للأسف يا صديقي فشلت فشلاً ذريع أرجو منك قرائة ما كتبه القمص زكريا عن الموضوع و ليس من شيمنا الخداع و الغش بل هي منشيمكم وكم انا حزين عليك إليك المقال كامل الفصل الأول
وحدانية الله في المسيحية
نحن معشر المسيحيين نؤمن باله واحد لا شريك له غير محدود، مالئ السماوات والأرض خالق الكل أزلي قبل الأكوان، أبدى لا نهاية لملكه.
وهذه العقيدة واضحة تماماً فى الإنجيل المقدس وقانون الإيمان المسيحي كما سترى.
1_ السيد المسيح نفسه يوضح هذه العقيدة بفمه الطاهر عندما جاءه أحد اليهود ليسأله عن اعظم الوصايا فأجابه يسوع "أن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك، وهذه هي الوصية الأولى" (مر 12 : 29) وهى صدى وتوكيد لما جاء في (سفر التثنية 6 :4 –9) ولو صيغت هذه الوصية بلغة القرآن لكانت هكذا. (الله،إلهنا،هو الله الأحد،الله الصمد).
2_ وبولس الرسول يوضح أيضا ذلك بقوله "أم الله لليهود فقط أليس للأمم أيضاً. بلى للأمم أيضاً لأن الله واحد" (رو 3:29)
3_ يعقوب الرسول يوضح ذات العقيدة بقوله "أنت تؤمن أن الله واحد. حسنا تفعل" (يعقوب 2 :19)
4_ ومن هذه النصوص وغيرها التي يزخر بها الكتاب المقدس أخذ قانون الإيمان المسيحي الذي تردده الكنيسة عل مدى الأجيال قائلين (بالحقيقة نؤمن بإله واحد. خالق السماوات والأرض ما يرى وما لا يرى).
من هذا يا عزيزي لعلك قد أدركت أننا نحن المسيحيين نؤمن باله واحد وليس بثلاثة آلهة أما عن قولنا الآب والابن والروح القدس فهذا ما سنوضح مفهومه الصحيح فى حديثنا عن الثالوث الأقدس فيما يلي.
الفصل الثاني
الثالوث الأقدس في المسيحية
إن عقيدة الثالوث لا تعنى مطلقاً أننا نؤمن بوجود ثلاثة آلهة كما يتوهم البعض، ولكن مفهوم هذه العقيدة هو أن الله الواحد: موجود بذاته، وله كلمة، وله روح كما سنوضح فيما يلي:
*فالله موجود بذاتـه: أي أن الله كائن له ذات حقيقية وليس هو مجرد فكرة بلا وجود. وهذا الوجود هو أصل كل الوجود. ومن هنا أعلن الله عن وجوده هذا بلفظة (الآب) [ولا تعنى هذه اللفظة أي معنى مادي أو جسدي بل لأنه مصدر الوجود].
*والله ناطق بكلمته: أي أن الله الموجود بذاته هو كائن عاقل ناطق بالكلمة وليس هو إله صامت، ولقد أعلن الله عن عقله الناطق هذا بلفظة (الابن) [كما نعبر عن الكلمة الخارجة من فم الإنسان: بقولنا "بنت شفة" ولا تعنى هذه اللفظة أي معنى مادي أو جسدي بل لأنه مصدر الوجود].
* والله أيضا حي بروحه: إذ أن الله الذي يعطي حياة لكل بشر لا نتصور أنه هو نفسه بدون روح! ولقد أعلن الله عن روحه هذا بلفظة (الروح القدس)
ولا يصح أن نفهم من هذه التسميات وجود أية علاقة جسدية تناسلية كما في المفهوم البشرى، وإنما دلالاتها روحية كما سبق الإيضاح وليست هذه التسميات من وضع إنسان أو اختراع بشر وإنما هي كلمات الوحي الإلهي في الكتاب المقدس كما سترى:
1_ قال السيد المسيح لتلاميذه "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (الإنجيل بحسب متى 28: 19)
*فالوحدانية واضحة من قوله: عمدوهم "باسم " أي باسم الله الواحد. ولم يقل "بأسماء" لأننا لا نؤمن بثلاثة آلهة لها ثلاثة أسماء حاشا.
*والثالوث واضح من قوله في الآية السابقة: "الآب والابن والروح القدس". فهذا هو الثالوث الذي شرحناه سابقا: الآب هو الذات، والابن هو كلمته، والروح هو الروح القدس، وهذا الثالوث هو واحد.
2_ يوحنا الرسول يؤكد هذا المفهوم بكل وضوح قائلاً "فان الذين يشهدون فى السماء هم ثلاثة الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد" (رسالة يوحنا الأولى 5: 7) وبمقارنة الآيتين تجد ألقاب الثالوث الأقدس كالآتي: الآب والابن (أو الكلمة) والروح القدس.
هذا هو الثالوث الأقدس في الإله الواحد الذي نؤمن به.
الفصل الثالث
حتمية الثالوث في الوحدانية
مما سبق يتضح أنه لا بد من أن يكون هناك ثالوث في الله الواحد القدوس إذ أنه:
*لا يمكن أن الله الواحد الذي أوجد الموجودات كلها يكون هو نفسه بلا وجود ذاتي.
*ولا يمكن أن الله الذي خلق الإنسان ناطقاً أن يكون هو نفسه غير ناطق بالكلمة.
*كما أنه لا يمكن أن الله الذي خلق الحياة في كل كائن حي أن يكون هو نفسه غير حي بالروح.
لذلك تحتم أن يكون في "الله الواحد" (ثالوث أقدس) على نحو ما أوضحنا وهذا هو إيماننا القويم "الله واحد في ثالوث وليس ثلاثة آلهة".
الباب الثاني
شهادة القرآن
للعقيدة المسيحية
*شهادة القرآن لتوحيد المسيحيين.
*شهادة القرآن لثالوث المسيحيين
*شهادة القرآن أن المسيح كلمة الله
*شهادة القرآن للروح القدس.
الفصل الأول
شهادة القرآن
لتوحيد المسيحيين
يشهد القرآن للمسيحيين بأنهم يؤمنون بالله الواحد ولا يشركون به وأنهم ليسوا كفرة ويتضح ذلك مما يلي:
1_ سورة العنكبوت أية 46:
" ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن … وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد .
وبهذا يشهد القرآن أننا نحن المسيحيين أهل الكتاب نعبد الله الواحد ؟
2_ سورة آل عمران أية 113و 114:
"من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات …"
وفي هذا إيضاح جلي بأن أهل الكتاب (أي المسيحيين) يؤمنون بالله الواحد، يتلون كتابه الموجود بين أيديهم في أيام النبي محمد، ويسجدون لله الواحد أثناء تأدية العبادة له.
