سؤال حول طبيعة المسيح

إنضم
17 نوفمبر 2022
المشاركات
40
مستوى التفاعل
48
النقاط
18
سلام ونعمة

إن كان السيد المسيح له طبيعة واحدة ناتجة عن اتحاد الناسوت واللاهوت، فهل يعني هذا أن له طبيعة مركبة مثلما الإنسان مركب من روح وجسد أو مثلما الذرة مركبة من جسيمات أصغر؟ فهذه كلها نماذج لاتحاد بلا اختلاط ولا تغير ولا استحالة لكن ينتج عنها التركيب كنتيجة حتمية. فهل طبيعة المسيح مركبة؟
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,647
مستوى التفاعل
3,558
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
الكتاب المقدس لا يتطرق صراحة إلى مسألة ما إذا كان ليسوع المسيح طبيعتان أم طبيعة واحدة فقط.، مع ذلك ، فإن التوصل ألى فهم أن للمسيح طبيعتان هو الموقف الأكثر تماسكًا من الناحية الكتابية واللاهوتية. فقد وصلت هذه القضية إلى ذروتها في تاريخ الكنيسة عندما حاول البعض الطعن في الوهية المسيح أو الطعن في حقيقة جسده البشري، حيث حاول اللاهوتيون في الكنيسة التعامل مع المعلومات التي يوفرها العهد الجديد عن يسوع وتدوينها.

وفقًا للعهد الجديد ، يسوع هو حقًا إنسان وُلِد في الجنس البشري ، ومع ذلك فهو أيضًا الله الكامل. يقول يوحنا 1: 1 أن الكلمة هو الله ، ثم في الآية 14 نرى أن الكلمة التي يتحدث عنه يوحنا هو يسوع الذي "حلَّ" بيننا. أما متى ولوقا فيخبران عن ولادة يسوع لمريم العذراء ويعطيان نسبه البشري. فهذا إذن ما يعلّمه العهد الجديد. أن يسوع هو الله الذي دخل الجنس البشري كإنسان.

لذلك أرى أنه من الصعب الرد على سؤالك. فكما أن طبيعة اللاهوت فوق مستوى البشر كذلك هي طبيعة اتحاد الناسوت و اللهوت.

أتمنى أن أقرأ رداَ من الأحبة أكثر فائدة من ردي.
 
  • Like
التفاعلات: admy
إنضم
17 نوفمبر 2022
المشاركات
40
مستوى التفاعل
48
النقاط
18
شكرا جزيلا لمداخلتك

لك لنفرض جدلا أننا أخذنا بالرأي الذي يقول بطبيعة واحدة للمسيح، بلا تغير ولا امتزاج ولا اختلاط ولا استحالة، فهل ستكون طبيعة مركبة أم غير مركبة؟

لأنه يمكنني فهم هذا المعتقد مع اعتبارها طبيعة مركبة، أما أن تكون غير مركبة وفي نفس الوقت بلا امتزاج ولا اختلاط ولا تغير ولا استحالة فهذا غير مفهوم بالنسبة لي.

باركك الرب
 

عابد يهوه

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
10 ديسمبر 2008
المشاركات
1,283
مستوى التفاعل
157
النقاط
63
حسب موقع الانبا تكلا يقول ان طبيعه المسيح طبيعه واحده مركبه :

922274965.jpg


 
  • Like
التفاعلات: admy
إنضم
17 نوفمبر 2022
المشاركات
40
مستوى التفاعل
48
النقاط
18
شكرا جزيلا لك، إجابة مباشرة وفي الصميم

إذا ربما أفضل مثال لاتحاد الطبيعتين هو ذرة الهيدروجين، فهي مكونة من طبيعة البروتون وطبيعة الإلكترون اتحدا معا اتحادا تاما بغير نقصان ولا زيادة ولا تغير ولا استحالة ولا امتزاج ولا اختلاط ولا ضياع أو تلاشي أي منهما ولا فقدان للخصائص، ومن اتحادهما تكونت طبيعة مركبة هي طبيعة الهيدروجين. بل إن خصائص البروتون والإلكترون الجزئية هي عينها ما ينتج عنه خصائص ذرة الهيدروجين الكلية.
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,647
مستوى التفاعل
3,558
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
شكرا جزيلا لمداخلتك

