محاولة لفهم الثالوث 2

إنضم
17 نوفمبر 2022
المشاركات
40
مستوى التفاعل
48
النقاط
18
سلام ونعمة للجميع

كتبت منذ فترة بسيطة موضوعا ناقشت فيه بعض الأمثلة التي تساعدني على فهم فكرة الثالوث، واليوم سأناقش أحد هذه الأمثلة بتعمق أكبر.

لنراجع أولا عقيدة الثالوث:

-الله من ثلاثة أقانيم متحدة بالجوهر، الأب والابن والروح القدس
- كل من هذه الأقانيم هو الل من حيث الجوهر، اما من حيث الاقنوم فكل واحد من هذه الأقانيم ليس هو الاخر
- بين الاقانيم تمايز، لكن ليس بينها انفصال تام
- لكل من الاقانيم دور خاص ، فالأب هو الوجود والابن هو الكلمة والروح هو الحياة
- بين الأقانيم تكامل، فالأب بغير الابن لا يكون الها كاملا لأنه لا كلمة له، وبدون الروح لا يكون إلها كاملا بل يكون ميتا، وهكذا..
- كل من الأقانيم إله كامل بشرط وجود الأقانيم الأخرى، أي أنه كامل بها
- ورغم كل ما سبق، لا يوجد أي تركيب في الذات الإلهية بين هذه الأقانيم


الانتقاد الذي يوجهه المخالفون عادة إلى عقيدة الثالوث هو أنها متناقضة، لأنها جعلت الله واحدا وثلاثة في نفس الوقت
والرد على هذا الانتقاد: التناقض يكون اجتماع النقيضين من نفس المكان والزمان والجهة، والله واحد من جهة الجوهر ومثلث من جهة الاقانيم، أي أن الواحدية والتثليث لم يجتمعا من نفس الجهة وبالتالي لا تناقض.
فلو قلت لك مثلا أن فراس مجتهد وغير مجتهد في نفس الوقت لظننت أن كلامي تناقض لكن لو قلت لك أنه مجتهد في الرياضيات وغير مجتهد في التاريخ فلا تناقض هنا لأنه مجتهد من جهة وغير مجتهد من جهة أخرى.

حسنا إلى هنا تخلصنا من شبهة التناقض، لكن بقيت هناك حاجة إلى مثال يشرح كيف يكون الشيء واحدا من جهة الجوهر ومتعددا من جهة الأقانيم، كي يساعدنا على فهم وتصور الفكرة
ولا بد أن يكون هذا المثال غير مركب، لأن الأمثلة التقليدية مثل الشمس ونورها وحرارتها تؤدي غالبا إلى نوع من التركيب

نريد ثلاثة أقانيم متحدة في الجوهر بلا تركيب، كيف؟
هنا خطر ببالي مثال: ماذا لو تخيلا شخصا له روح واحدة و3 أجساد، وكل من هذه الأجساد فيه عقل خاص به. سيكون لدينا هنا 3 أشخاص متمايزون لكل منهم شخصية ووعي وادراك قائم بذاته لكنهم في النهاية نفس واحدة، ذات واحدة، أو قل إن شئت هم شخص واحد، لأنهم مرتبطون بروح واحدة.

إلى هنا نجحنا في تخيل 3 أقانيم في جوهر واحد بدون تركيب، ولكن لم ننجح في تخيل الأدوار الخاصة والتكامل بينهما.
نريد الآن أن نعدل المثال بحيث يكون بين هؤلاء الأشخاص الثلاث تكامل في العمل ودور خاص لكل منهم، مع الحفاظ على وحدة الجوهر وتمايز الأقانيم وعدم التركيب.



- ملاحظة: كل ما نطرحه هنا هو مجرد مثال لفهم فكرة وجود 3 أقانيم متحدة بالجوهر دون انفصال ولا تركيب، أي أننا نريد الاتيان بشيء قابل للتصور تنطبق عليه هذه الصفات كي نستطيع تخيل الفكرة، ولا نقصد تشبيه هذه الأمثلة بالذات الإلهية ولا نقول أن كل ما ينطبق على المثال فهو منطبق على الذات الإلهية وحاشا! أرجو أن تكون هذه النقطة واضحة ولا يحدث سوء فهم وشكرا للجميع.



