توضيح حول تصريحات علماء النقد النصي

الحقيقة والحق

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
29 مايو 2009
المشاركات
1,503
مستوى التفاعل
39
النقاط
48
مدرسة النقد النصي الذين يتبعون المخطوطات النقديه يقولوا المخطوطات الاقدم اهم واوثق من الاحدث .. بينما مدرسة النقد النصي التقليدي الذين يتبعون مخطوطات النص المسلم يقولوا هذا ليس شرطا :

"The more ancient testimony is probably the better testimony. That it is not by any means always so is a familiar fact. To quote the known dictum of a competent judge [Dr. F. H. A. Scrivener]: ‘It is no less true to fact than paradoxical in sound that the worst corruptions to which the New Testament has ever been subjected, originated within a hundred years after it was composed; that Irenaeus and the African Fathers and the whole Western, with a portion of the Syriac Church, used far inferior manuscripts to those employed by Stunica, or Erasmus, or Stephen, thirteen centuries after, when moulding the Textus Receptus.' Therefore Antiquity alone affords no security that the manuscript in our hands is not infected with the corruption which sprang up largely in the first and second centuries." [Dean Burgon, The Traditional Text, p. 40]

ويقولوا ان المخطوطات القديمه دخل فيها الهرطقات المقصوده من قبل تسعه هراطقه تلاعبوا بالاناجيل عاشوا خلال القرون القليلة الأولى من عصر الكنيسة:

"And the Written Word in like manner, in the earliest age of all, was shamefully handled by mankind. Not only was it confused through human infirmity and misapprehension, but it became also the object of restless malice and unsparing assaults. Marcion, Valentinus, Basilides, Heracleon, Menander, Asclepiades, Theodotus, Hermophilus, Apollonides, and other heretics adapted the Gospels to their own ideas." [Dean Burgon, The Traditional Text, p. 10]

ثم يقولوا ان النص التقليدي كان موجودًا ومهيمنًا منذ السنوات الأولى للكنائس :

"As far as the Fathers who died before 400 A.D. are concerned, the question may now be put and answered. Do they witness to the Traditional Text as existing from the first, or do they not? The results of the evidence, both as regards the quantity and the quality of the testimony, enable us to reply, not only that the Traditional Text was in existence, but that it was predominant, during the period under review. Let any one who disputes this conclusion make out for the Western Text, or the Alexandrian, or for the Text of B and Aleph, a case from the evidence of the Fathers which can equal or surpass that which has been now placed before the reader." [Dean Burgon, The Traditional Text, p. 116]

انا تهت في هذا الكلام ومش فاهمه فيا ريت التوضيح !

 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,062
مستوى التفاعل
1,031
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل

سلام المسيح أستاذنا الحبيب. لدينا منارات عالية هنا وأساتذة متخصصون بهذا المجال لا أدري أين ذهبوا (الجنرال مولكا والدكتور باول والأساتذة غريغوريوس وتيودور وغيرهم). على أي حال بما أن أحدا لم يظهر بعد أشارك بالقليل الذي أعرفه حتى يأتينا الفرج. :)

مدرسة النقد النصي الذين يتبعون المخطوطات النقديه يقولوا المخطوطات الاقدم اهم واوثق من الاحدث .. بينما مدرسة النقد النصي التقليدي الذين يتبعون مخطوطات النص المسلم يقولوا هذا ليس شرطا
.
لابد من فهم طبيعة هذا الخلاف وأسبابه جيدا لفهم هذه الفقرات الثلاث. أولا ما هو المقصود هنا بـ"النص المسلّم"؟ هذا ليس النص كما تسلمناه من الرسل، بل يُطلق هذا التعبير على نص بعينه صدر بنهاية القرون الوسطى هو أول نص يوناني مطبوع للعهد الجديد، جمعه وحققه دِزِدِريوس إيرازموس من عدة مخطوطات، وكان هذا النص هو الأساس الذي اعتمدت عليه أول ترجمات الإنجيل اللاحقة كلها وأهمها نسخة الملك جيمس الشهيرة (والتي ما زال البعض حتى اليوم يرى ـ مثل إدوارد هيلز ـ أنها أفضل الترجمات وأدقها على الإطلاق). هذا النص هو ما قد يشار إليه أيضا بـ"النص التقليدي". وعليه ـ تذكر جيدا ـ كتاب إيرازموس = النص المسلّم = النص التقليدي.* هذه الثلاثة تشير كلها إلى نفس النص ونفس الكتاب، على الأقل هنا تحديدا في هذا السياق. هذا أولا.

ثانيا في أواخر القرن التاسع عشر ظهر نص يوناني جديد يختلف عن نص إيرازموس، قدمه ف. هورت وب. ويستكوت.** هذا النص الجديد يرى أصحابه أنه الأدق والأفضل، ومن أهم أدلتهم على ذلك أنه اعتمد على مخطوطات أقدم للكتاب (مثل المخطوطة الفاتيكانية)، وذلك حسب مبدأ أن "الأقدم أفضل" (كلما اقتربنا من المنبع كلما كان النهر أكثر نقاء).

ثالثا انقسم العلماء بالتالي أمام هذا النص الجديد: هناك فريق دافع عن نص إيرازموس (النص "المسلّم"، أو "التقليدي") وظل متمسكا به باعتباره الأدق والأفضل، بينما انتصر فريق آخر إلى النص الجديد، نص هورت. كان جون بيرجون ـ الذي نقلت عنه هذه الفقرات الثلاث ـ أحد أشهر المدافعين عن النص المسلّم، نص إيرازموس.