لك لنفرض جدلا أننا أخذنا بالرأي الذي يقول بطبيعة واحدة للمسيح، بلا تغير ولا امتزاج ولا اختلاط ولا استحالة، فهل ستكون طبيعة مركبة أم غير مركبة؟

لأنه يمكنني فهم هذا المعتقد مع اعتبارها طبيعة مركبة، أما أن تكون غير مركبة وفي نفس الوقت بلا امتزاج ولا اختلاط ولا تغير ولا استحالة فهذا غير مفهوم بالنسبة لي.

باركك الرب

سبقني المبارك عابد يهوه بالرد على سؤالك في اقتباس نقله عن موقع القديسة تكلا. بصراحة لست متأكدة أن كلمة "مركبة" هي فعلاُ في تعليم الكنيسة القبطية فأنا لست قبطية و لكني متأكدة أنها شديدة الدقة في اختيار الكلمات، و كلمة مركبة لا تعبر تعبيراً دقيقاً عن طبيعة المسيح لأن كما سبق و قلت في مشاركتي الأولى: " كما أن طبيعة اللاهوت فوق مستوى البشر كذلك هي طبيعة اتحاد الناسوت و اللهوت". لذلك سألت مصدراً قبطياً أثق به عن حقيقة وجود كلمة "مركبة" في التعليم القبطي، و أنتظر الرد.

بغض النظر، قول الكنيسة القبطية بأن للمسيح طبيعة واحدة لا يختلف عن قول الكنائس الأخرى أن للمسيح طبيعتين. و ذلك لأن الأولى تقول: "أن للمسيح طبيعة واحدة اتحد فيها اللاهوت بالناسوت اتحاداً حقيقيا كاملاً "بغير اختلاص و لا امتزاج و لا انفصال و لا تقسيم"، بالرغم من أنها تؤمن أن طبيعة اللاهوت ليس هي طبيعة الناسوت. الكنائس الأخرى، بسبب إيمانها أيضا أن الطبيعة الإلهية ليست كالطبيعة الإنسانية، تقول أن في المسيح طبيعتان الهية و إنسانية متحدتان اتحادا حقيقيا و كاملاُ "بغير اختلاص و لا امتزاج و لا انفصال و لا تقسيم". يعني المعنى واحد و التعبير مختلف.

اكرر الإختلاف كله في التعبير و ليس في الجوهر. الإيمان بأن المسيح هو الله الظاهر في الجسد أهم في خلاصنا من فهم كيفية الإتحاد. يعجبني قول الكتاب المقدس:
 
  • Like
التفاعلات: admy
إنضم
17 نوفمبر 2022
المشاركات
40
مستوى التفاعل
48
النقاط
18
اشكر اهتمامك وتوضيحك أيتها العزيزة أمة
وفي انتظار الجواب من المصدر المختص

لكن يحيرني، لماذا استمر هذا الخلاف في التعبيرات 15 قرن وسبب ازمات واضطهادات في حين أنه لا يتعدى التعبيرات؟ هل هذا بسبب خلط الدين بالسياسة في الدولة البيزنطية؟
 

عابد يهوه

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
10 ديسمبر 2008
المشاركات
1,283
مستوى التفاعل
157
النقاط
63
انا بصراحة اول مره في حياتي اسمع كلمة مركبه في طبيعه المسيح ولم اسمع احد قالها من قبل .. فاللاهوت اتحد بالناسوت بلا اي فارق زمني يسبق الاخر اتحاد كامل بلا انفصال ولا اختلط مع احتفاظ كل طبيعه بخواصها .. اما انه طبيعه مركبه فلا اعرف بصراحه ..

