أطلب إليكم أن تحتملوني إذا نبَّهت بكلمات قليلة لأنني حقاً أغار عليكم غيرة الله ...
عندما سقط المتملِّقون والمتطفِّلون على هرطقتهم من الميليتيين في هذه الأفكار، صاروا بؤساء، ليس فقط لأنهم استبدلوا اسم الرب يسوع المسيح باسم أريوس، وصاروا أريوسيين بدلاً من أن يكونوا مسيحيين، كما سبق وقلتُ، لكن لأنَّهم، كالوثنيين، يعبدون المخلوق بدلاً من الله خالق كل شيء، قائلين لإن ابن الله الوحيد مخلوق. لأنَّ أفعالهم تشبه أقوالهم، مثل الجاهل الذي تكلَّم عنه المرتل قائلاً: "قال الجاهل في قلبه: ليس إله. فسدوا ورَجسوا في تعدياتهم" (مز 53: 1).
لأنهم عندما يردِّدون أباطيل، مثل بيلاطس وهيرودس في ذلك الزمن، تجرَّؤوا هم أيضاً أن يقاوموا الرب ويزدروا بالقديسين الذين رقدوا في اسمه، كما لو أنهم حانقون أنَّ مَن ينكرونه هم قد اعترف به هؤلاء. لأنَّ أجساد الشهداء الذين جاهدوا حسناً لم يدفنوها في الأرض، بل يشرعون في وضعها في توابيت وعلى محفات خشبية لكي يراها مَن يريد.
وهم يفعلون هذا بشكلٍ كما لو أنه من أجل كرامة الشهداء، لكنَّ الأمر في الحقيقة هو ازدراء بالشهداء. وهم يفعلون ذلك بسبب أمر مشينٍ، لأنه على الرغم من أنهم ليس عندهم أجساد شهداء في مدينتهم، ولا يعرفون ما هو الشهيد، تآمروا على سرقة أجسادهم وأخذها من جبَّانات الكنيسة الجامعة. وهم يستولون على أجساد الشهداء الذين دُفِنوا بالفعل وينقلونها لكي يجدوا الوسيلة بواسطة أجسادهم ليخدعوا هؤلاء الذين أضلُّوهم.
لكن نصيب إسرائيل ليس هو ضلال، ولم يسلِّمنا آباؤنا هذا، لكنهم حسبوا عملاً مثل هذا تَعَدٍّ للناموس. في الزمن القديم قرَّر الله على آدم يحُكمٍ قائلاً: "أنت تراب وإلى التراب تعود". وسَرَت هذه الكلمة على الجميع، سَرَت على كلِّ واحدٍ في آدم. وكُّل الذين يموتون في كل مكان يُدفَنون. هكذا فعل إبراهيم واشترى المغارة من عفرون، وهناك دفن زوجته سارة. بعد ذلك دَفَنَ إسحق إبراهيم، وفي المغارة نفسها دُفِنَ جسد يعقوب. أمَّا يوسف وهو يموت، فأوصى من أجل عظامه ودُفِنَ في ذلك المكان.
وكذلك مكتوب عن كل واحدٍ من الذين فارقوا أجسادهم أنَّهم دُفِنوا في مقابر. وقد تكلَّمت الأسفار المقدسة عن الأنبياء في موضعَين أنهم دُفِنوا، قائلة: "ويل لكم، أيها الكتبة والفريسيون المراؤون، لأنكم تبنون قبور الأنبياء، وتزيِّنون مدافن الصدّيقين". وكل هؤلاء قبورهم موجودة عندنا إلى هذا اليوم، مثلما رأينا قبور بطرس وبولس في المدينة العُظمى روما، وقبر يوحنا في أفسس، وقبور آخرين في كل مكان حيثما رقدوا. لذلك، لن نتعجَّب والمكان الخارجي سيشهد عن جسد الربِّ أنَّه وُضِعَ في قبرٍ، وأيضاً أنَّ القبور تفتَّحت وقام كثيرٌ من أجساد القدِّيسين الذين رقدوا، وبعد أن قاموا دخلوا المدينة وظهروا لكثيرين".
... من ذا الذي سيقدر أن يقول أنه شاهد جسد بولس أو بطرس أو آخرين من القدِّيسين غير مدفونين؟ هؤلاء المتهورين في كل أمر فليقولوا إن كانوا قد رأوا جسد اسطفانوس أوَّل الشهداء، لكنهم لن يستطيعوا أن يقولوا. لقد سبق وتكلَّمنا عن قبورهم. لذلك، يمكن للواحد أن يسمِّى مثل هؤلاء بأي اسم إلآَّ اسم المسيحيين، لأنهم أغاظوا الرب، وصاروا أنجاساً أمام الشهداء، وقاوَموا الكتاب المقدس. لأنهم صاروا عُصاةً للصوت القائل: "لا تَمَسُّوا مُسَحَائي ولا تُسِيئوا إلى أنبيائي" (مز 15:105).
