الأستقامــــــــه
لقداســه البــابــا
من
كتاب معالم الطريق الروحي
معنى الاستقامة
الإنسان الروحي هو إنسان مستقيم في فكره، وفي ضميره، وفي سلوكه. أمام الله والناس.
فما معنى هذه الاستقامة ؟ وما علاماتها؟ وكيف تكون؟ وما محارباتها؟ وكيف نميزها؟
إن الإنسان المستقيم، هو إنسان حقاني، لا يسلك في الباطل، سواء إن كان يدري. ولا يجمع بين الحق والباطل..!
يسير في طريق مستقيم لا ينحرف عنه.
وكما قال الوحي الإلهي " لا تمل يمنه ولا يسره" (أم4: 27). أي لا تنحرف، سواء نحو اليمين أو نحو اليسار. لا يكن لك تطرف هنا أو تطرف هناك.
الاستقامة ضد التطرف
المبالغة في الطريق الروحي، غير مقبولة: سواء كانت مبالغة في الكلام أو في الوصف، أو في السلوك. فالمبالغة في الكلام نوع من الكذب المبالغة في الوصف، ولا تعطي هذه ولا تلك صورة حقيقية عن الواقع.
والمبالغة في السلوك ليست مستقيمة لأنها لون من التطرف، وقد تتحول إلى فريسة. وفي ذلك قال القديس بولس الرسول عن حياته السابقة للإيمان "حسب مذهب عبادتنا الأضيق عشت فريسياً" (أع26: 5).. والذين يضيقون على نفوسهم، يتعودون هذا التضييق على الآخرين!
وتكون أحكامهم ظالمة وقاسية وغير مستقيمة وقد وبخ السيد المسيح الكتبة والفريسيين على ذلك لأنهم يحملون الناس أحمالاً ثقيلة عسره الحمل (متى23: 4). وبهذا يقعون في خطية القسوة، وأيضاً في خطية الإدانة، بسبب التطرف غير المستقيم. وربما بهذا الأسلوب، يصيرون ملكوت الله صعباً أمام الآخرين، ويوقعونهم في اليأس إذا لم يستطيعوا وهكذا يغلقون ملكوت السموات أمام الناس. فما يدخلون هم، ولا يجعلون الداخلين يدخلون (متى23: 13).
والتطرف ليس له ثبات...
ربما يتطرف إنسان في طريقة صومه ويستمر على هذا فترة. وقد يظن أنه ارتفع إلى درجة روحية عالية ولكنه فجأة لا يستطيع أن يستمر. وقد يرجع إلى الوراء، إلى مستوي أقل بكثير من الذين في الطريق بتؤدة وتدرج وهدوء.
وبالمثل التطرف في المطانيات، وفي كل أعمال التقشف والنسك. وفي الصمت أيضاً...
ففي البعد عن خطايا اللسان، قد يتطرف الإنسان فيفرض على نفسه تدريب صمت عنيف، لا يستطيع أن يستمر فيه! كما أن هذا الصمت في تطرفه قد يوقعه في أخطاء عديدة جداً، ويسئ معاملاته مع الناس. ولا يكون تصريفاً مستقيماً...
إن الخط الذي يعلو ويهبك في غير استقرار، ليس هو خطأ مستقيماً. ولا يتفق مع نصائح الآباء...
فقد كان الآباء الروحيون ينصحون أبناءهم بعدم التطرف. لأن التطرف لا يتفق مع الحق من جهة، كما أنه من جهة أخرى لا يتصف بالدوام. وقد يتحول فيه الشخص من الضد إلى الضد. وهذه الذبذبة في الحياة الروحية لا يتفق مع الاستقامة في المسيرة الروحية السليمة. لهذا كان الآباء ينصحون بالتدرج من بداية سهلة ممكنه بعيدة عن العلو والافتخار، تنمو قليلاً قليلاً حتى تصل. وكانوا يقولون:
قليل دائم، خير من كثير متقطع: أي عمل روحي بسيط يبدأ الإنسان به، راسخة... فهذا أفضل بكثير من قفزة روحية عالية، لا تستمر طويلاً، ثم تعقبها رجعة إلى الوراء...! إن القفزات في الحياة الروحية خطيرة وغير ثابتة. وغالباً ما يحصدها شيطان المجد الباطل...