مع ملاحظة ان قول احد افراد كنيسة لا يعني انه يمثل الطائفه كلها فكل كنيسة فيها من يتبع الفكر النقدي الغربي ومن يتبع الفكر التقليدي الشرقي وفيها المعتدل وفيها الليبرالي ..

فمثلا هناك رجال دين كاثوليك يقولوا ان اول 11 فصل في سفر التكوين اساطير ولكن هذا ليس فكر الكنيسة الكاثوليكية وانما فكر فئه من الكاثوليك يتبعوا الفكر الليبرالي لانه البابا بندكس كان يؤكد على الخلق وعلى رفض التطور وعلى تاريخية سفر التكوين.

فرجال الدين والمفسرين والعلماء من نفس الطائفه ليسوا فكر واحد وانما ينتمون لمدارس مختلفه كل واحد يعبر عن المدرسة التي ينتمي لها والاصل دائما هو لمن يتبع المدرسة التقليدية الشرقية لانها هي الاساس.
 
التعديل الأخير:
  • Like
التفاعلات: admy

عابد يهوه

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
10 ديسمبر 2008
المشاركات
1,283
مستوى التفاعل
157
النقاط
63
من الصعب علي فهم هذا الامر دون تركيب، لذلك سألت
ممكن يعتبروها مركبه لا اعرف بصراحة ولكن المركب قابل للانفصال على عكس الماده الواحده فطبيعه المسيح باتحاد اللاهوت والناسوت نتج عنه طبيعه واحده غير قابله للانفصال .. فهل تعبير طبيعه مركبه صحيح ! لا اعرف بصراحه..
 
  • Like
التفاعلات: admy
إنضم
17 نوفمبر 2022
المشاركات
40
مستوى التفاعل
48
النقاط
18
أيضا أصحاب الطبيعة الواحدة وصلوا إلى اتفاق مع أصحاب الطبيعتين أن الخلاف في التعبيرات فقط كما أشارت الأخت أمة
فلو كانت الطبيعة الواحدة غير مركبة لكان الخلاف في أكثر من مجرد التعبيرات

هناك مثال مشهور لاتحاد الطبيعتين هو اتحاد الحديد بالنار، فهل يقال فلسفيا عن الحديدة الحامية أنها مركبة؟
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,647
مستوى التفاعل
3,558
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
هناك مثال مشهور لاتحاد الطبيعتين هو اتحاد الحديد بالنار، فهل يقال فلسفيا عن الحديدة الحامية أنها مركبة؟
رائع! كنت افكر أن اذكر هذا القول للقديس كيرلس س الكبير و أيضا القديس ديسقورس و لكن ما منعنى هو احترامي لذكائك لأن الإتحاد بين النار و الحديد ليس دائم، و بمجرد أن برد الحديد يخسر كل خواص النار، إذ لا يوجد تشبيه كامل. فهل من يشبه الله في كل شيء!؟
 
  • Like
التفاعلات: admy
إنضم
17 نوفمبر 2022
المشاركات
40
مستوى التفاعل
48
النقاط
18
أشكر مداخلتك

بالتأكيد لن نجد مثالاً للاتحاد الدائم لأن الطبيعة نفسها في تغير وصيرورة دائمين

فلنتجاهل الديمومة ولنركز على الجوانب الأخرى من المثال: هل اتحاد النار والحديد يقال عنه أنه مركب أم لهذه الحالة اسم اخر؟

