- إنضم
- 18 فبراير 2007
- المشاركات
- 1,863
- مستوى التفاعل
- 51
- النقاط
- 0
باسم الله ، رب السلام ، الذي يريد أن يفهم الجميع طريق البر الذي أسسه ، وأن يخضعوا لهذا الطريق ، فيكون لهم سلامٌ حقيقيٌّ معه إلى الأبد. يسعدنا أن نكون معكم مرة ثانية اليوم ، لنقدم لكم حلقة أخرى من برنامجكم ‘طريق البر’.
رأيا كيف أرسل الله ملاكه جبرائيل إلى أرض فلسطين، لمدينة الناصرة، إلى عذراءاسمها ‘‘مريم’’. ظهر الملاك لتلك العذراء؛ لكي يخبرها أنها ستحبل بقوة روح الله، وتلد ابناً، وتسميه ‘‘يسوع’’. واسم ‘‘يسوع’’ يعني ‘‘الرب يخلِّص’’!
وهكذا، حان الزمان الذي طالما انتظره أناس الله! فالمخلِّص، الذي وعد به الله يوم أخطأ آدم وحواء، صار الآن في رحم عذراء، وعلى وشك أن يأتي إلى العالم!
.. ‘‘المسيَّا يُولَد’’..!
وقبل أن نعود إلى الإنجيل لنرى كيف تمَّت ولادة يسوع المسيَّا، دعونا نَصِف ‘‘الزمان’’ الذي تمَّت فيه ولادته. فقد كان امبراطور روما أغسطس قيصر، يحكم على بلاد كثيرة بما فيها أرض اليهود. ولكن، هل كان ممكناً للإمبراطورية الرومانية أن تعطِّل خطَّة الله لإرسال المخلِّص إلى العالم؟ لا؛ بل في الواقع، خطَّط الله أن يستخدم الرومان ليتمِّم بهم أقوال الأنبياء.
.. هل تتذكرون كلام النبي ميخا الذي أتى قبل المسيَّا بسبعمئة عام؟
لقد أعلن ميخا أن المسيَّا سيُولَد في ‘‘بيت لحم’’، البلدة التي كانت مسقط رأس الملك داود. غير أن العذراء مريم، التي كانت ستلد الطفل يسوع، لم تكن تعيش في بيت لحم، بل في ‘‘الناصرة’’، وهي مدينة على بعد نحو مئةٍ وخمسين كيلومتراً شمال بيت لحم.
.. كيف إذن يمكن أن يولد المسيا في بيت لحم؟!
حقاً، يا أصدقائي، لا يوجد ما يعسر على الله!
فهو الله، الذي له الكلمة الأخيرة في كل ما يحدث على الأرض. وهو يعرف كلَّ ما سيحدث. وسنقرأ اليوم، كيف أنه عندما اقترب الوقت لولادة مريم، أصدر امبراطور روما العظيم أمراً، يقول فيه:
‘‘فليذهب كلُّ واحدٍ إلى مدينة آبائه؛ ليسجِّل اسمه هناك، ويدفع الضريبة!’’
وهذا كان يعني أن كلٍّ من يوسف ومريم كان عليهما أن يذهبا إلى بيت لحم، مدينة الملك داود، لأنهما كانا من نسل داود.
والآن دعونا نرجع إلى إنجيل لوقا، والأصحاح الثاني، ونسمع كيف تمَّت ولادة يسوع المسيَّا في بيت لحم، تماماً كما وعد الله قبل ذلك بزمن طويل.
يقول الكتاب:
‘‘وفي تلك الأيام، صدر أمرٌ من أوغسطس قيصر بأن يُكتَتب كل المسكونة .. فذهب الجميع ليُكتَتبوا كل واحدٍ في مدينته. فصعد يوسف أيضاً من الجليل من مدينة الناصرة إلى اليهودية، إلى مدينة داود التي تُدعى بيت لحم، لكونه من بيت داود وعشيرته، ليُكتَتب مع مريم امرأته المخطوبة وهي حُبلى. وبينما هما هناك، تمَّت أيامها لتلد. فولدت ابنها البكر، وقمَّطته، وأضجعته في المذود، إذ لم يكن لهما موضعٌ في المنزل.’’
(لو 1:2، 3-7)
وهنا، أعزائي المستمعين، لابد وأن نتوقف لبرهة!
