الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الكتاب المقدس
الكتاب المقدس
البحث في الكتاب المقدس
تفاسير الكتاب المقدس
الرد على الشبهات الوهمية
قواميس الكتاب المقدس
آيات الكتاب المقدس
ما الجديد
المشاركات الجديدة
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مكتبة الترانيم
إسأل
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
Install the app
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
المنتديات المسيحية
المنتدى المسيحي الكتابي العام
الصليب (ملف رائع ).. asmicheal
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
[QUOTE="asmicheal, post: 1988089, member: 74340"] [b]رد: الصليب (ملف رائع )[/b] [SIZE=5][COLOR=#2e8b57]الجمعــــــة العظيمــــــــة وأحداث الصـــــــــــــلب يخطىء كل من يزعم أنه يواجه أمرا هينا عند بحث محاكمة يسوع الناصرى أمام بيلاطس الوالى الرومانى ، فإن الأمر غامض ودقيق ... والشىء الغريب فى هذه القصة ، لا نجده فى مسلك اليهود ولا فى مسلك المتهم نفسه ، بل فى مسلك بيلاطس ، وجدير بنا أن نقرأ ما كتبه الرسل فى البشائر الأربعة ، حول محاكمة رب المجد ، نقرأ ما كتب أكثر من مرة ، لنقف على أكبر مهزلة تاريخية نسجها الأطراف الثلاثة : يهوذا الخائن ، واليهود العميان ، وبيلاطس المهزوز . ولنلق نظرة على بيلاطس ، ذلك الجندى الفظ غير المثقف ، تقول بعض التقاليد أنه تزوج من " كلوديا بروشلا " وهى حفيدة أغسطس قيصر ، وهذا الزواج كان له الفضل فى وصول بيلاطس واليا على اليهودية ، وبعد نيله هذه الوظيفة السامية طلب أن يؤذن له بامتياز أن يأخذ زوجته معه ، وهذا الأمر لم يكن مصرحا به لولاة الرومان . كان المعروف عن بيلاطس أنه رجل خشن فظ ، تعوذه الحنكة والسياسة ، وتطغى على عقله عوامل العناد والقسوة ، أعطى سلطانا فلم يحسن سياسته ، تسبب فى مشاكل كثيرة مع الأمة اليهودية ، ولسنا هنا بصدد البحث فيها ... إنما يكفى الأشارة لبيلاطس وشخصيته من خلال تلك الكلمات القليلة التى دونها عنه المؤرخون . قلنا أن هناك مقابلة – المفترض أنها تمت – بين رئيس الكهنة وبيلاطس ، كذلك فإن هناك شيئا آخر يؤيد تلك القصة ، ذلك أن كلوديا بروشلا زوجة بيلاطس كانت فى القصر الهيردسى تلك الليلة ، ومما له مغزاه الخطير أن يسجل الأنجيل هذه الأشارة الوحيدة التى تناقلتها الأجيال عنها فى هذه المأساة ، فيقال عنها : " انها حلمت عن يسوع المسيح فى الليلة السابقة لموته " . وإذ نتتبع المحاكمة الرومانية سائرة حسب الأصول التقليدية التى بموجبها قدم اليهود - يسوع المسيح – متهما فى صباح الجمعة دون تدبير سابق ، فإننا لا نجد معنى للأشارة إلى بروشلا .. وتبدو لنا القصة فى هذه الحالة عارية عن المنطق ، بعيدة عن كل احتمال ، أما حين نضع الأمور فى نصابها ونرتب الحوادث فى تسلسلها الطبيعى فتكون كالآتى : كان بيلاطس ليلتها فى أورشليم ، للأقامة مدة العيد العشرة ، بحكم مسئوليته المباشرة عن الأمن العام فى مثل هذه المناسبات ، ومن المحتمل أن تكون كلوديا قد قدمت معه ، وكان من الطبيعى أن يقضى بيلاطس وزوجته وقتا طويلا معا للتحدث والتسامر وهما فى هذه المأمورية ..... فإذا أتفقنا أن زيارة يهوذا لقيافا تمت الساعة الثامنة أو التاسعة من مساء الخميس ، وأن القبض على يسوع كان فى حوالى الساعة الحادية أو الثانية عشرة من مساء الخميس ، فإننا نستنتج أن زيارة قيافا لبيلاطس كانت حوالى مابين التاسعة إلى الحادية عشرة من يوم الخميس مساءا ، وإلا فكيف تمكن رؤساء الكهنة من تقديم القضية إلى الوالى فى صباح اليوم التالى ، وحمله على النظر فيها يوم الجمعة صباحا ؟ . لسنا ندرى كيف حصل اليهود على رضاء الوالى الرومانى للنظر فى القضية على وجه السرعة بعد إخطار قصير الأجل ، إلا إذا سلمنا أن قوة شخصية وسلطة يهودية عليا لعبت دورها فى الألحاح والأقناع . لنفترض أن قيافا قد تعرض لموضوعين أئناء مباحتاته مع بيلاطس : الموضوع الأول : أنه سيتم القبض على مهيج سياسى خطير ، ومن الصالح العام أن تتم محاكمته فى صباح اليوم التالى ، وأن يكون الحكم بأقصى عقوبة ، وتم اشتئذان بيلاطس أن تعرض القضية عليه فى صباح الجمعة ، حتى يتسنى إصدار الحكم وتنفيذه قبل مغيب الشمس وحلول العيد . الموضوع الثانى : هل يتنازل بيلاطس فى هذا الظرف الخاص ، ويخرج من ساحة القضاء إلى مقابلة الوفد الذى سيجىء اليه بالمتهم وبقرارات المحكمة اليهودية ؟ . ربما يكون الحديث قد استغرق حوالى النصف ساعة ، عاد بعدها بيلاطس إلى مخدعه ، وهنا قص على زوجته موضوع زيارة رئيس الكهنة ، والأتفاق الذى تم لمحاكمة يسوع فى اليوم التالى ، ..... وحينما آوت كلوديا إلى مضجعها فى تلك الليلة وذهنها مشغول بحقد اليهود على يسوع البرىء ..... فلما استيقظت فى الصباح بعد حلم أليم ومزعج ، ورأت زوجها قد غادر القصر ، عرفت أين ذهب ، وعرفت القضية الدقيقة التى تحتم عليه اليوم أن يفصل فيها ، وفى تلك اللحظة ، بعثت إليه برسالة – تكاد تكون أشبه برسالة برقية فى قصرها وسرعتها – نقلت فيها إليه أفكارها ومخاوفها ، وما ينبغى عليه أن يفعل فى القضية " إياك وذلك البـــــــار ، لأنى تألمت اليوم كثيرا فى حلم من أجلـــــــه " . إن ما يلفت النظر ، هو أن الحلم ما كان ليزعج بروشلا على هذا النحو عند يقظتها فى الصباح الباكر لو لم تكن قد عرفت وأيقنت أن هناك اتفاقا قد تم بين قيافا وبيلاطس على الحكم على يسوع بأقصى عقوبة وهى الصلب ... !! ولو لم يضمن قيافا أن بيلاطس سينفذ الحكم أو يصدره ، ما كان قد أقدم على القبض على يسوع بهذه السرعة ، وآثر التربص إلى وقت آخر . ولو وضعنا ماجاء فى روايات البشائر الأربعة فى صفحة واحدة ، ثم نقارن بينها ، نجدها مجمعة على واحد وهو أن بيلاطس سأل يسوع : " أأنت ملك اليهود ؟ " . والمهم فى الأمر هنا أن البشارتين المتقدمتين فى التاريخ لم تشيرا قط حتى إلى نوع التهمة التى أقامها اليهود أمام بيلاطس . فمتى ومرقس بما عهد فيهما من الأيجاز فى القول والبعد عن التبسيط فى الحوادث ذكرا أن بيلاطس سأل هذا السؤال الهام مباشرة ، دون أن تسبقه مقدمات تدعو إليه : رواية متى الرسول رواية مرقس الرسول " ولما كان الصباح تشاور جميع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب على يسوع حتى يقتلوه . فأوثقوه ومضوا به ودفعوه إلى بيلاطس البنطى الوالى ...... فوقف يسوع أمام الوالى فسأله الوالى قائلا : " أأنت ملك اليهــــــــــــود ؟ " . " وللوقت فى الصباح تشاور رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة والمجمع كله ، فأوثقوا يسوع ومضوا به وأسلموه إلى بيلاطس . فسأله بيلاطس : " أأنت ملك اليهــــــــــــــــــود ؟ " . رواية يوحنا البشير رواية لوقا الأنجيلى " فخرج بيلاطس إليهم وقال : أية شكاية تقدمون على هذا الأنسان ؟ أجابوا وقالوا له : لو لم يكن فاعل شر لما كنا قد سلمناه إليك . فقال لهم بيلاطس : خذوه أنتم واحكموا عليه حسب ناموسكم . فقال له اليهود : لا يجوز لنا أن نقتل أحدا . ليتم قول يسوع الذى قاله مشيرا إلى أية ميتة كان مزمعا أن يموت . ثم دخل بيلاطس أيضا إلى دار الولاية ودعا يسوع وقال له " أأنت ملك اليهــود ؟ " . " فقام كل جمهورهم وجاءوا به إلى بيلاطس . وابتدأوا يشتكون عليه قائلين : إننا وجدنا هذا يفسد الأمة ، ويمنع أن تعطى جزية لقيصر ، قائلا إنه هو مسيح ملك . فسأله بيلاطس قائلا : " أأنت ملك اليهود ؟ " . من سياق ماورد ذكره بالبشائر الأربعة ، نستطيع أن نرتب تفاصيل المحاكمة مع الوالى الرومانى كالآتى : عـــــرض لأفتـتـــــاح المحاكمـــــــة " ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا إلى دار الولاية لكى لا يتنجسوا فيأكلون الفصح " . تقديم المتهم إلى بيلاطـــس : " فخرج بيلاطس إليهم وقال : أية شكاية تقدمون على هذا الأنسان " . طلب بيلاطس إقامة الدعــوى : " أجابوا وقالوا : لو لم يكن فاعل شر لما كنا قد سلمناه إليك " . تمنع اليهود عن إقامة الدعوى : " فقال لهم بيلاطس خذوه أنتم واحكموا عليه حسب ناموسكم " . رد بيلاطـــــــس : " فقال له اليهود لا يجوز لنا أن نقتل أحدا . وابتدأوا يشتكون عليه قائلين : اننا وجدنا هذا يفسد الأمة ، ويمنع أن تعطى جزية لقيصر ، قائلا إنه هو مسيح ملك " . جواب الكهنة تهمة مرتجلـة : " ثم دخل بيلاطس أيضا إلى دار الولاية ودعا يسوع وقال له : أأنت ملك اليهود ؟ . سؤال بيلاطـــــس للمتهـــــم : أول الترتيبات للمحاكمة كان إحضار يسوع من دار رئيس الكهنة قيافا إلى باب القصر ... ، وعند الوصول للقصر ينتظر الجميع بالخارج لدقائق ريثما تبحث الوثائق والمستندات ، وبعد ذلك يقاد المتهم ، مخفورا بجندى رومانى ، إلى قاعة البلاط التى يجلس فيها بيلاطس ، أما الوفد والمرافقون له فيبقون خارجا . وهنا نأتى إلى النقطة التالية ، خروج بيلاطس بنفسه إلى الوفد اليهودى وسألهم : " أية شكاية تقدمون على هذا الأنسان ؟ وقد كان هذا السؤال دليلا لا شك فيه على أن بيلاطس اعتزم إعادة النظر فى القضية ، مما أثار حنق رؤساء الكهنة – لأن جوابهم عليه كان خاليا من اللياقة : " لو لم يكن فاعل شر ، لما كنا قد سلمناه إليك " . وكأن باليهود يودون أن يقولوا لبيلاطس : أما تكتفى بالتحقيق الذى أجرته محكمتنا التى اتضح لها أن هذا الأنسان فاعل شر ؟ ولماذا تريد البحث من جديد ما دمنا قد وجدناه مستحق للموت ؟ . وقد أجاب بيلاطس جوابا ماكرا لبقا : " خذوه أنتم واحكموا عليه حسب ناموسكم " . وأبتدأ اليهود يلفقون تهما سياسية للسيد المسيح لأحراج بيلاطس : إننا وجدنا هذا يفسد الأمة ويمنع أن تعطى جزية لقيصر قائلا إنه مسيح ملك ...! " . حينئذ دخل بيلاطس إلى القصر ووجه إلى السيد المسيح هذا السؤال التاريخى : " أأنت ملك اليهود ؟ " . المسيح أمام هيرودس : عندما علم بيلاطس أن يسوع تابع لولاية الجليل حتى أرسله إلى هيرودس الذى كان هو أيضا فى أورشليم فى تلك الأيام ( لوقا 23 : 5 – 7 ) . " ولما رأى هيرودس يسوع ابتهج ابتهاجا عظيما ، لأنه كان يتوق لأن يراه منذ زمن بعيد ، بسبب ما كان يسمعه عنه ، وكان يود أن يرى إحدى العجائب التى تجرى على يديه ، وقد سأله بكلام كثير ، ولكنه لم يجبه بشىء ...... " . " فهزأ به هيرودس مع جنوده ، وسخر منه ، وألبسه ثوبا براقا ، ثم أعاده إلى بيلاطس ، فأصبح بيلاطس وهيرودس صديقين فى ذلك اليوم ، وقد كانت بينهما من قبل عداوة " ( لو 23 ) . " إننا لا نغفل هنا رسالة " كلوديا " زوجة بيلاطس العاجلة له ، ربما كان بيلاطس يريد إنهاء المحاكمة بالتصديق على حكم الأعدام حسب اتفاقه المسبق مع قيافا، ولكن تحذير زوجته له أدى إلى : محاولته إقناع اليهود أن ينفذوا الحكم بأنفسهم .....، وثانيا محاولته إطلاق المتهم ثلاث مرات .... ، وثالثا نراها فى إحالة القضية إلى هيرودس ، ونراها أخيرا فى اللحظة الخطيرة التى عجز فيها عن إسماع صوته وسط ضجيج الجماهير فأخذ ماء وغسل يديه معلنا أن لا يد له فى القضية . وهكذا خار بيلاطس لدى سماعه التهديد بتدخل قيصر ، وهكذا انتهت المعركة بين اليهود وبيلاطس بهزيمة الوالى الرومانى ، وانتصار الأرادة اليهودية ، .... وفى داخل بيلاطس انكسار وغيظ من تسلط اليهود ، حتى أنه انفعل عندما أرادوا تغيير عنوان اللافتة : " هذا ملك اليهود " قائلا لهم : ما كتبت فقد كتبت – وانكشف فى النور بيلاطس الحقيقى بعد أن ولت ساعة السمو والأرتفاع فى أزمة شخصية لم تقو فيها نفسه على معاناة التجربة . +++ السيد المسيح يخرج للصلب : كان من العادة أن ينصب القائم الرأسى للصليب فى مكان الصلب ، ويحمل المحكوم عليه بالصلب العارضة الأفقية للصليب ، من سجنه إلى مكان صلبه فى موكب يسبقه قارعو الطبول .. وذلك كنوع من تخويف الشعب ، ولقد كان الصليب والمصلوب عليه لعنة عند اليهود " ملعون كل من علق على خشبة " ( غلاطية 3 : 13 ) .... ولهذا كانوا ينزلون المصلوب من على الصليب ويخلعون الصليب من الأرض ، القائم الرأسى والعارضة الأفقية كليهما قبل حلول المساء : " فلا تبت جثته على الخشبة بل تدفنه فى ذلك اليوم . لأن المعلق ملعون من اللـه " ( تثنية 21 : 23 ) . خرج السيد المسيح وهو حامل صليبه فى طريقه إلى هضبة الجلجثة أو الجمجمة التى يعتقد أن جمجمة آدم مدفونة تحتها وهذه الهضبة تقع خارج أورشليم عند بوابة جنات عند ملتقى الطريقين القادمين من أريحا والسامرة . رافق السيد المسيح فى موكبه لصان .... كان قد حكم عليهما بالصلب من مدة ، أما السيد المسيح فلم تراع معه القاعدة القانونية التى تنص على أن يحجز المحكوم عليه بالأعدام فى السجن لمدة عشرة أيام يتم فيها الأعلان فى المدينة أن من لديه مايبرىء هذا المتهم فليتقدم به ، وكان هذا الأستعجال بالنسبة لتنفيذ الحكم فى السيد المسيح ناجما عن خوف رؤساء الكهنة من أن يعلم أتباعه فيحدثون شغبا ... أو على الأقل يتقدموا إلى بيلاطس بما يحمله على إطلاق سراح السيد المسيح أو إعادة محاكمته . حمل كل من اللصين العارضة الأفقية الخاصة به فى سهولة ، أما السيد المسيح ذو الجسد المثخن بالجراح ، والدماء التى تنزف من كل جزء منه ... كان فى حالة من الأعياء والتعب حتى أنه سقط تحت ثقل العارضة الأفقية ثلاث مرات ... ولما رأى الجنود أنه لا يسير معهم بالسرعة الكافية ، وربما خشوا من أن يموت قبل أن يتم صلبه ، سخروا أحد الواقفين على جانبى الطريق وأسمه " سمعان القيروانى " ( وهو أبو الكسندر وروفس المعروفين فى الدوائر الكنسية فى روما ( مرقس 15 : 21 ) ( رومية 16 : 13 ) وقد كان عائدا من الحقل لكى يحمل الخشبة بدلا من السيد المسيح . وفى الطريق رأته نساء أورشليم فبكين إشفاقا عليه لمنظره المؤثر :" أخرجن يابنات صهيون وأنظرن الملك سليمان بالتاج الذى توجته به أمه فى يوم عرسه وفى يوم فرح قلبه ... " ( نشيد الأناشيد 3 : 11 ) فخاطبهن السيد المسيح ملمحا إلى خراب أورشليم : " يابنات أورشليم لا تبكين على ، بل أبكين على أنفسكن وعلى أبنائكن لأنه هى ذى أيام تأتى سيقولون فيها ما أسعد العواقر والبطون التى التى لم تلد والثدى التى لم ترضع " وتقدمت واحدة منهن إسمها " فيرونيكا " تمسح وجهه الملطخ بالدماء والطين بمنديلها ، فكافأها بأن طبعت صورة لوجهه واضحة المعالم على المنديل ( وهى صورة إيجابية وليست سلبية كالمطبوعة على كفن السيد المسيح ، وكذلك هى للوجه فقط دون باقى الجسد ) . وعندما وصل الموكب إلى مكان الصلب ألقى سمعان العارضة الأفقية ، وبدأت على الفور إجراءات الصلب ، وكانوا يقدمون مخدرا من خمر رخيصة ممزوجة بمر للمحكوم عليهم بالصلب حتى يتخدروا ولا يقاوموا أثناء عملية الصلب ، ولكن السيد المسيح رفض أن يشرب هذه الكأس لأنه لن يقاوم إذ جاء بإرادته إلى الصليب ... ولأنه يريد أن يشرب كأس الآلام إلى منتهاها . ( متى 27 ، مر 15 ، لو 23 ، يو 19 ) . الصـــــلب : كانت تتم عملية الصلب فى العادة بأن يعلق المصلوب على الصليب بربط يديه ورجليه بالحبال ، ويترك حتى يموت ، أما السيد المسيح فقد ثبت على الصليب بأن دقوا مسامير فى يديه ورجليه ، وقد عبر زكريا النبى عن هذا بعد أن رآه بروح النبوة " فيقول له ما هذه الجروح فى يديك ، فيقول هى التى جرحت بها فى بيت أحبائى " ( زكريا 13 : 6 ) – ولم يفهموا أن ما ربطه على الصليب ليس هو المسامير وإنما حبه لخلاصنا . صلبوه بين لصين