الصوم الأربعيني المقدس، صوم الغلبة والانتصار

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
في هذه الأيام المجيدة نقف في حيرة من التواضع المُذهل الذي لربنا يسوع، الذي وهو ليس بحاجة إلى شيء ما قط، تنازل جداً وصام لأجلنا نحن الذين عضتنا الحية بسمها القاتل بعدما استمعنا إليها وخضعنا لتدبيرها لهلاك أنفسنا، لأننا كلنا انخدعنا ووقعنا في شراكها ودخلنا في مرض عضال عديم الشفاء، ولم نستطع قط أن نفلت من القيد الذي صار في عُنقنا لكي نصير عبيد تحت سلطان الموت الذي لم يفلت منه أحد قط إذ بسببه قد [ وضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة ] (عبرانيين 9: 27)، إذ قد تميزت حياتنا بأعمال الجسد وميلنا الغير منضبط نحو الخير الغير موجود فأسرعنا – بخطى ثابتة – نحو الهلاك الأبدي بكل نشاط إذ نفعل دائماً إرادة ميل قلبنا الشرير…

وإذ كان هذا هو حالنا فقد ظهر في ملء الزمان كالتدبير، كلمة الله الذاتي المساوي والخالق الشريك مع الآب، ظهر في جسدنا نحن، أي اتخذ لنفسه طبعنا البالي القابل للموت، وشابهنا في كل شيء ما عدا الخطية وحدها فقط، وصار على شكلنا، إنساناً مثلنا، وقد ولد من العذراء القديسة مريم الدائمة البتولية، ومع أنه أتخذ جسدنا، لكنه لم يفقد شيئاً أو ينتقص مما كان له، إذ ظل كما هو قبل التجسد هو هو الإله الكلمة في ملء مجد ألوهيته، ولكنه أضاف إليه ما لم يكن له أي طبعنا نحن البشرّ، ولم يُظهر بهاء مجده في تواضع مذهل وتخلي فائق إذ أنه بحريته وإراداته وحده [ أخلى نفسه آخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس ] (فيلبي 2: 7)، وذلك لكي يتقبل في جسده عضه الحية المُميتة، وبقدرة لاهوته الفائق الوصف والمعرفة يقضي على سمها في جسده ليكون هو ذاته ترياق الخلود، لكي كل من يؤمن به ويدخل فيه ويلبسه ينال الشفاء التام ويكون له الحياة الأبدية إذ أنه يتطبع بطبعه الغير قابل للموت، فيدخل كل إنسان مؤمن إيمان حقيقي في سرّ الخلود والحياة الجديدة في شخصه القدوس.

لذلك نحن اليوم نشترك في نفس ذات الصوم عينه، لأنه ضمنا إلى نفسه حتى بنفس ذات طبعنا ينتصر لحسابنا الخاص، لكي حينما نشترك في صومه، نأخذ قوة نصرته على الشيطان لتصير كل تجاربه كلا شيء وكل عضة مُميته له في أنفسنا بلا قوة أو فاعلية، لأنها أُبطلت في المسيح يسوع إلهنا القدوس الحي، الذي سلمنا نصرته حينما اشتركنا كلنا في موته وقيامته، هذه التي نحياها كل يوم وكل ساعة لأننا نتقبل منه في كل وقت نقف بين يديه ونحيا بالإيمان بعمله، حياة النُصرة والغلبة، لأنه مكتوب عنه: [ خرج غالباً ولكي يغلب ] (رؤيا 6: 2)، [ والحي وكنت ميتاً وها أنا حي إلى أبد الآبدين أمين ولي مفاتيح الهاوية والموت ] (رؤيا 1: 18)

لذلك يا إخوتي لنشترك في صومه بتقوى بكل تواضع ووداعة قلب، متمسكين بالشهادة: [ وهذه هي الشهادة أن الله أعطانا حياة أبدية وهذه الحياة هي في ابنه ] (1يوحنا 5: 11)، ابنه الذي [ صعد إلى العلاء، سبى سبياً وأعطى الناس عطايا ] (أفسس 4: 8)، [ الجبار يسلب وغنيمة العاتي تفلت ] (إشعياء 49: 25)، لأننا كنا نحن الغنيمة التي لعدو الخير الحية القديمة، فافلتنا من فخ الصياد وأعطانا حرية مجد أولاد الله: [ لأنه ينجيك من فخ الصياد ومن الوبأ الخطر ] (مزمور 91: 3)، لذلك به وحده [ انفلتت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين، الفخ انكسر ونحن انفلتنا ] (مزمور 124: 7)، لذلك مكتوب لنا: [ إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح. لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت. لأنه ما كان الناموس عاجزاً عنه في ما كان ضعيفاً بالجسد، فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد. لكي يتم حكم الناموس فينا نحن السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح ] (رومية 8: 1 – 4)

ولكي ندخل في سرّ الغلبة والنصرة في المسيح يسوع على المستوى العملي في حياتنا اليومية، فأن الرسول يقول: [ فإذاً أيها الإخوة نحن مديونون ليس للجسد لنعيش حسب الجسد. لأنه أن عشتم حسب الجسد (طلباته وشهواته) فستموتون ولكن أن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون ] (رومية 1: 12 – 13)، وأعمال الجسد التي ينبغي أن نُميتها باستمرار وبدوام: [ وأعمال الجسد ظاهرة التي هي: زنى، عهارة، نجاسة، دعارة، عبادة الأوثان، سحر، عداوة، خصام، غيرة، سخط، تحزب، شقاق، بدعة، حسد، قتل، سكر، بطر، وأمثال هذه التي أسبق فأقول لكم عنها كما سبقت فقلت أيضاً أن الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله ] (غلاطية 5: 19 – 21)
وعلينا أن نُميت أعمال الجسد لا بقدرتنا أو قوتنا الخاصة بل بطلب قوة الله [ ولكن شكراً لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح ] (1كورنثوس 15: 57)، [ لأن كل من ولد من الله يغلب العالم، وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم إيماننا ] (1يوحنا 5: 4)