هل لاحظنا الظروف التي تمَّت فيها ولادة المسيَّا؟ لقد وُلِد المسيَّا كفلاح، في ظروفٍ وضيعةٍ جداً. وُلِد المسيَّا في مذودٍ للحيوانات؛ لأن فندق بيت لحم كان ممتلئاً تماماً، ولم يكن فيه مكان. الشخص الذي سيصير مخلِّص العالم وديَّانه، وُلِد في حظيرةٍ كريهة الرائحة!
وربما يفكِّر البعض قائلين: ‘‘هذا لا يُصدَّق! فإن كان يسوع هو مخلِّص العالم ورب المجد الذي سيدين نسل آدم، فلماذا لم يولد في قصرٍ بمجدٍ عظيم؛ كي يعرف الجميع أنه ملك الملوك ورب الأرباب؟’’
أصدقائي، ..
علينا أن نتذكَّر أن أفكار الله مختلفة تماماً عن أفكارنا، ومجد الله يختلف تماماً عن مجد العالم. فبالتأكيد، كان ميلاد يسوع مصحوباً بمجدٍ عظيم، إلا أن معظم نسل آدم لم يدرك هذا؛ وذلك، لأن مجد الله ومجد العالم يختلفان تماماً.
ولكي نوضِّح هذا، نقول:
.. ربما قد رأينا أناساً أثرياء يعيشون في بيوت كبيرة وجميلة، ويلبسون أغلى الثياب وأفخرها، ويعيشون حياة الترف والرفاهية، ولديهم من الخدم ما يحقِّق لهم كل رغبة من رغباتهم. هذا، هو مجد العالم!
.. غير أن مجد الله يختلف عن مجد العالم. ولهذا، فإن المسيَّا، الذي جاء من محضر الله، لم يولد في الترف والرفاهية والراحة. إذ لم يكن مثل معظم الأثرياء الذين لا يفهمون تعاسة الفقراء وضيقاتهم. لا! فإن ذاك الذي أرسله الله لينقذ نسل آدم من قوة الشيطان والخطية، وُلِد في ظروفٍ وضيعةٍ وحقيرة، في حظيرة حيوانات! وبهذا، لا أحد يستطيع أن يقول أن المسيَّا قد جاء لكي يخلِّص الأغنياء، أو أنه لا يستطيع أن يفهم مشاعر الفقراء! فإن الله يريد أن يفهم الجميع أن المخلِّص، الذي أرسله، قد جاء إلى العالم؛ لكي يخلِّص كلَّ مَن يؤمن به، صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً، أغنياء وفقراء، عبيداً وأحراراً.
ومن ثمَّ، يقول الكتاب:
‘‘فإنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح: أنه من أجلكم افتقر وهو غنيٌ، لكي تستغنوا أنتم بفقره (أي تصيروا أغنياء بفقره).’’ (2كو 9:8)
فإن المسيَّا هو الوحيد الذي اختار كيف يُولَد. وقد اختار أن يُولَد كشخصٍ فقير!
.. وعلينا أن نلاحظ أنه ربما يكون هناك سببٌ آخر لولادة يسوع في حظيرة. فربما كان يريد أن يذكِّرنا أنه ‘‘حمل الله’’. فالحِمْلان، تُولَد في الحظائر. هذا، وسنتعلَّم أكثر عن لقب يسوع كـ‘‘حمل الله’’ في الحلقة رقم 64.
والآن، دعونا نستمر في قراءة قصة ولادة المسيَّا، ونقرأ أعجب جزء فيها. ففي الليلة التي وُلِد فيها يسوع في حظيرة، أرسل الله ملائكته لبعض الرعاة الذين كانوا يحرسون قطعانهم في الحقول المحيطة ببيت لحم. اسمعوا معي كيف عرَّفهم الله بالخبر السار عن ولادة المسيَّا.
