يرى اليونان المحدثون أن هذا القديس من أهالي صيدا. زار المؤرخ روفينيوس دير القديس بفنوتيوس المتوحد بالصعيد الأقصى عام 390، وكان القديس قد تنيح فروى لنا ما سمعه عنه. عاش في صعيد مصر في حياة مقدسة، حتى كان يسلك كملاكٍ على الأرض. تمتع بشفافية مرهفة وعلاقة وثيقة مع السمائيين. قيل إنه هو الذي قام بالدور الرئيسي في توبة تاييس الخاطئة، وإن كان البعض يرى أن القديس بيساريون هو المقصود، بينما يرى آخرون أن ما حدث مع أحد رجال الله يمكن أن يتكرر أيضًا مع غيره. لا نعرف تاريخ نياحته، وإنما قيل إنه إذ عرف وقت انتقاله وكان جماعة من المتوحدين حاضرين معه أسلم الروح بهدوء إلهي عجيب، وشهد الحاضرون الملائكة تحمل روحه وهي تسبح الله ممجدة إياه. القديس بفنوتي واللص يقدم لنا التاريخ القصة التالية التي تكشف عن شوق الله لخلاص كل نفس، إذ قيل إن القديس بفنوتي كان قد نما في الروح وسما في حياة الفضيلة في الرب، حتى كان ينظر بعض السمائيين. في إحدى المرات سأل عن مدى تقدمه في الفضيلة، فقيل له إنه بلغ قامة أحد محترفي الغناء في قرية مجاورة له. دُهش الأب جدًا كيف يُقارن برجل محترف غناء في قامته الروحية بينما قد قطع شوطًا كبيرًا في الحياة النسكية، وكرس كل وقته للعبادة، وتأهل للتمتع بمناظر سماوية. أسرع إلى القرية ليلتقي بهذا المطرب، ويسأله عن سلوكه، فأجاب أنه إنسان شرير يعيش على أموال سبق أن اقتناها من السرقة. ألحّ عليه أن يحدثه عن تصرفاته الحسنة، فأجابه أنه لا يذكر إلا أمرين: الأمر الأول أنه في فترة ممارسته لأعمال السرقة اختطف زملاؤه اللصوص عذراء كرست نفسها لله، وإذ أراد زملاؤه اغتصابها انتزعها من أيديهم واقتادها إلى قريتها دون أن يلحق بها ضررًا. والأمر الثاني أنه رأى في الصحراء امرأة في حالة إعياء شديد، حملها إلى مغارته وقدم لها طعامًا وشرابًا دون أن يمسها، وإذ سألها عن سّر مجيئها إلى الصحراء أجابت أن دائنًا قد زج برجلها وأولادها في السجن من أجل 300 قطعة من الفضة وأنه يطلبها فهربت منه ولها أربعة أيام لم تأكل قط، فتأثر جدًا وقدم لها 300 قطعة من الفضة، هو أغلب ما لديه سائلاً إياها أن تنقذ رجلها وأولادها. تعجب القديس بفنوتيوس من هذا اللص الرحيم وعرف أن الله إنما أرسله لخلاص نفسه، فبدأ يحدثه عن محبة الله الحانية، وللحال ألقى الرجل مزماره وتبع المتوحد ليقضي ثلاث سنوات تحت رعايته يسلك طريق الكمال حتى تنيح. القديس بفنوتي ومضيف الغرباء إن كان الله قد قارن القديس بفنوتي المتوحد بلصٍ رأى فيه استعدادًا وممارسةً للحب العملي، ففي دفعة أخرى قارنه الله برجلٍ متزوج أنجبت زوجته ثلاثة أولاد وعاش معها بعد ذلك كأخٍ، وكان لا يرفض قط ضيافة أحدٍ ولا يحتقر فقيرًا ولا يمتنع عن مساعدة محتاج! لهذا كان القديس يقول لنفسه: "إن كان الذين في العالم يعملون أعمالاً ممتازة، فكم أكون أنا ملزمًا كمتوحد أن أجتهد لكي أتقدم عليهم في تداريب التوبة؟!" وهكذا كان يزداد مثابرة وجهادًا في صلواته ونسكياته.
يدعى أيضًا المتوحد، إذ عاش 24 سنة في الوحدة، كان يلبس ثوبًا واحدًا في ليالي الشتاء القارصة. مع عدم قيامه بدراسات كتابية غير أن الروح القدس وهبه عطية معرفة أسرار الكتاب، واعتبر كأبرع مفسر له. قيل أن كاسيان استقى منه معلوماته عن القديس مقاريوس الاسكندري، وإنه التقى بالقديسة ميلانية عام 373 / 374م
أحد النجوم اللامعة ببرية شيهيت، تسلم الرئاسة كقسٍ لشيهيت، وكان من كبار مدبري الحياة الرهبانية في القرن الرابع (يرى البعض أنه هو بعينه تلميذ القديس مقاريوس الإسكندري). عرف باسم "بفنوتيوس المتوحد" أو "الشيهيتي"، كما دُعى كيفالاس Cephalas وقد اختلف الدارسون في تفسير هذا اللقب، فالبعض يرى إنه يعني "أبا دماغ"، والبعض يرى أنها جاءت محّرفة عن "سمبلاس" أى "البسيط". أما هو فكان يلقب نفسه بوباليس "الجاموسة" بسبب ضخامة جسمه، كنوع من تحقير نفسه.
حياته الديرية: وُلد مابين عامي 301 و 311م، تبع القديس أنبا أنطونيوس وتتلمذ على يديه، ثم انفرد في حياة توحدية، وأخيرًا انطلق إلى برية شيهيت ليستقر هناك، متتلمذًا على يديْ مقاريوس الكبير تحت رعاية القديس إيسيذورس قس شيهيت. لا نعرف متى سيم كاهنًا، لكنه خلف القديس إيسيذورس كقس لشيهيت حوالي عام 373م، حيث انسحب الأخير مع القديس مقاريوس إلى الجنوب نحو البيامون لتأسيس دير أبي مقار، وكان القديس إيسذورس يتردد لفترة 12 عامًا حتى تنيح. صار القديس بافنوتيوس أب الأسقيط بعد نياحة القديس مقاريوس الكبير حوالي عام 390م وكانت قلايته تبعد حوالي خمسة أميال من الكنيسة. وعندما زار القديس يوحنا كاسيان شيهيت عام 399م كان القديس بافنوتيوس شيخًا في التسعين من عمره، وقد كتب عنه أكثر من مرة. عُرف بالحكمة والرزانة، فعندما حدث شقاق بين رهبان نتريا العقلانيين (الذين تبعوا أوريجينوس في نمط تفكيره) وبين البابا ثاوفيلس (23) بخصوص "شكل الله"، إذ حاول هؤلاء الرهبان تصويره بطريقة مادية ملموسة استطاع بحكمته أن يكسب الكل في محبة. من أجل استقامة إيمانه نفاه فالنس الأريوسي في قيصرية الجديدة وعند عودته وجدته القديسة ميلانيا أثناء زيارتها لنتريا، وكان لها شرف الحديث معه (يرى بعض الدارسين أنها التقت بالقديس بافنوتيوس الإسكندري إن كان شخصًا آخر).
