بينما أنا أجول ضاحكاً بين مواضيع المنتديات الإسلامية الهشّة ، إذ بي أجد موضوعاً غريباً ، نعم ، انني وجدت موضوعا ( إن جاز هذا الإسم عليه ) يقوم فيه أحدهم بالرد على جزء من موضوعنا ، ولأن موضوعنا مسيحيين ولسنا نصارى ! لا يمكن الرد عليه لأنه ليس في مجال الأخذ والرد لأنه خارج هذا المجال ، بسبب انه عبارة عن حقائق علمية تاريخيية موثقة ، لا تقبل أصلاً الجدل ، ولهذا دخلت الموضوع لأرى ما الذي يمكن ان يصل إليه عقل المسلم في الرد على المسيحي ! ، تخيلوا ، مسلم يحاول الرد على مسيحي ! عجبي ! كيف جرؤ !؟...
عموماً ، رأيت في الموضوع ما لم أرهُ إلا في موضوع آخر وهو موضوع " هل سرجون انتهى فى قمران؟؟ ام قمران شهدت على تدليس المسلمين؟؟ " وبالفعل ، ما رأيته كان مضحكاً لدرجة اني فكرت ان لا أرد على هذا الـ" موضوع " وقلت فلنترك أحدهم يفرح انه يكتب رداً علينا بمبدأ " شجعوا صغار النفوس " ولأني لا اعتقد ان كاتب الموضوع يقصد الرد علينا بل فقط إظهار انه يجيد الكتابة على الكيبورد ! ، ولكن سرعان ما عدت عن هذا الفكر لأقول ، إن المستوى العلمي لدي المسلم العادي هو بسيط للغاية ويمكن لموضوع كهذا ان يخدعهم ويعتقدوا أنه كلام صحيح ، لذا وفقاً لإحترام هؤلاء الإخوة ، قررت ان ارد على هذا الذي لا يصلح أن نسميه " رداً " واكمل البحث الخاص بي حيث اني مازلت لم كمله وانتظر شيء معين لم يحدث إلى الآن ...
عموما فلنبدأ،،
بالطبع بدأ الموضوع بالسب ووصفي بالجاهل ! ، وبالطبع لن نسبه لاننا لا نسب احداً وسوف نرى من هو الجاهل الحقيقي في أثناء الموضوع خلال عرض الأدلة لكي لا يكون وصفنا له بالجهل سب ، بل يكون صفة موثقة بالأدلة لكي لا يأتي احد ويقول اننا نسب ،،
بعد هذا يأتي بمعاجم عربية ليأتي بمعنى الكلمة ومن اين اشتقاقها !! ، وهذه قمة عدم الدراية أصلاً بالموضوع ، فنحن لم نختلف ان اللفظة عربية بهذا الشكل ( نصارى ) فكيف يأتي بمراجع عربية ؟ ليثبت ما لم نختلف فيه ؟ بل أن المراجع العربية نفسها تقول ان الكلمة ليست من أصل عربي وإنما أعجمية ، فكيف نأتي بالمعنى العربي لكلمة ليست أصلا عربية !!؟ عجبي !
المهم ، لنرمي كل هذه المعاجم لانها بلا قيمة في هذا الحوار أصلا ونتجه إلى الجُمل بعد هذه المعاجم ، لنرد عليها حتى في تفاهاتها ،،
ولكن قبل أن نرد نوضح امراً هاماً يعرفكم بما يفعله هؤلاء المتعالمين على المسلمين البسطاء ، قام هو بوضع صور لعدة معاجم وهى عبارة عن كتب مسحوبة سكانر اي هارد كبي ليصل إلى القاريء أنه علامة عصرة وجهبذ زمانه وانه يتناول الإفطار وهو يقرأ معجم العين ويتناول وجبة الغداء وهو يقرأ في معجم تهذيب اللغة ويتناول العشاء وهو يقرأ في معجم المحيط وبينا هو نائم يحلم بمعجم الصحاح فيقوم من نومه في نصف الليل ليراجع في معجم المصباح المنير ، وبينما هو في طريقه للعمل يقرأ في معجم تاج العروس ، أي ان الرجل صار من العرب الأقحاح ، فسريعاً ما يصل للقاريء هذا المفهوم لان ما وضعه هو عبارة عن صور لكتب وليس تفريغ نصي text من المعاجم الموجودة في أي برنامج تقريباً ،، ولكن الحقيقة أن تقريباً كل هذه المعاجم موجودة على برنامج المكتبة الشاملة ، فكان هذا الشخص على الإلب يقوم بالبحث فيها على الشاملة ثم بعدما يجد ما يريده كان يذهب إلى الكتب المصورة التي لديه ويستخرج منها هذا الكلام ليُرينا انه علامة عصره وأوانه في اللغة ! ولكن كما هى العادة نسأل ، على من ؟ فكل هذه خدع مكشوفة بسيطة سهلة الإيضاح وطرق قديمة في الحوار ،،..
المهم ،،
بعد هذا يقول :
وبالطبع هذا كلام غير صحيح ، فمثلاً في أقدم المعاجم العربية التي عرضها جاء في الهامش :
(90) جاء بعد هذه الكلمة وشرحها في الأصول المخطوطة: قال الضرير: هي ناصرة، وقد نسب النصارى إليها. في الأصول: نصورية، وما أثبتناه فمن التهذيب 12/ 161 واللسان (نصر) .
ولكن ، كيف مرّت على المسلم ؟ في الحقيقة هى لم تمر ، بل هو مررها عمداً فعند عرضه هذه الكلمة من هذا المعجم عرض الصورة كالآتي :
وطبعا هذا من أمانة هذا الشخص العلمية !
فإن كان في الأصول المخطوطة لهذا الكتاب توجد كلمة " ناصرة " وما اُثبِت هو ما جاء في التهذيب فكيف يترك ما جاء في الأصول ويذهب إلى ما جاء في التهذيب !؟
المهم أنه يريد أن ينفي بشكل عام وجود هذا اللفظ " ناصرة " في أقدم الكتب العربية وبالتالي عدم وجود هذا اللفظ أصلاًً قديما في عهد رسول الإسلام ! ، حسنا لنرى ،،
جاء في تفسير الطبري :
وهذه الأبيات التي ذكرتها، تدل على أنهم سموا"نصارى" لنصرة بعضهم بعضا، وتناصرهم بينهم. وقد قيل إنهم سموا"نصارى"، من أجل أنهم نزلوا أرضا يقال لها"ناصرة".
1095 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"النصارى" إنما سموا نصارى من أجل أنهم نزلوا أرضا يقال لها"ناصرة".
* * *
ويقول آخرون: لقوله: (مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ) [سورة الصف: 14] .
* * *
وقد ذكر عن ابن عباس من طريق غير مرتضًى أنه كان يقول: إنما سميت النصارى نصارى، لأن قرية عيسى ابن مريم كانت تسمى"ناصرة"، وكان أصحابه يسمون الناصريين، وكان يقال لعيسى:"الناصري".
1096 - حدثت بذلك عن هشام بن محمد، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس.
1096 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: إنما سموا نصارى، لأنهم كانوا بقرية يقال لها ناصرة ينزلها عيسى ابن مريم، فهو اسم تسموا به، ولم يؤمروا به.
1098 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى) [المائدة: 22] قال: تسموا بقرية يقال لها"ناصرة"، كان عيسى ابن مريم ينزلها.
تفسير الطبري - جـ 2 صـ 145 ، تحقيق أحمد محمد شاكر
والطبري هو من وفيات 310 هـ
وهو يذكر ما جاء إليه قبله ،،
وجاء في كتاب جمهرة اللغة لأبو بكر الأزدي المتوفي عام 321 هـ :
وَالنَّصَارَى يُنسبون إِلَى ناصرة، وَهُوَ مَوضِع، هَذَا قَول الْأَصْمَعِي، وَخَالفهُ قوم فَقَالُوا: يُنسبون إِلَى نَصْران، اسْم.
وجاء في كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس لمحمد بن القاسم الأنباري المتوفي عام 328 هـ :
قال أبو بكر: قال بعض أهل العلم (97) : سموا نصارى، لنزولهم قرية يقال لها: ناصرة.
وجاء في كتاب مشارق الأنوار على صحاح الآثار لأبو الفضل اليحصبي السبتي المتوفي عام 544 هـ :
(ن ص ر) وَقَوله النَّصَارَى قيل سموا بذلك نِسْبَة إِلَى ناصرة قَرْيَة بِالشَّام وَقيل م النَّصْر جمع نصران مثل ندمان وندامى والنصر المعونة وَقد تجئ بِمَعْنى التَّعْظِيم وَجَاء النَّصْر بِمَعْنى الْمَطَر وَمِنْه فِي الحَدِيث أَن هَذِه السحابة تنصر أَرض بني كَعْب أَي تمطرهم قَالَه الْهَرَوِيّ وَعِنْدِي أَن هَذَا وهم فِي التَّفْسِير لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ الْخَبَر فِي قصَّة خُزَاعَة وهم بَنو كَعْب حِين غدرت بهم قُرَيْش وَهِي كَانَت سَبَب غَزْوَة الْفَتْح وَنقض صلح قُرَيْش إِذْ كَانَت خُزَاعَة فِي عهد وَحُرْمَة فِي صلحهم وَالْأَشْبَه أَن الحَدِيث على ظَاهره من النَّصْر والمعونة بِمن فِيهَا من الْمَلَائِكَة أَو مَا شَاءَ الله
وجاء في مختار الصحاح لأبي بكر الرازي المتوفي عام 666 هـ :
ن ص ر: (نَصَرَهُ) عَلَى عَدُوِّهِ يَنْصُرُهُ (نَصْرًا) ، وَالِاسْمُ (النُّصْرَةُ) . وَ (النَّصِيرُ) (النَّاصِرُ) وَجَمْعُهُ (أَنْصَارٌ) كَشَرِيفٍ وَأَشْرَافٍ. وَجَمْعُ النَّاصِرِ (نَصْرٌ) كَصَاحِبٍ وَصَحْبٍ. وَ (اسْتَنْصَرَهُ) عَلَى عَدُوِّهِ سَأَلَهُ أَنْ يَنْصُرَهُ عَلَيْهِ. وَ (تَنَاصَرَ) الْقَوْمُ نَصَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَ (انْتَصَرَ) مِنْهُ انْتَقَمَ. وَ (نَصْرَانُ) بِوَزْنِ نَجْرَانَ قَرْيَةٌ بِالشَّامِ تُنْسَبُ إِلَيْهَا (النَّصَارَى) ، وَيُقَالُ: اسْمُهَا (نَاصِرَةُ) . وَ (النَّصَارَى) جَمْعُ (نَصْرَانٍ) وَ (نَصْرَانَةٍ) كَالنَّدَامَى
كما جاء في مراجع أخرى لا تهمنا الآن ..
بعد هذا يريد أن يضحكنا أكثر وأكثر ، فيأتي لنا بمعجم المحيط ومعجم المنجد ، لبطرس البستاني ولويس معلوف ! ويريد أن يستشهد بهما على إعتبار انهم مسيحيين وجيب عليك يا مسيحي ان تسمع لهم !! بل ويريد ان يفحمني أكثر وأكثر ويأتي لي بأنهما كانا يعرفان لغات أخرى مع العربية مثل السريانية والايطالية واللاتينية والعبرية واليونانية والانجليزيية ، وبالطبع لا تعليق على مثل هذا السفة العلمي والمنطقي !
بعد هذا أصبح ياتي لنا بكيف أتى العرب بهذا اللفظ " نصارى " وهل اللفظة " ناصرة " صحيحة ام ان الصحيح هو " [FONT="]نصرونه " أو " [FONT="]نـَصْرانه[/FONT] " أو " [FONT="]نـَصْران[/FONT] " أو " [FONT="]نـَصْرة[/FONT] " و " [FONT="]نـَصَرَى[/FONT] " و و " [FONT="]نـَصُورِيَة[/FONT] " ، ونسى ان كل هذا لا قيمة له على الإطلاق لأن كل هذا هو الإشتقاق العربي وكل هذا لا يسوى فلس أو أقل ! ، بل ونسى أيضاً أن كل هذه الأسماء تضرب بعضها بعضاً فهل هى " نصرانة " أم هى " نصران " أم هى " نصرة " أم " نصري " أم هى " نصرونه " أم هى " نصورية " ومن الذي أطلق عليها كل هذا ؟ أو بعض هذا ؟ وكيف ؟ ومن هو مصدرها للدخول في شبهة الجزيرة ؟ ، كلها أقوال لا أساس لها وكل ما يمكن لعربي أن يفعله هو ان يأتي بقول لهذا قال او قيل ! لكن كيف هذا ! هذا غير موجود ..
المهم لنضرب كلامهم بكلامهم ،،
كلام في الهواء !
ولكن هل هذا هو فقط الذي فعله المسلم ؟ أونسيتم التدليس ؟ لماذا اقتطع المسلم هذا السطر من سياق الحديث ؟ تعالوا لنراه كاملا ثم نعرف لماذا قطعه المسلم :
ونَصَره ينصُره نَصْراً: أَعطاه. والنَّصائِرُ: الْعَطَايَا. والمُسْتَنْصِر: السَّائل. وَوَقَفَ أَعرابيّ عَلَى قَوْمٍ فَقَالَ: انْصُرُوني نَصَركم اللَّهُ أَي أَعطُوني أَعطاكم اللَّهُ. ونَصَرى ونَصْرَى وناصِرَة ونَصُورِيَّة «2» : قَرْيَةٌ بِالشَّامِ، والنَّصارَى مَنْسُوبُون إِليها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، قَالَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ إِلا أَن نادِر النَّسَبِ يَسَعُه، قَالَ: وأَما سِيبَوَيْهِ فَقَالَ أَما نَصارَى فَذَهَبَ الْخَلِيلُ إِلى أَنه جَمْعُ نَصْرِيٍّ ونَصْران، كَمَا قَالُوا ندْمان ونَدامى، وَلَكِنَّهُمْ حَذَفُوا إِحدى الياءَين كَمَا حَذَفُوا مِنْ أُثْفِيَّة وأَبدلوا مَكَانَهَا أَلفاً كَمَا قَالُوا صَحارَى، قَالَ: وأَما الَّذِي نُوَجِّهه نَحْنُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جَاءَ عَلَى نَصْران لأَنه قَدْ تَكَلَّمَ بِهِ فكأَنك جَمَعْتَ نَصْراً كَمَا جَمَعْتَ مَسْمَعاً والأَشْعَث وَقُلْتَ نَصارَى كَمَا قُلْتَ نَدامى، فَهَذَا أَقيس، والأَول مَذْهَبٌ، وإِنما كَانَ أَقْيَسَ لأَنا لَمْ نَسْمَعْهُمْ قَالُوا نَصْرِيّ. قَالَ أَبو إِسحاق: واحِد النصارَى فِي أَحد الْقَوْلَيْنِ نَصْرَان كَمَا تَرَى مِثْلُ نَدْمان ونَدامى، والأُنثى نَصْرانَة مِثْلُ نَدْمانَة؛ وأَنشد لأَبي الأَخزر الْحِمَّانِيِّ يَصِفُ نَاقَتَيْنِ طأْطأَتا رُؤُوسَهُمَا مِنَ الإِعياء فَشَبَّهَ رأْس النَّاقَةِ مِنْ تطأْطئها برأْس النَّصْرَانِيَّةِ إِذا طأْطأَته فِي صَلَاتِهَا:
فَكِلْتاهُما خَرَّتْ وأَسْجَدَ رأْسُها، ... كَمَا أَسْجَدَتْ نَصْرانَة لم تحَنَّفِ
فَنَصْرانَة تأْنيث نَصْران، وَلَكِنْ لَمْ يُستعمل نَصْران إِلا بِيَاءَيِ النَّسَبِ لأَنهم قَالُوا رَجُلٌ نَصْراني وامرأَة نَصْرانيَّة، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ إِن النَّصَارَى جَمْعُ نَصْران ونَصْرانَة إِنما يُرِيدُ بِذَلِكَ الأَصل دُونَ الِاسْتِعْمَالِ، وإِنما الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْكَلَامِ نَصْرانيٌّ ونَصْرانِيّة، بِيَاءَيِ النَّسَبِ، وإِنما جَاءَ نَصْرانَة فِي الْبَيْتِ عَلَى جِهَةِ الضَّرُورَةِ؛ غَيْرِهِ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ وَاحِدُ النَّصَارَى نَصْرِيّاً مِثْلَ بَعِيرٍ مَهْرِيّ وإِبِل مَهارَى، وأَسْجَد: لُغَةٌ فِي سَجَد. وَقَالَ اللَّيْثُ: زَعَمُوا أَنهم نُسِبُوا إِلى قَرْيَةٍ بِالشَّامِ اسْمُهَا نَصْرُونة.
