الخادم و الدرس التفاعلى

dr.sheko

God Bless U
عضو مبارك
إنضم
13 يوليو 2007
المشاركات
646
مستوى التفاعل
13
النقاط
0
لماذا التفاعل والمشاركة فى التعليم ؟

الحياة والوجود وليد تفاعلات، فالذرة فى حالة تفاعل مستمر. تفاعل الذرات ينشئ
العناصر، وتفاعل العناصر ينشئ المواد، وهكذا يتكون من التفاعلات كل ما هو
موجود فى الحياة حولنا. كذلك أجسامنا الحية، هى فى حالة تفاعل دائم، تفاعلات
كيميائية وفسيولوجية وعصبية عديدة لا تتوقف، وإذ توقفت كان الموت. الجمال
فى الطبيعة ينشئ من تفاعل عناصر الطبيعة مع بعضها، فانعكاس الشمس على
المياه، وانكسار الضوء فى الغلاف الجوى، وحركة الريح على وجه المياه، تنشئ
صورة الغروب الخلاّبة. كل نمو هو وليد تفاعل، فالشمس تتفاعل مع الماء، ومع
التربة، ومع البذرة لتنمو وتصير نبته، فلا نمو لكائن بدون تأثير العوامل الأخرى.
الألحان الجميلة الشجية هى تفاعل لنغمات وإيقاعات. هكذا معارفنا وخبراتنا،
نتجت من تفاعل حاجاتنا الشخصية مع عوامل بيئتنا، ومن تفاعل رغباتنا مع
قدراتنا وإمكانياتنا.

التعليم تفاعل إنسانى وتطوّر شخصى

كل تفاعل ديناميكى بين الحاجات والدوافع الفطرية عند الفرد من ناحية، وبين القوى البيئية المتمثلة فى المعايير الإجتماعية، ينشئ الخبرات الخاصة ودروس الحياة المستفادة. من خلال عملية التفاعل هذه، يعبر الفرد عن دوافعه ويشبع حاجاته، وأثناء قيامة بدور فعال فى هذا التفاعل، تتحدد ملامح شخصيته، ويكتشف نفسه، ويتعرف على رغباته وحاجاته، وكذلك قدراته. كما يبدأ فى الاستجابة للمعايير الإجتماعية والقيم السائدة، وتتشكل قيمه وشخصيته الإجتماعية المتوافقة مع مجتمعة.

التعليم هو كل تطوّر فى خبراتنا ومعارفنا وشخصيتنا. ينجم التطور عن التمرين والجهد الذى يبذله كل فرد منا. ويظهر هذا التطور فى ازدياد كفاءة الشخص، فى استخدام إمكانياته الشخصية الموروثة. كذلك ازدياد تفاعله وتكيفه مع بيئته، فيدمج معارفه وخبراته الجديدة بما لديه بالفعل من معرفة وفهم. أو يعيد بناء نظامه القائم، لفهم الأمور والعالم المحيط به بحيث يتكيف للخبرة الجديدة، والأوضاع الجديدة، والظروف المتغيرة.

ما هو تعريف التعليم الروحى ؟

أ- التعليم ليس إعلاماً ولا إعلاناً بل اختباراً وخبرات : التعليم الروحى ليس محاولة لتنمية وزيادة كم معلومات المخدوم، عن الله، والكنيسة، والإنجيل، بل مساعدته كى يستطيع أن يمارس الحياة مع الله ، داخل وخارج الكنيسة. المعرفة الروحية
التى لا ترتبط بفعل ليست معرفة؟؟ فما لا نمارسه لا نعرفه، فالتعليم النظرى ليس بالمعرفة، فالمعرفة الروحية تبدأ عندما نسلك ونفعل ونمارس، لذلك الأساس
فى المعرفة الروحية هو "الاختبار والخبرة". والمبدأ الروحى فى التعلم "تعال وانظر" (يو 46:1، 34:11) و "ذوقوا وانظروا" (مز 8:34) فالاختبار أولاً ثم التحليل، الخبرة أولاً ثم التأمل، التجربة أولاً ثم التفسير والشرح، وليس العكس. لذلك التعليم الروحى تفاعل حىّ، يتم إما بالممارسة أو الاحتكاك.
ب- التعليم ليس تدريساً لموضوعات ولكن تطوير شخصيات : نحن خدام نفوس ولسنا خدام دروس. نحن نخدم أشخاصاً لا مواد دينية. سُئل أحد المعلمين هل أنت
معلم الجغرافيا؟ فأجاب لا. بل معلم تلاميذ!! أنا معلم فلان.. وفلان.. المشكلة الرئيسية فى التعليم الروحى الكنسى الحالى، أننا نهتم بماذا نعلم فقط؟ وكيف نقول ونشرح؟ دون اعتبار كاف بمن يتعلم!!. كيف يسمع؟ كيف يتعلم؟ وهل يحتاج إلى هذا التعليم؟
أنه تعليم من طرف واحد إيجابى، ويفترض أن الطرف الآخر (التلميذ) طرف سلبى. يكفى
أن أقول فيتعلم. نريد أن نقول كن فيكون!! وهذا فى منتهى الخطورة إنسانياً وروحياً. فهذا الأمر لا يصلح للبشر. نستطيع أن نفرض إرادتنا على المواد والأشياء، ونشكلها وفق
ما نشاء. ولكن البشر ليسوا أشياء أو مواد. كما أن الله الذى خلق كل الأشياء بكلمة
كن فكان، لم يفعل ذلك عند خلق الإنسان بل خلقه بالعمل، أخذ من تراب الأرض ونفخ،
ثم أعطاه الكلمة وصية ليحيا بها، ولم يجبره على الحياة فى إطار وشكل محدد، مثل
بقية الخليقة.

