يحبك إلى المنتهى

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
أيها الأحباء، في إنجيل يوحنا والإصحاح الثالث عشر، نجد إحدى قصص محبة الله الفريدة والرائعة التي تملأ كلمة الله.. إنها تحكي يوم أن غسل الرب أقدام التلاميذ... واليوم يريد الرب أن يلمس قلبك من جديد من خلال هذه الحادثة الرائعة..

وقبل أن يأتي الرسول يوحنا إلى تفاصيل غسل الأرجل، يبدأ بعدة نقاط هامة تُظهر محبة الرب لك؛ ففي (عدد 3)، يُعلن أن الشخص الذي سيغسل الأرجل هو الرب نفسه.. هو الملك.. هو الذي يملك كل شيء في يديه. إنه ليس شخصاً عادياً..إنه الرب الذي خلع ثياب المجد من أجلنا ويأتي إلى أقدامنا ليغسلها.

وفي (عدد 2) يُعلن لنا الرسول يوحنا أن الرب كان يعلم بأن يهوذا سيخونه وسيسلمه.. هل تعلم أن محبة الرب عجيبة ثابتة قوية لا تتأثر. وحتى إن قوبلت محبته بالخطية والشر، يبقى هو يحبنا ويبقى موقفه ثابتاً. ولهذا كانت الآية الأولى تقول انه أحب إلى المنتهى.. هل فهمت الآن معنى كلمة "إلى المنتهى".. إنه حب بلا حدود.. إنه يحبك دائماً.. يحبك مهما كلفته هذه المحبة.. إنه يحبك جداً جداًً.

دعونا نأتي إلى الدرس الأول عن هذه المحبة، وهو هل اختبرت هذا الحب العجيب؟.. وهل تحرص دائماً لتشبع من محبته وتختبأ فيه من كل ضعفك؟ هل أتيت إليه بأقدامك المتسخة وقلت له اغسلني؟.. هل قبلت محبته أم لا؟.. شعر بطرس أنه لا يقدر أن يترك الرب يغسل اقدامه، كيف يحدث هذا وهو الملك الذي ينبغي نحن أن نخدمه؟! وكاد أن يرفض تلك المحبة لولا أن الرب جعله يفهم بأنه يحتاج إلى الغسيل والتطهير، وأنه إن لم يعطه الفرصة ليغسله، لن يكون له نصيب معه.

إن الرب يريد أن يغسلك من أية خطايا في حياتك.. لقد كان يعلم أنه ذاهب إلى الصليب ليموت عنك وليقدم لك دماؤه الثمينة والغزيرة لتنزل عليك، فتُمحي كل آثامك وتُطرح في أعماق البحر جميع خطاياك.. إنه مستعد أن يتغاضى عن كل أزمنة الجهل السابقة.

والرب أيضاً يريد أن يغسل أقدامك المُتعبة.. فالأقدام المتعبة هي إشارة إلى أي إجهاد في حياتك؛ فقد تكون مُحملاً بالأثقال، أو تعاني من الفشل، أو تكون قد سرت الأيام الماضية في طريق مُتعب ومُجهد. أقول لك أنه مهما كان وضعك أو مهما كانت ظروفك، هيا دعه يغسلك بماء الحياة فينعش حياتك من جديد ويبدد كل مخاوفك.. ويملأك بالطمأنينة.. ويجدد مثل النسر شبابك..

والرب يريد أن يغسلك أيضاً من كل آثار تركتها الخطية أو العالم أوالماضي في حياتك.. إنه يريد أن يغسل جسدك من المرض والتعب، ويغسل نفسك من الأحزان والأتعاب.. وبالروح القدس يملأك بالفرح لتفرح في كل حين. وتذكر أن جسد "نعمان السرياني" ذلك الرجل الأبرص الذي كان يعاني من الموت والتآكل، قد عاد كلحم صبي صغير عندما اغتسل في المياه. لذا هيا قل له "اغسلني الآن".

ثم نجد أيها الأحباء درساً ثانياً تُعلنه لنا هذه المحبة؛ فلقد طلب الرب من التلاميذ، الذين اختبروا محبته وغسله لأقدامهم، أن يغسلوا هم أيضاً أقدام بعضهم البعض. إنه يريدهم أن يكونوا مثله وأن يكونوا سبب راحة للآخرين؛ فقد تجد بعض الإخوة حولك متعبين ومجهدين أو سقطوا في نقطة ضعف معينة، والرب يريدك أن تذهب إليهم وقد ملأ الروح القدس قلبك بالمحبة لهم.. وبالإيمان أنه سيستخدمك في إعلان محبة الرب لهم.. وأن تثق أنك سترى هؤلاء الإخوة وقد عادوا إلى الفرح والتشجيع. إنه يريدك أن تختبر محبته ولكن أيضاً أن تعكس هذه المحبة، وتكون قناة تفيض بالحب للذين حولك.

وهناك درساً ثالثاً، فعندما أحب الله العالم، بذل ابنه الوحيد لإنقاذ العالم، وجاء يسوع إلى العالم يبحث عن الخطاة.. جاء يطلب ويخلص ما قد هلك. إن محبته جعلته يبحث ويفتش عن الخروف الضال.. وأنت أيضاً متى امتلأت بالروح القدس وانسكبت محبته داخلك، ستجد في قلبك حب خاص للخطاة ورغبة غير عادية في البحث عن الخروف الضال، وستجد نفسك محمولاً بهذه المحبة.. مشغولاً بالنفوس المتعبة.. شاعراً في داخلك أنك مديون للجميع. فأنا أدعوك أن لا تحب الرب فقط، ولكن أيضاً أن تحب النفوس التي أحبها الرب.. وتذهب إليهم لتخبرهم عن محبته. لقد سار الرب عدة أميال ليتقابل مع السامرية ليُخبرها عن حبه.. وانكسرت السفينة ببولس الرسول وهو في طريقه ليبشر الأمم بمحبة المسيح.

صلي معي الآن وقل للرب مع الرسول بولس،

اعطني أن أمد جذوري في محبتك.. أريد أن أتأسس في تلك المحبة..

وأريد أن أدرك في داخلي أبعاد حبك الفائق..

المس قلبي اليوم لمسة جديدة من محبتك وافتح عيناي بالروح فأرى حقيقة حبك لأنك أنت هو المحبة..

دعني أدرك أولاً كَمْ تحبني ودعني أشبع بهذه المحبة، ثم دعني أحمل الحب إلى الآخرين وأكون مثلك..

وأريدك أيضاً أن ترسلني إلى الجالسين في الظلمة وظلال الموت لكي أخبرهم بأنه يوجد لهم رجاء..

سيوجد طريق ويوجد باب للحياة..

إنه يسوع.. الطريق والحق والحياة..
 
أعلى