لسان العرب 5 - 211 ، 212 ..
أعرفتم لماذا بتر وقص هذا السطر من كل هذا ؟
فالذين ربط الكلمة بالناصرة هم " الليث " ولم يقل أن هذا كلامه بل كلام من " زعموا " والآخر هو الأعرابي وإبن سيده خطأّهُ وقال أن هذا القول " ضعيف " ....و أما الباقي فلم يلتفت لتأصيل الكلمة بل بكيفية إفرادها وجمعها !!
فلنكمل ...
صراحة ، لا أعلم لماذا الإصرار على التدليس والبتر ؟
لنرجع إلى المكان الذي لم يشر إليه أصلا المعترض ..
قَالَ ابنُ دُرَيْد: النَّصارى منسوبون إِلَى نَصْرَانة، وَهِي مَوْضِع، هَذَا قَول الأصمعيّ، وَقيل: هِيَ ة بِالشَّام، وَيُقَال لَهَا ناصِرَة، وَهِي الَّتِي طَبَرِيَّة، وَقد تقدّم عَن اللَّيْث، قَالَ غيرُه: هِيَ نَصُوريَة، بِفَتْح النُّون وَتَخْفِيف التحتيَّة، كَمَا ضَبطه الصَّاغانِيّ. وَيُقَال فِيهَا أَيْضا: نَصْرَى بِالْفَتْح، ونَصْرُونة، يُنسَب إِلَيْهَا النَّصارى.
قَالَ ابنُ سِيدَه: هَذَا قولُ أهلِ اللُّغَة، قَالَ: وَهُوَ ضعيفٌ إلاّ أنّ نادرَ النَّسَبِ يسَعُه، أَو النَّصارى جمعُ نَصْرَانٍ، كالنَّدامى جمع نَدْمَان، وَلَكنهُمْ حذفوا إِحْدَى الياءَيْن، كَمَا حذفوا من أُثْفِيَّة وأبدلوا مَكَانهَا ألفا كَمَا قَالُوا صَحارى، وَهَذَا مذهبُ الخليلِ وَنَقله سِيبَوَيْهٍ.
نفس الأمر ، النفي بعد الجملة ، فيأخذ الجملة ويترك النفي !! عجبي على هذه الأمانة العلمية لهؤلاء ! ، لأنهم لا يجدوا ما يردوا به أدلتنا الدامغة ، فيلجأوون إلى البتر والقص ليخدعوا الإخوة المسلمين البسطاء ..
كالعادة نعود إلى المصدر لنرى الإقتطاع :
الثالثة- قوله تعالى : {وَالنَّصَارَى} جمع واحده نصراني. وقيل : نصران بإسقاط الياء ، وهذا قول سيبويه. والأنثى نصرانة ، كندمان وندمانة. وهو نكرة يعرف بالألف واللام ، قال الشاعر :
صدت كما صد عما لا يحل له ... ساقي نصارى قبيل الفصح صوام
فوصفه بالنكرة. وقال الخليل : واحد النصارى نصري ، كمهري ومهارى. وأنشد سيبويه شاهدا على قوله :
تراه إذا دار العشا متحنفا ... ويضحي لديه وهو نصران شامس
وأنشد :
فكلتاهما خرت وأسجد رأسها ... كما أسجدت نصرانة لم تحنف
يقال : أسجد إذا مال. ولكن لا يستعمل نصران ونصرانة إلا بياءي النسب ، لأنهم قالوا : رجل نصراني وامرأة نصرانية. ونصره : جعله نصرانيا. وفي الحديث : "فأبواه يهودانه أو ينصرانه". وقال عليه السلام : "لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار". وقد جاءت جموع على غير ما يستعمل واحدها ، وقياسه النصرانيون. ثم قيل : سموا بذلك لقرية تسمى "ناصرة" كان ينزلها عيسى عليه السلام فنسب إليها فقيل : عيسى الناصري ، فلما نسب أصحابه إليه قيل النصارى ، قاله ابن عباس وقتادة. وقال الجوهري : ونصران قرية بالشام ينسب إليها النصارى ، ويقال ناصرة. وقيل : سموا بذلك لنصرة بعضهم بعضا ، قال الشاعر :
لما رأيت نبطا أنصارا ... شمرت عن ركبتي الإزارا
كنت لهم من النصارى جارا
وقيل : سموا بذلك لقول : {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} [آل عمران : 52].
فهل هم سموا كذلك لأنهم نصروا الله ؟
مشكلة الرد على هذا السؤال هى إن كان كل من " يصنر الله " او " ينصر المسيح " يدعى نصرانياً ، فبهذا يكون كل مسلم هو نصراني لانه نصر الله والمسيح ! وبهذا كل المسلمين نصارى
كالعادة نعود ،،
نَصَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَانْتَصَرْتُ مِنْ زَيْدٍ انْتَقَمْتُ مِنْهُ وَاسْتَنْصَرْتُهُ طَلَبْتُ نُصْرَتَهُ وَالنَّاصُورُ عِلَّةٌ تَحْدُثُ فِي الْبَدَنِ مِنْ الْمَقْعَدَةِ وَغَيْرِهَا بِمَادَّةٍ خَبِيثَةٍ ضَيِّقَةِ الْفَمِ يَعْسُرُ بُرْؤُهَا وَتَقُولُ الْأَطِبَّاءُ كُلُّ قُرْحَةٍ تُزْمِنُ فِي الْبَدَنِ فَهِيَ نَاصُورٌ وَقَدْ يُقَالُ نَاسُورٌ بِالسِّينِ وَرَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ بِفَتْحِ النُّونِ وَامْرَأَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ وَرُبَّمَا قِيلَ نَصْرَانٌ وَنَصْرَانَةٌ وَيُقَالُ هُوَ نِسْبَةٌ إلَى قَرْيَةٍ اسْمُهَا نَصْرَةُ قَالَهُ الْوَاحِدِيُّ وَلِهَذَا قِيلَ فِي الْوَاحِدِ نَصْرِيٌّ عَلَى الْقِيَاسِ وَالنَّصَارَى جَمْعُهُ مِثْلُ مُهْرِيٌّ وَمَهَارَى ثُمَّ أُطْلِقَ النَّصْرَانِيُّ عَلَى كُلِّ مَنْ تَعَبَّدَ بِهَذَا الدِّينِ.
فهل هى نسبة إلى الناصرة أم نسبة إلى النصرة شخص لشخص ؟
لنرى ماذا جاء هناك :
ونَصَرى ونَصْرَى وناصِرَة ونَصُورِيَّة
( * قوله « ونصورية » هكذا في الأصل ومتن القاموس بتشديد الياء وقال شارحه بتخفيف الياء ) قرية بالشام والنَّصارَى مَنْسُوبُون إِليها قال ابن سيده هذا قول أَهل اللغة قال وهو ضعيف إِلا أَن نادِر النسب يَسَعُه قال وأَما سيبويه فقال أَما نَصارَى فذهب الخليل إِلى أَنه جمع نَصْرِيٍّ ونَصْران كما قالوا ندْمان ونَدامى ولكنهم حذفوا إِحدى الياءَين كما حذفوا من أُثْفِيَّة وأَبدلوا مكانها أَلفاً كما قالوا صَحارَى قال وأَما الذي نُوَجِّهه نحن عليه جاء على نَصْران لأَنه قد تكلم به فكأَنك جمعت نَصْراً كما جمعت مَسْمَعاً والأَشْعَث وقلت نَصارَى كما قلت نَدامى فهذا أَقيس والأَول مذهب وإِنما كان أَقْيَسَ لأَنا لم نسمعهم قالوا نَصْرِيّ قال أَبو إِسحق واحِد النصارَى في أَحد القولين نَصْرَان كما ترى مثل نَدْمان ونَدامى والأُنثى نَصْرانَة مثل نَدْمانَة وأَنشد لأَبي ......
فلما بتر المعترض هذا الكلام ؟
أولاً : بالنسبة " للعربية " بجملتها فهى بلا أدنى قيمة ولا قيمة حتى لو اثبت ان نصراني هى من مصر الجديدة ! فلا قيمة لكل استشهاد عربي علىّ بل فقط عليك انت ،،
ثانياً : أما عن الصيغة الأصلية فهذا خطأ منطقي حيث أنه من المنطقي ان تقول أيضاً أنها هى الصيغة الأصلية ولكن لم يعرفها أحد من العرب ( جدلاً ) !! وهذا واضح من تخبط المراجع العربية ( كالعادة ) لان الكلمة ليست عربية أصلاً ..
فكيف تفهم أن هذا السؤال إستنكاري ؟ عجبي !
وقلت أيضاً :
وأيضاً :
وحقيقة أنا اعرف انك لن تفهم معزى سؤالي ولن تفهم حتى شرحي هذا ( وهذا طبيعي ) ولهذا لن افهمك مغزى سؤالي فيجب ان تجد وتتعب لترتقي لمستوى السؤال ، ولزيادة حيرتك أقول مرة أخرى :
من قال أن " نصارى " كلمة عربية ؟
ولكن للترويح عن النفس ، نمسك ما اتيت به بالمرة :
الصور ليس فيها " نصارى " !
هكذا ايضاً لا يوجد هنا من قال أن " نصارى " أعجمية !! بل قال أن " نصارى " مشتقة من " ناصرة " !! وهذا ليس سؤالي ..
ثانياً : نعطيك الادلة :
يقول الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان عضو اللجنة الدائمة وعضو هيئة كبار العلماء في كتاب : إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد :
"كما أطرت النصارى ابن مريم" النصارى المراد بهم: أتباع عيسى عليه السلام، قيل: سُمُّوا نصارى نسبة إلى البلد: الناصرة في فلسطين، أو من قوله تعالى: {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ} ، وهم أهل ملّة من الملل الكتابيّة، ويسمّون بالنصارى، أما أن يسمّوا بالمسيحيين- كما عليه النّاس الآن- فهذا غلط، لأنه لا يقال: المسيحيون إلاّ لمن اتبع المسيح عليه السلام، أما الذي لم يتبعه فإنه ليس مسيحيًّا، وإنما هو نصراني، فاسمهم في الكتاب والسنّة: النصارى.
ويقول أيضاً :
قال: "ثم مررت على نفرٍ من النصارى" النصارى: أتباع عيسى عليه السلام في الأصل. قيل: سُمُّوا نصارى نسبةً إلى البَلد (الناصرة) بفلسطين، وقيل: سُمُّوا نصارى من قولهم: {نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ} .
وجاء في بحر العلوم للسمرقندي :
وقال القتبي عن أبي عبيدة: إن العرب تضع لفظ الفاعل في موضع المصدر، كقولهم للخوان مائدة، وإنما يميد بهم ما في الخوان فيجوز أن يكون الهاء صفة للخائن، كما يقال رجل طاغية وراوية للحديث. ثم قال: إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ يعني: مؤمنيهم لم ينقضوا العهد فَاعْفُ عَنْهُمْ يعني اتركهم ولا تعاقبهم وَاصْفَحْ عَنْهُمْ يعني: أعرض عنهم إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ الذين يعفون عن الناس، وهذا قبل الأمر بقتال أهل الكتابين. قوله تعالى: وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى وذلك أن الله تعالى لما ذكر حال اليهود ونقضهم الميثاق، فقال على أثر ذلك إن النصارى لم يكونوا أحسن معاملة من اليهود، ثم بيّن معاملتهم فقال: وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ في الإنجيل، بأن يتبعوا قول محمد صلى الله عليه وسلم فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ يعني تركوا نصيباً مما أمروا به في الإنجيل من اتباع قول محمد صلى الله عليه وسلم، ويقال: نقضوا العهد كما نقض اليهود، ويقال إنما سموا أنفسهم النصارى لأنهم نزلوا قرية يقال لها «ناصرة» ، نزل فيها عيسى- عليه السلام- فنزلوا هناك وتواثقوا بينهم، ويقال: إنما سموا النصارى لقول عيسى: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ [آل عمران: 52، والصف: 14] .
وجاي في الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي :
وَالنَّصارى واختلفوا في سبب تسميتهم بهذا الاسم، فقال الزهري: سمّوا نصارى لأنّ الحواريّين قالوا: نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ.
مقاتل: لأنّهم تولوا قرية يقال لها: ناصرة، فنسبوا إليها.
وقال الخليل بن أحمد: النصارى: جمع نصران، كقولهم: ندمان وندامى.
وأنشد:
تراه إذا دار العشيّ محنّفا ... ويضحى لربّه وهو نصران شامس «3»
فنسبت فيه ياء النسبة كقولهم لذي اللحية: لحياني، ورقابي لذي الرقبة.
فقال الزجاج: يجوز أن يكون جمع نصري كما يقال: بعير حبري، وإبل حبارى، وإنما سمّوا نصارى لاعتزائهم إلى نصرة وهي قرية كان ينزلها عيسى وأمّه.
وَالصَّابِئِينَ قرأ أهل المدينة بترك الهمزة من الصَّابِئِينَ والصَّابِئُونَ الصّابين والصّابون في جميع القرآن، وقرأ الباقون بالهمزة وهو الأصل، يقال: صبا يصبوا صبوءا، إذا مال وخرج من دين إلى دين.
ويقول الزمخشري في الكشاف :
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (14)
أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ أخذنا من النصارى ميثاق من ذكر قبلهم من قوم موسى، أى مثل ميثاقهم بالإيمان باللَّه والرسل وبأفعال الخير. وأخذنا من النصارى ميثاق أنفسهم بذلك. فإن قلت:
فهلا قيل: من النصارى؟ «2» قلت: لأنهم إنما سموا أنفسهم بذلك ادعاء لنصرة اللَّه، وهم الذين قالوا لعيسى: نحن أنصار اللَّه، ثم اختلفوا بعد: نسطورية، ويعقوبية، وملكانية. أنصارا للشيطان «1» فَأَغْرَيْنا فألصقنا وألزمنا من غرى بالشيء إذا لزمه ولصق به وأغراه غيره.