حبه لخلاص النفس: قيل إن أخًا بدير أنبا أنطونيوس في بسبير Pispir أُتهم بخطية ما فانطلق إلى القديس أنبا أنطونيوس، وبعد قليل لحق به بعض الأخوة ليشتكوا عليه، وابتدأوا يوجهون ضده الاتهامات، أما هو فكان يدافع عن نفسه. تدخل القديس بافنوتيوس قائلاً للاخوة: "رأيت إنسانًا سقط في الماء فغطس في الطين حتى ركبتيه، فجاء قوم ليساعدوه وينشلوه فما كان منهم إلا أنهم أغرقوه حتى عنقه". فلما سمع العظيم أنبا أنطونيوس ذلك قال عن القديس بافنوتيوس: "انظروا هذا الإنسان إنه حقًا يستطيع أن يربح النفوس ويخلصها" (يُقال أن هذه القصة خاصة بالقديس بافنوتيوس تلميذ القديس مقاريوس الاسكندري). قيل أيضًا إن القديس بافنوتيوس لم يكن يشرب النبيذ قط، ولكن دفعة مرّ أمام عصابة من اللصوص وكانوا يشربون، وأن رئيس العصابة يعرف أنه ناسك لا يشرب النبيذ، فملأ كأسًا له، وأخرج بيده سيفًا وهدده، قائلاً: "إن لم تشرب فسأقتلك". أما القديس فحسب في ذلك جحدًا لمشيئته الذاتية، حاسبًا أن ما يفعله رئيس العصابة من قتل يهلك نفسه، ففضل أن يشرب الكأس من أجل خلاص الرجل، واثقًا أن نعمة الله لابد وأن تعمل فيه. تصاغر رئيس العصابة جدًا في عينيْ نفسه أمام طاعة هذا الإنسان ووداعته، ولم يعرف ماذا يفعل سوى أن يعتذر، قائلاً: "اغفر لي يا أبتي لأني قد أحزنتك". أجابه القديس: "إني متيقن أن الله سوف يغفر لك خطاياك من أجل هذه الكأس". عندئذ في توبة قال رئيس العصابة: "وأنا أيضًا واثق بنعمة الله إني من الآن لن أحزن إنسانًا ما"؟، وقيل أن الجماعة كلها تابت على يديه. كان مع الأب بافنوتيوس في الإسقيط أخ حاربته أفكار الزنا، فقال: "ولو إني تزوجت عشر نساء لا أشبع شهوتي". فتوسل إليه الأب، قائلاً له: "لا يا ابني، فإن هذا الكلام هو بسبب حرب الشياطين"، فلم يقتنع الأخ، ونزل إلى مصر وتزوج. وبعد زمان التقى به الأخ وكان يحمل سلة بها صدفًا، فلم يعرفه، لكن الأخ قال له: "أنا تلميذك فلان يا أبتي". فلما رآه بكى، وقال له: "كيف تركت ذلك الشرف وأتيت إلى الهوان؟ على كل حال، هل اقترنت بعشرة نساء كما ذكرت لي؟" فتنهد الأخ وقال: "بالطبع قد تزوجت واحدة، لكني أشقى كثيرًا بسببها، ولا أعرف كيف أشبعها خبزًا". قال له الأب: "ألا تعود إلينا من جديد؟" أجابه الأخ: "وهل من توبة يا أبتي؟" قال له: "نعم"، وللحال ترك كل شيء وتبعه وصار في الإسقيط كمبتدئ في الرهبنة.
تجربته في حياته الرهبانية الأولى: يروي لنا شينو في كتابه "قديسو مصر" قصة القديس بفنوتي القس كما لو كانت تخص شخصًا آخر غير القديس بافنوتيس تلميذ القديس مقاريوس الكبير، غير أن هذه القصة تبدو أنها خاصة به في بداية حياته الرهبانية، فقد نما القديس في الفضيلة بصورة رائعة الأمر الذي أثار أحد الرهبان إذ كان يحسده على سمعته الطيبة، وفي أحد الأيام تسلل الراهب من الكنيسة أثناء القداس الإلهي وأخفى كتابه تحت حصيرة الراهب الشاب بفنوتي. وبعد القداس الإلهي اشتكى لرئيس الدير أن كتابه قد سُرق في الدير، وإذ ألح على رئيس الدير أن يبحث عنه تألم الرئيس كيف تكون سرقة في الدير. وأخيرًا استقر الرأي على إرسال ثلاثة رهبان إلى القلالي يبحثون عن الكتاب المسروق. وبالفعل بعد فترة عاد الرهبان يحملون الكتاب معلنين عن وجوده تحت حصيرة الراهب بفنوتي. أما هو فلم يعترض بل في اتضاع قبل قانون التوبة دون أن يظهر أية علامة تعجب أو دفاع عن نفسه. أُفرز الأب بفنوتي من بين الرهبان وضاعف أصوامه لمدة أسبوعين في هدوءٍ عجيبٍ، أما الراهب الذي دبّر له المكيدة فباغته روح شرير وسبب إزعاجًا للدير، ولم يستطع حتى القديس إيسيذورس أن يخرجه، بل كان يصرخ: "بفنوتي، بفنوتي، أريد بفنوتي". في اتضاع جاء القديس بفنوتي المنبوذ من الكل، واعترف الراهب بشره طالبًا الصفح عنه.
من كلماته: وتعاليمه ليكن عندكم الحزن أفضل من الفرح، والتعب أفضل من الراحة، والإهانة أفضل من الكرامة، وليكن عطاؤكم أكثر من أخذكم. مرة توجه البابا ثاوفيلس (23) إلى الإسقيط، فاجتمع الإخوة، وقالوا للأنبا بافنوتيوس: "قل للبابا كلمة واحدة لكي ينتفع". فقال لهم الشيخ: "إن لم ينتفع بسكوتي، فحتى ولا بكلمتي ينتفع"، فسمع البطريرك ذلك وانتفع جدًا. قال الأب بافنوتيوس: "لما كنت أمشي في الطريق ضللت بسبب الضباب، فوجدت نفسي أمام إحدى القرى. وهناك رأيت البعض يتحدثون، فوقفت أصلي من أجل خطاياي، فجاء ملاك يحمل سيفًا، وقال لي: "يا بفنوتيوس، إن الذين يدينون اخوتهم يهلكون بحد هذا السيف. أما أنت، فكونك لا تدين أحدًا بل تتضع أمام الله وكأنك أنت الذي يرتكب الخطية، فإن اسمك قد كُتب في سفر الأحياء".
يذكر بروسبر Prosper of Aquitine أن أجريكولا Agricola أفسد كنيسة بريطانيا بنشر البدعة البيلاجية (نسبة إلى بيلاجيوس الراهب البريطاني الذي كرز في روما في الفترة ما بين 400 و 410م، ونادى بأن خطية آدم لا تورّث، ويولد الأطفال أبرياء بلا خطية جدية، لذا فهم يُعمدون لا لغفران الخطية، وإنما للتمتع بالعضوية في المسيح وملكوت السماوات، وأن الإنسان قادر على الخلاص بجهاده الذاتي دون حاجة إلى نعمة الله، وأنه لا حاجة للنعمة للتمتع باستنارة الفكر، وقد اهتم كثير من الآباء خاصة القديس أغسطينوس للرد عليه لتأكيد دور النعمة الإلهية دون تجاهل لحرية الإرادة الإنسانية). أُرسل القديس جرمانيوس أسقف Auxerre إلى بريطانيا (عام 429م)، من قبل أسقف روما (البابا) كلستين الأول لإيقاف هذه الحركة البيلاجية بناء على طلب الشماس بالاديوس. وفي سنة 431 سيم هذا الشماس بواسطة (بابا روما) كأول أسقف على أيرلندا. واجه متاعب كثيرة ومعارضة، لكنه إذ كرز لكثيرين وبنى ثلاث كنائس صار محبوبًا إلى حد ما. قبل نهاية العام شعر أن خدمته في روما أكثر ثمارًا فترك أيرلندا، وانطلق إلى روما، لكنه مرض في الطريق ورقد في Fordun. يرى البعض انه استشهد في أيرلندا.
