مسيحي: مسيحي
ترتبط بـ "مسيح"، بيسوع المسيح. في اليونانية : كرستيانوس من كرستوس. ترد اللفظة 3 مرات في العهد الجديد (أع 11 :26؛ 26 :28؛ 1بط 4 :16). إن لفظة "مسيح" لا تعني "الممسوح بالزيت"، بل اسم علم كما يستعمله بولس في رسائله. استعمل تاقيتس (حوليات 15 :44) لفظة "كرستيانوس" (مسيحي). هذا يعني أن الشعب في رومة كان يسمّي سنة 60، تباع "كرستوس" (المسيح) : مسيحيين. يقول أع 11 :26 إن اسم مسيحيّ أعطي للمرة الأولى لتلاميذ يسوع في انطاكية، حوالى سنة 43. لم يأت هذا الاسم من اليهود الذين رفضوا أن يروا في يسوع، المسيحَ (م ش ي ح). بل هم الأمم سمّوا التلاميذ بهذا الاسم، فدلّوا على أنهم رأوا فيهم شيعة تختلف عن الجماعة اليهودية. رأوا فيهم مجموعة دينيّة جديدة ترتبط باسم "كرستوس" المسيح. مسيحيون متهوّدون لا نجد هذه العبارة في العهد الجديد الذي يستعمل فقط "يهودي" أو "مسيحي". إنها تدلّ على يهود اهتدوا إلى المسيحيّة. ويسمَّون كذلك لكي يميَّزوا عن الوثنيين المهتدين، عن الامميين (أي المسيحيين الآتين من الأمم الوثنيّة). ونكون أمام مجموعتين مختلفتين لدى المسيحيين المتهوّدين : من جهة، اليهود الذين اهتدوا في فلسطين والذين يتكلّمون العبرية أو الأرامية، ومن جهة ثانية، اليهود المهتدون في الشتات الذين يتكلّمون اليونانيّة في حياتهم اليوميّة (أع 6 :1). كان المسيحيون المتهوّدون المتكلمون العبرية أو الاراميّة يؤلّفون أولاً أغلبيّة الجماعة المسيحيّة الفتية. ولكن حين بدأ بولس رسالته وأسّس جماعات خارج فلسطين، وُلدت جماعات من يهود صاروا مسيحيين ومن وثنيين صاروا مسيحيين (فسمُّوا أمميّين). بشكل عام ظلّ المسيحيون المتهوّدون يمارسون الشريعة اليهوديّة التي حوت فرائض حول الختان (أع 21 :21) والأطعمة (10 :14) والنذور (18 :18؛ 21 :23). وظلّوا مواظبين أيضاً على بعض عادات يهوديّة حول ساعات الصلاة (2 :46؛ 3 :1؛ 5 :42؛ 10 :9) والصوم (13 :2-3؛ 14 :22) والاحتفال بالسبت وسائر الاعياد (2 :1؛ 18 :4؛ 20 :6، 16). وفعلوا ما فعلوا، لا لأن التقليد يطلب ذلك، بل لأن يسوع مارس الشريعة (مت 5 :17-19؛ 8 :4؛ لو 16 :17)، ولأن كرازتهم في شعبهم تجد في ذلك ظروف النجاح. واعتقد بعض المسيحيّين المتهوّدين أن الانسان لا يمكنه أن يخلص من دون هذه الممارسات. وبالتالي أن على جميع المهتدين من الوثنيّة أن يمارسوا الشريعة اليهودية حتى بعد قرارات مجمع أورشليم التي كانت واضحة في هذا المجال. هذه المجموعة سمّيت "المتهوّدين". أما المعتدلون منهم فظنّوا أن الشريعة لا تُفرض إلا على اليهود المهتدين (أع 21 :21-22). ذاك كان رأي يعقوب، أخي الرب، الذي كان يمارس الشريعة بدقة، على ما قال هيجيسبس، كما كان نذيرًا للرب على مثال شمشون وصموئيل (اوسابيوس، التاريخ الكنسي 2 :23). بعد موته، ترأّس كنيسة أورشليم "أخ آخر للرب" اسمه سمعان. وهكذا اشتهرت جماعة المتهوّدين بفضل أخوي الرب هذين. هاجرت هذه الجماعة قبل دمار أورشليم (سنة 70) إلى بلا في شرقي الاردن، وهكذا تفلّتت من العالم اليهودي. عند ذاك خسرت كنيسة أورشليم أهميتها. ومع هليَنة أورشليم وطبعها بالطابع اليوناني على يد هدريانس سنة 130، عاشت الجماعة المسيحيّة مشتّتة في الجليل، وشرقي الاردن، وبيريه. وقد كان للاسيانيّين في قمران بعض التأثير على الاوساط المسيحيّة المتهوّدة، ولا سيّمـا على الاتجاه المتشدّد الذي سيصل إلى بدعة الابيونيين. غير أننا لا نستطيع أن نرى في بدعة الابيونيين امتدادًا لجماعة أورشليم التي بدت رغم كل شيء أكثر انفتاحًا.
1}
