الجواسيس - قصة مسلسلة من سفر يشوع

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
الجواسيس - قصة مسلسلة من سفر يشوع

سلسلة مغامراتوحروب للشباب

(1)
الجواسيس



بقلم: عماد حنا

***
هذه السلسلة
عزيزي القارئ

في داخل كل منا عشق لحياة البطولة، لذلك منذ صغرنا ونحن نحب قصص سوبر مان و سبيدر مان وكل بطل يحول المستحيل إلى ممكن .
وكذلك أحببنا قصص المغامرات الغريبة والشاذة. أيضاً القصص البوليسية كانت لها نصيبا كبيرا من اهتمامنا.
فكانت قصص المغامرين الخمسة والشياطين 13 وأرسين لوبين وشرلوك هولمز... ومع الوقت ظهرت قصص غرانديزر ورجل المستحيل وفريق المستقبل. كل هذا خيال حولته أذهاننا إلي حقائق. وكل هذه القصص لها عامل مشترك واحد وهو التغلب علي المستحيل وتحويله إلى ممكن، فالبطل ادهم صبري ينتصر علي مائة شخص بقبضة يده، هذا مستحيل، ولكن رجل الله شمشون فعل أكثر من هذا من قبل.. والفرق أن الأخير فعل هذا على مسرح الواقع وليس خيال مؤلفه.
وبعضنا يتجه ذهنه إلي قصص الجاسوسية بما فيها من سحر وغموض.. فنجد قصصاً عن الجاسوس جمعه الشوان أو رأفت الهجان !
واختلفت أنواع المعالجة القصصية فهذه قصص مصورة ومقروءة ومسموعة ومرئية فاجتذبت الطفل والشاب والشيخ.
والكتاب المقدس به هذه الأنواع من الأدب … بل أستطيع أن أقول إن الكتاب المقدس دائما يصف علاقة الإنسان بالله أنها تحويل المستحيل إلى ممكن.
وكلها قصص ومغامرات مشوقة جديرة بأن نصيغها ونتخيلها، أليس جدير بنا أن نتخيل كيف يمكن أن تقع أسوار مدينة أريحا المنيعة دون وجود قنابل ذرية أو قوة جديرة بتحطيمها ؟ سفر يشوع 6: 20
ألم يلفت نظرنا ذلك الصبي الصغير داود الذي استطاع الانتصار على رجل جبار كجليات مخترعاً أول مسدس في التاريخ !! "1صموئيل 17: 45-50"
ألم يدهشنا أن منساس حقير للبقر" سفر القضاة 3: 31" ولحي حمار يمكن أن ينتصرا على جيوش ضخمة !؟ "سفر القضاة 15: 5"
أليست هذه المغامرات جديرة بأن تروى وأن تكتب ؟ بل أنها تفوق مثيلاتها من القصص في أنها قصص حدثت بالفعل
هي قصص ومغامرات وحروب حقيقية اكتبها لك عزيزي القارئ لعلها تلقي الضوء على معاملات الرب لشعبه.
الآن أتركك عزيزي القارئ في واحدة من تلك المغامرات الشيقة التي سبق فكتبها الوحي المقدس لنا.
عماد حنا
ماجستير في اللاهوت
emadhann@yahoo.com
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
ملاحظات لابد منها
 لا يخفي على فطنة القارئ أن أحداث هذه القصة حدثت في الماضي البعيد ونحن في أحاديثنا نستند على الكتاب المقدس قاصدين تقديم نوع من أنواع الدراسة في قالب أدبي. إذًا فنحن لا نقصد بالتلميح من قريب أو بعيد على الأحداث الحالية في الشرق الأوسط. فهذه ظروف وتلك ظروف أخرى. نحن نثق في ذكاء القاريء الذي سوف يميز بين هذه الملابسات. فشعب إسرائيل في هذا الوقت البعيد هو الذي كان يعبد الله الواحد وتلك الشعوب الأخرى على اختلاف مسمياتها يعبدون الأوثان. ومن الطبيعي أن الذي يلجأ إلى الله لا يخذله والذي يبتعد عن الله لا يجد العون دونه.. وهذا ما حدث في القديم ببساطة.. لذلك نحن لا نتكلم عن الحقوق الحالية للأرض، فهذا ليس موضوعنا ولن يكون موضوعنا في أي مكان في هذه السلسلة ولكن يكون موضوعنا الأساسي هو توضيح معاملات الرب مع شعب المفروض أنه معتمد عليه كل الاعتماد.وأنه أسلم قيادته له. هذه هي غايتنا الأساسية
 الصياغة الأدبية للقصة تستلزم وجود شخصيات كثيرة... وقد نستخدم شخصيات وهمية لتكملة البناء الدرامي للقصة. على وعد ألا نخرج عن سياق القصة الأصلية المدونة في الكتاب المقدس... على سبيل المثال في أول قصة استخدمنا شخصية شيشرون وجاجوم اللذان لم يذكرهم الكتاب المقدس... ولكنه تكلم عن جنود أريحا... تخيلنا وجود هؤلاء الشخصيات ضمن الجنود ليكون هناك حوار... هذا ما يقتضيه الإبداع القصصي ولا يخل أبدًا بالأحداث التي دونها الكتاب المقدس لنا
 للاستفادة العميقة من هذه القصة عليك قراءة الشاهد الكتابي الذي يحكي القصة من الكتاب المقدس... أيضاً متابعة الشواهد الكتابية المكتوبة... بهذا تعم الفائدة
 هذه القصة "الجواسيس" هي عبارة عن الإصحاح الأول والثاني من سفر يشوع... لنقرأ الإصحاحين أولا ... وبعدها نبدأ في قراءة القصة.
المؤلف
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
(1)
ما قبل البداية
نظرة من جبل نبو


في وقار الشيوخ كان يصعد ذلك الرجل المهيب إلى الجبل متكئاً على عصاه تاركاً وراءه تعب السنين وآلامها، وأيضاً انتصاراتها...

كان يعرف انه لن يعود ثانية لأسفل، ربما كان من الرجال القلائل الذين عرفوا بميعاد موتهم من قبلها بفترة، ومع ذلك لم يكن خائفا أو مضطرباً بل على العكس لم تفقد عيناه بريقها ولم تفقد يداه قوتها، كان يصعد غير مهتم بما سيحدث بل كان في ذهنه شيء واحد.. أن يري ذلك المكان الذي بذل تلك السنين في الوصول إليه والتمتع به.

كان موسى يحاور نفسه طوال فترة صعوده...

- لقد حانت تلك اللحظة يا موسى... تلك اللحظة التي تمنيتها وعشت لأجلها منذ كنت رضيعاً.
نعم ... إنها لحظات رؤية الموعد العظيم... لقد أرضعته أمه يوكابد مع لبنها ذلك الموعد الذي وعد الله به الآباء قديما... لذلك عاش ينتظر تحقيق ذلك الوعد طوال سني حياته، ومنذ أن كان صبياً في منزل ابنة فرعون العظيم رمسيس الثاني فعلى الرغم من وجوده ضمن البلاط الملكي إلا أن أحلامه كانت مثل أحلام بقية شعبه... وهي الرجوع إلى تلك الأرض الموعودة. لذلك كان الانتظار طوال سني شبابه... ولكن جاءت القضية التي أوقفت أحلامه عندما قتل ذلك المصري برعونة الشباب فذاق طعم الفشل ... والهروب
وعندما فشل... وقتها بدأ يتساءل..
" من أنت يا موسى حتى تقف في وجه فرعون العظيم؟!! ..
ومن أنت.. لتجد السند من شعبك !!
ذلك الشعب الذي كان أول من رفضك
قائلاً له في صوت واحد منهم " من جعلك رئيساً وقاضياً علينا. أمفتكر أنت بقتلي كما قتلت المصري؟ "سفر الخروج 2: 14"
وعندها هرب موسى أربعين سنة كاملة كانت الصحراء هي الملاذ الوحيد له.

***

ابتسم موسى وهو يستعيد من جديد ذلك التاريخ القديم وهو يرى نفسه برعونة الشباب وحماسهم يقتل المصري مدافعاً عن بني جنسه، كان يتوقع أن ينهض الشعب اليهودي كله اثر ذلك ويتوجه ملكاً يهزم المصريين ويخرج مع الشعب إلى أرض الموعد.

ولكن الذي حدث أنه بعد هذا الأمر صرخ فيه أحد أبناء الشعب قائلا : ( من أقامك رئيسا علينا ) ..

وعندها تذكر ... أنه ليس مبعوثاً من قبل أحد... بل هي رعونته وظنه أنه هو الأجدر بأن يقود الشعب ... لذلك حدث الفشل ... ليس ذلك فقط بل لقد عرف أن أمره قد افتضح وهو الآن في ورطة أمام فرعون ... و لن يجد من يناصره ... و قريباً جدًا سوف يطلب فرعون قتله... ولذاك كان الهروب هو النتيجة الطبيعية .

فهرب مضحياً بأحلى سنين عمره ليعمل راعياً للغنم في أرض غريبة... تاركاً ذلك المجد العظيم وتلك العيشة الفاخرة في أعظم قصر يمكن أن يعيش فيه إنسان في ذلك الوقت في أكبر دولة في العالم: مصر

وقف موسى يلتقط أنفاسه قبل أن يشرع في الصعود إلى الجبل من جديد.. لم يدِر لماذا تذكر في هذا الوقت مواجهته لفرعون مصر منفتاح بعد أن صار مرسلاً حقيقياً من قبل الله ليواجه فرعون مصر العظيم. ذلك الفرعون الذي رفض أن يطيع أوامر الله حتى تسبب في دمار مصر تماماً … لأنه وقف ضد مشيئة الرب القدير. فضربه الرب عشر ضربات كاملة أخرها ضربة ابنه البكر ثم موته هو شخصياً غرقاً في بحر سوف.

ياله من تاريخ عمره أربعين سنة كاملة... والآن بلغ النبي موسى مائة وعشرين عاماً قضى منها ثمانين عاماً في تلك البرية القاحلة … ويسير وراء وعد عظيم وأمل أعظم أن يعود إلى تلك الأرض التي وعد بها الله إبراهيم... أرض الموعد.

بدأ يستأنف النبي موسى سيره وعيناه تلمعان ووجهه مضيء فقد حانت اللحظة التي سوف يرى فيها أرض الميعاد بعد أربعين سنة قاحلة في البرية... واجه فيها الكثير والكثير والكثير

رأى فيها الله وعنايته ورفقته الدائمة للإنسان، ووجد فيها اعتناء الله به وبالأشياء الصغيرة التي تخصه.

لم يشعر هو أو شعبه في يوم بالجوع … ولا بالعطش… ولا بالبرد… و لا بالحر... كانت البرية في رفقة الله جنة.. ولكنها جنة متعبة إذ تشوبها المشاكل... تلك المشاكل التي خلقها شعب صلب غليظ الرقبة ... كثير التمرد... ترويضه ليس بالهين.

ولولا ذلك الشعب عديم الإيمان لدخل أرض الموعد منذ أربعين عاما عندما أرسل الجواسيس ليتجسسوا أرض كنعان.