الآن لنعد إلى مثالنا، ولنسمي الأشخاص الثلاثة: وائل ومراد ويمان
كل منهم له عقل وجسد مستقل، ويشتركون بروح أو ذات واحدة
المطلوب الآن أن يحدث بينهم حالة اتصال، لذا لنقل أن بينهم تخاطرا ذهنيا

والآن نريد أن يكون لكل منهم دور خاص، مع تكامل هذه الأدوار. بدءا من هنا سيصبح الموضوع معقدا بعض الشيء فأرجو أن تتحملوا

نحن نعلم أن دماغ الإنسان يقوم ب 3 انواع من الوظائف:
- حسية: تذوق شم لمس ألم الخ
- منطقية: كالحسابات الرياضية
- عاطفية: كالحب والكره

لكل من هذه الوظائف مناطق خاصة في الدماغ، لكن تخيل مثلا أن يكون دماغك كله مخصص للوظيفة الحسية، أو كله مخصص للوظيفة المنطقية، أو كله مخصص للوظيفة العاطفية
لا شك هنا أن هذه الوظيفة ستصبح أقوى لديك من الإنسان العادي، لكنك ستصبح مفتقرا إلى الوظائف الأخرى


الآن لنتخيل أن وائل دماغه كله مختص بالوظيفة الحسية
ومراد دماغه مختص بالوظيفة المنطقية
ويمان دماغه مختص بالوظيفة العاطفية
لكن بما أن الثلاثة بينهم تخاطر ذهني ، فكل منهم يستطيع الاستعانة بدماغ الآخر لاستخدامه في وظيفته الخاصة

مثلا: وائل الذي يملك الدماغ المختص بالدور الحسي
اذا لمس كوبا ساخنا فإن دماغه يولد إحساس السخونة، والاحساس سيكون أفضل وأقوى وأدق من الشخص العادي لأن دماغه كله مختص بهذه الوظيفة
أما اذا أراد حل مسألة رياضيات، يرسل دماغه إشارات دماغية تخاطرية إلى دماغ مراد المختص بالعمليات المنطقية، فيحللها دماغ مراد ثم يعيد إرسالها إلى وائل، مفسرة، فيستقبلها وائل ويحصل على القدرة على حل المسألة الرياضية، بكفاءة أفضل من الشخص العادي طبعا
أما إذا رأى حبيبته، فيرسل دماغه إشارات تخاطرية إلى دماغ يمان المختص بالدور العاطفي، فيحللها هذا الأخير ثم يعيدها إلى وائل، فيتمكن وائل من اختبار شعور الحب، أيضا بقوة وعمق أكبر من الشخص العادي

وهكذا كل من هؤلاء الثلاث انسان كامل قادر على القيام بالوظائف الثلاث، لكن عن طريق الشخصين الآخرين
فوائل بدون مراد لن يكون عاقلا وبدون يمان لن يكون ذا مشاعر
ومراد دون وائل لن يكون قادرا على اختبار الاحاسيس الجسدية وبدون يمان سيكون مفتقرا الى المشاعر
ويمان بدون وائل لن يكون قادرا على اختبار الاحاسيس الجسدية وبدون مراد لن يكون عاقلا
لكن بوجود الثلاثة معا يتمكن كل منهم من أداء أدوار الإنسان الكامل بل وبكفاءة أكبر
فكل منهم إنسان كامل متمايز عن نظيريه، لكنه كامل بهما وليس من دونهما
وبينهم تمايز لكن ليس بينهم انفصال، لأن بينهم التخاطر والعمل المشترك
وليس بينهم أي نوع من التركيب بأي شكل، هذا مع كونهم 3 أقانيم بجوهر واحد فكلهم شخص واحد في النهاية لأن لهم نفس الروح أي نفس الذات أو الكيان



طبعا أعرف أن هذا مجرد تقريب للفكرة وليس مطابقا بالكلية للثالوث الالهي، لكنه أقرب مثال وجدته. طبعا أنوه مرة أخرى أني لا أقصد التشبيه ولا شك أن الذات الإلهية فوق كل هذه الأمثلة.