(تحتاج هنا إلى المتخصصين في هذا المجال لكي يشرحوا دفاع بيرجون جيدا، لأن بيرجون نقد الدكتور هورت ورفاقه على مستوى المخطوطات نفسها، حيث استنكر مثلا تفضيلهم للفاتيكانية على حساب السكندرية، كما ناقش قضية "النمط" أيضا وليس المخطوطة فحسب. على أي حال كان أهم ما قدم بيرجون وميلر وآخرون ـ دفاعا عن نص إيرازموس ـ هو نقد "المبدأ" نفسه، بالتالي يقول بيرجون):

رابعا حتى لو كان هذا المبدأ صحيحا ـ مبدأ أن "الأقدم أفضل" ـ فحالة العهد الجديد دون كل أدبيات العالم حالة فريدة، إذ بدأ التعدّي على هذا النص بالتغيير والتشويه وليّ النصوص لخدمة عقائد معينة ـ خاصة العقائد الغنوصية ـ منذ القرن الأول. بل «قبل حتى أن يغلقوا القبر على جسد القديس يوحنا» حسب تعبيره. نجم عن ذلك بالتالي أن بعض المخطوطات الأقدم ـ بحوزة بعض الآباء الأوائل أنفسهم مثل القديس أيريناوس ـ كانت أقل ضبطا وقيمة من مخطوطات أخرى أحدث، كالتي اعتمد عليها إيرازموس والتي كانت أكثر دقة واقترابا من الأصل.

خامسا الزعم بأن الأقدم أفضل يعني منطقيا ـ عند وجود آية مثلا يختلف نصها في إيرازموس عنه في هورت ـ أن هذا الاختلاف يعود لتغيير أو انحراف طرأ بالضرورة في عصر لاحق. وعليه ليكن معيارنا جميعا ـ يقول بيرجون ـ هو أن نتتبع نص إيرازموس أو النص التقليدي إلى البدايات الأولى: هل نجد هذا النص، هكذا كما هو، في سلسلة متصلة تعود إلى القرون الأولى؟ هل نجده بين يدي الكنيسة الأولى والآباء الأوائل أنفسهم؟ إذا لم نجده فقد صدق حقا هورت ورفاقه، وتكون كل هذه الاختلافات عندئذ تغييرا أو انحرافا طرأ مع الوقت على النص. ولكن الحقيقة هي أننا نجد النص التقليدي، كما هو، ليس فقط مع الكنيسة الأولى بل كان بالأحرى النص السائد أيضا بين الآباء.


الآن اقرأ الفقرات الثلاث مرة أخرى ولن "تتوه" بمشيئة الرب أو تجد أي غموض. فقط تذكر أن النص التقليدي والنص المسلّم أو المتلقّى (Textus Receptus) تعبيران يشيران إلى النص اليوناني كما حققه ونشره إيرازموس وظهر للوجود للمرة الأولى عام 1516 تحديدا.

_______________________

* النص التقليدي ليس هو بالضبط النص المسلّم أو نص إيرازموس. هذا الوصف يشير بالأحرى إلى ما يسمى بالنمط البيزنطي في المخطوطات. أفترض أنك تعرف الفرق ولكن نذكره على أي حال: مخطوطات الكتاب عموما ـ من حيث الاختلافات فيما بينها ـ تنقسم إلى أربع عائلات أو أنماط رئيسية: البيزنطي والسكندري والغربي والقيصري. معظم المخطوطات بحوزتنا تنتمي للنمط البيزنطي، ويسمى هذا النمط لذلك "نص الأغلبية"، كما يسمى "النص التقليدي"، وله أسماء أخرى عديدة. اعتمد إيرازموس في معظم كتابه على مخطوطات من هذه العائلة أو هذا النمط البيزنطي (بينما اعتمد هورت على مخطوطات من النمط السكندري). يمكن بالتالي من باب التبسيط ـ في حدود هذه الرسالة ـ أن نساوي هكذا مؤقتا بين الثلاثة فنقول إن نص إيرازموس = النص المسلّم = النص التقليدي.

** ليس هورت بالطبع هو الوحيد الذي خالف نص إيرازموس عبر القرون، بل كان هناك تفاعل ونقاش وأخذ ورد طوال الوقت، بالتوازي مع اكتشاف مخطوطات أخرى جديدة من ناحية (كالسينائية إحدى أهم المخطوطات)، وبالتوازي كذلك مع تطور علوم النقد النصي نفسها من ناحية أخرى.

 

الحقيقة والحق

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
29 مايو 2009
المشاركات
1,503
مستوى التفاعل
39
النقاط
48
انا الي مش فاهمه ما هو الفرق بين المخطوطات النقديه وبين المخطوطات التقليديه ، قرأت موضوع في موقع الدكتور غالي "هولي بايبل" وحسب ما فهمت من كلامه ان النص التقليدي هو الأصلي المسلم جيل عن جيل بدون أخطاء من زمن تلاميذ المسيح وحتى الان وهو الذي استخدم على مدار الفين سنه قبل واثناء وبعد السينائية والفاتيكانية وقبل القرن العشرين وفسر وشرح بخرائط وقواميس وكل من قاموا بهذا لم يجدوا به خطأ وكانت نسخ مخطوطاته تتم في الأديرة بقدسية ودقة عالية وتأني وتستغرق وقت طويل ولهذا هي بلا خطأ ولهذا كانت تستخدم حتى تبلى وهو مكتوب بطريقة سهله وسلسه ومفهومة ولا يوجد به قراءات صعبه والذي يتفق مع اغلب اقوال الاباء وبخاصه القدامى منهم من القرن الثاني وما بعده .