ومنه الغراء الذي يلصق به بَيْنَهُمُ بين فرق النصارى المختلفين.
(2) . قال محمود: «فان قلت: فهلا قيل من النصارى ... الخ» قال أحمد: وبقيت نكتة في تخصيص هذا الموضع بإسناد النصرانية إلى دعواهم ولم يتفق ذلك في غيره. ألا ترى إلى قوله تعالى: (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) فالوجه في ذلك واللَّه أعلم أنه لما كان المقصود في هذه الآية ذمهم بنقض الميثاق المأخوذ عليهم في نصرة اللَّه تعالى، ناسب ذلك أن يصدر الكلام بما يدل على أنهم لم ينصروا اللَّه ولم يفوا بما واثقوا عليه من النصرة، وما كان حاصل أمرهم إلا التفوه بدعوى النصرة وقولها دون فعلها، واللَّه أعلم.
(1) . قوله «وملكانية أنصاراً للشيطان» في الخازن فرقة رابعة وهي المرقوسية اه. (ع)
وفي مكان آخر من نفس الكتاب في الهامش يقول :
(1) . قال محمود: «وصف اللَّه تعالى شدة شكيمة اليهود وصعوبة إجابتهم ... الخ» قال أحمد: وإنما قال (الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) ولم يقل: النصارى، تعريضا بصلابة اليهود في الكفر والامتناع من الامتثال للأمر، لأن اليهود قيل لهم (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ) . فقابلوا ذلك بأن قالوا (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) والنصارى قالوا (نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ) ومن ثم سموا نصارى، وكذلك أيضا ورد أول هذه السورة (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) فأسند ذلك إلى قولهم، والاشارة به إلى قولهم (نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ) لكنه هاهنا ذكر تنبيها على أنهم لم يثبتوا على الميثاق، ولا على ما قالوه من أنهم أنصار اللَّه، وفي الآية الثانية ذكر تنبيها على أنهم أقرب حالا من اليهود، لأنهم لما ورد عليهم الأمر لم يكافحوه بالرد مكافحة اليهود، بل قالوا (نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ) واليهود قالت (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) فهذا سره واللَّه أعلم.
ويقول الرازي في مفاتيح الغيب :
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (14)
المراد أَنَّ سَبِيلَ النَّصَارَى مِثْلُ سَبِيلِ الْيَهُودِ فِي نَقْضِ الْمَوَاثِيقِ مِنْ عِنْدِ اللَّه، وَإِنَّمَا قَالَ: وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى وَلَمْ يَقُلْ: وَمِنَ النَّصَارَى، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ بِهَذَا الِاسْمِ ادِّعَاءً لِنُصْرَةِ اللَّه تَعَالَى، وَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا لِعِيسَى نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ [آلِ عِمْرَانَ: 52] فَكَانَ هَذَا الِاسْمُ فِي الْحَقِيقَةِ اسْمَ مَدْحٍ، فَبَيَّنَ اللَّه تَعَالَى أَنَّهُمْ يَدَّعُونَ هَذِهِ الصِّفَةَ وَلَكِنَّهُمْ لَيْسُوا مَوْصُوفِينَ بِهَا عِنْدَ اللَّه تَعَالَى، وَقَوْلُهُ أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ أَيْ مَكْتُوبٌ فِي الْإِنْجِيلِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَنْكِيرُ الْحَظِّ فِي الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ حَظٌّ وَاحِدٌ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا خَصَّ هَذَا الْوَاحِدَ بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّهُمْ تَرَكُوا الْكَثِيرَ مِمَّا أَمَرَهُمُ اللَّه تَعَالَى بِهِ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعَظَّمُ وَالْمُهِمُّ، وَقَوْلُهُ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ أَيْ أَلْصَقْنَا الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ بِهِمْ، يُقَالُ: أُغْرِيَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ إِذَا وَلِعَ بِهِ كَأَنَّهُ أُلْصِقَ بِهِ، وَيُقَالُ: لِمَا الْتَصَقَ بِهِ الشَّيْءُ: الْغِرَاءُ، وَفِي قَوْلِهِ بَيْنَهُمُ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَالثَّانِي: بَيْنَ فِرَقِ النَّصَارَى، فَإِنَّ بَعْضَهُمْ يُكَفِّرُ بَعْضًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ [الْأَنْعَامِ: 65] وَقَوْلُهُ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ وَعِيدٌ لَهُمْ.
وفي تفسير النسفي :
وإنما لم يقل " من النصارى " لأنهم إنما سموا أنفسهم بذلك ادعاء لنصر الله وهم الذين قالوا لعيسى : نحن أنصار الله.
ثم اختلفوا بعد نسطورية ويعقوبية وملكانية أنصاراً للشيطان { فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا } [المائدة : 14] فألصقنا وألزمنا من غرى بالشيء إذا لزمه ولصق به ومنه الغراء الذي يلصق به { بَيْنَهُمُ } بين فرق النصارى المختلفين { الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَـامَةِ } [المائدة : 14] بالأهواء المختلفة { وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } [المائدة : 14] أي في القيامة بالجزاء والعقاب.
ويقول ابن جزي في التسهيل لعلوم التنزيل :
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أي ادّعوا أنهم أنصار الله، وسمّوا أنفسهم بذلك، ثم كفروا بالله ووصفوه بما لا يليق به، وتتعلق من الذين بأخذنا ميثاقهم والضمير عائد على النصارى فَأَغْرَيْنا أي أثبتنا وألصقنا، وهو مأخوذ من الإغراء.
وفي تفسير اللباب في علوم الكتاب لأبو حفص النعماني الدمشقي :
الذين قالوا إنَّا نَصَارَى، ويكون قوله: «أخَذْنَا مِيثَاقَهُم» على هذا مُسْتأنفاً، وهذا يَنْبَغِي ألاَّ يَجُوز لِوَجْهَيْن:
أحدهما: الفَصْلُ غير المُغْتَفَر.
والثاني: أنَّه تهيئَةٌ للعامِل في شيء، وقَطْعه عنه، وهو لا يَجُوز.
فصل
إنما قال: {وَمِنَ الذين قَالُواْ إِنَّا نصارى} ولم يقل: «ومن النَّصارى» ؛ لأنَّهم سمُّوا أنْفُسَهم بهذا الاسْمِ ادَّعاءً لِنُصْرة الله، بِقَوْلهم لعيسى: {نَحْنُ أَنْصَارُ الله} [آل عمران: 52] ، وليسوا مَوْصُوفِين بِهِ.
قال الحسن: فيه دَلِيلٌ على أنَّهُم نَصَارى بتَسْمِيَتِهِم لا بتَسْمِيَة اللَّه وقيل: أراد بِهِم اليَهُود والنَّصارى، فاكْتَفَى بذكر أحدهما، والصَّحيح الأوَّل، والمراد ب «مِيثَاقَهُم» أنَّه مكتُوب في الإنْجِيل أن يُؤمِنُوا بِمُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - {فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ} وذلك الحَظُّ هو الإيمانُ بمحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وتنكير «الحَظّ» يدلُّ على أنَّ المراد به حَظٌّ واحد، وهو الإيمانِ بِمُحَمَّد، وإنما خَصَّ هذا الواحد بالذِّكْر مع أنَّهُم تَرَكُوا كثيراً ممَّا أمرهم به، لأنَّ هذا هو المُهِمُّ الأعْظَم.
وفي تفسير النيسابوري :
ثم قال: وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ولم يقل ومن النصارى لأنهم إنما سموا أنفسهم بهذا الاسم ادعاء لنصرة الله، وهم الذين قالوا لعيسى عليه السلام نحن أنصار الله وكانوا بالحقيقة أنصار الشيطان حيث اختلفوا وخالفوا الحق أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ إن كان الضمير عائدا إلى الذين قالوا فالمعنى ظاهر، وإن عاد إلى اليهود فالمعنى أخذنا منهم مثل ميثاق اليهود في أفعال الخير والإيمان بالرسل فَأَغْرَيْنا ألصقنا وألزمنا ومنه الغراء الذي يلصق به وغرى بالشيء لزمه ولصق به بَيْنَهُمُ بين فرق النصارى أو بينهم وبين اليهود.
ويقول السيوطي في الدر المنثور :
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: نَحن أعلم النَّاس من أَيْن تسمت الْيَهُود باليهودية بِكَلِمَة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّا هدنا إِلَيْك وَلم تسمت النَّصَارَى بالنصرانية من كلمة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام كونُوا أنصار الله
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: نَحن أعلم النَّاس من أَيْن تسمت الْيَهُود باليهودية وَلم تسمت النَّصَارَى بالنصرانية إِنَّمَا تسمت الْيَهُود باليهودية بِكَلِمَة قَالَهَا مُوسَى إِنَّا هُنَا إِلَيْك فَلَمَّا مَاتَ قَالُوا هَذِه الْكَلِمَة كَانَت تعجبه فتسموا الْيَهُود وَإِنَّمَا تسمت النَّصَارَى بالنصرانية لكلمة قَالَهَا عِيسَى من أَنْصَارِي إِلَى الله قَالَ الحواريون: نَحن أنصار الله فتسموا بالنصرانية
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: إِنَّمَا سموا نَصَارَى بقرية يُقَال لَهَا ناصرة ينزلها عِيسَى بن مَرْيَم فَهُوَ اسْم تسموا بِهِ وَلم يؤمروا بِهِ
وَأخرج ابْن سعد فِي طبقاته وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا سميت النَّصَارَى لِأَن قَرْيَة عِيسَى كَانَت تسمى ناصرة
ويقول شمس الدين الشافعي في السراج المنير :
{ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم} أي: وأخذنا من النصارى ميثاقهم كما أخذنا ممن قبلهم.
فإن قيل: هلا قال من النصارى؟ أجيب: بأنهم إنما سموا أنفسهم بذلك ادّعاء لنصرة الله تعالى لقولهم لعيسى: {نحن أنصار الله} (آل عمران، 52) وليسوا موصوفين به قال الحسن: فيه دليل على أنهم نصارى بتسميتهم لا بتسمية الله تعالى {فنسوا} أي: تركوا ترك الناسي {حظاً} أي: نصيباً عظيماً يتنافس في مثله {مما ذكّروا به} أي: في الإنجيل من الإيمان ومن أوصاف محمد صلى الله عليه وسلم وغير ذلك ونقضوا الميثاق {فأغرينا} أي: أوقعنا {بينهم} أي: النصارى بعد أن جعلناهم فرقاً متباينين وهم نسطورية ويعقوبية وملكانية وكذا بينهم وبين اليهود {العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} أي: بتفرّقهم واختلاف أهوائهم فكل فرقة تكفر الأخرى وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير بتحقيق الهمزة الأولى وتسهيل الثانية والباقون بتحقيقهما {وسوف ينبئهم الله} أي: يجزيهم في الآخرة {بما كانوا يصنعون} فيجازيهم عليه.
وفي تفسير الشهاب على حاشية البيضاوي :
أنا ابن سيارعلى شكيمه إنّ الشراك قدمن أديمه
قال في الأساس، وهذا من الإيماض في الاستعارة إلى أصلها حيث جعل المزاولين للعدّ ملجمين، وتضاعف الكفر زيادته، والركون الميل، والتمرّن الاعتياد. قوله: (الذين قالوا إنا نصارى للين جانيهم الخ) في الانتصاف لم يقل النصار! مع أنه أخصر تعريضا بصلابة اليهود في الكفر، والامتناع عن الانقياد لأنّ اليهود لما قيل لهم ادخلوا الأرض المقدّسة قالوا: {فاذهب أنت وربك فقاتلا} [سورة المائدة، الآية: 24] ، والنصارى: {قالوا نحن أنصار الله} [سورة آل عمران، الآية: 52] فلذلك سموا نصارى فأستد إلى قولهم هنا تنبيهاً على انقيادهم، وهناك تنبيها على أنهم لم يثبتوا على الميثاق فهذا سره
وفي روح البيان للمولى أبو الفداء :
{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَـارَى أَخَذْنَا مِيثَـاقَهُمْ} أي : وأخذنا من النصارى ميثاقهم كما أخذنا ممن قبلهم من اليهود ومن متعلقة بأخذنا والتقديم للاهتمام وإنما قال : قالوا إنا نصارى ولم يقل ومن النصارى تنبيهاً على أنهم نصارى بتسميتهم أنفسهم بهذا الاسم ادعاء لنصرة الله بقولهم لعيسى عليه السلام نحن أنصار الله وليسوا موصوفين بأنهم نصارى بتوصيف الله إياهم بذلك ومعنى أخذ الميثاق هو ما أخذ الله عليهم في الإنجيل من العهد المؤكد باتباع محمد صلى الله عليه وسلّم وبيان صفته ونعته
وفي التفسير المظهري :
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ الجار والمجرور متعلق باخذنا وهو معطوف على قوله تعالى ولقد أخذ الله ميثاق بنى إسرائيل وضمير ميثاقهم اما راجع الى الموصول يعنى وأخذنا من النصارى فى الإنجيل وعلى لسان عيسى عليه السّلام ميثاق النصارى بامتثال ما أمروا فى الإنجيل مصدقا لما بين يديه من التورية ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد واما راجع الى بنى إسرائيل المذكورين من قبل يعنى أخذنا من النصارى ميثاق من ذكر قبلهم من قوم موسى اى ميثاقا مثل ميثاقهم قال الحسن فيه دليل على انهم نصارى بتسميتهم أنفسهم لا بتسمية الله تعالى والاولى ان يقال انه تعالى انما لم يقل ومن النصارى أخذنا ميثاقهم ليدل على انهم يسمّون أنفسهم بذلك ادّعاء لنصرة الله تعالى وليسوا كذلك وليس هذا الا للتعريض على الموجودين فى زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا على أسلافهم فان منهم من كانوا أنصار الله تعالى ....
وفي فتح القدير للشوكاني :
وَلِمَ تَسَمَّتِ النَّصَارَى بِالنَّصْرَانِيَّةِ؟ مِنْ كَلِمَةِ عيسى عليه السلام: كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ نَحْوَهُ عَنْهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ: إِنَّمَا تَسَمَّوْا نَصَارَى بِقَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ فِي طَبَقَاتِهِ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَتِ النَّصَارَى لِأَنَّ قَرْيَةَ عِيسَى كَانَتْ تُسَمَّى نَاصِرَةَ.
