“المسلمون المسيحيون الجدد” من هم؟

لمسة يسوع

Well-known member
إنضم
20 أغسطس 2022
المشاركات
1,839
مستوى التفاعل
564
النقاط
113
Middle East Transparent
أنت الآن »“المسلمون المسيحيون الجدد” من هم؟

“المسلمون المسيحيون الجدد” من هم؟


غير مصنف
بعيداً عن نظريات المؤامرة التي تروّج لها قنوات فضائية معروفة ومواقع وصحف عربية كثيرة حول “التنصير” (وأحياناً “التشييع”)، فمن هم المسلمون الذين يعتنقون المسيحية (بأعداد قليلة) في فرنسا كلّ عام؟ جريدة “لوموند” (بتوقيع “ستيفاني لو بار”) خصّصت مقالاً لهذا الموضوع، تحت عنوان الطريق المنفرد من الجامع إلى الكنيسة”، ربما بالصلة مع مباركة البابا للمصري مجدي علام الذي أعلن اعتناقه المسيحية. ما لا يتطرّق إليه مقال “لوموند” هو إعتناق الإسلام من جانب مسيحيين في فرنسا، وهو يطال أعداداً أكبر بكثير. في أي حال، ينبغي ملاحظة أن جميع الإحصاءات حول هذه المواضيع ليست حكومية، حيث أن القانون الفرنسي يحظر التمييز بين المواطنين على أساس ديني أو عرقي.
“الشفّاف” (العلماني صراحةً) قام بترجمة هذا الموضوع لأنه يستحق النقاش “الشفّاف” بعد أن انتقل من المجال الخاص (أي الشخصي) إلى المجال العمومي (أي السياسي) في العالم العربي (وبصورة هامشية في فرنسا). وقد راجعنا ما يقوله موقع الشيخ القرضاوي حول تغيير الدين فاكتشفنا فروقات أساسية بين النص العربي والنص الإنكليزي الذي كتبه داعية آخر.
يبقى ضرورياً الإشارة إلى البادرة الرمزية التي قام بها البابا بنديكت حينما قام بتعميد المسلم السابق مجدي علام، نائب رئيس تحرير جريدة “كوريير ديلا سيرا” الإيطالية. الأب اليسوعي سمير خليل يقول أن هذه البادرة تمثّل رسالة دفاع عن الحرية الدينية، وعن حق التبشير بالدين المسيحي وعن التعايش بين الأديان.
ويصف الأب سمير خليل في مقاله المنشور على الصفحة الإنكليزية كيف امتنعت الكنيسة الكاثوليكية طوال سنوات عديدة عن قبول تحوّل مسلمين إلى مسيحيين في منطقة المغرب العربي “خوفاً من تحويلهم إلى شهداء”.
بيار ععل
*
مقال لوموند: الطريق المنفرد من الجامع إلى الكنيسة
تلقّى غي-خالد “المعمودية” في يوم 30 مارس الماضي في كنيسة بمنطقة “الفار” بجنوب فرنسا. كان “عرّابه” كاهناً وقامت إحدى صديقاته بدور “العرّابة”، ولكن أباه وأمّه لم يكونا معه لحضور “المعمودية”. وهو يشعر الآن بأنه “مسكون بالروح القدس”.
بفضل “المعمودية”، انضم هذا الشاب الذي ولد في فرنسا، وعمره الآن 26 سنة، إلى بضع مئات من المسلمين الذين يعتنقون المسيحية، الكاثوليكية أو البروتستانتية، بصورة علنية أو سرّية، كل عام في فرنسا. إن غي-خالد يتحدّث عن دينه الجديد بحماس الداعية. لكن والده وشقيقاته غير الأخوات يتّهمونه بـ”التخلّي عن ثقافته” الأصلية. والدته “تعجز عن فهم” أسباب اعتناقه المسيحية، ولكنها “تقبل” أحياناً بمرافقته إلى لقاءات مسيحية. بعض أصدقائه القدامى يتّهمونه بالردّة، وقد قطعوا علاقاتهم به.