لهذا مدرسة النقد النصي التقليديه لا يوجد عندهم تعليقات هامشيه بالزيادة او الحذف او الاختلاف او التناقض لهذا فهم ليسوا نقديين لانه لا يوجد عندهم مشاكل اصلا في المخطوطات ليكتبوا عنها ولا حتى اختلافات بين المخطوطات على عكس مدرسة النقد النصي الذين يتبعون المخطوطات النقدية الذين يتكلموا عن مشاكل في المخطوطات واختلافات ويضعون فقرات بين اقواس يقولوا عنها غير اصليه ومقحمه ولا يقبلوا بشهادات اباء الكنيسة الاولى التي استشهدوا بتلك النصوص كنصوص اصليه في العهد الجديد .

وحسب ما فهمت من كلامه ايضا ان المخطوطات النقديه هي السكندرية من القرن الخامس والفاتيكانيه من القرن الرابع والسينائيه التي تعود لسنه 325 - 360 وهم مخطوطات فيهم اخطاء كثيره وايات ناقصه وقراءات صعبه ، فهل هذا هو الفرق بين المخطوطات النقديه والمخطوطات التقليديه اي مخطوطات صحيحه مدققه ومخطوطات فيها اخطاء كثيره وايات ناقصه وان المخطوطات التقليديه التي كتبها الرسل لا يوجد فيها قراءات صعبه والنقديه فيها قراءت صعبه ؟!

طيب الدكتور غالي يقول ان المخطوطات النقليديه الصحيحه تشكل 5300 مخطوطه كامله من اصل 5686 مخطوطه يعني الغاليبه هي مخطوطات تقليديه والاقليه هي النقديه فلماذا اذن نقرأ لاتباع المخطوطات النقديه الذين يتكلموا عن ايات غير اصليه في العهد الجديد ويقولوا عنها لا توجد في اقدم المخطوطان واكثر المخطوطات طالما المخطوطات التقليدية تفوق عددا المخطوطات النقديه ؟

وكيف يقولوا لا توجد في اقدم المخطوطات اذا المخطوطات القديمه اصلا احرقها الرومان :

"ترك اضطهاد دقلديانوس ندبة عميقة ليس فقط في تاريخ الكنيسة ولكن أيضًا في تاريخ نص العهد الجديد. تم إتلاف عدد لا يحصى من المخطوطات أثناء الاضطهاد وكان لابد من استبدالها. كانت هناك حاجة إلى المزيد لتوفير طوفان الكنائس الجديدة التي نشأت في عصر قسطنطين [الإمبراطور الذي حكم مباشرة بعد دقلديانوس"

The persecution of Diocletian left a deep scar not only in church history but also in the history of the New Testament text. Innumerable manuscripts were destroyed during the persecution and had to be replaced. Even more were needed to supply the flood of new churches which sprang up in the Age of Constantine [an Emperor who reigned immediately after Diocletian]. (Aland and Aland, p. 70)

"لقد تحقق كل هذا [الاضطهاد] في يومنا هذا ، عندما رأينا بأعيننا منازلنا أو عبادتنا التي ألقيت من على ارتفاعها ، التزمت الكتب المقدسة للإلهام بالنيران في وسط الأسواق."

All this [persecution] has been fulfilled in our day, when we saw with our own eyes our houses or worship thrown down from their elevation, the sacred Scriptures of inspiration committed to flames in the midst of the markets. (Eusebius, Ecclesiastical History, 8: 2:1)


 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,062
مستوى التفاعل
1,031
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل

مرة أخرى أؤكد أن هذا ليس ميداني ولم يكن أبدا موضوع دراستي، فقط أتسكع بهذه الساحة قليلا حتى يأتي أساتذتنا. مشاركتي بالتالي مجرد انطباعات فقط، حسب معلوماتي العامة البسيطة جدا في هذا الميدان الكبير:


انا الي مش فاهمه ما هو الفرق بين المخطوطات النقديه وبين المخطوطات التقليديه............



مفيش يا أستاذنا كده أصلا! :) مفيش حاجة اسمها "مخطوطات نقدية" أو "مخطوطات تقليدية". المخطوطة: ببساطة مخطوطة. على جلد على بردي: مخطوطة. باليوناني باللاتيني: مخطوطة. إنما انت غالبا تقصد "النص النقدي" مقابل "النص التقليدي". هل هذا ما تقصد؟ في هذه الحالة فالفرق كما يلي:

النص التقليدي هو النص الوارد بمجموعة كبرى من المخطوطات (حوالي 95% من المخطوطات) تشترك جميعها في قراءة معينة وسمات محددة، وكانت تُعتبر "مخطوطات الكتاب المقدس" المعتمدة حتى ظهرت علوم النقد النصي قبل حوالي 250 عاما.