يقول الكتاب:
‘‘وكان في تلك الكورة رعاةٌ متبدِّين، يحرسون حراسات الليل على رعيتهم. وإذا ملاك الرب واقفٌ بهم، ومجد الرب أضاء حولهم، فخافوا خوفاً عظيماً. فقال لهم الملاك: لا تخافوا. فها أنا أبشركم بفرحٍ عظيمٍ، يكون لجميع الشعب. أنه وُلِد لكم اليوم في مدينة داود مخلصٌ هو المسيح الرب. (وكلمة ‘المسيح’ هي كلمة يونانية تقابل الكلمة العبرية ‘مَسيَّا’ التي تعني ‘الممسوح من الرب’)
ويكمل الكتاب ويقول:
‘‘وهذه لكم العلامة: تجدون طفلاً مقمَّطاً مضطجعاً في مذود. وظهر بغتةً مع الملاك جمهورٌ من الجند السماوي مسبِّحين الله وقائلين: المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة.
‘‘ولما مضت عنهم الملائكة إلى السماء، قال الرجال الرعاة بعضهم لبعضٍ: لنذهب الآن إلى بيت لحم، وننظر هذا الأمر الواقع الذي أعلمنا به الرب. فجاءوا مسرعين، ووجدوا مريم ويوسف، والطفل مضجعاً في المذود. فلما رأوه، أخبروا بالكلام الذي قيل لهم عن هذا الصبي. وكل الذين سمعوا، تعجَّبوا مما قيل لهم من الرعاة .. ثم رجع الرعاة، وهم يمجِّدون الله ويسبِّحونه على كل ما سمعوه ورأوه كما قيل لهم.’’ .. آمين.
(لو 8:2-18، 20)
فلمن أولاً أعلن الله أخباره السارة عن ميلاد المسيا؟
.. هل أعلنها للإمبراطور الروماني، أو للأغنياء، أو للقادة الدينيِّين؟
لا! لقد أعلنها الله أولاً للفلاحين، للرعاة المتواضعين الذين كانوا ينتظرون مجيء المسيَّا! فكم كان تعجُّب الرعاة ودهشتهم أن يروا الطفل يسوع! وكم هو من امتياز رهيب! لقد رأوا ذاك الذي كتب عنه جميع الأنبياء: المسيَّا، مخلِّص العالم، كلمة الله الأزلي الأبدي، متجسداً في جسد طفل صغير ضئيل!
وإذ نستمر في قراءتنا في الإنجيل، دعونا نرى ما حدث بعد ولادة يسوع بنحو عام من الزمان. ولقد رأينا للتو، كيف أعلن الله خبر ميلاد يسوع لبعض الرعاة بواسطة ملائكته الذين ظهروا في السماء. والآن، سنعرف كيف أعلن الله خبر ميلاد المسيَّا لبعض المجوس (أو الحكماء) مستخدماً في ذلك نجماً ضخماً وجميلاً ظهر في السماء!
.. فلنسمع معاً ما هو مكتوب في إنجيل متى، والأصحاح الثاني.
يقول الكتاب:
‘‘ولما وُلِد يسوع في بيت لحم اليهودية، في أيام هيرودس الملك، إذا مجوسٌ من المشرق قد جاءوا إلى أورشليم قائلين: أين هو المولود ملك اليهود؟ فإننا قد رأينا نجمه في المشرق، وأتينا لنسجد له!
‘‘فلما سمع هيرودس الملك، اضطرب، وجميع أورشليم معه. فجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب، وسألهم: أين يُولَد المسيح؟ فقالوا له: في بيت لحم اليهودية، لأنه هكذا مكتوب بالنبي: وأنتِ يا بيت لحم أرض يهوذا، لستِ الصغرى بين رؤساء يهوذا. لأنه يخرج منكِ مدبِّرٌ يرعى شعبي إسرائيل.
‘‘حينئذٍ، دعى هيرودس المجوس سراً، وتحقَّق منهم زمان النجم الذي ظهر. ثم أرسلهم إلى بيت لحم، وقال: اذهبوا وافحصوا بالتدقيق عن الصبي. ومتى وجدتموه، فاخبروني، لكي آتي أنا أيضاً وأسجد له. (إلا أن ما كان في قلب هيرودس الملك هو أن يقتل الصبي، لأنه لم يُرِد أن يكون الملكُ شخصاً آخر غيره!)
‘‘فلما سمعوا من الملك، ذهبوا. وإذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدَّمهم، حتى جاء ووقف فوق حيث كان الصبي. فلما رأوا النجم، فرحوا فرحاً عظيماً جداً. وأتوا إلى البيت، ورأوا الصبي مع مريم أمه. فخرَّوا وسجدوا له. ثم فتحوا كنوزهم، وقدَّموا له هدايا: ذهباً ولباناً ومراً. ثم إذ أُوحِيَ إليهم في حلمٍ أن لا يرجعوا إلى هيرودس، انصرفوا في طريقٍ أخرى إلى كورتهم.’’