يعتبر من أهم مؤرخي الرهبنة القبطية، زار منطقة نتريا والقلالي، وعاش كصديقٍ للقديس مقاريوس الإسكندري، لكنه كان بفكره أكثر قربًا للقديس أوغريس البنطي بل يُحسب تلميذًا له، إذ تلاقيا خلال محبتهما لفكر أوريجينوس من جهة الاتجاه العقلي التأملي عوض الحياة الرهبانية البسيطة، فأقاما أشبه بمدرسة رهبانية داخل الحياة الرهبانية المصرية، ضمت أنصار الفكر الأوريجيني، الأمر الذي سبب شرخًا وانقسامًا في رهبنة نتريا على وجه الخصوص.
نشأته ورهبنته: وُلد في غلاطية سنة 363 أو 364م، وتثقف ثقافة عالية. لا نعرف عن عائلته الكثير، إنما نفهم من كتابه "التاريخ اللوزياكي Lausiac History" أن والده كان عائشًا حتى سنة 394م، وأن أخته وأخوه كرسا حياتهما، وإن كان كتابه "حوار بخصوص حياة القديس يوحنا الذهبي الفم" يكشف عن أن أخاه Brisson عاد وترك هذا العمل الديني بكامل حريته ليفلح بستانه الصغير بنفسه. إذ بلغ القديس بالاديوس من العمر 23 عامًا دخل الحياة الديرية في جبل الزيتون بأورشليم ليتتلمذ على يديْ إينوسنت، كما أقام فترة صغيرة مع البيديوس بالقرب من أريحا. وفي حوالي سنة 388م أراد أن يلتقي بمتوحدي مصر ويتعرف عليهم ويتتلمذ على أيديهم، فذهب إلى الإسكندرية وبقي فيها قرابة ثلاث سنوات. التقى بالقديس إيسيذورس الذي كان يدير دار الضيافة بالبطريركية، وهذا سلمه للقديس دورثيؤس الطيبي أو الصعيدي الذي كان يسكن في مغارة تبعد حوالي خمسة أميال من الإسكندرية، وإذ كانت معيشة هذا المتوحد تفوق احتمال القديس بيلاديوس تركه وانطلق إلى نتريا ومنها إلى منطقة القلالي ليقيم فيها تسع سنوات حتى إذ اعتلت صحته اضطر إلى العودة إلى الإسكندرية للعلاج.
في نتريا والقلالي: بقى في نتريا سنة واحدة أو أقل وفي سنة 391م ذهب إلى القلالي ورافق القديس مقاريوس الإسكندري حتى تنيح عام 394م فانضم إلى القديس أوغريس أو إيفاجريوس البنطي ليتتلمذ على يديه حيث كان الاثنان يحبان أوريجينوس. التصق أيضًا بمحبي أوريجينوس مثل أمونيوس وإخوته الطوال القامة. كان ينتقل من القلالي إلى شيهيت خلال التسع السنوات التي قضاها في منطقة القلالي، كما ذهب خلال هذه الفترة إلى أسيوط (ليكوبوليس) ليزور القديس يوحنا الحبيس الأسيوطي الذي تنبأ له أنه سيصير أسقفًا. وقد حضر نياحة معلمه أوغريس سنة 399م.
سيامته اسقفًا: قلنا إنه ذهب إلى الإسكندرية للعلاج، لكن الأطباء أشاروا عليه أن يذهب إلى فلسطين كتغيير للجو عام 399م. ذهب من هناك إلى بثينية حوالي عام 400م، حيث سيم أسقفًا على هلينوبوليس Helenopolis كما تنبأ له القديس يوحنا الأسيوطي. دخل في الصراعات الخاصة بالحركة الأوريجينية، وقد ظهر مع القديس يوحنا الذهبي الفم سنة 403 في مجمع السنديان حيث وقف ليناصر القديس يوحنا. وفي سنة 405م سافر إلى روما ليشفع في القديس يوحنا. وفي السنة التالية نفاه الإمبراطور أركاديوس إلى صعيد مصر حيث بقى هناك إلى سنة 412م يتنقل في منطقتي طيبة وأسوان، من بعدها عاد إلى غلاطية كأسقف على Apsuna، وقد تنيح قبيل انعقاد المجمع المسكوني بأفسس سنة 431م.
كتاباته: 1. لعل أعظم ما قام به هو كتابه "التاريخ اللوزياكي Lausiac History"، وقد سُمي هكذا نسبة إلى لوسياس Lausus رئيس حجاب بلاط الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني، إذ أهداه إليه، كتبه حوالي عام 419/420م، يصف فيه الحركة الرهبانية في مصر وفلسطين وسوريا وآسيا الصغرى في القرن الرابع، ويعتبر من أهم مصادر تاريخ الرهبنة الأولى بعد كتاب "حياة أنطونيوس" بقلم البابا أثناسيوس الرسولي. 2. "حوار عن حياة القديس يوحنا ذهبي الفم"، كتبه في أسوان حوالي سنة 408م، إذ كان منفيًا هناك بسبب التصاقه ودفاعه عن هذا القديس. وقد جاء هذا العمل هامًا في الكشف عن حياة يوحنا ذهبي الفم لكنه أظهر تحاملاً شديدًا وبلهجة قاسية ضد البابا ثاوفيلس الإسكندري الذي لا ننكر خطأه في تورطه في قضية القديس يوحنا ذهبي الفم، ويُقال أنه ندم على ذلك قبل نياحته. 3. "عن شعب الهند والبراهمة"، مقال صغير ينقسم إلى أربعة أجزاء، غالبًا الجزء الأول للقديس بلاديوس دون بقية الأجزاء. ملاحظة حدث خلط بين كتاب بلاديوس وكتاب آخر وضع حوالي سنة 400م عن "تاريخ رهبان مصر" يحوي ذات محتويات كتاب بالاديوس بواسطة كاتب مجهول.