مثال الحديد والنار ربما كان يبدو منطقي تماما للقدماء، لأنهم كانوا يتخيلون جوهرا يدعى حديد وجوهرا يدعى نار وقد اتحدا معا، لكن العلوم الحديثة تخبرنا أن الأمور أعقد من ذلك، فلا يوجد نار "مختزنة" في الحديدة الحامية بل هي اكتسبت حرارة أي تغيرت حالتها أي أنه ليس اتحادا بلا تغير بل ليس اتحادا اصلا بل مجرد أن الحديدة اكتسبت صفات النار اكتسابا
لكن من جهة أخرى قد يقال أن احمرار الحديدة سببه إضافة الطاقة الحرارية إلى ذرات الحديد، أي أننا هنا أمام اتحاد عنصرين فعلا؟ لكن لا أدري إن كان فيه امتزاج أم لا

المهم أن مثال الحديد والنار يصبح أمره معقدا عند الغوص فيه علميا
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,647
مستوى التفاعل
3,558
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
هل اتحاد النار والحديد يقال عنه أنه مركب أم لهذه الحالة اسم اخر؟
انت بنفسك رديت على السؤال في نفس المشاركة :)

المهم أن مثال الحديد والنار يصبح أمره معقدا عند الغوص فيه علميا

لذلك سبقَ و قُلْتُ أن ما منعني من ذكر مثل النار والحديد هو احترمي لذكائك.

الحوار معك ممتع و سلس. الرب معك!
 