الاستقامة إذن هي ضد التطرف، كما أنها أيضاً ضد الباطل...
الاستقامة ضد الباطل
إن كان من الخطأ التطرف حتى فيما يظنه الإنسان خيراً، فماذا نقول إذن عن الباطل والتطرف فيه؟!
قد يسلك الإنسان في الباطل عن طريق الجهل ومع ذلك يحكم عليه بأنه غير مستقيم في سلوكه. إن طريقة غير مستقيم، لأنه ضد الحق والبر، سواء كان يعرف ذلك أو لا يعرف.. وما أعمق قول الكتاب " توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة، وعاقبتها طرق الموت" (أم16: 25، 14: 12).
إنها طرق غير مستقيم، وعاقبتها الموت، مهما بدت لصاحبها غير ذلك. إن الكبرياء قد تصور للإنسان أن كل تصرفاته مستقيمة، وربما تكون الحقيقة عكس ذلك تماماً. وفي ذلك يقول الكتاب " طريق الجاهل مستقيم في عينيه" (أم12: 15). الاستقامة يلزمها قلب متضع، يدرك خطأه، ويصحح طريقه لكي يصير مستقيماً...
أما المتكبر فيستمر في عدم استقامة لأنه يرفض الاعتراف بخطأ طريقه. وهكذا نرى الصلة القوية بين الاستقامة والاتضاع. ذلك لأن المتكبر لا يعرف حقيقته جيداً، ولا يعرف سقطته أو لا يعترف بها. لذلك وصفه الكتاب بأنه جاهل، وقال: طريق الجاهل مستقيم في عينية!
وقد يسلك الإنسان في الباطل نتيجة مرضه، فيظن أن كثيرين ضده يضطهدونه، فيكره البعض منهم، ويقاوم البعض، ويشتم هذا وذاك، ويشكو من جميعهم، وتتعقد نفسيته، ويظن أن هناك أخطاراً تترصده، حيث لا يوجد خطر على الإطلاق. ويفقد هذا الشخص استقامة سلوكه نتيجة لمرضه النفسي. حتى لو كان هذا الشخص في حالة من المرض لا توقعه في مسئولية. ولكن ذلك لا يمنع من أن السلوك غير مستقيم.
الباطل هو الباطل، سواء أدين عليه صاحبة، أم لم يدن. وربما الإنسان المريض نفسياً أو المريض عقلياً، لا نقول عنه أنه غير مستقيم. ولكن نقول عن تصرفاته إنها غير مستقيمة. وقد يوجد إنسان يحاول أن يجمع بين الحق والباطل. وهذا أيضاً غير مستقيم.
فالباطل الذي يقع فيه أحياناً، يشوه استقامة طريقة. ولا يمكن أن يتفق مع علامات الطريق الروحي. ولكنه إذا اعترف بأنه أخطأ وقوم طريقة، فإننا نعتبرها خطية وقد تاب عنها. ولكن الخطر هو إنساناً يعتبر الباطل الذي فيه لوناً من الاستقامة!!
وذلك بأن يلبس الخطية ثوب الفضيلة ويعتبر أنه على حق في كل أخطائه، بل لا يسميها للأمور!
ومثل هذا الشخص، تصبح عدم الاستقامة الفكرية والضميرية عنده، سبباً في استمرار عدم الاستقامة في سلوكه، كطبع من طباعة...!
ما أخطر عدم الاستقامة في الضمير حيث تختل كل موازين الإنسان وقيمه ويصبح حكمة على الأمور غير مستقيم ويفعل الخطية بضمير مستريح، ولكنه ضمير مريض، أو ضمير واسع، أو ضمير غير مستقيم...!
أمثال هؤلاء يحتاجون إلى توعية... يحتاجون إلى تعليم روحي، لإصلاح موازينهم الروحية. فالذين يقبلون التعليم منهم، يكون هناك رجاء في عودتهم إلى الاستقامة، فكرياً وضميرياً وسلوكاً.
والبعض قد يحاول الجمع بين الحق والباطل عن طريق الرياء!