وقتها أراد الرب أن يمتحن الشعب ومدى ثقته به فقال لهم
- أرسلوا جواسيس وانظروا الأرض..
... ونظر الجواسيس الأرض
هي هي كما وعد الرب...
أرض تفيض بالخيرات والبركات
ولكن
ماذا عن سكانها؟!
لقد وجد الجواسيس سكانها شعباً فخورًا بنفسه ومعتزا بقدراته الجسدية والحربية
كما أنهم وجدوا المدن حصينة
عظيمة جدًا
وكان أهلها بني عناق عمالقة
ولن يستطيعوا هزيمتهم
هكذا كان رأي معظم الجواسيس
فرسب الشعب في الامتحان
امتحان الإيمان
ولم ينجح غير شخصين
اثنين فقط
هما كالب و يشوع
وهما الآن الوحيدان اللذان خرجا من أرض مصر
وسوف يدخلان ارض الموعد
كما وعد الرب "سفر العدد 13: 21- 33"

وهنا دمعت عينا موسى، كان يتمني أن يجد شعباً متفاهماً مطيعاً لله... لكن هذا الشعب جعله يطلب الموت لنفسه مرات ومرات خلال سيره في هذه البرية بسبب عدم الإيمان وتمرده على إلهه."سفر الخروج 33: 5"
***
وكانت نهاية الجبل
فوقف النبي موسى على حافته. عند رأس الفسجة
فوجد قبالته أريحا.. تلك المدينة العظيمة
ووجد السور العظيم
الذي يتحدى أي شخصية تقترب منه
وأشفق على يشوع
ذلك القائد الذي سوف يكمل المسيرة
إنه امتحان إيمان له
وياله من امتحان
… وتعدت عيون موسى هذا السور فأراه الرب جميع الأرض
من جلعاد إلى دان "سفر التثنية 34: 1-2"
وتهلل موسى
هذه الأرض مليئة بالخيرات الكثيرة... لقد وصفها الله أنها تفيض لبناً وعسلاً من كثرة الخيرات التي بها.
وهي لهم …
سيسلبونها من الشعب الذي يسكنها
لأن الله رأى خطايا تلك الشعوب... وصبر عليهم كثيرًا
ولكن جاء وقت الدينونة... ووقع الله الحكم على تلك الشعوب
وكان الحكم بالإعدام … بسبب آثامهم
ويستخدم الله شعب إسرائيل لتنفيذ الحكم... إنه أمر الهي
وعليهم أن يطيعوا أمر الرب
ويأخذوا المكان.
وبينما كان موسى يقف أمام ذلك الميعاد الذي رآه يتحقق بالإيمان وخصلات شعره الأبيض ترفرف على الجبل كعلم منتصر.. كان ينظر في سعادة وانتصار كأنه دخل الأرض فعلاً.
لقد حقق الرب وعده وهاهم سوف يدخلون
ربما يعانون حروباً عظيمة
ولكنها في البداية حروب إيمان وطاعة
ثم.. هي حروب الرب وليست حروبهم
وسمع موسى صوت الرب
ذلك الصوت الذي ألف أن يسمعه
وقال الرب "سفر التثنية 34: 4"
لنسلك أعطيها
قد أريتك إياها بعينيك
ولكنك إلى هناك لا تعبر
… أخذ موسى يبكي فرحاً
لقد انتصر في حربه
وسوف ينضم إلى قائمة المنتصرين
من رجال الله
وهاهو سوف يذهب إلى ذلك الذي تعود على صوته
سيراه بالعيان
لم يكن خائفاً من مواجهة الرب
وهاهو منتظر نصيبه
متلهفاً عليه
… وهناك أغمض موسى عينيه... واستسلم للرقاد المؤقت ... ليفتح عينيه من جديد في ذلك المكان الذي لا صراخ فيه ولا أنين ولا حزن ولا ضيق ... في عشرة مع ذاك الذي أحبه وعاش لأجله طوال سني حياته.
مات موسى ... ولم يعرف أحد قبره إلى اليوم، وكان موسى ابن مئة وعشرين سنة حين مات ولم تكل عينه ولا ذهبت نضارته " سفر التثنية 34: 6، 7 "
***
أما أسفل الجبل فهناك شعب يبكي قائده... ويعد العدة للقائد الجديد، يعلن له الولاء والطاعة... هناك... أسفل الجبل... تبدأ مغامراتنا.
***
مات موسى ... واحد من أعظم أنبياء العهد القديم، مات الذي كان وسيطا بين الله والناس في فترة من فترات حياته، ولكن يوجد من هو أعظم من موسى، وهو الوسيط الآن بين الله والناس، أنه السيد المسيح له كل المجد... وهو أعظم من موسى لأنه مازال إلى الآن حيا... وإذا لم تصدق أذهب إلى القبر الفارغ, هو شاهد أنه قام من بين الأموات... وهو إلى الآن لا يزال حياً يعطي حياه لكل من يلجأ إليه ويثق في جلاله، هو وعد أن كل من يقبله يصير ابنا لله(انجيل يوحنا 1: 12 ) فهل تقدم ذاتك وحياتك لذاك الذي مات وقام وأعطى كل من يؤمن به حياة أبدية. النبي العظيم موسى نفسه آمن بوعوده ... ورحل على رجاء لقاءه... وبالأيمان رأى وصدق وفرح... ليتك تقبل المسيح الآن ... هل تفعل؟

نلتقي غدا
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
شكرا ميرنا

***

(2)
الخطوة الأولى


كان القائد جاجوم يجري مهرولاً حتى دخل قصر الملك ثم أخذ يلتقط أنفاسه وعلي وجهه كل علامات الفزع والخوف، وعندما تمالك نفسه سار حتى وصل إلى غرفة الملك وقال للجندي الواقف علي الباب
- هل الملك بالداخل ؟
- أجل سيدي القائد.. لحظات وأخبره بوجودك
تجاهل قائد الجيش كلمات الحارس وتقدم للأمام يريد الدخول إلى الملك لكن الحارس أوقفه ويده على سيفه محذراً إياه التقدم … كان علي أتم الاستعداد ليشهره في وجه قائده
- سيدي.. معذرة لا يمكنك الدخول قبل أن أخبر الملك أولاً
ثم دخل الحارس إلى الداخل ولكن جاجوم لم ينتظر بل دخل في أثره وهو يقول:
- كارثة سيدي الملك، كارثة
كان الملك في هذا الوقت يجلس مسترخياً يتناول ما لذ وطاب من فاكهة أريحا الشهية،
وعندما سمع هذه العبارة المملوءة بالخوف أوقفت هذه الكلمات الطعام في حلقه وهو يقول:
- أي كارثة حلت بنا أيها القائد جاجوم ؟
- هؤلاء البدو الرحل الذين خرجوا من أرض مصر من زمن ليس ببعيد.. هل تذكرهم يا سيدي؟
تألقت عينا الملك وهو يذكر هؤلاء الرعاع وتاريخهم القريب الذي سمعه فاتجه إلى قائد جيشه قائلا باهتمام
- أجل أذكرهم، تكلم... ماذا فعلوا؟
- أنهم يقفون الآن عند رأس الفسجة … يقال أن قائدهم وساحرهم مات.. وهم يبكونه الآن.
تنفس ملك أريحا الصعداء وهو يستمع إلى جاجوم. ثم قال مبتسماً
- هل مات قائدهم وساحرهم؟ إذا ما هذا الذي فعلت؟‍‍ أكل هذا الخوف وأنت آت بخبر عظيم ‍‍!! ... إن نبيهم هو الشخص الذي يستحق أن نخاف منه أما الآن وقد مات ذلك الرجل فيستحق أن نفرح وأن نتهلل ... إذ مات مصدر ذلك الخوف و بعد موته لن تقوم لهم قائمة، فهذا الشعب بدون ذلك الرجل لا شيء. إنه مصدر قوتهم ... و إذا كانوا لم يجسروا علي الاقتراب منا خلال حياته فهم بالتأكيد لن يتجاسروا على فعل ذلك الآن.
لم يهدأ خوف جاجوم ولكنه استرسل في كلامه
- لقد كان تصرفهم فيما مضى غريبا وغير مفهوم يا سيدي الملك.. فهم كانوا يقتربون منا جدًا حتى يصبح بيننا وبينهم جبل نبو والنهر فقط ولكنهم يدورون على أعقابهم كما لو كانوا لا يروننا.. رغم أنني أسمع أن هذه الأرض هي بغيتهم لأنها كانت أرض أجدادهم قبل أن ينتقلوا إلى مصر أيام المجاعة الكبيرة ولكن الآن الموقف اختلف, جواسيسنا تؤكد أنهم قادمون.
نظر الملك إليه ساخرًا ثم قال
- هون عليك يا جاجوم... إنك لم تنجح مطلقاً في دفع جواسيس بينهم.. هم يعرفون بعضهم جيدًا ويتشككون في أي شخص يكون غريبا وسطهم .. لذلك فالمعلومات التي يقدمها لك جواسيسك دائما فيها شيء من المبالغة.
- كلا يا سيدي.. ليست مبالغة.. كل مرة كانوا يبقون عند سفح جبل نبو ثم يدورون.. الآن هم عند رأس الفسجة.. يروننا جيدًا.. هم يبكون الآن نبيهم وعندما تنتهي فترة النواح بالتأكيد سوف يهبطون علينا.
ظهرت ملامح الجدية على وجه الملك وهو يقول
- أنت تعرف كل شيء إذن.. إنهم بدو رحل.. هل عرفت ما هي أسلحتهم ؟ ، وما هي خبرتهم في القتال ؟ .. ما هي قوتهم ؟ كم تعداد جنودهم؟ وهل ستصل مستوى أسلحتهم إلى ما وصلنا إليه من أسلحة
- لم أعرف كل شيء بعد يا سيدي.. إنهم كثيرون.. ولكننا نعرف أنهم يستخدمون العصي في الحرب و…
وهنا لم يتمالك الملك نفسه فقاطعه وأطلق ضحكة عالية ثم قال ساخراً:
- عصي يا جاجوم !!أترتعب كل هذا الرعب وأسلحتهم من العصي؟... إنك جبان يا جاجوم... والجبان لا يوجد له مكان داخل جيشي... إن رجال أريحا البواسل لا يعرفون الخوف فاحترس لئلا تجد نفسك من قائد لجيش أريحا إلى خارج الجيش تماماً... إن القائد شيشرون يتمنى قيادة الجيش بدلاً منك... وهو كالصخر لا يلين.
- إنني لا أخاف يا سيدي الملك. ولقد أعددت العدة لمواجهة خطرهم..
- ماذا فعلت؟
- لقد أمرت أن تغلق أسوار المدينة
أحمرت عينا الملك من كثرة الغضب الذي اعتراه وصرخ في جاجوم
- تغلق أسوار أريحا أيها الغبي ؟ تغلق أسوار المدينة العظيمة وتمنع عنها التجار الذين يدخلون ويخرجون علينا ؟ .. ولأجل من … لأجل رعاع لم يعرف أحد منهم كيف يمسك سيفاً أو يرمي سهماً ؟
قال جاجوم مضطرباً
- لقد ظننت سيدي..
- كيف تفعل هذا دون الرجوع إليّ وحق عشتاروث.. لن تنهار تجارتنا في هذا الوقت من العام بسبب وهم يتوهمه رئيس الجيش الضعيف.. اذهب بسرعة وأعد فتح الأسوار كما كانت يا أغبى من أنجبتهم أريحا.
- أؤكد لك يا سيدي أنهم الآن ينوون شراً ويجب أن نتوخى بعض الحذر
- إذن لتظل عيناك عليهم... راقبهم. .. لا يزال بيننا وبينهم نهر الأردن وهو في حالة فيضان الآن... ولا تفعل أي شيء دون الرجوع إليَّ، ثم ... من يدري... ربما يحتاج هؤلاء القوم إلى قليل من التأديب... اخرج الآن حتى أكمل طعامي...

وخرج جاجوم رئيس جيش أريحا وهو غير مقتنع بما يقوله الملك. بينما لم يستطع الملك أن يكمل طعامه... لقد تذكر تلك المصيبة التي حلت بمصر عندما خرج ذلك الشعب منها؟ وتذكر أن مصر حتى الآن وبعد مرور أربعين عاماً لا تزال تعاني من تلك الكوارث التي حلت بها بسبب هؤلاء الرعاع. ولم يتمالك الملك نفسه وهو يشعر بخوف شديد وهو يتخيل ذلك الشعب قادماً في اتجاه مدينته. ليهتف بذعر
- لتحمينا الآلهة

***

دخل جاجوم خيمته وهو يسب ذلك الملك الذي استهتر بالخبر ثم أسرع وأرسل إلى كبير الحرس المسئول عن حراسة مداخل المدينة ثم قال له:
- أعد فتح أبواب المدينة
نظر إليه الحارس في بلاهة وبدا أنه لم يفهم أمر القائد فقال
- نعم يا سيدي ؟
- أعد فتح أبواب المدينة أيها الأبله.. ألم تسمع ؟
- لقد سمعت يا سيدي ولكن الخطر أمامنا .. أؤكد لك سيدي أنهم اليوم غير أمس.. إنهم ينوون القتال، وأريحا هي أول مملكة في مواجهتهم
- الملك يرى أنهم أضعف من أن نهتم بهم.. ثم إنهم لا يملكون أسلحة كافية، هم مجرد رعاع عاشوا في الصحراء فترة طويلة
- لكنهم كلهم من الشباب يا سيدي.. لم أر من قبل جيشا كهذا... كلهم صغار السن ولا تزال أياديهم قوية... ثم أنهم تقاتلوا من قبل مع بعض القبائل وأبادوها بالكامل... إنهم شعب متوحش يا سيدي... وعلى الأقل يجب أن تعد العدة للقائهم.
- لتحمينا الآلهة أيها الحارس.ألآن عد إلى موقعك وافتح الأبواب... ولكن زد الحراسة على مدخل عربات أريحا فهو الطريق الوحيد الذي يمكن أن يمروا منه
- أمرك يا سيدي
واتجه إلى الخارج ولكن أسرع القائد يكلمه قبل أن يذهب
- أوه... كدت أنسى... أبلغ شيشرون أن يقف على رأس القوة عند باب عربات أريحا... فربما احتاجت الحرب إلى بسالته وشجاعته
- سأبلغه يا سيدي
رحل الحارس دون أن يفهم نغمة السخرية التي واكبت كلمات قائده... وعندئذ أخذ جاجوم يكلم نفسه قائلاً
- تريد أن تكون القائد لأريحا يا شيشرون ؟ ... سوف تكون أول القتلى في معركة العبرانيين... لن يأخذ أحد مكاني أبداً.

