أولا ما هو المعنى المقصود من عبارة "يسوع هو ابن الله":

stan55

New member
عضو
إنضم
31 ديسمبر 2006
المشاركات
221
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
jordan
ما هو المعنى المقصود من عبارة "يسوع هو ابن الله":

يحدث أحياناً كثيرة أن يردّد إنسانٌ اسماً أو عبارة أو حقيقةً دون أن يدرك حقيقة ومعنى ما يقوله، وفي هذه الحالة لن يستطيع هذا الإنسان أن يوصّل الفكرة الّتي لديه إلى الآخرين، وينطبق هذا في حديثنا عن يسوع ابن الله، إذ إنَّ على المؤمن أن يكون مدركاً لعمق وغنى هذه الحقيقة المجيدة المتعلِّقة بشخص الرب يسوع، وبالتّالي يستطيع أن يوصلها إلى الآخرين بطريقة حيّة ومؤثّرة تجعل الفكرة مقبولة عند الآخرين، دون أن تعثرهم أو تبعدهم أو أن تؤدّي بهم إلى رفض الاستماع إلينا.


وردت كلمة "ابن" و "أبناء" في الكتاب المقدّس بمعانٍ واستخدامات كثيرة جداً لتدل على علاقة أو رابطة أو حالة أو أصل أو ظرف أو غيرها من المعاني المجازيّة والرّمزيّة والمعنويّة، دون أن تشير بأي شكل من الأشكال إلى التناسل الجسدي، ومن الأمثلة على ذلك:

أ. في العهد القديم: استخدمت ابن لتدل على مُواطن شرف بالتّبني، وعلى عضو في جماعة أو قبيلة وعلى الانتماء إلى بلد أو مكان أو شعب معيّن. أيضاً استخدمت كلمة ابن لتشير إلى أبناء المهنة الواحدة أو زمن أو عصر معين، وإلى المساواة في المصير والحقوق، واستخدمت الكلمة أيضاً لتدل على مكانة شخص أو جماعة في علاقته أو علاقتهم مع الله والنّاس:

تكوين 32:5 "وكان نوح ابنَ خمسَ مائة سنة" وتعني أن عمره كان خمس مائة سنة.

تكوين 3:15 "وهوذا ابن بيتي وارثاً لي" وتعني الخادم الذي كان في بيت إبراهيم.

قضاة 22:19 "بني بليّعال" وتعني النّاس الأشرار.

صموئيل الأول 31:20 "ابن الموت" وتعني الشخص الذي يستحق الموت أو الذي يجب قتله.

ملوك الأول 35:20 "بني الأنبياء" وتعني أحد الأنبياء أو من جماعة الأنبياء.

أشعياء 10:60 "بنو الغريب" وتعني الغرباء، وتشير هنا إلى قومٍ لا يعرفون الله.

يوئيل 6:3 "بني يهوذا" وتعني سكان يهوذا.

"بني أورشليم" وتعني أهل القدس أو مواطنيها.

"بني الياوانيّين" وتعني اليونانيّون الغرباء عن أرض فلسطين.

زكريّا 14:4 "ابنا الزّيت" وتعني الممسوحان لخدمة الله.

ب. في العهد الجديد: استخدمت كلمة ابن مثل استخداماتها في العهد القديم، وبشكل خاص لتدل على المؤمن أو المؤمنين:

متى 15:9 "بنو العُرس" وتعني ضيوف العريس.

متى 27:12 "أبناؤكم" وتعني شعبكم.
لوقا 6:10 "ابنُ السَّلام" وتعني إنسانُ السلام، أي رجل مسالم.

لوقا 8:16 "أبناء هذا الدّهر" أي النّاس الخطاة في هذا العالم. "أبناء النّور" أي المؤمنون بالرّب.
يوحنّا 12:17 "ابنُ الهلاك" وتعني الشخص الذي يستحق دينونة الله.

أعمال 26:13 "بني جنس إبراهيم" وتعني من نسل إبراهيم.

غلاطية 7:3 "بنو إبراهيم" وتشير إلى الأشخاص الذين أصبحوا من نسل إبراهيم بسبب إيمانهم.

