- إنضم
- 17 يوليو 2007
- المشاركات
- 36,107
- مستوى التفاعل
- 1,338
- النقاط
- 0
الباب الأول
الفصل الأول
آراء الفلاسفة عن الله
انقسم الفلاسفة في آرائهم عن الله إلى خمس فرق رئيسية : الأولى فرقة الماديين التي أنكرت وجوده وقالت أنْ لا إله للعالم، وإن العالم وُجد مصادفة. والفرقة الثانية فرقة العقليين التي قالت إن العقل يفترض وجوب وجود إله للعالم، لكن هذا الإله أسمى من إدراكنا، ولذلك لا نستطيع أن نعرف عنه شيئاً. والفرقة الثالثة فرقة وحدة الوجود التي قالت إن الله والعالم جوهر واحد، فهو من العالم والعالم منه. والفرقة الرابعة اعترفت أن الله ليس هو العالم، ولكنه القوة المحرِّكة للعالم، وبذلك نفت عنه الذاتية وجعلته مجرد طاقة. و الذاتية هي الكيان الذي يتَّصف بالعقل والإدراك. أما الطاقة فهي مجرد قوة، لا عقل لها أو إدراك.
والفرقة الخامسة اعترفت أن الله ذات، ولكنها انقسمت فيما بينها من جهة ذاته وصفاته إلى أربع شيع رئيسية : فالأولى رأت أنه ذات له صفات زائدة عن ذاته، والثانية رأت أن صفاته هي عين ذاته، والثالثة رأت أن الصفات الإيجابية لا تتلاءم مع تفرُّده بالأزلية، فأسندت إليه الصفات السلبية وحدها، والرابعة رأت أن الصفات هي من خصائص المخلوقات، ولذلك نفتها عنه، رغبةً منها " حسب اعتقادها " في تنزيهه عن الاشتراك في خصائص هذه المخلوقات.
والذين أسندوا إلى الله الصفات السلبية وحدها قالوا إنه غير جاهل وغير عاجز وغير مرغم. والذين نفوا عنه الصفات قالوا إنه لا يعلم ولا يقدر ولا يريد.
ولا يتسع المجال أمامنا الآن لمناقشة هذه الآراء بالتفصيل، ولذلك نقول بكل اختصار :
1 - ليس من المعقول أن يكون العالم قد وُجد مصادفة، لأن كل شيء في الوجود لا بد له من موجِد، فلابد أن يكون للعالم أيضاً موجد، والموجد هو الذي يدعوه الوحي الله .
فضلاً عن ذلك فإن الأمثلة التي أتوا بها ليُدخلوا في روعنا أن العالم وُجد مصادفة، افترضوا فيها وجود عامل ساعد على حدوث المصادفة، وبذلك اعترفوا دون أن يدروا أن هناك عامِلاً نظَّم العالم ونسَّقه. وهذا العامل الذي يجهلونه أو يتجاهلونه، هو الله الذي نعرفه ونؤمن به.