3_ سورة المائدة آية 82:
"لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا (أي المسلمين) اليهود والذين أشركوا. ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا، الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون".
ويتضح من هذا أن النصارى ليسوا مشركين بالله فالمشركون واليهود هم أشد الناس عداوة للمسلمين أما النصارى فهم أقرب الناس مودة لهم.
4_ سورة آل عمران 55:
"إذ قال الله يا عيسى أني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة"
يتضح لك من هذا أيضاً أن الذين تبعوا المسيح (وهم المسيحيون) ليسوا كفرة بل أن الله يميزهم عن الكفرة ورفعهم فوقهم.
فمن كل ما تقدم تأكد لك شهادة القرآن للنصارى بأنهم يعبدون الله الواحد ولا يشركون به.
الفصل الثاني
شهادة القرآن
لثالوث المسيحية
ربما تتعجب يا عزيزي أن القرآن يذكر ثالوث الله الواحد تماماً كما تؤمن به المسيحية. فقد مر بنا ثالوث المسيحية هو: ذات الله. وكلمته. وروحه.
وهذا هو عين ما ذكره القرآن وفى آية واحدة:
1ـ سورة النساء آية 171:
(إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه).
ففي هذه الآية يتضح أن الله له:
*ذات: في قوله "رسول (الله)"
*وله (كلمة): في قوله (وكلمته) فالهاء ضمير مفرد غائب يعود على الله.
*وله (روح):في قوله "وروح منه" فالهاء في( منه) ضمير مفرد غائب يعود على الله.
ونحن المسيحيين لا نقول بأكثر من هذا.
2ـ شهادة الدكتور الشقنقيري:
ويشهد لعقيدتنا هذه التي يؤكدها القرآن قول أحد علماء الإسلام وهو الدكتور محمد الشقنقيري أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة باريس، ثم أستاذ الشريعة الإسلامية في كلية حقوق جامعة عين شمس بالقاهرة، إذ قال:
[نعرف أن القرآن يقول عن يسوع إنه كلمة الله، وروحه، (كلمة الله وروح الله) وترجمة هذه التسمية لا تنال المسيحي بأية صعوبة، ومن ثم كان الاعتراض على المسلمين، لاضطرارهم إلى الاعتراف بألوهية المسيح.
ما المسيح؟ يجيب المسلم إنه كلمة الله، أنه روح الله. ولكن هذه "الكلمة" وهذا "الروح" أمخلوقة؟ أم غير مخلوقة؟ إذا كان روح الله غير مخلوق فلا إشكال: فالمسيح إذن هو الله. وإذا كان روح الله مخلوقا، فيكون روح الله وكلمة الله مخلوقين. فالله إذن كان قبل الخلق بغير كلمة! وبغير روح! وذلك غير متصور!!]
هذه هي شهادة الدكتور محمد الشقنقيري، وقد نشرت في (جريدة الأهرام) القاهرية بتاريخ 26/5/1985 مترجمة عن (المجلة التاريخية للقانون الفرنسي والأجنبي) في شهر يونيو 1981، وقام بالترجمة الدكتور محمد بدر أستاذ تاريخ القانون في كلية حقوق جامعة عين شمس.
وبهذا قد تأكد لك يا أخي العزيز بشهادة القرآن، وعلماء الإسلام لعقيدة الثالوث:
وهي أن الله واحد له ذات وله كلمة وله روح.
وهذا لا يقتضي الشرك بالله وأن لا إله إلا هو.
الفصل الثالث
شهادة القرآن
أن المسيح هو كلمة الله
يشهد القرآن بكل وضوح أن المسيح هو كلمة الله. يتضح ذلك مما يلي:
1_سورة النساء آية 171:
" إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته .
2_سورة آل عمران آية 39:
(إن الله يبشرك بيحيى (أي يوحنا المعمدان) … مصدقاً بكلمة من الله).
3- وقد فسر الإمام أبو السعود ذلك بقوله (مصدقاً بكلمة الله أي بعيسى عليه السلام … إذ قيل إنه أول من آمن به وصدق بأنه كلمة الله وروح منه.
4- وقال السدى: لقيت أم يحيى أم عيسى فقالت يا مريم أشعرت بحبلى، فقالت مريم وأنا أيضاً حبلى، قالت ( أم يحيى ) إني وجدت ما في بطني يسجد لما في بطنك فذلك قوله تعالى (مصدقاً بكلمة من الله). ( تفسير أبى السعود محمد بن محمد العمادي ص 233 ).
5_ سورة آل عمران آيه 45
"إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم" ولعلك تلاحظ إشارته إلى الكلمة "بضمير مذكر في قوله بكلمة منه اسمه" ولم يقل "بكلمة منه اسمها". أليس في ذلك دلالة واضحة على أنه لا يقصد بها مجرد كلمة عادية بل إن كلمة الله الذي لا تنفصل عنه قد تجلى في جسد المسيح وهذا ما يؤكده أحد علماء المسلمين وهو:
6- الشيخ محي الدين العربي، إذ قال: الكلمة هي الله متجلياً . . . وهي عين الذات الإلهية لا غيرها. ( كتاب فصوص الحكم الجزء الثاني صفحة 35).
وقال أيضاً "الكلمة هي اللاهوت" (صفحة 13)
أليس هذا هو عين ما قيل عن السيد المسيح في إنجيل يوحنا
"في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله . . . والكلمة صار جسداً" (يو1:2،14).
ولا حظ أيضاً الإشارة إلى الكلمة بضمير المذكر في القول "كان الكلمة" ولم يقل "كانت الكلمة" ويفسر ذلك بقوله "وكان الكلمة الله" وقد ظهر فى الجسد "والكلمة صار جسداً".
7- يحسن أيضا أن تعود إلى شهادة الدكتور محمد الشقنقيري أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة باريس وعين شمس، المنشورة في الفصل السابق.
الفصل الرابع
شهادة القرآن
للـروح القـدس
يذكر القرآن في آيات عديدة الروح القدس أنه روح الله وأنه كان يؤيد السيد المسيح كما يتضح مما يلي:
1_ سورة البقرة 87 أيضاً آية 253:
"وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس"
2_ سورة المائدة آية 110:
"إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا"
3- ويقول الشيخ محمد الحريري البيومي هذا العالم الفقيه:
"روح القدس هو روح الله"(كتاب الروح وماهيتها صفحة 53)
من كل ما تقدم يتضح لك أيها العزيز شهادة القرآن وعلماء الإسلام لعقيدة الثالوث الواحد التي نؤمن بها نحن المسيحيين.