* يُكتَب أيضاً: القديس بلاديوس، القديس بيلاديوس، القديس باليديوس، القديس بليديوس، Palladius of Galatia
إذ تنيح الأب زوسيموس أسقف روما Zosimus of Rome في 26 ديسمبر سنة 418 م اختار غالبية الكهنة والشعب بونيفاسيوس (بونيفاس) Bonifacius (Pope Boniface I) خلفًا له في اليوم بعد التالي (28 ديسمبر)، وسيم أسقفًا اليوم الذي يليه (29 ديسمبر)، وقام بالرسامة تسعة أساقفة وذلك في كنيسة القديس مارسيللوس. في نفس الوقت اجتمع ثلاثة أساقفة وقلة من الكهنة وقاموا بسيامة رئيس الشمامسة إيلاليوس Eulalius في كنيسة اللاتيران أسقفًا على روما. كتب والي روما ? سيماخوس - إلى الإمبراطور هونريوس عما حدث، مؤيدًا إيلاليوس ضد بونيفاسيوس. فأصدر الإمبراطور أمره إلى الأخير أن يترك روما منعًا للمشاحنات، لكن بونيفاسيوس ترك كنيسة القديس بولس، ثم عاد ليحاول الدخول بالقوة، وكان الشعب يسنده ضد الوالي ورجاله. تدخل البعض لدى الإمبراطور، وطلبوا منه سحب أمره السابق، وعُقد مجمع في رافينا لبحث الأمر، لكن لم يصل المجمع إلى قرار. كان الاثنان مُستبعدان، وإذ تدخل البعض لدى الإمبراطور لصالح بونيفاسيوس الذي التزم الهدوء، تسرع الثاني ودخل المدينة مما أثار الوالي سيماخوس ضده، وكتب إلى الإمبراطور وكان في صف بونيفاسيوس لاعتداله وهدوئه، فاستلم كرسيه في 10 إبريل 419م. من أهم أعماله مساندته للقديس أغسطينوس في مقاومته لأتباع بيلاجيوس. وقد تنيح في 4 سبتمبر 422 م.
إذ تنيح الأب زوسيموس أسقف روما Zosimus of Rome في 26 ديسمبر سنة 418 م اختار غالبية الكهنة والشعب بونيفاسيوس (بونيفاس) Bonifacius (Pope Boniface I) خلفًا له في اليوم بعد التالي (28 ديسمبر)، وسيم أسقفًا اليوم الذي يليه (29 ديسمبر)، وقام بالرسامة تسعة أساقفة وذلك في كنيسة القديس مارسيللوس. في نفس الوقت اجتمع ثلاثة أساقفة وقلة من الكهنة وقاموا بسيامة رئيس الشمامسة إيلاليوس Eulalius في كنيسة اللاتيران أسقفًا على روما. كتب والي روما ? سيماخوس - إلى الإمبراطور هونريوس عما حدث، مؤيدًا إيلاليوس ضد بونيفاسيوس. فأصدر الإمبراطور أمره إلى الأخير أن يترك روما منعًا للمشاحنات، لكن بونيفاسيوس ترك كنيسة القديس بولس، ثم عاد ليحاول الدخول بالقوة، وكان الشعب يسنده ضد الوالي ورجاله. تدخل البعض لدى الإمبراطور، وطلبوا منه سحب أمره السابق، وعُقد مجمع في رافينا لبحث الأمر، لكن لم يصل المجمع إلى قرار. كان الاثنان مُستبعدان، وإذ تدخل البعض لدى الإمبراطور لصالح بونيفاسيوس الذي التزم الهدوء، تسرع الثاني ودخل المدينة مما أثار الوالي سيماخوس ضده، وكتب إلى الإمبراطور وكان في صف بونيفاسيوس لاعتداله وهدوئه، فاستلم كرسيه في 10 إبريل 419م. من أهم أعماله مساندته للقديس أغسطينوس في مقاومته لأتباع بيلاجيوس. وقد تنيح في 4 سبتمبر 422 م.
في روما في بداية القرن الرابع عاشت شابة مسيحية جميلة من عائلة عريقة وغنية جدًا، تدعى أغلاي Aglae بروما في حياة مدللة، إذ كانت تحب اللَّهو والإسراف، وتهتم جدًا بالمظاهر حتى قيل إنها ثلاث مرات استأجرت أناسًا يقيمون موكبًا لها عند دخولها المدينة. كان لهذه الثرية وكيل أموالها يدعى بونيفاسيوس أو بونيفاس Boniface ، أغرته الموكلة بحياتها المدللة حتى سقط معها في النجاسات وحياة الفساد، ومع هذا فقد اتسم بحبه الشديد للعطاء وترفقه بالفقراء. لا نعرف سرّ توبة هذه الشابة، إنما رجعت إلى نفسها في يوم من الأيام وصارت تتأمل يوم الدينونة العظيم وبطلان الحياة الزمنية، فأشرق الله بنوره في قلبها لترى جسامة خطاياها ومرارة آثامها فتقدم توبة صادقة. للحال باعت كل ثيابها الثمينة ووزعت الكثير من أموالها على الفقراء، وقررت أن تنفرد في بيتها لتعيش حياة نسكية مع تكريس وقتها للصلاة والتأمل، وقد تأثر بها وكيلها وسلك مثلها في حياة توبة صادقة.
ذهابه إلى الشرق:
كان المسيحيون في الغرب يعيشون في جوٍ من الراحة والسلام إذ كان قسطنطينوس كلوروس والد قسطنطين الكبير هو ملك الغرب، وكان إنسانًا محبًا للجميع مترفقًا بالمسيحيين، أما مسيحيو الشرق فكانوا يعانون الأمرين من الضيق بسبب غاليريوس مكسيميان ومكسيميانوس دايا. طلبت أغلاي من وكيلها بونيفاسيوس أن يحمل بعض أموالها إلى الشرق، ليسند به الذين في السجون والمحتاجين بسبب الاضطهاد، فتكون بهذا قد اشتركت في العطاء وإشباع احتياجات القديسين، وسألته إن أمكن أن يأتي إليها بأحد أجساد الشهداء لتنال بركته وتبني له هيكلاً لائقًا به. فرح بونيفاسيوس بهذه الإرسالية لكنه إذ عاش حياة التوبة الصادقة والتهب قلبه بمحبة مسيحه تاق لا أن يأتي بجسد شهيد وإنما أن يشارك الشهداء كرامتهم ببذل حياته مثلهم، لذا قال لموكلته: "إنني لن أتراخى في إحضار رفات شهداء، لكن ما رأيك أن أحضر لكِ جسدي نفسه كجسد شهيد؟" أجابته أغلاي: "من كان مخطئًا مثلنا لا يستحق هذا الإكليل، فإننا غير أهلٍ أن نلمس أجساد الشهداء، فماذا لو قدمت جسدك للاستشهاد؟" قبل ان يحمل بونيفاسيوس المال تهيأ للرحلة بالأصوام والصلوات، طالبًا إرشاد الله له ليؤهله لنوال مجد الشهادة، ثم انطلق إلى طرسوس حيث كان والي مقاطعة كيليكية Cilicia يُدعى سيمبليسوس عُرف بعنفه الشديد. إذ دخل المدينة وجد الوالي يجلس على كرسي الولاية وأمامه عشرون مسيحيًا، منهم من كانوا معلقين من أرجلهم والنيران متقدة عند رؤوسهم، وآخرون كان الجلادون يمزقون أجسادهم بأسنان حديدية، والبعض مسمرين على خشبة. اقتحم بونيفاسيوس الموضع ليعلن إيمانه جهارًا أمام الوالي، وكان يقَّبل جراحات المسيحيين ويدهن وجهه من دمائهم التي تنزف منهم كدهنٍ طيبٍ ثمينٍ. تعجب الوالي لجسارته وصار يهدده، أما هو فلم يبالِ، وإذ صار الجلادون يمزقون جسده كان يحتمل الآلام بفرح وبشاشة، مقدمًا ذبيحة شكر لله. كان يطلب من رفقائه أن يصلوا من أجله، كما سألوه الصلاة عنهم. وإذ رأت الجماهير هذا المنظر، خاصة فرح المؤمنين بالآلام أعلن كثير من الوثنيين الإيمان بالسيد المسيح وقاموا باقتحام المعبد الوثني وهدموا المذبح، فخاف الوالي من قيام ثورة ضده. أمر الوالي بإلقائه في قزان زيت مغلي، فانشق القزان وسال الزيت على الجلادين، وأخيرًا ضُربت رقبته لينال إكليل الشهادة.