لأنه إثمٌ صارخٌ التسوُّل وسرقة مقابر الشهداء، وألاَّ يُدفَنوا مثل القديسين - وقبل كل أحد مثل الرب - وأن يتشبَّهوا هم أنفسهم بالأنبياء الكَذبة. لأنَّ مثل هؤلاء الناس، هم وأتباعهم، سيصيرون مطروحين على الطرقات أمام السيف والجوع، ولن يكون هناك من يدفنهم ،كما قال إرميا النبي. وعن الذين أخطأوا من الشعب قال: "لن يُندَبوا ولن يُدفَنوا، ويكونون عِبرَة على وجه الأرض". أمَّا عن يهوياقيم، ملك يهوذا، هذا الذي أكثر الخطيئة، فقال: "لن يندبوه قائلين: آه يا أخي، ولن يبكوا عليه قائلين: الويل لي يا سيِّد، الويل لي يا أخي. سيُدفَن دَفنَة حمارٍ، ويتحلَّل، ويُلقى خارج بوابة أورشليم" (إر 22).
مَن سيقدر أن يمقت الهراطقة كاستحقاقهم؟ مَن سيرغب في أن يقابلهم وهم يهينون أجساد القديسين مثل الأنبياء الكذبة؟ مَن شاهد أجساد الشهداء والأنبياء مطروحةً ومكشوفةً دون أن يرتعد؟ هذا ليس من شيم المسيحيين. لم يسلِّمنا بولس هذا. لم يفعل البطاركة ولا الأنبياء هذا في أي زمنٍ، ولكنهم الميليتيون الذين تآمروا على هذا بسبب التجارة. لأنَّ هذا نوعٌ من احتيال يربعام، هذا الذي كان يبيع الحمام ويقوم بالصرافة في بيت الله، كما هو مكتوب. لكن الأمر ظاهرٌ دون ارتيابٍ، أنَّ الرب قال للذين تعدوا الناموس في ذلك الزمان وطُردوا بالسوط: "لا تجعلوا بيتَ أبي موضعَ تجارةٍ". هؤلاء أيضاً سيسمعونه بالتأكيد قائلاً: "لا تبيعوا أجساد الشهداء، ولا تجعلوا اعترافهم الحسن تجارةً من أجل محبة المال". لأنَّ من سيقترفون مثل هذه الآثام حتماً سينالون هذا القصاص عنه.
المرجع: الرسالة الفصحية الــ 41 للقديس أثناسيوس الرسولي، منقولة عن مجلة مدرسة الإسكندرية السنة السادسة العدد الأول، ترجمها عن القبطية الدكتور صموئيل القس قزمان معوض.
http://erinipasy.blogspot.com/
عندما سقط المتملِّقون والمتطفِّلون على هرطقتهم من الميليتيين في هذه الأفكار، صاروا بؤساء، ليس فقط لأنهم استبدلوا اسم الرب يسوع المسيح باسم أريوس، وصاروا أريوسيين بدلاً من أن يكونوا مسيحيين، كما سبق وقلتُ، لكن لأنَّهم، كالوثنيين، يعبدون المخلوق بدلاً من الله خالق كل شيء، قائلين لإن ابن الله الوحيد مخلوق. لأنَّ أفعالهم تشبه أقوالهم، مثل الجاهل الذي تكلَّم عنه المرتل قائلاً: "قال الجاهل في قلبه: ليس إله. فسدوا ورَجسوا في تعدياتهم" (مز 53: 1).
لأنهم عندما يردِّدون أباطيل، مثل بيلاطس وهيرودس في ذلك الزمن، تجرَّؤوا هم أيضاً أن يقاوموا الرب ويزدروا بالقديسين الذين رقدوا في اسمه، كما لو أنهم حانقون أنَّ مَن ينكرونه هم قد اعترف به هؤلاء. لأنَّ أجساد الشهداء الذين جاهدوا حسناً لم يدفنوها في الأرض، بل يشرعون في وضعها في توابيت وعلى محفات خشبية لكي يراها مَن يريد.
وهم يفعلون هذا بشكلٍ كما لو أنه من أجل كرامة الشهداء، لكنَّ الأمر في الحقيقة هو ازدراء بالشهداء. وهم يفعلون ذلك بسبب أمر مشينٍ، لأنه على الرغم من أنهم ليس عندهم أجساد شهداء في مدينتهم، ولا يعرفون ما هو الشهيد، تآمروا على سرقة أجسادهم وأخذها من جبَّانات الكنيسة الجامعة. وهم يستولون على أجساد الشهداء الذين دُفِنوا بالفعل وينقلونها لكي يجدوا الوسيلة بواسطة أجسادهم ليخدعوا هؤلاء الذين أضلُّوهم.
