلى تاريخه السفر، إنما هو زعم باطل فقدماء اليهود (كما يذكر يوسفوس) كانوا يؤمنون بتاريخه، سفر يونان والتقليدان اليهودى والمسيحى يويدان نفس الرأى. ولكن مع أن السفر سفر تاريخى، فإنه أيضاًأكثر من تاريخ، فوضعه بين أسفار الأنبياء الأثنى عشر، إنما هو على أساس أنه تاريخ نبوى رمزى، وجوانبه النبوية متعددة، ففى جانب منه، فإن يونان فى خدمته واختباره - كما سبقت الإشارة - يرمز إلى الرب يسوع المسيح فى موته ودفنه وقيامته، وفتح باب الخلاص للجميع (بما فيهم الأمم). كما يرى البعض فيه صورة نبوية لاختبار شعب الله القديم منذ 70م، وفى المستقبل أيضاًفى زمن الضيقة (يمكن الرجوع إلى دانيال 12: 1، رو 11: 26.25، زك 8: 7-23).
خامسا: موجز السفر:
(أ) دعوة البني للمرة الأولى وعصيانه (1:1-2: 10).
(i) الأمر الأهلى، ومحاولة الهروب (1: 1-3).
(ii) النوء (1: 4-7).
(iii) اعترافه (1:8-12).
(iv) طرح النبي فى البحر.
(v) صلاته ونجاته (2:1-10).
(ب) دعوته للمرة الثانية وطاعته (3 : 1-4: 11).
(i) ذهابه إلى نينوى (3: 1-4).
(ii) توبة أهل نينوى (3: 5-9).
(iii) نجاة المدينة (3: 10).
(iv) غضب يونان (4: 1-4).
(v) تويخ الرب له (4: 5-11).
(جـ) وحدة السفر:
يرفض بعض النقاد المزمور الوارد في الإصحاح الثاني. ولكن اذا استبعد هذا المزمور، فإن السفر يفقد سياقه. فمن الواضح أن السفر ينقسم إلى قسمين، والقسم الأول يشمل الإصحاحين الأول والثاني، والقسم والثانى يشمل الإصحاحين الثالث والرابع. كما نلاحظ أن 1:1 -3 يطابق عملياً3: 1-3، كما أن 2: 1، 4: 2) يذكران أن يونان صلى إلى الرب، وكانت إحدى الصلاتين شكوى للرب، والثانية ترنيمة شكر. كما أن استبعاد 2: 2-1 يهدم السياق الأساسى للسفر.
يقول النقاد إن 2: 1 يقول إن يونان صلى، ولكن ما يلي ذلك ليس صلاة، بل ترنيمة شكر وحمد للنجاة، ولكن هذا النقد لا أساس له، لأن الشكر هو لب الصلاة. كما يقول النقاد إن ترنيمة الشكر على النجاة جاءت سابقة للنجارة نفسها اذا لا يذكران الحوت قذف يونان إلى البحر إلا فى العدد العاشر. ويقول أحدهم (يوليوس ولهاوزن) أن ذكر العشب ف 2: 5، ينفي فكره وجود يونان فى بطن الحوت، غذ يقول إن الشعب لا ينمو فى بطن الحوت ولكن ادوارد ج. يونج (young) فى كتابه مقدمة العهد القديم (1949 -صـ257) يثبت أن ولهاوزن وغيره من المعترضين على أصالة 2:2-9، لا يدركون معنى المزمور تماماً، ويقول يونج: الطبع لا ينمو الشعب فى بطن الحيتان، ولكن هذا المزمورع لم يكن للشكر على النجاة من بطن الحوت، بل بالحرى هو مزمور شكر للنجاة من الغرق، كما هو واضح من عبارات المزمور، فليس فيه أقل إشارة غلى النجاة من بطن الحوت بل كل عباراته تشير إلى النجاة من الغرق.

 
أعلى