الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الكتاب المقدس
الكتاب المقدس
البحث في الكتاب المقدس
تفاسير الكتاب المقدس
الرد على الشبهات الوهمية
قواميس الكتاب المقدس
آيات الكتاب المقدس
مكتبة الترانيم
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
Install the app
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
المنتديات المسيحية
المنتدى المسيحي الكتابي العام
الله بين ( الفلسفة والمسيحية )
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
[QUOTE="اني بل, post: 1918144, member: 85234"] [CENTER][B][I][SIZE=5][COLOR=#ff0000]الباب الثالث[/COLOR][/SIZE][/I][/B] [I][B][SIZE=5][FONT=Arial Narrow][COLOR=blue]مشكلات الوحدانية المجردة والوحدانية المطلقة[/COLOR][/FONT][/SIZE][/B][/I] [I][B][SIZE=5][FONT=Arial Narrow][COLOR=blue]الفصل الأول[/COLOR][/FONT][/SIZE][/B][/I] [I][B][SIZE=5][FONT=Arial Narrow][COLOR=blue]مشكلة العلاقة بين صفات الله وذاته[/COLOR][/FONT][/SIZE][/B][/I] [I][B][SIZE=5][FONT=Arial Narrow][COLOR=blue]أولاً - آراء الفلاسفة فيها :[/COLOR][/FONT][/SIZE][/B][/I] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]تحدثنا في الباب الأول عن آراء الفلاسفة في صفات الله على وجه الإجمال وذكرنا أن بعضهم أسند الصفات إليه، وأن البعض الآخر نفاها عنه. ونعرض الآن آراءهم فيها، بشيء من التفصيل :[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]1 - فلاسفة اليونان :[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]قال أرسطو : الله يتنزّه عن الإرادة، لأن الإرادة تقتضي الطلب، والله لا يطلب. لأنه لو كان يطلب لكان يطلب أزلاً، وطلبه أزلاً يستلزم وجود أزليين نظيره كان يطلبهم، وذلك لتنزّهه عن طلب ما هو أقل منه. وهذا محال لأنه لا شريك له على الإطلاق . وقال أيضاً : الله لا يعلم الكائنات، لأنه لو كان يعلمها لكان يعلم أزلاً، وعلمه أزلاً يستلزم وجود أزليين نظيره كان يعلمهم وذلك لتنزّهه عن علم ما هو أقل منه. وهذا محال للسبب السابق ذكره . وقال أفلوطين : تُسنَد الصفات إلى الله مسبوقة بكلمة " فوق " فيُقال إنه فوق الوجود، وفوق الكمال، وفوق... وفوق... . وهذا الوصف وإن كان موجباً في الظاهر، إلا أنه سالب في الحقيقة. وبذلك يكون أرسطو قد جرّد الله من العلم والإرادة، ويكون أفلوطين قد نفى الصفات عنه موضوعاً وأسندها إليه شكلاً، أو بالحري يكون قد جعله إلهاً خيالياً لا حقيقياً. وطبعاً ليس هناك من سبب لذلك، سوى اعتقادهما أن وحدانية الله مجردة أو مطلقة.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]2 - فلاسفة اليهود :[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]قال موسى بن ميمون ما ملخصه : وَصْف الله بالسوالب هو الوصف الصحيح الذي لا يلحقه من جهته تكثّر. أما وصفه بالإيجابيات ففيه خطر عظيم لأنه يتطلب وجود شركاء معه أو تركيب في ذاته. ولا شك أن ابن ميمون نفى الصفات الإيجابية عن الله، لأنه تعذر عليه التوفيق بين وجودها بالفعل أزلاً، وبين اعتبار وحدانيته وحدانية مجردة أو مطلقة، إذ أن التوفيق بينهما محال. وقال سبينوزا : الله ليس له عقل، ولا يوصف بالإرادة أو السمع أو البصر أو الرضا، لأن هذه الصفات تقتضي الانتقال من حال إلى حال، والله لا ينتقل من حال إلى حال. ولأنه لا يمكن التوفيق بين وحدة الجوهر وكثرة الصفات . وبذلك يكون سبينوزا قد جعل الله إلهاً خيالياً لا حقيقياً، أو جعله هو والعالم سواء، كما يتضح من بعض أقواله الأخرى.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]3 - فلاسفة المسيحيين :[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]قبل تقديم أفكارهم نقول إن معظم فلاسفة المسيحيين لا يعبّرون بأقوالهم عن رأي المسيحية، كما لا يعبّر معظم الفلاسفة الآخرين عن آراء الأديان التي ينتسبون إليها، لأنهم جميعاً ينقادون وراء منطق عقولهم وحدها. فنرجو ملاحظة ذلك في هذا الفصل وفي الفصول الآتية. أما أقوال فلاسفة المسيحيين الواردة هنا فمقتبسة من الفلسفة الأوربية في العصر الوسيط . [/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]قال القديس أوغسطينوس : صفات الله هي عين ذاته . وقال توما الأكويني : الله يتصف بجميع صفات الكمال، لكن صفاته السلبية أيسر فهماً لدى البشر من صفاته الإيجابية . وقال أيضاً : الله عين ماهيته، وعين وجوده، وعين صفاته، لأن الصفات تنافي البساطة المطلقة الواجبة للعلة الأولى . ولذلك قال : يجب أن نطلق الصفات على الله باعتبارٍ يختلف عن ذاك الذي نطلقها به على المخلوقات، كما نطلق الطيبة على الإنسان باعتبارٍ يختلف عن الاعتبار الذي نطلقها به على التفاح مثلاً . وقال جون سكوت : صفات الله هي موضوع اعتقادٍ فقط، فهي اعتبارية وليست حقيقية، لا يبلغ العقل إلى أدلةٍ قاطعةٍ عليها. كما أننا لا نستطيع أن نجعل من صفاته تمايزاً عينياً، لئلا نُدخل الكثرة على الذات الإلهية . ولذلك فهؤلاء الفلاسفة أيضاً كانوا يرون على العموم أن إسناد الصفات الإيجابية إلى الله يتعارض مع اعتبار وحدانيته وحدانية مجردة أو مطلقة.