في روما في بداية القرن الرابع عاشت شابة مسيحية جميلة من عائلة عريقة وغنية جدًا، تدعى أغلاي Aglae بروما في حياة مدللة، إذ كانت تحب اللَّهو والإسراف، وتهتم جدًا بالمظاهر حتى قيل إنها ثلاث مرات استأجرت أناسًا يقيمون موكبًا لها عند دخولها المدينة. كان لهذه الثرية وكيل أموالها يدعى بونيفاسيوس أو بونيفاس Boniface ، أغرته الموكلة بحياتها المدللة حتى سقط معها في النجاسات وحياة الفساد، ومع هذا فقد اتسم بحبه الشديد للعطاء وترفقه بالفقراء. لا نعرف سرّ توبة هذه الشابة، إنما رجعت إلى نفسها في يوم من الأيام وصارت تتأمل يوم الدينونة العظيم وبطلان الحياة الزمنية، فأشرق الله بنوره في قلبها لترى جسامة خطاياها ومرارة آثامها فتقدم توبة صادقة. للحال باعت كل ثيابها الثمينة ووزعت الكثير من أموالها على الفقراء، وقررت أن تنفرد في بيتها لتعيش حياة نسكية مع تكريس وقتها للصلاة والتأمل، وقد تأثر بها وكيلها وسلك مثلها في حياة توبة صادقة.
ذهابه إلى الشرق:
كان المسيحيون في الغرب يعيشون في جوٍ من الراحة والسلام إذ كان قسطنطينوس كلوروس والد قسطنطين الكبير هو ملك الغرب، وكان إنسانًا محبًا للجميع مترفقًا بالمسيحيين، أما مسيحيو الشرق فكانوا يعانون الأمرين من الضيق بسبب غاليريوس مكسيميان ومكسيميانوس دايا. طلبت أغلاي من وكيلها بونيفاسيوس أن يحمل بعض أموالها إلى الشرق، ليسند به الذين في السجون والمحتاجين بسبب الاضطهاد، فتكون بهذا قد اشتركت في العطاء وإشباع احتياجات القديسين، وسألته إن أمكن أن يأتي إليها بأحد أجساد الشهداء لتنال بركته وتبني له هيكلاً لائقًا به. فرح بونيفاسيوس بهذه الإرسالية لكنه إذ عاش حياة التوبة الصادقة والتهب قلبه بمحبة مسيحه تاق لا أن يأتي بجسد شهيد وإنما أن يشارك الشهداء كرامتهم ببذل حياته مثلهم، لذا قال لموكلته: "إنني لن أتراخى في إحضار رفات شهداء، لكن ما رأيك أن أحضر لكِ جسدي نفسه كجسد شهيد؟" أجابته أغلاي: "من كان مخطئًا مثلنا لا يستحق هذا الإكليل، فإننا غير أهلٍ أن نلمس أجساد الشهداء، فماذا لو قدمت جسدك للاستشهاد؟" قبل ان يحمل بونيفاسيوس المال تهيأ للرحلة بالأصوام والصلوات، طالبًا إرشاد الله له ليؤهله لنوال مجد الشهادة، ثم انطلق إلى طرسوس حيث كان والي مقاطعة كيليكية Cilicia يُدعى سيمبليسوس عُرف بعنفه الشديد. إذ دخل المدينة وجد الوالي يجلس على كرسي الولاية وأمامه عشرون مسيحيًا، منهم من كانوا معلقين من أرجلهم والنيران متقدة عند رؤوسهم، وآخرون كان الجلادون يمزقون أجسادهم بأسنان حديدية، والبعض مسمرين على خشبة. اقتحم بونيفاسيوس الموضع ليعلن إيمانه جهارًا أمام الوالي، وكان يقَّبل جراحات المسيحيين ويدهن وجهه من دمائهم التي تنزف منهم كدهنٍ طيبٍ ثمينٍ. تعجب الوالي لجسارته وصار يهدده، أما هو فلم يبالِ، وإذ صار الجلادون يمزقون جسده كان يحتمل الآلام بفرح وبشاشة، مقدمًا ذبيحة شكر لله. كان يطلب من رفقائه أن يصلوا من أجله، كما سألوه الصلاة عنهم. وإذ رأت الجماهير هذا المنظر، خاصة فرح المؤمنين بالآلام أعلن كثير من الوثنيين الإيمان بالسيد المسيح وقاموا باقتحام المعبد الوثني وهدموا المذبح، فخاف الوالي من قيام ثورة ضده. أمر الوالي بإلقائه في قزان زيت مغلي، فانشق القزان وسال الزيت على الجلادين، وأخيرًا ضُربت رقبته لينال إكليل الشهادة.
يعتز اليونان بالقديس بيبليوس St. Publius، وهو ابن أحد الأشراف في Zeugma على نهر الفرات، باع كل ممتلكاته وقدمها للفقراء، وإذ كان محبًا لحياة الهدوء والسكون انفرد ليمارس حياة الوحدة. اجتمع حوله تلاميذ يتمثلون به ويعيشون تحت إرشاده، فصار أبًا لجماعتين من الرهبان، جماعة تتكلم اليونانية، وأخرى السريانية. كان مع رهبانه يعيشون في حياة نسكية صارمة، يحرص على الوقت بتدقيق شديد، ولا يقبل الكسل. كانوا لا يأكلون الجبن ولا العنب ولا الزيت، إنما يكتفون ببعض الخضراوات والخبز اليابس. تنيح حوالي سنة 380 م.
يعتز اليونان بالقديس بيبليوس St. Publius، وهو ابن أحد الأشراف في Zeugma على نهر الفرات، باع كل ممتلكاته وقدمها للفقراء، وإذ كان محبًا لحياة الهدوء والسكون انفرد ليمارس حياة الوحدة. اجتمع حوله تلاميذ يتمثلون به ويعيشون تحت إرشاده، فصار أبًا لجماعتين من الرهبان، جماعة تتكلم اليونانية، وأخرى السريانية. كان مع رهبانه يعيشون في حياة نسكية صارمة، يحرص على الوقت بتدقيق شديد، ولا يقبل الكسل. كانوا لا يأكلون الجبن ولا العنب ولا الزيت، إنما يكتفون ببعض الخضراوات والخبز اليابس. تنيح حوالي سنة 380 م.