كزعيم للأشرار " جعل مع الأشرار قبره " ( اشعياء 53 : 9 ) " أحصى مع أثمة " ( أشعياء 53 : 12 ) . وضعوا على الصليب لافتة مكتوبا عليها باللغات العبرانية واليونانية واللاتينية " يسوع الناصرى ملك اليهود " . وجلس عند الصليب أفراد الكتيبة ينتظرون موت السيد المسيح ويقتسمون فيما بينهم الأشياء التى كانت تخصه ... وأخذوا القميص أيضا ، وإذ كان بغير خياطة منسوجا كله من أعلاه إلى نهايته ، قال بعضهم لبعض " لا نشقه " بل نقترع عليه لمن منا يكون ، كى يتم قول الكتاب " اقتسموا ثيابى بينهم ، وعلى قميصى أقترعوا " . وهذا ما فعله الجند وهذا النص ورد فى المزامير " اقتسموا ثيابى وعلى ردائى ألقوا قرعة " ( مزمور 22 : 18 ) . أحداث وقت الصلب : بمجرد أن صعد السيد المسيح على صليبه ... حدثت فى الطبيعة ظواهر غير عادية ... فقد حصل كسوف للشمس وحدثت ظلمة على وجه الأرض التى بدأت تموج فى نبضات متتابعة من الزلازل إستمرت طوال فترة الصلب ، والمعروف علميا أنه لا يمكن أن يحدث كسوف للشمس حينما يكون القمر بدرا .... ولا يمكن أن يستمر الكسوف لمدة ثلاث ساعات ... الأمر الذى حير ديونيسيوس الأريوباغى العالم والفيلسوف اليونانى ابن قاضى قضاة أثينا .... وكان فى هذا الوقت يدرس الفلك فى مصر فلما رأى هذه الظاهرة انزعج وقال قولته الشهيرة " إما أن إله الطبيعة وضابط الكون متألم أو أن قوانين الكون قد اختلت ونهاية العالم قد أوشكت " . ويقول الأنجيل للقديس لوقا : " فلما رأى قائد المائة ما حدث مجد الله قائلا " حقا كان هذا الأنسان بارا " . لقد أدرك قائد المائة ( لونجينوس ) من مظاهر الطبيعة غير العادية ، أن يسوع المسيح قد صلب غدرا وظلما ، ولذلك تحركت الطبيعة معلنة إحتجاجها على هذا الظلم فأعربت عن ذلك إعلانا وأحتجاجا على الظلم الذى وقع على يسوع المسيح فهتف معترفا ببراءة المصلوب . وهذا القول هو غير ما قاله فيما بعد بعدما رأى الدليل على ألوهية السيد المسيح فقال " حقا كان هذا الأنسان هو أبن الله " ( متى 27 ، مر 15 ) . وأيضا " كل الجموع الذين احتشدوا عند هذا المشهد لما رأوا ما حدث رجعوا وهم يقرعون صدورهم " . حدثت هذه الظواهر غير العادية فى الطبيعة الجامدة مشاركة منها لربها فى الآمه ..... ومعلنة غضبها على صالبيه ، وبعدما تم الفداء أشرقت الشمس من جديد فى نحو الساعة التاسعة " ويكون فى ذلك اليوم إنى أغيب الشمس فى الظهر وأقتم الأرض فى يوم نور " ( عاموس 8 : 9 ) . " بل يحدث أنه فى وقت المساء يكون نور " ( حزقيال 14 : 7 ) . وفى الظلمة أيضا إشارة إلى حجب الأب لوجهه عن السيد المسيح كذبيحة خطية وإثم ، وكذلك إشارة إلى الظلمة الروحية التى إلتحف بها اليهود " فإنى لا أريد أيها الأخوة أن تجهلوا هذا السر لئلا تكونوا عند أنفسكم حكماء وهو أن عمى قد حصل لجانب من إسرائيل إلى أن يكون قد دخل ملء الأمم ( رومية 11 : 25 ) . كلمات السيد المسيح على الصليب : نطق السيد المسيح وهو على الصليب بسبع كلمات : + ثلاث منها قبل تمام الكسوف .... أى فى المرحلة الأولى منه . + وأثنتان منها فى تمام الكسوف وتمام الظلمة . + وأثنتان منها بعد أن بدأ القمر يتحرك مبتعدا تاركا قرص الشمس . فى المرحلة الأولى : 1- أعلن غفرانه لصالبيه : كان هلاك المتآمرين على السيد المسيح أشد إيلاما لنفسه من الآمه وعذابه . كل أعضاء جسمه مصابة ، كإنسان لم يكن يستطيع إلا أن ينطق وحتى لسانه يبس " يبست مثل شقفة قوتى ، ولصق لسانى بحنكى " ( مزمور 22 : 15 ) ومن المعروف أنه عند العطش الشديد وعندما يفقد الأنسان الكثير من السوائل فى جسده ، أن لسانه ييبس ويلتصق بسقف الحلق ، ويصبح ليس من السهل تحريكه ، وبهذا اللسان صلى من أجل صالبيه : " المحبة قوية كالموت . الغيرة قاسية كالهاوية ، لهيبها لهيب نار لظى الرب . مياة كثيرة لا تستطيع أن يطفىء المحبة والسيول لا تغمرها " ( نشيد الأناشيد 8 : 6 ، 7 ) . طلب من أجلهم ... وحيثيات طلبه أنهم لا يعلمون ما هم فاعلون هذا تبيان لحالهم فقط ، ولكن ليس عذرا لهم لأنهم وإن كانوا لا يعلمون شخصه فعلى الأقل أهدروا دما بريئا ... ولكنه صلى من أجلهم وقال : " يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يدرون ما هم فاعلون " . من استفاد من صلاته هذه ؟ كل من استجاب لعمل روح الله فى داخله وقدم توبة صادقة لله مهما كانت خطاياه وشروره السابقة .. اللص ... قائد المائة ... وكثيرون آخرون .... أما اليهود الذين قالوا : " دمه علينا وعلى أولادنا .. " . ولم يقدموا توبة عن أعمالهم فهل أستفادوا ، وهل وثيقة الفاتيكان بتبرئتهم تنفعهم ؟ وثيقة تبرئة اليهود من دم السيد المسيح : فى العقد الماضى نهض بابا روما من غفوة ، وبدلا من أن يهتم بمشاكل كنيسته ، أو بانقسام الكنيسة منذ مجمع خلقيدونية ، وبالتبعية انبثاق عشرات الطوائف من الكنيسة الكاثوليكية !! وهلاك هؤلاء المسيحيين ، وحزن السماء على الكنيسة وحالها بسبب روح الكبرياء وحب الذات والحقد على كنيسة الأسكنرية التى كانت وما زالت راعية للأيمان الأرثوذكسى القويم لم يجد بابا روما فى كل هذه الأمور ، إضافة للعصور المظلمة فى تاريخ الكنيسة الكاثوليكية ، وصكوك الغفران ، وفضائح بابوات روما وتحالفهم مع أصحاب المصالح السياسية ، والأغنياء والأثرياء ، وتأييدهم للحروب الصليبية التى جرت على المسيحيين فى الشرق الأوسط مشاكل لا حصر لها ، ..... كل هذا لم يجد بابا روما - الذى أصدر هذه الوثيقة المشئومة بتيرئة اليهود من دم المسيح - !! فى تلك الكوارث مايجعله يهتم بعلاجها ويجعل همه الأول العمل على إعادة وحدة الكنيسة ، وتصحيح الأخطاء العقائدية التى يؤمنون بها ، وبالتالى إعادة تلك الطوائف والمعتقدات الغريبة إلى مسارها الصحيح ، ....... وكأن السيد المسيح قد فوض كنيسة روما بنقض حكمه بادانة اليهود وخراب أورشليم ، هذا الحكم والأدانة من جانب رب المجد قامت محكمة نقض أرضية ( بابوية روما ) لأسباب سياسية ودعائية باصدار الوثيقة المذكورة . اعتمادا على صلاة السيد المسيح بالغفران لصالبيه ، وقد فاتهم أن من يتمتع بهذا العفو من قدم توبة عن أعماله الشريرة ،، ونحن نذكر أن السيد المسيح اثناء استجواب بيلاطس البنطى له قال له ان الذى أسلمنى اليك خطيئته أعظم ، وقبل ذلك قال السيد المسيح عن يهوذا الأسخريوطى بأنه ابن الهلاك ، إن جرم صلب السيد المسيح يتحمله أطراف ثلاثة : الطرف الأول هو يهوذا الخائن ، الذى باع بكوريته مثل عيسو من أجل ثلاثين من الفضة !! ولم يكن من الممكن أن يتمتع بالعفو مثل بطرس الرسول الذى ضعف وأخطأ وأنكر المسيح ، هناك فرق بين من باع سيده وبين من أخطأ ، فالبيع خيانة عظمى أما الخطأ عن ضعف فهذا من طبيعة الأنسان ، وبطرس ندم وبكى بكاء مرا . أما يهوذا فقد ختم السيد المسيح على هلاكه ... ولا توجد سلطة دينية أو روحية على الأرض تستطيع أن تغير من الأمر . والطرف الثانى فى الجريمة هو قيافا ورؤساء الكهنة وأتباعهم الذين أسلموا السيد حسدا وحقدا ولأسباب ليست خافية على أحد ، فإن قيافا قد تعرض لضرر أدبى عندما أقام السيد المسيح لعازر من الأموات ، وهذا يتناقض مع عقيدته وهو صدوقى لا يؤمن بالقيامة أو وجود ملائكة أو أرواح ، وبهذا تغلبت عقيدة الفريسيين على عقيدة الصدوقيين ، والسبب الثانى الضرر المادى من جراء طرد السيد المسيح للغنم والبقر والمواشى من الهيكل ، وقلب موائد الصيارفة ، وكان قيافا ورؤساء الكهنة هم المحتكرين لهذه التجارة ، ويقومون بتأجير أروقة الهيكل للقادمين لزيارة الهيكل أو للتجار ، اما الطرف الثالث فهم الرومان الذين صدقوا على حكم رؤساء الكهنة بصلب السيد المسيح ، وقاموا بتنفيذ حكم الصلب ، علاوة على الجلد