الباب الثالث
ألقاب الثالوث الأقدس
*الآب
*الإبن
*الروح القدس
مما سبق عرفنا أن المسيحية تؤمن بإله واحد في ثالوث: ذات الله. كلمته . وروحه. ويطلق على هذا الثالوث أسماء أخرى هي:
الآب (ذات الله)
الإبن (كلمة الله)
الروح القدس (روح الله)
وتقوم في وجه هذه التسمية اعتراضات من غير الفاهمين، إذ يظنون أنها تعني التوالد التناسلي والعلاقات الجسدية. وحاشا للمسيحية من هذا المفهوم، ولذلك سنوضح القصد من هذه التسمية فيما يلي:
الفصل الأول
الله الآب
مفهوم كلمة الآب:
إننا نحن المسيحيين لا نقصد بهذا اللفظ المعنى الجسدي، بل هناك معان أخرى كثيرة منها:
أولاً: المعنى المجازي:
فالله هو مصدر كل الكائنات وخالقها فيسمى أبا المخلوقات جميعها لا سيما العاقلة ، كما يقول النبي موسى: "أليس هو أباك ومقتنيك. هو عملك وأنشأك" (تثنيه32: 6) أو كما قال النبي أشعياء: "يا رب أنت أبونا" (اش64: 8).
وفي العهد الجديد ، أعلن الرسول بولس: "لنا إله واحد، الآب الذي منه جميع الأشياء ونحن له" (1كو8: 6).
وبهذا المعنى، ترد لفظة (الآب) في اللغة مثل أبو الخير، أبو البركات، وأبو الفضل … وغيرها، حيث لا يؤخذ بمعنى التوالد أو التناسل الجسدي،بل بالمعنى المجازى.
ثانياً: المعنى الشرعي:
ففي حالة التبني، لا تعنى لفظة "الأب" أنه قد أنجب الابن المتبني، بل انه قبله في محل ابن، ومنحه كامل الحقوق الشرعية. واعتبر نفسه مسؤولاً عنه، ملتزماً به كأب حقيقي. ويقول الرسول بولس في هذا ". . . أخذتم روح التبني الذي به نصرخُ: يا أبَا الآب" (رومية 8: 15) أو "لننال التبني" (غلاطية 4: 5) فأبوة الله لنا مبنية على حقوق شرعية إلهية.
ثالثاً: المعنى الروحي:
بعد أن سكب الله روحه القدوس في قلوب جميع المؤمنين، ولدوا ثانية بالمعمودية ولادة روحية، متجددين بفعل هذا الروح الإلهي القدوس، وبهذا يتم في المؤمنين القول أنهم مولودين من الله: "الذين ولدوا …. من الله" (يوحنا1: 13)
وقد علمنا يسوع المسيح أن نصلي قائلين : "أبانا الذي فى السموات، ليتقدس اسمك" وبناء عليه لا يحق لأي إنسان عادي أن يدعي بأنه ابن لله، وأن الله أبوه، ما لم يحصل على التبني الروحي ومسحة الروح القدس.
رابعاً: المعنى الجوهري:
كعلاقة النار والنور، فالنار تلد النور الذي هو من طبيعتها ذاتها. ولهذا نقول في قانون الإيمان المسيحي عن الكلمة "أنه نور من نور". ونقول أيضا أنه "واحد مع الآب في الجوهر".
وهذا نفس ما قرره الكتاب المقدس بقوله: أنه"بهاء مجده ورسم جوهره" (الرسالة إلى العبرانيين 1: 3).
وبهذا المعنى ينتفي ما يتهمنا به البعض بأن هناك علاقة جسدية أو مادية في تعبيرنا عن الآب والابن، وإنما هي علاقة لاهوتية جوهرية.
مما سبق إيضاحه ترى إذن أننا لا نؤمن بأبوة الله بطريقة جسدية، أو تناسلية بل بطريقة أخرى مثل:
- أبوة مجازية: كأب للخليقة.
- أبوة شرعية: كأب للبشر.
- أبوة روحية : كأب للمؤمنين.
- أبوة جوهرية: في علاقته بالكلمة المتجسد في المسيح.
الفصل الثاني
الابن
مفهوم كلمة ابن:
في قولنا المسيح ابن الله لا نقصد أن المسيح جاء عن طريق تزاوج جسدي. فقولنا "ابن" لا نقصد بها العلاقة الجسدية أو الولادة التناسلية … وإنما نقول المسيح ابن الله أي أنه جاء من عند الله. فالله هو روح، لذا تنبع بنوة المسيح من أبوه الله الجوهرية كما سبق إيضاحه.
و لقد استخدمت كلمة "ابن" في اللغة العربية والقرآن والحديث بهذا المعنى أي ليس للدلالة على التوالد التناسلي كما يتضح مما يلي:
أولا: كلمة ابن في اللغة:
في كثير من التعبيرات اللغوية تستخدم كلمة ابن لا للدلالة على التوالد التناسلي كقولنا عن الطلبة "أبناء العلم" وعن المواطنين "أبناء الوطن" وعن المصري "ابن النيل" وعن الأعرابي "ابن البادية"… وعن الكلمة التي يتكلم بها الإنسان "بنت شفة" فنقول مثلا:
"لم ينطق الرجل ببنت شفة، أي أن الرجل لم ينطق "بكلمة".
ثانيا: كلمة ابن في القرآن :
جاءت في القرآن كلمة "ابن" لا لتفيد التوالد التناسلي كما يتضح لك مما يلي:
1- سورة البقرة آية 215:
"قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل" ويقول المفسرون كلمة "ابن السبيل" تشير إلى المسافر.
2- وقال الإمام النسفي والشيخ حسنين مخلوف "دعي ابن السبيل لملازمته للطريق" (تفسير النسفي جزء 1 ص 86،صفوة البيان القرآن الشيخ حسنين مخلوف جزء 1 ص 80).
3- حديث قدسي:-
جاء في حديث قدسي "الأغنياء وكلائي والفقراء عيالي" أي أولادي فهل يفهم من هذا أن الله أخذا زوجة وأنجب منها أولاداً هم الفقراء؟ حاشا!
إذاً فكلمة "ابن الله" لا تفيد التوالد التناسلي بالطريقة البشرية وإنما قصد بهذا القول نسب المسيح إلى الله، وليس في ذلك كفر ولا إشراك! لأن بنوة المسيح تنبع من أبوة الله الروحية. فالله هو الآب والمسيح هو الابن بالجوهر وبالمعنى الوحيد الخاص الذي لا ينطبق على غيره.
الفصل الثالث
الروح القدس
قد مر بنا الحديث عن الروح القدس أنه هو روح الله وقد ورد ذكره في القرآن في مواضع كثيرة منها:
1- سورة يوسف آية 87:
"ولا تيئسوا من روح الله إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون"
2- سورة البقرة آية 87 ،253:
"وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس "
3- وقال الإمام النسفي "بروح القدس أي الروح المقدسة … أو باسم الله الأعظم" (تفسير النسفى جزء1 ص 56).
