إذا كان المسيح هو الله فكيف وُلد

stan55

New member
عضو
إنضم
31 ديسمبر 2006
المشاركات
221
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
jordan
. ربما يتهمنا البعض بالتناقض هل هو الله أم إنسان؟ وكيف يتحد الأزلي بالحادث، وكيف يتحد غير المحدود بالمحدود؟ وغيرها من الاتهامات. قضايا تستحق المناقشة نتناولها في هذه المقالة في أربع نقاط مختصرة: 1. المسيح إله كامل (طبيعة لاهوتية). 2. المسيح إنسان كامل (طبيعة ناسوتية). 3. لماذا التجسد؟ 4. كيفية الاتحاد بين الطبيعة اللاهوتية والناسوتية (التجسد). أولاً: المسيح إله كامل (طبيعة لاهوتية): إن التعليم بطبيعة المسيح اللاهوتية أي كونه هو الله قد علّم به المسيح نفسه، أي أنه هو الذي نسب إلى ذاته الإلوهية قبل أن ينسبها إليه تلاميذه، فإذا لم يكن صادقاً فيما نسبه إلى ذاته كان مجدفاً على الله، وحاشاه أن يكون كذلك. ويتساءل البعض إذا كان المسيح هو الله فلماذا لم يقل هذا بصريح العبارة، نعم المسيح هو الله ولكنه أخفى لاهوته لتحقيق تدبير التجسد، لأنه لو نزل الله بكامل لاهوته على الأرض فمن كان يقوى على احتمال نوره؟ ومن كان من البشرية يمكن أن يعيش؟ ألم يقل الله لموسى: "لا تقدر أن ترى وجهي. لأن الإنسان لا يراني ويعيش" (خر23 : 20)، فلكي يجعل ذاته منظوراً كان لابد أن يحجب لاهوته في جسد يتخذه حتى يستطيع أن يراه الناس وهذا سر إلهي "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" (1تي3 : 16)، وبالطبع في البداية لم يعلن المسيح صراحة عن لاهوته أمام الناس لأنه لو أعلن عن حقيقة ذاته قبل أن يختبروها بأنفسهم لكانوا فد اعتبروه مجدفاً ومدعياً، ولما كانوا قد آمنوا به على الإطلاق، وتركهم يستنتجوا هم من خلال حياته وأعماله، وإن كان لم يتركهم كاملاً بل في لمحات غامضة وأحياناً واضحة أعلن لهم عن لاهوته، وذات مرة بعد تلميحه أراد اليهود رجمه، وعندما سألهم عن سبب ذلك. أجابه اليهود لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف. فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهاً" (يو10: 33). وقد أعلن المسيح عن لاهوته من خلال: أ. أقواله وصفاته: المسيح أعلن أنه أزلي (لو8 : 58)، وأنه موجود في كل مكان (مت18 : 20 ، يو3 : 13 ، مت28 : 20)، وأنه كلي المعرفة (مت9 : 4 ، لو 7 : 39و40 ، لو 16 : 30). وهذه صفات الله، وهذا يستلزم أن يكون المسيح هو الله". ب. أعماله: لقد عمل المسيح أعمالاً تدل بوضوح على طبيعته اللاهوتية مثل غفران الخطايا (مر2 : 5-10 ، لو 7 : 48-50 ، لو23 : 42 و 43)، سلطان الخلق (يو9 : 1-7)، سلطان إقامة الموتى (مر5 : 22-42 ، لو7 : 11-17 ، يو5 : 51 ، لو11)، سلطان الدينونة (مت20 : 31-46 ، يو5 : 22). إذاً فنحن نؤمن أن المسيح هو الله. ثانياً: المسيح إنسان كامل (الطبيعة الناسوتية): يتحدث الكتاب المقدس في نصوص واضحة عن أن المسيح هو إنسان كامل ومن هذه النصوص "ولما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة، مولوداً تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس، للنال التبني" (غل4 : 4و5)، "وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" (1تي3 : 6)، "وإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم، اشترك هو أيضاً (أي المسيح) كذلك فيها، لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس" (عب2 : 4). "والكلمة صار جسداً، وحل بيننا، ورأينا مجده، مجداً كما لوحيد من الآب مملوء نعمة وحقاً" (يو1 : 14). والآيات المعروفة والمحبوبة لدى الكثيرين عن المسيح "الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله. لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس، وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله أيضاً وأعطاه اسماً فوق كل اسم. لكي تجثوا باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض. ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" (في 2 : 6-11). لذلك فإن قولنا بأن المسيح إنسان له طبيعة ناسوتية هي جزء من إيماننا، والذين ينكرون ناسوت المسيح الحقيقي لهم دور فعال في محاولة هدم الإيمان المسيحي مثل أولئك الذين ينكرون طبيعته اللاهوتية. وفي مثل هؤلاء يقول الرسول يوحنا "بهذا تعرفون روح الله: كل روح (أو كل تعليم) يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد، فهو من الله، وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد، فليس من الله" (1يو4 : 2و3). ولأننا نعيش في مجتمع إسلامي ينكر لاهوت المسيح، لذلك كان رد فعلنا هو الحديث الدفاعي عن لاهوت المسيح وعدم الحديث عن ناسوته خوفاً من أن يؤخذ هذا دليلاً على إنسانية المسيح فقط، ولكن الكتاب المقدس كما أعلن عن لاهوت المسيح فقد أعلن بكل وضوح عن طبيعته الناسوتية، فلكي يتم التكفير عن خطايا البشر كان يجب أن يأخذ المسيح طبيعة ناسوتية، ومن الأدلة على طبيعته الناسوتية: 1. المسيح وُلد بطريقة بشرية كسائر البشر، فهو موُلد من امرأة (غل4 : 4)، عذراء (تك3 : 15 ، إش7 : 14) ولكن قدوس بلا خطية (لو1 : 34و35). 2. كان المسيح ينمو طبيعياً كسائر البشر: "وكان الصبي ينمو ويتقوى بالروح ممتلئاً حكمة، وكانت نعمة الله عليه" (لو2 : 40)، "وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس" (لو2 : 52). كان نمو يسوع المسيح بدنياً وعقلياً حسب القوانين العادية لنمو البشر. وليس حسب لاهوته. 3. كان له العناصر الأساسية للطبيعة البشرية: كان للمسيح جسد بشري كباقي البشر "فإنها.. سكبت هذا الطيب على جسدي" (مت26 : 12)، "أما هو فكان يقول عن هيكل جسده" (يو2 : 21)، وقد اشترك هو أيضاً في "اللحم والدم" (عب2 : 4)، وأيضاً له نفس وروح.. قال المسيح "نفسي حزينة جداً" (مت26 : 38)، وقال وهو على الصليب "يا أبتاه في يديك أستودع روحي، ولما قال هذا أسلم الروح" (لو23 : 46). 4. كان للمسيح ضعفات الطبيعة البشرية ما عدا الخطية: كان يسوع يتعب من المشي (يو4 : 6)، ويجوع (مت4 : 2)، ويعطش (يو19 : 8)، وينام (مت8 : 24)، وجربه الشيطان (عب2 : 18 ، 4 : 5)، ولكنه كان قدوس بلا خطية (1بط1 : 19). إذاً فالمسيح إنسان كامل، له طبيعة ناسوتية مثل سائر البشر، ولم يشك أحد من معاصريه في أن له جسماً بشرياً حقيقياً إلا أصحاب البدع والهرطقات مثل الفنوسيين، والطاهريين والعلم الحديث. ثالثاً: لماذا التجسد؟ "في البدء كان الكلمة.. والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوء نعمة وحف" (يو1 : 1و14)، ولكنه (أي المسيح)"أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس" (في2 : 7). المسيح هو الله، فلماذا أخذ الطبيعة الناسوتية أو لماذا التجسد؟ 1. التجسد تأكيد لصدق مواعيد الله: لقد تجسد يسوع المسيح تصديقاً للوعود التي قطعها الله مع الآباء وإعلاناً لرحمة الله للأمم (رو15 : 8-12). فبدء من وعد الله لحواء (تك3 : 15)، وعبر العهد القديم كله، كانت مواعيد الله أن يُرسل ابنه للعالم (انظر مثلاً إش7 : 14 ، إش9 : 6 ، مي5 : 2...إلخ). 2. التجسد إعلان للآب: "الله لم يره أحد قط، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر" (يو1 : 18). وعندما تجسد الابن قال: "الذي رآني فقد رأي الآب" (يو14 : 9). 