***
نلتقي غدا
 

Maya

Hebrew Christian
عضو مبارك
إنضم
2 ديسمبر 2005
المشاركات
1,243
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
Jerusalem - Israel
أخي emad_hanna

تحية مسيحية صادقة ...

في البداية اسمك ليس جديد علي ، وأنا قرأت لك عدة مشاركات سواء دينية أو سياسية من قبل وفي مواقع متعددة ، وأريد أن أشكرك على هذه الفكرة بعرض قصص من العهد القديم وإبراز بطولات وحكم وعبر من العهد لقديم ، الذي للأسف يعتبره بعض الاخوة والأخوات خاص باليهود والشعب القديم وهذا بالتأكيد خاطئ بكل تأكيد لان العهد القديم هو بداية لمعرفة الرب الإله وبداية النبؤات بقدوم الرب يسوع ، وفيه من الحكم وقصص البطولة والثبات من اجل الرب الإله الكثير والكثير ، وفكرتك وأسلوبك بتقديم هذه القصص جميل ومميز كبداية وننتظر منك المزيد من هذه القصص التي تهم الشباب المسيحي بدلاً من تلك الروايات المسمومة مثل رجل المستحيل أدهم صبري وما يحمله من أمور وسياسة موجهة وتبعيته لجهة معروفة ، أو قصص مغامرات سفاري علاء عبد العظيم التي يحقنها مؤلفها بشحنات من القومية العروبية وفضل العرب ورقيهم وحضارتهم المزعومة و إشارات واضحة من معاداة السامية وكراهية الغرب وسياسة أمريكا ، وأمور أخرى لا تهم ولا تفيد القارئ المسيحي ...

أما فكرتك والسلسلة التي بدأتها فهي أحق بالقراءة لتأكيد ولكني أتمنى أن تستمر ، وأن تبقى مشارك معنا في هذا المنتدى ..

وبالنسبة لموضوع السياسة لم احب منك أن تشير لهذه الناحية بقولك : (لا نقصد بالتلميح من قريب أو بعيد على الأحداث الحالية في الشرق الأوسط. فهذه ظروف وتلك ظروف أخرى. نحن نثق في ذكاء القارئ الذي سوف يميز بين هذه الملابسات) ...

لأن هذا موضوع معروف ولا يجب البحث فيه كي لا ندخل في السياسة وحق العبرانيين بالعودة إلى أرض إسرائيل وقيام الدولة ، وإن كنت تريد البحث في هذا الموضوع من ناحية سياسية وتاريخية فبإمكاننا بحثه في موضوع مستقل في وقت لاحق و في زاوية مختلف عن زاوية القصص .
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
شكرا لك على تشجيعك مايا ... وأتمنى أن يعنني الله على أن أكتب كل العهد القديم بهذه الطريقة ... هذه رؤيا أعطاني الله اياها وأصلي أن يأتي الوقت الذي أراه فيها مكتملة تماما ... هي رؤيا العمر , وأصلي أيضا أن لا تكون فقط في المنتديات المسيحية ولكن أن تكون كتب يقرأها كل قاريء عربي

هذه رؤيتي ليتك تصلي معي أن تتم ... اما الجانب الساسي فأنا معك أننا لا يجب أن نضعه في جانب القصة ولا أفكر في مناقشته حاليا فتأكدي أنس سألتذم بالجانب القصصي في هذا الموضوع ... شكرا لك على تشجيعك
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
(3)
قائد جديد

كانت أيام مناحة رجل الله موسى قد انتهت وكان شعب إسرائيل يقف عند رأس الفسجة وأعينهم على رجلين كبيرين في السن ويبلغان من العمر أكثر من ثمانين عاماً.
كانوا يعرفون أن أمامهم طريقاً طويلاً فيه سوف يتبعون هذين الرجلين يشوع بن نون وكالب بن يفنه
أحد الرجلين رجل صلب عنيد ، عيناه ثاقبتان ويجيد القتال ويعشق التحدي ... لا يعرف الخوف طريقه إلي قلبه ... انه بالحق رجل حرب ... هو كالب بن يفنه .
أما الرجل الآخر فتاريخه ملئ بالانتصارات … إنه خادم موسى ... لذلك دربه موسى كيف يدخل الحرب ... وكيف يثابر ويجاهد حتى ينتصر. فانتصر على عماليق عندما كانت عيونه على موسى ويداه على سلاحه ... ولكن ها هو موسى قد رحل ... وعليه أن يحمل المسئولية وحده لذلك ذاب قلبه خوفاً من تلك المسئولية ... إنه يشوع بن نون.
كان كالب يرأس سبط يهوذا ... وقد اعتاد على تحمل المسئولية منذ أن أرسل كجاسوس منذ أربعين عاماً كاملة وقف يقول أمام الشعب "لنحارب عماليق لأننا سننتصر" سفر العدد14: 6-9"
كانت قوة كالب فخراً ليهوذا ... لذلك أحبته عشيرته ... وساروا وراءه واستمعوا إلى مشورته.
أما يشوع فقد عرف أنه سيحمل المسئولية حتى قبل أن يموت موسى وعلى الرغم من أنه كبير سبط أفرايم إلا أنه لم يعتد إلا أن يسير وراء موسى، يستمع إليه ويطيعه ... ويستمد ثقته وقوته منه ... فأين موسى إذن ؟؟
أمام الشعب كان يقف أكبر اثنين سناً .. يشوع وكالب اللذان كانا أكبر من أي شخص بخمسة وعشرين سنة علي الأقل .. كالب الأكبر ، ولكنه يقف وراء صديقه المخلص يشوع ... يشجعه ويدفعه لتحمل المسئولية .
ولأن موسى وضع يده علي يشوع مباركاً إياه أن يمتلئ حكمة وفهماً "سفر التثنية3: 9" وقف الشعب كله خلف يشوع يشجعه ... إذ كانت عصا القيادة في يده .
***
أما يشوع .. فذاب قلبه خوفاً .. فمن هو يشوع ذلك الخادم الذي اعتاد أن يكون خادماً مطيعا لرجل الله موسى ... من هو يشوع ليكون قائدا حربيا ليحرر الأرض من عمالقتها .
قديما عندما كان يشوع جاسوساً لإسرائيل قال لنقم ونعبر .. ولكنه كان في كنف سيده موسى ملتصقاً به .. أما الآن فهو وحده ….هو لم يعتد أن تكون الأمور هكذا .. لذلك كان يحتاج إلى أكثر من هذا الأمر ( قم واعبر ) كان يحتاج إلى القدرة على تنفيذه .
في الوقت الذي كان يشوع في محضر الرب كانت خيام بنى إسرائيل منتصبة على قمة رأس الفسجة ومن حول الخيام كان يقف الشعب كل في أفكاره… وعلى قمة الرابية كان يقف كالب بن يفنه… تعبر عيناه غابات شطيم و نهر الأردن... إلى المدينة العظيمة أريحا كان يقف يرقب باهتمام بالغ ومن خلفه كان يقف شاباً يافعاً قوي البنية اسمه عثنئيل الذي كان يداعب طفلة كالب الصغيرة عكسة حينما سمع كالب وهو يفكر بصوت مسموع .
- لماذا فعلوا هكذا ؟
- عمن تتكلم يا عماه
نظر كالب ليجد الفتى عثنئيل يحمل عكسة طفلة كالب على كتفيه . وهي تعبث بشعره الطويل المسترسل على كتفيه وهي تضحك بسعادة فابتسم وقال له …
- تعال وانظر
نظر عثنئيل قائلاً
- أين ؟
- أريحا
- لا يوجد شيء غير عادي .. قوافل تجارية تدخل المدينة مثل أي يوم آخر
- ليس مثل أي يوم .. لقد أغلقوا الأسوار في الأيام الماضية وملئوا حصونهم جنوداً وسلاحاً ... أما اليوم فقد عادوا ليفتحوها من جديد .
- وماذا في ذلك ؟
قال كالب مفكراً
- لماذا أغلقوها ورفضوا إدخال قوافل التجارة في اليومين الماضيين ؟
- ربما عرفوا أننا قادمون
- هذا ما ظننته ... لقد كان نظر جنودهم يتجه إلي أعلي بين الحين و الآخر... وأرسلوا بعض جواسيسهم الذين رأيتهم بنفسي في غابات شطيم… ولكن الذي أعجب له هو ما الذي جعلهم يفتحون تلك الأسوار من جديد رغم أننا لم نتحرك من مكاننا طوال الأربعين يوما الماضية ؟!!
ابتسم عثنئيل وقال :
- ربما استهزأو بنا .. ترى .. من منا الأقوى يا عماه ؟!
نظر إليه كالب في استخفاف وقال
- ما رأيك أنت؟
- هم يملكون الأسلحة المختلفة... سيوف حديدية ورماح وسهام وثياب حديدية واقية… أجسامهم تبدوا ضخمة من بعيد. أما نحن فلا نملك من السلاح إلا العصي ... إننا سوف نبدو كالجراد أمامهم
نظر إليه كالب في غيظ والشرر يتطاير منه ... وقال له غاضباً
- اسكت... منذ أربعين عاماً سمعت كلاماً مشابهاً لهذا " سفر العدد14: 6-9" ونتيجة لذلك ذقنا سنوات من التيه عمرها أربعين عاماً ثمناً لتحليلك الحربي هذا .
أسرع عثنئيل يقول
- هون عليك يا سيدي .. إنني لم أقصد أبداً أن أكون انهزامياً ولكنك طلبت تحليلاً للحالتين …وما اظنني أخطأت في هذا التحليل .
أخفى كالب وجهه بين يديه يحاول استعادة هدوءه ثم قال ببطء شديد ..
- أجل .. إن ما قلته صحيح حسب الظاهر
- ماذا تقصد بكلمة حسب الظاهر ؟
- اقصد أن مصر وفرعونها كانت أقوى بكثير من أريحا ورغم هذا خرجنا من أرضها رغم أنفهم … إننا أيها الصبي نمتلك سلاحاً لا تعرف أنت قيمته …لو استخدمناه لن تقف قوة أمامنا … به انتصرنا على المصريين
- أتقصد يا عماه النبي موسى ؟... لكنه لم يعد معنا الآن بل إننا لا نعرف شيئا عن قائدنا الجديد …
ثم استطرد بصوت هامس حتى لا يسمعه كالب
- لن يكون على أي حال مثل النبي موسى
ولكن كالب لم يكن يهتم بكلامه الآن فقد عاد يفكر في أريحا و يتأملها ثم عاد يحدث نفسه من جديد
- لن نحكم عليهم من هذا البعد ... اليوم سوف ننزل إلى غابات شطيم و من هناك نحتاج أن نرسل رجلاً أو اثنين لكي يدخلوا في وسطهم فيتجسسوا لنا … نحتاج أن نعرفهم أكثر... ونعرف مقدار تأثيرنا عليهم .
قال له عثنئيل وهو لا يزال يحمل عكسة علي كتفيه
- نحتاج أن نعرف عن أنفسنا أكثر... هل يستطيع قائدنا الحالي شيئا بعد أن مات سيده موسى ؟
نظر أليه كالب وقال :
- قائدنا الحالي هو يهوه إله إسرائيل يا عثنئيل... إنه أيضا سلاحنا الحقيقي الذي به انتصرنا في كل معاركنا السابقة، وهو الذي سيحارب عنا معاركنا المقبلة... ولن نخطئ نفس الخطأ الذي وقع فيه جيل كنت أنتمي إليه... ولم يعش منه أحد سوى يشوع وأنا.
استدرك عثنئيل كلامه وقال :
- أقصد يا سيدي أن هناك شخص أفضل من يشوع يقود الجماعة... انه أنت يا عمي ... أنت الأكبر سنا وأنت الوحيد الباقي من آباءنا الذين خرجوا من أرض مصر
- وماذا يعيب يشوع ؟
كان عثنئيل يعرف عمه ومدى حبه ليشوع وعرف من نغمة صوته أنه بدأ يفقد صبره فتراجع كعادته سريعاً وهو يقول :
- هو شخص رائع ولا شك... ولكنني أقصد أنك الأجدر منه على قيادة الشعب... فأنت رجل حرب... لا تخاف شيئاً ، أما هو فخادم النبي موسى ولا يفهم لغة الحروب ، إنه لا يفهم إلا طاعة سيده ... إنه خادم لا يفهم إلا الطاعة.
نظر إليه كالب طويلا... حتى أثار خوف عثنئيل... وبدا له أنه سوف يخرج بزوبعة عاصفة... إلا انه فوجئ بصوت عميق يخرج من كالب وهو يقول له بمنتهى الهدوء
- إذاً فهو الأجدر بالقيادة ولا شك... آباؤك اعتمدوا علي قوتهم الشخصية فكانوا من الخاسرين ... ونتيجة لعدم طاعة الله فقدوا أرواحهم في البرية... و يشوع كما تقول لا يعرف ولا يتخذ سوى ذلك السلاح ... طاعة سيده... من يقدر عليه إذن ؟؟؟
***
في هذا الوقت كان يشوع لا يزال في محضر الرب جاثياً .. ينسحق من الخوف من تلك المسئولية التي وضعها الله عليه .. وكان في هذا الوقت يستمع إلى قول الرب
[ لا أهملك .. لا أتركك
تشدد و تشجع
لأنك أنت تقسم الأرض لهذا الشعب التي حلفت لآبائي أن أعطيها
إنما كن متشددا وتشجع جدا لكي تتحفظ للعمل حسب كل شريعة التي أمرك بها موسى ... لا تبرح هذه الشريعة من فمك
… أما أمرتك ؟
…تشدد وتشجع ... لا ترهب ولا ترتعب
لان الرب إلهك معك حيثما تذهب " سفر يشوع 1: 3-9"
وخرج من محضر الرب يشوع جديداً لا يعرف للخوف معني .. وبداخله ثقة لا حدود لها بعد سماعه وعود الرب له .. هذا عن يشوع
فماذا عن الشعب !!؟
***

يشوع خادم لموسى النبي... يقول العلامة أوريجانوس " أن مفهوم كلمة خادم هنا ليس كتابع له أو كمن هو أقل منه، وإنما كمعين وحامي له... وهنا يشوع رمز للسيد المسيح الذي نجح في الوصول بنا إلى أرض الموعد بعد أن فشل الناموس (موسى ممثلاً عنه) في تحقيق ذلك. لذلك فسفر يشوع هو السفر الممثل للعهد الجديد الذي فيه نتعلم الكثير من الأمور التي من خلالها نستطيع أن نصل إلى أرض الموعد بواسطة مخلصنا يسوع المسيح. وأول تعليم هنا هو الطاعة الكاملة والخضوع الكامل لله.