4- سورة المائدة أية 110:
"أذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس".
5- وقال السيد عبد الكريم الجبلي عن الروح القدس أنه غير مخلوق وغير المخلوق أزلي والأزلي هو الله دون سواه. (مجلة كلية الآداب سنة 1934)
6- وقال أيضاً الشيخ محمد الحريري البيومى: روح القدس هو روح الله وروح الله غير مخلوق. (الروح وماهيتها ص 53).
هذا هو الثالوث الأقدس فى الله الواحد الذى نؤمن به وهذا هو سر تسميته بالآب والابن والروح القدس.
*فالآب لقب الأبوة الجوهرية في الله.
*الابن لقب كلمة الله الظاهر في الجسد.
*والروح القدس هو روح الله القدوس.
الباب الرابع
الثالوث
المعترض عليه
*ثالوث المريميين
*موقف المسيحية منه
*موقف الإسلام منه
الفصل الأول
ثالوث المريميين
قبيل الإسلام، وفي القرن الخامس الميلادي ظهرت بدعة ( أي تعليم غريب غير صحيح وفيه كفر وهرطقة ) وكان أصحاب هذه البدعة من الوثنيين الذين اعتنقوا المسيحية وكانوا قبلا أي في زمان وثنيتهم يعبدون "الزهرة" ويقولون عنها "ملكة السماء" وعندما اعتنقوا المسيحية … اعتبروا مريم هي ملكة السماء أو إلاهة السماء بدل من "الزهرة" ولذلك أطلقوا على أنفسهم اسم "المريمين" (انظر كتاب "الله ذاته ونوع وحدانيته" لمؤلفه عوض سمعان صفحة 127) وكتاب "القول الأبريزي" للعلامة أحمد المقريزي ص 26).
وبذلك أصبحت عقيدتهم أن هناك ثلاثة آلهة هم: الله كأب، ومريم كأم، والمسيح كابن. وهذا طبعا ما لا تؤمن به المسيحية على الإطلاق!!
الفصل الثاني
موقف المسيحية
من ثالوث المريميين
بمجرد ظهور هذه البدعة حاربتها الكنيسة المسيحية، وقاومت تعليمهم وحرمتهم من شركة الإيمان … وقطعت كل من يقول بقولهم.
ولم ينته القرن السابع الميلادي حتى اندثرت هذه البدعة، ولم يعد لأتباعها وجود على الإطلاق.
وأكدت الكنيسة إيمانها الأقدس بأن العذراء مريم إنسانة بشرية وليست إلهة. وأن الله واحد له ذات واحدة ناطق بالكلمة حي بالروح. وأن كلمة الله حل في جسد السيد المسيح "عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد"
(1تي3: 16).
الفصل الثالث
موقف الإسلام
من ثالوث المريميين
عندما ظهر الإسلام في القرن السابع الميلادي وجد بعض أتباع هذه البدعة المريميين قبل أن تختفي تماماً فحارب الإسلام عقيدتهم وثالوثهم (وليس ثالوث المسيحية) ويتضح هذا من الآيات الآتية:
1_ سورة المائدة آية 116:
"إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أ أنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله"
واضح جداً أن الاعتراض هنا يقصد به المريميين الذين نادوا بأن مريم إلاهة، و هذا ما لا تقول به المسيحية.
2ـ سورة الأنعام آية 101
"بديع السموات والأرض أنى (كيف) يكون له ولد ولم تكن له صاحبة (أي زوجة)"
وكذلك يفهم من هذه الآية أنها تعترض على قول المريميين بأن مريم إلاهة وصارت لله صاحبة ومنها أنجب ولداً!!
3ـ سورة الإخلاص
"قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد".
ترد على بدعة المريميين الذين يقولون أن هناك ثلاثة آلهة الآب والأم والابن، وأن هذا الابن جاء عن طريق التناسل.
4ـ سورة المائدة آية 73
"لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد".
تأكيد لنفس المعنى ونفى ما ذهب إليه المريميون بوجود ثلاثة آلهة!!!
ومن كل ما تقدم يتضح لك أن الإسلام لم يحارب إيمان المسيحية بأن الله واحد له ذات واحدة؟ ناطق بالكلمة حي بالروح كما في الآية "إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته . . . وروح منه" (سورة النساء 171).
ولكن الإسلام يحارب ثالوثاً آخر هو ثالوث بدعة المريميين الذين يؤلهون مريم العذراء ويعتبرونها إلاهة أنجبت المسيح عن طريق التناسل بعد أن اتخذها الله سبحانه صاحبة (أي زوجة).
هذا الكلام قد استقبحته المسيحية وحاربته بشدة وحرمت القائلين به. أما إيمان المسيحية القويم فهو الإيمان باله واحد في ثالوث هو الآب والكلمة والروح القدس.
الباب الخامس
إشراقة النعمة
*برهان الـروح
*تخبط في الظلام
*نعمة الإعـلان
*جاذبية حنـان
*نـور الإيمـان
*أعظم برهـان
الفصل الأول
برهان الروح
قد تمشيت معك يا عزيزي القارئ خلال هذا البحث إلى الآن مظهراً صحة إيماننا في الثالوث والوحدانية بأدلة عقلية ومنطقية أو بمعنى آخر بالحكمة الإنسانية. ولكن بولس الرسول يرينا أن الإيمان لا يأتي بحكمة بشرية بل ببرهان الروح والقوة فيقول "فكلامي وكرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع بل ببرهان الروح والقوة لكي لا يكون إيمانكم بحكمة الناس بل بقوة الله"(1كو2: 4و5) فسامحني يا عزيزي في التجائي إلى كلام الحكمة الإنسانية ودعني أتكلم معك عن برهان الروح والقوة.
برهان الروح يكون في القلب لا في العقل: إذ يقول الكتاب "لان القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص (رو10: 10) [والمقصود هنا بالبر أي ينال بر المسيح أي البراءة من حكم الموت الصادر على الخاطئ. والمقصود بكلمة الخلاص هو النجاة من جهنم النار الأبدية، والحصول على هبة الله بالحياة الأبدية].
ويأتي الإيمان القلبي نتيجة إشراقة النعمة داخل الإنسان لتظهرله سر الإيمان وتكشف له عن محبة الله وعمله العجيب من أجله حتى ارتضى أن يظهر في صورة إنسان ويسير في طريق الموت حاملاً صليب العار ليفدي الخطاة.
