أقاويل و تساؤلات عن سر التجسد ..!!

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,102
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
1176423480.gif

أقاويل و تساؤلات عن سر التجسد
infant-jesus-born-13.jpg

1 - لماذا قام أقنوم الابن بالذات بعملية التجسد؟

أ - أقنوم الابن " اللغوس " هو الخالق كما يقول الوحى المقدس :
_ " كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان " (يو 1: 3).
_ " العالمين أتقنت بكلمة الله " (عب 11 : 3).
إذن كان من الـلائق أن نفس الأقنوم هو الذى يُجدد خلقة الإنسان , على نفس الصورة الأولى التى خلقها عليها , والتى فسدت بالخطية.
* ويقول القديس أثناسيوس الرسولى
تأكيداً لهذا المعنى :
"ولكن كيف كان ممكناً
أن يتم تجديد الخليقة إلا بحضور نفس صورة الله - ربنا يسوع المسيح - إذ لم يكن كفؤاً لهذا العمل إلا صورة الآب " " تجسد الكلمة فصل 13 : 7"
ب _ أقنوم الابن " اللوغوس " هو الخاص بالإعلان فى الذات الإلهية : " الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذى هو فى حضن الآب هو خبَّر". (يو 1 : 18)
ولذا حين أتى أقنوم الابن - يسوع المسيح - أعلن بوضوح عن الله مثلث الأقانيم .

ج _ إذ هلك الإنسان من عدم المعرفة (هو 4 : 6) وضل فى طرق متنوعة وبعيدة , كان لابد أن يأتى إليه أقنوم الحكمة والمعرفة والفهم أى اللوغوس ويقدم مثلاً ونموذجاَ , ويعلم الناس الفضيلة والتقوى , ولهذا قال السيد المسيح " تعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم " (مت 11 : 29).

يتبع..
 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,102
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon

2_ كيف استطاع البشر أن يروا الله الذى لا يُرى ؟
19931674.gif

* صحيح أن الله قال لموسى فى القديم : " لأن الإنسان لا يرانى ويعيش " . (خر 33: 20) وقال القديس بولس عن الله : " الذى لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه " . " 1 تى 6 : 16) ولكن هذا الكلام ينطبق على رؤية اللاهوت مجرداً , وهذا أمر مستحيل فعلاً , فلا يستطيع الإنسان ولا يحتمل رؤية اللاهوت , لذا حين أراد الله أن ينزل إلى البشر لإتمام الفداء , كان لابد أن يأخذ جسداً يُخفى به هذا اللاهوت , لأنه لا يستطيع أحد أن يرى الله ويعيش ".
يتبع...
 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,102
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon

3_ كيف يمكن لله غير المحدود أن يحل فى
الإنسان المحدود ؟

infant-jesus-born-14.jpg

* حقيقة أن الله غير محدود ولكن يمكنه أن يحل فى كل البشر ويظل هو الله غير المحدود , والطبيعة تعطينا أمثلة على إمكانية ذلك :

- فالهواء مثلاً يملأ الكرة الأرضية كلها وفى الوقت نفسه يملأ رئات البشر , لكن وجود الهواء فى رئات البشر لا يمنعه أن يكون مالئاً لكل الغلاف الجوى للأرض.

- والشمس أيضاً حين تخترق زجاج الحجرة وتنفذ إلى داخلها لا تنحصر فيها , فهى موجودةخارجها وكذلك لا زالت فى السماء فى الوقت نفسه.

* تأمل ماذا يقول القديس أثناسيوس الرسولى : " لا يتوهمن أحد أن كلمة الله أصبح محصوراً فى الجسد , أو أن كل مكان آخر أصبح خالياً منه بسبب حلوله فى الجسد , أو أن العالم أصبح محروماً من عنايته وتدبيره طالما كان يحرك الجسد ... وهكذا حتى مع حلوله فى جسد بشرى واهباً إياه الحياة كان يمنح الحياة للكون فى نفس الوقت , فكلمة الله فى تأنسه لم يكن محصوراً فى الجسد ولم يكن حالاً فيه فحسب , بل كان حالاً فعلاً فى كل شئ "
"تجسد الكلمة : فصل 17 : 1 - 5"

يتبع...
 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,102
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
4- كيف يتجسد الخالق فى جسد مخلوق من العدم ؟

84590246ld4.jpg


* يجيب القديس أثناسيوس الرسولى : " إن كانوا يتوهمون أن ظهور المخلص فى الجسد غير لائق لأن الجنس البشرى من العدم فإنه يجب عليهم أن يخرجوه
من الخليقة أيضاً وجدت من العدم .

إذن ليس فى ذلك شئ من عدم اللياقة على الإطلاق أن يحل الله فى الجسد فى الوقت الذى فيه كل الأشياء تستقى نورها وحركتها منه ,
لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد" .
" تجسد الكلمة فصل 42 : 7"

يتبع...
 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,102
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
5 - هل أدى التجسد إلى يتدنس الله من فساد الجسد ؟
421584814.gif

* يجيب القديس أثناسيوس الرسولى : " عندما ولدته العذراء لم يعتره أى تغيير ولا تدنس بحلوله فى الجسد , بل بالعكس أنه قدَّ س الجسد أيضاً .
وعندما كان فى العالم استمد العالم منه القوت والحياة , لأنه إن كانت الشمس التى خلقها الله والتى نراها نحن لا تتدنس بمجرد لمسها الأجسام التى على الأرض ولا تطفئ بظلمتها, ولكنها بالعكس تنيرها وتطهرها ,
فبالأولى جداً كلمة بارئ الشمس وربها لا يمكن أن يتدنس بمجرد ظهوره فى الجسد ,
بل بالعكس لأنه عديم الفساد فقد أحيا وطهر الذى كان فى حد ذاته قابلاً للفساد " " تجسد الكلمة فصل 10 : 6 , 7 "

يتبع...
 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,102
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
7 -إن كان الله غير متغير منذ الأزل وإلى الأبد , فكيف عندما تجسد ابن الله الكلمة لم يتغير ؟ لأنه قبل التجسد , لم يكن له جسد , وبعد التجسد أصبح له جسد وصعد به إلى السماء ودخل إلى مجده ؟
222448216.gif

يجيب على هذا السؤال نيافة الأنبا بيشوى سكرتير المجمع المقدس فيقول :

* فى عقيدتنا , الأتحاد بين اللاهوت والناسوت كان بدون اختلاط ولا امتزاج زلا تغيير . فنحن لا نعتبر أن اللاهوت قد تغير بسبب اتحاده بالناسوت , ولكن هناك قدرات موجودة فى الله منذ الأزل ولكنها تتحقق فى الوقت المناسب, وهذا لا يعنى أن الله قد تغير .
* مثال ذلك : موضوع الخلق , فالله كان موجوداً منذ الأزل بدون الخليقة , ثم فى الزمن , خلق الملائكة والكائنات المتنوعة . فهل هذا يعنى أن الله قد تغير , بمعنى أنه لم يكن خالقاً منذ الأزل قبل الخليقة , ثم فى بداية الزمن بدأ يخلق ؟!!

* للرد على هذا القول : إن صفة القدرة على الخلق موجودة أصلاً فى طبيعة الله , لم تستجد عليه صفة جديدة تخص ألوهيته , بل هو قادر أن يخلق وقتما يريد . فالتغير فى الطبيعة شئ وظهور مقومات الطبيعة فى الوقت المناسب مع عدم التغير شئ آخر.
فالتغير حدث فى الخليقة لأنها لم تكن موجودة ثم دخلت إلى حيز الوجود.