انتظر البقية
 

Maya

Hebrew Christian
عضو مبارك
إنضم
2 ديسمبر 2005
المشاركات
1,243
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
Jerusalem - Israel
أخي emad_hanna

تحية مسيحية صادقة ...

بداية أصلي أن تنجح في هذه الخطوة المميزة التي تقوم بها وأن تحقق هدفك في إتمام العهد القديم بطريقة القصص المتسلسلة التي تقدم صورة مبسطة وتفصيلية للعهد القديم في إطار سلسلة موجهة للشباب وهذا الجهدالذي أتمنى أن يكبر ليتحول إلى كتاب أو أي وسيلة أخرى لتصل لكل مهتم وقارئ ، وكما قلت لك ففكرة تقديم هذه السلسة جميلة وتستحق المتابعة بكل تأكيد ، خاصة وأنك قررت تكريس موهبتك التي منحك إياها الرب لخدمة إيمانك ومشاركة التأملات والكلمات والحكم مع أخوتك أخواتك في المسيح ...

أنا سأنتظر حتى تكتمل هذه السلسة و أتمنى لك كل النجاح والتوفيق في خطوتك وعملك الذي تشاركنا به عبر المنتدى ...
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
أشكرك على هذا التشجيع وداومي الصلاة معنا
(4)
إله من الأقوى ؟!


كان شيشرون يقف على بوابة أريحا المواجهة لعربات أريحا يتفقد جنوده حاملي السهام ويوجه كل جندي إلى مكانه في الوقت الذي كان جاجوم متجهاً إليه بقامته الطويلة وعضلاته البارزة من خلال ثوبه العسكري الأنيق. وعندما رآه شيشرون اعتدل منتبهاً وهو يقول:
- تحيه لك سيدي القائد
- ولك التحية يا شيشرون.. ما الأخبار ؟
- لا جديد يا سيدي … فتحنا الأبواب كما أمرت.. وها هي القوافل التجارية تدخل إلى المدينة.
- ومع ذلك احترس يا شيشرون... لا تدع الأمور تمر بسهوله... كل قائد قافلة عليه أن يراجع أمامك أسماء من معه… وتأكدوا لئلا يدخل أي غريب، رجال أو نساء أو أطفال، فربما أرسل هؤلاء القوم جواسيسهم علينا.
- لا تقلق يا سيدي... إن جواسيسنا يملأون غابات شطيم ونهر الأردن ومنطقة عربات أريحا.
خرج جاجوم من الباب الحديدي وهو يقول:
- هل تحرك هؤلاء البدو من أماكنهم ؟
- كلا يا سيدي.. إنهم لا يزالون عند رأس الفسجة... لقد نصبوا خيمة كبيرة في المنتصف يمارسون فيها شعائر وطقوس لا نفهمها … لكنهم لا يزالوا في مكانهم
نظر إليه جاجوم في غضب وهو يقول
- ولماذا لا تحاول أن تفهم ؟
- سيدي... ثم إن شعائرهم لا تهمنا في شيء.. ثم ..
- ثم ماذا ؟
- إن جواسيسنا يراقبونهم من بعيد يا سيدي إنهم يعرفون بعضهم جيداً... ولا يمكن أن ندس وسطهم جاسوساً... سوف يكتشفونه بالتأكيد... والمراقبة من بعيد لا تسمح بالفهم الجيد .
أخذ جاجوم يتحرك في عصبية شديدة وهو يقول
- هذا غير مطمئن… إنهم قادمون بالتأكيد … لا تنسى ما فعلوه بالمصريين يا شيشرون.. أو بعماليق أو موآب جيراننا … لا يجب أن ننسى كل هذا... يجب أن نأخذ احتياطياتنا.
في برود شديد أجاب شيشرون
- هؤلاء القوم لا يخيفوننا يا سيدي... إننا أقوى منهم

نظر إليه جاجوم بحقد شديد وهو يقول في نفسه " يا لك من منافق... إنك تعرف أن الملك يرشحك لقيادة الجيش لذلك تحاول أن تبدو بعكس ما تبطن ... إنك تموت رعبا أيها الحقير فمن لا يخاف هؤلاء السحرة ؟

تحرك جاجوم أكثر خارج البوابة ثم امتدت عيناه إلى الأمام لتعبر غابات شطيم وتعلوا لتصل إلى جبل نبو عند رأس الفسجة وبالكاد رأى حركة خفيفة أعلى الجبل فصرخ
- ما الذي يفعله جواسيسك بحق عشتاروث؟ لماذا لا تعرف على وجه الدقة ما يفعلونه هؤلاء السحرة !!!
قال شيشرون ببروده المعهود
- هون عليك يا سيدي ... في لحظات سوف يعرف الجواسيس كل شيء في حالة حدوث أمر جديد
ولم يكمل شيشرون كلامه… إذ رأى رجلاً من رجاله يجري لاهثاً يقول: -
- إنهم يتحركون يا سيدي
صرخ جاجوم وشيشرون في وقت واحد
- من؟
- العبرانيون... لقد بدأوا في جمع خيامهم وحمل عدتهم... وبعد قليل سوف يهبطون من الجبل من ناحية غابات شطيم.
صرخ شيشرون
- إذن فهم قادمون فعلاً... كل يستعد في موقعه

وخرج سريعاً من البوابة ليلحق بقائده فيجده ينظر إلى الأفق البعيد بعيون زائغة كأنه يحاول أن يستكشف الأمر بنفسه... ثم يسأل الجاسوس الذي وصل لتوه
- كم عددهم؟
- إنهم أكثر من مليون محارب يا سيدي
- يا للهول
- بل بعض الجواسيس الذين اقتربوا أكثر يقولون إنهم أكثر من مليوني محارب مقسمين على عدة عشائر أعتقد أن عددهم إثنا عشر عشيرة وليس بينهم شيخ أو ضعيف..كلهم شباب موفوري الصحة
قال مفكرًا
- وسلاحهم العصي فقط
قال شيشرون
- إنهم لا يملكون أسلحتنا ويكفينا فخراً أننا نملك هذا السور المنيع
- إنهم يا شيشرون..سحرة .. قوتهم ليست في أعمارهم.. وليست في شبابهم.. إذا أتوا إلينا بهذه المواصفات فإننا نقدر عليهم بقوة بعليم إلهنا.. ولكنهم يملكون قوة خفية انتصرت في السابق بطريقة معجزية لا نعلمها ولا قبل لنا بها.
قال شيشرون متفاخراً
- إنني أضع ثقتي في آلهتنا … إنهم لن يقدروا علينا... سوف نتعاون مع آلهتنا ونقضي عليهم.
نظر إليه جاجوم ببلاهة ثم قال:
- راقبهم جيداً... و لا تنس مراجعة القوافل من جديد لئلا يدخل مدينتنا شخص غريب... حتى يقتنع الملك انه يوجد خطر يستوجب إغلاق بوابة السور.
قالها وانصرف بسرعة

***

انتظر شيشرون حتى أنصرف قائده و ما أن انصرف حتى غابت عنه شجاعته المرتسمة على وجهه طوال فترة وجود قائده… وأخذ يحدث نفسه "ترى ما الذي يمكن أن يحمينا في مواجهة هؤلاء القوم ؟؟؟ أهي آلهتنا ؟ تلك التماثيل… هل تستطيع أن تواجه شخصاً مثل موسى … أه … ما أغباني … لقد مات موسى ساحرهم ونبيهم… ترى... هل قائدهم الجديد يمتلك نفس ما يمتلكه موسى؟... هل هو ساحر مثله؟... هل له نفس العلاقة بإله موسى؟ إذا كان كذلك فلترحمنا الآلهة.

ثم أخذ ينظر إلى الأسوار في رعب وهو يقول كمن يحدثها
- وأنت أيتها الأسوار.. كثيرا ما اعتمدنا عليك فلم تخذلينا... كنت لنا حصناً منيعاً عن كل أعدائنا الذين حاولوا النيل منا... هل تستطيعين الصمود الآن أمام هؤلاء القوم!! هل تحاربين معنا ألههم المزعوم فتنتصرين عليه!!! لقد بنيناك لكي تصمدي أمام أي شر يحيط بنا… وها هو الشر قادم... إنه اختبار حقيقي... فهل تخذلينا!! آم تنجحين في الصمود.
ثم أخذ ينهار وهو يصرخ وكأنه قد أصابه مس من الهستريا أو الجنون
- لترحمنا الآلهة.. لترحمنا الآلهة

وبدا شيشرون منهاراً.. تائهاً .. خائفاً.. عيونه تتفحصان السور الكبير إلى أن وقعت عيناه على بيت صغير من طابقين ملتصقا بسور أريحا... كان بيت الزانية الجميلة رحاب

***

أخذ حاملو السهام يتجولون على أسوار أريحا بنشاط يراقبون الداخل والخارج من التجار والقوافل بينما كان يقف على البوابة التي تواجه منطقة عربات أريحا حامية من الجنود يفتشون القوافل ويتعرفون على جنسيتها وعددها وغرضها من دخول أريحا..

وبينما كان الجميع مستغرقون فيما يفعلون مال أحد الجنود إلى زميله يقول له
- أنظر إلى القائد شيشرون... لقد جن
ونظر الجندي الآخر وفتح فاه مندهشاً... لقد وجد شيشرون وقد خرج عن هدوئه المعهود أمام باب رحاب الزانية الملتصق بسور أريحا بجوار البوابة و هو يصرخ
- افتحي يا راحاب... افتحي لي يا آسرة قلب بعليم... افتحي لي وحق الآلهة التي تخدمينها... أريد أن أشرب من نبيذك المعتق وأضع أقراص الزبيب أمام قدميك... أريد أن أغيب عن الوعي حتى لا أفكر في المصير المظلم الذي ينتظر أريحا.

رأى الجندي هذا الآمر فقال لزميله
- لتحمينا الآلهة... أهذا هو قائدنا الذي سوف يقودنا للحرب؟... لقد كان أشد تماسكاً عندما كان القائد الأعلى جاجوم موجوداً .
- يبدوا أنه استنفذ كل شجاعته أثناء لقائه بجاجوم
- ترى من سوف ينتصر
- لو لم تتدخل الآلهة لسوف نهلك جميعا.

