- إنضم
- 6 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 16,056
- مستوى التفاعل
- 5,370
- النقاط
- 0
السلام لنفوسكم يا إخوتي الأحباء المخلوقين حسب مشيئة الله في سر المحبة التي أُعلنت لنا في ملء الزمان...
في الحقيقة وعلى مستوى الواقع المُعاش، فأن الحق يعلن ويكشف عن ذاته لكل من يطلبه بقلبه، لأن الحق هو الله الذي قادرأن يمس قلب كلينا بقوته ويُغيرنا ويشدنا إليه بقوة، لأنه هو الحق المطلق الذي يعلن ذاته، وكم دخلنا في حوارات لنبصر الحقيقة ولكننا لم نبصر سوى أنفسنا محصورين في إحدى الحالتين: يا مهزوم يا إما منتصر، وذلك من خلال النقاش الدائر على الساحة، ونجد أنفسنا في النهاية - كلينا - خسرنا التحرك نحو الحق الذي يعلن ذاته، وانحصر كل واحد فينا كيف ينتقد الآخر ويتفنن في إظهار افكاره الشخصية التي تثبت أن عنده الحق وحده والآخر خالي من منطق التفكير الإيجابي ...
مع أن التقرب الحقيقي والحي من الله ومعرفته لا تأتي إلا من لقاؤه على المستوى الشخصي والتلامس معه كشخص حي وحضور مُحيي، وأنا عن نفسي لا أؤمن أبداً بأني أستطيع أن أعرف الله كشخص حي، إلا في جو الصلاة والقرب منه بالتقوى في المحبة وطلبه هو لا الناس ولا فلسفاتهم الخاصة المنحصرة في فكرهم الشخصي ومعرفتهم ومعلوماتهم، لأني لم أتعود منذ أن اقتربت من الله الحي مُعلناً لي ذاته بالحب، أن أتناقش في حوار مغلق، حوار منحصر في الفكر الضيق الذي ينظر للحق في اتجاه واحد، ويحصره ويضيق عليه في أتجاه خاص تحت مبدأ عقيدي أو فكري لابد من أن يقتنع به الآخرين، وذلك تحت حجة كونه أنه الحق المطلق الذي لا يُنقض حسب رؤية الطارح الفكر أو المقارنة بين فكر وفكر، وبين دين ودين آخر، غير منتبهين أن من نتكلم عنه هنا، ليس فلسفة فكر ولا عقيدة بشر، بل هو الله القادر وحده أن يكشف ذاته أو يخفيها كيف ما شاء ...
ويا إخوتي الأعزاء كلنا لن يدَّعي أحدنا انه بحث في كل كتابات الآخر وتفحص أصولها وجذورها بدقة من كل اتجاهاتها، ويعرف كل خفاياها وأعماقها، ويستطيع أن ينطق بروحها، لأن لو أحب أحد أن يتكلم عن شيء لابد من فحصة بتدقيق ويسمع لما يعتقد به الآخر، ويفهمه جيداً ويهضمه ويتعمق في لغته الباطنية والحسية التي يخرج منها أصول كلماته التي تعبر عن ذاته !!!
وفي نفس ذات الوقت، أنه لن يعرف حقيقة ما يعتنقه الآخر من كلمات فمه، لأنه ما يخرجه من داخله سيعبر عن إحساسه وقناعته الداخليه على مستواه الشخصي، وليس كل ما هو في جذور عقيدته والكتب التي شرحت كل جوانب العقيدة عنده من أصولها وجذورها المترابطة مع بعضها البعض، لأن لا يكفي أبداً أن أفحص عقيدة آخر وأحاول أن أفهما، إلا لو تعمقت في جذورها ودرستها بعمق وحياديه حقيقية، وأمامي هدف واضح من غرض دراستها، لأن أي دراسة تتحدد غايتها من هدفها....
وعندما يكون الهدف هو أن أُثبت قناعتي الشخصية، أو أن الآخر على خطأ، وابدأ أُفتش عن أخطاءه، بالطبع سأجد أخطاء وأخرج كل ما هو خطأ حسب رؤيتي التي ستُقتصر على الأخطاء فقط، التي بالطبع في ذاتها ليست أخطاء، بل لأني مُصاب بحوَّل في عين عقلي، سأرى حتى ما ليس خطأ بخطأ...