الآن في مرحلة النقد النصي: كل هذه المجموعة الكبرى من المخطوطات أصبح يُطلق عليها معا اسم العائلة البيزنطية، أو النمط/النوع البيزنطي، أو نص الأغلبية، أو النص التقليدي، وغيرها من أسماء. أما بقية المخطوطات فقد رصدوا فيما بينها أيضا بعض السمات المشتركة بحيث يمكن جمعها كذلك معا في عائلتين إضافيتين: العائلة أو النمط الإسكندري، والعائلة أو النمط الغربي. (ثم خرج لاحقا من النمط الغربي عائلة أخرى صغيرة تسمى النمط القيصري).

بالتالي "النص التقليدي" هو ـ تاريخيا ـ نص الكتاب المعتمد، كما أنه ـ حديثا ـ نص الكتاب كما ورد بمجموعة من المخطوطات جمعها العلماء معا فيما يسمى مخطوطات العائلة أو النمط البيزنطي.

فما المقصود بـ"النص النقدي"؟

غاية علوم النقد ببساطة هي تحديد النص الأصلي للكتاب، بأعلى درجة من الدقة والثقة، أمام "عالم من المخطوطات" تختلف فيما بينها. وعليه: بينما اعتمد القدماء مخطوطات "العائلة البيزنطية" تحديدا باعتبارها النص الأصلي، علماء النقد لا يوافقون على هذا. علماء النقد يأخذون بالأحرى كل هذه العائلات الأربعة ويفاضلون بين نصوصها جميعا ـ بناء على طرق هذا العلم ومناهجه ـ حتى يصلوا في النهاية إلى نص أخير فريد لا يتفق بالضرورة مع أية مخطوطة بعينها، أو مع أي نمط بعينه. هذا النص الأخير الفريد هو بالتالي ثمرة هذا العلم وخلاصة بحثهم ودراستهم لجميع المخطوطات، وهذا بالتالي هو ما يُسمى "النص النقدي" (والذي منه تأتي ترجمات الكتاب الحديثة كلها تقريبا).

يعني باختصار:

النص التقليدي: النص كما ورد بمعظم المخطوطات المتوفرة بحوزتنا.
النص النقـدي: النص كما "استخلصه" علماء النقد بعد دراسة "كل" المخطوطات.

عامة المسيحيين ليس لهم بالطبع شأن بهذه القضية (خاصة وأن الإنجيل ليس كالقرآن على الإطلاق ولا يجوز حتى النظر إليه بمنظور الثقافة القرآنية).* أما العلماء واللاهوتيون فقد انقسموا بين مؤيد ومعارض: البعض يرى أن النص الأصلي هو "النص التقليدي"، بينما يرى البعض الأخر أنه "النص النقدي" (وهذا فيما أعتقد رأي الأغلبية). لكل فريق بالطبع حججه وأدلته التي يصعب دحضها تماما، وإلا لحُسمت هذه القضية من زمن بعيد.

***

أما الدكتور هولي بايبل ـ وهو بالطبع أستاذنا وشيخنا وإن خالفته أحيانا ـ فهو ينتمي فيما يبدو إلى فريق "النص التقليدي". هذه المخطوطات التي يتحدث عنها (المنسوخة في الأديرة بقدسية ودقة عالية.. إلخ) هي ما صار يعرف لاحقا بمخطوطات "النمط البيزنطي" كما أوضحنا، ولكنه أيضا فيما يبدو لا يعترف أصلا بهذا التقسيم.

(يذهب بعض المحافظين من أنصار النص التقليدي أبعد حتى من ذلك: يرى هؤلاء أنه لا لزوم لكل علوم النقد النصي أساسا وأنه لا وزن ولا قيمة لكل ما يزعم هؤلاء العلماء، لأن الله حسب الكتاب ـ مز 6:12-7 ـ هو الحافظ لكلماته الحارس لهذا الوحي. هذا هو نفسه السبب ـ فيما يعتقدون ـ وراء توافر مخطوطات "النص التقليدي" بكثرة هكذا. غير أن الأمور بالطبع ليست بهذه البساطة).


أشكرك أخيرا على الموضوع الهام وأرجو أن تكون الصورة قد اتضحت قليلا، وبالطبع لا تتردد أبدا بطرح المزيد إذا كان ما يزال هناك أي غموض.

____________________


* كيف يختلف القرآن عن الإنجيل: القرآن كتاب لا تدعمه أية نبوءة من الماضي أو أية معجزة من الحاضر، كما أنه كتاب تلقيناه من السماء نصا وحرفا، عبر وسيط محدد بعينه هو النبي محمد. الإنجيل في المقابل: كتاب تدعمه النبوءات أولا وشهادات الإعجاز ثانيا، تلقيناه من السماء وحيا وإلهاما، كما أن وسيطه هو الروح القدس عبر الكنيسة وليس عبر أي شخص بعينه. وعليه: لو مثلا ثبت ـ مثلا ـ أن كاتب الرسالة إلى العبرانيين لم يكن حقا بولس الرسول: لا مشكلة على الإطلاق، لأن هذه الرسالة تتفق في النهاية مع معايير الوحي الأخرى عموما، أوحاها من ثم الروح القدس وجاءتنا يقينا عبر الكنيسة، حتى لو كان شخصا آخر من الكنيسة غير بولس هو كاتبها، بل حتى لو كان الكاتب مجهولا تماما لا نعرفه!