بالسياط والأستهزاء برب المجد ، وبيلاطس نفسه ( وكذلك زوجته التى حذرته ) يعلمان أن هذا المتهم برىء ، ولكن حبا فى الأحتفاظ بالسلطة والمكاسب الدنيوية أسلمه للصلب . يبدو أن بابا روما استشعر جرم أجداده الرومان فى أرتكاب هذه الجريمة النكراء ، وأراد أن يبرىء أجداده فشمل بوثيقته هذه شركاء الأجداد وهم اليهود بالعفو . ونحن نقول إن هذه الوثيقة لا تنفع اليهود شيئا ،انهم لم يستفيدوا من الخلاص الذى قدمه السيد المسيح للبشرية وهو على الصليب ، وطالما هم على معتقداتهم واصرارهم على عدم الأيمان بالسيد المسيح .. المسيا المنتظر ... فهم بعيدون عن ملكوت السموات . الكلمة الثانية للسيد المسيح : 2- وعد اللص اليمين بالفردوس . الكلمة الثالثة للسيد المسيح : 3- أوكل العناية بأمه إلى يوحنا الحبيب فى المرحلة الثانية من الكسوف : 1- أظهر حقيقة الآمه 2- أظهر عطشه فى المرحلة الثالثة بعد أن أتم السيد المسيح عمل الفداء 1- أعلن اتمام عمل الفداء 2- أسلم الروح : عادة يسلم الأنسان روحه فتميل رأسه ، وليس العكس أن تميل الرأس قبل أن يسلم الأنسان الروح ، ولكن السيد المسيح وهو الله متأنسا حدد الوقت الذى يموت فيه كإنسان " ما من أحد ينتزعها منى ، وإنما أبذلها أنا من وحدى من ذاتى ، لى سلطان أن أبذلها ولى سلطان أن استردها هذه هى الوصية التى قبلتها من أبى " ( يو 10: 18 ) . صرخ بصوت عظيم ، أى أنه كان لديه قوة كبيرة ... من أين له هذه القوة ؟ روحه إذا لم تغتصب إغتصابا بل سلمها بمحض إرادته ، هو لم يمت ضعفا وإعياء " سكب للموت نفسه " ( اشعياء 53 : 12 ) . لقد ربط السيد المسيح قوة لاهوته حتى يتم الفداء ، هذا يذكرنا بكبش الفداء الذى رآه أبونا ابراهيم ( مربوطا بقرنيه – حتى لا يستعمل قوته ) ، حتى يتم الفداء . اقتبل السيد المسيح الآلام والموت فى ناسوته ، لم يسلم روحه إلا بإرادته ، " فى يدك استودع روحى ، فديتنى يارب " ( مزمور 31 : 5 ) ، هنا زاد عليها السيد المسيح كلمة : " يا أبتاه " – صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا " يا أبتاه فى يديك أستودع روحى " ... ثم أمال رأسه وأسلم الروح . سلم السيد المسيح روحه للآب ، وليس للشيطان ، وهذه علامة الأنتصار .. والفرح للبشرية ، لأن رب المجد يسوع انتصر ونقل البشرية من حالة اليأس والظلمة إلى نور الفردوس . أحداث بعد الموت : بعد موت السيد المسيح على الصليب حدثت عدة حوادث : 1- بمجرد أن أسلم السيد المسيح روحه البشرية فى يدى الآب ، حدثت زلزلة شديدة ، أى هزة أرضية شديدة أشد من الهزات سابقاتها التى رافقت عملية الصليب ، جعلت الصخور تتشقق ، ويقال أنه ظهر شق فى الأرض من عند هضبة الجلجثة وامتد هذا الشق إلى الهيكل ، وانشطر حجاب الهيكل ( إشارة إلى أنه بدم السيد المسيح فتح الطريق إلى قدس الأقداس ، ولم يعد هناك حاجز بين الله والناس ، وكذلك كرمز لزوال الكهنوت اللاوى الطقسى ) ، وكذلك عاد ضوء الشمس . كما قام عدد من أجساد القديسين ، ويقول البعض أن قيامتهم تمت بعد قيامة السيد المسيح لأنه البكر فى كل شىء ، ويرى آخرون أن قيامتهم تمت عندما أسلم السيد المسيح روحه الطاهرة ، ولكنهم لم يخرجوا من القبور إلا بعد قيامة السيد له المجد . 2- لما رأى الجموع الذين كانوا مجتمعين حول الصليب وأبصروا ما كان رجعوا وهم يقرعون صدورهم . 3- كان الرومان يتركون جثة المصلوب حتى تتحلل أو تأكلها الوحوش والطيور الكواسر ، أما اليهود فقد جاء فى شريعتهم " إذا كان على انسان خطية حقها الموت فقتل وعلقته على خشبة فلا تبت جسته على الخشبة بل تدفنه فى ذلك اليوم . لأن المعلق ملعون من الله . فلا تنجس أرضك التى يعطيك الرب إلهك نصيبا " ( تثنية 21 : 22 ، 23 ) ، فكم يكون الأمر حين يكون اليوم التالى يوم سبت ، " وإذا كان ذلك هو يوم الأستعداد ، ولئلا تبقى الأجساد على الصليب يوم السبت ، لأن يوم السبت هذا كان عظيما " . ولما كانت المدة التى قضاها المصلوبون على الصليب غير كافية لموتهم . " طلب اليهود إلى بيلاطس أن يكسروا سيقانهم ويرفعوهم ، فجاء الجند وكسروا ساقى أول اللذين كانا مصلوبين معه ، ثم كسروا ساقى الآخر ." " وأما يسوع فلما جاءوا إليه وجدوه قد مات ، فلم يكسروا ساقيه " ومن المعروف أن من يموت يتحنط دمه ويكون فى القلب الدم متجلطا ومن فوقه بعض البلازما ، فإذا طعن الميت طعنة تنفذ إلى القلب فإنها قد تتسبب فى نزول بعض الدم المتحنط غير الحى وبعض البلازما . يقول الكتاب المقدس إن الجند لما وجدوا السيد المسيح قد مات ، فلكى يتأكدوا من موته تقدم واحد من الجند " طعن جنبه بحربة " ، فنفذت الطعنة إلى قلبه فماذا حدث ؟ " فخرج منه على الفور دم وماء " والترجمة الأنجليزية تقول : { Flowed Out } أى ليس خروجا عاديا إنما هو تدفق أو اندفاق بفيض ، تدفق وجريان لكل من الدم والماء .... دم حى خلافا لما قد ينزل من أى إنسان ميت حين يطعن فى قلبه . خرج دم حى وماء منفصلين . تدفقا بصورة واضحة وظاهرة ، وكان هذا الجندى هو " لونجينوس " قائد الكتيبة المكلفة بتنفيذ عملية الأعدام ، فصرخ على الفور " حقا كان هذا الأنسان هو ابن الله " وطبعا معروف المغزى اللاهوتى لعبارة ابن الله . وصرخة لونجينوس هذه هى خلاف صرخته الأولى حين شاهد مظاهر احتجاج الطبيعة من كسوف للشمس فى موعد يستحيل حدوثه فيه وزلازل متعددة : حين قال " حقا كان هذا الإنسان بارا " ( لوقا 23 : 47 ) . ويضع يوحنا اللاهوتى الذى كان واقفا عند الصليب شهادته ويوثقها ويقول : " والذى أبصر ذلك قد شهد وشهادته حق . وهو يعلم أنه قال الحق ، لتؤمنوا أنتم " ( يو 19 : 31 – 35) ، ( 1- يوحنا 5 : 6 – 8 ) . يقول التاريخ الكنسى أن لونجينوس قد آمن بالمسيحية ونال أكليل الشهادة وتعيد له كنيستنا القبطية لذكراه فى الثالث والعشرين من شهر أبيب . الموقف بعد ظهر يوم الجمعـــــة شخصيات وأدوار : تمكن اليهود من تحقيق هدفهم وهو صلب السيد المسيح له المجد ، ولم يفطنوا إلى أنهم قد أكملوا النبوات .... " والرب يستهزىء بهم ..... " . السيد المسيح مات ليقدم الفداء لجميع الناس على الأرض ..... ، أما أنه مات مصلوبا فكان ذلك ضروريا لليهود لرفع لعنة الناموس عنهم ، ...." لأنه ملعون كل من علق على خشبة " . لم يبق على مسرح الحوادث إلا نفر قليل هم: السيدة العذراء مريم أم المخلص . يوحنا الحبيب . مريم المجدلية ، وبقية المريمات . أين بقية الأثنى عشر رسولا ؟ أين مريم ومرثا ولعازر ، حبيب السيد المسيح ؟ وقد يصح أن نضيف إلى تلاميذ السيد المسيح رجلين آخرين من طبقة اجتماعية رفيعة ذات شأن ، لم يعترفا جهرا بتلمذتهما ليسوع خوفا من اليهود ، وهما : يوسف الرامى ، والمشير اليهودى نيقوديموس ، أحد أعضاء مجلس السنهدريم . أولا : ماذا عن السيدة العذراء والدة الإله : من الصعب جدا أن نتكلم عن سيدة عظيمة بهذا المقدار ، هل نتحدث عن دورها البطولى والآمها النفسية والجسدية منذ أن بشرها الملاك بحلول الروح القدس عليها ، لتحبل بالسيد المسيح .... ، لتجوز تجربة صعبة ومريرة أمام خطيبها البار يوسف النجار ، أم نتحدث عن ولادتها للطفل يسوع ومعاناتها لتجد مكانا للولادة ، أم نتحدث عن الرحلة الشاقة لها وللقديس يوسف النجار على ظهر حمار إلى أرض مصر ، هربا من هيرودس ...... . ثم أخيرا نراها واقفة أمام الصليب لتنظر أبنها وحبيبها يسوع المسيح ، الغصن الرطب وهو ينفذ فيه الأعدام بين أثنين من عتاولة اللصوص .... !! فى وقت هرب فيه التلاميذ الرجال !!! . كيف استطاعت هذه الأم العظيمة ، أن تظل واقفة لساعات على رجليها لترى أبنها مخلص البشرية وهو يتعذب دقيقة بدقيقة ، حتى أسلم الروح فى يدى الآب ؟ كيف تحملت تعيرات هؤلاء الأفاقين لأبنها الذى قدم الخير لكل الناس ، ولابد أن أستهزاء هؤلاء ليسوع قد نالت منه أيضا العذراء ومن هم حول يسوع من المريمات ؟ إن تنفيذ حكم الأعدام حاليا فى أى شخص مجرم ، لا يتم علنا حرصا على مشاعر الناس الغريبة ، ولو تم علنا سنجد أن الكثيرين لا يجرؤن على مشاهدته . إن الكتاب المقدس لم يقدم لنا وصفا كاملا للموقف الصعب للعذراء والمريمات ، ولكن يستشف أن العذراء قد تحطمت أعصابها تحت ضغط الحوادث منذ لحظة القبض على يسوع المسيح له المجد فى بستان جثسيمانى ، وحتى أتمام تنفيذ الحكم . من الطبيعى ألا تقوى على الوقوف صاحبة ذلك القلب المعذب التى ذاقت مرارة الكأس الرهيبة وهى تشهد متوجعة الآم ابنها وهو ينازع الموت على الصليب ، ولا شك أن تنهار قواها الجسمانية ويدركها الأعياء بعد أن وقفت ساعات عند قدمى المصلوب تشاهد ابنها المعذب المائت ، فيأخذها يوحنا الحبيب الذى أستلمها من مخلصنا لتكون فى رعايته وعنايته مسندا إياها وسط الجموع الخشنة الفظة إلى الدار التى اتخذها مقاما مؤقتا فى أورشليم . ثانيا : دور المريمات : يدون لنا البشير مرقس الرسول " وكانت أيضا نساء ينظرن من بعيد بينهن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب الصغير ويوسى وسالومة ...." ( مر 15 : 40 ) . وعندما وضع يسوع فى القبر كانت هناك " مريم المجدلية ومريم أم يوسى ..تنظران أين وضع " وحذف اسم سالومة من مشهد الدفن لم يكن عرضا ، لابد أن سالومة كانت قد مضت فى مهمة عاجلة . كانت سالومة نفسها هى أم يوحنا الحبيب ، وكانت هى ومريم أم يعقوب بنات خؤولة – وكانتا تعملان فى هذه المحنة باتفاق وتعاون مع مريم المجدلية . ولا شك أن هؤلاء النسوة الأمينات المتفانيات فى الخدمة كان شغلهن وقت الصليب أمران : الأول : الجزع على زعيمهن الروحى وهو يعانى سكرات الموت فى عذاب أليم وخانق . والثانى : القلق على أم يسوع العذراء القديسة مريم ... وبعد أن أسلم يسوع له المجد روحه الطاهرة ، كان هم النسوة هو التهوين على العذراء مريم ، ولسنا نعرف مبلغ الجهود العقيمة التى بذلت فى ذلك اليوم لإبعاد مريم أم يسوع عن مشهد الصلب ، فهى لم تكن يومئذ شابة فى عنفوان الحياة ، ولم يكن هينا على من كان فى سنها أن تقف أمام هذا المشهد الدموى ، مشهد صلبان ثلاثة علق على أحدها ولدها وفلذة كبدها . كان ألمها على أبنها شيئا قاسيا ، ولابد أنها تألمت أيضا من أجل اللصين لأنهما بشر ، ولأن مشاعر العذراء مريم رقيقة وحنونة على البشرية جمعاء . من يستطيع أن يبعد أما عن ابنها فى هذا المشهد المضنى القاسى ؟ ومن ذا الذى ينكر على الأم هذا الحق إذا هى أصرت وألحت ؟ إن غريزة الأمومة قوية جبارة تغالب الضعف والوهن وتستعذب الألم والضنى !!وما أخال الأم التى اقتادها يوحنا بعد أن أسلم المصلوب روحه إلا أما خائرة القوى ، محطمة القلب ، فاقدة الوعى ، لا تلبث طويلا حتى تهوى وتنهار تحت هذا العبء الذى لا يقوى عليه قلب الأم . لقد كانت السيدة العذراء : ولا أعظم شهيد ....... فى يوم الحب الفريد !! كانت النسوة الثلاث يراقبن يوحنا الحبيب المتألم وهو يقود الأم المحطمة القلب وسط الجموع الواقفة ، ثم إلى داخل المدينة وهو يسندها بذراعه فى بطء وألم . وعندئذ يتشاور ثلاثتهن ، ويقررن أن تذهب إحداهن لتكون إلى جانب الأم الثكلى ، وتبقى الأخريات على مقربة من جسد يسوع الميت - الحى للأبد.... وتتطوع سالومة لهذه المهمة لأن ولدها يوحنا هو الذى تولى رعاية الأم الحزينة ومرافقتها إلى داره . أما مريم المجدلية ، ومريم أم يوسى فكانتا تنتظران حتى تكفين جسد الرب يسوع ، ولتنظرا أين سيوضع .. ! دفن السيد المسيح : وفى المساء جاء رجل غنى من الرامة اسمه يوسف وكان تلميذا للسيد المسيح ولكن خفية " وطلب إلى بيلاطس أن يأخذ جسد يسوع " فتعجب بيلاطس أنه مات هكذا سريعا ، فدعا قائد المائة وسأله هل له زمان قد مات ، ولما عرف من قائد المائة . وهب الجسد ليوسف ، فأخذ يوسف الجسد " وجاء أيضا نيقوديموس الذى كان قد أتى من قبل إلى يسوع ليلا ، وكان يحمل حنوطا من المر والصبر يزن نحو مائة رطل . وأخذا جسد يسوع وكفناه بلفائف من الكتان مع الأطياب على عادة اليهود فى التكفين . وكان فى الموضع الذى صلبوه فيه بستان ، وفى البستان قبر جديد لم يوضع فيه من قبل أحد قط ( كان قد أعده يوسف الرامى لنفسه ) فوضعوا يسوع فيه بسبب الأستعداد عند اليهود ، لأن القبر كان قريبا " . " ثم دحرج حجرا كبيرا على باب القبر ومضى " . يقول التقليد الكنسى إن نيقوديموس ويوسف الرامى حين كانا يكفنان السيد المسيح سمعا الملائكة تسبح قائلة : " قدوس الله ، قدوس القوى ، قدوس الحى الذى لا يموت " ( وهى التسبحة التى أخذتها الكنيسة وتستعملها فى صلواتها ) فمجد نيقوديموس ويوسف الرامى الرب ، بعد ما كانا يتأملان الجسد ويقولان فى نفسيهما كيف يموت من أحيا الموتى وشفى المرضى . قام القديسان يوسف الرامى ونيقوديموس بتكفين جسد يسوع ، وكانا هاذان الرجلان غريبان عن النسوة ، لذا كان من الطبيعى أن تمتنع النسوة عن المشاركة فى عملية التكفين . ولكن كان لهن دور آخر أحسسن أنه من الواجب القيام به تكريما للسيد الراحل ، وكان ذلك تحضير الأطياب لتطييب الجسد بعد مرور يوم السبت . نلاحظ هنا أن مريم المجدلية كان لها دور بارز وكأنها زعيمة الجماعة ؟ والشخصية البارزة فيها ، ولعلنا نذكر الحديث الذى دار فى بيت سمعان الفريسى بينه وبين الرب يسوع له المجد ، ومفادة أن الذى سامحه الرب يسوع وغفر له خطاياه الكثيرة أحب أكثر ... !! ثالثا : أين بقية التلاميذ ؟ الرسول يوحنا الحبيب كان مع العذراء مريم أم يسوع عند قدمى الصليب ، وقد غادر المكان بعد النزع الأخير ليعنى بالأم التى عهد أمر رعايتها إليه ، ويأخذها إلى مكان هادىء أمين بعد الذى أصابها من هول الكارثة وتحطيم الأعصاب . أما بطرس الرسول فيمكن تعليل غيابه بما طغا عليه من موجة الحزن والندم والتحسر بعد إنكاره لسيده ، واضطراره إلى الأنزواء فى عزلة للتفكير الحزين النادم . أما عن التسعة الرسل الآخرين الذين قيل عنهم أنهم هربوا بعد إلقاء القبض على يسوع ، وهناك أيضا الأختان مريم ومرثا وأخاهما لعازر فى بيت عنيا ، الذين نحسب غيابهم عن مشهد الصلب والدفن من الظواهر الغريبة الملحوظة فى القصة . فالأختان قد أخلصتا الأخلاص كله ليسوع ، وكان بيتهما الهادىء المريح ملاذه الوحيد حين كان يريد أن يحظى ببعض الراحة . والأرجح أنه من هذه الدار خرج فى صباح اليوم الذى كان آخر عهده بالحرية . ومع ذلك : تختفى الأختان المضيافتان الكريمتان من المشهد كلية ، ولا شك أن هناك تعليلا تاريخيا قويا يعلل هذا الأختفاء . يجب ألا يغيب عن ذهننا أنه خلال الخمسة أيام التى سبقت القبض على يسوع ، كان يسوع وصحابته يبيتون فى بيت عنيا ، ولا نظن أن منزل لعازر كان يكفى لمبيت ثلاثة عشر شخصا هم يسوع وتلاميذه ! ربما بات يسوع وأثنان من كبار تلاميذه فى هذه الدار ، بينما حصل الباقون على مساكن مؤقتة قريبة منهم . ثم أن التلاميذ ( ماعدا يهوذا الأسخريوطى ) كانوا يتوقعون العودة إلى بيت عنيا فى يوم الخميس ليلا على مألوف عادتهم كل يوم ، وأغلب الظن أن الأختان قد ساورهما القلق الكثير من إبطاء يسوع وتلاميذه فى العودة مساءا وأوشك الليل أن ينتصف . ولا شك أن الشرذمة التى ذهبت لإلقاء القبض على يسوع كانت كبيرة ، سارت فى صفوف متوازية قد تتباعد عن بعضها حسب عرض الطريق ، أو تتقابل فى مناطق أخرى ، إلا أنه من المؤكد أن يهوذا الأسخريوطى الخائن كان يسير فى المقدمة يحوطه حرس الهيكل ، ولاشك أنه كانت هناك صراخ وجلبة حين أوثق جنود السنهدريم يدى يسوع وراء ظهره ، ونفهم أن بطرس