وفي النهاية لن يؤمن احدنا بما هو عند الآخر، لأن كل واحد يظن أن ما عند الآخر حتماً مزور ومُحرف، ويأتي بدلائل كثيرة جداً، مستميتاً أن يثبت كل ما وتوصل إليه من نتائج يُسقطها على الآخر، لذلك وبالتالي كل واحد يرد على الآخر ويدخل في حوار لن ينتهي أبد الدهر...
أليس هذا يا إخوتي ما يحدث بين مسلم ومسيحي يدخل في حوار، وأنا لا يعجبني معظم (وليس كل) الحوارات التي تدور على الساحة والمنتديات وعلى الدش، أشعر أن معظمها تحدي وليس بحث عن الله أكثر من البحث عن الذات، فمعظم الأحاديث تنحصر في، [ أنا صح وأنت خطأ ] هذا اختصار كل حوار، وكل واحد يدَّعي انه خايف على الآخر ويحبه ويريد خلاصه ـ وبصراحة هذا ليس حباً، لأن الحب احترام متبادل بين الطرفين، وترك كل واحد يعبد الله كيف ما شاء، ولكل واحد أن يدرس دينة أولاً بعمق ويتأصل في تنفيذ الوصية ومحبة الله، لأن الهدف هو معرفة الله ومحبته من كل القلب لا محاورة الناس واصطياد ما يدينهم، فانا اسمع لمن عاش ويعيش ما يقوله أولاً، حتى لو كان هناك بعض من الإخفاق في حياته، لكنه يعيش ويريد أن يقدم خبرة في الأساس لا معلومات مجرده يستحيل تطبيقها ...
وبعد أن يتذوق ويحيا ويعيش،حينئذٍ يستطيع أن يبحث ويُفتش على الآخرين ويقدم لهم شهادة عن إيمانه، لأني أُلاحظ أن كثيرين – أتكلم عن المسيحيين على وجهٍ أخص – لم يدرسوا بعد أو يتأصلوا في الدراسة الواعية العميقة بانفتاح الذهن بالروح لمعرفة الله كشخص حي وحضور محيي كخبرة وشركة وحياة !!! فيخرج كلامهم حي ينبض بقوة الحياة، بل معظم كلامهم ميت نابع من الدراسة من أجل تحدي الآخر وتسخيفه والسخرية من عقيدته فقط لا غير ...
مع أن من الأفضل في هذا الزمان الرديء، الذي انبرى فيه كل واحد وشمر عن ساعديه ليدافع عن الحق من وجهة نظره التي يراها صحيحة وسليمة جداً، أن نصلي سوياً إلى الله، ونتقابل هناك أمامه بتواضع، في سر الصلاة التي من القلب، وكل واحد فينا يحيا بعمق وصية الله في إصرار المحبة، طالباً وملتمساً وجهه [ وجهك يا رب أطلب، اشراق نورك ليكن في قلبي ]
ولا يستنتج أحد من كلامي أني أُريد أن أمنع أحد من الكلام، لأن هذا ايضاً تقييد حرية كل آخر، لا أقصده قط لا من بعيد ولا من قريب، لأن هذا أيضاً نافع، ولكن أن انحصر في تسخيف الآخر تحت اي حجة أو بند فهو لن يكون له معنى...
سامحوني على كلماتي التي لا أود منها سوى أن لا نخرج عن الهدف الحقيقي من معرفة الله الحق المطلق الذي هو قادر وحده أن يعلن ذاته إله حي وحضور محيي، وذلك بلمساته الخاصة البسيطة في أعماق كل واحد فينا، فندخل في سرّ معرفته وإعلان ذاته ليكن لنا فيه حياة لا تزول، وكلامنا كله يشع نوره الخاص الذي أشرق في داخلنا وفتح عيون قلبنا لنرى ما لا يُرى بإيمان حي ناظر الله...
والنطق الحي ظاهر والنطق الميت ظاهر، أما المتلون بالوان مختلفة فيظهر مشوش باهت !!!!
أقبلوا مني كل احترام وتقدير يا أجمل إخوة أحباء احترمهم واقدرهم جميعاً بلا تمييز، سلام الله يملأ قلوبنا جميعاً ويعيطنا أن نعرفه كحق مطلق وحياة متدفقة في قلوبنا بسر المحبة وخبرة حياة التقوى، ونحيا جميعاً في ملء المحبة الحقيقية كما قصدها الله وكشفها لنا... كونوا معافين بنعمة الله آمين