واعلم يا أخي أن الرب مستعد أن يشرق في قلبك لإنارة معرفة مجده، لأنه يحبك شخصياً برغم خطاياك وشرورك وتجديفك عليه، هو مستعد أن يغفر ويصفح وينسى آثامك، فقط أقبل إليه في ندامة وفي خضوع وسلم حياتك وقلبك له. وثق تماماً إنه لا يرفضك فقد قال بوعده الصادق "من يقبل إلي لا أخرجه خارجاً" (يو6:37).
فأقبل إليه الآن ، والق بخطاياك أمامه وهو مستعد أن يطـهـرك من كل خطية (لأن دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية 1يو1: 7) وقل له بدد يارب ظلمة قلبي، اشرق بنورك أمامي عرفني طريقك، احفظني من الشر حتى لا يتعبني.
وفى الحديث الآتي أضع أمامك يا عزيزي بعض الحقائق الروحية التي أرجو من الرب أن يستخدمها لخلاص نفسك وبركة لحياتك آمين.
الفصل الثاني
تخبط في الظلام
ما من شك أن الاعتماد على العقل المجرد لإدراك الحقائق الإيمانية أمر محال فالوحي الإلهي يقول:"أ إلى عمق الله تتصل أم إلى نهاية القدير تنتهي. هو أعلى من السموات فماذا عساك أن تفعل أعمق من الهاوية فماذا تدري (أي 11: 7, 8).
فكيف إذن الإله غير المحدود يدركه عقل محدود. قال الحكيم: "الآن ابحثوا عن الرب الضابط الكل وأنتم لا تدركون سر حكمته إلى الدهر لأنكم لا تعلمون عمق قلب الإنسان وأقوال أفكاره لا تعرفون فكيف إذن تبحثون عن الله الذي صنع جميع هذه وتعرفون عقله وتدركون أفكاره ". ويقرر أيضاً بولس الرسول قائلا: "يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه وما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء. لأن من عرف فكر الرب أو من صار له مشيراً " (رو11 : 33, 34). لذلك إذ لم ينتبه البعض لهذه الحقيقة ضلوا عن الإيمان وتخبطوا في دياجير الظلام وإليك بعض الأمثلة:
أولا: مجال الفلسفة :
تعتمد الفلسفة في تفكيرها على العقل المجرد لذلك وجدنا تضاربا واختلافاً بين مجهود الفلاسفة على مر العصور فمنهم الملحدون ومنهم المؤمنون. ويعطينا الفيلسوف الإنجليزي "كارليل"(1795 ـ1881) مثلا واضحاً على مدى التخبط في ظلام الفكر البشرى. فقد بدأ كارليل حياته مؤمناً ثم قرأ فلسفة "هيوم" وغيره من الفلاسفة المتشككين فاقتنع بآرائهم وتبدد إيمانه … وبينما هو عاكف على البحث والاستقصاء، قرأ فلسفة "شيلر"و "جوتى و "فختى" فاقتنع بآرائهم وتغير موقفه وعاد إلى الإيمان.
وبهذا تحقق الفيلسوف كارليل من هذه الحقيقة الخالدة التي قررها بعد طول بحث ودراسة وهي "أن العقل لم يعد هو مصدر المعرفة الحقة بل صار القلب هو ذلك المصدر" (تاريخ الفلسفة الحديثة ليوسف كرم ص 322).
ثانيا: مجال المسيحية:
كم من هراطقة (الهراطقة أناس خرجوا عن الإيمان) أرادوا أن يخضعوا حقائق الإيمان لمقاييس العقل البشرى فألقوا بأنفسهم في التهلكة أمثال "آريوس"و "مقدونيوس"و"نسطور". فالأول مثلا لم يقبل عقله إمكانية ظهور الله في الجسد فنفى لاهوت المسيح، واجتمع بطاركة الكنيسة وأساقفتها في العالم كله وناقشوا هذا الموضوع وفقاً لتعاليم الكتاب المقدس وحكموا بفرز آريوس ونفيه ودحض تعاليمه المنافية للإيمان.
ثالثا: مجال الإسلام:
[ أنظرمذكرة التوحيد والفرق مقرر السنة الخامسة بالأزهر للشيخ حسن متولي 105ـ 118]. وكم من فرقة مختلفة ظهرت في الإسلام وتضاربت معتقداتها فمثلاً:
1ـ الخوارج وغلاة الشيعة والنصيرية: يغالون في نعت علي بن أبي طالب.
2ـ والجبرية والمعتزلة والقدرية: (زالت وبقي تأثيرها) أنكروا صفات الله.
3ـ والأشاعرة المتريدية والزيدية والأمامية والإسماعيلية: يقولون أن للعالم مديران الأول هو الله والثاني هو النفس ويبيحون المحرمات.
4ـ والبهائية: يغالون في وصف زعيمهم بهاء الله.
5ـ والدروز: يغالون أيضاً في نعت الحاكم بأمر الله الفاطمي . . .
ألا يدل هذا كله على تخبط العقل في ظلام الفكر القاصر. أولا يدل ذلك على مدى احتياج العقل لإشراقة النعمة ونور الإيمان.
الفصل الثالث
نعمة الإعلان
ما من إنسان يستطيع بعقله أو بحكمته المجردة أن يصل إلى معرفة الله إنما يحتاج الأمر إلى إعلان إلهي، حتى يستطيع الإنسان في ظلام فكره أن يعرف السر المخفي عن العقول البشرية القاصرة. وقد عرف بعض الفلاسفة أهمية هذه النعمة وأطلقوا عليها نظرية الإشراق فلا يمكن معرفة الله كما قال أحد الفلاسفة إلا بفضل إشراق من الله، فالله هو "المعلم الباطن" هو " النـور الحقيقـي الذي ينير كل إنسان في هذا العالم" (تاريخ الفلسفة الأوربية في العصر الوسيط ليوسف كرم ص32).
وقد تكلم الكتاب المقدس عن هذين الموضوعين: عجز الإنسان، وضرورة الإعلان.
أولا: عجز الإنسان:
يوضح الكتاب المقدس عجز العقل البشري عن إدراك الأمور الإلهية فيقول فى سفر أيوب "أإلى عمق الله تتصل أم إلى نهاية القدير تنتهي هو أعلى من السموات فماذا عساك أن تفعل أعمق من الهاوية فماذا تدري. أطول من الأرض طوله وأعرض من البحر" (أي11: 7, 8).
وقال أيضاً "ابحثوا عن الرب الضابط الكل وأنتم لا تدركون سر حكمته، كيف إذن تبحثون عن الله وتعرفون عقله وتدركون أفكاره".
وقال بولس الرسول "يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه. ما ابعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء. لأن من عرف فكر الله أو من صار له مشيراً" (رو11: 33, 34).
من هذا يتضح عجز الإنسان فعلا عن معرفة الأمور المختصة بالله.