أفسس 2:2 "أبناء المعصية" وتعني جماعة الخطاة الذين لا يطيعون الله.

تدل استخدامات كلمة "ابن" في الآيات السابقة، وفي آيات أخرى كثيرة في الكتاب المقدّس على معانٍ رمزيّة ومجازيّة ومعنويّة وروحيّة، وهذه الحقيقة يجب أن تساعدنا في فهم عبارة "يسوع ابن الله"، إذ أن الحديث هنا لا يعني قطعيّاً أن الله اتخذ زوجة وأنجب منها يسوع، فهذا كلام باطل وتجديف على الله، حيث أن الكلمة تشير إلى العلاقة الوجدانيّة الحميمة بين الآب السَّماوي والرّب يسوع المسيح، وإلى المكانة الرّوحيّة المميزة والفريدة والمجيدة التي يمثلها ويجسدها المسيح باعتباره الله الآتي إلى العالم بصورة إنسان كامل ليقدّم للنّاس تعاليم السّماء، وليتمم الناموس، ويكمّل الخلاص بموته الكفّاري حبّاً وطوعاً على الصليب من أجل خطايا العالم أجمع.


نلاحظ عند دراستنا للإنجيل المقدّس، أن الرّب يسوع لم يتحدث عن نفسه بصفة "ابن الله" إلا في حالات قليلة جدّاً، وسبب ذلك هو معرفته الأكيدة أن اسم "ابن الله" يدل على أزليته ومساواته الكاملة في الجوهر مع الآب السَّماوي، وبالتّالي لو أن الرّب يسوع استخدم اسم "ابن الله" في أحاديثه وتعاليمه وعلاقته مع النّاس، لرفضوا أن يسمعوه منذ البداية، وبالتالي لما استطاع أن يصل إليهم ويعلمهم ويشفي مرضاهم. وهكذا ترك الرّب يسوع الفرصة أمام النّاس ليكتشفوا حقيقة كونه ابن الله من خلال سماعهم لأقواله ومشاهدتهم لأعماله ومعجزاته الباهرة، مما دفعهم إلى الاعتراف قائلين له "أنت هو المسيح ابن الله الحي" (أنظر متّى 17:16؛ ومتّى 54:27؛ ويوحنا 34:1 و49…الخ). واعترافهم هذا كان بوحي الله الّذي أعطاهم البصيرة ليدركوا حقيقة شخص الرّب يسوع المسيح.

كان اليهود في أيّام المسيح يعرفون معنى اسم "ابن الله"، وذلك من خلال دراستهم لكلمة الله في العهد القديم، ولذلك غضبوا وثاروا وناصبوا المسيح العداء، حيث اعتبروه مجدّفاً عندما قال لهم أنَّه المسيح ابن الله. نقرأ في يوحنا 17:5-18 "فأجابهم يسوع: "أبي يعملُ حتى الآن وأنا أعملُ". فَمنْ أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثرَ أن يقتلوهُ، لأنَّهُ لم ينقُضِ السَّبتَ فقط، بل قال أيضاً إنَّ اللهَ أبوهُ، معادلاً نفسَهُ باللهِ". وفي يوحنا 36:10 "فَالَّذي قدَّسَهُ الآب وأرسله إلى العالم، أتقولون له: إنَّكَ تجدِّف، لأني قلتُ إني ابن اللهِ" (انظر أيضاً لوقا 18:4-29).

قبل الإسترسال في الحديث عن حقيقة كون يسوع هو المسيح ابن الله، لابد من التوقف قليلاً لمعرفة سبب رفض المسلمين لهذه الحقيقة، ثم ذكر الردود المختلفة والكثيرة عل ما جاء في القرآن وأحاديث النبي محمد حول هذا الموضوع. وذلك باستخدام العهد القديم والعهد الجديد والمعارف العامة وقرآن المسلمين، ومن خلال هذه الردود، وخصوصاً ما جاء في العهد الجديد، سيتم إبراز المعاني المختلفة لاسم يسوع "ابن الله".
 
أعلى