وفي تفسير الألوسي :
وجوز أن يكون الجار متعلقا بمحذوف وقع خبرا لمبتدأ محذوف أيضا، وجملة أَخَذْنا صفة أي- ومن الذين قالوا إنا نصارى قوم أخذنا منهم ميثاقهم- وقيل: المبتدأ المحذوف مِنَ الموصولة، أو الموصوفة، ولا يخفى أن جواز حذف الموصول وإبقاء صلته لم يذهب إليه سوى الكوفيين، وإنما قال سبحانه: قالُوا إِنَّا نَصارى ولم يقل جل وعلا- ومن النصارى- كما هو الظاهر بدون إطناب للإيماء كما قال بعضهم: إلى أنهم على دين النصرانية بزعمهم وليسوا عليها في الحقيقة لعدم عملهم بموجبها ومخالفتهم لما في الإنجيل من التبشير بنبينا صلّى الله عليه وسلّم، وقيل:
للإشارة إلى أنهم لقبوا بذلك أنفسهم على معنى أنهم أنصار الله تعالى، وأفعالهم تقتضي نصرة الشيطان، فيكون العدول عن الظاهر ليتصور تلك الحال في ذهن السامع ويتقرر أنهم ادعوا نصرة الله تعالى وهم منها بمعزل، ونكتة تخصيص هذا الموضع بإسناد النصرانية إلى دعواهم أنه لما كان المقصود في هذه الآية ذمهم بنقض الميثاق المأخوذ عليهم في نصرة الله تعالى ناسب ذلك أن يصدر الكلام بما يدل على أنهم لم ينصروا الله تعالى ولم يفوا بما واثقوا عليه من النصرة وما كان حاصل أمرهم إلا التفوه بالدعوى وقولها دون فعلها، ولا يخفى أن هذا مبني على أن وجه تسميتهم نصارى كونهم أنصار الله تعالى وهو وجه مشهور، ولهذا يقال لهم أيضا: أنصار، وفي غير ما موضع أن عيسى عليه السلام ولد في سنة أربع وثلاثمائة لغلبة الإسكندر في بيت لحم من المقدس، ثم سارت به أمه عليها السلام إلى مصر، ولما بلغ اثنتي عشرة سنة عادت به إلى الشام فأقام ببلدة تسمى الناصرة، أو نصورية وبها سميت النصارى، ونسبوا إليها، وقيل: إنهم جمع نصران كندامى وندمان- أو جمع نصرى- كمهرى ومهارى- والنصرانية والنصرانة واحدة النصارى، والنصرانية أيضا دينهم، ويقال لهم: نصارى وأنصار، وتنصر دخل في دينهم فَنَسُوا على إثر أخذ الميثاق حَظًّا نصيبا وافرا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ في تضاعيف الميثاق من الإيمان بالله تعالى وغير ذلك من الفرائض،
وفي مكان آخر :
والتعبير بقوله سبحانه وتعالى: الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى دون النصارى إشعارا بقرب مودتهم حيث يدعون أنهم أنصار الله تعالى وأوداء أهل الحق وإن لم يظهروا اعتقاد حقية الإسلام.
وقال ابن المنير: لم يقل سبحانه النصارى كما قال جل شأنه اليهود تعريضا بصلابة الأولين في الكفر والامتناع عن الانقياد لأن اليهود لما قيل لهم: ادخلوا الأرض المقدسة قالوا: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا [المائدة: 24] والنصارى لما قيل لهم من أنصاري إلى الله؟ قالوا: نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ [آل عمران: 52، الصف: 14] وكذلك أيضا ورد في أول السورة في قوله عز وجل وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [المائدة: 14] لكن ذكر هاهنا تنبيها على انقيادهم وأنهم لم يكافحوا الأمر بالرد مكافحة اليهود. وذكر هناك تنبيها على أنهم لم يثبتوا على الميثاق والله تعالى أعلم بأسرار كلامه والعدول كما قال شيخ الإسلام عن جعل ما فيه التفاوت بين الفريقين شيئا واحدا قد تفاوتا فيه بالشدة والضعف أو بالقرب والبعد بأن يقال آخرا: ولتجدن أضعفهم مودة إلخ، أو بأن يقال أولا: لتجدن أبعد الناس مودة للإيذان بكمال تباين ما بين الفريقين من التفاوت ببيان أن أحدهما في أقصى مراتب أحد النقيضين والآخر في أقرب مراتب النقيض الآخر والكام في مفعولي لَتَجِدَنَّ وتعلق اللام كالذي سبق، والمراد من النصارى على ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه: وابن جبير، وعطاء، والسدي النجاشي، وأصحابه.
وف محاسن التأويل للقاسمي :
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (14)
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ بعبادة الله وحده، وأن لا يشركوا به شيئا، وحفظ شرعة عيسى عليه السلام. وإنما نسب تسميتهم نصارى إلى أنفسهم- دون أن يقال (ومن النصارى) - إيذانا بأنهم في قولهم نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ [آل عمران: 52] بمعزل من الصدق. وإنما هو تقول محض منهم. وليسوا من نصرة الله تعالى في شيء. أو إظهارا لكمال سوء صنيعهم ببيان التناقض بين أقوالهم وأفعالهم. فإن ادعاءهم لنصرته تعالى يستدعي ثباتهم على طاعته تعالى ومراعاة ميثاقه. أفاده أبو السعود.
وفي مكان آخر :
إنما قال تعالى: الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ولم يقل (النّصارى) تعريضا بصلابة اليهود في الكفر والامتناع من الامتثال للأمر، لأن اليهود قيل لهم: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ [المائدة: 21] فقابلوا ذلك بأن قالوا: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ [المائدة: 24] . والنصارى قالوا: نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ [آل عمران: 52] . ومن ثم سمّوا نصارى. وكذلك أيضا ورد أول هذه السورة. وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [المائدة: 14] . فأسند ذلك إلى قولهم، والإشارة به إلى قولهم: نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ لكنه هاهنا ذكر تنبيها على أنهم لم يثبتوا على الميثاق ولا على ما قالوه من أنهم أنصار الله. وفي الآية الثانية ذكر تنبيها على أنهم أقرب حالا من اليهود.
وفي روح المعاني للألوسي :
ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم شروع فى بيان قبائح النصارى وجناياتهم إثر بيان قبائح وجنايات إخوانهم اليهود ومن متعلقة بأخذنا وتقديم الجار للاهتمام ولأن ذكر إحدى الطائفتين مما يوقع فى ذهن السامع أن حال الأخرى ماذا كأنه قيل : ومن الطائفة الأخرى أيضا أخذنا ميثاقهم والضمير المجرور راجع إلى الموصول أو عائد على بنى إسرائيل الذين عادت إليهم الضمائر السلبقة وهو نظير قولك : أخذت من زيد ميثاق عمرو أى مثل ميثاقه
وجوز أن يكون الجار متعلقا بمحذوف وقع خبرا لمبتدا محذوف أيضا وجملة أخذنا صفة أى ومن الذين قالوا إنا نصارى قوم أخذنا منهم ميثاقهم وقيل : المبتدأ المحذوف من الموصولة أو الموصوفة ولايخفى أن جواز حذف الموصول وإبقاء صلته لم يذهب اليه سوى الكوفيين وإنما قال سبحانه : قالوا إنا نصارى ولم يقل جلا وعلا ومن النصارى كما هو الظاهر دون إطناب للايماء كما قال بعضهم : إلى أنهم على دين النصرانية بزعمهم وليسوا عليها فى الحقيقة لعدم عملهم بموجبها ومخالفتهم لما فى الانجيل من التبشير بنبينا صلى الله عليه و سلم وقيل : للاشارة إلى أنهم لقبوا بذلك أنفسهم على معنى أنهم أنصار الله تعالى وأفعالهم تقتضى نصرة الشيطان فيكون العدول عن الظاهر ليتصور تلك الحال فى ذهن السامع ويتقرر أنهم ادعوا نصرة الله تعالى وهم منها بمعزل ونكتة تخصيص هذا الموضع بإسناد النصرانية إلى دعواهم أنه لما كان المقصود فى هذه الآية ذمهم بنقض الميثاق المأخوذ عليهم فى نصرة الله تعالى ناسب ذلك أن يصدر الكلام بما يدل على أنهم لم ينصروا الله تعالى ولم يفوا بما واثقوا عليه من النصرة وماكان حاصل أمرهم إلا التفوه بالدعوى وقولها دون فعلها ولايخفى أن هذا مبنى على على أن وجه تسميتهم نصارى كونهم أنصار الله تعالى وهو وجه مشهور ولهذا يقال لهم أيضا : أنصار وفى غير ما موضع أن عيسى عليه السلام ولد فى سنة أربع وثلثمائة لغلبة الأسكندر فى بيت لحم من المقدس ثم سارت به أمه عليها السلام إلى مصر ولما بلغ اثنتى عشرة سنة عادت به إلى الشام فأقام ببلدة تسمى الناصرة أو نصورية وبها سميت النصارى ونسبوا إليها وقيل : إنهم جمع نصران كندامى وندمان أو جمع نصرى كمهرى ومهارى والنصرانية والنصرانة واحدة النصارى والنصرانية أيضا دينهم ويقال لهم : نصارى وأنصار وتنصر دخل فى دينهم فنسوا على إثر أخذ الميثاق حظا نصيبا وافرا مما ذكروا به فى تضاعيف الميثاق من الإيمان بالله تعالى وغير ذلك من الفرائض وقيل : هو ماكتب عليهم فى الانجيل من الإيمان بالنبى صلى الله عليه و سلم فنبذوه وراء ظهورهم واتبعوا أهواءهم وتفرقوا إلى اثنتين وسبعين فرقة فأغرينا أى ألزمنا وألصقنا وأصله اللصوق يقال : غريت بالرجل غرى إذا لصقت به قاله الأصمعى وقال غيره : غريت به غراءا بالمد وأغريت زيدا بكذا حتى غرى به ومنه الغراء الذي يلصق به الأشياء وقوله تعالى : بينهم ظرف لأغرينا أو متعلق بمحذوف وقع حالا من مفعوله أى أغرينا العدواة والبغضاء كائنة بينهم ....
ويقول فيصل النجدي في توفيق الرحمن في دروس القرآن القرآن :
قوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} ، قال مجاهد: كفروا وأرادوا قتله، فذلك حين استنصر قومه: {قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ} . قال الضحاك: الحواريون أصفياء الأنبياء. قال ابن إسحاق عن محمد بن جعفر: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} والعدوان، {قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ} ، وهذا قولهم الذي أصابوا به الفضل من ربهم {وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} ، لا كما يقوله هؤلاء الذين يحاجونك فيه، يعني: وفد نصارى نجران.
وفي التحرير والتنوير لمحمد الطاهر التونسي :
فَانْتَصَبَ الْمُشَبَّهُ بِهِ. وَهَذَا بَعِيدٌ، لِأَنَّ مِيثَاقَ الْيَهُودِ لَمْ يُفَصَّلْ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ حَتَّى يُشَبَّهَ بِهِ مِيثَاقُ النَّصَارَى.
وَعُبِّرَ عَنِ النَّصَارَى بِ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى هُنَا وَفِي قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى [الْمَائِدَة: 82] تَسْجِيلًا عَلَيْهِمْ بِأَنَّ اسْمَ دِينِهِمْ مُشِيرٌ إِلَى أَصْلٍ مِنْ أُصُولِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَتْبَاعُهُ أَنْصَارًا لِمَا يَأْمُرُ بِهِ اللَّهُ، كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ [الصَّفّ: 14] .
وفي التسهيل لعلوم التنزيل لإبن جزي :
{ وَمِنَ الذين قَالُواْ إِنَّا نصارى } أي ادعوا أنهم أنصار الله ، وسموا أنفسهم بذلك ، ثم كفروا بالله ووصفوه بما لا يليق به ، وتتعلق من الذين بأخذنا ميثاقهم والضمير عائد على النصارى { فَأَغْرَيْنَا } أي أثبتنا وألصقنا ، وهو مأخوذ من الإغراء .
وفي فتوى على موقع اسلام ويب :
النصرانية ... ماهيتها ... انحرافها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مبدأ الدين المسيحي؟ وهل يعبد النصارى عيسى عليه السلام؟ وهل يخلطون بينه وبين عبادة الله تعالى؟ ومن هي مريم عليها السلام بنظرهم؟ وكم كتاب عندهم؟ .. فقد سمعت من أحد المسمين أن عيسى عليه السلام كان له أربعة تلاميذ لكل منهم كتاب والكتاب الوحيد المحرف كان لأحد التلاميذ؟ والذي يتهمه النصارى بالكفر بينما المحرفون الآخرون فهم الذين يأخذون بهم..
وأخيرا أرجو إعلامنا بمصدر الفتوى وهل هي من عند الشخ القرضاوي حيث إنني كلما أخذت فتوى من الموقع قال لي الناس إنه مجرد موقع على الانترنت لا نعلم حتى من صاحب الفتوى وهل هو عالم أصلا؟ وما مدى علمه؟ ..
أخبرونا جزاكم الله خيرا وبارك فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإنّ أصل الدين المسيحي: النصرانية، وهو الدين المنزل من الله تعالى على عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وأتباع دين النصرانية يقال لهم: (النصارى) نسبة إلى بلدة الناصرة في فلسطين، والتي ولد فيها المسيح عليه السلام، أو لأنهم نصروا عيسى عليه السلام، ثم أطلق على كل من ادّعى اتّباع المسيح تغليباً، قال تعالى: (قال الحواريون نحن أنصار الله) [الصف: 14] .
وفي العصور المتأخرة أطلق عليها (المسيحية) ، وعلى أتباعها (المسيحيون) إمعاناً منهم في الانتساب إلى المسيح، وتخلّصاً من مقت المسلمين لاسم (النصارى) الذي جاء ذمُّهُ في القرآن والسنة.
( مبتورة )
مين ؟!
بس تعرف ، المصيبة في الجزء ده :
يعني ببساطة انت نصراني
معلش ، المفسرين اقروا واعترفوا وصرت انت نصراني
[/FONT]
عموماً ، رأيت في الموضوع ما لم أرهُ إلا في موضوع آخر وهو موضوع " هل سرجون انتهى فى قمران؟؟ ام قمران شهدت على تدليس المسلمين؟؟ " وبالفعل ، ما رأيته كان مضحكاً لدرجة اني فكرت ان لا أرد على هذا الـ" موضوع " وقلت فلنترك أحدهم يفرح انه يكتب رداً علينا بمبدأ " شجعوا صغار النفوس " ولأني لا اعتقد ان كاتب الموضوع يقصد الرد علينا بل فقط إظهار انه يجيد الكتابة على الكيبورد ! ، ولكن سرعان ما عدت عن هذا الفكر لأقول ، إن المستوى العلمي لدي المسلم العادي هو بسيط للغاية ويمكن لموضوع كهذا ان يخدعهم ويعتقدوا أنه كلام صحيح ، لذا وفقاً لإحترام هؤلاء الإخوة ، قررت ان ارد على هذا الذي لا يصلح أن نسميه " رداً " واكمل البحث الخاص بي حيث اني مازلت لم كمله وانتظر شيء معين لم يحدث إلى الآن ...
عموما فلنبدأ،،
بالطبع بدأ الموضوع بالسب ووصفي بالجاهل ! ، وبالطبع لن نسبه لاننا لا نسب احداً وسوف نرى من هو الجاهل الحقيقي في أثناء الموضوع خلال عرض الأدلة لكي لا يكون وصفنا له بالجهل سب ، بل يكون صفة موثقة بالأدلة لكي لا يأتي احد ويقول اننا نسب ،،
بعد هذا يأتي بمعاجم عربية ليأتي بمعنى الكلمة ومن اين اشتقاقها !! ، وهذه قمة عدم الدراية أصلاً بالموضوع ، فنحن لم نختلف ان اللفظة عربية بهذا الشكل ( نصارى ) فكيف يأتي بمراجع عربية ؟ ليثبت ما لم نختلف فيه ؟ بل أن المراجع العربية نفسها تقول ان الكلمة ليست من أصل عربي وإنما أعجمية ، فكيف نأتي بالمعنى العربي لكلمة ليست أصلا عربية !!؟ عجبي !