وينبغي يا إخوتي أن لا نحزن روح الله الذي به خُتمنا، وأن أحزناه علينا التوبة فوراً وبلا تأجيل، لأن به لنا الغلبة والنصرة الأكيدة لأنها مضمونه بسبب تجسد الكلمة الحي فينا: [ أن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكناً فيكم، فالذي أقام المسيح من الأموات سيُحيي أجسادكم المائتة أيضاً بروحه الساكن فيكم ] (رومية 8: 11)، وعلينا أن نصغي لصوت الروح لكي يقودنا وحده، لأنه مكتوب: [ لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله. إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف، بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب. الروح نفسه أيضاً يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله. فأن كنا أولادا فإننا ورثة أيضاً، ورثة الله ووارثون مع المسيح أن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضاً معه ] (رومية 8: 14 – 17).

وهبنا الله سرّ هذا الصوم المجيد لنستلم منه قوة الغلبة والنصرة في حياتنا لنحيا له ونغلب بقوته فنفوز بمجده، كونوا معافين
 

اليعازر

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
17 أكتوبر 2010
المشاركات
3,407
مستوى التفاعل
709
النقاط
0
تأمل رائع في الصوم أخي أيمن.

كل صوم وانت مبارك بنعة الرب يسوع المسيح .. صلواتك

.
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
وينبغي يا إخوتي أن لا نحزن روح الله الذي به خُتمنا، وأن أحزناه علينا التوبة فوراً وبلا تأجيل، لأن به لنا الغلبة والنصرة الأكيدة لأنها مضمونه بسبب تجسد الكلمة الحي فينا:
شكرا أخى الغالى أيمن
موضوع روحى رائع كالعاده
الرب يبارككم

cross_roses.gif

 

bahaa_06

اجيرا بكرم يسوع
عضو مبارك
إنضم
8 يناير 2007
المشاركات
1,522
مستوى التفاعل
405
النقاط
0
الإقامة
قلب السيد المسيح
مقال رائع جدا .. الله يبارك حياتك .. بعد اذنك نشرته بجروب اجيرا بكرم السيد المسيح ..بالفيس بوك ..تحت اسم حضرتك اشكرك جدا على الكلام الجميل والنافع ربنا يعوض تعب حضرتك
 

حبيب يسوع

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
15 مايو 2007
المشاركات
15,458
مستوى التفاعل
1,956
النقاط
113
موضوع جميل جدا
للصوم فوائد روحية كبيرة جدا يجعل النفس تسموا
فوق المعصية
الرب يباركك
 

الكرمه الصغيره

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2012
المشاركات
2,622
مستوى التفاعل
786
النقاط
113
احببت جداً هذا الموضوع قمة الروعة أخي العزيز، والصوم مع الصلاة مهم واساسي في حياة المؤمنين ...
ونرى ذلك ايضاً في حياة الرسل وتلاميذ المسيح. فكان سر نجاح علاقتهم بالفادي و خدمتهم هي ارتباطهم الكامل بروحه القدوس وشركتهم المستمرة والمنتظمة معه في الصلاة وفي اصوام كثيرة.
ففي اعمال الرسل نجدهم يجاهدون ليس بالتبشير والخدمة فقط بل بالصلاة والصوم لطلب معونة وارشاد الروح القدس:
وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما اليه. فصاموا حينئذ وصلوا ووضعوا عليهما الايادي ثم اطلقوهما
وانتخبا لهم قسوسا في كل كنيسة ثم صليا باصوام واستودعاهم للرب الذي كانوا قد امنوا به.
وكلام السيد المسيح الاتي هو ليس للتلاميذ الاولين فقط بل هو موجهه لكل تلميذ :
ولكن ستاتي ايام حين يرفع العريس عنهم فحينئذ يصومون في تلك الايام.
ولما دخل بيتا ساله تلاميذه على انفراد لماذا لم نقدر نحن ان نخرجه. فقال لهم هذا الجنس لا يمكن ان يخرج بشيء الا بالصلاة والصوم
سلام الرب يسوع معك والرب يباركك على هذه المواضيع الرائعة
والمجد لربنا يسوع المسيح
دائماً وأبداً...آمين
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
إلهنا القدوس الحي يفرحكم ويفرحني معكم بغنى مجده الفائق وحضوره المبهج للنفس
ولنُصلي ونصوم معاً ونحيا في فرح وبهجة عمل روح الله في قلوبنا
كونوا معاً معافين باسم الرب إلهنا آمين

وأخي العزيز بهاء المقال اعتبره مقالك وانشره كما تريد
كن معافي في قوة النعمة المُخلِّصة آمين
 

tamav maria

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
29 يونيو 2008
المشاركات
10,315
مستوى التفاعل
2,236
النقاط
0
وينبغي يا إخوتي أن لا نحزن روح الله الذي به خُتمنا، وأن أحزناه علينا التوبة فوراً وبلا تأجيل، لأن به لنا الغلبة والنصرة الأكيدة لأنها مضمونه بسبب تجسد الكلمة الحي فينا

ربنا يبارك حياتك ايمن
ودائما في انتظار مقالاتك الروحيه والمفيده جدا
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
صليلي كتير يا محبوبة يسوع والقديسين
النعمة تملأ قلبك سلام دائم ومسرة آمين
 
أعلى