عبرانيون: عبرانيون
أولاً : استعمال الاسم. (أ) التوراة العبرية تتكلم التوراة العبرية عن العبرانيين في بعض حالات محددة (1) في أخبار يوسف ومصر. يسمّي المصريون الاسرائيليين عبرانيين (تك 39 :14، 17؛ 41 :12؛ خر 1 :16، 2 :6). وبعض المرات يفعل مثلهم الكاتب الملهم (تك 40 :15؛ خر 1 :19؛ 2 :7؛ 3 :18؛ 5 :3؛ 16؛ 9 :1، 13). (2) في أخبار الحروب ضد الفلسطيين يسمّي الفلسطيون الاسرائيليين عبرانيين (1صم 4 :6، 9؛ 13 :3-19؛ 14 :11؛ 29 :3). ويفعل الكاتب الملهم الشيء عينه مرتين (1صم 13 :3؛ 14 :21). (3) في التشريع، يكون للعبرانيين وضع خاص اذا وقعوا في العبودية بسبب ديون تراكمت عليهم (خر 21 :2-6؛ تث 15 :12؛ ار 34 :9-14). (4) يسمّي تك 14 :13 ابراهيم العبري، ويسمي يونان نفسه العبري أمام الملاحين في المركب (يون 1 :9). نلاحظ ان التوراة لا تتكلم أبدا عن اللغة العبرية (ما عدا مقدمة سي)، بل عن لغة كنعان (إش 19 :18) أو اللغة اليهودية (2مل 18 :26؛ نح 19 :24). (ب) في السبعينية وأدب الرابينيّين يُعتبر "عبراني" كلقب تكريمي وهو يُستعمل بالاحرى في الظروف الاحتفالية (يه 10 :12؛ 12 :11؛ 14 :18؛ 2مك 7 :31؛ 11 :13؛ 15 :37. (ج) في العهد الجديد تستعمل كلمة "عبرانيين" في أع 6 :1؛ 2كور 11 :22؛ فل 3 :5 مقابل الهلينيين لتدل على اليهودي الذي وُلد في فلسطين. ثانيًا : العبرانيون وعابيرو. (أ) العبرانيون وعابر تعيد التوراة العبرانيين إلى جد هو عابر (تك 11 :14-26). يتحدّر من سام وهو أبو "بني عابر" (تك 10 :21). هناك 5 أجيال بين عابر وابراهيم. اذًا هذه السلسلة تبيّن بوضوح أن اسم عبراني يشمل فقط أعضاء الشعب المختار. لهذا أراد العلماء أن يماثلوا العبرانيين مع عابيرو الذي نقرأه في النصوص الحثية والاكادية كما في الوثائق المصرية، وفي أوغاريت (عبرم). جاء عابيرو هؤلاء من جنوب بلاد الرافدين فوصلوا إلى مصر. ولكن المكان الذي يقيمون فيه يتبدّل بحسب قوّة السلطة المركزية. يُذكر عابيرو للمرة الأولى في نص من سلالة اور الثالثة (حوالي الفين) ويدخلون على المسرح بصفة مرتزقة لملوك لارسا ورادسين، ريم سين. واتخذ حمورابي عابيرو في خدمته. واذا عدنا إلى نصوص ماري، نجد أنهم يتدخّلون في الوقت عينه في شمال بلاد الرافدين بصفة عصابات سلْب تهدّد المدن. واذا عدنا إلى رسائل تل العمارنة وصخرة سيتي الأول في بيسان نجد أن عابيرو يُقلقون فلسطين وسورية بحملاتهم في القرن 14، أو يساندون حكام المدن في مقاومتهم للسلطة الشرعية أو في صراعهم ضد جيرانهم. ونستطيع القول إن الامر كان هكذا أيضا في القرن 15 كما تقول صخرة امينوفيس الثاني (جاء معه 36000 عابيرو) وكما تقول بردية تعود إلى زمن رعمسيس الثاني وتجعل عابيرو يتدخلون كغزاة في خبر احتلال يافا في ايام تحوتمس الثالث (نشو 22-23). وفي العصر نفسه نجدهم في لوحات نوزي الطينية (شرقي الفرات) كأناس يبيعون نفوسهم كعبيد. ومع أن عددًا كبيرًا منهم يسمّى باسم سامي، فموضع اصلهم (مذكور مرارا) والاسماء الحورية المحاذية لأسماء أكادية