السيد المسيخ والمراة السامرية

لمسة يسوع

Well-known member
إنضم
20 أغسطس 2022
المشاركات
2,085
مستوى التفاعل
624
النقاط
113
السيد المسيح والمرأة السامرية

السامرية تجد مرعى
أنا هو الباب. إن دخل بي أحدٌ فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى ( يو 10: 9 )
ينفرد إنجيل يوحنا بذكر بعض مُقابلات للرب يسوع، لم يَرِد ذكرها في الأناجيل الأخرى، فيذكر، مثلاً: مقابلته مع نيقوديموس (يو3)، ومقابلته مع المرأة السامرية (يو4). ولربما يبدو، بحسب مقاييس البشر، أن نيقوديموس أفضل جدًا من السامرية باعتباره متدينًا ومعلمًا للناموس، بينما السامرية امرأة شريرة تحاول أن تروي ظمأها من بئر الشهوات، ولذلك كانت منبوذة من الناس. ولكن بحسب المقاييس والنظرة الإلهية «لا فرق. إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله» ( رو 3: 22 ، 23). لقد كان نيقوديموس محتاجًا للولادة من فوق، وكانت السامرية محتاجة أيضًا للماء الحي.

لقد جاءت هذه المرأة لتستقي ماء حيث كان الرب يسوع جالسًا وحيدًا على حافة البئر، إذ كان قد تعب من السفر. وهو ـ تبارك اسمه ـ باعتباره «الباب» الوحيد الذي «ليس بأحد غيره الخلاص» ( أع 4: 12 )، فتح باب الحديث معها، وقال لها: «أعطيني لأشرب»، واستطاع أن يكسب ثقتها، وأشعرها بحاجتها، ثم صوَّب سهمًا إلى ضميرها، لما كشف خطيتها وعيشتها في النجاسة والشر، وحدّثها عن شخصه باعتباره وسيلة وصول عطية الله العُظمى لنا، وبواسطته نحصل على الماء الحي (الروح القدس)، الذي يصير في داخل قلوبنا ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية .. وهكذا أمسك الرب بيد هذه المرأة الساقطة، وأقامها من سقطتها، وقادها للخلاص.

وبعد أن خلصت، سألت السامرية عن السجود. وهو ـ تبارك اسمه ـ باعتباره المعلم، عرَّفها أن السجود الحقيقي غير مرتبط بالمكان، وأنه يجب أن يُقدَّم حسب إعلان الله عن نفسه (أي بالحق)، وحسب طبيعته (أي بالروح). فهي سألت، ودخلت للسجود ( عب 10: 19 )، ثم خرجت للشهادة قائلة للناس: «هلموا انظروا إنسانًا قال لي كل ما فعلت. أ لعل هذا هو المسيح؟» (ع29؛ عب13: 13).

وفي النهاية وجدت السامرية فيه مرعى حيث شبعت وارتوت، وصدَّقت وأيقنت أن كل مَنْ يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا، ولكن مَنْ يشرب من الماء الذي يعطيه الرب، فلن يعطش إلى الأبد. لذلك تركت المرأة جرّتها ومضت، لأنه ما حاجتها بعد إلى الماء الذي لا يروي؟!
 

لمسة يسوع

Well-known member
إنضم
20 أغسطس 2022
المشاركات
2,085
مستوى التفاعل
624
النقاط
113
السيد المسيح والمرأة السامرية

أعطيني لأشرب
وقال لها: لو كنتِ تعلمين عطية الله، ومَن هو الذي يقول لكِ أعطيني لأشرب،
لطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حيًا ( يو 4: 10 )
كان لا بد له ـ تبارك اسمه ـ أن يجتاز السامرة، ليبحث عن نفس بائسة. تلك السامرية التي لم يَعُد لها قوة لرفع عينيها في وجوه الناس، السامرية العطشى التي تبحث عمّن يرويها. ولكي يصل إليها هذا الحكيم، تعب من السفر، وجلس على البئر لوحده في انتظارها، بعدما أرسل كل تلاميذه ليبتاعوا طعامًا، ليتسنى له أن يلتقي بها ويجري الحديث معها على انفراد. وفي تعبه وظمئه تنازل ليطلب منها، بل يأخذ دور المُستعطي قائلاً لها: «أعطيني لأشرب». إنها عبارة قصيرة تحمل طلبًا بسيطًا، هي أولى عباراته في حديثه معها. ورغم بساطة هذه العبارة، فإنها تحمل دواء من حكيم القلب لمريضة مُنهكة تبحث عن إسعافها. هذه العبارة كانت الأساس الذي بنى عليه الرب كل هذا اللقاء مع هذه المرأة السامرية، فربح قلبها. أَ تعلم لماذا أخي الحبيب؟