المهم ، لنرمي كل هذه المعاجم لانها بلا قيمة في هذا الحوار أصلا ونتجه إلى الجُمل بعد هذه المعاجم ، لنرد عليها حتى في تفاهاتها ،،
ولكن قبل أن نرد نوضح امراً هاماً يعرفكم بما يفعله هؤلاء المتعالمين على المسلمين البسطاء ، قام هو بوضع صور لعدة معاجم وهى عبارة عن كتب مسحوبة سكانر اي هارد كبي ليصل إلى القاريء أنه علامة عصرة وجهبذ زمانه وانه يتناول الإفطار وهو يقرأ معجم العين ويتناول وجبة الغداء وهو يقرأ في معجم تهذيب اللغة ويتناول العشاء وهو يقرأ في معجم المحيط وبينا هو نائم يحلم بمعجم الصحاح فيقوم من نومه في نصف الليل ليراجع في معجم المصباح المنير ، وبينما هو في طريقه للعمل يقرأ في معجم تاج العروس ، أي ان الرجل صار من العرب الأقحاح ، فسريعاً ما يصل للقاريء هذا المفهوم لان ما وضعه هو عبارة عن صور لكتب وليس تفريغ نصي text من المعاجم الموجودة في أي برنامج تقريباً ،، ولكن الحقيقة أن تقريباً كل هذه المعاجم موجودة على برنامج المكتبة الشاملة ، فكان هذا الشخص على الإلب يقوم بالبحث فيها على الشاملة ثم بعدما يجد ما يريده كان يذهب إلى الكتب المصورة التي لديه ويستخرج منها هذا الكلام ليُرينا انه علامة عصره وأوانه في اللغة ! ولكن كما هى العادة نسأل ، على من ؟ فكل هذه خدع مكشوفة بسيطة سهلة الإيضاح وطرق قديمة في الحوار ،،..
المهم ،،
بعد هذا يقول :
والجدير بالذكر أن صيغة (ناصرة)لم ترد في أقدم معاجم اللغة العربية وأقربها لعهد الجاهلية ، كالعين (100- 175 هـ) ، والتهذيب (282-370 هـ) ، والمحيط (324-385 هـ) ، والصحاح (332 - 400 هـ) ، وإنما وردت بصيغ أخرى عند إشارتها لهذه المدينة.
وبالطبع هذا كلام غير صحيح ، فمثلاً في أقدم المعاجم العربية التي عرضها جاء في الهامش :
(90) جاء بعد هذه الكلمة وشرحها في الأصول المخطوطة: قال الضرير: هي ناصرة، وقد نسب النصارى إليها. في الأصول: نصورية، وما أثبتناه فمن التهذيب 12/ 161 واللسان (نصر) .
ولكن ، كيف مرّت على المسلم ؟ في الحقيقة هى لم تمر ، بل هو مررها عمداً فعند عرضه هذه الكلمة من هذا المعجم عرض الصورة كالآتي :
في حين انه لو عرض الصفحة كاملة لما سمح لنفسه أن يقول مثل هذه الجملة ، فقد جاء في " الصورة " :
وطبعا هذا من أمانة هذا الشخص العلمية !
فإن كان في الأصول المخطوطة لهذا الكتاب توجد كلمة " ناصرة " وما اُثبِت هو ما جاء في التهذيب فكيف يترك ما جاء في الأصول ويذهب إلى ما جاء في التهذيب !؟
المهم أنه يريد أن ينفي بشكل عام وجود هذا اللفظ " ناصرة " في أقدم الكتب العربية وبالتالي عدم وجود هذا اللفظ أصلاًً قديما في عهد رسول الإسلام ! ، حسنا لنرى ،،
جاء في تفسير الطبري :
وهذه الأبيات التي ذكرتها، تدل على أنهم سموا"نصارى" لنصرة بعضهم بعضا، وتناصرهم بينهم. وقد قيل إنهم سموا"نصارى"، من أجل أنهم نزلوا أرضا يقال لها"ناصرة".
1095 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"النصارى" إنما سموا نصارى من أجل أنهم نزلوا أرضا يقال لها"ناصرة".
* * *
ويقول آخرون: لقوله: (مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ) [سورة الصف: 14] .
* * *
وقد ذكر عن ابن عباس من طريق غير مرتضًى أنه كان يقول: إنما سميت النصارى نصارى، لأن قرية عيسى ابن مريم كانت تسمى"ناصرة"، وكان أصحابه يسمون الناصريين، وكان يقال لعيسى:"الناصري".
1096 - حدثت بذلك عن هشام بن محمد، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس.
1096 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: إنما سموا نصارى، لأنهم كانوا بقرية يقال لها ناصرة ينزلها عيسى ابن مريم، فهو اسم تسموا به، ولم يؤمروا به.
1098 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى) [المائدة: 22] قال: تسموا بقرية يقال لها"ناصرة"، كان عيسى ابن مريم ينزلها.
تفسير الطبري - جـ 2 صـ 145 ، تحقيق أحمد محمد شاكر
والطبري هو من وفيات 310 هـ
وهو يذكر ما جاء إليه قبله ،،
وجاء في كتاب جمهرة اللغة لأبو بكر الأزدي المتوفي عام 321 هـ :
وَالنَّصَارَى يُنسبون إِلَى ناصرة، وَهُوَ مَوضِع، هَذَا قَول الْأَصْمَعِي، وَخَالفهُ قوم فَقَالُوا: يُنسبون إِلَى نَصْران، اسْم.
وجاء في كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس لمحمد بن القاسم الأنباري المتوفي عام 328 هـ :
قال أبو بكر: قال بعض أهل العلم (97) : سموا نصارى، لنزولهم قرية يقال لها: ناصرة.
وجاء في كتاب مشارق الأنوار على صحاح الآثار لأبو الفضل اليحصبي السبتي المتوفي عام 544 هـ :
(ن ص ر) وَقَوله النَّصَارَى قيل سموا بذلك نِسْبَة إِلَى ناصرة قَرْيَة بِالشَّام وَقيل م النَّصْر جمع نصران مثل ندمان وندامى والنصر المعونة وَقد تجئ بِمَعْنى التَّعْظِيم وَجَاء النَّصْر بِمَعْنى الْمَطَر وَمِنْه فِي الحَدِيث أَن هَذِه السحابة تنصر أَرض بني كَعْب أَي تمطرهم قَالَه الْهَرَوِيّ وَعِنْدِي أَن هَذَا وهم فِي التَّفْسِير لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ الْخَبَر فِي قصَّة خُزَاعَة وهم بَنو كَعْب حِين غدرت بهم قُرَيْش وَهِي كَانَت سَبَب غَزْوَة الْفَتْح وَنقض صلح قُرَيْش إِذْ كَانَت خُزَاعَة فِي عهد وَحُرْمَة فِي صلحهم وَالْأَشْبَه أَن الحَدِيث على ظَاهره من النَّصْر والمعونة بِمن فِيهَا من الْمَلَائِكَة أَو مَا شَاءَ الله
وجاء في مختار الصحاح لأبي بكر الرازي المتوفي عام 666 هـ :
ن ص ر: (نَصَرَهُ) عَلَى عَدُوِّهِ يَنْصُرُهُ (نَصْرًا) ، وَالِاسْمُ (النُّصْرَةُ) . وَ (النَّصِيرُ) (النَّاصِرُ) وَجَمْعُهُ (أَنْصَارٌ) كَشَرِيفٍ وَأَشْرَافٍ. وَجَمْعُ النَّاصِرِ (نَصْرٌ) كَصَاحِبٍ وَصَحْبٍ. وَ (اسْتَنْصَرَهُ) عَلَى عَدُوِّهِ سَأَلَهُ أَنْ يَنْصُرَهُ عَلَيْهِ. وَ (تَنَاصَرَ) الْقَوْمُ نَصَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَ (انْتَصَرَ) مِنْهُ انْتَقَمَ. وَ (نَصْرَانُ) بِوَزْنِ نَجْرَانَ قَرْيَةٌ بِالشَّامِ تُنْسَبُ إِلَيْهَا (النَّصَارَى) ، وَيُقَالُ: اسْمُهَا (نَاصِرَةُ) . وَ (النَّصَارَى) جَمْعُ (نَصْرَانٍ) وَ (نَصْرَانَةٍ) كَالنَّدَامَى
كما جاء في مراجع أخرى لا تهمنا الآن ..
بعد هذا يريد أن يضحكنا أكثر وأكثر ، فيأتي لنا بمعجم المحيط ومعجم المنجد ، لبطرس البستاني ولويس معلوف ! ويريد أن يستشهد بهما على إعتبار انهم مسيحيين وجيب عليك يا مسيحي ان تسمع لهم !! بل ويريد ان يفحمني أكثر وأكثر ويأتي لي بأنهما كانا يعرفان لغات أخرى مع العربية مثل السريانية والايطالية واللاتينية والعبرية واليونانية والانجليزيية ، وبالطبع لا تعليق على مثل هذا السفة العلمي والمنطقي !
بعد هذا أصبح ياتي لنا بكيف أتى العرب بهذا اللفظ " نصارى " وهل اللفظة " ناصرة " صحيحة ام ان الصحيح هو " [FONT="]نصرونه " أو " [FONT="]نـَصْرانه[/FONT] " أو " [FONT="]نـَصْران[/FONT] " أو " [FONT="]نـَصْرة[/FONT] " و " [FONT="]نـَصَرَى[/FONT] " و و " [FONT="]نـَصُورِيَة[/FONT] " ، ونسى ان كل هذا لا قيمة له على الإطلاق لأن كل هذا هو الإشتقاق العربي وكل هذا لا يسوى فلس أو أقل ! ، بل ونسى أيضاً أن كل هذه الأسماء تضرب بعضها بعضاً فهل هى " نصرانة " أم هى " نصران " أم هى " نصرة " أم " نصري " أم هى " نصرونه " أم هى " نصورية " ومن الذي أطلق عليها كل هذا ؟ أو بعض هذا ؟ وكيف ؟ ومن هو مصدرها للدخول في شبهة الجزيرة ؟ ، كلها أقوال لا أساس لها وكل ما يمكن لعربي أن يفعله هو ان يأتي بقول لهذا قال او قيل ! لكن كيف هذا ! هذا غير موجود ..
المهم لنضرب كلامهم بكلامهم ،،
الليث بيقول انهم زعموا ! مين دول اللي زعموا ؟؟ وهل زعمهم ده صحيح ولا خاطيء واية الدليل ؟
[FONT="]- قال الليث (94 – 175 هــ) : [/FONT][FONT="]زعموا[/FONT][FONT="] أنهم نسبوا إلى قرية في الشام يقال لها[FONT="](نصرونه)[/FONT][/FONT]
كلام في الهواء !
ولكن هل هذا هو فقط الذي فعله المسلم ؟ أونسيتم التدليس ؟ لماذا اقتطع المسلم هذا السطر من سياق الحديث ؟ تعالوا لنراه كاملا ثم نعرف لماذا قطعه المسلم :
ونَصَره ينصُره نَصْراً: أَعطاه. والنَّصائِرُ: الْعَطَايَا. والمُسْتَنْصِر: السَّائل. وَوَقَفَ أَعرابيّ عَلَى قَوْمٍ فَقَالَ: انْصُرُوني نَصَركم اللَّهُ أَي أَعطُوني أَعطاكم اللَّهُ. ونَصَرى ونَصْرَى وناصِرَة ونَصُورِيَّة «2» : قَرْيَةٌ بِالشَّامِ، والنَّصارَى مَنْسُوبُون إِليها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، قَالَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ إِلا أَن نادِر النَّسَبِ يَسَعُه، قَالَ: وأَما سِيبَوَيْهِ فَقَالَ أَما نَصارَى فَذَهَبَ الْخَلِيلُ إِلى أَنه جَمْعُ نَصْرِيٍّ ونَصْران، كَمَا قَالُوا ندْمان ونَدامى، وَلَكِنَّهُمْ حَذَفُوا إِحدى الياءَين كَمَا حَذَفُوا مِنْ أُثْفِيَّة وأَبدلوا مَكَانَهَا أَلفاً كَمَا قَالُوا صَحارَى، قَالَ: وأَما الَّذِي نُوَجِّهه نَحْنُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جَاءَ عَلَى نَصْران لأَنه قَدْ تَكَلَّمَ بِهِ فكأَنك جَمَعْتَ نَصْراً كَمَا جَمَعْتَ مَسْمَعاً والأَشْعَث وَقُلْتَ نَصارَى كَمَا قُلْتَ نَدامى، فَهَذَا أَقيس، والأَول مَذْهَبٌ، وإِنما كَانَ أَقْيَسَ لأَنا لَمْ نَسْمَعْهُمْ قَالُوا نَصْرِيّ. قَالَ أَبو إِسحاق: واحِد النصارَى فِي أَحد الْقَوْلَيْنِ نَصْرَان كَمَا تَرَى مِثْلُ نَدْمان ونَدامى، والأُنثى نَصْرانَة مِثْلُ نَدْمانَة؛ وأَنشد لأَبي الأَخزر الْحِمَّانِيِّ يَصِفُ نَاقَتَيْنِ طأْطأَتا رُؤُوسَهُمَا مِنَ الإِعياء فَشَبَّهَ رأْس النَّاقَةِ مِنْ تطأْطئها برأْس النَّصْرَانِيَّةِ إِذا طأْطأَته فِي صَلَاتِهَا:
فَكِلْتاهُما خَرَّتْ وأَسْجَدَ رأْسُها، ... كَمَا أَسْجَدَتْ نَصْرانَة لم تحَنَّفِ
فَنَصْرانَة تأْنيث نَصْران، وَلَكِنْ لَمْ يُستعمل نَصْران إِلا بِيَاءَيِ النَّسَبِ لأَنهم قَالُوا رَجُلٌ نَصْراني وامرأَة نَصْرانيَّة، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ إِن النَّصَارَى جَمْعُ نَصْران ونَصْرانَة إِنما يُرِيدُ بِذَلِكَ الأَصل دُونَ الِاسْتِعْمَالِ، وإِنما الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْكَلَامِ نَصْرانيٌّ ونَصْرانِيّة، بِيَاءَيِ النَّسَبِ، وإِنما جَاءَ نَصْرانَة فِي الْبَيْتِ عَلَى جِهَةِ الضَّرُورَةِ؛ غَيْرِهِ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ وَاحِدُ النَّصَارَى نَصْرِيّاً مِثْلَ بَعِيرٍ مَهْرِيّ وإِبِل مَهارَى، وأَسْجَد: لُغَةٌ فِي سَجَد. وَقَالَ اللَّيْثُ: زَعَمُوا أَنهم نُسِبُوا إِلى قَرْيَةٍ بِالشَّامِ اسْمُهَا نَصْرُونة.
لسان العرب 5 - 211 ، 212 ..
أعرفتم لماذا بتر وقص هذا السطر من كل هذا ؟
فالذين ربط الكلمة بالناصرة هم " الليث " ولم يقل أن هذا كلامه بل كلام من " زعموا " والآخر هو الأعرابي وإبن سيده خطأّهُ وقال أن هذا القول " ضعيف " ....و أما الباقي فلم يلتفت لتأصيل الكلمة بل بكيفية إفرادها وجمعها !!