تابع
لقداســه البــابــا
من
كتاب معالم الطريق الروحي
معنى الاستقامة
الإنسان الروحي هو إنسان مستقيم في فكره، وفي ضميره، وفي سلوكه. أمام الله والناس.
فما معنى هذه الاستقامة ؟ وما علاماتها؟ وكيف تكون؟ وما محارباتها؟ وكيف نميزها؟
إن الإنسان المستقيم، هو إنسان حقاني، لا يسلك في الباطل، سواء إن كان يدري. ولا يجمع بين الحق والباطل..!
يسير في طريق مستقيم لا ينحرف عنه.
وكما قال الوحي الإلهي " لا تمل يمنه ولا يسره" (أم4: 27). أي لا تنحرف، سواء نحو اليمين أو نحو اليسار. لا يكن لك تطرف هنا أو تطرف هناك.
الاستقامة ضد التطرف
المبالغة في الطريق الروحي، غير مقبولة: سواء كانت مبالغة في الكلام أو في الوصف، أو في السلوك. فالمبالغة في الكلام نوع من الكذب المبالغة في الوصف، ولا تعطي هذه ولا تلك صورة حقيقية عن الواقع.
والمبالغة في السلوك ليست مستقيمة لأنها لون من التطرف، وقد تتحول إلى فريسة. وفي ذلك قال القديس بولس الرسول عن حياته السابقة للإيمان "حسب مذهب عبادتنا الأضيق عشت فريسياً" (أع26: 5).. والذين يضيقون على نفوسهم، يتعودون هذا التضييق على الآخرين!
وتكون أحكامهم ظالمة وقاسية وغير مستقيمة وقد وبخ السيد المسيح الكتبة والفريسيين على ذلك لأنهم يحملون الناس أحمالاً ثقيلة عسره الحمل (متى23: 4). وبهذا يقعون في خطية القسوة، وأيضاً في خطية الإدانة، بسبب التطرف غير المستقيم. وربما بهذا الأسلوب، يصيرون ملكوت الله صعباً أمام الآخرين، ويوقعونهم في اليأس إذا لم يستطيعوا وهكذا يغلقون ملكوت السموات أمام الناس. فما يدخلون هم، ولا يجعلون الداخلين يدخلون (متى23: 13).
والتطرف ليس له ثبات...
ربما يتطرف إنسان في طريقة صومه ويستمر على هذا فترة. وقد يظن أنه ارتفع إلى درجة روحية عالية ولكنه فجأة لا يستطيع أن يستمر. وقد يرجع إلى الوراء، إلى مستوي أقل بكثير من الذين في الطريق بتؤدة وتدرج وهدوء.
وبالمثل التطرف في المطانيات، وفي كل أعمال التقشف والنسك. وفي الصمت أيضاً...
ففي البعد عن خطايا اللسان، قد يتطرف الإنسان فيفرض على نفسه تدريب صمت عنيف، لا يستطيع أن يستمر فيه! كما أن هذا الصمت في تطرفه قد يوقعه في أخطاء عديدة جداً، ويسئ معاملاته مع الناس. ولا يكون تصريفاً مستقيماً...
إن الخط الذي يعلو ويهبك في غير استقرار، ليس هو خطأ مستقيماً. ولا يتفق مع نصائح الآباء...
فقد كان الآباء الروحيون ينصحون أبناءهم بعدم التطرف. لأن التطرف لا يتفق مع الحق من جهة، كما أنه من جهة أخرى لا يتصف بالدوام. وقد يتحول فيه الشخص من الضد إلى الضد. وهذه الذبذبة في الحياة الروحية لا يتفق مع الاستقامة في المسيرة الروحية السليمة. لهذا كان الآباء ينصحون بالتدرج من بداية سهلة ممكنه بعيدة عن العلو والافتخار، تنمو قليلاً قليلاً حتى تصل. وكانوا يقولون:
قليل دائم، خير من كثير متقطع: أي عمل روحي بسيط يبدأ الإنسان به، راسخة... فهذا أفضل بكثير من قفزة روحية عالية، لا تستمر طويلاً، ثم تعقبها رجعة إلى الوراء...! إن القفزات في الحياة الروحية خطيرة وغير ثابتة. وغالباً ما يحصدها شيطان المجد الباطل...
