سلام لشخصك العزيز
أخي الحبيب لكل سؤال وراءه سبب يدفع كل واحد ليضعه لكي يستفسر عن شيء، أو يوضح شيئاً ما، وسؤالك يا محبوب الله الحلو وراءة الكثير من المعاني، لأن سؤالك الثاني يدل على أنك فاهم كويس أنه يستحيل أن الله لا يعرف المستقبل، إذن الدلالة كُلها في السؤال الأول المطروح ...
- اذا كان الجواب : نعم الرب قادر على كل شيئ.. يعني أنه يعلم من له الحياة الأبدية ومن لا . ويعلم كل ما سيحصل لنا في المستقبل !!!
فما هو المقصود من هذا السؤال وإلى ماذا تريد أن تصل أو ما هو الهدف !!! لأن متى عُلِمَ سبب السؤال تمت الإجابة عنه بوضوح !!!
ومع ذلك دعني أقول لك شيءٌ هام للغاية، قد ينفع البعض، أو يُفيدك بعض الشيء، مع أني لا أعلم ما هو سبب طرحك هذا السؤال الذي يحتاج لتوضيح من شخصك العزيز ...
الإنسان لا يستطيع أن يفهم قوة المجد الإلهي الفائق، لأن السؤال المطروح من الكثيرين الذين لا يرون غنى محبة الله المتسعة الفائقة بانفتاح الذهن على السماويات هو: طالما الله يعرف كل شيء ويعرف الذين هم له والقابيلين الحياة الأبدية، فلماذا خلق الله هؤلاء الهالكين الذين لن يقبلوا الحياة الأبدية !!! ولمذا يتجسد ويموت من أجل العالم كله مع أن الكثيرين سيرفضون خلاصه وهو يعلم ذلك يقيناً !!!
أو قد يستنتج البعض أن الإنسان مُسير وليس مُخير، وحتى لو كان مخير فالله يعلم أن البعض لن يدخل الحياة الأبدية لأنه سيرفضها، وفي كلا الحالتين لماذا الله لا يتدخل ويغير إرادتهما، أو لماذا خلق البعض هكذا والآخر هكذا !!!
وسلسلة طويلة من الأسئلة الكثيرة التي تدور في عقل كل واحد ولا يستطيع أن يصل لإجابة لأنه لا يستطيع أن يُدرك المقاصد الإلهية، بل لا يستطيع أحد أن يُدرك مقاصد الله ومشيئته إلا من استنار وانفتح ذهنه بالروح على الله الحي، لأن بالرغم من معرفة الله المتسعة جداً والفائقة، فهو سلَّم الإرادة للإنسان منذ خلقه وأعطاه الحرية أن يختار بدون إجبار، لأن الله يعلم ولكنه لا يرغم أحد قسراً، لأن استودع للإنسان الحرية في الاختيار ليختار كيف ما شاء، فمعرفة الله لا تمنع اختيار الإنسان، لذلك الدينونة لا تأتي على أحد ما، إلا لو كان له اختيار وحرية، أما القسر والإجبار لا ينشآن حريه، وفي هذا الحالة لا يحق لله نفسه وهو العادل بل مطلق في عدله أن يحاكم من ليس له الإرادة ...
فالله خلق الإنسان على غير فساد وهو لم يطع الوصية بل تمرد عليها ورفضها واختار أن يسمع آخر، فانطفأ فيه النور وأظلم ذهنه ولم يعد قادر على أن يستوعب الأسرار الإلهية، ويفهم مشيئة الله في حياته، وذلك لأن برقع كثيف من الظلمة غشى فكره فانطفأت فيه الحكمة، التي لن تعود إليه إلا بإشراق النور الإلهي مرة أخى وهذا أن كان يُريد أن يُشفى ويرجع لله الحي بكل قلبه فعلاً....
وحجة عدم الرجوع لله بالتوبة والإيمان عند البعض الذين خدعهم عدو كل خير، أو خدعوا أنفسهم، هو أنه طالما أن الله يعرف كل شيء ويعرف الذين هم له، فأن كان يُريدني، فيرُدني إليه وينقذني، وبكوني لست له لذلك لا يطلبني، لذلك أنا أنتظر يا اما يخلصني وينقذني يا اما لا يهتم ولا يسأل عني...
وهذا كله - بالطبع - حجة لكي لا يتوب الإنسان ويلقي التهمة عنه على الله الحي ليقول أن الله هو السبب في هلاكي، مثلما حدث في سفر التكوين حينما سقط آدم وحواء وبدأ كل واحد يلقي التهمة على الآخر وعلى الله في الأساس، مثلما قال آدم لله، [ المرأة التي أعطيتني ] فهو نسب المشكلة كلها في المرأة ووراءها الله وكأنه هو السبب، وكأنه يقول لله [ أليست هذه هي المرأة التي أنت أعطيتني إياها وهي السبب في سقوطي، فشوف أنت بقى انا مش لي ذنب في كده المرأة اللي انت خلقتها واعطيتني إياها صارت سبب سقوطي وليست نفعه لي كما أنت قلت، فما خلقته أنت هو اللي صار لي ضرراً، ولا تلومني ] ...
ولا زال هذا الصوت يتردد من الناس في مسامع الله، لأن كل واحد يلقي المسئولية على الله في النهاية على أساس أنه هو السبب فيما نحن فيه، يعني نُخطأ بإرادتنا وحريتنا وفي النهاية نقول أنت يا رب السبب، ولكننا نقولها باشكال مختلفة كثيرة ومتنوعة، مع أن في أعماقنا نُدرك تمام الإدراك ان السبب في رغباتنا وإرادتنا وحريتنا ...
عموماً اتمنى أنك تشرح الهدف من سؤالك على وجه التحديد... أقبل مني كل احترام وتقدير لشخصك الحبيب، كن معافي