(مت 1:2-12)
هذه كانت باختصار، قصة ميلاد المسيَّا!
.. والآن، ما الذي يمكننا أن نقوله عن كل ما سمعناه اليوم؟
هناك شيءٌ واحد يمكننا أن نقوله بكل تأكيد، وهو أن ميلاد يسوع المسيَّا، كان ميلاداً فريداً من نوعه، ولا يساويه أي ميلاد آخر في كل تاريخ العالم. ولم يكن بين أنبياء العالم أو ملوكه أو أناسه، من وُلِد كما وُلِد يسوع.
.. فلقد رأينا اليوم كيف وُلِد المسيَّا من عذراء بقوة روح الله، تماماً كما سبق وتنبأ أنبياء الله. ورأينا كيف وُلِد يسوع في بلدة بيت لحم، كما سبق وأعلن النبي ميخا قبل ذلك بسبعمئة عام. ورأينا أيضاً، كيف أرسل الله ملاكه من السماء بمجد عظيم، لجماعة من الرعاة ليعرِّفهم بالخبر السار، قائلاً: ‘‘فها أنا أبشركم بفرحٍ عظيمٍ، يكون لجميع الشعب. أنه وُلِد لكم اليوم في مدينة داود مخلصٌ هو المسيح الرب.’’
.. ثم رأينا بعد ذلك، كيف ظهر مع الملاك الأول جمهور من الملائكة، مسبحين الله وقائلين: ‘‘المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة.’’
.. ورأينا أيضاً، كيف وضع الله نجماً عظيماً في السماء؛ ليعلن لبعض الحكماء المجوس، الذين كانوا يعيشون في أرض بعيدة، أن المسيَّا، ملك الملوك، ومخلِّص الخطاة، قد وُلِد!
أصدقائي .. ما الذي يمكننا قوله إذن من جهة كل هذا؟
يمكننا أن نقول الآتي: أن لا أحد أبداً وُلِد كما وُلِد يسوع. فميلاد يسوع هو ميلادٌ فريدٌ من نوعه. وهو لا يقارن بميلاد آخر! لقد كان يسوع أكثر من نبي. فهو من تكلَّم عنه جميع الأنبياء. وهو المسيَّا الذي من السماء!
رأيا كيف أرسل الله ملاكه جبرائيل إلى أرض فلسطين، لمدينة الناصرة، إلى عذراءاسمها ‘‘مريم’’. ظهر الملاك لتلك العذراء؛ لكي يخبرها أنها ستحبل بقوة روح الله، وتلد ابناً، وتسميه ‘‘يسوع’’. واسم ‘‘يسوع’’ يعني ‘‘الرب يخلِّص’’!
وهكذا، حان الزمان الذي طالما انتظره أناس الله! فالمخلِّص، الذي وعد به الله يوم أخطأ آدم وحواء، صار الآن في رحم عذراء، وعلى وشك أن يأتي إلى العالم!
.. ‘‘المسيَّا يُولَد’’..!
وقبل أن نعود إلى الإنجيل لنرى كيف تمَّت ولادة يسوع المسيَّا، دعونا نَصِف ‘‘الزمان’’ الذي تمَّت فيه ولادته. فقد كان امبراطور روما أغسطس قيصر، يحكم على بلاد كثيرة بما فيها أرض اليهود. ولكن، هل كان ممكناً للإمبراطورية الرومانية أن تعطِّل خطَّة الله لإرسال المخلِّص إلى العالم؟ لا؛ بل في الواقع، خطَّط الله أن يستخدم الرومان ليتمِّم بهم أقوال الأنبياء.
.. هل تتذكرون كلام النبي ميخا الذي أتى قبل المسيَّا بسبعمئة عام؟
لقد أعلن ميخا أن المسيَّا سيُولَد في ‘‘بيت لحم’’، البلدة التي كانت مسقط رأس الملك داود. غير أن العذراء مريم، التي كانت ستلد الطفل يسوع، لم تكن تعيش في بيت لحم، بل في ‘‘الناصرة’’، وهي مدينة على بعد نحو مئةٍ وخمسين كيلومتراً شمال بيت لحم.