* وكذلك التجسد هو عمل من أعمال محبة الله للخليقة من أجل خلاصها , فالحب فى الله قائم منذ الأزل . وقبل التجسد هو يحب الخليقة , وفى التجسد وبعد التجسد أيضاً هو يحبها . فحب الله ممتد ولا يتغير ولا يزيد . لكنه بعد أن أرسل الأنبياء ليعدوا فكر البشرية لعمل الفداء , جاء ملء الزمان المناسب لإتمام التجسد والفداء على الرغم من أن التجسد والفداء كانا فى فكر الله منذ الأزل . فطبيعته هى الحب " هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد " (يو 3 : 16), ولم يستجد على طبيعته شئ من جهة أنه محب ومن ناحية التجسد , فكما أن الخلق هو قدرات الله التى تتحقق بواسطة أقنوم الابن . فالابن الوحيد باعتباره صورة الله غير المنظور , من ضمن اختصاصاته الأقنومية أن يعلن حقيقة الآب بالنسبة لنا , لذلك قال : " من رآنى فقد رأى الآب " . (يو 14 : 9).

فنحن لا يمكننا أن نرى حب الآب لنا أكثر مما رأيناه واضحاً فى الصليب " بهذا قد عرفنا المحبة أن ذاك وضع نفسه لأجلنا " . ( 1يو 3 : 16) , فابن الله الكلمة له دور خاص بأقنومه فهو صورة الله غير المنظور أو هو إعلان الله عن ذاته . فمثلاً نحن لا نستطيع أن نرى العقل , لكننا نستطيع معرفة ما فى العقل من خلال الكلمة , إذ أن الكلمة صورة العقل غير المنظور . فأقنوم الابن الكلمة هو الأقنوم الذى يستطيع أن يعرفنا مقاصد الآب ويعلنها لنا بصورة واضحة , فمن قدراته " إذ كان فى صورة الله ... أخذ صورة عبد " . (فى 2 : 6 , 7), فقدرة الله فى أن يخلق مثلها قدرته أن يظهر فى الجسد , دون أن يفقد طبيعته الأصلية وبدون أى تغيير.

* إذن معنى التغير فى الطبيعة الإلهية هو أن التجسد ليس إضافة جديدة إلى طبيعة الله , لأن طبيعة الله لم تضف إليها المحبة التى أعلنها على الصليب , و لا أضيفت إليها القدرة أن يظهر فى الجسد . لكنها قدرات كائنة فيه وتظهر فى الوقت المناسب.
ولكى يؤكد كلمة الله أنه لم يفقد شيئاً من قدراته الإلهية بسبب التجسد , تعمد أن تظهر قدرته الخارقة على الطبيعة وهو يعانى سكرات الموت على الصليب , ولهذا اختفت الشمس وإظلمت , لأن شمس البر كان فاتحاً ذراعيه على الصليب حسب نبوة ملاخى النبى " ولكم أيها المتقون اسمى تشرق شمس البر والشفاء فى أجنحتها " . (ملا 4 : 2) وكذلك الأرض ماجت مرتعدة والصخور تشققت , حتى أن قائد المائة الذى نفذ حكم الصلب , لما رأى ما كان قال : حقاً كان هذا ابن الله " . (مت 27 : 54 ).

يتبع...
 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,102
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
هل تجسد الرب يعني أن الرب صار يحده حيز معين! فيتحيز، بينما الله غير محدود؟
231490649.gif

يقول قداسة البابا شنوده الثالث:

التجسد ليس معناه التحيز. فالله لا يحده حيز من المكان. وإنما عندما كان بالجسد في مكان، كان بلاهوته في كل مكان.
- مثلما نقول أن الله كان يكلم موسى على الجبل، ومع ذلك لم يكن في حيز الجبل، إنما في نفس الوقت كان في كل مكان، يدير العالم في كل قاراته ... وهكذا حينما كان الله يكلم إبراهيم، وحينما ظهر لغيره من الأنبياء. كان في نفس الوقت في كل مكان.

وأيضاً حينما يُقال أن الله على عرشه، لا يعني أنه تحيز على هذا العرش. بل هو ممجد هنا، وموجود في كل مكان. عرشه السماء، وعرشه كل مكان يتمجد فيه. هو في السماء. والسماء لا تسعه ...

هكذا كان السيد المسيح يكلم نيقوديموس في أورشليم. وقال له "ليس أحد صعد إلي السماء، إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يوحنا3: 13). أي أنه كان في السماء، بينما كان يكلم نيقوديموس في أورشليم.

يتبع...
 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,102
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
- هل مبدأ الإنابة يتمشى مع العدالة الإلهية، ومع العقل، فيموت البرئ نيابة عن المذنب؟

856838203.gif

ج : إذا وافق النائب أو الفادي أو الوسيط بمطلق حريته وكامل إرادته على تحمل عقوبة المذنب يكون الوضع صحيحاً، ويتمشى مع العدالة الإلهية.. أنظر إلى الخروف البرئ الذي ذبحه الله لكيما يُغطى عُري آدم الناتج عن الخطية، مع ملاحظة أن الله ذبح هذا الخروف خصيصاً لعلاج مشكلة عري آدم، لأن آدم لم يكن من أكلة اللحوم، فالسماح بأكل اللحوم جاء بعد الطوفان وقد استلم آدم طقس تقديم الذبائح وسلمه لأولاده، فقدم هابيل من أبكار غنمه ومن سمانها (تك 4: 4)
فقبل الله تقدمته، وقدم نوح من البهائم الطاهرة والطيور الطاهرة. فتنسم الله رائحة الرضى (تك 8: 20، 21) وقدم إبراهيم بالقرب من شكيم، وشرقي بيت ايل
(تك 12: 6 – 8) وعند بلوطات ممرا (تك 13: 18) وقدم إسحق (تك 26: 25)

وكذلك يعقوب لما آتى سالماً إلى مدينة شكيم (تك 33: 20) وأمره الرب أن يصعد إلى بيت ايل ويبني مذبحاً هناك ففعل (تك 35: 1) وقدم ذبائح قبل نزوله إلى مصر (تك 46: 1) وطلب موسى من فرعون أن يذهب إلى البرية ليقدم ذبائح للرب إلهه (خر 8: 27) وكان أيوب يقدم ذبائح بعدد أبنائه (أي 1: 5)

وأوصى الرب موسى بتقديم الذبائح الصباحية والمسائية (عد 28: 3، 4) وذبيحة يوم السبت (عد 28: 9، 10) وذبيحة أول الشهر (عد 28: 11 – 15) وذبيحة الفصح (عد 28: 16 – 25) وذبيحة عيد الهتاف (عد 29: 1 – 5) وذبيحة عيد الكفارة (عد 29: 7 – 10) وذبيحة عيد المظال (عد 29: 12 – 40) وذبيحة البقرة الحمراء (عد 19: 1 – 10) وأوصى بتقديم الذبائح الشخصية مثل ذبيحة المحرقة (لا 1: 1 – 9) وذبيحة السلامة (لا 3: 1 – 5) وذبيحتا الخطية والأثم (لا 4: 1 – 35) وذبيحة الملء أو التكريس الكامل (لا 8: 22 – 36) وذبيحة التطهير للأم بعد الولادة (لا 12: 1 –8) وتطهير الأبرص (لا 14: 1 – 20) والمصاب بسيل (لا 15: 1 – 5)..

فلماذا كل هذه الذبائح التي بلا عدد؟!

وبحسب مفهوم العدالة البشرية تشترط المحكمة وجود محامي للدفاع عن المتهم، وإذا لم يكن للمتهم إمكانية مادية لإنابة محامي عنه، فان المحكمة تنتدب له محامياً للدفاع عنه.

وبحسب مفهوم الإنسانية نجد أن الأب ينوب عن أبنائه في تحمل نتائج أخطائهم، ويدفع قيمة ما أتلفوه للغير، والجندي في ميدان المعركة ينوب عن اسرته ووطنه ويقدم نفسه فداءاَ عنهم.