فلنكمل ...
[FONT="]- وقال ابن دريد : النصارى منسوبون إلى [FONT="]([/FONT][FONT="]نـَصْرانه[/FONT][FONT="])[/FONT][FONT="] وهي موضع ، هذا قول الأصمعي ..[/FONT][/FONT]
صراحة ، لا أعلم لماذا الإصرار على التدليس والبتر ؟
لنرجع إلى المكان الذي لم يشر إليه أصلا المعترض ..
قَالَ ابنُ دُرَيْد: النَّصارى منسوبون إِلَى نَصْرَانة، وَهِي مَوْضِع، هَذَا قَول الأصمعيّ، وَقيل: هِيَ ة بِالشَّام، وَيُقَال لَهَا ناصِرَة، وَهِي الَّتِي طَبَرِيَّة، وَقد تقدّم عَن اللَّيْث، قَالَ غيرُه: هِيَ نَصُوريَة، بِفَتْح النُّون وَتَخْفِيف التحتيَّة، كَمَا ضَبطه الصَّاغانِيّ. وَيُقَال فِيهَا أَيْضا: نَصْرَى بِالْفَتْح، ونَصْرُونة، يُنسَب إِلَيْهَا النَّصارى.
قَالَ ابنُ سِيدَه: هَذَا قولُ أهلِ اللُّغَة، قَالَ: وَهُوَ ضعيفٌ إلاّ أنّ نادرَ النَّسَبِ يسَعُه، أَو النَّصارى جمعُ نَصْرَانٍ، كالنَّدامى جمع نَدْمَان، وَلَكنهُمْ حذفوا إِحْدَى الياءَيْن، كَمَا حذفوا من أُثْفِيَّة وأبدلوا مَكَانهَا ألفا كَمَا قَالُوا صَحارى، وَهَذَا مذهبُ الخليلِ وَنَقله سِيبَوَيْهٍ.
نفس الأمر ، النفي بعد الجملة ، فيأخذ الجملة ويترك النفي !! عجبي على هذه الأمانة العلمية لهؤلاء ! ، لأنهم لا يجدوا ما يردوا به أدلتنا الدامغة ، فيلجأوون إلى البتر والقص ليخدعوا الإخوة المسلمين البسطاء ..
[FONT="]قال الجوهري ( - 393 هـ) : [FONT="](نـَصْران)[/FONT][FONT="] قرية بالشام ينسب إليها النصارى[/FONT][/FONT]
كالعادة نعود إلى المصدر لنرى الإقتطاع :
الثالثة- قوله تعالى : {وَالنَّصَارَى} جمع واحده نصراني. وقيل : نصران بإسقاط الياء ، وهذا قول سيبويه. والأنثى نصرانة ، كندمان وندمانة. وهو نكرة يعرف بالألف واللام ، قال الشاعر :
صدت كما صد عما لا يحل له ... ساقي نصارى قبيل الفصح صوام
فوصفه بالنكرة. وقال الخليل : واحد النصارى نصري ، كمهري ومهارى. وأنشد سيبويه شاهدا على قوله :
تراه إذا دار العشا متحنفا ... ويضحي لديه وهو نصران شامس
وأنشد :
فكلتاهما خرت وأسجد رأسها ... كما أسجدت نصرانة لم تحنف
يقال : أسجد إذا مال. ولكن لا يستعمل نصران ونصرانة إلا بياءي النسب ، لأنهم قالوا : رجل نصراني وامرأة نصرانية. ونصره : جعله نصرانيا. وفي الحديث : "فأبواه يهودانه أو ينصرانه". وقال عليه السلام : "لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار". وقد جاءت جموع على غير ما يستعمل واحدها ، وقياسه النصرانيون. ثم قيل : سموا بذلك لقرية تسمى "ناصرة" كان ينزلها عيسى عليه السلام فنسب إليها فقيل : عيسى الناصري ، فلما نسب أصحابه إليه قيل النصارى ، قاله ابن عباس وقتادة. وقال الجوهري : ونصران قرية بالشام ينسب إليها النصارى ، ويقال ناصرة. وقيل : سموا بذلك لنصرة بعضهم بعضا ، قال الشاعر :
لما رأيت نبطا أنصارا ... شمرت عن ركبتي الإزارا
كنت لهم من النصارى جارا
وقيل : سموا بذلك لقول : {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} [آل عمران : 52].
فهل هم سموا كذلك لأنهم نصروا الله ؟
مشكلة الرد على هذا السؤال هى إن كان كل من " يصنر الله " او " ينصر المسيح " يدعى نصرانياً ، فبهذا يكون كل مسلم هو نصراني لانه نصر الله والمسيح ! وبهذا كل المسلمين نصارى
[FONT="]وقال الواحدي ( - 468 هـ ) : هو نسبة إلى قرية اسمها [FONT="](نـَصْرة)[/FONT][/FONT]
كالعادة نعود ،،
نَصَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَانْتَصَرْتُ مِنْ زَيْدٍ انْتَقَمْتُ مِنْهُ وَاسْتَنْصَرْتُهُ طَلَبْتُ نُصْرَتَهُ وَالنَّاصُورُ عِلَّةٌ تَحْدُثُ فِي الْبَدَنِ مِنْ الْمَقْعَدَةِ وَغَيْرِهَا بِمَادَّةٍ خَبِيثَةٍ ضَيِّقَةِ الْفَمِ يَعْسُرُ بُرْؤُهَا وَتَقُولُ الْأَطِبَّاءُ كُلُّ قُرْحَةٍ تُزْمِنُ فِي الْبَدَنِ فَهِيَ نَاصُورٌ وَقَدْ يُقَالُ نَاسُورٌ بِالسِّينِ وَرَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ بِفَتْحِ النُّونِ وَامْرَأَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ وَرُبَّمَا قِيلَ نَصْرَانٌ وَنَصْرَانَةٌ وَيُقَالُ هُوَ نِسْبَةٌ إلَى قَرْيَةٍ اسْمُهَا نَصْرَةُ قَالَهُ الْوَاحِدِيُّ وَلِهَذَا قِيلَ فِي الْوَاحِدِ نَصْرِيٌّ عَلَى الْقِيَاسِ وَالنَّصَارَى جَمْعُهُ مِثْلُ مُهْرِيٌّ وَمَهَارَى ثُمَّ أُطْلِقَ النَّصْرَانِيُّ عَلَى كُلِّ مَنْ تَعَبَّدَ بِهَذَا الدِّينِ.
فهل هى نسبة إلى الناصرة أم نسبة إلى النصرة شخص لشخص ؟
يضع " .. " ويبتر الباقي الذي يدمر هذا النقل المبتور ![FONT="]أما ابن سيده [FONT="]( 398-458هـ ) [/FONT][FONT="]فذكرها مع غيرها من الإشتقاقات :[/FONT]
[FONT="]- قال ابن سيده : [/FONT][FONT="]و[/FONT][FONT="]نـَصَرَى[/FONT][FONT="] و[/FONT][FONT="]نـَصْرَى[/FONT][FONT="] و[/FONT][FONT="]ناصِرَة[/FONT][FONT="] و[/FONT][FONT="]نـَصُورِيَة[/FONT][FONT="] ، [/FONT][FONT="]قرية بالشام ، [/FONT]
[FONT="]و[/FONT][FONT="]النَّصارَى[/FONT][FONT="] منسُوبُون إِليها[/FONT] ..
[/FONT]
لنرى ماذا جاء هناك :
ونَصَرى ونَصْرَى وناصِرَة ونَصُورِيَّة
( * قوله « ونصورية » هكذا في الأصل ومتن القاموس بتشديد الياء وقال شارحه بتخفيف الياء ) قرية بالشام والنَّصارَى مَنْسُوبُون إِليها قال ابن سيده هذا قول أَهل اللغة قال وهو ضعيف إِلا أَن نادِر النسب يَسَعُه قال وأَما سيبويه فقال أَما نَصارَى فذهب الخليل إِلى أَنه جمع نَصْرِيٍّ ونَصْران كما قالوا ندْمان ونَدامى ولكنهم حذفوا إِحدى الياءَين كما حذفوا من أُثْفِيَّة وأَبدلوا مكانها أَلفاً كما قالوا صَحارَى قال وأَما الذي نُوَجِّهه نحن عليه جاء على نَصْران لأَنه قد تكلم به فكأَنك جمعت نَصْراً كما جمعت مَسْمَعاً والأَشْعَث وقلت نَصارَى كما قلت نَدامى فهذا أَقيس والأَول مذهب وإِنما كان أَقْيَسَ لأَنا لم نسمعهم قالوا نَصْرِيّ قال أَبو إِسحق واحِد النصارَى في أَحد القولين نَصْرَان كما ترى مثل نَدْمان ونَدامى والأُنثى نَصْرانَة مثل نَدْمانَة وأَنشد لأَبي ......
فلما بتر المعترض هذا الكلام ؟
[FONT="] فدل كل ذلك على أن صيغة (ناصرة) [FONT="]بألف بعد النون وبكسر الصاد [/FONT][FONT="]ليست هي الصيغة الأصلية[/FONT][FONT="] بل هي صيغة متأخرة ذات صبغة عربية تحوّلَت فيها إلى وزن[/FONT][FONT="] (فاعلة)[/FONT][FONT="].[/FONT][FONT="]
[/FONT][/FONT]
أولاً : بالنسبة " للعربية " بجملتها فهى بلا أدنى قيمة ولا قيمة حتى لو اثبت ان نصراني هى من مصر الجديدة ! فلا قيمة لكل استشهاد عربي علىّ بل فقط عليك انت ،،
ثانياً : أما عن الصيغة الأصلية فهذا خطأ منطقي حيث أنه من المنطقي ان تقول أيضاً أنها هى الصيغة الأصلية ولكن لم يعرفها أحد من العرب ( جدلاً ) !! وهذا واضح من تخبط المراجع العربية ( كالعادة ) لان الكلمة ليست عربية أصلاً ..
الحقيقة أن سؤالي هذا لم يكن أبداً إستنكارياً ولا أعرف كيف أستنكر أن الكلمة أعجمية في حين أني قلت في نفس الموضوع :[FONT="]النقطة الثالثة: هل كلمة (نصارى) كلمة عربية أم أعجمية ؟![/FONT]
[FONT="]وبهذا الشأن سأل أحد المعترضين [/FONT][FONT="]سؤال إستنكاري[/FONT][FONT="] فقال :[/FONT]
يا عزيزي اجبتك ، ولكن الإجابة على مراحل ، الكلمة ليست عربية ، هل تتفق معي ام لا ؟ أقصد الكلمة اليونانية او العبرية .. هذا اولاً
فكيف تفهم أن هذا السؤال إستنكاري ؟ عجبي !
وقلت أيضاً :
بالتأكيد ، كيف أن الكلمة ليست عربية في الأصل و أبحث عنها في المعاجم العربية ؟!
وأيضاً :
الجانب اللغوي منتهي لأن الكلمة ليست عربية ! فيمكنك أن تنادينا بحسب اللفظ اليوناني المكتوب ، ....
وحقيقة أنا اعرف انك لن تفهم معزى سؤالي ولن تفهم حتى شرحي هذا ( وهذا طبيعي ) ولهذا لن افهمك مغزى سؤالي فيجب ان تجد وتتعب لترتقي لمستوى السؤال ، ولزيادة حيرتك أقول مرة أخرى :
من قال أن " نصارى " كلمة عربية ؟
ولكن للترويح عن النفس ، نمسك ما اتيت به بالمرة :
الصور ليس فيها " نصارى " !
هكذا ايضاً لا يوجد هنا من قال أن " نصارى " أعجمية !! بل قال أن " نصارى " مشتقة من " ناصرة " !! وهذا ليس سؤالي ..
أولا : عندما يقول مولكا " يصح " فلا يجوز أن تقول أنت " لا يصح " ، عيب ![FONT="]ثالثاً : لايصح القول باشتقاق الكلمة من قول الله تعالى : [/FONT]
ثانياً : نعطيك الادلة :
يقول الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان عضو اللجنة الدائمة وعضو هيئة كبار العلماء في كتاب : إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد :
"كما أطرت النصارى ابن مريم" النصارى المراد بهم: أتباع عيسى عليه السلام، قيل: سُمُّوا نصارى نسبة إلى البلد: الناصرة في فلسطين، أو من قوله تعالى: {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ} ، وهم أهل ملّة من الملل الكتابيّة، ويسمّون بالنصارى، أما أن يسمّوا بالمسيحيين- كما عليه النّاس الآن- فهذا غلط، لأنه لا يقال: المسيحيون إلاّ لمن اتبع المسيح عليه السلام، أما الذي لم يتبعه فإنه ليس مسيحيًّا، وإنما هو نصراني، فاسمهم في الكتاب والسنّة: النصارى.
ويقول أيضاً :
قال: "ثم مررت على نفرٍ من النصارى" النصارى: أتباع عيسى عليه السلام في الأصل. قيل: سُمُّوا نصارى نسبةً إلى البَلد (الناصرة) بفلسطين، وقيل: سُمُّوا نصارى من قولهم: {نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ} .
وجاء في بحر العلوم للسمرقندي :
وقال القتبي عن أبي عبيدة: إن العرب تضع لفظ الفاعل في موضع المصدر، كقولهم للخوان مائدة، وإنما يميد بهم ما في الخوان فيجوز أن يكون الهاء صفة للخائن، كما يقال رجل طاغية وراوية للحديث. ثم قال: إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ يعني: مؤمنيهم لم ينقضوا العهد فَاعْفُ عَنْهُمْ يعني اتركهم ولا تعاقبهم وَاصْفَحْ عَنْهُمْ يعني: أعرض عنهم إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ الذين يعفون عن الناس، وهذا قبل الأمر بقتال أهل الكتابين. قوله تعالى: وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى وذلك أن الله تعالى لما ذكر حال اليهود ونقضهم الميثاق، فقال على أثر ذلك إن النصارى لم يكونوا أحسن معاملة من اليهود، ثم بيّن معاملتهم فقال: وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ في الإنجيل، بأن يتبعوا قول محمد صلى الله عليه وسلم فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ يعني تركوا نصيباً مما أمروا به في الإنجيل من اتباع قول محمد صلى الله عليه وسلم، ويقال: نقضوا العهد كما نقض اليهود، ويقال إنما سموا أنفسهم النصارى لأنهم نزلوا قرية يقال لها «ناصرة» ، نزل فيها عيسى- عليه السلام- فنزلوا هناك وتواثقوا بينهم، ويقال: إنما سموا النصارى لقول عيسى: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ [آل عمران: 52، والصف: 14] .
وجاي في الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي :
وَالنَّصارى واختلفوا في سبب تسميتهم بهذا الاسم، فقال الزهري: سمّوا نصارى لأنّ الحواريّين قالوا: نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ.
مقاتل: لأنّهم تولوا قرية يقال لها: ناصرة، فنسبوا إليها.
وقال الخليل بن أحمد: النصارى: جمع نصران، كقولهم: ندمان وندامى.
وأنشد:
تراه إذا دار العشيّ محنّفا ... ويضحى لربّه وهو نصران شامس «3»
فنسبت فيه ياء النسبة كقولهم لذي اللحية: لحياني، ورقابي لذي الرقبة.
