الأطلال
للشاعر الدكتور إبراهيم ناجى
هذه قصة حب عاثر: التقيا وتحابا ثم انتهت القصة بأنها هي صارت أطلال جسد, وصار هو اطلال روح، وهذه الملحمة تسجل وقائعها كما حدثت.
يا فؤادي رحم الله الـــــــهوى
كان صرحأ من خيال ... فهوى
اسقني واشرب على أطلاله
وارو عني طالما الدمع روى
كيف ذاك الحب أمسى خبراً
وحديثاً من احاديث الجـوى
وبساطا من نــــدامى حـــلم
هم تواروا أبداً وهو انطوى.
يا ريــــاحا ليس يـــهدا عصفها
نضب الزيت ومصباحي انطفا
وأنا أقتــــــات من وهـــم عفا
وآفي الـــــعمر لنــاس ما وفى
كـــــــم تقلبت على خنــــجره
لا الهوى مال ولا الجفن غفا
وذا القـــــــلب على غــــفرانه
كلما غار به النصل .... عفا
يا غراما كان مني في دمي
قدرأ كالموت أو فى طعمـه
ما قضينا ساعة في عرسه
وقضينا العمر ...في مأتمه
ما انتزاعي دمعة من عينه
واغتصابي بسمة من فمــه
ليت شعري أين منه مهربي
أين يمضي هارب من دمـه
لست أنساك وقد أغريتنى
بفم عذب المنــــاداة رقيق
ويد تمتد نــــــحوى كــــيد
من خلال الموج مُدت لغريق
آه يا قبــــــــلة أقـــدامى ..إذا
شكت الأقدام أشواك الطريق
وبريقا يظمأ الســـــــارى له
أين فى عينيك ذيـــاك البريق
لست أنساك وقـــــــد أغريتني
بالذرى الشم فأدمنت الطموح
آنت روح في سمـــــــائي وأنا
لك أعلو فكأني مــحض روح
يا لــــها من قمم كــــنا بـــــها
نتلاقى وبـــــسرينا نبــــــــوح
نستشف الغــــــيب من ابراجها
ونرى الناس ظلالأ في السفوح
انت حسن في ضحــاه لم يزل
وأنا عنـــــدي أحــزان الطـفل
وبقايـــا الظل من ركــب رحل
وخيوط النور من نـــــجم أفـل
ألـــــمح الدنيا بعيني سئم
وآرى حولي أشــــباح المــــلل
راقصات فوق أشلاه الهوى
معولات فوق أجداث الأمل
ذهب العمر هباء فاذهبي
لم يكن وعدك إلا شبحا
صفحة قد ذهب الدهر بها
أثبت الحب عليها ومحا
انظري ضحكي ورقصي فرحا
وانا أحمل قلبأ ذبحا
ويراني الناس روحأ طائراً
والجوى يطحنني طحن الرحى؟
كنت تمثال خيالي فهوى
المقادير أرادت لا يدي
ويحها لم تدر ماذا حطمت
حطمت تاجي وهدت معبدي
يا حياة البائس المنفرد
يا باباً ما به من أحد
يا قفاراً لافحات ما بها
من نجي. . يا سكون الأبد. .
أين من عيني حبيب ساحر
فيه نبل وجلال وحياء
واثق الخطوة يمشى ملكاً
ظالم الحسن شهى الكبرياء
عبق السحر كأنفاس الربى
ساهم الطرف كأحلام المساء
مشرق الطلعة في منطقه
لغة النور وتعبير السماء
أين منى مجلس أنت به
فتنة تمت سناء وسنى
وأنا حب وقلب ودم
وفراش حائر منك دنا
ومن الشوق رسول بيننا
ونديم قدم الكأس لنا
وسقانا. فانتفضنا لحظة
لغبار آدمي مسنا!
قد عرفنا صولة الجسم التي
تحكم الحي وتطغى في دماه
وسمعنا صرخة في رعدها
سوظ جلاد وتعذيب إله
أمرتنا فعصينا أمرها
وأبينا الذل أن يغشى الجباه
حكم الطاغي فكنا في العصاه
وطُردنا خلف أسوار الحياه
يا لمنفيين ضلا في الوعور
دميا بالشوك فيها والصخور
كلما تقسو الليالي عرفا
روعة الالام في المنفى الطهور
طردا من ذلك الحلم الكبير
للحظوظ السود والليل الضرير
يقبسان النور من روحيهما
كلما قد ضنت الدنيا بنور
أنت قد صيرت أمري عجبا
كثرت حولي أطيار الربى
فماذا قلت لقلبي ساعة
قم نغرد لسوى ليلي أبى
حجبت تأبى لعيني ماربا
غير عينيك ولا مطلبا
أنت من أسدلها لا تدعى
أننى اسدلت هذه الحجبا
ولكم صاح بي اليأس انتزعها
فيرد القدر الساخر: دعها
يا لها من خطة عمياء لو
نني أبصر شيئا لم أطعها
لي الويل إذا لبيتها
ولي الرمل إذا لم أتبعها
قد حنت راسي ولو كل القوى
تشتري عزة نفسي لم أبعها
يا حبيبا زرت يوما أيكه
طائر الشوق أغني المي
لك ابطاء الدلال المنعم
وتجني القادر المحتكم
وحنيني لك يكوي أعظمي
والثواني جمرات في دمي
وأنا مرتقب في موضعي
مرهف السمع لوقع القدم