وبحسب مفهوم العقل فان مبدأ الإنابة صحيح، وتحضرني قصة القاضي العادل الرحيم الذي حكم على المقترض بأن يرد الدين أو أن يدخل السجن، فهذا هو العدل، وعندما علم هذا القاضي أن المقترض معدوماً ورقَّت أحشاؤه لصراخ أطفاله ودموع زوجته دفع الدين عنه وأطلقه بريئاً، فهذه هي الرحمة، وبذلك حقق هذا القاضي العدل والرحمة معاً، وهذا مافعله قاضي القضاة ورب الأرباب.
وأيضاً مبدأ الفدية واضح في الإسلام، ففي سورة الصافات 107 يقول عن ابن إبراهيم " وفديناه بذبح عظيم" وفي تفسير البيضاوي " فديناه بذبح " ما يذبح بدله فيتم به الفعل.وفي سورة الكوثر 2 " فصل لربك وانحر " وفي تفسير البيضاوي " الصلاة صلاة العيد والنحر هو التضحية والفدية".

وفي السيرة النبوية لابن هشام ج 4 ص 140 عن عائشة في حجة الوداع " فلما كان يوم النحر أُتيت بلحم بقر كثير فطرح في بيتي فقلت ما هذا؟ فقالوا ذبح رسول الله عن نسائه البقر.. " كما أن الإمام الغزالي يذكر الشروط الواجب توافرها في الذبيحة فتجدها مشابهة للشروط التي ذكرها سفر اللاويين (لا 22: 19 – 29).

ويقول الإمام الرازي في تفسير الآية " فاغفر لنا ذنوبنا وكفِر عنا سيئاتنا " إذا كانت الطاعة العظمى هي الصوم والصلاة والتوبة والزهد فانها لا تستر الخطية ولا تؤهلنا للوجود مع الله. وإننا بدعائنا كفِر عنا سيئاتنا لا نقصد أن يساعدنا المولى في العمل على تكفيرها بواسطة الأعمال الصالحة بل أن يتفضل بتكفيرها عنا".

ومبدأ الإنابة واضح في أحاديث البخاري حيث ينوب الإنسان عن المريض في أداء فريضة الحج، وينوب عن الميت في أداء فريضة الصوم.
 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,102
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
- ومازال السؤال يلح: ما هو الدافع القوي الذي دعى الله للتجسد، أو ما هي حتمية التجسد الإلهي؟

Nativity-Picture-13.jpg


ج : هناك أسباب عديدة لحتمية التجسد الإلهي نذكر منها الآتي:

أ - المحبة: الدافع القوي للتجسد هو المحبة " لأن المحبة قوية كالموت.. مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة والسيول لا تغمرها. ان اعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تُحتَقر احتقاراً " (نش 8: 6، 7) ويقول القديس أثناسيوس " لم يشأ رب المجد أن تبقى صورته (الإنسان) المجيدة ملطخة بالأثم وملوثة وفاسدة، فتحرك حنانه.. وتحرك قلبه.. وتحرك تدبيره ليخلص الإنسان ويرد اعتباره، ويرد له كرامته أو يرد له الصورة الأصلية التي خلقه عليها. فقد تجسد الله الكلمة.. وفي تجسده كل الحب، وما من حب أعظم من هذا أن يقبل الإله صورة الهوان، صورة التراب وهو رب المجد، الساكن في نور لا يُدنى منه، والنار الآكلة" (1).

وقد تجد إنساناً عظيماً في مركز مرموق يحترمه الناس وتنحني له الهامات، وإذ به ينحني لأسفل حتى تكاد رأسه تمس الأرض، وتتعجب ماذا يفعل هذا الرجل العظيم؟.. انه ينحني ليربط سيور حذاء طفل صغير قد يكون حفيده، فما الذي دفع هذا الرجل لهذا

التنازل؟ انه الحب..

سأل الملك غير المؤمن وزيره المسيحي: تقولون أن الله تجسَّد وصُلب ومات، فما هو الدافع لهذا العمل الذي يرفضه العقل؟

الوزير: أسألك يا سيدي أن تمهلني عدة أيام وأجيبك على سؤالك، فوافقه الملك.

وفي يوم سار الملك مع وزيره في حديقة القصر، وإذ بالمربية تسير بعربة الأمير الصغير، وفجأة اعطى الوزير إشارة للمربية فدفعت العربة وما بها في بحيرة الماء الصناعية أمام عيني الملك، فماذا فعل الملك؟.. لقد ألقى بنفسه في الماء إلاَّ أنه وجد نفسه يحتضن تمثالاً كامل الشبه بإبنه، وقبل أن يتملكه الغضب أسرع إليه الوزير قائلاً:

عفواً سيدي الملك. سامحني لأني فعلت هذا، فأنا الذي صنعت التمثال وأوصيت المربية بإلقائه في البحيرة متى أشرت لها بذلك.. يا جلالة الملك عندما شعرت بأن ابنك يغرق في البحيرة لماذا لم ترسلني أو ترسل أحد الجنود لإنقاذه؟

الملك: لأنه أبني. أنت تعلم أنني إنسان شجاع ولا أهاب الموت، وأفدي أبني بحياتي وأنا راض ومسرور.

الوزير: وهكذا أيها الملك عندما رأى الله أولاده يهلكون بالموت الأبدي أخذ شكل إنسان وصُلب ومات وقام، وقهر الموت وأنقذنا منه، كمثل ملك وجد جنوده مقهورين أمام عدوهم في ساحة الوغي فارتدى زي الجنود، وقاد الحرب وانتصر، وأهلك العدو القوي ووهبنا النصرة.

ب - انتزاع الموت: كما ان الموت دخل إلى أعماق حياة الإنسان كان لابد أن الحياة تدخل إلى الأعماق لتطرد الموت وتحيى الطبيعة التي فسدت بالموت فيقول البابا أثناسيوس الرسولي " لم يكن ممكناً أن يحوّل الإنسان الفاسد إلى عدم فساد إلاَّ المخلص نفسه الذي خلق من البداية كل شئ من العدم، ولم يكن ممكناً أن يعيد للبشر صورة الله ومثاله إلاَّ صورة الآب (الابن) ولم يكن ممكناً أن يُعلّم البشر عن الآب ويقضي على عبادة الأوثان إلاَّ الكلمة الضابط الكل الذي هو ابن الآب الوحيد الحقيقي" (تجسد الكلمة 20: 1).
وقال أيضاً " يجب أن نعلم أن الفساد الذي حصل لم يكن خارج الجسد بل لصق به، وكان مطلوباً أن تلصق به الحياة عوض الفساد، حتى كما تمكن الموت من الجسد تتمكن منه الحياة أيضاً.
والآن لو كان الموت خارج الجسد لكان من اللائق أن تتصل به الحياة من الخارج. أما وقد صار الموت ممتزجاً بالجسد وسائداً عليه، كما لو كان متحداً به، فكان مطلوباً أن تمتزج الحياة أيضاً، حتى إذا ما لبس الجسد الحياة بدل الموت نُزع عنه الفساد.. لهذا السبب كان معقولاً جداً أن يلبس المخلص جسداً، حتى إذا ما اتحد الجسد بالحياة، لا يبقى في الموت كمائت، بل يقوم في عدم الموت أو لبس عدم الموت.. " (تجسد الكلمة 44: 4 – 6).
وقال البابا كيرلس الكبير " لو كان تجسد الكلمة وتأنسه أمراً لابد منه لخلاص الذين على الأرض، فلو لم يكن قد وُلِد مثلنا بحسب الجسد، لما كان قد اشترك في الذي لنا، وبالتالي لما كان حرَّر طبيعة الإنسان من الوصمة التي أصابتها من آدم، وما كان قد طرد الفساد من أجسادنا" (ضد نسطور 1: 1) (1).