يروي لنا القديس جيروم عن الطوباوى بيتربيمتيس Petarpemtis الذي التقى به في الصحراء بمنطقة طيبة، وكان أول الرهبان في تلك المنطقة والرئيس عليهم. كان هذا القديس قبلاً لصًا ونابشًا لمقابر الوثنيين، نال شهرة كبيرة في كل أنواع الشر الخاصة باللصوصية والسرقة. يبدو أنه قفز على سطح بيت سيدة طوباوية تعيش للرب في حياة طاهرة، وعبثًا حاول أن يجد لنفسه مخرجًا، إذ كان السطح أملسًا ولا توجد أية فتحة ينزل منها أو مواسير يتسلقها، وإذ كان الوقت مساءً قرر أن ينام قليلاً على السطح حتى متى جاء الفجر يتصرف. في نومه رأى ملاكًا على شكل إنسان يقول له: "لا تكرس وقتك واهتمامك وتعبك لحياة اللصوصية. إن أردت أن تُغير شرَّك إلى حياة صالحة يلزمك أن تشترك مع خدمة الملائكة أمام الملك المسيح، فتتقبل منه قوة وسلطانًا". وإذ سمع هذه الكلمات من الملاك تقبلها بفرح، عندئذ أظهر له الملاك مجموعة من الرهبان، وطلب منه أن يتبعهم. استيقظ الرجل ليجد نفسه أمام الراهبة تسأله: "ماذا تفعل يا إنسان ههنا؟ وماذا تريد؟ متى جئت؟ ومن أنت؟". أجابها الرجل: "لا أعرف، إنما أسألك أن تخبريني عن مكان الكنيسة". وإذ أخذته إلى الكنيسة خرّ عند أقدام الآباء هناك، وسألهم أن يقبلوه مسيحيًا، ليجد فرصة للتوبة. روى لهم قصته فتعجبوا جدًا وبدأوا يرشدونه، وصار يحفظ المزامير. بعد ثلاثة أيام ترك الموضع وانطلق إلى البرية ليعيش هناك خمسة أسابيع لا يأكل خبزًا حتى توسل إليه إنسان أن يأكل. وقد بقى ثلاث سنوات يبكي بدموع مصليًا لله أن يغفر له، ليعود بعد ذلك إلى الكنيسة يتقبل أسرار الإيمان، ومع أنه كان أميًا حفظ الكتاب المقدس عن ظهر قلب. دُهش الآباء في الكنيسة من أجل ما بلغه من علم ومعرفة مع نسك وورع فقاموا بعماده، متوسلين إليه أن يبقى معهم، فبقى سبعة أيام بعدها انطلق إلى البرية ليبقى هناك سبعة سنوات. وقد أُعطي له أن يجد في كل يوم أحد خبزًا عند كيس الوسادة، كان يأكله ليبقى صائمًا من الأحد إلى الأحد. أبوته ومعجزاته عاد من البرية يحمل في جعبته أعمالاً روحية سامية مع بساطة عجيبة، سالكًا بنسك شديد في بذل للذات، فتبعه كثيرون يتمثلون به، أغلبهم من الشبان. يقول بالاديوس إنه كانت عادة هذا الطوباوي هكذا: عندما يموت مسيحي يبقى معه طول الليل ساهرًا في صلوات ويكفنه ثم يدفنه. رآه تلميذ له فاشتاق أن يكون له نفس النصيب، فقال لمعلمه: "عندما أموت هل تكفني هكذا يا سيدي؟" فأجابه الأب: "سأفعل ذلك حتى تقول كفي". وبعد زمن طويل تنيح التلميذ وبقى المعلم يصلي طوال الليل ثم كفنه بنفسه في مخافةٍ إلهية ووقار، وإذ كان الكل واقفين، قال: "هل كفنتك حسنًا يا ابني أم ينقصك شئ؟" فسمعوا صوتًا يخرج من الجثمان، قائلاً: "لقد كفنتني يا أبى ، وتممت وعدك لي، وأكملت ما تعهدت به"، فامتلأ الواقفون خوفًا ومجدوا الله. صار الأب يتردد ما بين البرية والسكنى بين تلاميذه. قيل إنه إذ كان قادمًا في إحدى المرات إلى تلاميذه إذ كان قد أصاب بعضهم مرضًا بدأ الغروب قبل دخوله القرية، وفي بساطة شعر أنه يلزم ألا يسير في الليل كقول الكتاب: "سيروا مادام لكم النور" (يو12: 35)، وإذ كان مشتاقًا أن ينطلق إلى الإخوة سأل الرب أن يوقف الشمس حتى يصل الدير فوقفت، الأمر الذي أدهش التلاميذ، أما هو فاندهش كيف يتعجبون لذلك، قائلاً لهم: "إلا تذكروا أنه إن كان لكم إيمان مثل حبة الخردل تفعلون معجزات أعظم وأسمى من ذلك (راجع مت17: 20)؟" وإذ سمعوا ذلك خافوا الرب جدًا. مرة أخرى إذ رقد تلميذ له في الرب اجتمع حوله الإخوة، فجاء الأب إلى جثمانه وقبّله، ثم قال له: "أتريد يا ابني أن ترحل الآن إلى الله أم تبقى في الجسد؟" في الحال قام الميت وجلس ليقول له: "خير لي أن أترك الجسد وأبقى مع المسيح، فانه ليس لي اشتياق أن أبقى في الجسد". عندئذ قال له الطوباوي: "إذن لترقد يا بنيّ في سلام، ولتتوسل إلى الله من أجلي عندما تذهب إليه"، ثم رقد الرجل في نعشه... فبُهت الكل، قائلين: "بالحقيقة إنه رجل الله"، ثم كفنه وصار يصلي طول الليل مسبحًا بالمزامير ثم دفنه. مرة أخرى إذ وقف أمام أحد تلاميذه وكان على فراش الموت، وقد عُرف هذا الأخ بإهماله وتراخيه، صار الأخ يبكي متوسلاً إلى الأب أن يصلي إلى الله لكي يعطيه مهلة أخرى عوض السنين التي قضاها في التراخي. في حزم مملوء حب وبخه الأب على الأعوام التي قضاها هكذا، ثم قال له: "إنني مستعد أن أطلب إلى الله من أجلك إن كنت لا تضيف إلى خطاياك خطايا أخرى". وبالفعل توسل إلى الله من أجله بحرارة، وأخيرًا أخبره أن الله أعطاه مهلة ثلاث سنوات أخرى، عاشها التلميذ في جهاد عجيب، حتى إذ تمت هذه السنوات جاء الأب يلتقي به قبيل نياحته. وكما قال القديس بالاديوس إنه لم يكن كإنسانٍ عادي بل صار التلميذ كرسول إلهي مختار من الله، أعماله أدهشت الكل! في بساطة قلبه وإيمانه العجيب صنع الله معه عجائب، إذ قال عنه تلاميذه إنه سار على المياه، بل وتركوه دفعة في علية مغلقة فحملته ملائكة إلى الموضع الذي يريده، وروى لتلاميذه أنه في حلم كشف له الله الخيرات السماوية المعدة للرهبان الحقيقيين، الأمور التي لا يمكن أن يُنطق بها... كل هذا من أجل إيمانه العجيب مع بساطة قلبه واتضاعه المملوء حبًا لله والناس.
