ايقونة الميلاد

بيترالخواجة

<<<< Jesus >>>>
عضو مبارك
إنضم
20 نوفمبر 2006
المشاركات
872
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
إنَّ النظرَ إلى الأيقونةِ يجعلُنا نشعرُ بأنَّها تُصالِحُنَا معَ عيدِ الميلادِ. كلُّ شيءٍ في عيدٍ. الكواكبُ تُشِعُّ في السماواتِ، البهائمُ هادئةٌ، والرّعاةُ يُشاطِرُونَ الكواكبَ فرحَهَا .المجوسُ يسرِعُونَ مُبتَهِجينَ لاكتشافِ "الحقيقة" التي قادَهُم إليها النّجمُ. كلُّ شيءٍ مغمورٌ بالنّورِ.
في الأيقونةِ نرى أنَّهُ: ما عدا غسلُ الطّفل، وهذا تفصيلٌ إنسانيٌّ جدّاً حولَ الولادةِ، وماعدا الانشغالُ الذي لا بُدَّ منهُ حولَ المولودِ الجديدِ، فإنَّ رسّامَ الأيقونةِ شديدُ الأمانةِ لروحِ الإنجيلِ، حيثُ نجدُ:
أولاً: الشكُّ الذي حامَ في قلبِ يوسفَ حولَ بتوليَّةِ مريم وأصلِ يسوعَ الإلهيّ.
في أسفلِ الصورةِ، يوسفُ جالسٌ متفكِّرٌ، رأسُهُ بينَ يديهِ، وشيطانُ الشكِّ يراوِدُهُ على هيئةِ راعٍ عجوزٍ.
وعلى الأيقونةِ نرى المجوسَ ذوي المقامِ الرفيعِ باحثينَ عن الملكِ الجديدِ فيجِدُونَ طِفلاً مُضجِعَاً في مذودٍ، وعندما وجدُوا الصبيَّ فرِحُوا فرحاً عظيماً وسجَدُوا لهُ عابِدِينَ وقدَّمُوا له هدايا: ذهباً و لُبَاناً ومُرَّاً. كذلك نرى الرعاةَ الذين تلَقَّوا البُشرى منَ الملاكِ.
أمامَ المغارةِ مريمُ مستلقيةٌ في الوضعِ المُعتادِ الذي تتَّخِذه النفساء، وهيَ تحتلُّ مكاناً كبيراً بين عناصرِ الأيقونةِ، هذا يُعبِّرُ عن أهمِّيّة العذراءِ في سرِّ التجسدِ: مريم ،بولادةِ "ابنِها" تصبح "والدة الإله". لكنّ الحيرةَ تعترينا، لماذا تُديرُ مريمُ ظهرَها إلى الطفل؟ إنَّها تنظُرُ بشفقةٍ إلى يوسفَ الذي يتساءَلُ وعبرَهُ تتساءلُ الإنسانيةُ جمعاء الغارقة في ظلماتِ الجهل. يبدو وكأنَّها تُشير بيدها إلى المولودِ الجديد, وبهذه الحركةِ تقودُ كلَّ إنسانٍ نحوَ ابنِ الله.
يدُ مريم الموجَّهة في آنٍ نحوَ الطفلِ والمستلقيةُ على صدرِها, يريدُ رسّامُ الأيقونةِ من خلالِ هذهِ الحركة, أن يُلمِّحَ إلى كلامِ القديس لوقا: "وأمّا مريمُ فكانت تحفظُ جميعَ هذا الكلامِ متفكِّرَةً بهِ في قلبِها".
يتركَّزُ فنُّ رسمِ العناصرِ حولَ المغارةِ. ونحوَ المغارةِ ينصبُّ كلُّ شيءٍ. هذا قد يكونُ كفوهةٍ مركزُها الأساسيُّ الثقبُ المظلِمُ حيثُ ينبجِسُ النّورُ ويُشِعُّ. يسوعُ هوَ في جوفِ المغارةِ, كما لو أنَّهُ مُتَحدِّرٌ منَ الأرضِ بالذات. هذه الصورة تُعطينا معنى التجسّدِ الحقيقيّ.
 
أعلى