لذلك حينما نفكر فى التعليم والمناهج، لا ينبغى أن ننسى الجانب الإنسانى فى التعليم والهام جداً فى نفس الوقت، ألا وهو التلميذ نفسه. ماذا يريد أن يتعلم؟ كيف يتعلم؟ ماذا يمكن أن يتعلم فى هذه المرحلة؟ فالتعليم الحقيقى يأتى فى لحظة الاحتياج الحقيقى للمعرفة عكس التعليم المدرسى النظرى، الذى لا يفيد بوضعه الحالى فى الحياة العملية. فهو يتم فى
مواقع العمل ومن الممارسة والخبرة العملية. نحتاج أن نتذكر دائما هذا المبدأ الهام: إنى لا أعرف إلا ما ارغب فى معرفته.

التلميذ شخص له مفاهيمه وله قدرات عقلية وليس صفحة بيضاء، فلا تعتقد أنك تبدأ من الصفر فى عملية التعلم. فالتعليم الناجح هو الذى يرتقى بمستوى التلميذ الحالى إلى مستوى أعلى. ولابد أن نعى أنه قد تتعارض مفاهيم المعلم مع مفاهيم التلميذ، وقد يصطدم أسلوب المعلم مع قدرات التلميذ العقلية.

كذلك لابد من الوعى: أن عملية التعلم عملية عقلية ونفسية ذاتية، ولها ميكانيزمات محددة تتم داخل التلميذ نفسه، وخارج هذه الميكانيزمات لا يمكن تعليمه، فلابد أن نراعى ذلك فى اختيارنا لأساليبنا التعليمية.

كذلك لابد أن ندرك أننا لا نكوّن قيمّ ومفاهيم الناس، ولكن نوضح لهم ما يفعلونه. فالقيم تكتسب من البيئة، المنزل والمدرسة والمجتمع والكنيسة، ونحن نوضحها ونحللها فى تعليمنا. فالناس تسلك وتمارس أفعال معينة، ونحن نوضح لهم ماذا يفعلون ولماذا يفعلون؟ بغرض الرقى بالسلوك، والتعمق بالفضيلة، والأداء الأفضل. الخادم معلّم لا يُعلّمُ منهجاً، لكنه يُعلّمُ أشخاصاً.
ج- التعليم ليس منحة وهبة بل شركة ومشاركة : إن كانت المسيحية شركة، فكيف نحقق هذا المبدأ المسيحى فى التعليم. أن نحقق التفاعل الحىّ بين الخادم والمخدومين، كما كان بين المسيح وتلاميذه، وبينه وبين الجموع. يجب أن نحاول أن نشرك
التلاميذ فى عملية التعلم. وأن نتدرب كخدام على استخدام وسائل فعاله للتعليم بالمشاركة. فمن لا يعلم نفسه لا يتعلم، ولا يستطيع أن يختار سلوكه فى مواقف
الحياة المختلفة.

نحتاج كخدام أن نستخدم الحوّار والمناقشة مع المخدومين، وأن نعطى المخدومين فرصة أكبر فى التعبير عن أنفسهم. وأن ندرس طرق التعليم بالمشاركة، ونتبنى بعض الطرق التى نستطيع أن نجيدها فى تعليم تلاميذنا.

د- التعليم تسليم عقيدة وليس عرض بحث عن العقيدة : قد تتقارب الأديان فى السلوكيات ودعوتها للفضيلة، وقد تتشابه العبادات فى بعض الجوانب، ولكن الأساس العقيدى الذى تبنى عليه الفضائل والعبادات قد يختلف تماماً، فالصوم تمارسه كل الديانات ولكن لماذا؟ عند هذه النقطة يحدث الاختلاف، وبالتالى الروح التى نمارس بها عبادتنا هى مختلفة تماماً. إن كانت المحبة والسلام تدعوا لها كل الديانات والمنظمات، ولكن المحبة فى المسيحية تختلف فى المعنى والهدف والممارسة. فنحن حينما نعلم لابد أن نقدم عقيدتنا التى تسلمناها من كنيستنا، ونوضح الفروق مع العقائد الأخرى لنحافظ على نقاء عقيدتنا، وتميز سلوكنا المسيحى. لذلك كل درس عن فضيلة وسلوك أو عبادة وطقس لابد أن نوضح العقيدة المسيحية التى وراءه.

ملخص سمات التعليم الدينى المسيحى :

1- تعليم اختبارى : تعليم بالمعايشة والخبرة "تعال وانظر"، "ذوقوا وانظروا".
2- تعليم عقيدى : نعلم السلوك والفضائل والعبادة، ولكن بأساس عقيدى مختلف عن العقائد الدينية الأخرى.
3- تعليم إنسانى : يعتمد على الشخص نفسه، فى عملية التعلم، ولابد أن نستخدم الطرق والميكانيزمات الطبيعية للتعلم فى الإنسان.
 

sunny man

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
8 يونيو 2007
المشاركات
4,039
مستوى التفاعل
24
النقاط
0
الإقامة
قلب يسوع
رد على: الخادم و الدرس التفاعلى

موضوع رائع و مفيد. شكرا على تعبك
 

فادية

ديفيد حبيبي
مشرف سابق
إنضم
19 أكتوبر 2006
المشاركات
9,073
مستوى التفاعل
44
النقاط
0
الإقامة
منقوشة على كفيه
رد على: الخادم و الدرس التفاعلى

شكرا عزيزي على موضوعك الجميل
ربنا يبارك حياتك​
 
أعلى