غيور: غيور
غيورون. عضو حزب متعصّب لدى اليهود. اشتهر هذا الحزب خلال الحرب اليهودية (67-70). يُعتبر سمعان الغيور (مر 3 :16ي) وكأنه انتمى إلى هذا الحزب. عارض الغيورون المحتل الروماني. بدوا أصوليين عنيفين فلم يرحموا اليهود الذين خانوا شريعة موسى. رج يهوذا اسخريوطي. نبدأ فنتعرّف إلى تاريخهم، ثم إلى علاقة يسوع بهم. حدّثنا يوسيفوس (العاديات 18 :1-11، 23-25) بشكل خاص عن الغيورين. سماهم "اللصوص" (لايستاي) وأصحاب غيرة (زيلوتاي، الحرب 2 :44). مزجوا السياسة بالدين، فقاموا بأعمال إرهابيّة ضدّ الحاكم الروماني، وضدّ أبناء دينهم إذا رأوا فيهم فتورًا. خرجوا من مجموعة الفريسيين، فما رضوا أن تكون مقاومتهم سلبيّة (لا يفعلون شيئًا، بل يتحمّلون الوضع وينتظرون ساعة الخلاص)، بل إيجابية. ما أرادوا أن يعرفوا سيّدًا وملكًا إلا الله وحده. وبدلاً من أن ينتظروا العهد المسيحاني، كانوا يقاتلون بضراوة ضدّ كل سلطة أخرى، ولا سيّما سلطة رومة. وقد لعبوا دورًا هامًا في الثورة التي بدأت سنة 66 وانتهت بدمار أورشليم سنة 70 ب.م. بدأت قوّة الغيورين تظهر سنة 44. ولكن يُطرح السؤال : هل وُجدوا قبل ذلك الوقت؟ بعضهم يرى ولادتهم في ثورة قام بها سنة 6 ب.م. يهوذا الجليليّ (أع 5 :3-7) خلال إحصاء كيرينيوس. ولكن أصحاب الخناجر الذين تبعوا يهوذا هذا لم يكونوا بعد مجموعة منظّمة. ولا نستطيع أن نتكلّم عن حرب عصابات بالنسبة إلى الغيورين قبل سنة 44. ويبقى السؤال الثاني : ما كانت علاقة يسوع بالغيورين؟ هناك أقلّية من الشرّاح اعتبرت يسوع واحدًا من الغيورين. ولكن الاكثريّة تشدّد بالاحرى على ما يفصل يسوع عن الغيورين. ونبدأ بنقاط الاتصال : بين جماعة التلاميذ كان سمعان الغيور (لو 6 :15؛ أع 1 :13). وربّما يهوذا الاسخريوطي (حامل سيكا أي الخنجر الصغير الذي اشتهر به الغيورون. كانوا يخبئونه تحت ملابسهم ويقتلون به "العدوّ" ) ونتنائيل القانوي (وقد تكون هذه اللفظة الارامية مرادفة للغيورين. رج يو 21 :2. وهناك من قال نتنائيل الذي من قانا). وإن يسوع، في كرازته، قد ندّد بجور النظام الاجتماعيّ الذي نجد رمزه في طرد الباعة من الهيكل (مر 11 :15-19 وز ). وأخيرًا، حُكم على يسوع بالصلب (لو 23 :2) لأنه يضع البلبلة في الشعب. وهناك من يضيف بعض كلمات يسوع : "ما جئت لأحمل سلامًا إلى العالم، بل سيفًا" (مت 10 :34). ولكن إن أخذنا بعين الاعتبار مجمل المعطيات الانجيليّة، لا يبدو يسوع ثائرًا ينادي بالمقاومة المسلّحة. فقد قاوم تجربة السلطة السياسيّة (مت 4 :8-10؛ يو 6 :15). ودعا تلاميذه إلى التخلّي عن العنف (لو 6 :27-28). بل إن ما هو ثورويّ حقًا عنده، هو أنه اختار كتلميذ من تلاميذه عشّارًا هو العدوّ الطبيعي للغيورين، وهو الرافض لكل حرب مقدّسة. وإن سلّمه اليهود للرومان كشخص يبلبل الشعب، فهذا لا يعني أنه كان غيورًا، حتى وإن لم ترضِ كرازتُه وأعمالُه الأقوياء. هنا لا نستبعد بعض تعابير مسيحيّة تأثّرت بموقف الجماعات في فلسطين، التي أجبرت على اتّخاذ موقف من الغيورين في السنوات 44-70.
1}