ثانيا: ضرورة الإعلان :
الأمر يحتاج إذن إلى نعمة الإعلان أو "إشراق الله" ليعرفنا بسر حكمته كما قيل في الكتاب "يا ليت الله يتكلم ويعلن لك خفيات الحكمة" (أي 11: 5-6).
إن الله الآب يا عزيزي مستعد أن يعلن لك عن نفسه فمن خلال صلاة السيد المسيح ترى هذه الحقيقة إذ يقول "أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال" (مت11: 25) ولعلك تدرك من هذا الكلام إن إشراقة النعمة فى القلب تعلن للبسطاء المشبهين هنا بالأطفال أما الذين يريدون أن يدركوا بالعقل والحكمة تلك الأسرار فلن يبلغوا إليها. لقد أعلن الله الآب سر الإيمان لبطرس الرسول فقال أنت هو المسيح ابن الله الحي فأجاب يسوع وقال له: "طوبى لك (أي يا لسعادتك) يا سمعان بن يونا إن لحماً ودماً (أي الانسان) لم يعلن لك ولكن أبى الـذي في السموات " (مت16: 13- 17).
أخي إن يسوع المسيح نفسه أيضاً مستعد أن يعلن لك عن ذاته وعن سر الإيمان إذ يقول "ليس أحد يعرف الابن إلا الآب، ولا أحد يعرف الآب إلا الابن، ومن أراد الابن أن يعلن له" (مت11: 27). لقد تكرم الابن فأعلن لبولس الرسول سره فقال "لأني لم أقبله (أي لم آخذه) من عند إنسان ولا عُلمته بل بإعلان يسوع المسيح"(غل1: 12).
هذا وأن الروح القدس في ملء نعمته يعمل الآن في العالم معلناً لكل إنسان طريق الإيمان ليتمتع بشركة النعمة ويعرف الرب حق المعرفة، هذا ما وضحه بولس الرسول في قوله: لكننا نتكلم بحكمة ليست من هذا الدهر. بل نتكلم بحكمة الله فى سر الحكمة المكتومة التي سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا! التي لم يعلمها أحد من عظماء هذا الدهر. بل كما هو مكتوب ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه. فأعلنه الله لنا بروحه! لأن الروح يفحص كل شئ حتى أعماق الله. لأن مَن مِن الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذي فيه؟ هكذا أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله. ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله التي نتكلم بها أيضاً لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية (أي الفلسفة) بل بما يعلمه الروح القدس! قارنين الروحيات بالروحيات.
ولكن الإنسان الطبيعي (أي الذي لم يصبح بعد إنسانا روحيا) لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يحكم فيه روحياً. أما الروحي فيحكم (أي يعرف ويفصل) في كل شئ (كو2: 6- 16)
يتضح لك من هذا الكلام نقطة جوهرية في غاية الأهمية وهي ضرورة تحول الإنسان الطبيعي إلى إنسان روحي حتى يستطيع أن يقبل ويعرف الأمور الخاصة بالله. فأطلب من الرب أن يغير حياتك ويعلن لك عن ذاته، ولابد أن يستجيب لأنه يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون (1تى 2: 4).
الفصل الرابع
جاذبية حنان
قال فيلسوف مشهور "أن الإنسان لا يملك أن يبلغ بقوته الطبيعية إلى طبيعة الله ولكن الله هو الذي يجذب إليه الإنسان ويرفعه إلى بهاء لا يدركه عقل" (تاريخ الفلسفة الأوربية فى العصر الوسيط ص 54).
حقيقة لا يمكن أن يقبل أحد إلى الله إن لم يجتذبه هو كما قال السيد المسيح له المجد "لا يقدر أحد أن يقبل إلى إن لم يجتذبه الآب" (يو6: 44) ولهذا ينبغي للإنسان أن يطلب من الله قائلا:"اجذبني وراءك فنجري" (نش1: 4)
والرب يجذبنا إليه بحبه وحنانه ولهذا قال بوحنا الرسول "نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً " (1يو4: 19).
ألا تدري ما فعلته محبة الله من أجلك؟ يقول بولس الرسول "الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا" (رو5: 8) معنى هذا أن البشرية عندما أخطأت صدر ضدها عقوبة الموت لأن أجرة (أي عقوبة الخطية" موت (رو6:23) ولهذا جاء المسيح لكي يأخذ العقوبة عوضا عنا ولهذا صلب ليفدينا من موت الخطية وعقوبة النار الأبدية. هذه هي جاذبية الحنان التي يجذبنا بها إليه إذ أظهر لنا حبه بهذا الفداء العظيم.
إيه أيتها المحبة الإلهية أي امتياز أعطي لنا . وأية كرامة وهبت لنا وبأي حنان جذبت نفوسنا . . .
أخي أنه عن غير طريق الحب لن تعرف الله . فالعبادة ليست مجرد تعاليم وعقائد ونظريات وفرائض وإنما هي الحب في أسمى درجاته. ولقد قال يوحنا الرسول "الله محبة، ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه"
(1يو4: 16).
فهل ارتبط قلبك بمحبة الله؟ . . لا ترتبك يا عزيزي بالنظريات والمناقشات، ولكن يكفي أن تعمل كما قال القديس أوغسطينس "حب واصنع ما شئت لأن محبة المسيح تحصر نفسك".
الفصل الخامس
نـور الإيمـان
عند ما تشرق النعمة في قلب الإنسان يستضئ بنور الإيمان ولا يمكن للمرء أن يصل إلى الإيمان الحقيقي بدون إشراقة النعمة كما يوضح الكتاب قائلاً "قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليك لأنه ها هي الظلمة تغطى الأرض والظلام الدامس الأمم. أما عليك فيشرق الرب ومجده عليك يرى فتسير الأمم في نورك والملوك في ضياء إشراقك"(أش 60: 1ـ3).
وقال بولس الرسول "لأن الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق فى قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح" (2كو4: 6).