إنضم
17 نوفمبر 2022
المشاركات
40
مستوى التفاعل
48
النقاط
18
يسعدني اندماجك في الحوار حقاً، وأرجو الفائدة والثمرة لكلينا ولكل من شارك وتابع
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,072
مستوى التفاعل
1,047
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
.
سلام المسيح وتحياتي للأستاذ "إلى النور" وكل الأحباء الحضور. أعتقد أن الإجابة هي نعم، "الطبيعة "المركبة" تعبير صحيح يقبله أصحاب الطبيعة الواحدة. لكنه نادر جدا، لم أصادفه شخصيا إلا في سياق المصالحة ومحاولات التوفيق بين الكنائس كما حدث في ثمانينيات القرن الماضي على سبيل المثال.
الأهم من ذلك في تقديري ـ إذا سمحت لي ـ هو أن ندرك المعنى الحقيقي المقصود بهذه الاصطلاحات، وإلا فقد نقع دون أن تشعر ضحية الفهم السيء أو التعليم الخاطئ. على سبيل المثال فرق كبير بين قولنا إن «المسيح تألم في ناسوته» وبين قولنا إن «المسيح تألم بسبب ناسوته». في القول الأول نحن نفصل ـ ولو ضمنيا ـ بين اللاهوت والناسوت ويقتصر من ثم الألم على الناسوت وحده، لأن اللاهوت ببساطة لا يتألم. منطقي جدا، ولكن هكذا في الحقيقة "ينقسم" المسيح إلى اثنين أو إلى نصفين أحدهما يتألم والأخر لا يتألم! أحدهما هو الناسوت الذي يسري عليه الألم، بينما الآخر هو اللاهوت الذي لا يقبل من حيث طبيعته الألم ومن ثم يبدو وكأنه يقف سلبيا محايدا. هذا القول بالتالي خاطئ تماما، أستاذنا الحبيب، لا يقبله أصحاب الطبيعة الواحدة ولا يقبله حتى أصحاب الطبيعتين! هذا التعليم ببساطة تعليم "نسطوري" بحت!
أما القول الثاني «تألم المسيح بسبب ناسوته» أو «من خلال ناسوته» فمعناه أن المسيح الواحد ـ الإله الإنسان ـ تألم، وهو ما يزال واحدا تألم، دون أي فصل بين اللاهوت والناسوت ودون أي تقسيم للمسيح إلى شخصين أو إلى نصفين، يختلفان بالضرورة في كل شيء بما إن كليهما من طبيعة تختلف عن الأخرى. فهذا هو التعليم الصحيح وهو قول الآباء، شرقا وغربا، من أثناسيوس الرسولي (طبيعة واحدة) حتى مكسيموس المعترف (طبيعتين اثنتين).
علة ذلك ببساطة هو مبدأ هام جدا نسميه "شيوع الخواص"، أو "تبادل الخواص" (Communicatio idiomatum)، الذي يذهب إلى أن ناسوت المسيح ـ نظرا لاتحاده مع اللوغوس أو الكلمة الإلهي ـ اكتسب خواص اللاهوت أيضا، ولكن دون أن تتغير طبيعته. باتحاد الكلمة إذاً بالجسد: تأله هذا الجسد. تجدّد وتقدّس وتبدّد فيه الموت والفساد وكان حقا "جسدا إلهيا". كان حرفيا "جسد الإله" رغم أنه كان وما يزال جسدا إنسانيا. اكتسب "ناسوت" يسوع من ثم خواص "الكلمة" الإلهي ـ بحكم اتحادهما ـ دون أن تتغير بذلك "طبيعته" كناسوت. بالأحرى تحققت فيه بذلك طبيعة الإنسان "الحقيقية" أخيرا، ليس كما نعرفه ولكن كما كان حقا في البدء، في محضر الله قبل السقوط. وأما الآن فليس الإنسان فقط في محضر الله بل صار بهذا التجسد في "اتحاد" مباشر معه!
(وهذا بالتالي هو جوهر الخلاص في الإيمان الأرثوذكسي ومعنى "التأله" الذي تكرر الحديث حوله مرارا. نحن باختصار حين نتحد مع المسيح في المعمودية نولد روحيا من جديد، لا من آدم هذه المرة ولكن من المسيح، آدم الثاني، الذي ألّه "الإنسانية" في جسده هو نفسه أولا. هكذا تألهنا نحن أيصا فيه، وبه، بحكم ولادتنا هذه الجديدة، وإن لم يحدث حقا أي تغيّر في "طبيعتنا". بعبارة أخرى نحن لا نصير "آلهة" أو تتحول طبيعتنا أبدا لطبيعة الله، حاشا. نحن ما زلنا ناسوتا. ولكن لأننا ناسوت ولد من ناسوت المسيح، نفس الناسوت الذي ألهه اللوغوس بالتجسد، فقد تألهنا نحن أيضا بالضرورة! هكذا صرنا بالنعمة "أولاد الله" وصارت أجسادنا "هياكل" القدوس وصارت قلوبنا منازل روحه. وهذا معنى قولنا «أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له»، كذلك قول الآباء ـ أثناسيوس وإيريناوس وباسيليوس وغيرهم ـ «تأنسن الإله كي يتأله الإنسان»).
***
لكن العكس أيضا صحيح: كما اكتسب الجسد أو الإنسان يسوع خواص اللاهوت، كذلك اكتسب الكلمة الإلهي أيضا خواص الناسوت، دون أن يئول ذلك بالطبع إلى أي تغيّر في "طبيعته". لهذا تحديدا ظهرت كل هذه التعبيرات المتناقضة المستحيلة عقلا، مثل قولنا «جاع الإله»، «عطش الإله»، «تألم الإله»، أو مثل وصفنا للعذراء بأنها «أم الإله»! فهل "جاع" الكلمة الإلهي نفسه، أو "تعب" أو "تألم"؟ نعم، ولكن ليس كما نجوع نحن أو نتعب أو نتألم. لقد "اختبر" الكلمة القدوس فعليا سائر ضعفاتنا وأتعابنا وآلامنا، ولكن بحسب طبيعته الإلهية سبحانه ودون أن يئول ذلك إلى أي تغيير في هذه الطبيعة. أو كما يشرح على سبيل المثال قديسنا الكبير مكسيموس المعترف في نص جميل عميق أقتطف منه:
«كونه إلها فقد صنع المعجزات، ولكن على نحو إنساني وبطريقة إنسانية، إذ تحققت هذه المعجزات عبر جسده المحدود الضعيف. وكونه إنسانا فقد اختبر معاناة البشر واختبر آلامهم، ولكن على نحو إلهي وبطريقة إلهية، إذ تكشفت له هذه الأتعاب والآلام حسب سلطان مشيئته. هكذا بمعجزاته شفانا وردنا إلى أنفسنا، كاشفا لنا كيف كنا حين خُلقنا أولا. وهكذا بآلامه جعلنا خاصته، فأصبحنا هذا الخلق الأول الذي كشف لنا عنه. ...».
وهكذا بحكم "شيوع الخواص" بين اللاهوت والناسوت في الكلمة المتجسد أصبح لهذا "المسيح الواحد" كل خواص اللاهوت والناسوت معا، حتى التي لا تنصرف على طبيعة الناسوت منفردا، أو على طبيعة اللاهوت منفردا.
وبالطبع فقد حاء هذا التعليم أولا من مدرسة الإسكندرية، أصحاب الطبيعة الواحدة، ثم تبناه الغرب أيضا وأخذ به، ثم أخذ به حتى المعتدلون في مدرسة أنطاكية نفسها، المعقل الرئيسي لأصحاب الطبيعتين. هذا بالتالي هو التعليم الصحيح الذي اتفق عليه الجميع تقريبا. (وإن أخذ الغرب بعد ذلك ـ فيما يتعلق بالخلاص ومعناه ـ طريقا آخر وجاء بفكر مختلف أصبح فيه "الصليب" ـ لا "التجسد" ـ هو حجر الزاوية).
أعتذر ختاما للإطالة وأرجو أن تكون رسالتي قد ألقت بعض الضوء على هذه الاصطلاحات الهامة، لعلك تدرك الآن أبعادها على نحو أفضل. تحياتي ومحبتي.
.
 