كان واقفا بجوار يسوع وأن يكون قد ضرب عبد رئيس الكهنة قبل أن يعى مايحدث بالضبط ! فلما أخذت الجموع تحيط به أستطاع مع يوحنا الحبيب أن يمضيا وسط الجماهير دون أن يلحظهما أحد . أما عن التسعة الأخرون الذين دهمهم الخطر فجأة ، وربما ظنوا أن بطرس ويوحنا ضمن المقبوض عليهم ، فلم يكن هناك من بد سوى التقهقر السريع فى اتجاه بيت عنيا ، وهناك أسباب أخرى ترجح ذهاب التلاميذ إلى بيت عنيا : ( 1 ) كانت بعض متعلقاتهم وحاجاتهم فى المقام المؤقت الذى اتخذوه فى بيت عنيا .. وطبيعى أنهم لا يسافرون إلى الجليل بدون أن يتزودوا ببعض هذه الحاجات . ( 2 ) كان على التلاميذ أن ينذروا مريم ومرثا بما تطورت إليه الحوادث ، ليلتمسوا عندهم المشورة والنصح ، أو ليتدبرا هما أيضا للهرب ، إذا لم يكن منه بد . ( 3 ) وإذا كانت النسوة فى أورشليم قد عرفن أيضا ما آلت إليه الحوادث ورأين من الحكمة الهرب من أورشليم ، فإنهن يهربن على الأرجح إلى بيت عنيا . كان الموقف عصيبا على الجميع ، والبعيدون عن أورشليم من تلاميذ المخلص ، يتوقعون أن يأتى يهوذا ومعه مجموعة أخرى من الجنود لمطاردة بقية الرسل ! وستكون بيت عنيا هى المحطة الرئيسية له إن فعل ذلك ، وبناء على هذه الظروف أختبأ كل شخص بعيدا عن الأنظر وأنقطعت الصلة لفترة الليل بين أورشليم وبيت عنيا ، أما رؤساء الكهنة الذين فازوا بالقبض على يسوع ، لم يكن يهمهم أحدا من أتباعه فى هذه الساعات . وأغلب الظن أن أحداث محاكمة يسوع وصلبه لم تصل إلى بيت عنيا إلا بعد صرخة يسوع : " يا أبتاه فى يديك أستودع روحى .. !! " . هذا هو الموقف كما نتصوره مع كثير من التحفظ والتوقير .... . +++ القــيـــــــامــــــــــة فى العليــــة اعلنــت حقيقــة القيــــامة " ولما كانت عشية ذلك اليوم وهو أول الأسبوع وكانت الأبواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود جاء يسوع ووقف فى الوسط وقال لهم سلام لكم ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب ........ " ( يوحنا 20 : 19 ) . ففى داخل العلية حيث كانت الأبواب مغلقة كما يذكر معلمنا القديس يوحنا وهو أيضا واحد من الذين شاهدوا أحداث العلية كلها قبل القيامة وبعدها ، يكتب لنا بالروح القدس بكل تفصيل عن ظهورات الرب يسوع لتلاميذه فى داخل العلية بعد قيامته مرة لم يكن توما معهم ومرة أخرى توما كان معهم ولا شك أن الرب ظهر لهم فى العلية أكثر من مرة كما يكتب لنا القديس لوقا فى سفر الأعمال . والقديس بولس يؤكد حقيقة القيامة فى( رسالته الأولى إلى كورنثوس : 15 ) إذ يقول : " فإننى سلمت إليكم فى الأول ما قبلته أنا أيضا أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب وأنه دفن وأنه قام فى اليوم الثالث حسب الكتب وأنه ظهر لصفا ، ثم للأثنى عشر وبعد ذلك ظهر دفعة وأحدة لأكثر من خمسمائة أخ أكثرهم باق إلى الآن ولكن بعضهم قد رقدوا ، وبعد ذلك ليعقوب ، ثم للرسل أجمعين وآخر الكل كأنه للسقط ظهر لى أنا " . من خلال هذه الاعلانات الإلهية على أفواه أبائنا القديسين يوحنا الحبيب اللاهوتى والقديس لوقا الأنجيلى والقديس بولس الرسول الكارز فيوضح لنا أن حقيقة قيامة ربنا يسوع حقيقة أكيدة لا تقبل الشك ولا الريب فيها فهى حقيقة ساطعة كحقيقة الشمس فى رائعة النهار ومن ينكر حقيقة القيامة كأنه ينكر ظهور وشروق الشمس بذاتها . فرح القيامة مع السمائيين : إن بركة الصليب ستبقى إلى الأبد سبب تأمل ودهش لكل مؤمن فى كل عصور الكنيسة إذ مازال هناك فى السماء هذا المنظر الرائع الذى رآه أبينا القديس يوحنا الحبيب عندما كان فى الروح فى يوم الرب رأى خروفا قائما كأنه مذبوح والكنيسة ملتفة حوله تسبحه وتشكره لأنه اشتراها بدمه وأعطاها ميراثا لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل وكان هذا المنظر الرائع منظر الخروف القائم وكأنه مذبوح فرصة وجدها السمائيون للتسبيح كما رأى الرائى ( رؤ 5 ، 6 ) . صارت القيامة بهجة وفرح للسمائيين منهم الملائكة بكل طغماتها وأشكالها ورتبها وأيضا الذين ماتوا على رجاء كل هؤلاء رآهم أبينا القديس يوحنا الحبيب فى فرح عجيب مبارك لا يعبر عنه رآهم أنهم لا يجوعوا بعد ولن يعطشوا بعد ولا تقع عليهم الشمس ولا شىء من الحر لأن الخروف ( أى الرب يسوع المصلوب الذى قام ) يرعهم ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية ويمسح الله كل دمعة من عيونهم . رآهم يسبحون ويرتلون وينشدون البركة والمجد والحكمة والكرامة والقدرة والقوة لإلهنا إلى أبد الآبدين . الصليب والقيامة ... والقيامة والصليب .... !! لو أسدل ستار حياة ربنا يسوع المسيح عند موته على الصليب أو دفنه فى القبر لأنتهت رسالة يسوع بالفشل ولأصبحت حياة يسوع على الأرض مجرد قصة إنسانية يسجلها التاريخ ، يحب الأنسان أن ينصت إليها مرة أو مرتين كباقى قصص الأبطال والعظماء ولكن إلى حين أو يأتى وقت تمل سماعها . ويكون الصليب عارا وخزيا يحاول التلاميذ أن يخفوا معالمه وملامحه ، ............ ولكن الحق إن كانت القيامة تلت الصليب من جهة الحدوث الزمنى ، ولكن الصليب كان يرافقه القيامة ، فالقيامة والصليب آمران متلازمان غير منفصلين عن بعضهما ففى وقت الصلب لم تفارق الرب قوة القيامة . لذلك وهو على الصليب بينما يقول أنا عطشان يقول للص اليمين اليوم تكون معى فى الفردوس معلنا وهو على الصليب أنه رب الفردوس وصاحب الفردوس ، فالقيامة كانت حاضرة فيه حتى فى لحظات الصلب والموت . لذا دعاه الملاك بعد قيامته بالمصلوب مع أنه قام بقوله للمريمات من تطلبين يسوع المصلوب ليس هو ها هنا لكنه قام . الصليب أرعب الشيطان وقوات الظلمة : سمع الشيطان الحوار الذى دار بين اللص التائب والرب المصلوب فخاف الشيطان وارتعب ، إذ فلت الزمام من بين يديه ولم يعد فى وسعه إلا محاولة إخماد قيامة الرب أو تشويهها حتى لا يؤمن الناس بصليب ربنا يسوع المسيح وببركات الفداء فينالوا التبنى ويقبلونه فاديا ومخلصا ويؤمنون بإسمه فيصيروا أبناء الله بعد أن كانوا أبناء الظلمة . الصليب أنار لنا طريق الموت : " .... إن سرت فى وادى ظلال الموت لا أخاف شيئا .. لأنك معى .... " ، بعد أن كان الموت يؤدى بالنفس البشرية إلى الهاوية ، وكان جميع الناس ( قبل الصليب ) يخافون ويرهبون الموت ، أصبح الآن مشتهى المؤمنين السالكين حسب وصايا الله أن ينطلقوا من هذا العالم إلى الأبدية السعيدة ليكونوا فى حضرة السيد المسيح ، لأن ذلك أفضل جدا . +++ ++ + خــراب أورشليم وهيكلــها أحوال اليهود قبل خراب أورشليم على الرغم من أن اليهود المقيمين خارج أورشليم قد حققوا ثراءا عريضا إلا أنهم كانوا يتطلعون بشوق إلى أورشليم ، باعتبار أن منها سيظهر – حسب فهمهم الخاطىء – المسيا المنتظر ، وهكذا كانت أورشليم مركز اليهودية فى العالم كله ، وقلبها النابض . وفى عهد الرسل كانت أورشليم على جانب كبير من الثراء المادى ، وبلغ عدد سكانها نحو مائتى ألف نسمة ، لكنها لم تعد – كما كانت فى زمان داود وسليمان – تستمد عظمتها وثروتها من قوتها العسكرية ، أو تجارتها مع شعوب فلسطين ، بل من هيكل يهوه وحده ... كان على كل ذكر يهودى تجاوز عمره السنتين ، أينما يعيش ، غنيا كان أم فقيرا ، أن يسهم فى الحفاظ على الهيكل ، بأن يدفع درهمين ( نصف شاقل ) سنويا ضريبة للهيكل ترسل إلى أورشليم . وقد أوفى الرب يسوع هذه الضريبة ( مت 17 : 24 ) . كانت تصل إلى أورشليم تقدمات كثيرة لا تحصى .. كما كان لزاما على كل يهودى أن يحج إلى أورشليم مرة واحدة على الأقل سنويا – حيث مسكن إلهه يهوه ... ففيه وحده يقبل الله التقدمات والذبائح ... أما المجامع اليهودية المنتشرة فى المدن اليهودية