• حمل: حمل ا في المقطوعة حول شهادة يوحنا المعمدان، يقدّم يسوعُ مرّتين على أنه حمل ا، بحسب الانجيل الرابع (يو 1 :29، 36). وتُستعمل لفظة "أمنوس" في أع 8 :32؛ 1بط 1 :19 في الحديث عن المسيح. ولكن رؤ يستعمل 28 مرة لفظة "أرنيون" (حمل) ليدلّ على المسيح (5 :6-8، 12، 13). في يو 21 :15 نجد الجمع (ارنيا) في حديث عن المؤمنين. في أع 8 :32؛ 1بط 1 :19 نقرأ "حمل" فقط وكذلك في رؤ. أما في يو 1 :29، 36، فنجد المضاف إليه "ا" (حمل ا). في يو 1 :29 تُزاد عبارة : "يرفع خطيئة العالم" (لا تتكرّر في آ 36). وأخيرًا، قال المعمدان قوله، فرأى اندراوس (الذي هو واحد من تلاميذه) في يسوع ذاك الذي هو المسيح (يو 1 :40-41). إن تسمية يسوع في شكل عرفه القرّاء الأوّلون للانجيل الرابع (رج 1يو 3 :5)، في الليتورجيا أو في الكرازة الرسوليّة، جعل الشرّاح يتساء لون : ما هو المعنى الدقيق لهذه العبارة؟ وطرحوا أربعة أسئلة : أي معنى أعطاه الانجيليّ لهذا اللقب وما هي الخلفيّة التوراتيّة؟ هل استعمل المعمدان هذه التسمية ليدلّ على يسوع؟ فإن كان الجواب نعم، فما هي نظرته إلى المسيح؟ ما هو معنى العبارة عند الانجيلي؟ (1) استند موقف أول إلى يوحنا الذهبي الفم وأوغسطينس ومز سل، فرأى في حمل ا رمز البراء ة والبرّ. غير أن هذا المعنى غريب عن السياق اليوحناويّ. (2) وأشار موقف ثان إلى حمل الذبيحة الذي يقدَّم مرتين كل يوم في الهيكل (خر 29 :38). وهذا ما يبرّر إضافة "يرفع خطايا العالم". ولكن هاتين الذبيحتين اليوميتين ليستا كفّارتين. (3) حمل ا هو حمل سفر الرؤيا. يدلّ على المسيح، "قائد الشعب" كما كان داود في 1أخن 84 :46 (رؤ 7 :17)، المحارب والمنتصر (رؤ 17 :14؛ رج 1أخن 90 :6-19؛ وص يوسف 19 :8)، في آ41. هذا من جهة. ومن جهة ثانية، وضْعُ حدّ للخطيئة هو إحدى وظائف المسيح في الأدب المنحول (وص لاوي 18 :9؛ مز سل 18 :29). ولكن سفر الرؤيا لا يستعمل "أمنوس". وانجيل يوحنا لا يطبّق "ارنيون" على يسوع. فإن كان من تقارب بين رؤ ويو، فلماذا استعمل الواحد لفظًا مختلفًا عن الآخر؟ وجاء رأي رابع (4) يرى في يو 1 :29، 36 تلميحًا إلى الحمل الفصحي. ولكن برز اعتراضان. الأول، تستعمل السبعينية "بروباتون" لا "أمنوس" لتدلّ على الحمل الفصحيّ. الثاني، إن نحر الحمل الفصحيّ لا يحمل طابعًا ذبائحيًا في الفكر اليهوديّ. غير أن 1بط 1 :19 يتذكّر تحرير المسيحيين بدم المسيح الثمين "بدم كريم، دم الحمل الذي لا عيب فيه ولا دنس". ونقرأ في 1كور 5 :7 : "فحمل فصحنا ذبح، وهو المسيح". هذا من جهة. ومن جهة ثانية، توسّع الانجيل الرابع بشكل خاصّ في رمزيّة