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]4 - فلاسفة المسلمين :[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]شغلت هذه المشكلة فلاسفة المسلمين أيضاً، لا بل وشغلتهم أكثر مما شغلت غيرهم، وفيما يلي خلاصة آرائهم وأهمها :[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]" أ " علاقة صفات الله بذاته : قالت فرقة الصفاتية : صفات الله غير ذاته . ولتأكيد وجهة نظرها قالت : لو كُشف الحجاب عن الإنسان لاستطاع أن يرى صفات المعاني . وقالت المعتزلة : صفاته عين ذاته . ولتأكيد وجهة نظرها قال واصل بن عطاء أحد زعمائها : من أثبت وجود صفة قديمة لله فقد أثبت وجود إلهين . وقالت الأشاعرة : صفات الله ليست هي عين ذاته، ولا هي غيرها . وقال بعض الفلاسفة : طريق السلب أقرب من طريق الإيجاب في فهم صفات الله . وقال غيرهم : الصفات ليست حقائق ذاتية بل هي أمور اعتبارية . وقال أبو هاشم البصري : صفات الله في جملتها وسط بين الوجود والعدم . وقال معمر : الله لا يتصف بصفة لأن وجودها يتناقض مع ما يجب لذاته من توحيد تام . وقال ابن رشد : لا يجوز إثبات صفة لله زائدة عن ذاته لأن ذلك يستلزم وجود كثرة فيه . وقال ابن سينا : إن كان وجود صفات المعاني من ذاتها كانت واجبة الوجود بالذات، وهذا يؤدي إلى التعدد في الواجب. وإن كان وجودها من الله كان الله فاعلاً لها. وبوصف كونها صفات له يكون قابلاً لها، فيكون الواجب فاعلاً وقابلاً، وهذا ما لا يتفق مع وحدانيته أو بساطته. فالصفات ليست وجودية وليست زائدة، وإلا كانت جزءاً من الذات ومقومة لها، فتكون ذاته مركبة، وهذا محال . أما السَّلف فكانوا يقولون : معرفة صفات الله وذاته فوق العقل البشري ولذلك لم يبحثوا فيما إذا كانت صفاته هي عين ذاته، أو غيرها. فمثلاً عندما سئل مالك بن أنس عن معنى الرحمن على العرش استوى قال : الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]" ب " وقت ظهور صفات الله : قالت فرقة الماتريدية : صفات المعاني قديمة في ذاتها . وقال السعد والعضد : إنها قديمة بالزمان فقط، لأنها ناشئة عن المولى بطريق العلة . وقالت الكرامية : إنها حادثة . وكان بعض زعماء المعتزلة ينتقدون القائلين بقدم صفات الله بالقول : إن النصارى أثبتوا ثلاثة قدماء، أما أنتم فأثبتّم بقولكم إن لله ثماني صفات قديمة، ثمانية قدماء . " علماً بأن النصارى لا يؤمنون بثلاثة قدماء بل بقديم واحد، كما يتضح بالتفصيل من الباب الرابع " . وقال غيرهم : الكلام في صفات الله في غاية الصعوبة، لأنه لا يصح القول بوجوبها أو إمكانها . أي بأزليتها أو حدوثها.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]هذه هي خلاصة آراء الفلاسفة على اختلاف الأديان التي ينتمون إليها في صفات الله وذاته.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]والآن لنسأل أنفسنا : لماذا تضاربت آراؤهم؟[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]الجواب : لأنهم لم يستطيعوا إدراك العلاقة بين صفات الله وذاته.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]ولماذا نفى معظمهم عنه الصفات الإيجابية؟[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]الجواب : لأنهم لم يستطيعوا التوفيق بين إسنادها إليه واعتبار وحدانيته وحدانية مطلقة أو مجردة.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]ثانياً - ملخص المشكلة :[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]العلاقة بين صفات الله وذاته مشكلة معقدة. ومما زادها تعقيداً أن كل فريق من الفلاسفة عزّز رأيه بأدلة لا يُستطاع الكشف عن موضع الخطأ فيها بسهولة. ولذلك نرى من الواجب أن نعرض فيما يلي ملخص هذه المشكلة على هيئة سؤال وجواب، بحسب مواجهة العقل لها، ليتضح لنا الأساس الحقيقي للإشكال.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]1 - هل لله صفات أم ليست له صفات؟[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]الجواب : له صفات لأنه موجود، وكل موجود له صفات. وبذلك تسقط حجة القائلين إن صفات الله اعتبارية، أو إنها مجرد اعتقاد، أو إنها وسط بين العدم والوجود.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]2 - إذا كانت لله صفات، فهل هي سلبية أو إيجابية؟[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]الجواب : إنها إيجابية، لأن الصفات السلبية صفات ناقصة، وإسنادها وحدها إلى الله معناه إسناد النقص إليه، وهو الكامل كل الكمال! وبذلك تسقط حجة القائلين إن الله يتصف بالصفات السلبية دون الإيجابية، أو إن الأولى أكثر مناسبة لكماله من الثانية.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]3 - وإن كانت إيجابية، فهل تُطلَق عليه بالاعتبار الذي نطلقها به على غيره، أم باعتبار آخر؟[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]الجواب : إن أطلقنا الصفات على الله باعتبار يختلف عن ذاك الذي نطلقها به على غيره، وبمعنى يختلف عن ذات المعنى الذي يُفهم منها، لأصبح الله غير مدرَك لدينا. وبما أن غرضه من الإعلان عن ذاته هو أن ندركه على حقيقته، إذاً لا شك في أنه قصد بالصفات " التي أعلن أنه متصف بها " نفس المعاني التي نفهمها منها، لكن طبعاً بدرجة تتناسب معه. فمثلاً عندما أعلن لنا أنه رحوم لا يمكن أن يكون قد قصد بذلك إلا أنه رحوم بالمعنى المفهوم لدينا، إنما بدرجة تتوافق مع كماله الذي لا حدَّ له. وبذلك تسقط حجة القائلين إن صفات الله تُطلَق عليه باعتبارٍ غير الذي تُطلق به على الكائنات.