الأخرى ، فكانت أماكن إجتماعات وعبادة ومدارس ... لكنها لم تكن بحال ما هياكل تقدم فيها الذبائح . كانت حياة اليهود وآمالهم متعلقة بأورشليم " إن نسيتك ياأورشليم تنسى يمينى ، ليلتصق لسانى بحلقى إن لم أذكرك ، إن لم أفضل أورشليم على أعظم فرحى " ( مز 137 ) – من أجل هذا قامت بعض محاولات لبناء أماكن يحج إليها اليهود خارج أورشليم ، لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل ... وهكذا ظلت أورشليم وهيكلها قبلة أنظار اليهود فى كل أنحاء العالم ، يولون وجوههم شطرها فىالصلاة ، وإليها يرسلون تقدماتهم ، ويحجون إليها للتبرك وتقديم الذبائح ... ويحفظون لها كل ولائمهم .. ( كانت هناك حكمة إلهية من وراء ذلك ... كان الله يريد أن يجعل المكان الذى سيظهر فيه المسيح بالجسد قبلة أنظار العالم ... وقد أتت هذه الخطة الإلهية بثمارها ، فيما حدث يوم الخمسين ، يوم تأسست الكنيسة المسيحية ، وآمن بالمسيح ثلاثة آلاف نفس فى يوم واحد من مختلف الأوطان واللغات ، وجميعهم من اليهود ) . بشائر مشئـــــومة : سبق خراب أورشليم وهيكلها بشـــائر مشئومة فى أورشليم ذاتــها وفى خارجــــها . – نستعرض منها : 1- يذكر المؤرخون أن الست سنوات الواقعة بين إضطهاد نيرون وخراب أورشليم ( 64 – 70 م ) كانت أكثر فترات التاريخ القديم إمتلاء بالزيلة والفساد والكوارث ... لقد بدأ الوصف النبوى الذى قدمه رب المجد يسوع عن خراب أورشليم وهيكلها يتحقق . وبدأ للمسيحيين ، وكأن يوم الدينونة على الأبواب ... ولم يكن هذا الأحساس قاصرا على المسيحيين وحدهم ، بل شاركهم فيه كثير من الوثنيين أيضا ، حتى أن المؤرخ الوثنى تاكيتوس حينما أخذ يسجل تاريخ روما بعد موت نيرون ، بدأه بقولـه : إننى مقبل على عمل غنى بالكوارث ، ملىء بالمعارك الفظيعة ، والمنازعات والثورات .... حتى فى زمان السلم ، لقد قتل ثلاثة أمراء بالسيف ، وفى وقت واحد نشبت ثلاثة حروب أهلية ، وعديد من الحروب الخارجية العنيفة ، إيطاليا مثقلة بكوارث جديدة أو قديمة متكررة ، مدنا تبتلع أو تدفن تحت الحطام ، لقد أتلفت الحرائق روما ، احترقت معابدها القديمة ، حتى الكابيتول أضرم المواطنون النيران فيه ، انتهكت المقدسات ، وتفشى الزنا أيضا حتى فى الأماكن السامية ، إمتلأت البحار بأماكن النفى ، وتخضبت الجزر السطحية بدماء القتلى ، وما زال الهياج المرعب يسود المدينة .. 2- أما فلسطين فكانت أكثر بلاد العالم شقاء فى تلك الفترة .... إن مأساة خراب أورشليم إنما تمثل مقدما وبصورة مصغرة الدينونة الأخيرة ، كما أنبأ عنها السيد المسيح له المجد فى حديثه عن نهاية العالم ( مت 24، مر 13 ، لو 19 ، 21 ) . . . أخيرا وصل إحتمال الله لشعب اليهود إلى الذروة ، بعد أن فاقوا فى عنادهم كل تصور ، فصلبوا مخلصهم !! وما لبثوا أن رجموا يعقوب البار الذى كان أنسب إنسان يصالح اليهود مع المسيحية . لقد ظهرت وحدثت ظواهر وأحداث عجيبة قبل خراب أورشليم فى السماء وعلى الأرض سجلها لنا يوسيفوس المؤرخ اليهودى المعاصر لتلك الأحداث . . . ظهر فوق أورشليم ولمدة سنة كاملة ، نجم مذنب يشبه السيف . وحدث أن بقرة وضعت حملا وسط الهيكل بينما كان رئيس الكهنة سيقربها ذبيحة ، والباب الشرقى الضخم المصنوع من النحاس ، الذى كان يحكم اغلاقه ، ويقوم على غلقه عشرون رجلا بصعوبة ، شوهد ينفتح من تلقاء ذاته أثناء الليل . كما شوهدت مركبات وفرق من الجند مدججين بالسلاح بين السحب فوق المدينة المقدسة . ويذكر لنا يوسيفوس حادثا عجيبا آخر . . . ففى سنة 63 – قبل خراب المدينة بسبع سنوات – ظهر فلاح اسمه يوشيا فى مدينة أورشليم فى عيد المظال ، وأخذ يصيح بلهجة نبوية نهارا وليلا فى الشوارع وبين الناس قائلا : ( صوت من الشرق ، صوت من الغرب ، صوت من الرياح الأربعة ، صوت ضد أورشليم والبيت المقدس ، صوت ضد العرائس والعرسان ، صوت ضد هذا الشعب جميعه ... ويل ... ويل ... لأورشليم ) . وإذ أزعج هذا المتنىء الحكام بويلاته ، قبضوا عليه وجلدوه لأنه تنبأ بالشر عليهم ، وعلى مدينتهم ، ... أما هو فلم يبدى أى مقاومة ، بل استمر يردد ويلاته . ولما قدم لألبيتوس الوالى ، أمر بجلده حتى ظهرت عظامه ، ومع كل ذلك ما كان ينطق بكلمة دفاعا عن ذاته ، ولا لعن أعداءه .. وكل ما فعله أنه كان يصدر صوتا حزينا مع كل جلدة ( ويل ويل لأورشليم ) ... لم يجب بشىء على أسئلة الحاكم ، من هو ومن أين .. أخيرا أطلقوا سراحه كرجل مجنون ... لكنه استمر على هذه الحال حتى نشبت الحرب ... لا سيما فى الأعياد الثلاثة الكبرى ، معلنا اقتراب سقوط أورشليم .... وحدث أثناء حصار المدينة أنه كان يردد مرثاته فوق سور المدينة ، وفجأة أضاف إلى العبارات الأولى التى كان يرددها قوله : ( ويل ويل لى أنا أيضا ) ... وما أن أنتهى من قوله هذا حتى استقر حجر على رأسه ألقاه الرومان فمات . ثــــــورة اليهـــــــود : فى مدة حكم الولاة الرومان فيلكس وفستوس والبيتوس و فولوروس إزداد الفساد الأخلاقى والأنحلال الأجتماعى بين يهود فلسطين ، وانتشرت أعمال السرقة والبلطجة والنهب والقتل وإلى جانب ذلك ، وصلت روح التحزب بين اليهود أنفسهم وكراهيتهم لمستعمريهم الوثنيين ، وتعصبهم السياسى والدينى حدا بالغا ، وقد شجع على هذه الروح وزادها اشتعالا ، ظهور الأنبياء والمسحاء الكذبة ، وقد استطاع أحدهم – بحسب رواية يوسيفوس – ان يجذب وراءه ثلاثين ألف رجل ... وهكذا بدأت تتم كلمات ربنا يسوع النبوية عن ظهور مسحاء كذبة وأنبياء كذبة يضلون كثيرين . وفى شهر مايو سنة 66 م – تحت حكم الوالى الرومانى فلوروس ... وكان طاغية شريرا قاسيا – إندلعت ثورة يهودية منظمة ضد الرومان ، وفى نفس الوقت قامت حرب أهلية بين جماعات الثوار المختلفة ، لا سيما بين جماعة الغيورين المتطرفين ، وفريق المعتدلين ، كان أعضاء جماعة المتطرفين لهم سيطرة على المدينة المقدسة والهيكل ، واعتبروا ظهور المذنبات والشهب والأنذارات المخيفة والأعاجيب التى صاحبت تلك الفترة ، على أنها علامات لمجىء المسيا وملكه على الأمم ... ! لقد كان تحدى اليهود للدولة الرومانية فى ذلك الوقت ، يعنى تحديهم لأكبر قوة مسلحة فى العالم وقتذاك . الغـــــزو الرومــــــانى : عندما بلغ نيرون خبر ثورة اليهود ، أرسل قائده الزائع الصيت فسبسيان على رأس قوة كبيرة إلى فلسطين ... بدأت الحملة سنة 67 من ميناء بتولمايس ( عكا ) .. وواجهت مقاومة مستميتة فى الجليل قوامها ستون ألف مقاتل ... لكن ما لبثت الأحداث فى روما أن حالت بين فسبسيان واستكمال النصر ، وأضطرته إلى العودة إليها ، بعد أن انتحر نيرون ، وتعاقب على العرش الأمبراطورى ثلاثة أباطرة فى فترة وجيزة . وانتهى الأمر بإعلان فسبسيان إمبراطورا سنة 69 م ، فعمل على إعادة الأمن والنظام فى ربوع الأمبراطورية . خلف فسبسيان فى قيادة الحرب ضد اليهود ابنه تيطس .... الذى صار هو الآخر إمبراطورا بعد هذه الأحداث بعشر سنوات .... كان جيش تيتطس قوامه نحو ثمانين ألف مقاتل مدرب ، وأقام معسكره على جبل سكوبس وجبل الزيتون المتاخم ، فى مواقع تمكنه من رؤية المدينة أورشليم والهيكل رؤية واضحة ، وكان وادى قدرون يفصل بين الرومان واليهود المحاصرين . بدأ الحصار فى أبريل سنة 70 م عقب عيد الفصح مباشرة ...... وكانت أورشليم غاصة بالغرباء الذين وفدوا إليها لحضور ذلك العيد العظيم ، حاةل تيطس فى بادىء الأمر التفاهم مع اليهود بالحسنى ، لكن جماعة الغيوريين رفضوا بكل تحدى مقترحات تيطس ومحاولاته المتكررة ، وتوسلات يوسيفوس ( المؤرخ ) الذى صحبه كمترجم ووسيط .... وكانوا فى ثورتهم الجنونية يقتلون كل من يتحدث عن الأستسلام . قام اليهود ببعض الهجمات أسفل وادى قدرون