الفصح (6 :4 : تكثير الأرغفة؛ 19 :14 : الحكم بالإعدام على يسوع؛ 19 :26؛ ايراد كتابي لما في خر 12 :46 ليدلّ على أنه تمّ في يسوع). ثم إن "ارنيون" قد يشير إلى الحمل الفصحيّ كما قال الآباء اللاتين. أما الآباء اليونان ففضّلوا أن يروا في عبارة "حمل ا " تلميحًا إلى عبد يهوه المتألّم كما في إش 53 :7. وقد قال بعض الشرّاح إن "امنوس" هي ترجمة اللفظة الارامية "طليا" (التي تعني "الحمل) ساعة تدلّ اللفظة الاراميّة على "بايس" أي الخادم. مع أن عددًا من الشرّاح يرفضون هذا الحلّ، إلاّ أن إش 53 :7 (حيث يُسمّى الخادم "أمنوس") يطبَّق على يسوع في أع 8 :32؛ وفي إش 53 :4-12 يقال عن الخادم - الحمل أنه يحمل على ذاته خطايا الكثيرين (رج يو 1 :29ب). إن الطابع التكفيريّ لألم يسوع وموته هو ممكن في 1يو 3 :5، وهو مقطع يستعمل فعل "ايراين". ثم إن يو 12 :38 يتضمّن إيراد إش 53 :1. إلاّ أن فهم يو 1 :29، 36 بواسطة إش 53 :7 يُبرز بعض الصعوبات : إن إش 53 :4-12 يستعمل فعل "فاراين" لا "ايراين". غير أن الشرّاح لا يتفقون على المعنى الدقيق لفعل "ايراين". انتزع، أزال. أو : حمل مثل "فاراين" (مر 8 :34). وهناك كلمتان استعملهما إش 53 :7 للدلالة على الخادم (عبد يهوه) : "بروباتون" و"أمنوس". إن هذا الخادم يمثّل بالنسبة إلى البعض انسانًا (قد يكون إرميا). وبالنسبة إلى البعض الآخر جماعة اسرائيل. لهذا، أما يمكن أن يشير يو 1 :29، 36 إلى الحمل الفصحيّ وإلى عبد ا المتألّم. منذ القرن 2، قدم مليتون السرديسي في عظاته الفصحيّة يسوع على أنه الحمل الفحصيّ، وذكر في الوقت عينه موته كما في إش 53 :7. ما هو المعنى الذي أعطاه يوحنا المعمدان لهذه العبارة؟ حسب الأناجيل الإزائيّة، أعلن المعمدان الوصول القريب للمسيح الذي يمارس مهمّة الدينونة والتطهير (مت 3 :7؛ لو 3 :7). وبعد ذلك، لما كان في سجنه، وما رأى تحقيق هذه المهمّة في رسالة يسوع، شكّ وارتاب (مت 11 :3؛ لو 7 :19). إذا كان الأمر هكذا، فهل يستطيع أن يتصوّر مسيحًا وهو يتطلّع إلى الحمل الفصحيّ أو إلى عبد المتألّم كما في يو 1 :29، 36؟ هناك من يقول إن يوحنا لم يقل هذا الكلام الذي نُسب إليه في هذا الموضع. فالتسمية تعود إلى الجماعة المسيحيّة أو إلى الانجيلي نفسه. غير أن الشرّاح لا يتّفقون على هذا الحلّ. هنا يشيرون إلى قراء ة يوحناويّة جديدة لما قاله المعمدان. ولكن كيف فهم المعمدان المسيح كحمل ا؟ هنا نعود إلى ما قلناه. لسنا أمام تقرير حرفيّ لما قاله يوحنا المعمدان. بل تفسير مسيحيّ في قلب خبر وصل إلى الجماعة المسيحيّة الأولى (ق مر 6 :51-52؛ مت 14 :32-33). 1}
أعلى