أما القرآن فعلى العكس: لو أن حرفا واحدا بالقرآن ثبت أنه خاطئ، أو لو أن حرفا واحدا ثبت أنه جاءنا عبر وسيط آخر غير محمد: عندئذ ينهار القرآن كله في لحظة، وبالتبعية ينهار الإسلام نفسه تماما. المسيحي بالتالي في حِلٍ تام من هذه الثقافة القرآنية التي لا تقوم على أي أساس، والتي تنطوي من ثم على قدر هائل من التوتر المحموم بل من الرعب والفزع، يتفجّر كلما اقترب العلم بأدواته من هذا الكتاب، أو حتى كلما وجدوا له مخطوطة جديدة يختلف نصها عما يعرفون! المسيحي ليس فقط في حِل من ذلك بل من الخطأ أصلا أن ينظر المسيحي إلى إنجيله (كتاب الحياة، خريطة الروح، قصة المقدس) كما ينظر المسلم إلى قرآنه (الذي صار هو نفسه المقدس. لم يعد "خطاب" السماء بل "تشيأ" من فرط حرفيته فصار كطوطم أو صنم، كتابا وثنا يعلو فوق كل الكتب، علبة فاخرة في خلفية السيارة، أو قلادة ذهبية ترتديها حتى الغواني)!

 

الحقيقة والحق

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
29 مايو 2009
المشاركات
1,503
مستوى التفاعل
39
النقاط
48
النص التقليدي هو النص الوارد بمجموعة كبرى من المخطوطات (حوالي 95% من المخطوطات) تشترك جميعها في قراءة معينة وسمات محددة، وكانت تُعتبر "مخطوطات الكتاب المقدس" المعتمدة حتى ظهرت علوم النقد النصي قبل حوالي 250 عاما.

طيب طالما النص التقليدي يشكل 95% وهو الاصح والادق ولا يوجد به مشاكل ولا ايات ناقصه ولا اخطاء بما تفسر الحاشيه النقديه في ترجمة الاباء اليسوعيين فيما يخص فقره الملاك الذي يحرك البركة :

975637017.jpg


كيف يقولوا لم يرد في عدد كبير من المخطوطات طالما مخطوطات النص النقدي اقليه ؟

طبعا علماء النص النقليدي لا يوجد شئ اسمه ايات مشكوك فيها او ناقصه فيقول العالم هنري ألفورد عن هذه الفقره :

"لا يمكن التشكيك في زيف هذا المقطع المثير للجدل".

Henry Alford wrote, "The spuriousness of this controverted passage can hardly be questioned."
Henry Alford, The New Testament for English Readers (1863, London) vol. 1, part ii, loc.cit.


 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,062
مستوى التفاعل
1,031
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل

طيب طالما النص التقليدي يشكل 95% وهو الاصح والادق ولا يوجد به مشاكل ولا ايات ناقصه ولا اخطاء

يا أستاذنا: النص التقليدي نجده في 95% من المخطوطات، نعم، لكن وصف هذا النص هكذا بأنه «الاصح والادق ولا يوجد به مشاكل ولا ايات ناقصه ولا اخطاء»: هذا رأي واحد فقط من رأيين اثنين! هذا جانب واحد فقط من جانبي المناظرة القائمة منذ مئات السنين. أنصار النص التقليدي ـ كالدكتور هولي ـ بالطبع يقولون هذا، ببساطة لأنهم "أنصار النص التقليدي". لكن أنصار النص النقدي في المقابل لا يقولون هذا ولهم ببساطة رأي آخر.

علاوة على ذلك: النص النقدي ـ بما أن هدفه مخلصا هو الوصول للحقيقة وللأصل ـ لا "يحذف" فقط بعض الآيات من النص التقليدي، كما في هذا المثال، بل "يضيف" إليه أيضا في مواضع أخرى. في متى 24 عدد 36 ـ على سبيل المثال ـ نقرأ في النص التقليدي (كما في الفاندايك مثلا):

وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السماوات إلا أبي وحده.

بينما نقرأ في النص النقدي (كما في هذه الترجمة اليسوعية):

فأما ذلك اليوم وتلك الساعة، فما من أحد يعلمها، لا ملائكة السموات ولا الابن إلا الآب وحده.

لماذا؟ لأن هناك مبادئ تحكم هذا العلم، كمبدأ أن "الأقدم أفضل". في هذه الآية تحديدا في متى كان القرار بإضافة «ولا الابن» في النص النقدي قائما على مبدأ أخر هو أن "الأصعب أفضل": علة ذلك أن أحد النساخ الغيورين قد يميل أثناء التدوين ـ بحسن نية تام ـ إلى حذف ما هو صعب في تفسيره وتبريره. دورك هنا من ثم كعالم تبغي الحقيقة ـ أمام مخطوطتين أحداهما أصعب ـ أن تنتبه بالأحرى إلى الأصعب، تطبق عليها بقية المعايير وتنظر، ثم تقارن وتراجع وتختبر وتمارس كل فنون هذا العلم حتى ترجح في النهاية القراءة الصحيحة، فهذا بالضبط ما حدث مع هذه الآية.