لكن نصيب إسرائيل ليس هو ضلال، ولم يسلِّمنا آباؤنا هذا، لكنهم حسبوا عملاً مثل هذا تَعَدٍّ للناموس. في الزمن القديم قرَّر الله على آدم يحُكمٍ قائلاً: "أنت تراب وإلى التراب تعود". وسَرَت هذه الكلمة على الجميع، سَرَت على كلِّ واحدٍ في آدم. وكُّل الذين يموتون في كل مكان يُدفَنون. هكذا فعل إبراهيم واشترى المغارة من عفرون، وهناك دفن زوجته سارة. بعد ذلك دَفَنَ إسحق إبراهيم، وفي المغارة نفسها دُفِنَ جسد يعقوب. أمَّا يوسف وهو يموت، فأوصى من أجل عظامه ودُفِنَ في ذلك المكان.
وكذلك مكتوب عن كل واحدٍ من الذين فارقوا أجسادهم أنَّهم دُفِنوا في مقابر. وقد تكلَّمت الأسفار المقدسة عن الأنبياء في موضعَين أنهم دُفِنوا، قائلة: "ويل لكم، أيها الكتبة والفريسيون المراؤون، لأنكم تبنون قبور الأنبياء، وتزيِّنون مدافن الصدّيقين". وكل هؤلاء قبورهم موجودة عندنا إلى هذا اليوم، مثلما رأينا قبور بطرس وبولس في المدينة العُظمى روما، وقبر يوحنا في أفسس، وقبور آخرين في كل مكان حيثما رقدوا. لذلك، لن نتعجَّب والمكان الخارجي سيشهد عن جسد الربِّ أنَّه وُضِعَ في قبرٍ، وأيضاً أنَّ القبور تفتَّحت وقام كثيرٌ من أجساد القدِّيسين الذين رقدوا، وبعد أن قاموا دخلوا المدينة وظهروا لكثيرين".
... من ذا الذي سيقدر أن يقول أنه شاهد جسد بولس أو بطرس أو آخرين من القدِّيسين غير مدفونين؟ هؤلاء المتهورين في كل أمر فليقولوا إن كانوا قد رأوا جسد اسطفانوس أوَّل الشهداء، لكنهم لن يستطيعوا أن يقولوا. لقد سبق وتكلَّمنا عن قبورهم. لذلك، يمكن للواحد أن يسمِّى مثل هؤلاء بأي اسم إلآَّ اسم المسيحيين، لأنهم أغاظوا الرب، وصاروا أنجاساً أمام الشهداء، وقاوَموا الكتاب المقدس. لأنهم صاروا عُصاةً للصوت القائل: "لا تَمَسُّوا مُسَحَائي ولا تُسِيئوا إلى أنبيائي" (مز 15:105).
لأنه إثمٌ صارخٌ التسوُّل وسرقة مقابر الشهداء، وألاَّ يُدفَنوا مثل القديسين - وقبل كل أحد مثل الرب - وأن يتشبَّهوا هم أنفسهم بالأنبياء الكَذبة. لأنَّ مثل هؤلاء الناس، هم وأتباعهم، سيصيرون مطروحين على الطرقات أمام السيف والجوع، ولن يكون هناك من يدفنهم ،كما قال إرميا النبي. وعن الذين أخطأوا من الشعب قال: "لن يُندَبوا ولن يُدفَنوا، ويكونون عِبرَة على وجه الأرض". أمَّا عن يهوياقيم، ملك يهوذا، هذا الذي أكثر الخطيئة، فقال: "لن يندبوه قائلين: آه يا أخي، ولن يبكوا عليه قائلين: الويل لي يا سيِّد، الويل لي يا أخي. سيُدفَن دَفنَة حمارٍ، ويتحلَّل، ويُلقى خارج بوابة أورشليم" (إر 22).
مَن سيقدر أن يمقت الهراطقة كاستحقاقهم؟ مَن سيرغب في أن يقابلهم وهم يهينون أجساد القديسين مثل الأنبياء الكذبة؟ مَن شاهد أجساد الشهداء والأنبياء مطروحةً ومكشوفةً دون أن يرتعد؟ هذا ليس من شيم المسيحيين. لم يسلِّمنا بولس هذا. لم يفعل البطاركة ولا الأنبياء هذا في أي زمنٍ، ولكنهم الميليتيون الذين تآمروا على هذا بسبب التجارة. لأنَّ هذا نوعٌ من احتيال يربعام، هذا الذي كان يبيع الحمام ويقوم بالصرافة في بيت الله، كما هو مكتوب. لكن الأمر ظاهرٌ دون ارتيابٍ، أنَّ الرب قال للذين تعدوا الناموس في ذلك الزمان وطُردوا بالسوط: "لا تجعلوا بيتَ أبي موضعَ تجارةٍ". هؤلاء أيضاً سيسمعونه بالتأكيد قائلاً: "لا تبيعوا أجساد الشهداء، ولا تجعلوا اعترافهم الحسن تجارةً من أجل محبة المال". لأنَّ من سيقترفون مثل هذه الآثام حتماً سينالون هذا القصاص عنه.
المرجع: الرسالة الفصحية الــ 41 للقديس أثناسيوس الرسولي، منقولة عن مجلة مدرسة الإسكندرية السنة السادسة العدد الأول، ترجمها عن القبطية الدكتور صموئيل القس قزمان معوض.
http://erinipasy.blogspot.com/