الاستقامة إذن هي ضد التطرف، كما أنها أيضاً ضد الباطل...
الاستقامة ضد الباطل
إن كان من الخطأ التطرف حتى فيما يظنه الإنسان خيراً، فماذا نقول إذن عن الباطل والتطرف فيه؟!
قد يسلك الإنسان في الباطل عن طريق الجهل ومع ذلك يحكم عليه بأنه غير مستقيم في سلوكه. إن طريقة غير مستقيم، لأنه ضد الحق والبر، سواء كان يعرف ذلك أو لا يعرف.. وما أعمق قول الكتاب " توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة، وعاقبتها طرق الموت" (أم16: 25، 14: 12).
إنها طرق غير مستقيم، وعاقبتها الموت، مهما بدت لصاحبها غير ذلك. إن الكبرياء قد تصور للإنسان أن كل تصرفاته مستقيمة، وربما تكون الحقيقة عكس ذلك تماماً. وفي ذلك يقول الكتاب " طريق الجاهل مستقيم في عينيه" (أم12: 15). الاستقامة يلزمها قلب متضع، يدرك خطأه، ويصحح طريقه لكي يصير مستقيماً...
أما المتكبر فيستمر في عدم استقامة لأنه يرفض الاعتراف بخطأ طريقه. وهكذا نرى الصلة القوية بين الاستقامة والاتضاع. ذلك لأن المتكبر لا يعرف حقيقته جيداً، ولا يعرف سقطته أو لا يعترف بها. لذلك وصفه الكتاب بأنه جاهل، وقال: طريق الجاهل مستقيم في عينية!
وقد يسلك الإنسان في الباطل نتيجة مرضه، فيظن أن كثيرين ضده يضطهدونه، فيكره البعض منهم، ويقاوم البعض، ويشتم هذا وذاك، ويشكو من جميعهم، وتتعقد نفسيته، ويظن أن هناك أخطاراً تترصده، حيث لا يوجد خطر على الإطلاق. ويفقد هذا الشخص استقامة سلوكه نتيجة لمرضه النفسي. حتى لو كان هذا الشخص في حالة من المرض لا توقعه في مسئولية. ولكن ذلك لا يمنع من أن السلوك غير مستقيم.
الباطل هو الباطل، سواء أدين عليه صاحبة، أم لم يدن. وربما الإنسان المريض نفسياً أو المريض عقلياً، لا نقول عنه أنه غير مستقيم. ولكن نقول عن تصرفاته إنها غير مستقيمة. وقد يوجد إنسان يحاول أن يجمع بين الحق والباطل. وهذا أيضاً غير مستقيم.
فالباطل الذي يقع فيه أحياناً، يشوه استقامة طريقة. ولا يمكن أن يتفق مع علامات الطريق الروحي. ولكنه إذا اعترف بأنه أخطأ وقوم طريقة، فإننا نعتبرها خطية وقد تاب عنها. ولكن الخطر هو إنساناً يعتبر الباطل الذي فيه لوناً من الاستقامة!!
وذلك بأن يلبس الخطية ثوب الفضيلة ويعتبر أنه على حق في كل أخطائه، بل لا يسميها للأمور!
ومثل هذا الشخص، تصبح عدم الاستقامة الفكرية والضميرية عنده، سبباً في استمرار عدم الاستقامة في سلوكه، كطبع من طباعة...!
ما أخطر عدم الاستقامة في الضمير حيث تختل كل موازين الإنسان وقيمه ويصبح حكمة على الأمور غير مستقيم ويفعل الخطية بضمير مستريح، ولكنه ضمير مريض، أو ضمير واسع، أو ضمير غير مستقيم...!
أمثال هؤلاء يحتاجون إلى توعية... يحتاجون إلى تعليم روحي، لإصلاح موازينهم الروحية. فالذين يقبلون التعليم منهم، يكون هناك رجاء في عودتهم إلى الاستقامة، فكرياً وضميرياً وسلوكاً.
والبعض قد يحاول الجمع بين الحق والباطل عن طريق الرياء!
تابع