.. كيف إذن يمكن أن يولد المسيا في بيت لحم؟!
حقاً، يا أصدقائي، لا يوجد ما يعسر على الله!
فهو الله، الذي له الكلمة الأخيرة في كل ما يحدث على الأرض. وهو يعرف كلَّ ما سيحدث. وسنقرأ اليوم، كيف أنه عندما اقترب الوقت لولادة مريم، أصدر امبراطور روما العظيم أمراً، يقول فيه:
‘‘فليذهب كلُّ واحدٍ إلى مدينة آبائه؛ ليسجِّل اسمه هناك، ويدفع الضريبة!’’
وهذا كان يعني أن كلٍّ من يوسف ومريم كان عليهما أن يذهبا إلى بيت لحم، مدينة الملك داود، لأنهما كانا من نسل داود.
والآن دعونا نرجع إلى إنجيل لوقا، والأصحاح الثاني، ونسمع كيف تمَّت ولادة يسوع المسيَّا في بيت لحم، تماماً كما وعد الله قبل ذلك بزمن طويل.
يقول الكتاب:
‘‘وفي تلك الأيام، صدر أمرٌ من أوغسطس قيصر بأن يُكتَتب كل المسكونة .. فذهب الجميع ليُكتَتبوا كل واحدٍ في مدينته. فصعد يوسف أيضاً من الجليل من مدينة الناصرة إلى اليهودية، إلى مدينة داود التي تُدعى بيت لحم، لكونه من بيت داود وعشيرته، ليُكتَتب مع مريم امرأته المخطوبة وهي حُبلى. وبينما هما هناك، تمَّت أيامها لتلد. فولدت ابنها البكر، وقمَّطته، وأضجعته في المذود، إذ لم يكن لهما موضعٌ في المنزل.’’
(لو 1:2، 3-7)
وهنا، أعزائي المستمعين، لابد وأن نتوقف لبرهة!
هل لاحظنا الظروف التي تمَّت فيها ولادة المسيَّا؟ لقد وُلِد المسيَّا كفلاح، في ظروفٍ وضيعةٍ جداً. وُلِد المسيَّا في مذودٍ للحيوانات؛ لأن فندق بيت لحم كان ممتلئاً تماماً، ولم يكن فيه مكان. الشخص الذي سيصير مخلِّص العالم وديَّانه، وُلِد في حظيرةٍ كريهة الرائحة!
وربما يفكِّر البعض قائلين: ‘‘هذا لا يُصدَّق! فإن كان يسوع هو مخلِّص العالم ورب المجد الذي سيدين نسل آدم، فلماذا لم يولد في قصرٍ بمجدٍ عظيم؛ كي يعرف الجميع أنه ملك الملوك ورب الأرباب؟’’
أصدقائي، ..
علينا أن نتذكَّر أن أفكار الله مختلفة تماماً عن أفكارنا، ومجد الله يختلف تماماً عن مجد العالم. فبالتأكيد، كان ميلاد يسوع مصحوباً بمجدٍ عظيم، إلا أن معظم نسل آدم لم يدرك هذا؛ وذلك، لأن مجد الله ومجد العالم يختلفان تماماً.
ولكي نوضِّح هذا، نقول:
.. ربما قد رأينا أناساً أثرياء يعيشون في بيوت كبيرة وجميلة، ويلبسون أغلى الثياب وأفخرها، ويعيشون حياة الترف والرفاهية، ولديهم من الخدم ما يحقِّق لهم كل رغبة من رغباتهم. هذا، هو مجد العالم!
.. غير أن مجد الله يختلف عن مجد العالم. ولهذا، فإن المسيَّا، الذي جاء من محضر الله، لم يولد في الترف والرفاهية والراحة. إذ لم يكن مثل معظم الأثرياء الذين لا يفهمون تعاسة الفقراء وضيقاتهم. لا! فإن ذاك الذي أرسله الله لينقذ نسل آدم من قوة الشيطان والخطية، وُلِد في ظروفٍ وضيعةٍ وحقيرة، في حظيرة حيوانات! وبهذا، لا أحد يستطيع أن يقول أن المسيَّا قد جاء لكي يخلِّص الأغنياء، أو أنه لا يستطيع أن يفهم مشاعر الفقراء! فإن الله يريد أن يفهم الجميع أن المخلِّص، الذي أرسله، قد جاء إلى العالم؛ لكي يخلِّص كلَّ مَن يؤمن به، صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً، أغنياء وفقراء، عبيداً وأحراراً.