فقال الزجاج: يجوز أن يكون جمع نصري كما يقال: بعير حبري، وإبل حبارى، وإنما سمّوا نصارى لاعتزائهم إلى نصرة وهي قرية كان ينزلها عيسى وأمّه.
وَالصَّابِئِينَ قرأ أهل المدينة بترك الهمزة من الصَّابِئِينَ والصَّابِئُونَ الصّابين والصّابون في جميع القرآن، وقرأ الباقون بالهمزة وهو الأصل، يقال: صبا يصبوا صبوءا، إذا مال وخرج من دين إلى دين.
ويقول الزمخشري في الكشاف :
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (14)
أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ أخذنا من النصارى ميثاق من ذكر قبلهم من قوم موسى، أى مثل ميثاقهم بالإيمان باللَّه والرسل وبأفعال الخير. وأخذنا من النصارى ميثاق أنفسهم بذلك. فإن قلت:
فهلا قيل: من النصارى؟ «2» قلت: لأنهم إنما سموا أنفسهم بذلك ادعاء لنصرة اللَّه، وهم الذين قالوا لعيسى: نحن أنصار اللَّه، ثم اختلفوا بعد: نسطورية، ويعقوبية، وملكانية. أنصارا للشيطان «1» فَأَغْرَيْنا فألصقنا وألزمنا من غرى بالشيء إذا لزمه ولصق به وأغراه غيره.
ومنه الغراء الذي يلصق به بَيْنَهُمُ بين فرق النصارى المختلفين.
(2) . قال محمود: «فان قلت: فهلا قيل من النصارى ... الخ» قال أحمد: وبقيت نكتة في تخصيص هذا الموضع بإسناد النصرانية إلى دعواهم ولم يتفق ذلك في غيره. ألا ترى إلى قوله تعالى: (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) فالوجه في ذلك واللَّه أعلم أنه لما كان المقصود في هذه الآية ذمهم بنقض الميثاق المأخوذ عليهم في نصرة اللَّه تعالى، ناسب ذلك أن يصدر الكلام بما يدل على أنهم لم ينصروا اللَّه ولم يفوا بما واثقوا عليه من النصرة، وما كان حاصل أمرهم إلا التفوه بدعوى النصرة وقولها دون فعلها، واللَّه أعلم.
(1) . قوله «وملكانية أنصاراً للشيطان» في الخازن فرقة رابعة وهي المرقوسية اه. (ع)
وفي مكان آخر من نفس الكتاب في الهامش يقول :
(1) . قال محمود: «وصف اللَّه تعالى شدة شكيمة اليهود وصعوبة إجابتهم ... الخ» قال أحمد: وإنما قال (الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) ولم يقل: النصارى، تعريضا بصلابة اليهود في الكفر والامتناع من الامتثال للأمر، لأن اليهود قيل لهم (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ) . فقابلوا ذلك بأن قالوا (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) والنصارى قالوا (نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ) ومن ثم سموا نصارى، وكذلك أيضا ورد أول هذه السورة (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) فأسند ذلك إلى قولهم، والاشارة به إلى قولهم (نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ) لكنه هاهنا ذكر تنبيها على أنهم لم يثبتوا على الميثاق، ولا على ما قالوه من أنهم أنصار اللَّه، وفي الآية الثانية ذكر تنبيها على أنهم أقرب حالا من اليهود، لأنهم لما ورد عليهم الأمر لم يكافحوه بالرد مكافحة اليهود، بل قالوا (نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ) واليهود قالت (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) فهذا سره واللَّه أعلم.
ويقول الرازي في مفاتيح الغيب :
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (14)
المراد أَنَّ سَبِيلَ النَّصَارَى مِثْلُ سَبِيلِ الْيَهُودِ فِي نَقْضِ الْمَوَاثِيقِ مِنْ عِنْدِ اللَّه، وَإِنَّمَا قَالَ: وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى وَلَمْ يَقُلْ: وَمِنَ النَّصَارَى، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ بِهَذَا الِاسْمِ ادِّعَاءً لِنُصْرَةِ اللَّه تَعَالَى، وَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا لِعِيسَى نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ [آلِ عِمْرَانَ: 52] فَكَانَ هَذَا الِاسْمُ فِي الْحَقِيقَةِ اسْمَ مَدْحٍ، فَبَيَّنَ اللَّه تَعَالَى أَنَّهُمْ يَدَّعُونَ هَذِهِ الصِّفَةَ وَلَكِنَّهُمْ لَيْسُوا مَوْصُوفِينَ بِهَا عِنْدَ اللَّه تَعَالَى، وَقَوْلُهُ أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ أَيْ مَكْتُوبٌ فِي الْإِنْجِيلِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَنْكِيرُ الْحَظِّ فِي الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ حَظٌّ وَاحِدٌ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا خَصَّ هَذَا الْوَاحِدَ بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّهُمْ تَرَكُوا الْكَثِيرَ مِمَّا أَمَرَهُمُ اللَّه تَعَالَى بِهِ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعَظَّمُ وَالْمُهِمُّ، وَقَوْلُهُ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ أَيْ أَلْصَقْنَا الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ بِهِمْ، يُقَالُ: أُغْرِيَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ إِذَا وَلِعَ بِهِ كَأَنَّهُ أُلْصِقَ بِهِ، وَيُقَالُ: لِمَا الْتَصَقَ بِهِ الشَّيْءُ: الْغِرَاءُ، وَفِي قَوْلِهِ بَيْنَهُمُ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَالثَّانِي: بَيْنَ فِرَقِ النَّصَارَى، فَإِنَّ بَعْضَهُمْ يُكَفِّرُ بَعْضًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ [الْأَنْعَامِ: 65] وَقَوْلُهُ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ وَعِيدٌ لَهُمْ.
وفي تفسير النسفي :
وإنما لم يقل " من النصارى " لأنهم إنما سموا أنفسهم بذلك ادعاء لنصر الله وهم الذين قالوا لعيسى : نحن أنصار الله.
ثم اختلفوا بعد نسطورية ويعقوبية وملكانية أنصاراً للشيطان { فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا } [المائدة : 14] فألصقنا وألزمنا من غرى بالشيء إذا لزمه ولصق به ومنه الغراء الذي يلصق به { بَيْنَهُمُ } بين فرق النصارى المختلفين { الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَـامَةِ } [المائدة : 14] بالأهواء المختلفة { وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } [المائدة : 14] أي في القيامة بالجزاء والعقاب.
ويقول ابن جزي في التسهيل لعلوم التنزيل :
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أي ادّعوا أنهم أنصار الله، وسمّوا أنفسهم بذلك، ثم كفروا بالله ووصفوه بما لا يليق به، وتتعلق من الذين بأخذنا ميثاقهم والضمير عائد على النصارى فَأَغْرَيْنا أي أثبتنا وألصقنا، وهو مأخوذ من الإغراء.
وفي تفسير اللباب في علوم الكتاب لأبو حفص النعماني الدمشقي :
الذين قالوا إنَّا نَصَارَى، ويكون قوله: «أخَذْنَا مِيثَاقَهُم» على هذا مُسْتأنفاً، وهذا يَنْبَغِي ألاَّ يَجُوز لِوَجْهَيْن:
أحدهما: الفَصْلُ غير المُغْتَفَر.
والثاني: أنَّه تهيئَةٌ للعامِل في شيء، وقَطْعه عنه، وهو لا يَجُوز.
فصل
إنما قال: {وَمِنَ الذين قَالُواْ إِنَّا نصارى} ولم يقل: «ومن النَّصارى» ؛ لأنَّهم سمُّوا أنْفُسَهم بهذا الاسْمِ ادَّعاءً لِنُصْرة الله، بِقَوْلهم لعيسى: {نَحْنُ أَنْصَارُ الله} [آل عمران: 52] ، وليسوا مَوْصُوفِين بِهِ.
قال الحسن: فيه دَلِيلٌ على أنَّهُم نَصَارى بتَسْمِيَتِهِم لا بتَسْمِيَة اللَّه وقيل: أراد بِهِم اليَهُود والنَّصارى، فاكْتَفَى بذكر أحدهما، والصَّحيح الأوَّل، والمراد ب «مِيثَاقَهُم» أنَّه مكتُوب في الإنْجِيل أن يُؤمِنُوا بِمُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - {فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ} وذلك الحَظُّ هو الإيمانُ بمحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وتنكير «الحَظّ» يدلُّ على أنَّ المراد به حَظٌّ واحد، وهو الإيمانِ بِمُحَمَّد، وإنما خَصَّ هذا الواحد بالذِّكْر مع أنَّهُم تَرَكُوا كثيراً ممَّا أمرهم به، لأنَّ هذا هو المُهِمُّ الأعْظَم.
وفي تفسير النيسابوري :
ثم قال: وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ولم يقل ومن النصارى لأنهم إنما سموا أنفسهم بهذا الاسم ادعاء لنصرة الله، وهم الذين قالوا لعيسى عليه السلام نحن أنصار الله وكانوا بالحقيقة أنصار الشيطان حيث اختلفوا وخالفوا الحق أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ إن كان الضمير عائدا إلى الذين قالوا فالمعنى ظاهر، وإن عاد إلى اليهود فالمعنى أخذنا منهم مثل ميثاق اليهود في أفعال الخير والإيمان بالرسل فَأَغْرَيْنا ألصقنا وألزمنا ومنه الغراء الذي يلصق به وغرى بالشيء لزمه ولصق به بَيْنَهُمُ بين فرق النصارى أو بينهم وبين اليهود.
ويقول السيوطي في الدر المنثور :
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: نَحن أعلم النَّاس من أَيْن تسمت الْيَهُود باليهودية بِكَلِمَة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّا هدنا إِلَيْك وَلم تسمت النَّصَارَى بالنصرانية من كلمة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام كونُوا أنصار الله
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: نَحن أعلم النَّاس من أَيْن تسمت الْيَهُود باليهودية وَلم تسمت النَّصَارَى بالنصرانية إِنَّمَا تسمت الْيَهُود باليهودية بِكَلِمَة قَالَهَا مُوسَى إِنَّا هُنَا إِلَيْك فَلَمَّا مَاتَ قَالُوا هَذِه الْكَلِمَة كَانَت تعجبه فتسموا الْيَهُود وَإِنَّمَا تسمت النَّصَارَى بالنصرانية لكلمة قَالَهَا عِيسَى من أَنْصَارِي إِلَى الله قَالَ الحواريون: نَحن أنصار الله فتسموا بالنصرانية
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: إِنَّمَا سموا نَصَارَى بقرية يُقَال لَهَا ناصرة ينزلها عِيسَى بن مَرْيَم فَهُوَ اسْم تسموا بِهِ وَلم يؤمروا بِهِ
وَأخرج ابْن سعد فِي طبقاته وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا سميت النَّصَارَى لِأَن قَرْيَة عِيسَى كَانَت تسمى ناصرة
ويقول شمس الدين الشافعي في السراج المنير :
{ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم} أي: وأخذنا من النصارى ميثاقهم كما أخذنا ممن قبلهم.
فإن قيل: هلا قال من النصارى؟ أجيب: بأنهم إنما سموا أنفسهم بذلك ادّعاء لنصرة الله تعالى لقولهم لعيسى: {نحن أنصار الله} (آل عمران، 52) وليسوا موصوفين به قال الحسن: فيه دليل على أنهم نصارى بتسميتهم لا بتسمية الله تعالى {فنسوا} أي: تركوا ترك الناسي {حظاً} أي: نصيباً عظيماً يتنافس في مثله {مما ذكّروا به} أي: في الإنجيل من الإيمان ومن أوصاف محمد صلى الله عليه وسلم وغير ذلك ونقضوا الميثاق {فأغرينا} أي: أوقعنا {بينهم} أي: النصارى بعد أن جعلناهم فرقاً متباينين وهم نسطورية ويعقوبية وملكانية وكذا بينهم وبين اليهود {العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} أي: بتفرّقهم واختلاف أهوائهم فكل فرقة تكفر الأخرى وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير بتحقيق الهمزة الأولى وتسهيل الثانية والباقون بتحقيقهما {وسوف ينبئهم الله} أي: يجزيهم في الآخرة {بما كانوا يصنعون} فيجازيهم عليه.
وفي تفسير الشهاب على حاشية البيضاوي :
أنا ابن سيارعلى شكيمه إنّ الشراك قدمن أديمه
قال في الأساس، وهذا من الإيماض في الاستعارة إلى أصلها حيث جعل المزاولين للعدّ ملجمين، وتضاعف الكفر زيادته، والركون الميل، والتمرّن الاعتياد. قوله: (الذين قالوا إنا نصارى للين جانيهم الخ) في الانتصاف لم يقل النصار! مع أنه أخصر تعريضا بصلابة اليهود في الكفر، والامتناع عن الانقياد لأنّ اليهود لما قيل لهم ادخلوا الأرض المقدّسة قالوا: {فاذهب أنت وربك فقاتلا} [سورة المائدة، الآية: 24] ، والنصارى: {قالوا نحن أنصار الله} [سورة آل عمران، الآية: 52] فلذلك سموا نصارى فأستد إلى قولهم هنا تنبيهاً على انقيادهم، وهناك تنبيها على أنهم لم يثبتوا على الميثاق فهذا سره
وفي روح البيان للمولى أبو الفداء :
{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَـارَى أَخَذْنَا مِيثَـاقَهُمْ} أي : وأخذنا من النصارى ميثاقهم كما أخذنا ممن قبلهم من اليهود ومن متعلقة بأخذنا والتقديم للاهتمام وإنما قال : قالوا إنا نصارى ولم يقل ومن النصارى تنبيهاً على أنهم نصارى بتسميتهم أنفسهم بهذا الاسم ادعاء لنصرة الله بقولهم لعيسى عليه السلام نحن أنصار الله وليسوا موصوفين بأنهم نصارى بتوصيف الله إياهم بذلك ومعنى أخذ الميثاق هو ما أخذ الله عليهم في الإنجيل من العهد المؤكد باتباع محمد صلى الله عليه وسلّم وبيان صفته ونعته
وفي التفسير المظهري :
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ الجار والمجرور متعلق باخذنا وهو معطوف على قوله تعالى ولقد أخذ الله ميثاق بنى إسرائيل وضمير ميثاقهم اما راجع الى الموصول يعنى وأخذنا من النصارى فى الإنجيل وعلى لسان عيسى عليه السّلام ميثاق النصارى بامتثال ما أمروا فى الإنجيل مصدقا لما بين يديه من التورية ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد واما راجع الى بنى إسرائيل المذكورين من قبل يعنى أخذنا من النصارى ميثاق من ذكر قبلهم من قوم موسى اى ميثاقا مثل ميثاقهم قال الحسن فيه دليل على انهم نصارى بتسميتهم أنفسهم لا بتسمية الله تعالى والاولى ان يقال انه تعالى انما لم يقل ومن النصارى أخذنا ميثاقهم ليدل على انهم يسمّون أنفسهم بذلك ادّعاء لنصرة الله تعالى وليسوا كذلك وليس هذا الا للتعريض على الموجودين فى زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا على أسلافهم فان منهم من كانوا أنصار الله تعالى ....