يروي لنا القديس جيروم عن الطوباوى بيتربيمتيس Petarpemtis الذي التقى به في الصحراء بمنطقة طيبة، وكان أول الرهبان في تلك المنطقة والرئيس عليهم. كان هذا القديس قبلاً لصًا ونابشًا لمقابر الوثنيين، نال شهرة كبيرة في كل أنواع الشر الخاصة باللصوصية والسرقة. يبدو أنه قفز على سطح بيت سيدة طوباوية تعيش للرب في حياة طاهرة، وعبثًا حاول أن يجد لنفسه مخرجًا، إذ كان السطح أملسًا ولا توجد أية فتحة ينزل منها أو مواسير يتسلقها، وإذ كان الوقت مساءً قرر أن ينام قليلاً على السطح حتى متى جاء الفجر يتصرف. في نومه رأى ملاكًا على شكل إنسان يقول له: "لا تكرس وقتك واهتمامك وتعبك لحياة اللصوصية. إن أردت أن تُغير شرَّك إلى حياة صالحة يلزمك أن تشترك مع خدمة الملائكة أمام الملك المسيح، فتتقبل منه قوة وسلطانًا". وإذ سمع هذه الكلمات من الملاك تقبلها بفرح، عندئذ أظهر له الملاك مجموعة من الرهبان، وطلب منه أن يتبعهم. استيقظ الرجل ليجد نفسه أمام الراهبة تسأله: "ماذا تفعل يا إنسان ههنا؟ وماذا تريد؟ متى جئت؟ ومن أنت؟". أجابها الرجل: "لا أعرف، إنما أسألك أن تخبريني عن مكان الكنيسة". وإذ أخذته إلى الكنيسة خرّ عند أقدام الآباء هناك، وسألهم أن يقبلوه مسيحيًا، ليجد فرصة للتوبة. روى لهم قصته فتعجبوا جدًا وبدأوا يرشدونه، وصار يحفظ المزامير. بعد ثلاثة أيام ترك الموضع وانطلق إلى البرية ليعيش هناك خمسة أسابيع لا يأكل خبزًا حتى توسل إليه إنسان أن يأكل. وقد بقى ثلاث سنوات يبكي بدموع مصليًا لله أن يغفر له، ليعود بعد ذلك إلى الكنيسة يتقبل أسرار الإيمان، ومع أنه كان أميًا حفظ الكتاب المقدس عن ظهر قلب. دُهش الآباء في الكنيسة من أجل ما بلغه من علم ومعرفة مع نسك وورع فقاموا بعماده، متوسلين إليه أن يبقى معهم، فبقى سبعة أيام بعدها انطلق إلى البرية ليبقى هناك سبعة سنوات. وقد أُعطي له أن يجد في كل يوم أحد خبزًا عند كيس الوسادة، كان يأكله ليبقى صائمًا من الأحد إلى الأحد. أبوته ومعجزاته عاد من البرية يحمل في جعبته أعمالاً روحية سامية مع بساطة عجيبة، سالكًا بنسك شديد في بذل للذات، فتبعه كثيرون يتمثلون به، أغلبهم من الشبان. يقول بالاديوس إنه كانت عادة هذا الطوباوي هكذا: عندما يموت مسيحي يبقى معه طول الليل ساهرًا في صلوات ويكفنه ثم يدفنه. رآه تلميذ له فاشتاق أن يكون له نفس النصيب، فقال لمعلمه: "عندما أموت هل تكفني هكذا يا سيدي؟" فأجابه الأب: "سأفعل ذلك حتى تقول كفي". وبعد زمن طويل تنيح التلميذ وبقى المعلم يصلي طوال الليل ثم كفنه بنفسه في مخافةٍ إلهية ووقار، وإذ كان الكل واقفين، قال: "هل كفنتك حسنًا يا ابني أم ينقصك شئ؟" فسمعوا صوتًا يخرج من الجثمان، قائلاً: "لقد كفنتني يا أبى ، وتممت وعدك لي، وأكملت ما تعهدت به"، فامتلأ الواقفون خوفًا ومجدوا الله. صار الأب يتردد ما بين البرية والسكنى بين تلاميذه. قيل إنه إذ كان قادمًا في إحدى المرات إلى تلاميذه إذ كان قد أصاب بعضهم مرضًا بدأ الغروب قبل دخوله القرية، وفي بساطة شعر أنه يلزم ألا يسير في الليل كقول الكتاب: "سيروا مادام لكم النور" (يو12: 35)، وإذ كان مشتاقًا أن ينطلق إلى الإخوة سأل الرب أن يوقف الشمس حتى يصل الدير فوقفت، الأمر الذي أدهش التلاميذ، أما هو فاندهش كيف يتعجبون لذلك، قائلاً لهم: "إلا تذكروا أنه إن كان لكم إيمان مثل حبة الخردل تفعلون معجزات أعظم وأسمى من ذلك (راجع مت17: 20)؟" وإذ سمعوا ذلك خافوا الرب جدًا. مرة أخرى إذ رقد تلميذ له في الرب اجتمع حوله الإخوة، فجاء الأب إلى جثمانه وقبّله، ثم قال له: "أتريد يا ابني أن ترحل الآن إلى الله أم تبقى في الجسد؟" في الحال قام الميت وجلس ليقول له: "خير لي أن أترك الجسد وأبقى مع المسيح، فانه ليس لي اشتياق أن أبقى في الجسد". عندئذ قال له الطوباوي: "إذن لترقد يا بنيّ في سلام، ولتتوسل إلى الله من أجلي عندما تذهب إليه"، ثم رقد الرجل في نعشه... فبُهت الكل، قائلين: "بالحقيقة إنه رجل الله"، ثم كفنه وصار يصلي طول الليل مسبحًا بالمزامير ثم دفنه. مرة أخرى إذ وقف أمام أحد تلاميذه وكان على فراش الموت، وقد عُرف هذا الأخ بإهماله وتراخيه، صار الأخ يبكي متوسلاً إلى الأب أن يصلي إلى الله لكي يعطيه مهلة أخرى عوض السنين التي قضاها في التراخي. في حزم مملوء حب وبخه الأب على الأعوام التي قضاها هكذا، ثم قال له: "إنني مستعد أن أطلب إلى الله من أجلك إن كنت لا تضيف إلى خطاياك خطايا أخرى". وبالفعل توسل إلى الله من أجله بحرارة، وأخيرًا أخبره أن الله أعطاه مهلة ثلاث سنوات أخرى، عاشها التلميذ في جهاد عجيب، حتى إذ تمت هذه السنوات جاء الأب يلتقي به قبيل نياحته. وكما قال القديس بالاديوس إنه لم يكن كإنسانٍ عادي بل صار التلميذ كرسول إلهي مختار من الله، أعماله أدهشت الكل! في بساطة قلبه وإيمانه العجيب صنع الله معه عجائب، إذ قال عنه تلاميذه إنه سار على المياه، بل وتركوه دفعة في علية مغلقة فحملته ملائكة إلى الموضع الذي يريده، وروى لتلاميذه أنه في حلم كشف له الله الخيرات السماوية المعدة للرهبان الحقيقيين، الأمور التي لا يمكن أن يُنطق بها... كل هذا من أجل إيمانه العجيب مع بساطة قلبه واتضاعه المملوء حبًا لله والناس.
يوجد لبس بين قديسين يحملان نفس الاسم St. Beatus، الأول تنيح في حوالي 19 مايو سنة 112، وهو ناسك عاش في مغارة على شاطئ بحيرة Thun بسويسرا، بعد أن طرد وحشًا عنيفًا كان يطارد المنطقة. جاء حسب الكنيسة الرومانية أنه نال العماد على يديْ الرسول برنابا في إنجلترا، وأن القديس بطرس أرسله إلى سويسرا للكرازة بالإنجيل بعد سيامته قسًا بروما. كانت الجماهير -خاصة الفلاحين- تزدحم على المغارة لنوال البركة، حاليًا توجد كنيسة هناك يزورها الكثيرون في يوم العيد. أما الثاني الذي يُكرم في ذات اليوم، فقيل أنه كرز بالإنجيل في شواطئ Garonne ثم Nantes و Vandome. قيل أنه تنيح في Chevresson بالقرب من ليون قرب نهاية القرن الثالث.