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]4 - وإن قلنا إنها إيجابية، فهل هي ذاته، أم غير ذاته، أم ليست ذاته ولا غير ذاته؟[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]الجواب : الفقرة الأخيرة من هذا السؤال لا معنى لها، لأن صفات الله إما أن تكون ذاته أو غير ذاته، إذ ليس هناك وسط بين الأمرين إلا العدم. فيكفي إذاً أن نعرف : هل صفات الله هي ذاته، أم غير ذاته؟ إن قلنا إنها ذاته جعلنا الصفة موصوفاً والموصوف صفة، أو المعنى ذاتاً والذات معنى. وهذا باطل. وإن قلنا إنها غير ذاته افترضنا وجود أشياء منفصلة عن ذاته أو ملتصقة بها، وكل ذلك باطل. وواضح أن صفات الله هي غير ذاته، لكن لا يمكن أن تكون منفصلة عن ذاته أو ملتصقة بها، بل أن تكون عاملة بينه وبين ذاته. وعملها بينه وبين ذاته لا يتأتى إلا إذا كانت وحدانيته جامعة مانعة، كما سيتضح بالتفصيل في آخر هذا الفصل.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]إن صفات الله لا تنفصل عن ذاته، إذ لا انفصال لكائن عن صفاته، ولأن التصاقها به يؤدي إلى وجود تركيب فيه " والحال أنه لا تركيب فيه " . هذا هو الجزء الأول من الإشكال الذي سندرسه ونبيّن السبيل إلى حله في آخر هذا الفصل.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]5 - وإن قلنا أيضاً إنها إيجابية، فهل هي حادثة أم قديمة، أم معلولة بالذات؟[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]الجواب : تدخل الفقرة الأخيرة من هذا السؤال ضمن الفقرة الأولى، لأن اعتبار الصفات معلولة بذات الله معناه أنه هو الذي أوجدها، ولذلك تكون حادثة، أو ليست أزلية كأزلية ذاته. فيكفي إذاً أن نعرف : هل صفات الله حادثة أم قديمة؟ إن قلنا إنها حادثة أسندنا إلى الله التعلق بحادث، وهذا باطل. لأن التعلّق بحادث يعرّض صاحبه لطروء الحدوث أو التغيّر عليه، والله منزه عن هذا وذاك. وإن قلنا إنها قديمة افترضنا وجود كائنات معه أزلاً كان يحبها ويسمعها ويكلمها، أو افترضنا وجود تركيب في ذاته، لأن هذه الصفات تستلزم في ممارستها وجود أكثر من كائن واحد، أو وجود كائن مركب،من هيولي وصورة، أو من جوهر وعرض. وهذا باطل، لأن الله لا شريك له ولا تركيب في ذاته.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]وهذا هو الجزء الثاني من الإشكال الذي سنتولى أيضاً دراسته، وإيضاح السبيل إلى حله في آخر هذا الفصل.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]ثالثاً - حلول رجال الدين و مكانتها من الصواب :[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]أما الآن، فنرى من الواجب أن نعرض الحلول التي لجأ إليها رجال الأديان للتوفيق بين اتصاف الله بالصفات الإيجابية أزلاً، وكون وحدانيته وحدانية مطلقة، لنعرف أولاً مكانة حلولهم من الصواب.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]1 - إن كانت صفات الله تتجه في الأزل إلى الكائنات التي كان في قصده أن يخلقها، فليس هناك تناقض بين اتّصافه بهذه الصفات أزلاً وكون وحدانيته وحدانية مطلقة .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]النقد : لو أن صفات الله كانت تتجه في الأزل إلى الكائنات التي كان في قصده أن يخلقها، لكان وجود هذه الكائنات أمراً ضرورياً لوجود صفاته، وهذا باطل. لأن الله كامل كل الكمال في ذاته وصفاته، بغضّ النظر عن وجود الكائنات أو عدم وجودها.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]2 - كان الله في الأزل يشاهد ذاته ويعيها، ولذلك ليس هناك تناقض بين اتّصافه بالصفات الإيجابية أزلاً، وكون وحدانيته وحدانية مطلقة .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]النقد : إن اعتبرنا وحدانية الله وحدانية مطلقة، تعذَّر علينا القول إنه يشاهد ذاته ويعيها، لأن هذا العمل يؤدي إلى تكوّن الله من إثنين هما " أ " هو " ب " وذاته، كما يؤدي إلى وجود علاقة له بينه وبين ذاته. والوحدانية المطلقة ليست مركبة، ولا علاقة لها بينها وبين ذاتها. كما تعذَّر علينا القول إنه كان يريد ذاته أو يحب ذاته، أو يسمع ذاته أزلاً. لأن ممارسته في الأزل لهذه الصفات " بل لكل صفاته الأخرى " تتطلّب إما وجود كائن أو كائنات ملازمة له أزلاً، أو وجود تركيب في ذاته. وبما أن الله واحد لا شريك له، وفي الوقت نفسه لا تركيب فيه على الإطلاق، إذاً فهذا الحل ليس على شيء من الصواب أيضاً.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]3 - ليس من الضروري لإثبات أزلية صفات الله، ضرورة ممارسته لها أزلاً، لأنه ليس من الضروري مثلاً ألا يُدعَى البصير بصيراً ما لم يبصر شيئاً، فقد يكون بصيراً دون أن يكون هناك شيء يبصره، ولذلك ليس هناك تناقض بين اتصاف الله بالصفات قبل وجود أي كائن سواء، وكون وحدانيته وحدانية مطلقة .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]النقد : حقاً قد يكون هناك شخص بصير دون أن يكون هناك شيء يبصره. لكن إذا أدركنا أن الله كامل في ذاته كل الكمال، وأنه لذلك لا يتغير أو يتطور أو يكتسب لذاته شيئاً على الإطلاق، تبيَّن لنا أنه لا يمكن أن صفاته كانت في الأزل عاطلة، ثم أصبحت بعد ذلك صفات عاملة، بسبب وجود الكائنات التي خلقها في الزمان. بل من المؤكد أن صفاته كانت عاملة من تلقاء ذاتها أزلاً لدرجة الكمال، قبل وجود أي كائن من الكائنات سواه. وعملها هذا، على اعتبار أن وحدانيته وحدانية مطلقة، يقتضي وجود كائن أو كائنات ملازمة له أزلاً، أو وجود تركيب في ذاته كما مرَّ بنا. لأنه لولا ذلك لما كان لصفاته عمل حينذاك. وبما أن الله لا شريك له ولا تركيب فيه، إذاً فهذا الحل ليس على شيء من الصواب كذلك.