وقال أيضاً " لم يكن هناك وسيلة أخرى لزعزعة سلطان الموت إلاَّ فقط بتجسد الابن الوحيد. الذي اقتنى لنفسه جسداً قابلاً للفساد (للموت).. لكي يستطيع بكونه هو نفسه الحياة أن يزرع في الجسد امتيازه الخاص الذي هو الحياة " ( المسيح واحد 75: 1352)(2)

ويقول البابا كيرلس الكبير أيضاً "كيف كان يمكن للإنسان الذي تحت سلطان الموت أن يستعيد الخلود، كان لابد أن يدخل جسده الميت في شركة قوة الله المحيية. أما قوة الله المحيّية فهي اللوغوس (الكلمة) وحيد الآب" (تفسير لوقا 22: 19)(3).

3- الاتحاد بالله: لم يكن الهدف من التجسد رفع الخطية فقط بل اتحاد الله بالإنسان فيقول البابا أثناسيوس الرسولي لأن الاتحاد المطلوب هو أن الكلمة المتجسد يصنع اتحاداً بين ما هو إنسان بطبيعته وبين ما هو إله بطبيعته " (ضد الأريوسيين 2: 81)

ويقول البابا كيرلس الكبير أن مبادرة الصلح جاءت من الله لكيما يتحد بالإنسان " ان الطبيعة الإنسانية أُسرت وصارت في قبضة الموت وساد عليها الفساد لذلك فمن الضروري لكي تقوم علاقة جديدة لا يهدها الفساد أن يتم لقاء بين الله والإنسان، تجد فيه جميع المشاكل القائمة بين الأثنين حلها النهائي والأخير، فكان الحل الإلهي – لأن المبادرة بيد الصالح وحده – ان يأخذ لنفسه جسداً من هذه الطبيعة الفاسدة ويجعله واحداً مع لاهوته في اتحاد لا انفصال فيه او اختلاط مثل اتحاد النار بالحديد " (4).
4- تلاقي العدل الإلهي مع الرحمة الإلهية: فعندما تحدُث مشكلة بين شخصين ويتدخل شخص ثالث لفض النزاع يجب أن يكون هذا الوسيط من نفس مستوى الطرفين المتنازعين، وليس أقل منهما لئلا يُحتَقر، وليس أعلى منهما لئلا يستغل سلطته فيحل النزاع ظاهرياً فقط، وأيضاً يجب أن يكون الوسيط محبوباً من الطرفين، ومحل ثقة منهما ملتزماً بتعهداته أمامهما، وإذا تأملنا ما حدث في التجسد والفداء نجد السيد المسيح هو الذي حلَّ النزاع بين الله والإنسان، وحقق أمنية أيوب عندما قال بأسى " ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا " (أي 9: 33).

وإن كان التسامح والعفو والمغفرة ضد عدل الله الكامل، وموت الإنسان ضد رحمة الله الكاملة، والله لا يمكن أن يتنازل عن عدله ولا عن رحمته، وهذا ما يمثل مشكلة صعبة وعويصة، ومن يقدر على حلها إلاَّ الله القادر على كل شئ؟‍ ‍ وفعلاً قام بحلها عن طريق تجسده المنيف فالتقى العدل مع الرحمة في شخص الفادي الكريم.

وما أجمل تشبيه نيافة الأنبا رافائيل الأسقف العام عندما شبه سقوط آدم بالمصباح الذي انقطع عنه التيار الكهربائي، فلا توجد أية وسيلة أخرى لعودة الإنارة للمصباح إلاَّ بعودة نفس التيار الكهربائي له، وأي تيار آخر أو أي فولت آخر لن ينجح في إعادة الإنارة، وهكذا الإنسان لكيما يعود إلى حالته الأولى المنيرة لا يصلح أن يُعيده نبي ولا ملاك بل لابد أن يتولى الخالق نفسه إعادة خلقته التي فسدت، وأيضاً عملية توصيل التيار الكهربائي للمصباح تشبه عملية التجسد التي فيها اتحد اللاهوت (الكهرباء) بالناسوت (المصباح) فأضاء لنا المسيح نور العالم طريق الملكوت.


تذكر
+ الله لم يكن محتاجاً للإنسان ليعبده. إنما خلق الله الإنسان من فرط جوده ومحبته.. الله يعلم بسابق علمه إن الإنسان سيسقط بغواية ابليس ولذلك دبَّر له أمر الخلص منذ الأزل.

+ الوصية لم تكن سبباً لسقوط الإنسان. إنما سقط الإنسان بسبب غواية الحية وشكه في كلام الله، والموت كان نتيجة طبيعية لمخالفة الوصية.

+ كان سقوط آدم سقوط للبشرية جمعاء مثل شجرة التفاح اللذيذة التي أصابها عطب فكل ثمارها وبذارها أصبحت تحمل الفساد.. حتى الأنبياء كانت لهم أخطائهم.

+ إن سأل أحد: وما ذنبي أنا في خطية آدم؟ يرد عليه القديس أغسطينوس: وأي فضل لك في خلاص المسيح؟

+ من نتائج سقوط آدم الموت الروحي الأبدي، والموت الجسدي، والموت الأدبي، والعقوبات التي حلت بالإنسان والحية، وتسلط الشيطان، وفساد الطبيعة البشرية.

+ لم يكن هناك بديلاً للتجسد فمثلاً:

- فناء الإنسان وخلقة إنسان جديد لا تحل القضية.

- خلاص الله للإنسان بالقوة يتعارض مع عدل الله، ومع حرية الإنسان.

- ترك الإنسان لمصيره المشئوم يتعارض مع صلاح الله، ومحبته، ورحمته، وكرامته، وحكمته.

- الصفح عن خطية الإنسان يتعارض مع العدل الإلهي.

- التوبة توقف فعل الخطية، ولكنها لا تحل مشكلة الخطية التي تمت، ولا تلغي العقوبة إنما تنقلها من التائب إلى الفدية.

1.

الحسنات لا يذهبن السيئات لأن الأعمال الصالحة واجب على الإنسان وليس تفضل منه.
2.

من صفات الفادي أن يكون:

أ- إنسان

ب- بلا خطية

ج- يُقدم نفسه بإرادته
د- يكون قابلاً للموت

هـ- أقوى من الموت

و- غير محدود

وهذه الشروط لا تتوفر في الذبائح الحيوانية، ولا في نبي ولا رئيس أنبياء، ولا في ملاك ولا رئيس ملائكة. لكن الله بغير إستحالة تجسد وتأنس وفيه أكتملت صفات الفادي.
+ مبدأ الإنابة يتمشى مع العدالة الإلهية، ومع العقل والمنطق.

