- إنضم
- 3 فبراير 2007
- المشاركات
- 7,458
- مستوى التفاعل
- 23
- النقاط
- 0
أبنائى الأحباء فى المهجر كهنةً، و شعباً،
أهنئكم بعيد الميلاد المجيد و ببدء عام جديد، راجياً لكم من الرب حياة سعيدة و مقدسة فى محبته.
و يسرنى فى ميلاد السيد المسيح له المجد، أن أخبركم أنه فى تجسده قد قدّس كل شئ بالاستخدام الحسن. و هكذا قيل “كل شئ طاهر للطاهرين” (تى1: 15).
+ فالجسد الذى كان يظن البعض أنه فاسد و سبب كل خطية، قدّسه الرب بتجسده، و أرانا كيف يكون الجسد طاهراً و مقدساً و مرضياً لله. قدّس الجسد حينما حلَّ الروح القدس فى بطن السيدة العذراء، و قدّس جسدها ليكون إناءً طاهراً لحلول الله الكلمة. و قدّس الجسد بصفة عامة فيما بعد بمنحه البشر قيامة أجسادهم، و تحولها فى القيامة إلى أجساد روحانية (1كو15: 44). و هكذا قدّس أجسادنا و قدّس أرواحنا، و قدس طبيعتنا البشرية بصفة عامة. أخذ الذى لنا، و أعطانا الذى له.
+ و فى تجسده قدّس كل مراحل العمر بالنسبة إلى الأنسان. فأعطانا مثالاً للطفولة المقدسة لما صار طفلاً. و أرانا أيضاً كيف تكون فترة الشباب مقدسة، و كيف تكون الرجولة مقدسة. أى أعطانا الصورة المثالية لكل مرحلة من مراحل العمر لما مّر بها…
+ و السيد المسيح قدّس الزواج، كما قدّس حياة البتولية و الخلوة و الصلاة . قدّس الزواج لما سمح للعذراء مريم أن تتزوج يوسف النجار، و إن كانت لم تعش معه كزوجة، و إنما عاشت بتولاً فى كنفه و رعايته. وقدّس الزواج أيضاً لما حضر عرس قانا الجليل و باركه (يو2) و كذلك باختيار بطرس المتزوج ليكون واحداً من رسله و تلاميذه.
+ و قدّس السيد المسيح الخلوة و الصلاة، بصلاته فى خلوته فى جيل الزيتون و بستان جثيمانى. و قدس البتولية بحياته كبتول، و ميلاده من بتول، و بأن عهدَ بأمه إلى تلميذه يوحنا البتول لتحيا فى بيته إلى أن تنيحت.
+ و قدّس الحياة البشرية بحياته. قدس الصوم لما صام أربعون يوماً (مت4: 2). وقدّس الأكل و الشرب لما أكل مثلنا و شرب، حتى قيل عنه “جاء ابن يأكل ويشرب” (مت11: 19). قدّس النوم و السهر، لما نام فى السفينة، و لما كان يسهر الليل كله فى الصلاة. قدّس العمل حينما اشتغل نجاراً فى بيت يوسف، و قيل عنه “أليس هذا النجار ابن مريم” (مر6: 3). و هكذا بارك العمل لما عمل بيديه، قدّس كل عمل تمتد إليه يده. قدّس الحياة كلها، و ناب عن البشرية فى هذا التقديس.
+ قدّس الأرض التى ُلعنت بخطية آدم (تك 3: 17). و عادت فدخلتها البركة بميلاده. فبارك فلسطين بميلاده فيها، و بارك مصر بإقامته فيها ثلاث سنوات و نصف. وقال الوحى الإلهى “مبارك شعبى مصر” (أش19: 25). بل بارك مزود البقر الذى ُولد فيه و أصبح مزاراً مقدساً. و بارك كل مكان حلَّ فيه، و كل موضع صنع فيه معجزة. و بارك البحر لما مشى عليه. و بارك الجبل حين ألقى عليه عظته، كما بارك جبل التجلى لما تجلى عليه.
+ قدّس الخبز لما بارك الخبز فى معجزة الخمس خبزات
+ لقد قدّس السيد المسيح كل شئ. فقدّس الفقر و الغنى و المال. لقد قدّس الفقر لما ُولد فقيراً فى مزود بقر، و عاش فقيراً ليس له أين يسند رأسه. و كذلك لما اختار تلاميذه من الفقراء و صيادى السمك… و فى نفس الوقت قدّس الغِنى، لما سمح أن يكفّنه رجل غنى هو يوسف الرامى (مت27: 57) و ُدفن فى مقبرته الخاصة وقدّس المال، إذ كان لجماعته صندوق يضع فيه المتبرعون مالهم (يو12: 6). وقدّس المال لما امتدح الأرملة التى فلسين فى الخزانة (لو21: 2). و هكذا لم يعد المال شراً فى ذاته. إنما الشر فى عبادة المال، و فى الاتكال على المال و ليس على الله.
+ هذه مجرد عينات مما قدّس السيد المسيح له المجد.
ليتنا فى ما نتذكر كل هذا، نعمل على تقديس كل ما يخصنا لتكون حياتنا كلها مقدسة للرب فى كل ما نعمله…
و ختاماً، كونوا مباركين من الرب، محاللين من روحه القدوس
عيد الميلاد 2007م
شنودة الثالث