***

استيقظت رحاب من النوم منزعجة و هي تسمع صراخ شيشرون... لقد كانت من عادتها أن تنام في هذا الوقت من النهار بعد أن تكون قد استنفذت قواها في معبد بعليم وعشتا روث حيث تكهن كل ليلة. في تثاقل راحت تعدل من نفسها ثم اتجهت إلي الباب لتفتحه لتجد أمامها شيشرون الذي اندفع إلى الداخل وهو لا يزال يهذي
- قولي إن آلهتنا سوف تنتصر يا راحاب... نحن مستعدون أن نقدم عطايانا وصلواتنا طوال النهار والليل لتعبر عنا هذه الكارثة.
أخذت رحاب تهدئ من روع شيشرون وهو لا يزال يهذي ويهذي … فقالت له
- اهدأ أيها القائد... بالتأكيد آلهتنا سوف تنتصر... لقد كنا طوال ليلة أمس نصلي في المعبد… ولقد وعدتنا آلهتنا بالنصرة... لماذا هذا الخوف أيها القائد؟ هذه ليست أول مرة نحارب فيها
انهار شيشرون على أول مقعد وقال
- ولكنها أول مرة سوف ننهزم... إننا لن نستطيع أن نواجه هؤلاء القوم يا راحاب.
صرخت مندهشة
- لماذا هذا الخوف ؟ ما هو ذلك السلاح المخيف الذي يرعبكم من هؤلاء القوم.
نظر إليها في بلاهة... كان كمن فوجئ بالسؤال…
إنهم فعلا لا يمتلكون أي سلاح يستطيع أن يهدد شعب أريحا فلماذا هذا الخوف الذي يعتري الجميع منهم ؟؟... فقال شاردًا
- سلاح ؟… أنهم لا يمتلكون أسلحة كأسلحتنا…
- علام الخوف إذن؟
- تاريخهم يا راحاب .. ونبيهم موسى الذي استطاع أن يشق بحر المصريين منذ أربعين عاماً ويتسبب في كارثة للمصريين بمعجزات تفوق الخيال... كما أن يشوع قائدهم الحالي سبق وانتصر على سيحون و عوج... وأنت تعرفين قوتهما.
نظرت راحاب في قلق
- هل انتصروا على المصريين والموآبيين ؟ إنهم عمالقة وجبابرة... كيف؟
- لا ندري... أن الأمور تشبه المعجزات... هم لا يملكون ما لا يملكه أي شعب آخر...
فهل يستطيع بعليم إلهنا أن ينتصر على إلههم؟.

نظرت إليه رحاب شاردة... ثم نظرت إلى تمثال البعل الكبير الذي في بهو بيتها دون أن ترد. وفي بطء أخذت كأسا من الخمر و قدمتها إلى شيشرون الذي تناولها بلهفة أعطته قارورة الخمر كلها، وفي صمت صعدت سلم بيتها لتنظر من الكوة التي في الطابق العلوي… كانت الكوة تطل على ما بعد سور أريحا... لتنظر إلى غابات شطيم البعيدة... وأخذت تحدث نفسها
- أنهم أتون إذن … سوف انتظرهم .





نلتقي غدا
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
(5)
جواسيس .. على طريق أريحا

في وسط غابات شطيم كانت خيمة الاجتماع منتصبة ومن حولها الشعب يقف والجميع يترنم بصوت جهوري ...
أنصتي أيتها السماوات فأتكلم
ولتسمع الأرض أقوال فمي
يهطل كالمطر تعليمي
ويقطر كالندى كلامي
إني باسم الرب أنادي
أعطوا عظمة لإلهنا
هو الصخر الكامل صنيعه
إن جميع سبله عدل . إله أمانة
لا جور فيه ، صديق عادل هو " سفر التثنية 32 : 1 – 46"

كان صوتهم رهيباً مخيفاً وهم يترنمون تلك الترنيمة التي علمها لهم موسى عبد الرب قبل أن يصعد إلى جبل نبو ويموت هناك .

وبعدما انتهى النشيد وقف اليعازر الكاهن أمام القدس في خيمة الاجتماع وصرخ في الشعب قائلاً :
هوذا موسى قد مات … ولم يقم نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرف الرب وجها لوجه " سفر التثنية 34 : 10" الآن بأمر اله إسرائيل خالق السماوات والأرض نعطي يشوع بن نون القيادة إذ قد ملأه الله حكمة ونعمة إذ وضع موسى عليه يده قبل أن يصعد إلى الجبل… فليسمع كل بني إسرائيل إلى يشوع كما أوصى عبد الله موسى.
وتعالت صيحات الشعب وقياداته قائلين
- كل ما أمرتنا به نعمله... وحيث يرسلنا يشوع نذهب.
حسب ما سمعنا لموسى نسمع ليشوع.
فتشدد قلب يشوع وصرخ في عرفاء الشعب
- تكلموا في وسط إسرائيل... وأمروا الشعب أن يستعد... قولوا لهم إنه بعد ثلاثة أيام سوف تعبرون الأردن فتملكون الأرض التي يعطيكم الرب إلهكم .
وتعالت صيحات النصر من جديد .

***

خرج يشوع من خيمة الاجتماع بعد أن أكد الشعب طاعتهم للرب ورضاءهم عن تنصيبه قائداً لهم في حروبهم ضد سكان الأرض الأصليين... ووقف على ربوة عالية من غابات شطيم ومن ورائه وقف رفيق عمره كالب بن يفنه رئيس سبط يهوذا ..
نظر يشوع إلى كالب قائلا
- أخيرا أقترب الموعد أيها العزيز كالب .
أبتسم كالب والفرحة بادية على وجهه الذي جاوز الثمانين عاماً ولا يزال يحمل من سمات الرجولة والقوة الكثير .
- أربعون عاماً كاملة من الانتظار أيها الصديق العزيز .. والآن هاهي الأرض أمامك تفتح ذراعيها لك... كل ما تدوسه أقدامنا فهو لنا .
نظر إليه يشوع ووجهه مضيء كشمس الصباح وهو يردد
- أربعون عاما من الانتظار يا كالب... هذه الأرض كانت لنا منذ أربعين عاماً كاملة . ونحن تركناها بسبب عنادنا وخوفنا الذي لا معنى له .. وعدم ثقتنا في الرب ووعوده .. أما الآن فأنا أرى بعين الإيمان أننا قد امتلكنا هذه الأرض بالفعل .
- ليتشدد قلبك يا يشوع ... وأفعل ما يأمرك به العلي ونحن وراءك نطيعك ونساعدك.

ربت يشوع على كالب سعيداً بصديق عمره … ثم طلب يشوع أسباط الرأوبين والجادين ومنسى .. وعندما حضر الرجال قال لهم يشوع .

- في يوم من الأيام حاربنا جميعاً مملكة سيحون ملك الأموريين انتصرنا عليهم وحصلنا على الأرض .. وكنتم قد طلبتم من موسى عبد الرب هذه الأرض لأنكم تعملون بالرعي وهذه الأرض ممتازة لأجل مواشيكم الكثيرة .. الآن سوف ندخل أرض الموعد .. وأريد أن أعرف ماذا أنتم فاعلون ؟ .
تقدم يائير بن منسى قائلا
- لقد وعدنا موسى عبد الرب من قبل .. الآن نعدك أنت أيضاً .. أننا لن ندخل أرض الموعد .. وسوف نكتفي بهذه الأرض الممتلئة عشباً وخيراً .. فإننا رعاة كما قلت وهذه الأرض الخصبة أفضل مكان لنا .
فأسرع ديبون الجادي وقال
- ولكننا كما وعدنا موسى أيضاً سوف نفي .. إننا سوف نساعدكم على الدخول إلي أرض الموعد... سنحارب معكم... ثم نعود ونستقر في الأرض التي اخترناها لأنفسنا.
.أبتسم يشوع وقال
- لقد أراحكم الله وأعطاكم هذه الأرض... نساؤكم وأطفالكم ومواشيكم تبقى في الأرض التي أعطاكم موسى … أما أنتم … كل أبطال الحرب الأقوياء منكم .. فتعبرون مدججين بالسلاح أمام أخوتكم لتعينوهم .. حتى يريح الرب أخوتكم مثلكم ويمتلكون هم أيضا الأرض التي يهبها الرب لهم... ثم يرجعون إلى أرض ميراثهم التي قسمها لكم موسى عبد الرب في ما وراء نهر الأرض وتمتلكونها .
نظر الرجال إلى بعضهم وبكل الرضى قالوا
- كل ما أمرتنا ننفذه... وحيثما ترسلنا نتوجه.
ترك الرجال المكان وقال كالب بعد انصرافهما ..
- لهم نصيب أن يحاربوا حروب الرب لأجل امتلاك أرض الموعد... ولكنهم ليس لهم نصيب فيها .
قال له يشوع :
- هم أيضاً لهم نصيب .. ولكن خارج أرض الموعد
- لا أثق أن هذه هي إرادة الله... لقد وعدنا الله بأرض محددة غير هذه الأرض التي اختاروها... على أي حال ليحفظهم الرب من كل شر.
- أجل... على كل حال لن نتركهم أبدًا .. وهكذا وعدهم موسى بعد أن طلبوا امتلاك هذه الأرض... ونحن سوف نفي بالوعد.

***

كانت أحداث ذلك اليوم كبيرة فيها أكد الشعب ثقته في يشوع وطاعتهم له مما جعله يتشجع .. وفي الغروب كان يقف قبالة أريحا ينظر من بعيد ومن خلفه كان يقف كالب بن يفنه ومن الوراء أيضاً كان يقف عثنئيل بن قناز وسلمون بن نحشون .

كان يشوع شاردًا وهو يتأمل تلك المدينة التي تبدو من بعيد... أريحا... بينما كالب يقول
- إن المشكلة في أريحا وفي أسوارها... إنها ضخمة ومن الصعب سقوطها... كذلك نحن لا نعرف مدى تسليح هذا الشعب
نظر إليه يشوع وقال
- إن الطريقة التي بنيت بها تلك الأسوار تدل على أن هذا الشعب متقدم حربياً وأعتقد إن لديه أسلحه متقدمة... ترى من أقوى ؟ أريحا أم سيحون وعوج؟
رد عليه كالب
- أعتقد أن أريحا أقوى … ولكننا لن نعرف مدى قوتهم ونحن بعيدون هكذا .
.ابتسم يشوع قائلاً:
- يبدوا أننا سوف نعيد ما فعلناه منذ أربعين عاماً
بادله كالب الابتسام وهو يقول
- لذلك أرسلت في طلب شابين من يهوذا أستطيع أن أعتبرهم من أبطال يهوذا.. هما سلمون بن نحشون و عثنئيل بن قناز.
- شابين فقط؟ لقد كنا أثني عشر فيما مضى
- ليتنا كنا أثنين فقط يا يشوع... ليتنا ذهبنا أنا وأنت وحدنا... ربما تغير الوضع
ابتسم يشوع وقال
- لا فائدة الآن من "يا ليت"... أين الشابين؟
وقف عثنئيل وسلمون أمام يشوع مستعدين للذهاب فنظر يشوع إلى الشابين متفرساً... ثم قال لهما
- تعالا .. هل أنتما مستعدان لمواجهة الخطر ؟
قال سلمون
- كل ما تأمرنا به ننفذه
- إذن لتنظرا .. هل ترون هذه المدينة ؟
قال عثنئيل
- نعم إنها المدينة الجميلة أريحا .
- أذهبا ,انظرا الأرض .. نريد كل ما تستطيعان أن تجمعاه من معلومات عنها .. شعبها .. جيشها .. وإمكانياتها .. وأسلحتها .. كل شيء... هيا لترافقكما العناية الإلهية.

وفي خفة وسرعة أخذ عثنئيل وسلمون طريقيهما إلي أريحا ومن وراءهم كان يقف الرجلان ينظران ويتذكران ما حدث منذ أربعين عاماً .

……. عندما عادت رحلة تجسس مشابهة تكونت من أثنى عشر رجلاً من رجال الحرب .. ولكنهم جاءوا بأخبار تثير الذعر والفزع في قلوب الشعب .. فيما عدا اثنين كان لهما رأي أخر ... فبقيا على قيد الحياة ... ينتظران ذلك التقرير الثاني ... ليبدءا معاً مغامرة مليئة بالأحداث ... ترى ... ماذا سيقدم الجاسوسان الشابان من أخبار ..؟

***

تابعني غدا بمشيئة الله
 

Coptic Man

ابن المـــــ†ـــــلك
مشرف سابق
إنضم
5 أكتوبر 2005
المشاركات
12,801
مستوى التفاعل
302
النقاط
83
الإقامة
Earth
شكرا يا اخ عماد علي الموضوع الهام والتسلسل الجميل له

الرب يبارك عملك
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
شكرا لك عزيزي مينا على تشجيعك

***


(6)
لينقذنا بعليم وعشتا روث


كان معبد أريحا ممتلئاً بالناس وخاصة الجنود الذين أخذوا يتسابقون في تقديم الطقوس والعطايا... ومع تصاعد رائحة البخور في أرجاء المكان كانت راحاب بين كاهنات عشتاروث تمارس خدمتها الكهنوتية

.. وكان للجميع طلبة واحدة هي أن يقف بعليم وعشتاروث الآلهة المفضلة لأريحا مع شعبها ضد إله شعب إسرائيل.
وتعالت ترنيمات المصلين
- اللهم سكن غضب قلبك الثائر
وليسعني حلم عشتاروث الذي أجهله
يا بعل الغضب.. أني أرتوي بمياه الأحزان
.. أيتها المعبودة التي تعلم الغيب
ما أكثر خطاياي وآثامي
فليرض عليَّ قلبك.. وقلب عشتاروث
الذي هو كقلب الأم الرءوم

وكان كلما زاد عدد المصلييِّن زادت واجبات صبيان المعبد في التنظيم بل وفي تفريق الجنود الذين زاد بقاءهم في المعبد طويلاً حتى يتسع المكان لجمهور جديد من المصلين .