يتبع...
 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,102
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
- ما معنى أن للسيد المسيح طبيعة واحدة من طبيعتين؟
Nativity-Picture-20.jpg

لقد اتحدت في السيد المسيح الطبيعة الإلهية مع الطبيعة البشرية كما رأينا بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغييّر، وبدون افتراق ولا انفصال، والإتحاد هو إتحاد طبيعي أقنومي على مستوى الطبائع وليس على مستوى الأشخاص، فشخص الله الكلمة اتخذ جسداً ذو نفس عاقلة " والكلمة صار جسداً " (يو 1: 14) وكان نتيجة هذا الإتحاد العجيب هو الإله المتأنس الذي يجمع بين صفات الطبيعة الإلهية وصفات الطبيعة البشرية، ونعود ونقول إن أقرب مثال على هذا هو الإنسان في إتحاد عنصريه الروح والجسد بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيِيّر، ويقول نيافة الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدَّس " هل اللاهوت تحوَّل إلى جسد؟ وهل الناسوت تحوَّل إلى لاهوت؟ لم يتحوَّل اللاهوت إلى جسد، ولا الناسوت إلى لاهوت، لكن في إتحادهما ونتيجة لهذا الإتحاد كان شخص السيد المسيح الذي يُفرّح القلوب. كان السيد المسيح مثلاً بمجرد أن يلمس أبرصاً يطهُر من برصه، فهذه اليد ليست يد عادية لأنها متحدة باللاهوت. قال له الأبرص " إن أردت تقدر أن تطهرني.. فمد يده ولمسه.. وللوقت.. ذهب عنه البرص " (مر 1: 40 – 42) (1).
ففي التجسد أتحدت الطبيعة الإنسانية المحدودة بالطبيعة الإلهية غير المحدودة، فكان نتيجة إتحاد الطبيعتين هو الله المتأنس غير المحدود، ويمكن التعبير عن هذا المعنى بالمعادلة الآتية:

طبيعة بشرية محدودة × طبيعة إلهية غير محدودة = الله المتأنس غير المحدود

وتعتبر عقيدة الطبيعة الواحدة كما قلنا من قبل في منتهى الأهمية، وبناءً عليها يتوقف خلاص الإنسان، لأنه لو ظلتا الطبيعتان منفصلتان لضاعت عقيدة الفداء أدراج الرياح، وهذا ما حمله لنا الفكر النسطوري، وفكر لاون من رياح فاسدة تقود للهلاك.. لماذا؟ لأنه في ظل إنفصال الطبيعتين يكون المصلوب إنسانأً وليس إلهاً، وموت إنسان برئ محدود بلا شك يعجز تماماً عن فداء البشرية في كل مكان وزمان، فهو لا يفدي إلا إنساناً واحداً فقط لاغير.. من أجل هذا تمسكت الكنيسة بعقيدة " طبيعة واحدة متجسدة لله الكلمة " والآن لندخل معاً يا صديقي إلى بستان الآباء القديسين لندرك مدى أهمية هذه العقيدة:

في صلوات التسبحة: " واحد من أثنين .. لاهوت قدوس بغير فساد.. مساوٍ للآب، وناسوت طاهر.. بغير مباضعة.. مساوٍ لنا.. كالتدبير" (ثاؤطوكية الأحد).

القديس فيلكس أسقف روما: الذي وُلِد سنة 210 م قال "نؤمن الآن بالمسيح يسوع إلهنا، ونعترف بأقنومه الواحد والشخص الواحد والطبيعة الواحدة التي لله الكلمة صار جسداً، وأيضاً بالحبل بلا زريعة هو الله الكلمة صار جسداً " (1).

القديس بوليدس أسقف روما: قال عن السيد المسيح " فهو إذاً طبيعة واحدة وشخص واحد، وليس له ما يُقسم به أثنين، وليس للجسد طبيعة منفردة في ناحية، ولا اللاهوت طبيعة منفردة في ناحية..
بل مثل الإنسان الذي هو طبيعة واحدة، كذلك المسيح الذي صار في شبه البشر، فإن كانوا لا يعرفون الواحد بالإتحاد، فقد يمكنهم أيضاً أن يقسّموا الواحد كثيراً، ويقال أنه طبائع كثيرة، لأن الجسد مجموع من أشكال كثيرة، من عظام وعروق ولحم وجلد وأظافر وشعر ودم وروح، وهذا كله متغير بعضه مع بعض وهو بالحقيقة طبيعة واحدة، واللاهوت والجسد هو واحد، لا ينقسم طبيعتين.. يلزم الذين يعتقدون بطبيعتين أن يسجدوا للواحدة ولا يسجدون للأخرى، وأن يعتمدوا بالتي لللاهوت ولا يعتمدون بالتي للناسوت " (2).

البابا أثناسيوس الرسولي: قال " وهذا الواحد هو الإله، وهو إبن الله بالروح، وهو إبن الإنسان بالجسد، ولسنا نقول عن هذا الإبن الواحد أنه طبيعتان، واحدة نسجد لها وأخرى لا نسجد لها. بل طبيعة واحدة متجسدة لله الكلمة، ونسجد له مع جسده سجدة واحدة، ولا نقول بأثنين واحد هو إبن الله بالحقيقة وله نسجد، وآخر هو إنسان من مريم ولسنا نسجد له.. الذي وُلِد من العذراء القديسة هو إبن الله بالطبيعة وهو إله بالحقيقة وليس بالنعمة، فالذي يُعلّم غير هذا التعليم الذي هو من الكتب الإلهية ويقول أن إبن الله هو غير الإنسان المولود من مريم ويجعله إبناً بالنعمة مثلنا.. فهذا الكنيسة المقدسة تحرمه " (3).

البابا كيرلس الكبير: قال في رسالته إلى سوقينوس " إن الطبائع قبل الإتحاد طبيعتان، وأما بعد الإتحاد فلا نفرق الطبيعتين من بعضهما ولا نقول أنهما إبنان ولا نفصل ذلك الذي لم ينقسم، بل نقول أن الإبن واحد كما قال الآباء وكيان الكلمة المتجسد واحد" (1).

وفي رسالته إلى يوحنا الأنطاكي قال " هو مولود من الآب قبل الدهر بحسب لاهوته، وانه هو نفسه في الأيام الأخيرة، من أجلنا ومن أجل خلاصنا وُلِد من العذراء بحسب ناسوته.. هو نفسه من الجوهر نفسه الذي للآب حسب لاهوته، ومن نفس الجوهر الذي لنا بحسب ناسوته، لأنه قد حدث إتحاد بين الطبيعتين لأجل هذا نعترف بمسيح واحد، إبن واحد، رب واحد، وبحسب هذا الفهم للإتحاد بدون اختلاط نعترف بأن العذراء القديسة هي والدة الإله" (2).

وعندما أرسل إلى البابا كيرلس سوكنس أسقف دياقيصارية الهيسوريا يسأله عما يقوله البعض أن للمسيح طبيعتين، فرد عليه قائلاً " ترى طبيعتين اجتمعتا بإتحاد من غير افتراق ولا امتزاج ولا استحالة، فالجسد هو جسد وليس هو لاهوتاً، وإن كان قد صار جسد الله، والكلمة أيضاً هو الإله وليس هو جسداً.. إن الطبيعتين اجتمعتا طبيعة واحدة ومن بعد الإتحاد لا نفرق بعضهما من بعض، ولا نقسم الواحد الغير مقسوم ونجعله أثنين، بل نقول إنه إبن واحد وحيد مثلما قال آباؤنا، انه طبيعة واحدة الكلمة الذي تجسد" (3).

يوحنا الأنطاكي: جاء في رسالته التي أرسلها للبابا كيرلس، وقد وافق عليها البابا كيرلس " نعترف أن ربنا يسوع، إبن الله الوحيد، هو إله كامل وإنسان كامل ذو نفس عاقلة وجسم، وهو مولود من الآب قبل الدهر بحسب لاهوته، وانه هو نفسه في الأيام الأخيرة، من أجلنا ومن أجل خلاصنا وُلِد من العذراء بحسب ناسوته، وهو نفسه، من الجوهر نفسه الذي للآب حسب لاهوته، ومن نفس الجوهر الذي لنا بحسب ناسوته، لأنه قد حدث إتحاد بين الطبيعتين. لأجل هذا نعترف بمسيح واحد، إبن واحد، رب واحد، وبحسب هذا الفهم للإتحاد بدون اختلاط نعترف بأن العذراء القديسة هي والدة الإله، لأن الكلمة قد تجسد وتأنس، ومنذ ذات الحمل به وحَّد الهيكل الذي أخذه منها مع ذاته " (1).