ومن ثمَّ، يقول الكتاب:
‘‘فإنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح: أنه من أجلكم افتقر وهو غنيٌ، لكي تستغنوا أنتم بفقره (أي تصيروا أغنياء بفقره).’’ (2كو 9:8)
فإن المسيَّا هو الوحيد الذي اختار كيف يُولَد. وقد اختار أن يُولَد كشخصٍ فقير!
.. وعلينا أن نلاحظ أنه ربما يكون هناك سببٌ آخر لولادة يسوع في حظيرة. فربما كان يريد أن يذكِّرنا أنه ‘‘حمل الله’’. فالحِمْلان، تُولَد في الحظائر. هذا، وسنتعلَّم أكثر عن لقب يسوع كـ‘‘حمل الله’’ في الحلقة رقم 64.
والآن، دعونا نستمر في قراءة قصة ولادة المسيَّا، ونقرأ أعجب جزء فيها. ففي الليلة التي وُلِد فيها يسوع في حظيرة، أرسل الله ملائكته لبعض الرعاة الذين كانوا يحرسون قطعانهم في الحقول المحيطة ببيت لحم. اسمعوا معي كيف عرَّفهم الله بالخبر السار عن ولادة المسيَّا.
يقول الكتاب:
‘‘وكان في تلك الكورة رعاةٌ متبدِّين، يحرسون حراسات الليل على رعيتهم. وإذا ملاك الرب واقفٌ بهم، ومجد الرب أضاء حولهم، فخافوا خوفاً عظيماً. فقال لهم الملاك: لا تخافوا. فها أنا أبشركم بفرحٍ عظيمٍ، يكون لجميع الشعب. أنه وُلِد لكم اليوم في مدينة داود مخلصٌ هو المسيح الرب. (وكلمة ‘المسيح’ هي كلمة يونانية تقابل الكلمة العبرية ‘مَسيَّا’ التي تعني ‘الممسوح من الرب’)
ويكمل الكتاب ويقول:
‘‘وهذه لكم العلامة: تجدون طفلاً مقمَّطاً مضطجعاً في مذود. وظهر بغتةً مع الملاك جمهورٌ من الجند السماوي مسبِّحين الله وقائلين: المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة.
‘‘ولما مضت عنهم الملائكة إلى السماء، قال الرجال الرعاة بعضهم لبعضٍ: لنذهب الآن إلى بيت لحم، وننظر هذا الأمر الواقع الذي أعلمنا به الرب. فجاءوا مسرعين، ووجدوا مريم ويوسف، والطفل مضجعاً في المذود. فلما رأوه، أخبروا بالكلام الذي قيل لهم عن هذا الصبي. وكل الذين سمعوا، تعجَّبوا مما قيل لهم من الرعاة .. ثم رجع الرعاة، وهم يمجِّدون الله ويسبِّحونه على كل ما سمعوه ورأوه كما قيل لهم.’’ .. آمين.
(لو 8:2-18، 20)
فلمن أولاً أعلن الله أخباره السارة عن ميلاد المسيا؟
.. هل أعلنها للإمبراطور الروماني، أو للأغنياء، أو للقادة الدينيِّين؟
لا! لقد أعلنها الله أولاً للفلاحين، للرعاة المتواضعين الذين كانوا ينتظرون مجيء المسيَّا! فكم كان تعجُّب الرعاة ودهشتهم أن يروا الطفل يسوع! وكم هو من امتياز رهيب! لقد رأوا ذاك الذي كتب عنه جميع الأنبياء: المسيَّا، مخلِّص العالم، كلمة الله الأزلي الأبدي، متجسداً في جسد طفل صغير ضئيل!
وإذ نستمر في قراءتنا في الإنجيل، دعونا نرى ما حدث بعد ولادة يسوع بنحو عام من الزمان. ولقد رأينا للتو، كيف أعلن الله خبر ميلاد يسوع لبعض الرعاة بواسطة ملائكته الذين ظهروا في السماء. والآن، سنعرف كيف أعلن الله خبر ميلاد المسيَّا لبعض المجوس (أو الحكماء) مستخدماً في ذلك نجماً ضخماً وجميلاً ظهر في السماء!