إن الرب يسوع رابح النفوس الحكيم، علم أن هذه المرأة سامرية وهو يهودي، واليهود لا يُعاملون السامريين. كانت هناك رواسب قديمة ومواقف تعصبية شديدة، وحواجز دينية بين الطرفين اليهودي والسامري. ولا ننسَ أنه هو رجل وهي امرأة، وإن كان من رابع المُستحيلات أن يتقدم رجل يهودي ويطلب أي طلب من إنسان سامري، فكم بالحري من امرأة، واليهودي المتدين مستعد أن يموت عطشًا عن أن يشرب من إناء سامري. لكن رغم هذه الفواصل والحواجز، فإن الرب في مبادرته وطلبه، كسر أمام المرأة كل الحواجز، ونزل إلى مستوى السامريين. لقد قبل أن يُجالس السامرية ويتحدث إليها، وأن يستعمل أدواتها ويشرب من إنائها، وكل ذلك لكي يربح السامرية!

إن تنازل الرب واتضاعه في مُشاركته تلك السامرية، جعل المرأة تسأله مُستغربة: «كيف تطلب مني لتشرب، وأنت يهودي وأنا امرأة سامرية؟»، ”فأنت قمت بعمل مُغاير للعوائد. تنازلت عن مركزك اليهودي وصرت تعاملني أنا السامرية، فما هذا التواضع؟ وأنا المرأة السامرية التي لا قيمة لي في أعين الناس، بل لا أجد لي قيمة أو منفعة عند نفسي؛ وها أنت تطلب مني أن أسقيك! هل أنا غير النافعة تجد بي منفعة؟“. في بداية اللقاء رأته يهوديًا فخفق قلبها، وبعد هذه العبارة رأت فيه إنسانًا وهي في عينيه إنسانة، فاطمأنت روحها.
 

لمسة يسوع

Well-known member
إنضم
20 أغسطس 2022
المشاركات
2,085
مستوى التفاعل
624
النقاط
113
السيد المسيح والمرأة السامرية


المسيح يعطي الماء الحي
مَن يشرب من الماء الذي أُعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد،
بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية ( يو 4: 14 )
الماء الحي هو رمز للروح القدس كما نفهم من يوحنا7: 39. فالروح يلد الإنسان من فوق ( يو 3: 5 )، ويعطي قوة للشهادة، وأيضًا للسجود والعبادة. وكما الماء في الحياة الطبيعية، كذلك الروح في الحياة الروحية، فالنبات بدون الماء يموت. وهذا ما حدث مع هذه المرأة السامرية. لقد وُلدت من جديد، وراحت تسأل عن السجود، وعرفت أن الله روح، وأن الساجدين له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا. ثم تركت المرأة الجرة، ومارست الكهنوت الملوكي، إذ أخبرت بفضائل الذي دعاها من الظلمة إلى نوره العجيب!

ولكي يمنحنا المسيح الماء الحي، كان عليه أن يتمم المكتوب: «يبست مثل شقفة قوتي، ولصق لساني بحنكي، وإلى تراب الموت تضعني» ( يو 19: 28 ). لذلك وبعد أن «رأى يسوع أن كل شيء قد كَمل، فلكي يتم الكتاب، قال: أنا عطشان» (يو19: 28).


مروي العطاشِ قد عطش والخلَّ أيضًا قد شربْ
وهكذا تمَّ الكتاب وكل ما عنهُ كُتبْ


في رحلة الشعب القديم من سين إلى رفيديم، لم يكن ماء ليشرب الشعب، ولكي يصل الماء للشعب، قال الرب لموسى: «تضرب الصخرة فيخرج منها ماء ليشرب الشعب. ففعل موسى هكذا» ( خر 17: 6 ). ويعلِّق الرسول بولس في 1كورنثوس10: 4 قائلاً: «لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح». لذلك نحن نرنم شاكرين وساجدين، قائلين له:


يا صخرةِ الدهورِ قد ضُربتَ مِن أجلي
لتفتح البابَ الذي يدخلُه مثلي


لقد مات المسيح، وأكمل العمل، وتمجد بقيامته وصعوده، وجاء الروح القدس وما زلنا نسمع أجراس النعمة تدق: «إن عطش أحد فليُقبل إليَّ ويشرب. مَنْ آمن بي، كما قال الكتاب، تجري من بطنه أنهار ماء حي» ( يو 7: 37 ، 38). فيا ليت قلوبنا ترِقّ نظير السامرية التي كانت بعيدة شاردة، فأصبحت قريبة وساجدة. فلا يوجد شِبع أو ري، بعيدًا عن المسيح الحي.
 
أعلى