ونحن وإن كنا لا نبني أسانيدنا في هذا الكتاب على أقوال الفلاسفة والعلماء، لكن استيفاءً للبحث نقول إن أشهرهم قد اعترف بوجود الله وبخَلْقه للعالم. فقال بيركلي وديكارت : إن الانسجام الوظائفي في الكون، يرجع الفضل فيه إلى الله . وقال كريسي موريسن رئيس مجمع العلوم في نيويورك : أسباب الإيمان بالحقيقة الإلهية يعرفها العلماء، وتأبى عليهم عقولهم أن يردّوها إلى المصادفة . وقال العلاّمة جيمز جينز : المشاهدات الرياضية في الكون تثبت أنه لم يوجد مصادفةً . وقال سير آرثر أدنجتون : تفسير الكون بالحركة الآلية أمرٌ لا يسيغه العلم الحديث . وقال كانت : ينبئني ضميري بوجود إلهٍ للعالم . وقال نيوتن : النظام الذي يتجلى في الكون يدل على وجود إله له . ومع أن لويد مورجان كان يقول بوجود عقل في المادة، إلا أنه كان يسأل : ما الذي يُخرج هذه الأطوار بعضها من البعض الآخر على هذا الترتيب العجيب؟ وكان يجيب : إنه تدبير الإله أو توجيهه . قال أينشتين : يشتمل ديني على الإعجاب المتواضع بتلك الروح العليا غير المحدودة التي تكشف في سرها عن بعض التفصيلات القليلة التي تستطيع عقولنا المتواضعة إدراكها. وهذا الإيمان القلبي العميق، والاعتقاد بوجود قوة حكيمة عليا، نستطيع إدراكها خلال ذلك الكون الغامض، يلهمني فكرتي عن الإله . وقال أيضاً : لا يمكنني أن أعتقد أن الخالق يلعب النرد بالدنيا أي أنه لم يخلق العالم فحسب، بل خلقه بحكمة وفطنة، ولغرض ثابت خاص " تاريخ الفلسفة الحديثة، والعالم وأينشتين، وكتاب الله " . فضلاً عن ذلك، فإن العلماء الذين يُشاع عنهم الآن أنهم كانوا ينكرون الله اعترفوا بوجوده تلميحاً أو تصريحاً. فقال سبنسر : المجهول هو تلك القوة التي لا تخضع لشيء في العقول، لكنها مبدأ كل معقول، وهي المنبع الذي يفيض عنه كل شيء في الوجود . وقال دارون : تفرَّعت الأنواع من جرثومة الحياة التي أنشأها الخالق . وقال ولاس زميله : لا يمكن أن يكون الكون قد وُجد بغير علَّة عاقلة، ولكن إدراك هذه العلة يعلو فوق إدراك العقل البشري " اقرأ تاريخ الفلسفة الحديثة، وأصل الأنواع، وعلم الحياة " .
2 - وليس من المعقول أن يكون هناك إله يرضى أن يكون مجهولاً منا، لأنه إذا كان هو الخالق لنا، فمن المؤكد أن يكون كائناً عاقلاً. وإذا كان كائناً عاقلاً، فمن المؤكد أنه لا يرضى أن نُحرم من معرفته. فإن كنا بسبب قصورنا الذاتي لا نستطيع أن نعرف شيئاً عنه من تلقاء أنفسنا، لكن يجب أن نتوقع بكل يقين أن يعرّفنا شيئاً كافياً عن ذاته.
3 - وليس من المعقول أن يكون الله والعالم جوهراً واحداً، وأن يكون من العالم والعالم منه، لأنه إذا كان هو الخالق للعالم. فمن المؤكد أن يكون كائناً قائماً بذاته. وعدم رؤيتنا له بعيوننا لا يقوم دليلاً على أنه ليس كذلك، فهناك أمور كثيرة في الطبيعة لا نستطيع رؤيتها بعيوننا، ومع ذلك نقرُّ بوجودها لمجرد وجود أثر يدل عليها. فالعين مثلاً، لا تدرك إلا حزمة ضيقة من الأشعة التي تقع بين اللون الأحمر والبنفسجي. أما ما دون الحمراء وفوق البنفسجية فلا تدركه إطلاقاً. كما أنها لا تدرك الأشعة الكونية أو السينية أو ماهية الكهرباء أو المغناطيس أو الأثير، وغير ذلك - هذا وقد ذهب أشهر علماء الطبيعة في الوقت الحاضر إلى أنه لا يمكن معرفة حقيقة أي شيء نراه في الوجود، الأمر الذي يغلق الباب أمام الذين ينكرون أن الله ذات، بسبب عدم إدراك الحواس له.
4 - وليس من المعقول أن يكون الله مجرد طاقة، لأن الطاقة لا تعمل عملاً من تلقاء ذاتها، بل لا بد من عامل يدفعها للعمل، ومن الواضح أن هذا العامل، لا يكون طاقة مثلها، بل يكون ذاتاً ذا قوة أو طاقة.
كما أننا إذا سايرناهم في ادّعائهم أن الطاقة خلاّقة، فإن عقولنا لا تلبث طويلاً حتى تنكر علينا مسايرتنا لهم، لأنها تعلّمنا أن الخالق لا بد أن يكون حاصلاً في ذاته على مزايا مخلوقاته بدرجة أوسع وأعمّ. فلا يخلق العقل مَنْ لا عقل له، ولا يخلق الشخصية من لا شخصية له، بل لا بد أن يتضمنهما ويمارسهما ليس أقل من ممارسة مخلوقاته لهما. ولذلك لا يمكن أن يكون الله مجرد طاقة.