.. فلنسمع معاً ما هو مكتوب في إنجيل متى، والأصحاح الثاني.
يقول الكتاب:
‘‘ولما وُلِد يسوع في بيت لحم اليهودية، في أيام هيرودس الملك، إذا مجوسٌ من المشرق قد جاءوا إلى أورشليم قائلين: أين هو المولود ملك اليهود؟ فإننا قد رأينا نجمه في المشرق، وأتينا لنسجد له!
‘‘فلما سمع هيرودس الملك، اضطرب، وجميع أورشليم معه. فجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب، وسألهم: أين يُولَد المسيح؟ فقالوا له: في بيت لحم اليهودية، لأنه هكذا مكتوب بالنبي: وأنتِ يا بيت لحم أرض يهوذا، لستِ الصغرى بين رؤساء يهوذا. لأنه يخرج منكِ مدبِّرٌ يرعى شعبي إسرائيل.
‘‘حينئذٍ، دعى هيرودس المجوس سراً، وتحقَّق منهم زمان النجم الذي ظهر. ثم أرسلهم إلى بيت لحم، وقال: اذهبوا وافحصوا بالتدقيق عن الصبي. ومتى وجدتموه، فاخبروني، لكي آتي أنا أيضاً وأسجد له. (إلا أن ما كان في قلب هيرودس الملك هو أن يقتل الصبي، لأنه لم يُرِد أن يكون الملكُ شخصاً آخر غيره!)
‘‘فلما سمعوا من الملك، ذهبوا. وإذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدَّمهم، حتى جاء ووقف فوق حيث كان الصبي. فلما رأوا النجم، فرحوا فرحاً عظيماً جداً. وأتوا إلى البيت، ورأوا الصبي مع مريم أمه. فخرَّوا وسجدوا له. ثم فتحوا كنوزهم، وقدَّموا له هدايا: ذهباً ولباناً ومراً. ثم إذ أُوحِيَ إليهم في حلمٍ أن لا يرجعوا إلى هيرودس، انصرفوا في طريقٍ أخرى إلى كورتهم.’’
(مت 1:2-12)
هذه كانت باختصار، قصة ميلاد المسيَّا!
.. والآن، ما الذي يمكننا أن نقوله عن كل ما سمعناه اليوم؟
هناك شيءٌ واحد يمكننا أن نقوله بكل تأكيد، وهو أن ميلاد يسوع المسيَّا، كان ميلاداً فريداً من نوعه، ولا يساويه أي ميلاد آخر في كل تاريخ العالم. ولم يكن بين أنبياء العالم أو ملوكه أو أناسه، من وُلِد كما وُلِد يسوع.
.. فلقد رأينا اليوم كيف وُلِد المسيَّا من عذراء بقوة روح الله، تماماً كما سبق وتنبأ أنبياء الله. ورأينا كيف وُلِد يسوع في بلدة بيت لحم، كما سبق وأعلن النبي ميخا قبل ذلك بسبعمئة عام. ورأينا أيضاً، كيف أرسل الله ملاكه من السماء بمجد عظيم، لجماعة من الرعاة ليعرِّفهم بالخبر السار، قائلاً: ‘‘فها أنا أبشركم بفرحٍ عظيمٍ، يكون لجميع الشعب. أنه وُلِد لكم اليوم في مدينة داود مخلصٌ هو المسيح الرب.’’
.. ثم رأينا بعد ذلك، كيف ظهر مع الملاك الأول جمهور من الملائكة، مسبحين الله وقائلين: ‘‘المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة.’’
.. ورأينا أيضاً، كيف وضع الله نجماً عظيماً في السماء؛ ليعلن لبعض الحكماء المجوس، الذين كانوا يعيشون في أرض بعيدة، أن المسيَّا، ملك الملوك، ومخلِّص الخطاة، قد وُلِد!
أصدقائي .. ما الذي يمكننا قوله إذن من جهة كل هذا؟
يمكننا أن نقول الآتي: أن لا أحد أبداً وُلِد كما وُلِد يسوع. فميلاد يسوع هو ميلادٌ فريدٌ من نوعه. وهو لا يقارن بميلاد آخر! لقد كان يسوع أكثر من نبي. فهو من تكلَّم عنه جميع الأنبياء. وهو المسيَّا الذي من السماء!