شكرا لجميع من وصل بالقراءة إلى هنا
 

عابد يهوه

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
10 ديسمبر 2008
المشاركات
1,283
مستوى التفاعل
157
النقاط
63
الانتقاد الذي يوجهه المخالفون عادة إلى عقيدة الثالوث هو أنها متناقضة، لأنها جعلت الله واحدا وثلاثة في نفس الوقت
الذي ينتقد الثالوث هم الذي لا يعبدون الاله الحقيقي ولا يعرفونه ..
يعني بالعقل .. كيف سياتي المسيح المنتظر عند اليهود اصحاب الايمان بالاله الواحد وينادي لهم بتعدد الالهه ؟ هل سيقبلونة ويرحبوا به ام يتهموه بالدجل والكفر والشرك ؟
لم نقرأ اي اتهام في كل العهد الجديد لا من قبل يهود اسرائيل او يهود المهجر ان اعترضوا على الثالوث وهم الذين كانوا يتصيدون يسوع والرسل لاسقاطهم !
كم مره حاول اليهود تجربه يسوع لتخطئته واسقاطه سواء في قصه المراه الزانية او في مساله دفع الجزية لقيصر وغيرها وفشلوا ! لو كان اليهود لا يعرفون الثالوث في الاله الواحد ويعتبروه تعدد الهه وشرك لما احتاجوا اصلا ان يدخلوا يسوع في تجارب ولكانوا اسقطوه فور ما قال الاب والابن والروح القدس وانتهى ولم يكن هناك شئ اسمه مسيحيه الان !
اليهود بعد انتشار المسيحيه بدأؤا في انكار الثالوث لمحاربه المسيحيه ورفضها ومقاومتها كما فعلوا في الترجمة السبعينيه وحذفوا منها عبارات تفسيرية تتعلق بالمسيح حينما وجدوا انها انطبقت على يسوع لكي لا يؤمنوا به وعملوا ترجمات اخرى بديله عن السبعينيه التي رفضوها .
 
التعديل الأخير:

admy

Member
عضو
إنضم
5 مايو 2012
المشاركات
95
مستوى التفاعل
73
النقاط
18
اليهود بعد انتشار المسيحيه بدأؤا في انكار الثالوث لمحاربه المسيحيه ورفضها ومقاومتها كما فعلوا في الترجمة السبعينيه وحذفوا منها عبارات تفسيرية تتعلق بالمسيح حينما وجدوا انها انطبقت على يسوع لكي لا يؤمنوا به وعملوا ترجمات اخرى بديله عن السبعينيه التي رفضوها .
اخي العزيز شكرا لشرحك الجميل....هل يمكنك الاستفاضة اكثر بشرح النقطة اعلاه لو سمحت؟​
 

عابد يهوه

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
10 ديسمبر 2008
المشاركات
1,283
مستوى التفاعل
157
النقاط
63
اخي العزيز شكرا لشرحك الجميل....هل يمكنك الاستفاضة اكثر بشرح النقطة اعلاه لو سمحت؟​
في هذا الموقع اليهود للفتوي نقرأ :

  1. The Trinity
    The Christian idea of a trinity contradicts the most basic tenet of Judaism - that G-d is One. Jews have declared their belief in a single unified G-d twice daily ever since the giving of the Torah at Sinai - almost two thousand years before Christianity.
    The trinity suggests a three part deity: The Father, the Son and the Holy Ghost (Matthew 28:19).
    In Jewish law, worship of a three-part god is considered idolatry; one of the three cardinal sins for which a person should rather give up his life than transgress. The idea of the trinity is absolutely incompatible with Judaism.

يعني باختصار يقولوا ان الثالوث فكر وثني يتعارض مع تعاليم اليهودية في وحدانية الله.

وطبعا هذا مجرد هراء وكذب من اليهود وحجة يخترعوها لكي لا يعترفوا بان يسوع هو المسيح .. فالكتابات اليهودية القديمة تعج في الكلام الثالوث واقانيم الله ولكن يتعامون عنها بالقصد والعمد ولا كأنها موجوده من اساسه !

لماذا لم يقولوا هذا الكلام في وجه يسوع وتلاميذه انهم يخالفون تعاليم اليهودية في الوحدانية وانهم ياتوا بافكار وثنيه وتعدد الالهه لا اثناء تبشيرهم او حتى محاكمتهم ؟ اشمعنى هذه الاتهامات الكاذبه والانكار للثالوث لم يظهر الا الان ؟
اين اتهم يسوع او اي تلميذ من تلاميذه بانهم نادوا بتعدد الالهه الوثنيه وخالفوا الايمان بالواحدنية في كل العهد الجديد ؟!
اليهود لا يكفوا عن الكذب واختراع الاكاذيب التي لا اساس تاريخي لها من اصله لمجرد انهم لا يريدوا الاعترف بيسوع !

بالنسبة للسبعينيه فلو رجعت لحوار يوستينوس مع تريفو ستجده يتحدث عن كيف ان اليهود حذفوا فقرات من السبعينيه لمجرد انها انطبقت على يسوع لكي لا يعترفوا بانه المسيح تستطيع تحميلة من هنا :


ابتداء من الصفحه 231 وبعدها

285719500.jpg
 
التعديل الأخير:

admy

Member
عضو
إنضم
5 مايو 2012
المشاركات
95
مستوى التفاعل
73
النقاط
18
شكرا لردك ياغالي...الرب يباركك​
 
أعلى