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]وقد يقول قائل إنه لا يُعقل أن صفتي الرحمة والعدالة وبعض الصفات الأخرى، كانت بالفعل في الله قبل وجود الناس على الأرض، لأنه لم يكن لها مجال للعمل قبل وجودهم، ولذلك فإن اعتبار جميع صفات الله بالفعل أزلاً، لا يتفق مع الحقيقة الواقعة.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]وللرد على ذلك نقول : إن الرحمة والعدالة وجميع الصفات الأخرى الخاصة بالله، لا تخرج عن كونها وجوهاً للكمال الذي يتصف به منذ الأزل. فمن البديهي أن تكون هاتان الصفتان وغيرهما من الصفات عاملة في الكمال الذي يتصف به منذ الأزل، أي قبل وجود أي كائن في الوجود سواه.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]وقد يقول قائل آخر إن الكتاب المقدس يُسنِد إلى الله الغضب، ولا يُعقَل أن الغضب كان أزلاً، لأنه لم يكن هناك ما يدعو الله للغضب حينذاك. كما أن الغضب يدل على حدوث تأثر فيه، والتأثر يقتضي التغيّر، والله لا يتغير![/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]وللرد على ذلك نقول : إذا نظرنا إلى وحدانية الله كوحدانية جامعة مانعة، اتضح لنا أن مبدأ التأثر لا بد وأن يكون موجوداً فيه منذ الأزل، لأنه بسبب هذه الوحدانية يكون محباً ومحبوباً، وعالماً ومعلوماً، ومريداً ومراداً، ومتكلماً وسامعاً، منذ الأزل. فضلاً عن ذلك، فإن الغضب المسنَد إلى الله بسبب قيام الناس بعمل الشر، لا يُراد به حدوث انفعال فيه، بل يُراد به فقط عدم رضائه عن فعل الشر، وذلك وجه من الوجوه السلبية للكمال الذي يتصف به أزلاً، لأن الكمال لا يحب الخير فقط، بل ويبغض الشر أيضاً. وبما أن كمال الله كان بالفعل أزلاً، فمن البديهي أن يكون للغضب ضد الشر أساس في ذاته أزلاً أيضاً.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]4 - إن قِدَم السمع والبصر في الله لا يستلزم قِدَم المسموعات والمرئيات، كما لايستلزم قِدَم العلم والقدرة قدم المعلومات والمقدورات. ولذلك ليس هناك تناقض بين اتصاف الله بالصفات أزلاً، وكون وحدانيته وحدانية مطلقة .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]النقد : هذا الحل يشبه الحلين السابقين، وهو خطأ مثلهما، لأنه من دواعي كمال الله أن تكون صفاته بالفعل أزلاً " سواء أدركنا كيفية عملها أزلاً أم لم ندرك " . وبما أن ممارسته لأية صفة من هذه الصفات أزلاً تستلزم وجود كائنات أزلية معه، أو وجود تركيب في ذاته، لذلك فهذا الحل ليس على شيء من الصواب أيضاً، لأن الله لا شريك له ولا تركيب فيه.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]5 - إن للصفات متعلقات ثلاثة : الأول تنجيزي " أي ما هو بالفعل " قديم بذاته تعالى، والثاني صلوحي " أي ما هو بالقوة " قديم بذواتنا، والثالث تنجيزي حادث، عند وجودنا في العالم .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]النقد : يصف هذا الرأي فقط صفات الله من جهات ثلاث، فيطلق عليها من الجهة الأزلية اسم تنجيزي قديم، ويطلق عليها من حيث صلاحيتها بالنسبة لعلاقة الله بنا اسم صلوحي قديم، ويطلق عليها من حيث ممارسته لها بالفعل عند خلقه للعالم، اسم تنجيزي حادث. لكنه لا يبين لنا كيف تكون صفات الله قديمة دون أن تكون هناك كائنات أزلية معه أو يكون هناك تركيب في ذاته، ولا كيف تكون حادثة دون أن يترتب على ذلك تعرضه للتطوّر والتغيّر. ولذلك فهذا الرأي لا يتعرض لحل المشكلة على الإطلاق.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]هذه هي الآراء الرئيسية لعلماء الدين، على اختلاف مذاهبهم في التوفيق بين صفات الله واعتبار وحدانيته وحدانية مطلقة، وهي كما اتضح لنا قد تركت المشكلة كما هي.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]رابعاً - الحل المناسب للمشكلة[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]وإن كانت مشكلة العلاقة بين صفات الله وذاته مشكلة معقدة لكن من المؤكد أن يكون لها حل، لأنه لا يمكن أن يكون هناك تناقض أو غموض في ذات الله. ولنعرف الحل يجب أن نعرف أولاً السبب الحقيقي في تضارب آراء الفلاسفة وعلماء الدين في هذا الموضوع.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]فما هو هذا السبب؟[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]الجواب : إذا صرفنا النظر عن آراء القائلين بوحدة الوجود، فإن تضارب آراء المؤمنين بأن الله ذات يرجع إلى اعتقادهم أن وحدانيته هي وحدانية مطلقة، لأن هذه الوحدانية هي وحدانية غامضة، إذا أنها لا تتميز بمميزات تكون بها صفات صاحبها بالفعل أزلاً. لكن لو أنهم نظروا إلى وحدانية الله كوحدانية جامعة مانعة، أي قائمة بمميزات تكون بها صفات الله بالفعل أزلاً، لما استعصى على واحد منهم إدراك العلاقة بين صفات الله وذاته. لماذا؟ لأنه على أساس هذه الوحدانية، لا يبقى مجال للتساؤل عما إذا كانت صفاته هي ذاته أم غير ذاته، إذ من الواضح أن تكون غير ذاته. وكونها غير ذاته لا يترتب عليه في هذه الحالة وجودها في حالة الالتصاق به أو الانفصال عنه، لأنها تكون فقط عاملة بينه وبين ذاته. ولا يبقى مجال للتساؤل عما إذا كانت قديمة أو حادثة، إذ من الواضح أن تكون قديمة قِدم ذاته، لأنه على أساس هذه الوحدانية تكون صفاته ملازمة له أزلاً، دون أن يتطلب ذلك وجود كائنات أزلية معه، أو وجود تركيب في ذاته.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]الفصل الثاني[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [I][B][SIZE=5][FONT=Arial Narrow][COLOR=blue]مشكلة أصل العالم[/COLOR][/FONT][/SIZE][/B][/I] [I][B][SIZE=5][FONT=Arial Narrow][COLOR=blue]أولاً - آراء الفلاسفة فيها[/COLOR][/FONT][/SIZE][/B][/I] [I][B][SIZE=5][FONT=Arial Narrow][COLOR=blue]اختلف الفلاسفة في أصل العالم اختلافاً عظيماً، فقال بعضهم إنه أزلي، وقال البعض الآخر إنه حادث. وفيما يلي أهم آرائهم :[/COLOR][/FONT][/SIZE][/B][/I] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]1- فلاسفة اليونان :[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]قال هيرقليطس : العالم لم يصنعه أحد من الآلهة أو البشر، لكنه كان أزلاً، وكل ما فيه من نبات وحيوان صُنع بموجب قانون ذاتي ضروري هو قانون الحكمة . وقال أفلاطون : الجوهر الخفي اللامحدود الذي صُنع منه العالم المحس، هو أزلي أبدي . وقال أرسطو : الله لم يخلق العالم بل حرّكه فحسب . فالعالم في نظر أرسطو أيضاً كان أزلاً.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]2 - فلاسفة اليهود :[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]قال موسى بن ميمون ما ملخصه : الله علة وجود العالم، والعالم حادث. لكن إثبات الحادث بالبرهان عسير. ولولا أن الوحي قد سبق وقال إن الله خلق العالم، لكنا قد قلنا إنه قديم . وقال سبينوزا : العالم قديم . ولم يجعله قديماً فحسب، بل كثيراً ما جعله هو والله واحداً، لأنه كان يرى " بسبب اعتقاده أن وحدانية الله هي وحدانية مجردة " أنه تعالى ليس قائماً بذاته.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]3 - فلاسفة المسيحيين :[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]قال جون سكوت : الخلق قديم . وقال توما الأكويني : حدوث العالم مسألة يفصل فيها الوحي، ولا يتأتَّى إثباتها بالبرهان .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]4- فلاسفة المسلمين :[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]قال ابن سينا : العالم قديم، وسَبْق الله للعالم هو سبق العلة للمعلول، والعلة مع المعلول زماناً وملازمة له، غير متأخرة عنه . وقال ابن رشد : الله ليس فاعلاً بالطبع، ولا فاعلاً بالإرادة . وقال أيضاً : تقدم الله على العالم بالسببية لا بالزمان، كتقدُّم الشخص لظله . ومعنى ذلك أن الله حسب اعتقادهما، لم يخلق العالم من العدم، بل أن العالم ملازم له أزلاً.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]ثانياً - حججهم، وضعف الردود عليها،[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]والحل المناسب للمشكلة :[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]لم يُلقِ الفلاسفة الذين قالوا بأزلية العالم آراءهم جزافاً، بل أيدوها بحجج كثيرة. وقد حاول علماء الدين الذين يؤمنون أن حدوث العالم لا يتعارض مع اعتبار وحدانية الله وحدانية مطلقة، تفنيد حجج الفلاسفة، لكنهم لم يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً. وفيما يلي أهم هذه الحجج والردود عليها، ثم الحل المناسب للمشكلة.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]حجة الفلاسفة " 1 " : قال بروكلوس : بأي باعث صمم الإله على الخلق، بعد الصمت الذي ظل فيه منذ الأزل، إلى بدئه في الخلق؟ هل لأنه رأى أن هذا هو الأفضل؟ إن كان الأمر بالإيجاب، فهو إما كان يعلم هذا الفضل أو لا يعلمه. فإن كان لا يعلمه فعدم العلم لا يتفق مع الألوهية. وإن كان يعلمه، فلماذا لم يبدأه قبل ذلك العهد؟ .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]وقال ابن سينا ما ملخصه : الله إما كان كافياً لإيجاد العالم، أو غير كافٍ له. فإن كان غير كافٍ له، فلماذا أوجده في زمن دون آخر؟ هل كان عاجزاً ثم صار قادراً؟ هذا محال! أم هل كان العالم مستعصياً عليه، فلم تتعلق القدرة بإحداثه، ثم صار ممكناً، فتعلقت القدرة بإحداثه؟ هذا محال! أم هل كان حدوث العالم قبلاً عبثاً، فلم تتعلق القدرة بإحداثه، ثم صار حدوثه ذا غرض وحكمة فتعلقت القدرة بإحداثه بعد ذلك؟ هذا محال، لأن العلة واحدة، والأوقات متساوية. أم هل لم تكن آلة للإحداث، فلم تتعلق القدرة بالإحداث، ثم وُجدت الآلة فتعلّقت القدرة به بعد ذلك؟ هذا محال! أم هل لم تكن إرادة من القديم لإحداث العالم، فلم تتعلق قدرته بإحداثه، ثم صار ذا إرادة، فتعلقت قدرته به بعد ذلك؟ هذا محال، لأن الإرادة تكون في هذه الحالة حادثة. والخلاصة إن خلق العالم في زمن دون آخر، مرجح بلا ترجيح، ولذلك فالعالم أزلي .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]الرد عليها : قالت الأشاعرة : للقديم إرادة قديمة، اقتضت أزلاً حدوث العالم في الوقت الذي حدث فيه. فلم يحدث قبل ذلك، لأنه لم يكن مراداً بالإرادة القديمة. فذلك الاقتضاء القديم هو المرجح. لأن من إرادة الباري الترجيح، ولها أن تختار . وقالت المعتزلة : خلق العالم في وقت دون آخر، ليس لسبب يرجّحه بل لأمر يوجبه .