مع ذلك فليست هناك بالطبع حقائق مطلقة، وقد يكون النص التقليدي هو في النهاية الصحيح رغم كل ذلك: حقا هناك ميل بشري طبيعي عند أي إنسان غيور على عقيدته أن يحجب مثل هذه الآيات الصعبة أو الشبهات، لكننا مع ذلك لا نعرف أبدا ـ بشكل يقيني ـ أن هذا هو حقا ما حدث مع النساخ الذين نسخوا متى 36:24 تحديدا.

(غير أن هذا أيضا مردود عليه: إذا كان نساخ النص التقليدي أبرياء تماما ومن ثم فقراءة النص التقليدي هي حقا القراءة الصحيحة، أي بدون «ولا الابن»، فلماذا أضافها في هذه الحالة نساخ آخرون في مخطوطات أخرى؟ من أين جاءوا بها؟ ما الدليل ـ من داخل مخطوطاتهم هذه نفسها ـ على أنهم كانوا يقصدون التشكيك مثلا بألوهية الابن، أو يهدفون بأي شكل إلى تغيير النص المقدس؟ وهكذا تستمر المناظرة).*


كيف يقولوا لم يرد في عدد كبير من المخطوطات طالما مخطوطات النص النقدي اقليه؟

ليس معنى أنها أقلية أنها ضعيفة. "الكثرة" معيار هام لا شك، لكنه لا يحسم الأمر أبدا في ميدان العلم. لنفترض أن معنا 3 مخطوطات: A وB وC، الأولى والثانية صحيحتان، بينما C فقط خاطئة، ولكن لسبب ما تم نسخ هذه المخطوطة بالذات آلاف المرات على مدار القرون. اليوم أصبح لدينا نسخة أو أكثر قليلا من A، ونسخة أو أكثر قليلا من B، بينما لدينا آلاف النسخ من C: هل يعني هذا أن C هي الصحيحة؟

(علاوة على ذلك: عندما تتوغل في هذا العلم ستعرف أن إحدى الطرق التي يستخدمونها تسمى "الطريقة الجذعية": في هذه الطريقة تنتظم النسخ الكثيرة المتشابهة في شجرة لها جذع مشترك، وبالتالي فآلاف المخطوطات يمكن اعتبارها مخطوطا واحدا، لأنها جميعا نسخ (فروع) من مخطوط واحد (نفس الجذع) كلها نقلت عنه. من ثم في هذه الطريقة بالذات فالكثرة بحد ذاتها ربما لا يكون لها قيمة على الإطلاق)!

________________________

* بالطبع لا أنتصر شخصيا ـ كما هو واضح ـ لأي فريق في هذه المناظرة، ولست حتى أهلا لذلك. أعرض فقط موقف الفريقين بكل موضوعية وحياد، ورأيي شخصيا هو أن يبقى غير المتخصصين هكذا، متمسكين بالكتاب كما عرفوه، ومنفتحين بالوقت ذاته على العلم وما يضيفه. يتأسس هذا الحياد ببساطة على حقيقتين يجدر تذكرهما: الأولى هي حقيقة أن الفروق بين النصين التقليدي والنقدي لا تمس مطلقا أصول الإيمان ولا تهدد سلامة العقيدة، والثانية هي حقيقة أن الكتاب المقدس لا تكمن قوته أبدا في حرفية نصوصه أو تعتمد فاعليته عليها. نتمسك إذاً بنص الكتاب، وحتى بحرفيته أيضا، بل وندفع عن ذلك ما استطعنا. ولكن أيضا دون هَوَس بهذه الحرفية أو فزع من تغييرها قليلا، وكأن الإيمان كله يقوم عليها كما نرى عند أصحاب بعض الكتب الأخرى.

 

الحقيقة والحق

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
29 مايو 2009
المشاركات
1,503
مستوى التفاعل
39
النقاط
48
انا شايف ان المساله واحد من اثنين .. اما اتباع مدرسة النص النقدي او اتباع مدرسة النص التقليدي ولا مفر من اختيار واحده من الاثنين حتى "دين بورغون" يقول :

"في الواقع ، لا توجد سوى مدرستين متنافستين للنقد النصي. وهاتان متعارضتان بشكل لا يمكن التوفيق فيه. وفي النهاية ، سيتعين على إحداهما أن تفسح المجال: وسيصبح الاستسلام غير المشروط هو موردها الوحيد. عندما يتم قبول أحدهم كن على حق ، لا يوجد مكان للآخر. يجب استبعاده من الاهتمام باعتباره شيئًا خاطئًا تمامًا ".
"Indeed there exist but two rival schools of Textual Criticism. And these are irreconcilably opposed. In the end, one of them will have to give way: and, vae victis! unconditional surrender will be its only resource. When one has been admitted to be the right, there can no place be found for the other. It will have to be dismissed from attention as a thing utterly, hopelessly in the wrong." [Dean Burgon, The Traditional Text, p. 18]

فماذا نفعل ؟ هل نتبع النص التقليدي ام نتبع النص النقدي ؟!

اذا كان ما يقوله هولي بايبل صحيح عن النص التقليدي بانه هو الأصلي المسلم جيل عن جيل بدون أخطاء من زمن تلاميذ المسيح وحتى الان ويتفق مع اغلب اقوال الاباء ويشكل الغاليبه العظمى من المخطوطات الا يعني هذا انه هو الصحيح ونختاره بدلا من النص النقدي باعتباره خطأ ؟!

