غزة: غزة
العزة، القوة. مدينة كنعانية قديمة جدًا (دمشق الجنوبية) تذكرها رسائل تل العمارنة والنصوص المصرية. كانت سوقا للقمح والخمر والفضة والتوابل. في القرن 18 كان للمينيّين مخازنهم فيها. لهذا احتفظت المدينة دوما بطابع عربي. اذا عدنا إلى تث 2 :23 نعرف أن أول سكانها كانوا من الحويين. منذ تحوتمس الثالث صارت غزة نقطة انطلاق الحملات المصرية على فلسطين وسورية. بعد هذا حصّنها سيتي الاول. حوالي 1200 احتلها الفلسطيون (قض 16 :1، 21؛ 1صم 6 :17). مع أن المدينة جُعلت رسمياً ليهوذا (يش 15 :47، قض 1 :18)، إلاّ أن بني اسرائيل حاربوا كثيرا لامتلاكها في ايام سليمان (1مل 5 :4) وحزقيا (2مل 8 :8). منذ تغلث فلاسر الثالث كانت غزة في يد الاشوريين الذين أجبروا دوماً على الدفاع عندها ضد سكانها وضد طموحات مصر إلى أن احتلها نكو (إر 47 :1، 5). في 1أخ 7 :28 يجب ان نقرأ العي أو عيّة بدل غزة. ازدهرت غزة في العهد الفارسي وأخذها الاسكندر بعد حصار دام شهرين. تنازع عليها السلوقيون والبطالسة وأجبرها يوناتان المكابي على التفاوض. اخذها اسكندر جنايوس، ولكن عادت مدينة حرة في أيام الرومان وصارت مركز اشعاع الحضارة الوثنية. إن فيلبس التقى وزير ملكة الحبشة على الطريق من غزة إلى اورشليم (أع 8 :26). بعد هذه النظرة السريعة المرتبطة بالكتاب المقدس بشكل إجمالي نعود إلى التاريخ. فغزة هي إحدى المدن الفلسطية الخمس (بنتابوليس). أقام فيها الناس بشكل متواصل، فما مرّت حقبة لم تكن فيها هذه المدينة مأهولة. لم نجد آثارًا قديمة جدًا. ولكن الفخاريّات دلّت على أن غزة كانت مأهولة أقلّه في البرونز الحديث (1550-1200). في بداية هذه الحقبة نعود إلى إشارة مكتوبة إلى المدينة. فتحوتموس الثالث (1504-1450) جعل منها موقعًا من أجل حملاته الحربيّة سنة 1481 في فلسطين وسورية. فموقع المدينة "على طريق البحر" التي تقود من مصر إلى آسية وخصب المنطقة، افترض أن غزّة كانت محطة للقوافل وموقعًا للعمليات الحربيّة الفرعونيّة. ذُكرت غزة في رسالة تعناك 6 (القرن 15)، وفي رسائل تل العمارنة (289، 296، القرن 14)، وفي وثائق مصرية تعود إلى القرن 13 ق.م. ظلّت غزة في فلك مصر في زمن السلالتين 18-19. وأقام فيها الفلسطيون سنة 1175 بمبادرة أو مباركة من رعمسيس الثالث (1182-1151) هذا ما تدلّ عليه التنقيبات في دير البلح الذي يبعد 14 كلم إلى الجنوب الغربي من غزة. حوالى سنة 1100 أوردت اسمائيات امينوفي مون الفلسطيين مع عسقلان وأشدود. هي في الواقع واحدة من المدن الملكية الخمس لدى الفلسطيين (يش 13 :3). تُذكر هذه المدينة في خبر شمشون (قض 16 :1-2، 21). أعطيت بشكل نظري إلى يهوذا (يش 15 :47)، فلم تكن يومًا من مملكة يهوذا (قض 1 :9 حسب السبعينية). سنة 734، خضعت لتغلت فلاسر الثالث (نشو 283). ثار ملكها حنون، فسحقه سرجون الثاني وجلاه إلى أشورية (نشو 285). بعد موت سرجون، توغّل حزقيا، ملك يهوذا، في فلسطين فوصل إلى غزة (2مل 18 :8) التي كان ملكها آنذاك صلّيبيل. ولكن سنة 701، كافأ سنحاريب صليبيل لأنه ظلّ أمينًا للعرش الأشوريّ (نشو 288). وامتدّ حكم هذا الملك فدفع الجزية لأسرحدون واشور بانيبال (نشو 292، 294). سنة 609، احتلّ نكو المصري غزة (إر 47 :1؛ هيرودوتس، التاريخ 2 :159). ولكن استعادها سريعًا نبوخذ نصر الثاني (605-602) وأجلى آخر ملوكها إلى بابل (نشو 308). وانطلق نبوخذ نصر من غزة ليقوم بحملة على مصر سنة 568. ومثله سيعمل قمبيز الفارسي سنة 525. في سنة 332، كانت غزة المدينة الوحيدة التي قاومت جيوش الاسكندر الذين سلبوها واستعبدوا سكانها. بعد ذلك، صارت المدينة جزءًا من مملكة البطالسة. ولكن انطيوخس الثالث الكبير احتلّها سنة 198 بعد حصار دام طويلاً (دا 11 :15). بعد ذلك، صارت غزة مرفأ الأنباط على البحر المتوسط فاغتنت جدًا، ووسّعت مرفأها في ميّومة التي تبعد 3 كلم عن المدينة، في خرلة بيت الابلهيّة. هاجمها الحشمونيون بقيادة يوناتان سنة 145 (1مك 11 :61-62). واحتلّها الاسكندر جنايوس سنة 96 ق.م. (يوسيفوس، العاديات 13 :357-364؛ الحرب 1 : 87)، واحتفظ بها حتى مجيء بومبيوس الروماني (61 ق.م.) الذي جعلها مدينة حرّة (العاديات 14 :75-76). أُعطيت لهيرودس الكبير هديّة من أوغسطس سنة 30، فشكلت منطقة مستقلّة في مملكته، وحكمها كوسغبار حاكم أدومية. حين قُسمت مملكة هيرودس، جُعلت غزة في ولاية القنصل المساعد في سورية (العاديات 17 :320). عند ذاك عرفت ازدهارًا كبيرًا، وكان لها مدرسة مشهورة لأهل البلاغة. أما العبادة الرئيسية التي عُرفت بها فهي عبادة "م ر ن ا" (سيّدنا، ربنا)، وهي التسمية الأرامية للاله العظيم في غزّة (داجون، قض 16 :23). ذُكرت غزة في أع 8 :26. ولكنها لم تصبح مسيحيّة إلاّ في القرن 5 ب.م.، ساعة دمّر بورفيريوس هيكل "مرنا" وجعل مكانه كنيسة بشكل صليب.
1}