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]نقد الفلاسفة لهذا الرد : قال ابن سينا : الإرادة القديمة باقتضائها القديم لا تصلح مرجحاً للحدوث في وقت دون آخر، لأن نسبة الإرادة القديمة إلى الحدوث في الوقت المشار إليه، وإلى الحدوث في وقت غيره سواء. فلماذا اقتضت الإرادة ورجحت حدوثه في الوقت الأول دون الثاني؟ إن ترجيح هذا على ذاك، أو ترجيح ذاك على هذا، نسبتهما إلى الإرادة إما سواء، أو لا. أما النفي فغير جائز، وإلا كان إحداث العالم إرغاماً لا اختياراً، وهذا باطل. وإن كانا سواء، فهل حدث أحدهما بدون ترجيح من الإرادة أو به؟ إن كان الأول لزم الترجيح بلا مرجح. وإن كان الثاني لزم التسلسل. وكلاهما باطل. ولذلك يكون العالم أزلياً . وقال أيضاً : القول بخلق العالم في زمن دون آخر يدل على أن الله يختار. والاختيار يؤدي إلى وجود كثرة في ذاته، لأنه يستلزم معرفةً توجب القصد أو ترجّحه. والتكثّر في الواجب محال . وأيضاً : القول بحدوث العالم يدل على أن الله كان غير تام الفاعلية أزلاً. وهذا ما لا يتوافق مع كماله التام .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]رد أغسطينوس على نقد الفلاسفة : لا تناقض بين قِدَم الإرادة الإلهية وحدوث المخلوقات، ولا محل للتساؤل : لماذا خلق الله العالم في زمن دون آخر، لأن الزمن لم يكن له وجود قبل خلق العالم، إذ أن بدء الخلق هو بدء الزمن، ولذلك فخلق العالم من العدم ليست فيه مفاضلة بين زمنين. فليس هناك زمن قبل خلق العالم كان الله لا يعمل فيه شيئاً.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]النقد والحل : قد يبدو لأول وهلة أن رد أغسطينوس يدحض حجة القائلين بأزلية العالم. لكن بالتأمل فيه يتضح لنا أنه رد جزئي فحسب، لأن حدوث العالم يدل على أن الله قد عمل بعد أن كان لا يعمل، وهذا ما يتعارض مع ثباته وعدم تغيّره. ولذلك فالاعتراض الذي يجب مواجهته بالذات هو :[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]خَلْق الله للعالم يدل على انتقاله من حالة السلب إلى الإيجاب، أو من السكون إلى الدعوة للوجود، إذا يكون قد عمل بعد أن كان لا يعمل. وهذا يتعارض مع ما يجب له من ثبات تام .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]وللرد على هذا الاعتراض نقول : لو اعتبرنا وحدانية الله وحدانية مطلقة، لما كان مفرّ من التسليم بأنه كان موجوداً في حالة السكون أزلاً، لأن صفاته " إن كانت له صفات في هذه الحالة " تكون عاطلة أزلاً، ولتعَّذَر علينا تبعاً لذلك إسناد الخَلْق إليه، لأنه كان يتطلب منه الانتقال من السكون إلى العمل، الأمر الذي لا يليق بثباته تعالى وعدم تعرّضه للتغيّر أو التطوّر. لكن إذا نظرنا إلى وحدانيته كوحدانية جامعة مانعة، اتضح لنا أنه من البديهي أن تكون صفاته عاملة منذ الأزل، ولذلك لا يكون قد انتقل بالخلق من حالة السلب إلى الإيجاب، أو من السكون إلى العمل. بل بالعكس يكون الخلق مجرد مظهر من مظاهر عمل صفاته الأزلي بينه وبين ذاته. وهذا لا يقتضي حدوث أي تغير في ذاته، وبذلك تسقط حجة الفلاسفة من أساسها، ويتحقق لنا أن خلق الله للعالم لم يترتب عليه حدوث تغير في ذاته.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]وقد أشار الكتاب المقدس إلى أن الله كان يعمل قبل حدوث الخلق فقال : أَنَا الْحِكْمَةُ مُنْذُ الْأَزَلِ مُسِحْتُ، مُنْذُ الْبَدْءِ, إِذْ لَمْ يَكُنْ قَدْ صَنَعَ " الرب " الْأَرْضَ,,, كُنْتُ عِنْدَهُ صَانِعاً normal " أمثال 8 :12-31 " . فهذه الآيات، وإن كانت بها بعض المعاني المجازية، إلا أنها تدل بكل وضوح، على أن الله لم يكن عاطلاً قبل الخلق بل كان عاملاً.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]أما عن الاعتراض : لماذا خلق الله العالم في الزمن الذي خلقه فيه، دون غيره من الأزمنة؟ فلا مجال له إطلاقاً. لأن الزمن ليس له وجود في ذاته، وهو لا يوجد إلا إذا وُجدت الأشياء وحدثت. فالزمن كما قال أغسطينوس لم يكن موجوداً قبل الخَلْق، بل وُجد بحدوث الخلق، ولذلك فخلق الله للعالم من اللاشيء ليست فيه مفاضلة بين زمنين. كما أن التساؤل : لماذا كان العالم حادثاً والله قد أراد وجوده أزلاً؟ وما يريده الله أزلاً يعمله أزلاً، لأنه ليس هناك ما يمنعه من عمل ما يريد، بمجرد ما يريد ليس له مجال على الإطلاق، طالما أن حدوث العالم لم يغيّر شيئاً في ذات الله، إذ من البديهي أنه وإن كانت الأوقات والظروف هي واحدة بالنسبة إليه دائماً أبداً، إلا أنه لا يقوم بأي عمل من أعماله إلا بكل حكمة وفطنة، وذلك لخير خليقته التي تتأثر بالأوقات والظروف.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]حجة الفلاسفة " 2 " : قال أفلوطين : الواحد لا تصدر عنه أعماله بالإرادة بل بالضرورة. وما يصدر عن الواحد صدوراً ضرورياً، هو مثل ذاته. فالعالم أما أن يكون أزلياً، أو يكون مثل ذات الله. ولما انتفى أن يكون مثل ذاته، لذلك يكون أزلياً .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]وقال الكسندر أوف هاليس : الواحد لا يصدر عنه إلا واحد فحسب. وبما أن العالم متعدد، إذاً فهو لم يصدر عن الله، بل إنه أزلي .