إنضم
17 نوفمبر 2022
المشاركات
40
مستوى التفاعل
48
النقاط
18
رائع جدا، كفيت ووفيت يا أخي العزيز ووضحت لي الصورة توضيحا ممتازا. ولا تعتذر للاطالة فقد أحببت مشاركتك لدرجة أني تمنيت أن لا تنتهي.
كل الود والاحترام والشكر الجزير لك.
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,072
مستوى التفاعل
1,047
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل

.
الشكر الجزيل لك أيضا أستاذنا الحبيب. لا فرق أبدا في تقديري بين السائل والمجيب في هذه المنتديات العامة ولا يقل دور أحدهما أبدا عن الآخر. غاية الأمر أن الرب حين يستخدمنا كي تصل معلومة ما فإنه يوجّه أحدنا كي يقوم بأحد الأدوار بينما يرشد الأخر كي يلعب الدور الثاني. هذا كل ما بالأمر! :)

أعجبتني أيضا تلقائيتك الجميلة وتواضعك وبساطة تعبيرك، وهو ما لمحته في كل موضوعاتك تقريبا. أدعوك ـ إذا أذنت لي ـ أن تحافظ على هذه الخصال دائما لأنها صدقا أغلى ما تملك، وسوف تكون دائما بابك إلى الخير والمعرفة والحكمة. بابك "إلى النور" حقا كما يقول اسمك. :) أشكرك أستاذنا الحبيب مرة أخرى، سعدت وتشرفت بلقائك، مع تحياتي ومحبتي.

.
 
إنضم
17 نوفمبر 2022
المشاركات
40
مستوى التفاعل
48
النقاط
18
أخجلتني بكلامك أيها السيد الفاضل فأنت الأولى والأحق أن أناديك بالأستاذ، وسيكون لنا حوارات شيقة في المستقبل في الأقسام وفي الخاص لأني لاحظت تمكنك من هذه المواضيع اللاهوتية وتساؤلاتي كثيرة إلا أنني أتريث في طرحها كي تخرج منظمة. سعدت بكل حرف قرأته لك في مواضيعي وفي المواضيع الأخرى الجديدة والقديمة، وقد قرأت أنك تمر بظروف صعبة حالياً فأتمنى لك تجاوزها سريعاً بصبر وثبات.

لك مني التحيات الحارة والعطرة.
 
أعلى