وقد أشرقت النعمة فى حياة كثيرين نذكر منهم:
1ـ شاول الطرسوسي:
وهو رجل يهودي متعصب كان يضطهد المسيحيين ويجرهم إلى السجون ويحكى هو عن نفسه قائلاً "فأنا ارتأيت فى نفسي أنه ينبغي أن أصنع أموراً كثيرة مضادة لاسم الناصري وفعلت ذلك فى أورشليم فحبست في السجون كثيرين من القديسين . . . ولما كانوا يقتلون ألقيت قرعة بذلك، وفي كل المجامع كنت أعاقبهم مراراً كثيرة واضطرهم إلى التجديف . . . وإذ أفرط حنقي عليهم كنت أطردهم إلى المدن التي فى الخارج. ولما كنت ذاهباً فى ذلك إلى دمشق بسلطان رأيت في نصف النهار في الطريق نوراً من السماء أفضل من لمعان الشمس قد أبرق حولي . . وسمعت صوتاً يكلمني ويقول شاول شاول لماذا تضطهدني . . . فقلت من أنت يا سيد! فقال أنا يسوع الذي أنت تضطهده. ولكن قم وقف على رجليك لأني لهذا ظهرت لك لأنتخبك خادماً وشاهداً بما رأيت وبما سأظهر لك به منقذاً إياك من الشعب ومن الأمم الذين أنا الآن أرسلك إليهم لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور ومن سلطان الشيطان إلى الله حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيباً مع القديسين" ( أع 26 :9-18).
وهكذا أشرقت النعمة واستنار شاول بنور الله وأصبح فيما بعد بولس الرسول فيلسوف المسيحية.
2ـ الشيخ ميخائيل منصور :
(عن كتاب باسمه طبع بمطبعة المحيط بالفجالة تأليف أخيه الشيخ كامل منصور ص 9-14)
هذا الرجل أيضاً أشرقت النعمة في حياته ونلخص لك ما كتبه عنه أخوه الشيخ كامل منصور قال :"هو م.بن.م. بن منصور ولد بمدينة سوهاج في شهر مارس سنة 1871". تلقى علوم الدين على أيدي كبار رجال الدين. وبعد أن أتم علومه كان يصرف في العبادة أكثر ليله غارقاً في بحار البحث وراء الأسرار الإلهية …
وفي سنة 1893 قام في ذهنه أن يبحث في أمر الدين المسيحي واستأذن أستاذه في مجادلة المسيحيين، فلم يوافقه على ذلك خوفاً على تلميذه من أن يقع في الخيلاء والكبرياء …
ولكنه ابتدأ يناقش ويجادل رجال الدين وكثيراً ما كانت تطول المناقشات على غير طائل، وفي ذات يوم قال له أحدهم المسيحيين كل امرئ يطلب من ربه الهداية وأنا أنصحك أن تطلب من الله الإرشاد إلى الحق فقابل هذا الكلام بنوع من الاستهزاء قائلاً له: وهل أنا أشك فى عقيدتي ؟ معاذ الله. إلا أنه بعد مفارقته له دار في خلده ما طلبه منه هذا الرجل "أنا أنصحك أن تطلب من الله الإرشاد إلى الحق، وأخذت نعمة الروح القدس تعمل عملها في قلبه … وابتدأت مرحلة الشك حتى لقد ظننا أنه قد أصيب بمرض عقلي فكان يبدو شاحب اللون ولقد عكف على قراءة الكتاب مفتشاً عن الحق الإلهي… وبعد مدة ظهرت على وجهه علامات السرور والبهجة. وما ذلك إلا لأن أنوار الفادي شملته وأشرقت على نفسه شمس النعمة بأشعة الإيمان.
لقد تجلى له المسيح بمحبته الفائقة وسمو مبادئه وجمال تعاليمه، وعلم أنه وحده هو الطريق والحق والحياة وأن الإنسان خاطئ وجاهل وعبد لا يخلصه غير المسيح …
والحق يقال أنى كنت في أول الأمر خجلا به وكنت طوراً أطلب من البعض الدعوات من أجله ليرجع، وتارة كنت أبحث عن المشهورين بالعلم والذكاء لآخذهم إليه حتى يرجعوه وأحياناً كنت ألجأ إلى بعض الأشرار ليهددوه ولكني وجدته ثابتاً كالطود الشامخ في المسيح يسوع مستعذباً في حبه له كل عذاب. فكرت طويلا في ما هو سر ذلك؟ إني أعلم بيقين تام بأنه لم تكن له غاية عالمية، فقد بدا لعيني واضحاً إخلاصه في المسيحية فوجدت نفسي بعد هذا التفكير مدفوعاً لطلب الإنجيل منه. وأن نسيت ذاكرتي أموراً كثيرة فلم أنس ولن أنس الفرح العظيم الذي ملأ قلبه والبشر الجليل الذي تلألأ به محياة ثم الدموع التي بللت ملابسه من شدة سروره عندما طلبت منه الإنجيل لأول مرة فقابلني هذه المقابلة البهجة … ونشكر الله لأنه كان سبباً في هداية كثيرين من الخطاة الذين أولهم أنا إلى مجد الفادي.
الفصل السادس
أعظم برهان
إذ ينجذب الإنسان بعمل النعمة إلى حظيرة الإيمان لا يحتاج فيما بعد إلى دليل أو برهان منطقي لتثبيت حقائق الإيمان بل أصبح الدليل والبرهان في قلبه من داخل إذ يرى الرب في داخله وقد حوله إلى رجل آخر، ولا يعود فيما بعد يبحث عنه خارج كيانه! فقد قال الفيلسوف الشهير أوغسطينس بعد أن قبل الإيمان "ها أنى قد وجدتك وأدركتك. فيا لسعدي ما أعظمه، ويا لحظي ما أسعده، كنت أفتش عليك في أشياء خارجية! ولكن هذا التفتيش لم يجدني نفعاً. إذ وجدتك في نفسي، وفي قلبي، وها أنا أمسكك، وها أنا أراك (اعترافات القديس أوغسطينس).
فالمؤمن يرى ويلمس الرب فى حياته التي غيرها بالتمام فغيره من إنسان شهواني عبد الخطيئة إلى إنسان روحاني محب للقداسة . . المؤمن يرى الرب في قلبه الذي تطهر من نجاسة الخطية "طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" (مت5: 8).
الإيمان بعد عمل النعمة لا يصبح فيما بعد إيماناً عقلياً بأمور غيبية يفتقر إلى أدلة وبراهين بل إيماناً اختباريا يجعل الذئب حملاً وهذا هو أكبر دليل وأعظم برهان على صحة الإيمان.
1ـ اختبار القديس موسى الأسود:
كان رجلاً وحشياً قاتلاً ورئيس عصابة وثنياً ولكن النعمة بدأت ترسل أشعتها إلى قلبه فذهب إلى شيخ قديس وقال له "قد سمعت أنك عبد الله الصالح ومن أجل هذا هربت وأتيت إليك لكي ما يخلصني الإله الذي خلصك فأخبرني وعرفني عن الله فسأله القديس وماذا كان معبودك" أجابه إني لا أعرف سوى الشمس إلهاً لأني لما تطلعت إليها وجدت أنها أنارت المسكونة بضيائها. وكذلك إلى القمر والنجوم التي فيها أسرار عجيبة. وكذلك إلى البحر وقوته . . . ولكن كل هذه جميعاً لم تشبع نفسي وعرفت أن هناك إلهاً آخر لا أعرفه أعظم من كل هذه وقلت له: أيها الرب الإله الساكن في السماء مهدي الخليقة كلها، أهدني إليك الآن وعرفني ما يرضيك لذلك أتيت إليك لتخبرني وتسأل الله عني حتى لا يغضب علي لأجل شر أعمالي (عن مخطوط المتحف القبطي ص 496).