انا حسب رائي الشخصي اقول ان النص التقليدي هو الصح والسبب ان الايات الناقصه والمشكوك فيها عند علماء النص النقدي التي يكتبون عنها حواشي نقدية تم الاستشهاد بها عن طريق تلاميذ الرسل واباء الكنيسة الاولى كنصوص اصليه من العهد الجديد بينما مدرسة النص النقدي لا يعتبرون باقتباسات الاباء ويعتمدون على المخطوطات فقط بالتالي تكون مدرسة النص التقليدي هي الصواب لان الفقرات لو لم تكن اصليه لما كان استشهد بها تلاميذ الرسل والاباء الاوائل كنصوص اصليه ما رائك ؟!

ودين بورغون يضيف لافضليه النص التقليدي كونه لدينا شهادة عظيمة لصالح النص التقليدي ، اثنتا عشرة دولة أو أكثر ، وأجزاء من العالم ، تشهد على هذا النوع من النص دون تواطؤ أو تعاون من أي نوع:

"It is precisely this consideration which constrains us to pay supreme attention to the combined testimony of the Uncials and of the whole body of the Cursive Copies. They are (a) dotted over at least 1000 years: (b) they evidently belong to so many divers countries,--Greece, Constantinople, Asia Minor, Palestine, Syria, Alexandria, and other parts of Africa, not to say Sicily, Southern Italy, Gaul, England, and Ireland: (c) they exhibit so many strange characteristics and peculiar sympathies: (d) they so clearly represent countless families of MSS., being in no single instance absolutely identical in their text, and certainly not being copies of any other Codex in existence,--that their unanimous decision I hold to be an absolutely irrefragable evidence of the Truth." [Dean Burgon, The Traditional Text, p. 50-51]

الملحدين واللادينين والمسلمين والليبرالين اعداء الكتاب المقدس من عشاق مدرسة النص النقدي لانهم يكتبون حواشي نقديه باعتبار ايات زايده وناقصه ويعتبروها حجة للهجوم على الكتاب المقدس فحينما تستشهد مثلا بالفاصله اليوحناوية او غيرها ياتي لك واحدا منهم ويقولك لا هذا النص مزور هكذا قال دانيال والس وبروس متزجر وبارت ايرمان (اتباع النص النقدي) !


الأولى هي حقيقة أن الفروق بين النصين التقليدي والنقدي لا تمس مطلقا أصول الإيمان ولا تهدد سلامة العقيدة

هذا اجماع عند مدرسة النص النقدي حتى بارت ايرمان اللاديني الذي يهاجم الكتاب المقدس يقول :

"في الحقيقة ان غالبيه التغيرات الموجودة في المخطوطات المسيحيه المبكره ليس لها علاقه باللاهوت او الايديولوجية "

" In fact, most of the changes found in our early Christian manuscripts
have nothing to do with theology or ideology"
Bart D. Ehrman - misquoting jesus P.55

ولكن المشكلة في اعداء الكتاب المقدس فماذا تفعل حينما يقولون لك هذا النص مزور وذاك مزور بالاعتماد على النص النقدي وعلماءه ؟ هل تقبل بهذا ام تتمسك بالنص التقليدي الذي لا يوجد عنده شئ اسمه نص مشكوك فيه لا زايد ولا ناقص ؟!
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,062
مستوى التفاعل
1,031
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل

أعتذر عن التأخير. كان اليوم صاخبا جدا ثم جاءت الليلة فكانت أكثر صخبا!
icon10.gif



فماذا نفعل؟ هل نتبع النص التقليدي ام نتبع النص النقدي؟!

أعتقد أن "نتبع" كلمة كبيرة لا يحتملها المقام، أستاذنا الحبيب. :) هذا ليس "دينا" مختلفا كي نتبعه أو نتبع غيره. ما دام الأمر لا يمس العقيدة أو الثوابت فالأفضل فيما أرى، كما ذكرت بالمرة السابقة، هو أن يظل الإنسان ببساطة منفتحا على كل الاحتمالات.


اذا كان ما يقوله هولي بايبل صحيح عن النص التقليدي بانه هو الأصلي المسلم جيل عن جيل بدون أخطاء من زمن تلاميذ المسيح وحتى الان ويتفق مع اغلب اقوال الاباء ويشكل الغاليبه العظمى من المخطوطات الا يعني هذا انه هو الصحيح ونختاره بدلا من النص النقدي باعتباره خطأ؟!

نعم، ولكن بالضبط كما قلت: «إذا كان ما يقوله هولي بايبل صحيحا». لا نقصد بالطبع التشكيك أبدا في أستاذنا وشيخنا الكبير، ولكن أقصد أن هولي بايبل، وكذلك بيرجون وميلر وغيرهم ـ بمجرد انتصارهم للنص التقليدي ـ أصبحوا طرفا في القضية. أصبح الأخذ عنهم ـ دون دراسة خصومهم بنفس القدر من الانتباه والعمق ـ موقفا غير محايد، ومن ثم غير علمي، لا يضمن لنا أبدا أننا على صواب!