5 - وليس من المعقول أن يكون الله بلا صفة، لأن لكل موجود صفة، وليس هناك شيء بلا صفة إلا غير الموجود. وبما أن الله موجود، إذاً فله صفات. ونحن وإن كنا لا نستمد أسانيدنا في هذا الكتاب من أقوال الفلاسفة، لكن استيفاءً للبحث نقول : إنه قد شهد بهذه الحقيقة كثير منهم، فمثلاً قال زينو : من المستحيل أن يخرج عالم مليء بالصفات والخصائص من أصلٍ لا صفة له ولا خاصية " قصة الفلسفة اليونانية ص 51 " .
6 - ليس من المعقول أن يتصف الله بالصفات السلبية فحسب، كعدم العجز دون القدرة، وعدم الجهل دون العلم، وعدم الإرغام دون الإرادة، وذلك للأسباب الآتية :
أ - هذه الصفات ناقصة. وإن كان الله لا يتصف إلا بها كان ناقصاً. وهو منّزَه عن النقص.
ب - الله بوصفه خالقنا هو مصدر سعادتنا وسلامنا، لكن الإله الذي يتصف بالصفات السلبية دون الإيجابية لا يستطيع أن يجلب إلينا سعادة أو سلاماً، إذ لا فائدة في إله يكرهنا ولكنه لا يعطف علينا، وفي إله غير عاجز لكنه غير قادر على مدّ يد العون لنا.
فآراء هؤلاء الفلاسفة لا نصيب لها من الصواب إطلاقاً. والحقيقة هي أن الله ذات يتَّصف ليس بالصفات السلبية فحسب، بل وأيضاً بالصفات الإيجابية اللائقة به. أما من جهة علاقة صفاته به، وهل هي ذاته أم غير ذاته، فهذا ما سنبحثه في الباب الثالث من هذا الكتاب.
آراء الفلاسفة عن الله
انقسم الفلاسفة في آرائهم عن الله إلى خمس فرق رئيسية : الأولى فرقة الماديين التي أنكرت وجوده وقالت أنْ لا إله للعالم، وإن العالم وُجد مصادفة. والفرقة الثانية فرقة العقليين التي قالت إن العقل يفترض وجوب وجود إله للعالم، لكن هذا الإله أسمى من إدراكنا، ولذلك لا نستطيع أن نعرف عنه شيئاً. والفرقة الثالثة فرقة وحدة الوجود التي قالت إن الله والعالم جوهر واحد، فهو من العالم والعالم منه. والفرقة الرابعة اعترفت أن الله ليس هو العالم، ولكنه القوة المحرِّكة للعالم، وبذلك نفت عنه الذاتية وجعلته مجرد طاقة. و الذاتية هي الكيان الذي يتَّصف بالعقل والإدراك. أما الطاقة فهي مجرد قوة، لا عقل لها أو إدراك.
والفرقة الخامسة اعترفت أن الله ذات، ولكنها انقسمت فيما بينها من جهة ذاته وصفاته إلى أربع شيع رئيسية : فالأولى رأت أنه ذات له صفات زائدة عن ذاته، والثانية رأت أن صفاته هي عين ذاته، والثالثة رأت أن الصفات الإيجابية لا تتلاءم مع تفرُّده بالأزلية، فأسندت إليه الصفات السلبية وحدها، والرابعة رأت أن الصفات هي من خصائص المخلوقات، ولذلك نفتها عنه، رغبةً منها " حسب اعتقادها " في تنزيهه عن الاشتراك في خصائص هذه المخلوقات.
والذين أسندوا إلى الله الصفات السلبية وحدها قالوا إنه غير جاهل وغير عاجز وغير مرغم. والذين نفوا عنه الصفات قالوا إنه لا يعلم ولا يقدر ولا يريد.