يروي لنا القديس جيروم في كتابه: "تاريخ الرهبان" عن الأب بيثيرون Abba Pithyrion أنه رأى في منطقة طيبة جبلاً مرتفعًا بالقرب من النهر، وهو جبل مرهب في ارتفاعه، بقممه القفرة، سكن في مغاراته بعض الرهبان، من بينهم أبا بيثيرون، الرجل الثالث الذي احتل مكان معلمه الأنبا أنطونيوس ومكان الأنبا آمون تلميذ الأنبا أنطونيوس. يقول إنه بحق ورث عن معلمه جهاده وأتعابه. قيل إنه كان يأكل القليل من الخبز مرتين في الأسبوع: السبت والأربعاء. وقد تحدث هذا الأب عن الجهاد ضد الأرواح الشريرة، قائلاً: "توجد شياطين ملاصقة للأهواء، في مرات كثيرة تحوّل الأمور الصالحة إلى شريرة، لهذا من أراد منكم يا أبنائي أن يطرد الشياطين فعليه أولاً أن يُخضع شهواته، فإنه يليق بالإنسان لا أن يغلب كل شهوة فحسب وإنما أن يطرد الشيطان نفسه. حقًا يلزمكم أن تغلبوا شهواتكم شيئًا فشيئًا، بهذا أيضًا تطردون الشياطين الملازمة لها. يوجد شيطان يخص الحياة المنحلة المتراخية، فمن يغلب الشهوة يطرد هذا الشيطان". كما قال في نفس الأمر: "الشيطان يتبع الغضب، فإذا ضبط الغضب يطرد شيطانه، ويُقال نفس الشيء عن كل هوى".
تحتفل الكنيسة بعيد استشهاد القديس بيخيبس (أي المصباح) الذي من أشمون طناح في العاشر من شهر مسري (دُعيّ في سنكسار رينيه باسيه "أبو يحنس"). كان أولاً ببنوسة، وكان جنديًا مسيحيًا متخفيًا، أعلموا أنطخيوس الأمير بأمره فاستدعاه واستدعى الأساقفة الأنبا كلوخ والأنبا فيلبس والأنبا نهروه، وسألهم عن عقيدتهم فأعلنوا إيمانهم بالسيد المسيح، عندئذ صار يعذبهم بمرارة. تعرض القديس بيخيبس لعذابات كثيرة من تكبيل بقيود حديدية، والعصر، والصلب منكس الرأس وتقطيع جسده، وكان الرب يسنده ويقويه. أُرسل مع جماعة من الشهداء إلى البرمون حيث بقوا في المركب 27 يومًا بلا طعام ولا شراب، وإذ بلغوا الموضع صار الجلادون يقطعون جسده بالسواطير. فجاء أحد عظماء البرمون وأخذ جسده الطاهر، وكفنه، وأرسله إلى أشمون طناح بلده. قيل أن كثيرين تأثروا جدًا بعمل الله معه أثناء احتماله العذابات بشكر، حتى تقدم كثيرون للاستشهاد معلنين إيمانهم، أما في يوم استشهاده فاشترك معه 95 نفسًا في نوال الإكليل المبارك. العيد يوم 10 مسرى.
الأب بيريوس Pierius مدير مدرسة الإسكندرية في القرن الرابع في عهد البابا ثاؤنا وكان كاهنًا مثقفًا، مفسرًا ممتازًا لكلمة الله وكارزًا، يقول عنه المؤرخ يوسابيوس: "اشتهر بفقره الشديد مع غزارة علومه الفلسفية. كان عميقًا في التأملات الروحية، مجاهدًا في تفسير الروحيات والمباحثات العلنية في الكنيسة". يدعوه القديس جيروم: "أوريجينوس الصغير". وهو معلم الشهيد بمفيليوس المعجب بالعلامة أوريجينوس والكاهن والمعلم اللاهوتي في قيصرية فلسطين. نشر مقالات كثيرة في مواضيع متنوعة. له مقال طويل عن هوشع النبي، كما كتب عن "إنجيل القديس لوقا"، "والدة الإله"، "حياة القديس بمفيليوس". قيل إنه استشهد، لكن الرأي الغالب انه احتمل عذابات كثيرة في عهد الإمبراطور دقلديانوس دون أن يستشهد، وأنه قضى أيامه الأخيرة في روما. يعيد له الغرب في 4 نوفمبر.
استشهد في أيام الإمبراطور دقلديانوس، حوالي سنة 303م. سمع عن الاضطهاد، فحسب ذلك فرصة للتمتع بالإكليل السماوي. بغيرة متقدة وقف وسط المدينة يحث المؤمنين على الاستشهاد بفرح، وإذ تجمع حوله كثيرون معلنين اشتياقهم لنوال الإكليل انطلقوا في موكب قاده بيفا بنفسه، حتى إذ بلغ بهم إلى قصر الوالي أعلن إيمانه جهارًا، فغضب الوالي جدًا وصار يعذبه، متهمًا إياه بالجنون. كانت يدّ الله معه وسط عذاباته، فعندما بدأوا عصره بالهنبازين نزل ملاك الرب وكسر الهنبازين كما أُصيب بعض الجند بشللٍ. في محبة عجيبة اهتم بالجند وشفاهم فاُتهم بالسحر. أمر الوالي بوضعه في سرير مُحمى بالنار، فنزل ملاك وأطفأ اللَّهيب. وإذ اغتاظ الوالي أمر بربطه بقيود وكانوا يطوفون به في المدينة وهو يُضرب بالسياط ليكون عبرة، أما هو فكان يتقبل ذلك بفرح وتهليل قلب. أُعيد إلى السجن فصار يسند المسجونين ويثبتهم، وإذا به يرى السماء مفتوحة وكأن شخصًا نورانيًا يحمل إكليلاً ويدعوه لنواله. رُبط في ذيل خيل ليسحب ويترضض، وأخيرًا قطعوا رأسه فنال شهوة قلبه. تحتفل الكنيسة القبطية بعيد استشهاده في 24 من شهر طوبة.
امتدحها القديسان إمبروسيوس ويوحنا الذهبي الفم، اللذان ألقيا أكثر من عظة عنها. غالبًا كانت تلميذة لوقيان، أحاط بمنزلها الجند وهي في سن الخامسة عشرة وأرادوا اغتصابها، وإذ رأت خطر فقدان عفتها يحيط بها يبدو أنها صرخت في داخلها، وبحسب قول القديس يوحنا الذهبي الفم أن الله أوحى إليها أن تستأذن الجند لترتدي بعض الملابس فانطلقت إلى السطح لتلقي بنفسها وهي متهللة لأن الله خلصها من فسادهم! إيماننا لا يقبل الانتحار في أية صورة من الصور، لكننا لا نعرف ظروف هذه العذراء في إلقاء نفسها بفرح، إنما ما يبرر تصرفها ربما إعلان الله لها بذلك، وأن ما قامت به لم يكن عن ضغطٍ نفسيٍ، وإنما كان بفرح وبهجة لخلاصها من فقدان بتوليتها وعفتها. تنيحت في 9 يونيو (حوالي سنة 311م).