تأمل فى حياة يوسف الصديق
" أنتم قصدتم لى شراً ، أما الله فقصد به خيراً " (تك 50 : 20)
" أنتم قصدتم لى شراً ، أما الله فقصد به خيراً " (تك 50 : 20)
اولا: نُصرة الشر فى البداية وهزيمته فى النهاية .
فلو تخلينا القصة من خمسة فصول ، سنرى ان الأربعة منها تنتهى نهاية مأساوية بنُصرة الشر على الخير . فيوسف بين محبة أبيه وبُغضة إخوته ، تنتصر البُغضة على المحبة . ويوسف بين شراسة يهوذا وطيبة رأوبين ، تنتصر الشراسة على الطيبة . ويوسف بين تقة فوطيفار وكذب زوجته ، ينتصر الكذب على الثقة . ويوسف بين معروفه مع الساقى وأنانية الساقى ، تنتصر الأنانية على المعروف.
فمن فصل الى فصل تزداد دهشتنا كيف ان الشر ينتصر هكذا . وما يزيد الدهشة والإثارة انه مع نُصرة الشر وازدياد الآلام ، كان يوسف يزداد روعة وصلاحاً فيزاد غموض القصة إذ لا نجد فى حياة يوسف ما يبرر نُصرة الشر هذه .
لكن العجيب ان هذه الشرور عينها التى حققت هذه الانتصارات الضخمة ، هى نفسها باجتماعها وتفاعلها معاً أخرجت أعظم خير ليوسف !! فالمعادلة لم تكن هكذا:
محبة + طيبة + ثقة + معروف = عرش
لكن المعادلة سارت بالشكل الاتى :
بًغضة + شراسة + كذب + أنانية = عرش
فكيف حدث هذا ؟!.. الإجابة فى الأمر الثانى:
ثانياً: سلطان الله دون استغلاله.
ما يجعل القصة أكثر إثارة هو أنه بينما نرى الله يُكثر من لقاءاته مع يعقوب ، سواء المباشر او غير المباشر من خلال الملائكة ، لا نجد له اى لقاء مع يوسف فلا كلمة ولا ملاك يحمى ولا ظهور يطمئن ، كما كان يفعل مع الآباء السابقين . وكأن الله لا يسمع ولا يرى ما يحدث له ، لماذا لم يظهر لإخوته مًحذرا كما فعل مع أبيمالك بخصوص إبراهيم ، وكما فعل مع لابان بخصوص يعقوب ؟ ولماذا لم يعامله حتى كلوط ويرسل ملاكاً ينقذه من البئر ؟ لكن فى النهاية نكتشف انه لم يكن بعيداً البتة من عبده ، ولم تكن الأحداث أبداً تجرى من وراء ظهره ، فهو إن ترك الشرير يمرح فإنما يسخر من شره فى النهاية ، مظهراً سلطانه فى إخراج الخير لعبده من ذات الشرور التى قصدوها له ، وليجعل عبده يغنى فى النهاية " انتم قصدتم لى شراً ، أما الله فقصد به خيراً
منقوووووووووووووووووول