karas karas
Well-known member
- إنضم
- 13 مارس 2022
- المشاركات
- 342
- مستوى التفاعل
- 272
- النقاط
- 63
وفي هذا اليوم أيضا تنيح الأب العظيم الأنبا هدرا أسقف مدينة أسوان، وقد ولد من أبوين مسيحيين، فربياه وعلماه مخافة الرب منذ صغره. ولما بلغ ثماني عشرة سنة أحب والداه أن يزوجاه من إحدى قريباته. ولكنه امتنع بحجه المرض، حتى إذا كان صباح ذلك اليوم، ذهب إلى الكنيسة مبكرا، وصلي مع الجماعة وطلب من السيد المسيح أن يسمعه من أقوال الكتب المقدسة ما يتفق وما في قلبه. فسمع ما استراح إليه.
ولما خرج من الكنيسة رأى ميتاً محمولا ذاهبين به إلى المقبرة، فسار مع المشيعين وكان يحدث نفسه قائلا: "اسمع يا هدرا. ليس هذا الذي قد مات. ولكنك أنت الذي قد مت عن هذا العالم الزائل". ولما وصلوا ودفنوا الميت، لم يعد إلى بيته بل التحق بالدير وأقام مع الرهبان. ولما سمع أقاربه وأصدقاؤه أتوا إليه وقالوا له: "إنك بعملك هذا تجلب علينا الحزن، كما تؤلم قلب خطيبتك. وأنت تستطيع أن تعبد الله في أي مكان شئت". وإذ لم يفلحوا في إرجاعه عن رأيه عادوا والحزن يملأ قلوبهم علي فراقه.
أما هو فقد اندفع في عبادة حارة، ونسك عظيم وصوم دائم، وصلوات متواترة، ومطانيات عديدة، وكان في أيام القديس بيمين، فتتلمذ له، وكان يسترشد بتعاليمه وقدوته الصالحة.
وبعد ذلك بثماني سنين طلب أن ينفرد في البرية. وإذا سمحوا لـه ، انطلق حتى عثر علي مغارة فسكن فيها وطلب من القديس بيمين أن يطلع علي سيرة القديس العظيم أنبا أنطونيوس أب الرهبان ليتعلم منها قتال العدو الشرير. ومكث هناك أياما كثيرة يجاهد ضد إبليس وجنوده، وكان الشيطان يجربه كثيرا، فمن ذلك أنه ظهر له وبيده سيف مسلول يريد قطع يديه، فصرخ القديس إلى الرب، فغاب عنه الشيطان في الحال. وفي أحد الأيام خرج من مغارته، ولما عاد وجد تنينا عظيما داخلها. فصلي إلى الرب قائلا: "ياربي وسيدي إن كانت هذه إرادتك أن أسكن مع هذا الوحش فلتكن". ثم تطلع إلى التنين فوجده مقطعا إلى ثلاثة أجزاء.
وكان في حرب دائمة مع الشياطين، لا ينام الليل ولا يستقر بالنهار، وكان الرب يخلصه منها، وأخيرا حبس نفسه في قلايته، و كانوا يأتون إليه بالمرضي والمصابين بالأرواح النجسة، فيصلي علي زيت ويدهنهم به فيبرءون في الحال.
وكانت الأرواح النجسة تصرخ قائلة : "ويلاه منك يا هدرا. أحرقتنا وطردتنا من البراري". وأتي إليه رهبان من الشام وسألوه عن مسائل غامضة في الكتب المقدسة، ففسر لهم معانيها، فأعجبوا بعلمه قائلين: "لقد طفنا جبالا وأديرة كثيرة، وزرنا معلمين وفلاسفة، فلم نجد من يفسر لنا هذه المسائل كما يفسرها لنا هذا القديس".
ولما تنيح أسقف مدينة أسوان ذهب بعض من شعبها إلى الدير، وهناك اجتمعوا بالرهبان الذين حضروا من الشام، وهؤلاء قد أثنوا لهم علي القديس هدرا، فذهبوا إليه وأخذوه رغما عنه وسافروا إلى الإسكندرية ورسمه لهم الأنبا ثاؤفيلس بابا الإسكندرية أسقفا عليهم. وما أن جلس علي كرسيه حتى عكف علي وعظ شعبه وتعليمه طريق الحياة، وقد صنع آيات كثيرة وكمل حياته بسيرة حسنة، ثم تنيح بسلام. صلاته تكون معنا . آمين.