البابا ديسقورس: قال " لا يجب أن يقال طبيعتان بعد التجسد والإتحاد بل طبيعة واحدة للإله المتجسد " (2).

القديس غريغوريوس النزينزي: قال " ليس المسيح طبيعتين بعد الإتحاد ولا مفترقاً ولا مختلطاً فيما اجتمع من الجهتين، طبيعة اللاهوت وطبيعة الناسوت اجتمعتا إلى وحدانية وصارتا واحداً " (3).

القديس غريغوريوس النيؤلوغوس: قال " ليس الذي ولدته مريم إنساناً مُعرَى من اللاهوت.. بل إبن واحد، وليس للمسيح طبيعتان بعد الإتحاد ولاهو مفترقاً ولا مختلطاً فيما اجتمع من الجهتين، لأن طبيعة اللاهوت وطبيعة الناسوت اجتمعتا إلى وحدانية وصارتا واحداً وشخصاً واحداً، ليس لهذا الأقنوم الواحد تغييّر بل هو كامل في كل شئ في النفس والعقل " (4).

القديس باسيليوس: قال " لسنا نقول عن الإبن أنه إثنان، ولا نقول اللاهوت منفرداً بذاته ولا الناسوت بذاته، بل نقول طبيعة واحدة وأقنوماً واحداً " (5).

إبن المكين: ونقتطف بعض العبارات من أقواله "إن الإتحاد كان بين الأزلي والزمني كإتحاد النفس بالبدن.. فصار الأزلي والزمني واحداً.. وكل واحد من الجوهرين حافظ حقيقته لا تغيُّر فيها ولا استحالة.. لأن المفهوم من الإتحاد إنما هو مصير شيئين أو أكثر من شيئين شئ واحد.. فالمسيح إذاً هو واحد.. وهذا الواحد الموجود من الجوهرين لا يصح أن نطلق عليه إله وإنسان. بل إله متأنس.. إن كان بعد الإتحاد إلهأً وإنساناً فهو إرادتان ومشيئتان. وقد قلت أن معنى الإتحاد يبطل هذا الرأي، فهو واحد موجود من جوهرين أزلي وزمني يصح عليه إطلاق التضاد فنقول: المسيح مات وأقام الموتى، والمسيح رسول ومُرسِل الرسل، والمسيح تألم والمسيح لم يتألم. وهذا الكلام لا يلزم منه وجود التناقض عند من يعلم شروط التناقض.. فهو جوهر من جوهرين، وليس جوهرين من بعد الإتحاد {وضرب مثلاً على هذا بالإنسان} فنقول أن الإنسان مائت وغير مائت، نائم وآكل وغير نائم وغير آكل. لأن البرهان قد قام على أنه جوهر من جوهرين، حقيقة من حقيقتين. من نفس غير مائتة ولا مركَّبة ومن جسم مائت ومركَّب، ولا يصح عليه التناقض " (1).

وقال أيضاً مشبهاً إتحاد اللاهوت بالناسوت بإتحاد النفس بالجسد في الإنسان الواحد " هذا (الإنسان) واحد من أثنين، لا إثنان، أعني أن جوهرية نفسه وجسمه لم يتغيرا بعد إتحادهما، وهو واحد قائم من أثنين متضادين لأنه لا يصح لنا ولا يجوز أن نقول أن فعل بولس مثلاً وكلامه صادران عن بولسين، وكذا لا نقول أن أفعال بطرس وكلامه صادرة عن بطرسين، فهو واحد وإن كان متقوماً عن أثنين " (2).

القديس بطرس السدمنتي: قال " إن الإله الكلمة نزل من السماء من غير انتقال ولا تغيير وتجسد من مريم العذراء بجسد كامل ذي نفس عاقلة ناطقة، فصار بالإتحاد أقنوماً واحداً وطبيعة واحدة.. واشتق له من الإتحاد اسم حادث الذي هو المسيح. أنه لم يُسمى مسيحاً إلاَّ بإتحاد اللاهوت بالناسوت، وإذا كان الإتحاد قد أحَّدهما وجعلهما طبيعة واحدة فلا يجوز في العقل ولا في الشرع أن يقال أن فيهما بعد طبيعتين بل طبيعة واحدة.

هل حصل مابين اللاهوت والناسوت إتحاد أم لا؟ فإن أنكر ( المعترض) يُكفَر بإجماع الفرق الثلاثة (اليعقوبية والملكية والنسطورية) وإذا قال بل صار الإتحاد. قلنا: وما هو الذي اتحد عندك؟ إذا كانت الطبائع أثنتين، والجواهر أثنين، والأفعال أثنين، والمشيئات أثنتين، فما ترى الإتحاد عندك قد عمل شيئاً، سواء إتحدا أو لم يتحدا، هما كان أثنين وقد بقيا أثنين.. بهذه الأدلة ثبت عندنا القول بأنه أقنوم واحد، طبيعة واحدة، جوهر واحد، فعل واحد، مشيئة واحدة " (1).

الأنبا يوساب الأبح: قال " لا نقول أن في المسيح بعد الإتحاد طبيعتين أو أقنومين أو فعلين، بل طبيعة واحدة وفعل واحد يصدر عن المسيح الواحد".

وجاء في كتاب الإيمان الصحيح في السيد المسيح ص 92، 93 طبعة بيروت 1864 م أن المجمع اللاتراني المنعقد سنة 649م نص في القانون الخامس على أن " من لا يعتقد بموجب رأي الآباء القديسين أنه توجد طبيعة واحدة للإله الكلمة في المسيح خاصة وحقاً، دلالة على أن المسيح أخذ جوهرنا كله كاملاً ماعدا الخطية فليكن محروماً " وهذا جعل أحد الأساقفة اللاتين يعلق قائلاً " إن الكنيسة الرومانية تعتقد وتعلم بوجود طبيعتين في المسيح، ثم تطعن بالحرم من لا يعتقد بأن المسيح هو طبيعة واحدة للكلمة المتجسد، كما تدوَّن ذلك في المجمع اللاتراني المنعقد بأمر القديس مرتينوس البابا " (2).

قداسة البابا شنودة الثالث: قال " مَنْ الذي ولدته العذراء؟ هل ولدت إلهاً فقط؟ أم ولدت إنساناً فقط، أم ولدت إلهاً وإنساناً؟ أم ولدت الإله المتجسد؟

من المستحيل أن تكون قد ولدت إلهاً فقط لأنها ولدت طفلاً رآه الكل، ولا يمكن أن تكون ولدت إنساناً فقط، لأن هذه هي طريقة نسطور! ثم ما معنى قول الكتاب " الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يُدعى إبن الله " (لو 1: 35)؟

وما معنى إن إبنها يُدعى عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا (مت 1: 23) وما معنى قول أشعياء النبي " لأنه يولد لنا ولد ونعطى إبناً وتكون الرئاسة على كتفه ويُدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أبا أبدياً رئيس السلام" (أش 9: 6) إذاً هو لم يكن مجرد إنسان ، وإنما كان إبن الله وعمانوئيل وإلهاً.

والعذراء أيضاً لم تلد إنساناً وإلهاً، وإلاَّ كان لها إبنان. الواحد منهما إله والآخر منهما إنسان. لم يبق إلاَّ أنها ولدت الإله المتجسد.