ولا يتسع المجال أمامنا الآن لمناقشة هذه الآراء بالتفصيل، ولذلك نقول بكل اختصار :
1 - ليس من المعقول أن يكون العالم قد وُجد مصادفة، لأن كل شيء في الوجود لا بد له من موجِد، فلابد أن يكون للعالم أيضاً موجد، والموجد هو الذي يدعوه الوحي الله .
فضلاً عن ذلك فإن الأمثلة التي أتوا بها ليُدخلوا في روعنا أن العالم وُجد مصادفة، افترضوا فيها وجود عامل ساعد على حدوث المصادفة، وبذلك اعترفوا دون أن يدروا أن هناك عامِلاً نظَّم العالم ونسَّقه. وهذا العامل الذي يجهلونه أو يتجاهلونه، هو الله الذي نعرفه ونؤمن به.
ونحن وإن كنا لا نبني أسانيدنا في هذا الكتاب على أقوال الفلاسفة والعلماء، لكن استيفاءً للبحث نقول إن أشهرهم قد اعترف بوجود الله وبخَلْقه للعالم. فقال بيركلي وديكارت : إن الانسجام الوظائفي في الكون، يرجع الفضل فيه إلى الله . وقال كريسي موريسن رئيس مجمع العلوم في نيويورك : أسباب الإيمان بالحقيقة الإلهية يعرفها العلماء، وتأبى عليهم عقولهم أن يردّوها إلى المصادفة . وقال العلاّمة جيمز جينز : المشاهدات الرياضية في الكون تثبت أنه لم يوجد مصادفةً . وقال سير آرثر أدنجتون : تفسير الكون بالحركة الآلية أمرٌ لا يسيغه العلم الحديث . وقال كانت : ينبئني ضميري بوجود إلهٍ للعالم . وقال نيوتن : النظام الذي يتجلى في الكون يدل على وجود إله له . ومع أن لويد مورجان كان يقول بوجود عقل في المادة، إلا أنه كان يسأل : ما الذي يُخرج هذه الأطوار بعضها من البعض الآخر على هذا الترتيب العجيب؟ وكان يجيب : إنه تدبير الإله أو توجيهه . قال أينشتين : يشتمل ديني على الإعجاب المتواضع بتلك الروح العليا غير المحدودة التي تكشف في سرها عن بعض التفصيلات القليلة التي تستطيع عقولنا المتواضعة إدراكها. وهذا الإيمان القلبي العميق، والاعتقاد بوجود قوة حكيمة عليا، نستطيع إدراكها خلال ذلك الكون الغامض، يلهمني فكرتي عن الإله . وقال أيضاً : لا يمكنني أن أعتقد أن الخالق يلعب النرد بالدنيا أي أنه لم يخلق العالم فحسب، بل خلقه بحكمة وفطنة، ولغرض ثابت خاص " تاريخ الفلسفة الحديثة، والعالم وأينشتين، وكتاب الله " . فضلاً عن ذلك، فإن العلماء الذين يُشاع عنهم الآن أنهم كانوا ينكرون الله اعترفوا بوجوده تلميحاً أو تصريحاً. فقال سبنسر : المجهول هو تلك القوة التي لا تخضع لشيء في العقول، لكنها مبدأ كل معقول، وهي المنبع الذي يفيض عنه كل شيء في الوجود . وقال دارون : تفرَّعت الأنواع من جرثومة الحياة التي أنشأها الخالق . وقال ولاس زميله : لا يمكن أن يكون الكون قد وُجد بغير علَّة عاقلة، ولكن إدراك هذه العلة يعلو فوق إدراك العقل البشري " اقرأ تاريخ الفلسفة الحديثة، وأصل الأنواع، وعلم الحياة " .
2 - وليس من المعقول أن يكون هناك إله يرضى أن يكون مجهولاً منا، لأنه إذا كان هو الخالق لنا، فمن المؤكد أن يكون كائناً عاقلاً. وإذا كان كائناً عاقلاً، فمن المؤكد أنه لا يرضى أن نُحرم من معرفته. فإن كنا بسبب قصورنا الذاتي لا نستطيع أن نعرف شيئاً عنه من تلقاء أنفسنا، لكن يجب أن نتوقع بكل يقين أن يعرّفنا شيئاً كافياً عن ذاته.