وأمورية تدل أنهم ينتمون إلى أمم مختلفة. وفي نهاية ذلك العصر، ذهب ادري مي ابن الملك ألالاخ بعد ان طردته الثورة من بلاده، ولجأ إلى عابيرو فلسطين الشمالية. وفي لائحة اسماء جغرافيّة في اوغاريت (بداية القرن 14) نقرأ اسم مدينة تحمل اسمهم. وفي آسية الصغرى نجدهم منذ القرن 19 كأسرى حرب. والنصوص الحثّية (القرن 14 و 15) تتكلم عن جماعات عابيرو الذين اجَّروا خدماتهم كمرتزقة. وإن معاهدات السلام تدعو آلهة عابيرو بجانب آلهة سائر الشعوب. وفي مصر يبدون كغرباء (طريقة كتابة اسمائهم). هم يعملون جماعات يراقبهم مراقب. وفي برديّتين تعودان إلى رعمسيس الثاني، نجد أنهم يعملون في نقل الحجارة. وتتحدث بردية هاريس عن عابيرو قدّمهم رعمسيس الثالث لهيكل رع في هليوبوليس ليعملوا فيه. وهناك رسمة جدارية في مدافن طيبة على عهد تحوتمس الثالث تصوّر عابيرو وهم يعصرون العنب في الكرم. وهناك لائحة عمّال شاركوا في رحلة الى المقالع في وادي حمامات في السنة الثالثة لرعمسيس الرابع (حوالي 1163) تذكر 800 عابيرو. (ب) العبرانيون وعابيرو ممّا سبق نقدر أن نستخلص نقاط الاتصال بين العبرانيين وعابيرو (1) حيث تقول التوراة إنه وجد عبرانيون في وقت من الاوقات، تتحدث النصوص في الوقت عينه عن وجود عابيرو. ولكن يجب أن نلاحظ أن انتشار عابيرو في الزمان والمكان هو أوسع حسب ما نقرأ في تك 11 :14-26. (2) إن العبرانيين هم مثل عابيرو غرباء في البلدان التي يقيمون فيها. (3) إن أخبار الآباء تفترق عن معلومات رسائل تل العمارنة وتتحدّث عن جو هادئ، إلّا أن ممارسة السلب والنهب لم تكن غريبة عن عادات العبرانيين (تك 14 :13-16، 34 :1ي). (4) وعابيرو مثل العبرانيين يخدمون في جيوش أجنبية (1صم 14 :21؛ 29 :2). (5) إن وضع العبرانيين في مصر يشبه إلى حد بعيد وضع عابيرو : اعمال شاقة في الحقول (خر 1 :14) أو في مقالع الحجارة (حجارة الطين) تحت مراقبة المراقبين (خر 1 :11؛ 2 :11). وكلاهما كانا يعيشان في مصر السفلى. ان كتابة كلمة عبري تختلف عن عابيرو، عبرم، عبر، عفر... ولكن الانتقال من حرف إلى آخر ليس صعبا وليس بمستحيل ان يكون ابراهيم ونسله انتموا إلى عابيرو. ولكن هذا لا يعني ان عابيرو تل العمارنة هم الاسرائيليون. فالعبرانيون جماعة من عابيرو. ثالثًا : معنى الاسم. (أ) عابيرو وعبرالفرات. بما أن ابراهيم جاء من عبر الفرات، جعل اليهود اسم العبرانيين يشتقّ من فعل "ع ب ر" واعطوه معنى "الجهة المقابلة، العبر" (تك 14 :13 في اليونانية : الذي يأتي من الجهة المقابلة). اما اذا كان عبري هو عابيرو، فالاشتقاق الحقيقي يكون مختلفا. من "حبر" ربط (اذاً العبرانيون هم الحلفاء الذين يربطهم عهد). وقال آخرون بالعودة إلى "عفر" الغبار : والعبرانيون هم الآتون من غبار الفيافي. (ب) عابيرو ونصوص بابل هناك كتاب بابلي يسمي عابيرو : لص، قاتل. هكذا كانوا يتصرّفون. وهناك من قال : ذلك الذي باع نفسه عبدًا أو الذي لا بلد له. وقال آخرون : هم البدو الذين اجتاحوا ارض الحضر وعاشوا دون أن يمتلكوا أرضًا أو بيتًا.
1}