يقول خالد أنه أعجب بـ”السلفية” حينما كان عمره 17 سنة. فأثناء إجازة صيف قضاها في الجزائر، سعى التلميذ “المشبع بالأدب الفرنسي والحضارة الفرنسية” لـ”اجتياز الطريق نحو الإسلام” بتأثير إبن عمّه السلفي. ثم عاد من الجزائر ليبدأ دراسة الحقوق، وواظب على الصلاة في الجامع. لكن، في سن العشرين، ولشعوره “بعدم الإرتياح إلى منطق الجماعة” الذي فرضه توجّهه الديني الجديد، وتحت وطأة “أسئلة جوهرية لا يجيب عليها الإسلام”، فقد شعر بالحاجة إلى “وقفة” دينية. في هذه الفترة، جاءت نقاشاته مع أستاذ فلسفي كاثوليكي تعرّف عليه بالصدفة لتجعله يكتشف “قُرباً مع الله المسيحي” ولتردّ على تساؤلاته وتوقّعاته. إن الإسم الأول المسيحي الذي اختاره لنفسه هو الإسم الأول لأستاذ الفلسفة هذا.
مسار “فاطمة” التي وصلت إلى شمال فرنسا قادمة من الجزائر في عمر 13 سنة أكثر تعرّجاً. فرغم انجذابها إلى الإنجيل و”اقتناعها” منذ سن المراهقة بأنها ستصبح مسيحية في يوم من الأيام، فقد أمضت أكثر من 30 سنة قبل أن تقرّر أن تعتنق الدين الجديد منذ 5 سنوات، وحينما كان عمرها 52 سنة. ولسنوات كثيرة، كانت تشترك في حلقات صلاة سرّاً. وحتى بعد هذه السنوات، فإن قسماً فقط من أشقائها وشقيقاتها الثمانية يعرف دينها الجديد. وتقول هذه الجزائرية غير المتزوّجة التي طلبت “العماد” في كنيسة بعيدة عن مكان إقامتها: “ما زلت أخشى من التعرض لاعتداء أو من السخرية، ولا أشعر أنني قادرة على مواجهة العواقب”. وتضيف: “حتى هنا، يعتقد المسلمون أن الذين يغيّرون دينهم هم مرتدّون. في عائلتي، لا يقبل كثيرون أن تطأ أقدامهم أرض كنيسة”.
سواءً كان الذين غيّروا دينهم يشعرون بهدوء نفسي أم لا، فعلاقة هؤلاء مع الإسلام تتخلّلها نقطة سوداء: الإتهام بالردّة الذي يمكن أن يعرّضهم لتهديدات.
وتقول فاطمة، التي تعتبر أن علاقتها بالإسلام باتت “هادئة” الآن: “عدم التسامح، واقتناع المسلمين بأن دينهم هو الدين الحقيقي الوحيد، يجعلانني أشعر باستياء لا حدود له. كما أشعر بالتقزّز حينما أفكّر بوضع المرأة”. ويقول غي-خالد: “في البداية، كنت مع آخرين غيّروا دينهم مثلي، أتخذ موقفاً بالغ العدائية تجاه الإسلام. وهذه ظاهرة نفسية مألوفة تخفّ حدّتها مع التقدّم في الإيمان الجديد”.
من جهته، يقول الكاهن الإنجيلي سعيد أوجيبو، وعمره 39 سنة، أن “المعارضة والسخرية لم تكن ضمن أسلحة المسيح. يمكننا أن نندّد بالجانب المظلم من الإسلام بمحبة وباحترام”. ويضيف أنه يحذر من “عمليات تغيير الدين الخاطئة المقصود بها فقط أن تشكّل ردّاً على إشباع (overdose) إسلامي”.
جميع هؤلاء يأسفون لأن ممثلي الإسلام الرسمي في فرنسا لا يأخذون موقفاً أكثر وضوحاً للتأكيد على مبدأ الحرية الدينية، خصوصاً في موضوع الزواجات المختلطة، التي “يتعرّض فيها الجانب المسيحي لضغوط لتغيير دينه”. إن الكنيسة الكاثوليكية، التي تتولّى في كل عام عِمادة 150-200 بالغ من أصل مسلم كل عام، والتي امتنعت حتى سنوات خلت عن الخوض في هذا الموضوع، باتت اليوم تركّز على “الحرية الدينية والمعاملة بالمثل”. ويقول أسقف منطقة “إيفري”، ميشال دوبو، الذي يشارك في الحوار مع الإسلام: “ألا ينبغي أن نتوصّل إلى القدرة على قول الأمور صراحةً بدلاً من العيش وسط الأسرار؟” ويشرف هذا الأسقف على عمادة 10 مسلمين سابقين في كل عام، ولكن إحدى العمادات كانت “غير علنية” هذا العام. بالمقابل، فإن أسقف فريجوس- طولون، في جنوب فرنسا يتحدث علناً عن تبشير المسلمين بالمسيحية.