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]وقال شلينج : الفلسفة عاجزة عن تفسير خروج الكثرة المتنوعة من الواحد المطلق . فبناءً على منطقه يكون اعتبار العالم أزلياً أقرب إلى العقل من اعتباره مخلوقاً. وقال ابن سينا : الموجود القائم بذاته لا يمكن إلا أن يكون واحداً من كل وجه، والواحد من كل وجه لا يصدر عنه إلا واحد، وإلا تعددت جهات ذلك الواحد بتعدّد ما يصدر عنه . فبناءً على منطق ابن سينا لا يكون العالم قد صدر عن الله، بل يكون أزلياً، لأن العالم متعدد النواحي.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]الرد عليها : قال القديس أغسطينوس : القول بصدور العالم عن الله صدوراً ضرورياً معناه أن الله يتجزأ، والحال أنه لا يتجزأ. ولذلك فالعالم لم يصدر عن الله صدوراً ضرورياً، بل صدر عنه بإرادة . وقال توما الأكويني : العالم لم يصدر عن الله بالضرورة، لكن صدر عنه باختياره. وما يصدر عنه باختياره لا يشترط فيه أن يكون واحداً . وقالت المعتزلة : الفاعل هو الذي يفعل بقصد واختيار، والقول بقِدَم العالم ينفي الاختيار عن الله . وبما أن الله يتصف بالاختيار، فبناءً على منطق المعتزلة يكون العالم مخلوقاً به.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]النقد والحل : لو اعتبرنا وحدانية الله وحدانية مطلقة، لتعذَّر علينا إسناد الإرادة أو الاختيار إليه، لأننا إن قلنا إنه كانت له إرادة أزلاً، أسندنا إليه التركيب من مريد ومُراد، أو افترضنا وجود كائنات أزلية معه كان يريدها أزلاً، إذ لا إرادة مع التركيب أو الكثرة.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]وقد يقول قائل إن النفس البشرية واحدة، ومع ذلك فهي مريدة بغض النظر عن اتصالها بالإنسان. وللرد على ذلك نقول إن النفس وإن كانت واحدة، لكنها تشتمل على ملكات ومميزات كثيرة " كما ذكرنا في الباب الثاني " . ولذلك فإنها وإن كانت واحدة، إلا أنها مركبة. بينما الله مع وحدانيته لا تركيب فيه على الإطلاق.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]وإن قلنا إن الله اتصف بالإرادة في الزمان، أسندنا إليه التطوّر والتغيّر، إذ يكون قد صار مريداً بعد أن كان غير مريد. وهذا ما يتعارض مع ثباته وعدم تعرضه للتطور والتغير. لكن إذا نظرنا إلى وحدانية الله كوحدانية جامعة مانعة، اتضح لنا أنه من البديهي أن يكون متصفاً بالإرادة منذ الأزل، لأن الإرادة تلازم هذه الوحدانية، وتبعاً لذلك لا يكون العالم قد صدر منه بالانبثاق أو الضرورة، كما يقول بعض الفلاسفة، أو وُجد من تلقاء ذاته أزلاً، كما يقول البعض الآخر، لأن المادة لخلّوها من العقل لا توجد من تلقاء ذاتها، بل لابد لها من موجد. وهذا الموجد لا يمكن أن يكون مادة مثلها، لأن المادة لا تخلق مادة أخرى من تلقاء ذاتها. فيكون العالم قد خُلق حقاً بإرادة الله واختياره، وبذلك تسقط حجة المعترضين من أساسها.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]حجة الفلاسفة " 3 " : قال ابن سينا ما ملخصه : القول بحدوث العالم يؤدي إلى استكمال الله بالغير. واستكمال الله بالغير يؤدي إلى وجود نقص فيه، والنقص بالنسبة لله محال. ولذلك يكون العالم أزلياً .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]النقد والحل : لم يتعرض أحد من القائلين بخلق العالم لمواجهة هذا الاعتراض برد قاطع، لأنهم يعتقدون " على اختلاف الأديان التي ينتمون إليها " أن الله خلق العالم ليُظهر ذاته، أو يستثمر صفاته، أو ليصير معروفاً عند غيره. وكل هذه الأغراض إن صحّت، أدت " والعياذ بالله " إلى وجود نقصٍ فيه، وإلى رغبته في استكمال هذا النقص بالغير " كما قال ابن سينا " . وهذا ما لا يتناسب مع كماله واستغنائه بذاته عن كل شيء سواها.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]لكن إذا نظرنا إلى وحدانية الله كوحدانية جامعة مانعة، اختفى كل مجال للظن بأن الله قد خلق العالم ليظهر ذاته أو صفاته، لأنه على أساس هذه الوحدانية تكون ذاته متعيّنة بتعيّن واضح، وتكون صفاته عاملة أزلاً بينه وبين ذاته إلى درجة الكمال، وبذلك لا يكون خَلْقه للعالم وسيلةً لإعلان ذاته أو صفاته، بل يكون نتيجة طبيعية لعمل صفاته الأزلي بينه وبين ذاته.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]حجة الفلاسفة " 4 " :قال ابن سينا ما ملخصه : القول بخلق العالم يؤدي إلى دخول الله في علاقة بعد أن لم تكن له علاقة. وبما أن الله لايطرأ عليه تغيير ما، يكون العالم أزلياً .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]الرد عليها : قال جيوم دوفري : حدوث العالم لا يغيّر شيئاً في ذات الله، لأن العالم صادر عن الله بإرادة قديمة . وقالت المعتزلة والأشاعرة : الله خلق العالم بإرادة قديمة . فبناءً على رأيهم تكون لله علاقة قديمة بالعالم، وبذلك لا يكون بخلقه إياه قد دخل في علاقة جديدة.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]النقد والحل : لو كانت وحدانية الله مطلقة لما كانت له في ذاته إرادة أو علاقة، لأن وجودهما لا يتناسب مع ما لهذه الوحدانية من خصائص، ولكان خلقه للعالم قد عرّضه تبعاً لذلك للتغيّر والتطوّر، إذ يكون قد أصبح مريداً بعد أن كان غير مريد، وذا علاقة بعد أن كان بغير علاقة، الأمر الذي يتعارض مع ثباته. ولذلك فالرد المذكور لا يدحض حجة المعترضين.