وبعد أن انتهت العبادة خرج الناس ولكن الصلاة لم تجعلهم مطمئنين .. الخوف لم ينزع منهم بل ظل كامناً داخل كل واحد منهم .. بل وفي الكهنة أيضاً.

***

كانت راحاب منهكة القوي جداً من تلك الممارسات المشينة التي بها تقدم طقوسها للعشتاروث طوال الليل هي وعشرات الفتيات …. وعندما قارب الفجر جاءها زائر ضخم الجثة في ثياب ملوكية .. إنه ملك أريحا وكان مخمورا

لم يكن ملك أريحا يشعر بأي خوف مثل شيشرون وجاجوم اللذان ذاب قلبيهما خوفا... لذلك قال لها في استهتار
- إننا سوف ننتصر يا راحاب .. أليس كذلك ؟
قالت راحاب في خوف
- أجل يا سيدي .. سوف ننتصر
قالتها بلهجة لم تنجح في إقناعها هي... وكأن هذا لم يعجب الملك فقال متعاليا وقد لعبت الخمر برأسه
- إن أريحا اقوي مملكة في الأردن كله... إن قوتنا تتحدث عنها كل البلاد المجاورة... بل إننا نستطيع أن نصمد أمام جبابرة مصر نفسها. ولدينا أسوار تحمينا من كل معتدٍ غاصب... من يقدر علي أريحا... أخبريني؟
- أجل يا سيدي... لن يستطيع أحد أن يقدر عليها
قالتها ومرة أخري لم يكن صوتها مقنعاً ولكن الملك أسترسل في حديثه
- تحدثي إلي الآلهة يا راحاب... وقدمي لها العطايا... واحصلي لنا علي وعد منهم أنهم سوف يجعلوننا ننتصر... فمن هو اله إسرائيل حتى يهزموننا... احصلي لنا علي هذا الوعد يا راحاب وأنا سأجزل لك العطاء
ثم أخذ يسب ويلعن إله إسرائيل .. يسب موسى ويشوع وقد تمكنت الخمر منه تماماً حتى تهاوي علي الأرض فأسرع حراسه إليه وحملوه خارج الهيكل... وفي أثره خرجت راحاب من الهيكل مسرعة إلي بيتها الملتصق بسور أريحا... لتجد والدها ينتظرها.
- ماذا جري يا بنيتي... ماذا يحدث لنا ؟
- الجميع خائف يا أبتي... حتى الملك يدعي عدم الخوف ولكنه يسكر فيظهر خوفه فوراً... لترحمنا الآلهة
- سوف ترحمنا إذا كانت تستطيع يا بنيتي
ثم نظر إليها متلهفا وسألها
- ماذا أحضرت لنا من عطايا الآلهة... أن المعبد اليوم ممتلئ ولكنني أري أنك رجعت خاوية
قالت في ضجر
- لقد خرجت من المعبد قبل أن آخذ نصيبي من التقدمة... سوف أحضره غداً... الآن خذ قارورة الخمر هذه ودعني أنام .
قالتها ثم صعدت إلي أعلي بينما والدها يسب ويلعن لأنها لم تنتظر نصيبها مدعياً أن رئيس الكهنة سوف يسرقه... بينما هي لم تهتم بكلامه... كانت ترن في أذنيها عبارة والدها " إن كانت تستطيع... إن كانت تستطيع"... وفي طريقها اصطدمت ببعليم... ذلك التمثال الذي في بهو البيت… نظرت إليه وقالت
- أيها الإله بعليم... لم أستمع إلي صوتك أبداً... رغم أنني كلمتك كثيراً... لم تعدني بشيء من قبل... رغم عطايا الشعب أنت تعودت أن تأخذ ولا تعطي... فما الذي يحدث الآن ؟... لماذا ننتظر الآن منك أن تعطي ونحن لم نتعود منك ذلك ... كيف نرجوك وأنت لم تستجب لنا أبداً .
قالتها صارخة ثم أكملت طريقها صاعدة إلي الدرج لتنظر إلي الكوة عبر السور... لترى غابات شطيم... ثم أخذت تحدث نفسها "هناك .. يوجد إله لا أعرفه .. ولكن أسمع أنه يعد شعبه ويفي .. وينتصر رغم الضعف .. لقد انتصر علي عوج فلماذا لا ينتصر علينا ؟ .. إنه علي الأقل يستمع إلي عبيده" .
***
كان الفجر قد ولد وراحاب تنتظر بجوار النافذة وتقول
- سوف أنتظركم... إن آلهتي أعرفها لذلك لا أثق بها... أريد أن أعرف إلهكم أيها الأعداء المقبلون... سو ف أنتظركم حتى ولو كان في انتظاري إياكم نهاية لحياتي... لتأتوا سريعاً...
ثم تحولت إلي بعليم... ذلك الإله الذي كان ينظر إليها من منتصف القاعة دون أن تكون لنظراته أي معني .. وقالت له في سخرية
- وأنت أيضاً سوف تنتظر… أليس كذلك؟

***

نلتقي غدا
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
(7)
جاسوسان .. وصياد


المياه في نهر الأردن سريعة التدفق جداً من الصعب السباحة فيها نظراً لبرودتها وسرعة تدفقها. لذلك عندما وصل سلمون وعثنئيل إلي النهر وقفا قليلا يلتقطان أنفاسهما ويفكران في هذه المشكلة.

كانت منطقة عبر الأردن من المناطق التي تمتلئ بالسكان لذلك اضطرا أن يسيرا داخل الغابات الكثيفة حتى لا يشاهداهما أحد هؤلاء السكان، علي الرغم من أن هذه الغابات تكثر فيها الحيوانات المتوحشة من أسود ودببه التي تعيش علي الحيوانات البرية الأليفة, ليست الحيوانات فقط ولكنها كانت أيضا تهدد أي غافل يتجرأ ويدخل مملكتها... ولكن الشابين فضلا التعرض لتلك المخاطر عن أن ينكشف أمرهما لأحد الجنود الذين أرسلتهم مملكة أريحا للتجسس بالقرب من الأردن... وكانا ينظران إلي تلك المياه السريعة الآتية من بحر الجليل إلي بحر الملح وبداخليهما دهشة ما بعدها دهشة لأجل هذا المنظر الجميل والمخيف أيضا.
وعند وصولهم إلي حافة النهر وقفا حائرين.. فنظر سلمون إلي عثنئيل قائلا
- والآن يا صديقي .. وماذا بعد ؟
مد عثنئيل يده إلي المياه المتدفقة بقوة وهو يفكر قائلا
- سوف نعبره
- كيف... هل لديك خطة؟
- سباحة ... ألا تعرف العوم ؟
ضحك سلمون وهو يقول
- وأين تعلمته… ثم انه حتى لو كنت تعلمته لن أجرؤ علي عبور ذلك المنحدر الخطير... أن أي شخص يعرف العوم لن يستطيع أن يجازف بالمرور في هذا المكان دون أن يجرفه التيار .. آلم تر سرعة جريان الماء ؟
- إذن ما العمل .. ماذا سوف نفعل ؟
مرت فترة من الصمت ينظران بعضيهما لبعض في تفكير .. وفجأة صاح سلمون
- انظر .. أنظر هناك
ونظر عثنئيل ووجد أحد الصيادين بقارب صغير يحاول أن يلقي بشباكه في النهر .. فلمعت عينا عثنئيل وقال لسلمون
- هذا الشخص يمكن أن يعبر بنا
- كيف يحافظ على اتزانه في هذا القارب الصغير مع هذا الانحدار الضخم...
- ربما يكون أحد جنود أريحا
- لا أظن .. أنه مجرد صياد فقير .. تعال معي
وذهب الشابان إلي ذلك الرجل ثم قال له عثنئيل
- أيها الصياد الكريم .. يبدو أنك من وادي عربات أريحا .. نريد أن نذهب إلي الوادي في الضفة الأخرى من النهر … هل تسمح لنا بعبور النهر معك ؟
قال الرجل ودلائل الخوف بادية علي قسمات وجهه
- أنتم عبرانيون . أليس كذلك؟
نظر إليه عثنئيل مندهشا دون أن يرد .. بينما قطع الصياد بعصبية شديدة حبلاً كان يربط القارب بالشاطئ وراح يحاول أن يجدف بقاربه بسرعة وخوف وهو يقول
- لقد أتوا .. لقد أتوا إلينا
صرخ سلمون
- لا تخف يا رجل .. نحن نريد العبور فقط
ولكن الرجل لم يرد عليه... وسرعان ما جرف التيار القارب بعيدا جدا ... وفقد السيطرة عليه وأخذ يصيح "النجدة" ... ومن حسن حظه حمله التيار إلى الضفة الأخرى... وما أن وصل إلي الضفة الأخرى حتى غادر قاربه المتداعي وأطلق ساقيه للريح .

***

- أسرع يا سلمون .. لابد أن نهرب من هذا المكان
أخذ عثنئيل يحث سلمون حتى تواريا بعيدا ودخلا غابات شطيم من جديد... كان من السهل علي أي شخص من الضفة الأخرى من النهر أن يراهما لذلك احتميا بالأشجار الكثيفة ثم قطعا مسافة كبيرة وهما يجريان. وبعد فترة توقفا وأخذا يتطلعان ناحية النهر من جديد... كيف يعبرون هذا النهر؟!!

… وفجأة برقت عينا سلمون وهو ينظر خلال الأشجار الكثيفة... ونظر عثنئيل الذي كان ينظر بدوره إلي ذلك الخطر الجديد الذي ترآى أمامهما...

***
أخذ الصياد يجري في الوادي وهو في حالة ذعر وفزع حتى وصل إلي أول حامية ليقول لهما
- لقد وصل رجلان من العبرانيين .. أنهما يبحثون عن طريقة لعبور النهر .. إنهم قادمون .
وبنفس السرعة طار الخبر لينتقل من حامية لأخرى عبر الوادي الفسيح إلي أن وصل آخر الأمر إلي شيشرون الذي كان يقف علي البوابة .. وبسرعة أمر شيشرون
- أغلقوا البوابة الكبيرة... واحضروا لي هذا الرجل
نظر إليه حارس البوابة وقال
- ولكن يا سيدي إن أوامر القائد جاجوم …
- ليذهب جاجوم إلي الجحيم... إننا أول من سيواجه الخطر .
- ولكن يا سيدي في الطريق إلينا قافلة من بابل... والملك إذا سمع أننا أغلقنا في وجهها الأبواب سيغضب كثيراً.
أخذ شيشرون يفكر في كلام الحارس ثم قال له
- حسنا... إن الفرصة الوحيدة لدخول هذين الرجلين المدينة في الانضمام إلي تلك القافلة...
ثم نظر إلي حارس البوابة وقال
- أغلقوا الآن البوابة الكبيرة. افتحوا ثقب الإبرة ... يدخل الأفراد أولاً... ثم تدخل البضائع والمواشي بعد تفتيشها عبر البوابة الكبيرة
ثم لمعت عينا شيشرون وهو يتوعد
- هؤلاء الجواسيس لن يدخلوا أرضنا أحياء .. سوف تفضحهم لغتهم... وسأعرفهم علي الفور وأقبض عليهم... وحينئذ سوف أعلقهم علي بوابة سور أريحا العظيم... لتنهش الجوارح لحمهم
وبدا شيشرون عظيما في عيني نفسه وهو ينتظر عند البوابة ينتظر أن يقتل الرجلين .