3 - وليس من المعقول أن يكون الله والعالم جوهراً واحداً، وأن يكون من العالم والعالم منه، لأنه إذا كان هو الخالق للعالم. فمن المؤكد أن يكون كائناً قائماً بذاته. وعدم رؤيتنا له بعيوننا لا يقوم دليلاً على أنه ليس كذلك، فهناك أمور كثيرة في الطبيعة لا نستطيع رؤيتها بعيوننا، ومع ذلك نقرُّ بوجودها لمجرد وجود أثر يدل عليها. فالعين مثلاً، لا تدرك إلا حزمة ضيقة من الأشعة التي تقع بين اللون الأحمر والبنفسجي. أما ما دون الحمراء وفوق البنفسجية فلا تدركه إطلاقاً. كما أنها لا تدرك الأشعة الكونية أو السينية أو ماهية الكهرباء أو المغناطيس أو الأثير، وغير ذلك - هذا وقد ذهب أشهر علماء الطبيعة في الوقت الحاضر إلى أنه لا يمكن معرفة حقيقة أي شيء نراه في الوجود، الأمر الذي يغلق الباب أمام الذين ينكرون أن الله ذات، بسبب عدم إدراك الحواس له.
4 - وليس من المعقول أن يكون الله مجرد طاقة، لأن الطاقة لا تعمل عملاً من تلقاء ذاتها، بل لا بد من عامل يدفعها للعمل، ومن الواضح أن هذا العامل، لا يكون طاقة مثلها، بل يكون ذاتاً ذا قوة أو طاقة.
كما أننا إذا سايرناهم في ادّعائهم أن الطاقة خلاّقة، فإن عقولنا لا تلبث طويلاً حتى تنكر علينا مسايرتنا لهم، لأنها تعلّمنا أن الخالق لا بد أن يكون حاصلاً في ذاته على مزايا مخلوقاته بدرجة أوسع وأعمّ. فلا يخلق العقل مَنْ لا عقل له، ولا يخلق الشخصية من لا شخصية له، بل لا بد أن يتضمنهما ويمارسهما ليس أقل من ممارسة مخلوقاته لهما. ولذلك لا يمكن أن يكون الله مجرد طاقة.
5 - وليس من المعقول أن يكون الله بلا صفة، لأن لكل موجود صفة، وليس هناك شيء بلا صفة إلا غير الموجود. وبما أن الله موجود، إذاً فله صفات. ونحن وإن كنا لا نستمد أسانيدنا في هذا الكتاب من أقوال الفلاسفة، لكن استيفاءً للبحث نقول : إنه قد شهد بهذه الحقيقة كثير منهم، فمثلاً قال زينو : من المستحيل أن يخرج عالم مليء بالصفات والخصائص من أصلٍ لا صفة له ولا خاصية " قصة الفلسفة اليونانية ص 51 " .
6 - ليس من المعقول أن يتصف الله بالصفات السلبية فحسب، كعدم العجز دون القدرة، وعدم الجهل دون العلم، وعدم الإرغام دون الإرادة، وذلك للأسباب الآتية :
أ - هذه الصفات ناقصة. وإن كان الله لا يتصف إلا بها كان ناقصاً. وهو منّزَه عن النقص.
ب - الله بوصفه خالقنا هو مصدر سعادتنا وسلامنا، لكن الإله الذي يتصف بالصفات السلبية دون الإيجابية لا يستطيع أن يجلب إلينا سعادة أو سلاماً، إذ لا فائدة في إله يكرهنا ولكنه لا يعطف علينا، وفي إله غير عاجز لكنه غير قادر على مدّ يد العون لنا.
فآراء هؤلاء الفلاسفة لا نصيب لها من الصواب إطلاقاً. والحقيقة هي أن الله ذات يتَّصف ليس بالصفات السلبية فحسب، بل وأيضاً بالصفات الإيجابية اللائقة به. أما من جهة علاقة صفاته به، وهل هي ذاته أم غير ذاته، فهذا ما سنبحثه في الباب الثالث من هذا الكتاب.