3. المسيح تجسد لإتمام عمل الفداء: كان لابد أن يأخذ المسيح طبيعة بشرية لكي يموت فداء عن خطايا البشرية "لأن ابن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخُدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مت20 : 45)، وهو قد أُظهر لكي يرفع خطايانا" (1يو3 : 5). "وبموته أباد ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس" (عب2 : 14). وقد تم التجسد بأن المسيح الذي كان في صورة الله – أي الأقنوم الثاني – أخلى نفسه، آخذاً صورة عبد (في2 : 6) أي أن الابن قبل طوعاً واختياراً أن يحد طواعيه من الاستخدام المطلق للامتيازات الإلهية مثل القدرة الإلهية والمعرفة التامة. أو أنه لم يمارسها - رغم عدم تنازله أو تخليه عنها – أثناء حياته البشرية على الأرض بما يتناسب مع هدف تجسده. لقد أخذ الابن طبيعة بشرية - ولكنه لم يتنازل عن طبيعته وصفاته الإلهية - حتى يمكن أن يحل بيننا (لو1 : 4). ويتم عمل الفداء لأجلنا. رابعاً: كيفية الاتحاد بين الطبيعتين (اللاهوتية والناسوتية): اعتقد أن الاتحاد بين الطبيعتين هو من الأمور المستحيلة من وجهة النظر البشرية، فكيف أن طبيعتين (إلهية وبشرية) بينهما اختلافاً عظيماً يتحدان في شخص واحد. هذا هو العمل الإلهي الذي ندركه من خلال إعلان الله، فلا يستطيع إنسان أن يقول أن يسوع رب إلا بالروح القدس والإعلان الإلهي (في2 : 6 – 11 ، يو1 : 1-14 ، رو1 : 2-5 ، 1تي3 : 16 ، عب2 : 14). ومن خلال كلمة الله المقدسة نستطيع أن ندرك الحقائق التالية: 1. إن الطبيعتين (اللاهوتية والناسوتية) متحدتان بدون امتزاج أو اختلاط أو فقدان لذاتيتهما المنفصلة. فلم تتغير أي صفة من الطبيعة الإلهية، ورغم الطبيعة الناسوتية. فكان المسيح هو الله بكل صفاته وكان له صفات الطبيعة البشرية كاملة (ما عدا الخطية). ورغم وجود الطبيعتين فإن المسيح كان شخصاً واحداً. 2. إن صفات إحدى الطبيعتين لا تنسب إلى الأخرى، وصفات كلتا الطبيعتين تنسبان إلى شخصه فهناك صفات لا تُنسب إلى طبيعته اللاهوتية، وهناك صفات لا تُنسب إلى طبيعته اللاهوتية، وكل منهما تنسبان إلى شخص المسيح الواحد أو بأكثر توضيح: * هناك بعض الصفات صحيحة عن شخصه كاملاً مثل الألقاب: فادي، ونبي، وكاهن وملك. فكفادي المسيح إنسان وإله، وكلتا الطبيعتين جوهريتان لهذا العمل، فهي صفة لشخصه كاملاً. * هناك بعض الصفات صحيحة فقط عن لاهوته، ولكن الشخص بالكامل هو الموضوع، فمثلاً عندما قال المسيح: "قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (يو8 : 58)، فالشخص بالكامل هو الموضوع، ولكن صفة الأزلية تنطبق فقط على الطبيعة الإلهية. * وهناك بعض الصفات صحيحة فقط عن ناسوته، ولكن الشخص الكامل هو الموضوع، فمثلاً عندما قال المسيح على الصليب "أنا عطشان" (يو19 : 28). فالشخص بالكامل هو الموضوع، ولكن العطش صفة تنطبق على الطبيعة الإنسانية. * عمل الفداء الذي فيه قدم المسيح نفسه لأجل الخطية كان عملاً لشخصه كاملاً، ويعزي إلى كلتا الطبيعتين لا الطبيعة الإنسانية وحدها. فكإنسان يمكن أن يموت المسيح، ولكن كإله يمكن أن يكون لموته قيمة غير محدودة كافية لتقديم الفداء لأجل خلاص خطايا جميع العالم. وعندما مات المسيح فارقت الروح الإنسانية الجسد، وليس الطبيعة اللاهوتية. * هناك بعض صفات بشرية منسوبة إلى المسيح تحت ألقاب إلهية مثل: "لو عرفوا لما صلبوا رب المجد" (1كو2 : 8) ، "كنيسة الله التي اقتناها بدمه" (أع20 : 28). ومنها قولنا أن الله قد وُلد أو أن الله قد مات. نقول أخيراً: إن اعتراض البعض على إيماننا هذا يرجع إلى محاولة فهمه خارج الإعلان الكتابي أو لعدم محاولة الفهم كلية لتعارضها مع عقائدهم وتعاليمهم وميولهم. مراجع: 1. محاضرات في علم اللاهوت النظامي، هنري ثيسن ترجمة د. فريد فؤاد. 2. يسوع المسيح ربنا، جون. ف. والفورد، ترجمة حزقيال بسطوروس. 3. الله في المسيحية، عوض سمعان. 4. دعوة المسيح هل كانت عنصرية، د.فريز صموئيل.
 
أعلى