وفي فتح القدير للشوكاني :
وَلِمَ تَسَمَّتِ النَّصَارَى بِالنَّصْرَانِيَّةِ؟ مِنْ كَلِمَةِ عيسى عليه السلام: كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ نَحْوَهُ عَنْهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ: إِنَّمَا تَسَمَّوْا نَصَارَى بِقَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ فِي طَبَقَاتِهِ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَتِ النَّصَارَى لِأَنَّ قَرْيَةَ عِيسَى كَانَتْ تُسَمَّى نَاصِرَةَ.
وفي تفسير الألوسي :
وجوز أن يكون الجار متعلقا بمحذوف وقع خبرا لمبتدأ محذوف أيضا، وجملة أَخَذْنا صفة أي- ومن الذين قالوا إنا نصارى قوم أخذنا منهم ميثاقهم- وقيل: المبتدأ المحذوف مِنَ الموصولة، أو الموصوفة، ولا يخفى أن جواز حذف الموصول وإبقاء صلته لم يذهب إليه سوى الكوفيين، وإنما قال سبحانه: قالُوا إِنَّا نَصارى ولم يقل جل وعلا- ومن النصارى- كما هو الظاهر بدون إطناب للإيماء كما قال بعضهم: إلى أنهم على دين النصرانية بزعمهم وليسوا عليها في الحقيقة لعدم عملهم بموجبها ومخالفتهم لما في الإنجيل من التبشير بنبينا صلّى الله عليه وسلّم، وقيل:
للإشارة إلى أنهم لقبوا بذلك أنفسهم على معنى أنهم أنصار الله تعالى، وأفعالهم تقتضي نصرة الشيطان، فيكون العدول عن الظاهر ليتصور تلك الحال في ذهن السامع ويتقرر أنهم ادعوا نصرة الله تعالى وهم منها بمعزل، ونكتة تخصيص هذا الموضع بإسناد النصرانية إلى دعواهم أنه لما كان المقصود في هذه الآية ذمهم بنقض الميثاق المأخوذ عليهم في نصرة الله تعالى ناسب ذلك أن يصدر الكلام بما يدل على أنهم لم ينصروا الله تعالى ولم يفوا بما واثقوا عليه من النصرة وما كان حاصل أمرهم إلا التفوه بالدعوى وقولها دون فعلها، ولا يخفى أن هذا مبني على أن وجه تسميتهم نصارى كونهم أنصار الله تعالى وهو وجه مشهور، ولهذا يقال لهم أيضا: أنصار، وفي غير ما موضع أن عيسى عليه السلام ولد في سنة أربع وثلاثمائة لغلبة الإسكندر في بيت لحم من المقدس، ثم سارت به أمه عليها السلام إلى مصر، ولما بلغ اثنتي عشرة سنة عادت به إلى الشام فأقام ببلدة تسمى الناصرة، أو نصورية وبها سميت النصارى، ونسبوا إليها، وقيل: إنهم جمع نصران كندامى وندمان- أو جمع نصرى- كمهرى ومهارى- والنصرانية والنصرانة واحدة النصارى، والنصرانية أيضا دينهم، ويقال لهم: نصارى وأنصار، وتنصر دخل في دينهم فَنَسُوا على إثر أخذ الميثاق حَظًّا نصيبا وافرا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ في تضاعيف الميثاق من الإيمان بالله تعالى وغير ذلك من الفرائض،
وفي مكان آخر :
والتعبير بقوله سبحانه وتعالى: الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى دون النصارى إشعارا بقرب مودتهم حيث يدعون أنهم أنصار الله تعالى وأوداء أهل الحق وإن لم يظهروا اعتقاد حقية الإسلام.
وقال ابن المنير: لم يقل سبحانه النصارى كما قال جل شأنه اليهود تعريضا بصلابة الأولين في الكفر والامتناع عن الانقياد لأن اليهود لما قيل لهم: ادخلوا الأرض المقدسة قالوا: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا [المائدة: 24] والنصارى لما قيل لهم من أنصاري إلى الله؟ قالوا: نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ [آل عمران: 52، الصف: 14] وكذلك أيضا ورد في أول السورة في قوله عز وجل وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [المائدة: 14] لكن ذكر هاهنا تنبيها على انقيادهم وأنهم لم يكافحوا الأمر بالرد مكافحة اليهود. وذكر هناك تنبيها على أنهم لم يثبتوا على الميثاق والله تعالى أعلم بأسرار كلامه والعدول كما قال شيخ الإسلام عن جعل ما فيه التفاوت بين الفريقين شيئا واحدا قد تفاوتا فيه بالشدة والضعف أو بالقرب والبعد بأن يقال آخرا: ولتجدن أضعفهم مودة إلخ، أو بأن يقال أولا: لتجدن أبعد الناس مودة للإيذان بكمال تباين ما بين الفريقين من التفاوت ببيان أن أحدهما في أقصى مراتب أحد النقيضين والآخر في أقرب مراتب النقيض الآخر والكام في مفعولي لَتَجِدَنَّ وتعلق اللام كالذي سبق، والمراد من النصارى على ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه: وابن جبير، وعطاء، والسدي النجاشي، وأصحابه.
وف محاسن التأويل للقاسمي :
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (14)
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ بعبادة الله وحده، وأن لا يشركوا به شيئا، وحفظ شرعة عيسى عليه السلام. وإنما نسب تسميتهم نصارى إلى أنفسهم- دون أن يقال (ومن النصارى) - إيذانا بأنهم في قولهم نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ [آل عمران: 52] بمعزل من الصدق. وإنما هو تقول محض منهم. وليسوا من نصرة الله تعالى في شيء. أو إظهارا لكمال سوء صنيعهم ببيان التناقض بين أقوالهم وأفعالهم. فإن ادعاءهم لنصرته تعالى يستدعي ثباتهم على طاعته تعالى ومراعاة ميثاقه. أفاده أبو السعود.
وفي مكان آخر :
إنما قال تعالى: الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ولم يقل (النّصارى) تعريضا بصلابة اليهود في الكفر والامتناع من الامتثال للأمر، لأن اليهود قيل لهم: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ [المائدة: 21] فقابلوا ذلك بأن قالوا: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ [المائدة: 24] . والنصارى قالوا: نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ [آل عمران: 52] . ومن ثم سمّوا نصارى. وكذلك أيضا ورد أول هذه السورة. وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [المائدة: 14] . فأسند ذلك إلى قولهم، والإشارة به إلى قولهم: نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ لكنه هاهنا ذكر تنبيها على أنهم لم يثبتوا على الميثاق ولا على ما قالوه من أنهم أنصار الله. وفي الآية الثانية ذكر تنبيها على أنهم أقرب حالا من اليهود.
وفي روح المعاني للألوسي :
ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم شروع فى بيان قبائح النصارى وجناياتهم إثر بيان قبائح وجنايات إخوانهم اليهود ومن متعلقة بأخذنا وتقديم الجار للاهتمام ولأن ذكر إحدى الطائفتين مما يوقع فى ذهن السامع أن حال الأخرى ماذا كأنه قيل : ومن الطائفة الأخرى أيضا أخذنا ميثاقهم والضمير المجرور راجع إلى الموصول أو عائد على بنى إسرائيل الذين عادت إليهم الضمائر السلبقة وهو نظير قولك : أخذت من زيد ميثاق عمرو أى مثل ميثاقه
وجوز أن يكون الجار متعلقا بمحذوف وقع خبرا لمبتدا محذوف أيضا وجملة أخذنا صفة أى ومن الذين قالوا إنا نصارى قوم أخذنا منهم ميثاقهم وقيل : المبتدأ المحذوف من الموصولة أو الموصوفة ولايخفى أن جواز حذف الموصول وإبقاء صلته لم يذهب اليه سوى الكوفيين وإنما قال سبحانه : قالوا إنا نصارى ولم يقل جلا وعلا ومن النصارى كما هو الظاهر دون إطناب للايماء كما قال بعضهم : إلى أنهم على دين النصرانية بزعمهم وليسوا عليها فى الحقيقة لعدم عملهم بموجبها ومخالفتهم لما فى الانجيل من التبشير بنبينا صلى الله عليه و سلم وقيل : للاشارة إلى أنهم لقبوا بذلك أنفسهم على معنى أنهم أنصار الله تعالى وأفعالهم تقتضى نصرة الشيطان فيكون العدول عن الظاهر ليتصور تلك الحال فى ذهن السامع ويتقرر أنهم ادعوا نصرة الله تعالى وهم منها بمعزل ونكتة تخصيص هذا الموضع بإسناد النصرانية إلى دعواهم أنه لما كان المقصود فى هذه الآية ذمهم بنقض الميثاق المأخوذ عليهم فى نصرة الله تعالى ناسب ذلك أن يصدر الكلام بما يدل على أنهم لم ينصروا الله تعالى ولم يفوا بما واثقوا عليه من النصرة وماكان حاصل أمرهم إلا التفوه بالدعوى وقولها دون فعلها ولايخفى أن هذا مبنى على على أن وجه تسميتهم نصارى كونهم أنصار الله تعالى وهو وجه مشهور ولهذا يقال لهم أيضا : أنصار وفى غير ما موضع أن عيسى عليه السلام ولد فى سنة أربع وثلثمائة لغلبة الأسكندر فى بيت لحم من المقدس ثم سارت به أمه عليها السلام إلى مصر ولما بلغ اثنتى عشرة سنة عادت به إلى الشام فأقام ببلدة تسمى الناصرة أو نصورية وبها سميت النصارى ونسبوا إليها وقيل : إنهم جمع نصران كندامى وندمان أو جمع نصرى كمهرى ومهارى والنصرانية والنصرانة واحدة النصارى والنصرانية أيضا دينهم ويقال لهم : نصارى وأنصار وتنصر دخل فى دينهم فنسوا على إثر أخذ الميثاق حظا نصيبا وافرا مما ذكروا به فى تضاعيف الميثاق من الإيمان بالله تعالى وغير ذلك من الفرائض وقيل : هو ماكتب عليهم فى الانجيل من الإيمان بالنبى صلى الله عليه و سلم فنبذوه وراء ظهورهم واتبعوا أهواءهم وتفرقوا إلى اثنتين وسبعين فرقة فأغرينا أى ألزمنا وألصقنا وأصله اللصوق يقال : غريت بالرجل غرى إذا لصقت به قاله الأصمعى وقال غيره : غريت به غراءا بالمد وأغريت زيدا بكذا حتى غرى به ومنه الغراء الذي يلصق به الأشياء وقوله تعالى : بينهم ظرف لأغرينا أو متعلق بمحذوف وقع حالا من مفعوله أى أغرينا العدواة والبغضاء كائنة بينهم ....
ويقول فيصل النجدي في توفيق الرحمن في دروس القرآن القرآن :
قوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} ، قال مجاهد: كفروا وأرادوا قتله، فذلك حين استنصر قومه: {قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ} . قال الضحاك: الحواريون أصفياء الأنبياء. قال ابن إسحاق عن محمد بن جعفر: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} والعدوان، {قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ} ، وهذا قولهم الذي أصابوا به الفضل من ربهم {وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} ، لا كما يقوله هؤلاء الذين يحاجونك فيه، يعني: وفد نصارى نجران.
وفي التحرير والتنوير لمحمد الطاهر التونسي :
فَانْتَصَبَ الْمُشَبَّهُ بِهِ. وَهَذَا بَعِيدٌ، لِأَنَّ مِيثَاقَ الْيَهُودِ لَمْ يُفَصَّلْ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ حَتَّى يُشَبَّهَ بِهِ مِيثَاقُ النَّصَارَى.
وَعُبِّرَ عَنِ النَّصَارَى بِ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى هُنَا وَفِي قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى [الْمَائِدَة: 82] تَسْجِيلًا عَلَيْهِمْ بِأَنَّ اسْمَ دِينِهِمْ مُشِيرٌ إِلَى أَصْلٍ مِنْ أُصُولِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَتْبَاعُهُ أَنْصَارًا لِمَا يَأْمُرُ بِهِ اللَّهُ، كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ [الصَّفّ: 14] .
وفي التسهيل لعلوم التنزيل لإبن جزي :
{ وَمِنَ الذين قَالُواْ إِنَّا نصارى } أي ادعوا أنهم أنصار الله ، وسموا أنفسهم بذلك ، ثم كفروا بالله ووصفوه بما لا يليق به ، وتتعلق من الذين بأخذنا ميثاقهم والضمير عائد على النصارى { فَأَغْرَيْنَا } أي أثبتنا وألصقنا ، وهو مأخوذ من الإغراء .
وفي فتوى على موقع اسلام ويب :
النصرانية ... ماهيتها ... انحرافها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مبدأ الدين المسيحي؟ وهل يعبد النصارى عيسى عليه السلام؟ وهل يخلطون بينه وبين عبادة الله تعالى؟ ومن هي مريم عليها السلام بنظرهم؟ وكم كتاب عندهم؟ .. فقد سمعت من أحد المسمين أن عيسى عليه السلام كان له أربعة تلاميذ لكل منهم كتاب والكتاب الوحيد المحرف كان لأحد التلاميذ؟ والذي يتهمه النصارى بالكفر بينما المحرفون الآخرون فهم الذين يأخذون بهم..
وأخيرا أرجو إعلامنا بمصدر الفتوى وهل هي من عند الشخ القرضاوي حيث إنني كلما أخذت فتوى من الموقع قال لي الناس إنه مجرد موقع على الانترنت لا نعلم حتى من صاحب الفتوى وهل هو عالم أصلا؟ وما مدى علمه؟ ..
أخبرونا جزاكم الله خيرا وبارك فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإنّ أصل الدين المسيحي: النصرانية، وهو الدين المنزل من الله تعالى على عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وأتباع دين النصرانية يقال لهم: (النصارى) نسبة إلى بلدة الناصرة في فلسطين، والتي ولد فيها المسيح عليه السلام، أو لأنهم نصروا عيسى عليه السلام، ثم أطلق على كل من ادّعى اتّباع المسيح تغليباً، قال تعالى: (قال الحواريون نحن أنصار الله) [الصف: 14] .
وفي العصور المتأخرة أطلق عليها (المسيحية) ، وعلى أتباعها (المسيحيون) إمعاناً منهم في الانتساب إلى المسيح، وتخلّصاً من مقت المسلمين لاسم (النصارى) الذي جاء ذمُّهُ في القرآن والسنة.
( مبتورة )
[FONT="]يقول الباحث رؤوف أبو سعده[/FONT]
مين ؟!
بس تعرف ، المصيبة في الجزء ده :
يعني ببساطة انت نصراني
صراحة جملة كوميدية !! ، اذا كان اصلا المسيح جعلتوه مسلما ومبشرا بمحمد وان التلاميذ قالوا " إنا نصارى " ومع ذلك كله وجعتم أصواتنا في القول ان اللغة العربية لا قيمة لها في الحوار هنا لان كل اللفظ ليس عربي ( أصل اللفظ ) ، فعدتم تقولون يقول المعجم كذا وكذا وكذا وكل هذا هراء لا طائل منه وعندما حاصرتكم ونقتكم قلتم انه لا يتكلم العربية !! هو اصلا قال الكلام ده !![FONT="]لأن المسيح عليه السلام لم يكلم الحواريين باللغة العربية ، فكيف يكون
[FONT="]الإشتقاق من اللغة العربية ؟!!![/FONT][/FONT]
معلش ، المفسرين اقروا واعترفوا وصرت انت نصراني