إن المسيح ليس إبنين، أحدهما إبن الله المعبود، والآخر إنسان غير معبود. ونحن لا نفصل بين لاهوته وناسوته. لقد إتحدت في المسيح الطبيعة الإلهية بالطبيعة البشرية في بطن العذراء. لذلك حينما زارت العذراء أليصابات قالت لها القديسة العجوز " من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إليَّ " (لو 1: 34) وكانت مريم حُبلى ولم تلد ودُعيت أم الرب. إذاً إبن الله الوحيد هذا هو الذي نزل من السماء وتجسد، فالمركز الأصلي له هو لاهوته الذي نزل من بطن العذراء وتجسد، ولذلك استطاع أن يقول " قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن " (يو 8: 58) والذي قال هذا يسوع المسيح وهو يكلم اليهود، ولم يقل لاهوتي كائن قبل إبراهيم. وإنما قال " أنا كائن" مما يدل على وحدة الطبيعة فيه " (1).
 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,102
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
متى تم الإتحاد بين الطبيعة اللاهوتية والطبيعة الناسوتية؟
Virgin-Mary-Mobile-Wallpaper-0102.jpg


ج : أدعى الأبيونيون أن مريم العذراء ولدت يسوع الإنسان، فهو مجرد إنسان لا غير، وسار يسوع في وصايا الله حتى بلغ الثلاثين من عمره، وفي الثلاثين أثناء عماده من يوحنا نزل عليه المسيح (اللاهوت) فدُعي يسوع المسيح، وظل يخدم ويعلم ويرشد الشعب ويصنع معجزات حتى تعرض للصلب، ففارقه المسيح وصعد إلى السماء، وتأسئ الله على يسوع الذي يقاد للموت وهو برئ فأسقط شبهه على آخر، ورفع يسوع إلى السماء، وكذلك قال شهود يهوه بأن الإتحاد تم وقت العماد.. فمتى تم الإتحاد هل في بطن العذراء أو بعد ولادة الطفل أو في وقت العماد؟ لقد تم الإتحاد في اللحظة التي بشر فيها رئيس الملائكة الجليل جبرائيل العذراء مريم، وقبلت هي البشارة قائلة " هوذا أنا أمة الرب " (لو 1: 28) فحلَّ عليها الروح القدس، ففي هذه اللحظة بدأ الإتحاد، فلم تمر لحظة واحدة على بداية تكوين الناسوت وكان اللاهوت منفصلاً عنه، ولم ينتظر اللاهوت حتى تكوَّن الجنين، ولم ينتظر حتى وُلِد الطفل من بطن العذراء، ولا انتظر حتى وقت العماد ثم اتحد به.. إن الناسوت وُجِد في الإتحاد باللاهوت، وكأن اللاهوت كان منتظراً فاتحاً أحضانه لاستقبال الناسوت منذ اللحظة الأولى لتكوينه لكيما يتحد به.
ولهذا دعت الكنيسة العذراء مريم بمعمل الإتحاد لأن في أحشائها تم إتحاد اللاهوت بالناسوت، فنصلي في التسبحة قائلين " السلام لمعمل الإتحاد، غير المفترق الذي للطبائع، التي أتت معاً إلى موضع واحد، بغير اختلاط " (ثاؤطوكية الأربعاء) ولأن السيدة العذراء حملت في أحشائها جمر اللاهوت لذلك تشبهها الكنيسة بالعليقة، وتدور ثاؤطوكية
الخميس كلها حول هذا المعنى، ومن أجل هذا صرخت أليصابات عند لقائها بالعذراء مريم قائلة " من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلىَّ " (لو 1: 43).
ويقول القديس يعقوب السروجي " مضت مريم لتنظر حقيقة الأمر.. إعتنت بالكلام وأخذت طريقها إلى أليصابات لتنظر هناك الدهش العظيم..
إلتقى الصباح والمساء ليقبّلا بعضهما ‍‍!!

الصبية الصباح حبلى بشمس البر، وأليصابات المساء حاملة كوكب النور..
أتى الصباح ليسلم على المساء صاحبه، وتحرك المساء لينظر الصباح ويقبّله..
فاض الروح القدس من إبن الله، وحلَّ في الكاروز (يوحنا) وهو في بطن أمه، لأن سلام مريم كان هنا موضع الكاهن، وأليصابات صارت كمثل حضن المعمودية، وإبن الله أرسل الروح من أزليته وعمَّد الطفل (يوحنا) بالروح القدس.. " (1)

ولأن السيدة العذراء ولدت الله الكلمة المتأنس، لذلك فانها ولدته بدون زرع بشر، وبدون ألم " قبل أن يأخذها الطلق ولدت.قبل أن يأتي عليها المخاض ولدت ذكراً" (أش 66: 7) وبسبب إتحاد اللاهوت بالناسوت ولدت العذراء إبنها وبكوريتها مختومة " فقال لي الرب هذا الباب يكون مغلقاً لا يُفتَح ولا يدخل منه إنسان لأن الرب إله إسرائيل قد دخل فيه فيكون مغلقاً " (حز 44: 2) وفي التسبحة نقول " وبعدما ولدته، بقيت عذراء، بتسابيح وبركات نعظمك" (ثاؤطوكية الأحد) وفي قسمة عيد الميلاد يصلي الآب الكاهن قائلاً "الكائن في حضنه الأبوي كل حين آتى وحلَّ في الحشا البتولي غير الدنس. ولدته وهي عذراء وبكارتها مختومة" وبسبب الإتحاد دُعيت العذراء مريم والدة الإله "ثيؤطوكوس".

وقال أغناطيوس زكا الأول في مؤتمر القدس سنة 1959 والذي عُقِد من أجل وحدة الكنائس " غير انه لا اللاهوت وُجِد في أحشاء العذراء قبل وجود الناسوت فيها، ولا الناسوت وُجِد قبل اللاهوت. بل كلاهما وجدا معاً في لحظة واحدة فاتحدا إتحاداً ذاتياً طبيعياً جوهرياً اقنومياً بدون اختلاط ولا امتزاج ولا استحالة، بسر لا يُدرك، وولدته العذراء بعد تسعة أشهر وهي بتول ، فصار الكلمة جسداً (يو 1: 14) ودُعي عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا (مت 1: 23) " (1)

ويقول نيافة الأنبا بيشوي مطران دمياط وسكرتير المجمع المقدَّس " كلمة الله اتحد بالناسوت في لحظة تكون الجنين التي تسمى بالأنجليزية From the very moment of incaration كمثل حد السيف، أي في زمن قيمته صفر تم التجسد الإلهي. تكوَّن الجنين واتحد اللاهوت بالناسوت، وهذا يحل مشكلة كبيرة لمن يقولون إننا نؤله الإنسان. نحن نؤمن بإله تجسد وليس بإنسان تأله، فيسوع ليس إنساناً صار إلهاً، لكننا نقول أن كلمة الله الذي ظهر في الجسد..

إذاً فقد تم إتحاد اللاهوت بالناسوت منذ اللحظة الأولى للتجسد، لكنني أفضل أن أقول { اتحد اللاهوت بالناسوت في التجسد } وأفضل تعبير هو أن نقول { لقد وُجِد الناسوت في الإتحاد } أي أن الناسوت وُجِد داخل عملية الإتحاد.
أو أن حدوث الإتحاد كان في أثناء تكوُّن الناسوت من العذراء بدون وجود فاصل زمني بينهما،
بمعنى أنه حدث في لحظة الإتحاد نفسها " (2).

يتبع...
 
التعديل الأخير:

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,102
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
كيف يكون المسيح هو ابن الله ... ألا يوجد تعبير آخر ؟
A-Christmas-Carol-Poem-300x200.png

بنوة المسيح لله تختلف تماماً وبكل المقاييس عن أى نبوة أخرى , لأنها بنوة روحية وعقلية , كولادة النور من النور , والفكر من العقل كما إن بنوة المسيح للأب أزلية , لأنه كائن مع الآب بغير افتراق منذ الأزل , وهى بنوة فريدة لا نظير لها فى عالم الإنسان , ولا عالم المادة . ولأن كل مولود هو ابن , لذلك نقول ابن الله , انها ولادة روحية بعيدة تماماً عن التناسل.