قدم تخطو وقلبي مشبه
موجة تخطو الى شاطئها
أيها الظالم بالله الى كم
اسفح الدمع على موطئها
رحمة أنت فهل من رحمة
لغريب الروح أو ظامئها
يا شفاء الروح روحي تشتكي
ظلم أسيها الى بارئها
أعطنى حريتي أطلق يدي
انني اعطيت ما استبقيت شيّ
آه من قيدك أدمى معصمي
لمَ أبقيه وما أبقى علىّ
ما احتفاظي بعهود لم تصنها
والام الأسر والدنيا لدي
ها أنا جفت دموعي فاعف عنها
انها قبلك لم تبذل لحىّ
وهب الطائر عن عشك طارا
جفت الغدران والثلج أغارا
هذه الدنيا قلوب جمدت
خبت الشعلة والجمر توارى
وأذا ما قبس القلب غدا
من رماد لا تسله كيف صارا
لا تسل واذكر عذاب المصطلي
وهو يذكيه فلا يقبس نارا
لا رعى الله مساءاً قاسياً
قد أراني كل أحلامي سدى
وأرانى قلب من أعبده
ساخرا من مدمعى سخر العدا
ليت شعرى أى أحداث جرت
أنزلت روحك سجناً موصدا
صدئت روحك فى غيبها
وكذا الأرواح يعلوها الصدا
قد رأيت الكون قبرا ضيقا
خيم اليأس عليه والسكوت
ورأت عيني أكاذيب الهوى
واهيات كخيوط العنكبوت
كنت ترثي لي وتدري ألمي
لو رثى للدمع تمثال صموت
عند أقدامك دنيا تنتهي
وعلى بابك آمال تموت
كنت تدعرني طفلا كلما
ثار حبي وتندت مقلى
ولك الحق لقد عاش الهوى
فيّ طفلأ ونما لم يعقل
ورأى الطعنة إذ صوبتها
فمشت مجنونة للمقتل
رمت الطفل فأدمت قلبه
وأصابت كبرياء الرجل
قلت للنفس وقد جزنا الوعيدا
عجلي لا ينفع الحزم وثيدا
ودعىى الهيكل شبت ناره
تأكل الركع فيه والسجودا
يتمنى لي وفائي عودة
والهوى المجروح يأبى ان نعودا
لي نحو اللهب الذاكي به
لفتة العود اذا صار وقودا
لست أنسى أبداً
ساعة في العمر
تحت ريح صفقت
لارتقاص المطر
نوحت للذكر
وشكت للقمر
وذا ما طربت
عربدت في الشجر
هاك ما قد صبت الريح باذن الشاعر
وهي تغري القلب اغراء النصيح الفاجر
أيها الشاعر تغفو
تذكر العهد وتصحو
واذا ما التام جرح
جد بالتذكار جرح
فتعلم كيف تنسى
وتعلم كيف تمحو
اوكل الحب في رأ يك غفراناً وصفح
هاك فانظر عدد الرمل قلوبا ونساء
فتخير ما تشاء ذهب العمر هباء
ضل في الآرض الذي ينشد أبناء السماء
أي روحانية تعصر من طين وماء. .
أيها الريح أجل لكنما
هي حبي وتعلاتي ويأسي
هي في الغيب لقلبي خلقت
أشرقت لي قبل آن تشرق شمسي
وعلى موعدها اطبقت عيني
وعلى تذكارها وسدت رأسي
جنت الريح ونادته شياطين الظلام. .
أختاما كيف يحلو لك في البدء الختام
يا جريحا اسلم الجرح حبيبا نكأه
هو لا يبكي اذا الناعي بهذا نبأه
أيها الجبار هل تصرع من أجل امرأة. .
يا لها من صيحة ما بعثت
عنده غير أليم الذكر
ارقت في جنبه فاستيقظت
كبقايا خنجر منكسر
لمع النهر وناداه له
فمضى منحدراً للنهر
ناضب الزاد وما من سفر
دون زاد غير هذا السفر
با حبيي كل شيء بقضاء
ما بأيدينا خلقنا تعساء
ربما تجمعنا أقدارنا
ذات يوم بعد ما عز اللقاء
فإذا أنكر خل خله
وتلاقينا لقاء الغرباء
ومضى كل إلى غايته
لا تقل شيئأ! وقل لي الحظ شاء
يا مغني الخلد ضيعت العمر
في أناشيد تغنى للبشر
ليس في الأحياء من يسمعنا
فما بلنا لسنا نغني للحجر
للجمادات التي ليست تعي
والرميمات البوالي في الحفر
غنها سوف تراها انتفضت
ترحم الشادي وتبكي للوتر
يا نداء كلما أرسلته
رد مقهوراً وبالحظ ارتطم
وهتافاً من أغاريد المنى
عاد لي وهو نواح وندم
رب تمثال جمال وسنا
لاح لي والعيش شجو وظلم
ارتمى اللحن عليه جاثياً
ليس يدري أنه حسن أصم
هدأ الليل ولا قلب له
أيها الساهر يدري حيرتك
أيها الشاعر خذ قيثارتك
غن أشجانك واسكب دمعتك
رب لحن رقص النجم له
وغزا السحب وبالنجم فتك
غنه حتى ترى ستر الدجى
طلع الفجر عليه فانهتك
واذا ما زهرات ذعرت
ورايت الرعب يغشى قلبها
فترفق واتئد واعزف لها
من رقيق اللحن وامسح رعبها
ربما نامت على مهد الأسى
وبكت مستصرخات ربها
ايها الشاعر كم من زهرة عوقبت
لم تدر يوماً ذنبها