فابتدأ الشيخ يعظه بكلام الله وحدثه عن الدينونة والخلاص ومحبة الله للخطاة ... وتكامل عمل النعمة في قلبه . فأشرق الرب في أحشائه وسالت دموع التوبة ولمع وجهه بنور الإيمان . وأصبح موسى المتوحش قديساً من أعظم رجال الإيمان . . .
من الذي غير الذئب إلى حمل؟ إنه عمل النعمة العجيب ومن الذي أفهمه الإيمان؟ . لقد رأى الرب في حياته ولمس يده الخالقة تغيره بالتمام.
2ـ اختبار جبران:
نشأ جبران في بيت متعصب ضد المسيحيين وأشرف الأب على تلقين ابنه أصول الدين وما أن مات الأب حتى تحلل الشاب من قيود الأخلاق وتوغل في الإجرام حتى فكر أهله في حل للمشكلة فأودعوه مدرسة داخلية. كان بالمدرسة طالب يدعى ميشيل وذاق من جبران ألوان العذاب . . حتى جاء يوم احتفال بالمدرسة وفكر جبران إمعاناً في مضايقة ميشيل أن يكلفه بحمل جميع الكراسي اللازمة واستصدر بذلك أمراً من إدارة المدرسة.
ذهب ليبحث عن ميشيل فلمحه يقفز فوق سور المدرسة ويتوغل في غابة بالقرب من السور فظنه هارباً من المسئولية فتتبعه وإذ به يراه يدلف إلى موضع جعلت منه الأغصان المتشابكة شبه كوخ صغير ومن خلف إحدى الأشجار وقف جبران متخفياً ليستقصي سر هذا الكوخ!! وإذ به يرى ميشيل يوقد شمعة صغيرة ثم يركع على ركبتيه ويسمع صوته الخافت يغنى (على حد تعبيره) ثم يخرج كتابا من جيبه ويقرأ فيه.
وبعد أن انتهى من القراءة رآه يرفع وجهه إلى أعلى ولاحظ انسكاب الدموع من عينيه وصوته مختنقاً بالبكاء. وبعد أن انتهى من ذلك أطفأ الشمعة وعاد إلى المدرسة وجبران يتبعه من بعيد وما أن دخل ميشيل المدرسة حتى لحق به جبران وأمسك بكتفه وسأله: أين كنت؟
فأجاب كنت أعبد ربي. قال له كذبت فقد رأيتك وتتبعتك منذ أن قفزت من السور حتى دخلت الكوخ وأخذت تغنى وتقرأ في نوته ثم تبكى، فإن هذا من علامات الجنون فأجاب بهدوء لست مجنوناً فما كنت أغنى ولكنني كنت أرنم للرب وما كنت أقرأ من نوتة بل في الإنجيل، وأخيراً صليت لربي ليغفر إثمي ويعينني في حياتي . فقال له: هل أستطيع أن أرى الإنجيل؟ فأخرجه له. ولكن جبران كان قد تلقى من أبيه أن من يمسك إنجيل النصارى لا بد أن يصاب بشلل في يده أو خبل في عقله . . ولكن المنظر الذي رآه جبران قد جذبه إلى معرفة سر هذه العبادة التي تحدو بالإنسان أن يدخل الغابة ليتعبد. فأمسك الإنجيل بأطراف أصابعه حتى إذا شعر بالشلل ألقاه ونجا من الخطر!! ولكنه لم يشعر بشيء مما قيل له، فأخذ الإنجيل واستأذن من ميشيل أن يقرأه.
وانفرد جبران يقرأ الإنجيل طيلة الليل . . ولكنه لم يستطيع أن يفهم شيئاً. وفي الفجـر ذهب إلى ميشيل وأيقظه وبدأ يسأل عما لم يفهمه . . . وابتدأ ميشيل يشرح له . . . ولكن دون جدوى . فأغلق ميشيل الكتاب وقال له سأذكر لك محتويات الإنجيل باختصار . .
فالحقيقة الأولى هي أن الإنسان خاطئ وأنا وأنت خطاة.
والحقيقة الثانية أن عقوبة خطايانا هي عذاب جهنم الأبدية.
والحقيقة الثالثة هي أن الله في محبته أرسل المسيح ليفدينا من عقوبة الخطية فصلب عوضاً عنا . .
والحقيقة الرابعة إن أنت آمنت بهذا وندمت على خطاياك يقبلك الرب ويخلصك من نار جهنم الأبدية . . . كانت كلمات بسيطة ولكنها ممسوحة بالنعمة وخارجة عن اختبار وفي ذات اللحظة كانت يد الله تعمل في قلب جبران . . وكانت المعجزة . . . وأشرق وجه الفتى وقال أنا أؤمن . . . وصليا معاً . . وتوالت الأحداث والاختبارات في حياة جبران الشرس الأخلاق إلى جبران الحمل الوديع والخادم المبارك في كرم الرب وصار سبب بركة لنفوس كثيرة من أبناء الإيمان وغيرهم.
لعلك قد أدركت أيها الأخ الحبيب مفهوم الثالوث فى الوحدانية الجامعة عندنا نحن المسيحيين. ولعلك قد تيقنت أننا لا نعبد ثلاثة آلهة، حاشا! وإنما نحن نؤمن بإله واحد قائم بذاته، ناطق بكلمته، حي بروحه. وقد حل كلمته في السيدة العذراء مريم وأخذ منها جسداً بشرياً هو السيد المسيح، الذي عاش على أرضنا، وتمم خلاصنا.
وفي كتابنا الثاني عن "المسيح ابن الله" سنتكلم تفصيلياً عن إيماننا في المسيح الحي، وسر التجسد الإلهي، وعلى نمط هذا الكتاب الذي بين يديك.
وإنني أيها الأخ الحبيب أصلي إلى الرب لكي يشرق بنوره في قلبك، ليعلن لك هذا السر العجيب، لأن أمور الله لا يدركها أحد إلا روح الله، فليتك تطلب أنت أيضاً منه ليعلن لك عن ذاته اطلب منه لكي يغيرك أولاً ويؤهلك لقبول عمل النعمة في حياتك، لتصير ابناً لله، وشريكاً للطبيعة الإلهية، وعندئذ ستدرك بالروح ما يعجز العقل عن إدراكه. الله معك. كن معافى. وإلى اللقاء في كتاب آخر.