لكى نفهم بنوة المسيح لله فهماً سليماً نعى

+ أن بنوة المسيح للأب ... بنوة روحية عقلية.
+ أن بنوة المسيح للأب ... بنوة أزلية.
+ أن بنوة المسيح للأب ... بنوة غير منفصلة.

لهذا نقول عنه مولود من الآب قبل كل الدهور , نور من نور , إله حق من إله حق ... النور يولد من النار دون تناسل , ودون فارق زمنى , ودون انفصال . وكذلك الفكرة حيثما تولد من العقل , لا تناسل , و لا إنفصال قديماً , وما كتبه التلاميذ والرسل فى العهد الجديد , أكثر من عقولنا وإدراكنا المحدود القاصر.

1 - أولاً نحن لا نعتقد بالمفهوم الجسدى للبنوة , بمعنى أن الله تزوج وأنجب أولاداً . ومن يقول هذا فهو كافر ... المسيح ولد بطريقة إلهية عجيبة , ولادة روحية وليست جسدية .

2 - اما عن الولادة الجسدية فهى قد أتت كما يروى الإنجيل " أنه فى ملء الزمان أرسل الله أبنه مولوداً من إمرأة مولوداً تحت الناموس " وأيضا بدون زرع رجل ...

3 - لكن لماذا نسميه ابن الله ؟ فهذه التسمية هى التى وردت فى الكتاب المقدس فى المناسبات الآتية:

أ - عندما كان المسيح يعتمد فى نهر الأردن انفتحت السموات له وظهر روح الله نازلاً من السماء مثل حمامة وأتيا عليه وصوت من السماء قائلاُ : " هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت " (مت 3 : 16 ).

ب- فى بشارة الملاك للعذراء مريم قال الملاك " ها أنت ستحبيلين وتلدين أبناً وتسمينه يسوع هذا يكون عظيماً وابن العلى يدعى " (لو 1 : 30).

ج - " ولذلك القدوس المولود منك يدعى ابن الله " (لو 1: 34).

د - وقيل عنه فى إشعياء النبى " من مصر دعوت ابنى " (اش 11 : 1).

أسئلة حول الإيمان المسيحى _ للقس أنطونيوس يونان.
7 -إن كان الله غير متغير منذ الأزل وإلى الأبد , فكيف عندما تجسد ابن الله الكلمة لم يتغير ؟ لأنه قبل التجسد , لم يكن له جسد , وبعد التجسد أصبح له جسد وصعد به إلى السماء ودخل إلى مجده ؟
يجيب على هذا السؤال نيافة الأنبا بيشوى سكرتير المجمع المقدس فيقول :

* فى عقيدتنا , الأتحاد بين اللاهوت والناسوت كان بدون اختلاط ولا امتزاج زلا تغيير . فنحن لا نعتبر أن اللاهوت قد تغير بسبب اتحاده بالناسوت , ولكن هناك قدرات موجودة فى الله منذ الأزل ولكنها تتحقق فى الوقت المناسب, وهذا لا يعنى أن الله قد تغير .
* مثال ذلك : موضوع الخلق , فالله كان موجوداً منذ الأزل بدون الخليقة , ثم فى الزمن , خلق الملائكة والكائنات المتنوعة . فهل هذا يعنى أن الله قد تغير , بمعنى أنه لم يكن خالقاً منذ الأزل قبل الخليقة , ثم فى بداية الزمن بدأ يخلق ؟!!

* للرد على هذا القول : إن صفة القدرة على الخلق موجودة أصلاً فى طبيعة الله , لم تستجد عليه صفة جديدة تخص ألوهيته , بل هو قادر أن يخلق وقتما يريد . فالتغير فى الطبيعة شئ وظهور مقومات الطبيعة فى الوقت المناسب مع عدم التغير شئ آخر.
فالتغير حدث فى الخليقة لأنها لم تكن موجودة ثم دخلت إلى حيز الوجود.

* وكذلك التجسد هو عمل من أعمال محبة الله للخليقة من أجل خلاصها , فالحب فى الله قائم منذ الأزل . وقبل التجسد هو يحب الخليقة , وفى التجسد وبعد التجسد أيضاً هو يحبها . فحب الله ممتد ولا يتغير ولا يزيد . لكنه بعد أن أرسل الأنبياء ليعدوا فكر البشرية لعمل الفداء , جاء ملء الزمان المناسب لإتمام التجسد والفداء على الرغم من أن التجسد والفداء كانا فى فكر الله منذ الأزل . فطبيعته هى الحب " هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد " (يو 3 : 16), ولم يستجد على طبيعته شئ من جهة أنه محب ومن ناحية التجسد , فكما أن الخلق هو قدرات الله التى تتحقق بواسطة أقنوم الابن . فالابن الوحيد باعتباره صورة الله غير المنظور , من ضمن اختصاصاته الأقنومية أن يعلن حقيقة الآب بالنسبة لنا , لذلك قال : " من رآنى فقد رأى الآب " . (يو 14 : 9).

فنحن لا يمكننا أن نرى حب الآب لنا أكثر مما رأيناه واضحاً فى الصليب " بهذا قد عرفنا المحبة أن ذاك وضع نفسه لأجلنا " . ( 1يو 3 : 16) , فابن الله الكلمة له دور خاص بأقنومه فهو صورة الله غير المنظور أو هو إعلان الله عن ذاته . فمثلاً نحن لا نستطيع أن نرى العقل , لكننا نستطيع معرفة ما فى العقل من خلال الكلمة , إذ أن الكلمة صورة العقل غير المنظور . فأقنوم الابن الكلمة هو الأقنوم الذى يستطيع أن يعرفنا مقاصد الآب ويعلنها لنا بصورة واضحة , فمن قدراته " إذ كان فى صورة الله ... أخذ صورة عبد " . (فى 2 : 6 , 7), فقدرة الله فى أن يخلق مثلها قدرته أن يظهر فى الجسد , دون أن يفقد طبيعته الأصلية وبدون أى تغيير.

* إذن معنى التغير فى الطبيعة الإلهية هو أن التجسد ليس إضافة جديدة إلى طبيعة الله , لأن طبيعة الله لم تضف إليها المحبة التى أعلنها على الصليب , و لا أضيفت إليها القدرة أن يظهر فى الجسد . لكنها قدرات كائنة فيه وتظهر فى الوقت المناسب.
ولكى يؤكد كلمة الله أنه لم يفقد شيئاً من قدراته الإلهية بسبب التجسد , تعمد أن تظهر قدرته الخارقة على الطبيعة وهو يعانى سكرات الموت على الصليب , ولهذا اختفت الشمس وإظلمت , لأن شمس البر كان فاتحاً ذراعيه على الصليب حسب نبوة ملاخى النبى " ولكم أيها المتقون اسمى تشرق شمس البر والشفاء فى أجنحتها " . (ملا 4 : 2) وكذلك الأرض ماجت مرتعدة والصخور تشققت , حتى أن قائد المائة الذى نفذ حكم الصلب , لما رأى ما كان قال : حقاً كان هذا ابن الله " . (مت 27 : 54 ).


مراجع الأسئلة وإجابتها:

+ كتاب :عقائدنا المسيحية الأرثوذكسية.
للقس بيشوى حلمى.


+ موقع الأنبا تكلا (صفحات خاصة بمناسبة
صوم الميلاد و عيد الميلاد المجيد
+ كتاب حتمية التجسد الإلهي - كنيسة القديسين مارمرقس والبابا بطرس - سيدي بشر - الإسكندرية)

+ كتاب أسئلة حول الإيمان المسيحى _ للقس أنطونيوس يونان.

 
أعلى