***

أخذت راحاب تتطلع إلي ما يحدث عند البوابة وهي ترقب الأحداث من خلال الكوة التي في منزلها... فلاحظت ما يفعلونه من استعدادات لمواجهة العبرانيين, ولاحظت كيف أنهم يغلقون البوابة ويفتحون ثقب الإبرة. فلبست ثيابها وخرجت من الدار متجهة إلي الحامية التي تحرس البوابة. واتجهت إلي قائدها شيشرون وقالت له بابتسامة واسعة
- ما الذي حدث أيها القائد .. هل وصلت الجيوش العبرانية
نظر إليها شيشرون بإعجاب كبير وقال لها
- لم يصل بعد يا كاهنة عشتاروث... ولكن يوجد رجلان منهم يحاولان عبور الأردن وربما ينضمان إلي القافلة الآتية من بابل عند غروب الشمس... لذلك أعددنا العدة للقائهما
أطلقت راحاب ضحكة ساخرة وهي تقول :
- كل هذا من أجل رجلين اثنين فقط !!
نظر إليها شيشرون وقد بدا الغضب علي وجهه..
- هؤلاء هما اللذان سوف ينقلان أخبارنا إلي العبرانيين وينبغي أن نقتلهم لكي لا يرجعا إلي جيشيهما وينقلان الصورة كاملة للجيش العبراني . وأيضا عندما نقتلهم يعرف العبرانيون أننا قوة لا يستطيعون مواجهتها.
ارتفعت ضحكات راحاب الساخرة ثم قالت
- قوة لا يستطيعون مواجهتها ؟ لتحميكم الآلهة أيها القائد... ولكن هل تظن أن هذا يجدي ؟
قال لها شيشرون
- أسمعي يا راحاب .. إنني قائد مسئول عن هذه البوابة, ولا شأن لي بالحرب العامة, إنها من اختصاص القائد جاجوم. فلا داع لسخريتك هذه.
ولكن من خلفه أتي صوت أوقفه عن الكلام وهو يقول
- راحاب لديها حق يا شيشرون
نظر شيشرون ليجد جاجوم وقد انتفخت عيناه بسبب عدم النوم فاعتدل شيشرون وقدم التحية التي لم يبال بها جاجوم واستمر يقول
- في حالة أن يلجأ الجاسوسان إلي هذا الوادي بالتأكيد سوف يكتشفها رجالنا المنتشرين في أرجاء المكان, أما إذا ساروا عن طريق جبع مثلا وأتوا من هناك لن يشك فيهم أحد .
- أنهم في كل مدينة سوف يكونون معرضين للخطر يا سيدي... لسنا وحدنا المهددين بهذا الخطر بل كل الممالك التي حولنا كذلك .
- إذن لن تكون هناك مشكلة .. إذا عبروا إلينا سوف نقتلهم .. فالمهم ألا يعودوا إلي قائدهم بالتقرير .. سواء قتلناهم نحن أو غيرنا فهذا لا يهم.
لم يتكلم شيشرون .. ولكن راحاب قالت
- وهل سوف تغلقون فعلا منافذ أريحا
- الملك رفض غلق الأبواب .. ولكن ما فعله شيشرون في البوابة جيد .. والآن أيتها الجميلة راحاب... أذهبي إلي المعبد وأيقظي لنا عشتاروث وصلي لها لكي تنقذنا من هؤلاء الأعداء.
- لن تستيقظ عشتاروث في هذا الوقت أبداً أيها القائد... إنه وقت بعليم وهو الذي سيدافع عنكم أيها القائد... أما أنا فلا عمل لي إلا في المساء حيث تكون عشتاروث في كامل زينتها وبهائها فتحث بعليم علي الحرب.
- لن تتركنا الآلهة في هذه المحنة يا راحاب... أليس كذلك؟ إننا سوف ننتصر... لن تتركنا الآلهة أبدا
- أجل يا سيدي... سوف تنتصر لنا الآلهة في حربنا.
وكانت في لهجتها رنة ساخرة لم يلتفت إليها القائدان العظيمان .
أخذ جاجوم يمر علي كل البوابات التي تربط أريحا بالعالم الخارجي... ينظر علي الطريق من بعيد ثم يأمر بفتح ثقب الإبرة وغلق البوابة الكبيرة… وبعد أن اطمأن إلي عمله تألقت عيناه وهو يقول في انفعال واضح
- ليأت الآن هؤلاء الجواسيس... لن يفلتوا من قبضتي



بكرة نلتقي
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
(8)

القافلة





كان شعب إسرائيل ملتفا حول خيمة الاجتماع كل في خيمته ينتظرون أوامر يشوع بينما كان عرفاء الشعب يجولون في وسط المخيم ويأمرون الشعب بأن يجهزوا لأنفسهم طعاما لأنهم بعد ثلاث أيام يعبرون نهر الأردن .



كان الشعب يتحرك خطوة خطوة خلال غابات شطيم في اتجاه النهر بينما كان يشوع وكالب كلما أرادوا أن يراقبوا الموقف من بعيد يرجعون ليصعدوا قليلا إلي الجبل حيث تتضح الرؤيا أكثر .



أما الشعب فكان يستعد بتجهيز الطعام كما أمر يشوع .



***



وقف عثنئيل وسلمون ينظران من بعيد إلي ذلك الخطر الذي يهدداهما والذي يتمثل في قافلة بابلية كبيرة تسير في بطء بدوابها ورجالها ونسائها .

نظر عثنئيل إلي سلمون وقال

- ما رأيك .. هل ننضم إليهم ؟

- كلا .. كفانا ما حدث مع ذلك الصياد... إننا لن نعرف رد فعلهم إلا إذا اقتربنا منهم فإذا كان رد فعلهم مثل ذلك الصياد هلكنا... ألم تر عددهم ؟

- لكنهم يعرفون جيدا كيف يعبرون ذلك النهر

- أجل… أعتقد أنهم سوف يسيرون بمحاذاته حتى يصلوا إلي البحر... ثم يستقلون مراكب يعبرون بها ذلك البحر ويواصلون طريقهم إلي المدينة التي يرغبون الذهاب إليها .

- وكيف عرفت أن هناك بحر؟

- لابد من وجود مكان تأتي منه هذه المياه... ترى أين سيذهبون؟

- ربما تكون وجهتهم أريحا

- ربما .. ولكن الانضمام إليهم خطر كبير

وقف الرجلان في مخبئيهما ينتظران رحيل القافلة دون أن يجدا حلا لمشكلتهما . وهي كيف يعبران هذا النهر.



***



وأخيرا قرر جاجوم غلق كل المنافذ في الأسوار في أريحا … ولم يعد في سور أريحا باب واحد مفتوح وجعل حاميات الجيش تدور حول السور مرة كل يوم تحسبا لأي موقف وأوقف شيشرون الجنود حاملي السهام أعلي الأسوار بجانب البوابة , ورغم كل هذا كان لا يزال القلق بادي علي الوجوه , وكانت راحاب تقف علي الكوة ترقب الحركة خارج المدينة وتنظر .. وعندما تشعر بالقلق تخرج إلي الخارج تتحدث مع الجنود في توتر بالغ .



***



وقف يشوع علي رابية جبل نبو ينظر إلي الأمام وبجانبه كالب .. وكان يتساءل

- تري .. أين وصل جواسيسنا ؟!

قال كالب

- لا تقلق .. بالتأكيد هم الآن يتحينون الفرصة لدخول المدينة

نظر إليه يشوع متشككا .. ثم قال

- بل .. هم لم يعبروا النهر بعد .. أنظر إلي الأمام

نظر كالب حيث أشار يشوع واستكمل يشوع حديثه قائلا

- إننا في موسم الحصاد .. حيث يفيض النهر بشدة .. وفي هذا الوقت العبور خلاله شبه مستحيل , نتيجة لانحداره الشديد علاوة علي وجود تلك المستنقعات الرهيبة أمام أريحا والتي لا شك أنها مليئة بالوحوش البرية

نظر كالب إلي يشوع وقال

- لا يهم .. سوف يصلا .. ربما يتأخرا قليلاً .. ولكن بالتأكيد سوف يصلا .



***



أخذ عثنئيل وسلمون يسيران في وسط الغابات الكثيفة وقد ازدادت المستنقعات كثيراً وهما لا يزالان يفكران في كيفية عبور النهر. كانا يبطئان في المسير حتى لا يلحقا بالقافلة. وبعد مسيرة يوم ونصف تقريبا ارتميا علي الأرض منهكين .

قال سلمون في ضجر

- كيف نعبر هذا النهر ؟

أغمض عثنئيل عيناه وهو يقول

- يبدوا أننا لابد أن نؤجل دخولنا أرض الموعد إلي أن ينتهي فيضان النهر وينخفض فنستطيع العبور .

لم يرد سلمون... ولكنه أخذ ينظر إلي الأمام وهو يقول:

- لا يمكن أن يتوقف كل هؤلاء الأهالي عن عبور النهر طوال موسم الحصاد .. لابد من وسيلة للعبور.

- بالتأكيد توجد معابر يعُبر من خلالها النهر .. لكنها لا تري الآن بسبب الفيضان إلا أن الأهالي يحفظون مكانها جيداً .

- المشكلة أننا نسير عكس اتجاه أريحا, حتى نحتمي بتلك المستنقعات, أن أريحا في مواجهة جبل نبو تماماً ويمكن اتخاذ طريق مباشر, ولكن المشكلة هي ذلك النهر.

وفجأة نهض عثنئيل من رقدته وهو يري شيئا مرعباً ثم قال لسلمون

- أنظر

ومن بعيد … كانت لبؤة كبيرة في مواجهتهما .



***



بوابة أريحا كانت ممتلئة بالمسافرين بين داخلين وخارجين وقد ازداد الزحام عندما أُغلقت المداخل الأخرى للمدينة... وكذلك عندما أغلق الباب الكبير وفتح الباب الصغير.



كل ذلك زاد من توتر المدينة فأصبح التجار والزائرون يحاولون تلبية احتياجاتهم بسرعة شديدة والخروج منها .. كان الكل يشعر بالخطر , وفي هذا الوقت من النهار وقفت راحاب علي الباب تتأمل الداخلين والخارجين... ووقف شيشرون أيضا ينتظر... كانت راحاب تبتسم ساخرة... إذ أن وجود مدخل واحد فقط للمدينة يجعل ذلك المدخل مزدحماً جدا بالبشر والدواب مما يجعل كتيبة كاملة من الأفراد يمكن أن تدخل متخفية دون أن يفطن إليها أحد. كانت تتأمل الوجوه... تريد أن تري شخصاً متوتراً أو خائفاً يحاول أن يختفي عن الأعين... فتلك دائما هي مواصفات الجاسوس الذي يريد أن يدخل المكان خلسة...

ظلت هكذا حتى ناداها والدها... وهو واقف علي درج بيتها

- راحاب... ماذا تفعلين ؟

نظرت إليه بلا اهتمام ودون أن تكلف نفسها عناء الرد عليه… فاضطر إلي النزول من علي السلم في سخط... وجاء إليها يقول

- ما بالك واقفة أمام الجنود أيتها الشقية... هل أحضرت نصيبك من المعبد الذي تركتيه أمس الأول ؟!! .. أم انك تتكهنين لعشتاروث مجاناً.

نظرت إليه في لا مبالاة وقالت

- سوف أحضر نصيبي اليوم يا أبتي

قال في غضب

- إذن أذهبي لتنامي .. حتى تستطيعي السهر بالليل... هذه الأيام لا ينبغي أن نضيعها... لا تغلقي باب الرزق يا بنيتي

قالت شاردة...

- سأذهب يا أبي .. ولكن انتظر قيلاً .. أريد أن أبقى بجانب القائد شيشرون بعض الوقت.

نظر شيشرون إليها عندما سمع اسمه فوجد راحاب ووالدها فقال لراحاب ..

- أذهبي أنت يا راحاب... إننا نحتاج إلي صلاتك طوال هذه الليلة والليالي القادمة .

نظرت إليه راحاب بدلال وقالت

- ألا تريدني أن أقف بجانبك يا شيشرون ؟! .. أريد أن أري القائد العظيم وهو يقبض علي الجواسيس .

انتفخ شيشرون وهو يقول

- في الأغلب هم سوف يأتون مع القافلة الآتية من بابل وهي سوف تصل بعد يومين علي الأقل .. أمامنا الكثير من الوقت... اذهبي الآن

- حسن .. سوف أذهب.

ولكنها لم تذهب … تلكأت قليلاً وهي تقول لنفسها .

- لن يأتوا مع القافلة .. إنهم قبل غروب الشمس سيكونون في أريحا .. وسأعرفهم



***



كانت اللبؤة واقفة تتحفز في هدوء .. والشابان ينظران إليها في ترقب .. لم تكن تنظر إليهم .. بل إلي فريسة أخري …

همس عثنئيل

- لابد انه يوجد فريسة قريبة

- اجل .. انظر .. كانت ظبية صغيرة تشرب من ماء النهر... وعندما زأرت اللبؤة بقوة أحست بها الظبية... وسرعان ما أطلقت ساقيها للريح... لتنطلق في آثرها اللبؤة أيضا, وبسرعة وخفة خاضت الظبية في الماء... بينما كان الشابان ينظران وعيناهما تلمع من الفرح.

قال سلمون

- لقد عبرت الظبية .. لقد وجدنا المعبر. إذا سرنا في نفس المكان لن تصل المياه إلي وسطنا في أعمق مكان.

رد عثنئيل

- ننتظر حتى ترحل اللبؤة. ثم نعبر من نفس المكان ولكن لنحترس، إن انحدار الماء في هذا المكان مميت .

وجلس الشابان ينتظران



***


انتظرني
 

Maya

Hebrew Christian
عضو مبارك
إنضم
2 ديسمبر 2005
المشاركات
1,243
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
Jerusalem - Israel
أخي emad_hanna

أشكرك مجدداً على هذا لتقديم والطريقة الجميلة في عرض الاحداث ، وبالفعل أنا أشعر الآن بتطور الاحداث المتسارع وإنتظار المعركة الفاصلة وتحقيق النصر لشعب الله ...