وفوق الجبل ..... ، كبدوا فيها الرومان خسائر كبيرة .... كان هذا النجاح المبدئى سببا فى أزدياد حماس الغيوريين ، على الرغم مما حل بهم من مصائب ومتاعب .... كان تيطس يصلب يوميا من اليهود العصاة نحو خمسمائة يهودى .... وما لبثت أن ظهرت المجاعة فى أورشليم ... !! وعلى الرغم من ذلك لم يتراجع اليهود عن موقفهم . إن التاريخ لم يسجل لنا صورا للبؤس أبشع مما شهدته أورشليم مدة حصارها على يد تيطس ..... ، كما أنه لا يسجل لنا مقاومة عنيدة ، وشجاعة يائسة ، واستخفافا بالموت ، على نحو ما أظهره اليهود فى تلك الحرب . دمـــــار المدينـــــــة والهيكـــــــل : أخيرا – فى يولية سنة 70 م - باغت الرومان حصن أنطونيا ليلا واستولوا عليه .... وبسقوط هذا الحصن أصبح الطريق ممهدا لوضع أيديهم على الهيكل ... فتوقفت الذبائح اليومية فى اليوم السابع عشر من يولية ، لأن اليهود كانوا فى حاجة إلى كل الأيدى للدفاع فى الحرب .... ولعل آخر ذبيحة وأغزرها دماء قدمت على مذبح المحرقة كانت آلاف اليهود الذين ذبحهم الرومان وقد تجمهروا حول هيكلهم للدفاع عنـــــــه !! . كان تيطس – بحسب رواية يوسيفوس – ينوى فى بادىء الأمر أن يبقى على الهيكل ، كعمل معمارى رائع يحفظ ذكرى انتصاره ... ولكن جنوده كانوا فى حالة هياج هستيرى نتيجة المقاومة العنيدة من اليهود ، والطمع فى كنوز الهيكل الذهبية ، لم يكن فى الأمكان إيقافهم عن أعمال التخريب .... كانت الأروقة المحيطة بالهيكل هى أول ما احترق منه ، ثم ما لبثت أن طرحت كتلة نارية عبرالبوابة الذهبية . وعندما تصاعدت ألسنة اللهب ، أطلق اليهود صرخات هستيرية مفزعة ، وحاولوا إخماد النار ، بينما وجد آخرون عزاءهم – وهم يتعلقون بآخر أمل لهم فى خلاص المسيا – فى أن يعلنوا نبوءة نبى كاذب ، مؤداها أن الله وسط حريق الهيكل ، وسيعطى علامة الخلاص لشعبه ... ! ! تنافس الجنود الرومان فى تغذية ألسنة اللهب ، وسرعان ما تحول كل البناء الضخم إلى شعلة نارية أضاءت السماء .... هكذا أحرق الهيكل فى العاشر من أغسطس سنة 70 م – وهو حسب التقليد ، نفس اليوم الذى خرب فيه الهيكل قديما على يد نبوخذ نصر ملك بابل ... ! ! يقول يوسيفوس – وهو شاهد عيان – فى وصفه لخراب الهيكل : ( لا يمكن أن يتصور أحد أصوات أعلى وأكثر فزعا مما حدث من كل ناحية أثناء إحتراق الهيكل ... صيحات الأنتصار والفرح الصادرة من الجنود الرومان تختلط بصيحات عويل الشعب المحاصر بالنار والسيف فوق الجبل وداخل المدينة ..وكان الصدى الواصل من كل الجبال المحيطة يزيد هذا الزئير الذى يصم الاذان ....ومع ذلك فالبؤس نفسه كان أفظع من هذا الأضطراب . كان التل المقام عليه الهيكل يغلى من السخونة ، وبدأت وكأنه ملفوف حتى سفحه بطبقة واحدة من اللهب . كانت الدماء فى كميتها أكثر من النار ، والمذبوحين أكثر عددا ممن ذبحوهم ... ولم تعد الأرض ترى فى أى موضع ، إذ كانت مغطاة بأكوام من جثث القتلى ..... ، سار فوقها الجند وهم يتعقبون الهاربين ) . وما لبث الرومان أن ثبتوا شعاراتهم ( النسور الرومانية ) فوق الأنقاض فى الجهة المقابلة لبوابة أورشليم الشرقية ، وقدموا لها القرابين ، وهتفوا لقائدهم المظفر تيطس بأعظم تهاليل الفرح ... هكذا تمت النبوءة الخاصة " برجســــــة الخراب القائمــــــــة فى المـــــوضع المقـــــدس " . قصــــاص اللـــــه العــــــــادل : لقد هدمت أورشليم تماما ، ولم يترك بها سوى ثلاثة أبراج من قصر هيرودس مع جزء من الحائط الغربى . وقد أبقى عليها كآثار لقوة المدينة المقهورة ، التى كانت يوما معقلا لدولة اليهود الدينية ، ومهــــد الكنيســــــة المسيحية ، ... ولقد أحس الجميع واعترفوا بأن كارثة اليهود إنما هى قصاص إلهى .... أما يوسيفوس – المؤرخ اليهودى الذى كان حاكما على الجليل ، وقائدا لجيش اليهود ، ثم أسر فى يد فسبسيان الرومانى ثم رافق تيطس وعمل كمترجم بين اليهود والرومان – والذى تابع الحرب بنفسه من أولها إلى آخرها ، فقد استطاع أن يتبين فى تلك المأساة عدل اللــــه . هكذا كان لابد لواحد من أفضل أباطرة الرومان أن ينفذ عدل اللــــه وقضائه ، ولآخر من أكثر اليهود ثقافة فى زمانه أن يصفه ... وهكذا أيضا - دون أن يعرفا أو يريدا – شهدا لصدق النبوة وألوهة يسوع المسيح ربنا ، الذى إذ رفضه هؤلاء اليهود الجاحدون ، عانوا البؤس والشقاء فى ملء بشاعتها . يالهذى المفارقات فيهود الأمس وقفوا أمام بيلاطس البنطى متهمين يسوع أنه ضد قيصر ، وكأنهم يعلنون ولائهم للأجنبى ضد يسوع مخلصهم ، وابن وطنهم ! - هؤلاء اليهود الذين وقفوا بالأمس هكذا نراهم اليوم مقتولين ومشردين بيد ذلك الأجنبى نفسه ، لقد شربوا من كأس المرارة ، وحلت عليهم اللعنة وانتقام السماء من فم آبائهم : دمه علينا وعلى أولادنـا . احتفال الرومـــــان بالنصر : احتفل فسبسيان وتيطس بالنصر معا ، احتفالا عظيما فى روما سنة 71 م ، فركب كل منهما مركبة خاصة متوجا بأكاليل النصر ، سار الموكب فى تؤدة إلى معبد جوبيتر وسط هتافات الجماهير ، وكان يتقدم الموكب جنود فى ثياب إحتفالية ، وسبعمائة أسير يهودى ... وقد حملت فى هذا الموكب بعض صور الآلهة التى يعبدها الرومان ، وبعض قطع من أثاث الهيكل اليهودى ( مائدة خبز الوجوه – والمنارة الذهبية ذات السبع سرج – والأبواق التى كانت تعلن بدء سنة اليوبيل والمجامر وبعض أدراج الناموس ) – وأودعت معبد السلام ....الذى كان قد بنى منذ وقت قصير . ( أحرق هذا المعبد فيما بعد فى عهد الأمبراطور كومودس ولا يعلم ماذا أنتهت إليه قطع الأثاث المذكورة ) – أما كتب الناموس والستائر الأرجوانية الخاصة بالهيكل ، فقد احتفظ بها فسبسيان فى قصره ..... كان يوسيفوس أحد شهود هذا الأحتفال بإذلال أمته ، ووصفه لنا دون أن يبدى أى مشاعر لتأثره. أما مصير اليهود بعد الحرب فمنهم من لقى حتفه بالألوف ، ومنهم من هلك جوعا ، وأخذ منهم سبعة وتسعون ألفا أسرى ، بيع بعضهم كعبيد وآخرون أرسلوا إلى مناجم الفحم كعمال ، بينما قرب البعض كضحايا فى حلبات المصارعة ، واحتفظ بأكثرهم بدانة ووجاهة مع زعمائهم ليسيروا كأسرى فى موكب النصر بروما. لقد نتج عن فتح فلسطين على يد الرومان ، دمار مصالح اليهود وتدهور أحوالهم الأقتصادية ، ولقد وصل الشعب اليهودى إلى حالة لا يحسدون عليها من الفقر المدقع ، صاروا بلا وطن ... أو هويــــــة ، مشردين فى بقاع العالم . المراجع : البشائر الأربعة : كما دونها الأباء الرسل القديسون : متى ومرقس ولوقا ويوحنا . الأسبوع الأخير : إعداد أناغنوستيس مهندس ليشع حبيب تقديم : المتنيح الأنبا غريغوريوس من دحرج الحجر : للمحامى فرانك موريسون ( الأنجليزى ) . الكنيسة المسيحية فى عصر الرسل : لمثلث الرحمات نيافة الأنبا يؤأنس . محاكمة يسوع المسيح : للفقيه الأنجليزى فرانك جورج باول راجع الترجمة وقدم لها : المتنيح الأنبا غريغوريوس طقس أسبوع الآلام حسب ترتيب الكنيسة القبطية . كنيسة القديس تكلا هيمانوت بالأبراهيمية بالأسكندرية . الأفخارستيا : للشماس جرجس صموئيل عازر . تأملات ودروس من العلية : للقمص أسحق صــــادق اصدار : كنيسة القديس مارمرقس بالمعادى [/COLOR][/SIZE] [SIZE=5][COLOR=#2e8b57][/COLOR][/SIZE] [SIZE=5][COLOR=#2e8b57][/COLOR][/SIZE] [SIZE=5][COLOR=#2e8b57][/COLOR][/SIZE] [SIZE=5][COLOR=#2e8b57]المصدر [/COLOR][/SIZE] [SIZE=5][COLOR=#2e8b57][/COLOR][/SIZE] [SIZE=5][COLOR=#2e8b57][URL]http://www.freecopts.net/forum/showthread.php?t=21959[/URL][/COLOR][/SIZE] [/QUOTE]
التحقق
رد
الرئيسية
المنتديات
المنتديات المسيحية
المنتدى المسيحي الكتابي العام
الصليب (ملف رائع ).. asmicheal
أعلى