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]لكن إذا نظرنا لوحدانية الله كوحدانية جامعة مانعة، اتضح لنا أنه من البديهي أن تكون بينه وبين ذاته علاقات خاصة منذ الأزل، وأن يكون متّصفاً بالإرادة منذ الأزل أيضاً. فقد اتضح لنا أنه من البديهي أن يكون بهذه الإرادة قد قصد أن يخلق العالم منذ الأزل كذلك " لأن كل أعماله معروفة لديه أزلاً " . وبناءً على ذلك تكون له علاقة مع العالم منذ الأزل، بجانب العلاقات الخاصة الكائنة بينه وبين ذاته أزلاً. ولذلك لا يكون بخلقه للعالم قد دخل في علاقة لم تكن موجودة في ذاته من قبل، كما يقول المعترضون.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]حجة الفلاسفة " 5 " : قال أرسطو : إذا أحدث الله العالم، فإنما يُحدثه ليبقَى هو كما كان، أو يُحدثه لما هو أفضل، أو يُحدثه لما هو مفضول. وكل هذه أغراض بعيدة عما يُتصوَّر في حق الله، ولذلك يكون العالم أزلياً . وقال ابن سينا بهذا المعنى تقريباً : الفاعل لا يأتي عملاً إلا لفائدته الشخصية، أو لفائدة تعود على غيره، أو لأن الفعل حسن في ذاته. لكن الغرضين الثاني والثالث لا يدفعان وحدهما الفاعل على العمل إلا إذا كانت له مصلحة خاصة. وبما أن هذا الغرض لا يليق بالله، يكون العالم أزلياً .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]النقد والحل : لم أعثر بردٍّ قاطع على هذا الاعتراض فيما قرأته من آراء الذين يريدون التوفيق بين خلق الله للعالم، واعتبار وحدانيته وحدانية مطلقة. وطبعاً يرجع السبب في ذلك إلى أنه لو كانت وحدانية الله مطلقة لما كان له غرض من خلق العالم سوى الحصول على فائدة خاصة، مثل إظهار قوته وسلطانه، أو على الأقل إعلان ذاته وصفاته. ولما كانت هذه الأغراض لا تليق بكمال الله المطلق واستغنائه بذاته، لذلك يجب أن نعتبر العالم أزلياً، كما قال الفلاسفة، لأن هذا يكون أقرب للصواب، أو بالحري إلى كمال الله، من اعتباره في حاجة لشيء من الأشياء.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]لكن هل العالم أزلي؟[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]الجواب : طبعاً لا، فالأدلة الدينية والمنطقية والعلمية تثبت جميعاً أن العالم مخلوق، لأن الأزلي غير مركب ولا يتحيَّز بمكان، ولا يتغيَّر، ولا ينقرض، بينما العالم مركب، ومتحيز ومتغير ومعرض للانقراض. فقال الإنجيل إن الأجرام السماوية تنحل ملتهبة، والعناصر تذوب محترقة " 2بطرس 3 :12 " . وقال العلماء : إن الشمس تحترق ببطء والنجوم تتضاءل وكل حرارة في الكون مصيرها إلى الإشعاع، وإن الكون على الإجمال يتقدم نحو الانحلال أو الاحتراق. وماله نهاية له حتماً بداية، أو بتعبير آخر لا يكون أزلياً، بل مخلوقاً. فضلاً عن ذلك فقد أجمع أشهر العلماء " كما ذكرنا في الباب الأول " على أن العالم مخلوق. وقد ذهب رجال الجيولوجيا إلى أن العالم وُجد منذ 2 بليون سنة. ونحن لا نكذّبهم في تقديرهم، لأن الكتاب المقدس وإن كان لم يعلن لنا التاريخ الذي خُلق فيه العالم، لكن يُستنتج منه أن هذا التاريخ أبعد من أن تستطيع عقولنا إدراكه، فقد قال : فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللّهُ السَّمَاوَاتِ وَا لْأَرْضَ " تكوين 1 :1 " .[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]أما الدعوى بأنه لو كانت المادة حادثة لاحتاجت لمادة قبلها توجَد منها، كما قال ابن سينا وابن رُشد وغيرهما، فلا نصيب لها من الصحة، لأن هذه الدعوى تؤدي إلى التسلسل إلى ما لا نهاية له، والحال أنه يجب أن ننتهي إلى علة أولى هي أصل جميع الأشياء، يجب أن تكون عقلاً لا مادة، لأن المادة لا تعمل شيئاً من تلقاء ذاتها، أما العقل الذي لا حدّ لقدرته فيستطيع أن يعمل كل شيء بدونها.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]ويواجهنا سؤال آخر :[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]كيف يكون العالم مخلوقاً، ولا يتعارض خلقه مع عدم حاجة الله لشيء من الأشياء؟[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]الجواب : إذا نظرنا لوحدانية الله كوحدانية جامعة مانعة، اتضح لنا أنه من البديهي أن يكون منذ الأزل متصفاً بصفات مثل المحبة والإرادة والقدرة، وأن تكون هذه الصفات ليست في حالة السكون بل في حالة العمل، وعملها هذا لا يمكن أن يُخفَى، بل لابد أن يظهر ويتجلى. ولذلك كان من البديهي أن يخلق وأن يعتني بما يخلق. وخلقه في هذه الحالة لا يكون من باب العبث أو الرغبة في إعلان ذاته، أو إضافة مجد جديد لمجده الأزلي، أو الإقلال من مجده هذا " كما يتصور المعترضون في حقه " بل يكون نتيجة طبيعية لعمل صفاته أزلاً. وبذلك تسقط حجتهم هذه كما سقطت غيرها من الحجج.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5][COLOR=blue][B][I]مما تقدم يتبيّن لنا أن الاعتقاد بأن وحدانية الله مجردة أو مطلقة، يؤدي لاعتبار العالم أزلياً مع الله، أو اعتبار العالم والله شيئاً واحداً، أو يؤدي لحدوث تغيّر وتطوّر في الله عند قيامه بخلق العالم. أما الاعتقاد بأن وحدانية الله جامعة مانعة، فيدل على أن الله خلق العالم دون أن يتعرض سبحانه للتغيّر أو التطور.[/I][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER] [/QUOTE]
التحقق
رد
الرئيسية
المنتديات
المنتديات المسيحية
المنتدى المسيحي الكتابي العام
الله بين ( الفلسفة والمسيحية )
أعلى