ننتظر المزيد ...
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
تحياتي ميرنا . ... مشوار طويل حتى يتم النصر ... تابعيني

***

(9)
في بيت راحاب


شابان يأتيان من مكان غير مطروق وينضمان إلي الطريق ببساطة كما لو كانا من أهل البلد... هذا ما رأته راحاب وهي تراقب الطريق... فلمعت عيناها وهي تقول
- ها هما قد حضرا .
وظلت ترقبهما حتى وصلا إلي الطابور الذي يريد أن يدخل المدينة... ثم نزلت وفتحت باب بيتها ووقفت علي سلم بيتها تنتظر... اقترب الطابور من باب أريحا... وبينما كان شيشرون يقول للصياد الذي رأى الجاسوسين
- انتبه جيداً يا رجل. إننا معتمدون عليك تماماً في معرفة شكل الجواسيس
- إنني يمكن أن أعرفهما وسط آلاف الرجال يا سيدي
- حسناً .. افتح عينك جيداً إذن
.... كان عثنئيل يهمس في نفس الوقت لسلمون
- تذكر .. لا تتكلم يا سلمون .. لغتنا قد تكشفنا
- ليحفظنا إله إسرائيل يا عثنئيل
...
كان كل طرف يدبر حاله... وكانت راحاب تنظر وتنتظر

***

وسرعان ما وصل الشابان العبرانيان إلي الجند الذين نظروا إليهم .. ونظروا إلي شيشرون الذي اكتفى بنظرة قصيرة ثم رفع يده آمراً إياهما بالدخول , وفي بساطة دخل الرجلان للمدينة كما لو كانت مدينتهما إلي أن فوجئ الجميع برجل يصرخ في هلع
- إنهما هما .. هذان هما العبرانيان .. لقد أتيا
نظر عثنئيل وسلمون إلي الرجل. وعرفاه... إنه نفس الصياد الذي شاهداه عند النهر
فصرخ عثنئيل
- أهرب يا سلمون... بسرعة
ولم يكن سلمون ينتظر مثل هذا الأمر ليطلق ساقيه للريح... وبسرعة اختفي الشابان وسط الزحام.

***

- أسرع يا سلمون
- ها أنا ذا يا عثنئيل .. المهم أننا دخلنا المدينة
يأتياهما صوت نسائي في هدوء
- من هنا . تعاليا
لم يفكرا كثيراً... تحركا ناحية الصوت ليجدا راحاب واقفة علي سلم بيتها... يصعدان علي السلم بسرعة وسرعان ما يتواريان خلف الباب وتغلق راحاب الباب كأنه لم يفتح.

***

أخذ شيشرون يسب ويلعن وهو يبحث في كل مكان وأمامه الرجل الصياد الذي أخذ يصرخ قائلا
- لقد هربا .. هربا
- أسكت أيها الرجل وحق الآلهة... يكفي أنك لم تنبهنا سوي متأخرا بعد أن دخلا المدينة... كان يمكن أن تنبهنا قبل ذلك
- وماذا أفعل وسط كل هذا الزحام... إنني رأيتهما بالكاد... وما أن صرخت حتى اختفيا وسط الجموع
هتف شيشرون قائلا
- لترحمنا الآلهة من بطش العبرانيين... تري أين ذهبا... هل انشقت الأرض وابتلعتهما؟!! .. إذا رحمت من غضب الآلهة فهل من الممكن أن أرُحم من غضب الملك ؟.
وعلي سيرة الملك جاء جاجوم غاضبا وهو يقول
- ماذا حدث يا شيشرون .. لماذا هذا الاضطراب الذي عم المدينة ؟
وقف شيشرون منتصباً في مواجهة قائده ثم قال
- لقد دخل أثنان من الأعداء إلي المدينة ... وتعرف عليهما أحد جواسيسنا يا سيدي .
- أين هما .. دعني أراهما
- لقد ...
- ماذا بك ؟ .. ارني الجاسوسين
- لقد هربا يا سيدي
- هربا ؟
وقف شيشرون لا ينطق بينما أخذ جاجوم يصرخ كالمجنون
- ويلك... أتدع الجاسوسين يدخلان المدينة ؟ وأمام عينيك ؟ ماذا كنت تفعل إذن ؟.
انزعج وجه شيشرون وهو يقول
- لن يهربا يا سيدي... سوف نغلق الباب... إنهما لن يجاوزا هذه البيوت المحيطة... وإلا لرآهم الشعب .
أخذ جاجوم ينظر هنا وهناك ... ثم قال
- من أي اتجاه سلكا ؟
- من هذا الاتجاه
وأشار إلي الناحية التي تسكن فيها راحاب
- ليس أمامنا سوي بيت كاهنة عشتاروث
- لنذهب وراءيهما
نظر جاجوم إليه وقال
- بل حاصر ذلك المكان ... وأنا ذاهب إلي الملك ... عليّ أقنعه بأن أصدر أمر إغلاق تلك البوابة فوراً قبل أن يهربا من جديد
- وقافلة بابل
- لتذهب قافلة بابل إلي الجحيم .. لن نفتح هذه الأبواب قبل العثور علي هؤلاء الجواسيس... وإلا لن تجد قافلة بابل أو سواها مدينة أسمها أريحا يمكن أن تذهب إليها .

***
- تعاليا
قالت راحاب للرجلين وهي تقودهما إلي سطح منزلها حيث وارتهما بين عيدان الكتان المكومة عليه ثم قالت لهما
- لا تتحركا حتى أقول لكما
وبقيت فترة من الوقت تراقب الكوة حتى بدأ الظلام يحل علي المكان... وسمعت صوت متاريس الباب الحديدي للسور وهو يغلق ... وبعد قليل كان هناك طرق كبير علي الباب .. فنزلت مسرعة لتجد الملك بنفسه واقفاً وهو يقول لها
- راحاب
- أمرك يا جلاله الملك
- لقد سلكا هنا رجلان من بني إسرائيل ليتجسسا الأرض. إنهما عندك. أخرجي الجاسوسين اللذين قدما إليك ودخلا بيتك... لأنهما جاءا يستكشفان الأرض كلها
ردت راحاب دون اكتراث
- نعم... جاءا إليَّ الرجلان .. ولم أعرف من أين أتيا وقد غادرا المنزل قبل إغلاق باب المدينة عند حلول الظلام .. ولست أعلم أين اتجها .. فهيا اسعيا وراءيهما حتى تلحقوا بهما .
وبسرعة امتدت يد جاجوم لتصفع شيشرون علي وجهه وهو يقول
- ويلك .. يهربان منك ثانية .. وأمام عينيك يا شيشرون .
صعدت الدماء علي وجه شيشرون غيظاً وهو يقول
- أؤكد لك يا سيدي أنني لم أغادر هذا المكان .. وظلت عيناي تترقبان هذا الباب طوال فترة فتحه .. فكيف يمكن أن يخرجا منه ؟
نظر الملك إليهما وقال
- أسرعا... أرسلا السعاة خلف هذين الرجلين... ربما يلحقان بهما عند المستنقعات... أسرعا... ومن يجدهم يقتلهم فوراً.
قال هذا واتجه عائدا إلي قصره وهو يقول محدثا نفسه
- - تباً لك يا راحاب .. ألا تكتفي بما يحدث في المعبد ؟ .. أيضا في منزلك أيتها الجشعة الزانية ؟

***
وخرج كثير من السعاة خلف عثنئيل وسلمون وبداخلهم ذلك الفكر الواحد ... أن يقتلوا الشابين .


غدا نلتقي بمشيئة الله
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
10)
العهد


صعدت راحاب إلي سطح المنزل لترفع الكتان من علي الرجلين قائلة
- قوما , لقد رحل العسكر
وفي بطئ رفع الرجلان رأسيهما وهما يقولان
- بارك الله فيك يا سيدتي
- الله؟
- أجل... يهوه... الإله الخالق كل شيء .. أعظم آلهة العالم وإله إسرائيل الذي سار معه طول الأيام. الإله الذي أخرج شعبه بأيدي قوية من أرض مصر ودبر لنا كل شيء في البرية
نظرت إليه راحاب وقالت
- لقد علمت أن الرب وهبكم الأرض . وان الخوف منكم قد اعترانا فذابت قلوب جميع سكان أريحا لأننا سمعنا كيف شق الرب إلهكم لكم طريقا عبر مياه البحر الأحمر عند مغادرتكم مصر .
- ألهذا السبب ساعدتنا ؟
- أيضا عرفت ما صنعتموه بملكي الأموريين سيحون وعوج في شرق الأردن
- وماذا بعد ؟
- لقد بلغتنا هذه الأخبار فذابت قلوبنا من الخوف ولم تبق بعد روح في إنسان رعبا منكم
نظر عثنئيل إلي سلمون وقال
- لقد حصلنا علي معلومات هامة

ولكن سلمون لم يكن معه .. وكأنما أدرك عثنئيل ذلك الشعور الذي يشعر به سلمون فنظر الي المرأة الجميلة الشابة قائلا
- ماذا تطلبين مني سيدتي ... لأرد لك صنيعك معنا ؟
قالت راحاب علي الفور
- الرب ألهكم هو رب السماوات والأرض .. فالآن احلفا لي بالرب و أعطياني علامة أمان. فقد صنعت معكما معروفا. فاصنعا أنتما أيضا معروفا مع بيت أبي... واستحييا أبي وأمي و أخوتي وأخواتي وكل ما لهم... وأنقذا أنفسنا من الموت
أجاب عثنئيل
- لتكن أنفسنا فداء أنفسكم... بشرط أن لا تفشوا أمرنا هنا... وإذا وهبنا الرب الأرض فإننا نصنع معك معروفا بكل أمانة ..

استراحت نفس راحاب كثيرا بهذا الأمر .. وانتظرت حتى عم الظلام المكان ثم قالت لهما
- هيا بنا
واتجهت إلي الكوة التي في بيتها والتي تطل خارج السور وأعدت حبلا كبيرا قرمزيا وقالت
- تدليا من هذا الحبل
نظر إليها عثنئيل شاكرا وقال لراحاب
- نكون بريئين من حلفنا إذا نسيت العلامة .. العلامة هي الحياة بالنسبة لك
- - ما هي هذه العلامة
- عند دخولنا إلي الأرض اربطي هذا الحبل سبب خلاصنا في الكوة . ودليه منها إلي الأرض فتكون هي العلامة
قالها وتدلي من الحبل إلي الأرض خارج السور ومن وراءه سلمون وهو يقول لها بدوره
- هذا الحبل القرمزي سيكون سبب نجاتك .. ولكن احذري... أجمعي كل من يهمك أمره داخل البيت. ذلك الحبل القرمزي ينجي كل من يحتمي به. وكل من يغادر منزلك يكون دمه علي رأسه ونحن نكون بريئين منه ... أما من يكون معك في البيت فدمه علي رأسنا نحن إن أصابته يد بأذى... وإن أفشيت أمرنا نكون في حل من يميننا
قالت راحاب باسمة
- فليكن حسب قولكما
وعندما جاء سلمون ليتدلى من الحبل قالت راحاب
- احترسا .. اتجها نحو الجبل لئلا يصادفكما السعاة . وتواريا هناك ثلاثة أيام حتى يرجعوا من البحث عنكم ... ثم أمضيا في طريقكما .
نظر سلمون إليها في شكر وهو يقول
- اطمئني .. سنعود
- وبخفة نزل سلمون إلي الأرض .. وسرعان ما جريا واختبئا في الجبل .. هربا من السعاة .


انتهي الجزء الأول
والي اللقاء مع الجزء الثاني
وعنوانه
العبور الكبير

لقد اختارت راحاب بين أن تبقى مع قومها وحكم الموت عليها وبين أن تنجو بحياتها، بل إن الموضوع أكبر من هذا... لقد عرفت راحاب الإله الحقيقي وقررت أن تتبعه. لذلك استحقت أن يغفر لها الله خطاياها ويعطيها حياه جديدة... لقد احتمت فيه ووضعت علامة "الحبل القرمزي ليكون علامة نجاه لها ولأسرتها" ... فهل تفعل مثلها؟ يمكنك أن تصلي معي الآن طالبا حماية الله لك ... قل له
سيدي والهي ... إنني مليء بالخطايا... وبعدت وشردت كثيرا عنك... وها أنا أعرف أنك الإله الحقيقي... الوحيد الذي ينبغي أن يعبد... أشكرك لأجل دم السيد المسيح المسفوك لأجل خطاياي... وها أنا أحتمي بذلك الذي مات لأجلي وقام... أنني أقبله ملكا وسيدا على حياتي وأثق أنك ستجعلني ابنا لك ... لك كل شكري وطاعتي . آمين
 

بيترالخواجة

<<<< Jesus >>>>
عضو مبارك
إنضم
20 نوفمبر 2006
المشاركات
872
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
واحنا هنقرا كل دة امتا انتا كتبتو فى كام سنة
بس ممتاز
 

!|!piro!|!

New member
عضو
إنضم
28 ديسمبر 2006
المشاركات
116
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
ميرسي جدا يا عماد بجد فكرة الموضوع جميله جدا ومميزه وتستحق المتابعه .. ربنا يباركك ويقويك يا عماد
 
أعلى