في هذا الإطار، كان اعتناق مسلم إيطالي للمسيحية في الفاتيكان، في 22 مارس، مبعث سعادة للمسيحيين الجدد في فرنسا. ويقول محمد كريستوف بيليك، الذي أسّس “سيدة القبائل” (نسبة لمنطقة القبائل في الجزائر) في مدينة “كريتي” بضاحية باريس: “أبارك البابا لأنه وضع إصبعه على الجرح مباشرةً. إن عمليات تغيير الدين تتزايد كل يوم. وليس مهمّاً إذا كان ذلك يزعج حراس المعبد الإسلامي. ينبغي أن يكون لكل إنسان الحق في العماد، فهذا حق من حقوق الإنسان”. ويقول هذا الموظف التجاري الذي غيّر دينه قبل 38 عاماً أنه “في حينه لم يكن أحد يعير إهتماماً لهذه الأمور. وحتى في تلك الحقبة فإن عائلة الشخص المعني لم تكن بالضرورة مسرورة بخطوته، ولكن أحداً لم يكن يتعرّض لاعتداء”.
على غرار الجماعات الأخرى، فإن الفرنسيين ذوي الثقافة الإسلامية، سواءً كانوا مؤمنين أم “لا أدريين”، يواجهون عرضاً دينياً متنوّعاً. ويبرز بين من يغيّرون دينهم أبناء الزيجات المختلطة. ويقول أحد الكهنة أن بعض هؤلاء الذين “وجدوا أنفسهم ضمن الإسلام لأن أحد الوالدين مسلم، يعيدون النظر في تراثهم الروحي حينما يصلون إلى سنّ البلوغ”. ويقول ناشطون كاثوليك أن رفض نظام قِيَم لا يتلاءم مع الحداثة، أو مجرّد لقاء بالصدفة، أو تجربة روحية، أو اكتشاف نصوص مسيحية يفسّر حالات تغيير الدين الأخرى. ويقول الأسقف ميشال دوبو: “في أبرشيتي، اكتشفت شابة مسلّمة أن القديس أغوسطينوس كان بربرياً وشرعت بقراءة نصوصه، وهذا ما دفعها لاعتناق المسيحية”.
بالنسبة للبروتستانت، فإن المبشّرين الذين لا يتردّدون في الحديث عن المسيح بالعربية أو بالتركية أو باللغة القبائلية، يجتذبون المؤمنين “الباحثين عن جماعات جديدة”. ويقول الكاهن البروتستانتي “أوجيبو”: “في كل عام، نستقبل 3 أضعاف العدد الذي يستقبله الكاثوليك”. ويناضل هذا الكاهن البروتستانتي من أجل إلقاء الضوء على هؤلاء المسحيين الجدد في المجتمع الفرنسي.
ويصرّ هذا الكاهن، وهو متزوّج ولديه أطفال، أنه “بنبغي التنبيه إلى أن تغيير الدين لا يعني التنكّر للثقافة”. وهو يقول أنه فخور بتعريف نفسه كـ”مغربي ومسيحي”. مضيفاً أنه، في البداية، اعتبر والداه ومعظم أشقائه وشقيقاته أن اعتناقه المسيحية كان بمثابة إعلان لـ”فشل هجرتهم إلى فرنسا”.
وبعكس آخرين، فإن “سعيد” لم يُضِف إسماً أولاً آخر إلى إسمه العربي. وهو يقول مبتسماً: “لو فعلت، لكنت شعرت بأنني أتخلّى عن هويّتي”. ويتمنّى الذين غيّروا دينهم أن يصل يوم لا يعود فيه إسم “محمد” مرادفاً لصفة “مسلم”



















































 
أعلى