داجون: داجون
في الآكاديّة : داجونا. لا علاقة للاسم بالسمك (دج) ولا بالقمح (دجن). إله في آسية الغربيّة. عُبد في بلاد الرافدين (من الزمن السومريّ حتى الزمن الفارسيّ ضمنًا)، في كبادوكية، في أوغاريت، في فلسطين (قبل مجيء بني اسرائيل). ويشهد على عبادته في فلسطين اسم بيت داجون (يش 15 :41؛ 19 :27) وأسماء عديدة في النصوص المصريّة. وفي أيامنا : بيت دجان القريبة من عكا ويافا ونابلس. وهناك اسم رجل مركب من داجون في رسائل تل العمارنة. في العهد القديم، داجون هو الإله الأوّل لدى الفلسطيّين. كان له معبد مشهور في أزوت أو أشدود (قض 16 :23؛ 1صم 5 :1 و 2؛ 1أخ 10 :10) أحرقه يوناثان المكابيّ سنة 150 ق.م. (1مك 10 :38 ي؛ 11 :4). من الصعب أن نرسم ملامح داجون. يبدو أنّه كان في الأصل إله العاصفة (مثل : انليل أو هدد). ولكنّه يحمل سمات إله الجحيم ويُعبد مرّات على أنّه الإله الأوّل. يصوّر بشكل نصف إنسان ونصف حيوان كما يقول الرابينيّون في القرون الوسطى. أما صور الإله السمكة التي نجدها في نقود عراد وأشقلون فهي لا تمثّل داجون. وماذا تقول معلوماتنا الآتية من حضارة الشرق؟ داجون هو وجه كبير في مجمّع الآلهة لدى الساميين المقيمين في الشمال وفي الغرب. في الألف الثالث والألف الثاني، كان أعظم معبد له في تورتول، على ملتقى البليخ والفرات، في سورية الشمالية الشرقية. وامتدت عبادته في كل سورية الشمالية كما في كنعان. حسب وثائق إيبلا. نقرأ اسمه في كتابة رمزية " ب ا د " على حيّ من أحياء المدينة وعلى باب من أبوابها. وذكرته النصوص مع صفات مختلفة مثل "داجون تورتول"، "داجون كنعان"،...طلّ (الندى) الارض" أو "ظلّ الارض". فاسم "ظلّ الأرض" واستعمال الرمز "ب ا و " الذي يدلّ في أشورية على إنليل، إله الجوّ، يفهماننا أن داجون هو إله النبات، لهذا، نقرّب الاسم من اللفظ العربي "دجن" الذي يدلّ على سماء مظلمة بسبب الغيم الكثيف. وهي بالتالي تعطي المطر. في المجال عينه نفهم أيضًا أن داجون اعتُبر أبا الاله الشاب بر هدد، إله العاصفة. في هذه الصفة وفيها وحدها، دخل داجون في النصوص الميتولوجيّة في أوغاريت. ولكن هذا لا يجعلنا نستنتج أن داجون لم تَعُد له شخصيّة مميّزة في الألف الثاني ق م، وعبادة خاصة له في ذاته. فهو أحد الآلهة السامين لدى الاموريين في ماري، وإليه يلجأ الملوك في تورتول وفي ترقة ليسألوه في الأمور الهامّة. ويبدو أن داجون كان ايضًا إله إيمار، حيث نقرأ اسمه في القرنين 14، 12 في كتابة رمزية "ك و ر" التي تشير إلى جبل الله (طور). وفي الوقت عينه، أهمّ معبد في اوغاريت كان مكرسًا لداجون، فامتدّت عبادته إلى حدود مصر، بحيث يجعله العهد القديم الاله الرئيسيّ للفلسطيّين الذين امتزجوا سريعًا بالحضارة الساميّة. منذ العصور القديمة، تماهى داجون مع آلهة مختلفة، واتّخذ صفات متعدّدة. فمنذ الالف الثالث كان ملكه "يضم امانوس، جبل الارز، الذي إليه (ربما) يشير الرمز " ك و ر " الذي وراءه يختفي، في إيمار، اسم داجون. ويظهر أن داجون عُبد باسم "بعل حامون" (امانوس) خلال الألف الاول ق م، وحتّى القرون المسيحيّة الأولى، في سورية وعالم قرطاجة. في بلاد الرافدين، وفي الحقبة عينها، عرف باسم "رمّان" (رج رنّان في العربية. من صرخ ورفع الصوت). ومزجه الاراميون مع إلههم هدد كما في 2مل 5 : 18 (بيت إله رمّون، في الاصل ب ي ت. ر م ن،) وفي زك 12 :11 (كالنواح على هددرمون، في الاصل " هـ د د. ر م و ن. هو طقس الحداد السندوّ). وتماهى داجون في وقت مبكر، مع الاله الحوري "كوماربي" و(أب الآلهة)، واعتبر منذ الالف الثاني إله الزراعة والحنطة (تُسمّى دجان في الحوريّة) صوِّر بشكل إله ملتحٍ، جالس على عرش، وماسك بيده اليسرى سنبلة قمح أو حزمة، وباليسرى يبارك. وقد يصوّر أيضًا مع إكليل من النبات. لهذا تماهى مع كرونوس (الاله اليوناني) ومع زحل (سوتورنوس) إله الزراعة عند الرومان وعُبد في غزة، حتّى الحقبة البيزنطية باسم "مرنا" (سيّدنا) وبأسماء يونانية مثل "زرش الذي يُنمي". "ربّ الامطار"، زوش الفلاحة" فنسب إليه فيلون الجبيلي اكتشاف القمح وسكة الفلاحة (ارسابيوس، التهيئة 110 :25). هناك موضعان باسم بيت داجون في الكتاب المقدس الأول في الجليل، شمالي غربي جبل الكرمل (يش 19 :27). والثاني في منطقة لخيش (يش 15 :21). وأشارت حوليّات سنحاريب، في سنة 701، إلى مدينة اسمها بيت داجون، بجوار يافا. وقد ورد اسمها في توسفتا (او هلوت 3 :7). ودعاها اوسابيوس القيصري في الاسمائيات كفر داجون، وحدّد موقعها بين يمنية وديوسبوليس (اللد). أما خارطة ميدبا فتدعوها بيتوداغانا والقاموس البيزنطيّ القديم يوردها تحت اسم بيتاجون. إن داجون هم اسم اعطاه الفينيقيون للاله كرونوس. إن أصل هذا الموضع الذي انتشر كثيرًا، هو سابق للفلسطيين. فرعمسيس الثالث يذكر مدينة بيت داجون (ب ت د ق ن) في القرن 12 ق.م. هذا يعني أن الفلسطيين استقوا عبادة الاله داجون من السكان الكنعانيين الذين أقاموا معهم وأخذوا بحضارتهم. وهكذا اعتبر العهد القديم أن داجون هوإله الفلسطيين الرئيسيّ. كانت له معابد هامة في أشدود (1صم 5 :1ي) وفي غزة (قض 16 :21-23). وظلّ يُعبد حتّى أيام الاسقف الغزاوي بورفيريوس الذي توفي سنة 420. هذا ما يقوله مرقس الشماس في "سيرة بورفيريوس".
1}