علاوة على ذلك ـ وكما قال سارتر ـ «نحن نختار الإجابة التي نريد مقدما باختيارنا للشخص الذي نسأله»! السؤال عن الإله مثلا سؤال بسيط محايد تماما. مع ذلك فقد اخترت بالفعل الإجابة مقدما لو أنك توجهت بهذا السؤال لشيخ الأزهر مثلا في مصر، بدلا من البابا في روما، أو الديلاي لاما في الصين، أو حتى ريتشارد داوكنز في أكسفورد. بالمثل: إذا اخترت هولي بايبل مرجعية لإجابة هذا السؤال، وأنت تعلم أنه من أنصار النص التقليدي، فقد اخترت بالفعل الإجابة التي تريد مقدما. أصبح السؤال بالتالي لماذا تريد ـ أو ربما تحتاج ـ هذه الإجابة تحديدا؟ هذا ما تكشفه تدريجيا بقية رسالتك.


انا حسب رائي الشخصي اقول ان النص التقليدي هو الصح والسبب ان الايات الناقصه والمشكوك فيها عند علماء النص النقدي التي يكتبون عنها حواشي نقدية تم الاستشهاد بها عن طريق تلاميذ الرسل واباء الكنيسة الاولى كنصوص اصليه من العهد الجديد بينما مدرسة النص النقدي لا يعتبرون باقتباسات الاباء ويعتمدون على المخطوطات فقط بالتالي تكون مدرسة النص التقليدي هي الصواب لان الفقرات لو لم تكن اصليه لما كان استشهد بها تلاميذ الرسل والاباء الاوائل كنصوص اصليه ما رائيك؟!

كما أخبرتك: ضعفي لسوء الحظ، أو ربما لحسن الحظ، أبعد ما يكون عن هذا المجال. هل حقا يتجاهل أنصار النص النقدي اقتباسات الآباء تماما؟ وإذا كانت هذه حقيقة فعلا: فلماذا؟ لنتذكر أن هؤلاء في النهاية من أكبر علماء الإنسانية بل ومن أكبر الآباء في كنائسهم أيضا، شيوخ وأحبار أجلّاء أفنوا عمرهم في دراسة هذا الكتاب. نسخة هورت هذه فقط، التي تحدثت عنها برسالتي الأولى، عكف الشيخ على إخراجها لمدة 30 عاما متصلة من البحث والدراسة! هل نطيح بكل هذا الجهد وهذا العمل لأن نتائجهم لا تعجبنا؟ أم بالأحرى نسمع لهم أولا، نقرأ حججهم جيدا، ثم في النهاية ـ وبكل توقير وتقدير واحترام ـ نتفق أو نختلف معهم؟

(أيضا لنتذكر: هناك ـ فيما لمحت خلال قراءاتي البسيطة ـ نوعا من التحيز الطائفي الكامن بعيدا في خلفية هذه المشهد، بين التقليديين من ناحية والبروتستانت من ناحية أخرى: يبدو وكأن النص النقدي هو اختيار البروتستانت، وعليه فلابد إذا كنت أرثوذكسيا أو كاثوليكيا حقا أن تنتصر للنص التقليدي! إذا كانت هذه الملاحظة صحيحة فهذا بالتأكيد يشوّش تماما على رؤيتنا واختياراتنا).


الملحدين واللادينين والمسلمين والليبرالين اعداء الكتاب المقدس من عشاق مدرسة النص النقدي لانهم يكتبون حواشي نقديه باعتبار ايات زايده وناقصه ويعتبروها حجة للهجوم على الكتاب المقدس فحينما تستشهد مثلا بالفاصله اليوحناوية او غيرها ياتي لك واحدا منهم ويقولك لا هذا النص مزور هكذا قال دانيال والس وبروس متزجر وبارت ايرمان (اتباع النص النقدي).

نعم، هذا أخيرا هو مربط الفرس!
icon10.gif
أنت تميل للنص التقليدي لأنه ببساطة يريحك من لدغات «الملحدين واللادينين والمسلمين والليبرالين واعداء الكتاب المقدس»! :)

لكن هذا لا يغيّر "الحقيقة" أبدا، سيان كانت بجانبك او جانبهم. فهل تريد الحقيقة، أم تريد الراحة؟ ثم لماذا تستشهد بالفاصلة اليوحناوية أصلا طالما كانت محل خلاف؟ حتى لو لم تكن محل خلاف: هل تظنها كافية ـ ومعها عشرة أيات أخرى مثلها ـ لإقناع «الملحدين واللادينين والمسلمين والليبرالين وأعداء الكتاب المقدس» بما تقول؟! يا سيدي أنت واهم!

«الملحدين واللادينين والمسلمين والليبرالين وأعداء الكتاب المقدس» ـ خاصة على هذه الشبكة ـ لا يريدون الحقيقة ولا يبحثون أبدا عنها بل حتى لا تخطر مطلقا على بالهم! كل هذه النقاشات والمناظرات والمجادلات ليس هدفها أبدا "إظهار الحق" كما يزعم أصحابها، وإنما هدفها هو فقط "المصارعة" ذاتها، تماما كمباريات المصارعة الحرة. تلك مصارعة الأجساد، وهذه مصارعة العقول، هذا هو الفرق الوحيد! وتماما كالمصارعة: يأتي كل "نجم" ومن ورائه أتباعه وجمهوره، هدفهم جميعا هو فقط "هزيمة الخصم" على الطرف الآخر من الحلبة! يسمّون حتى أنفسهم أسماء مهيبة رنانة تليق حقا بالنجوم والأبطال: سيف الإسلام، صاعقة الحق، اليقين الساطع، نبي العقل، أمام الملحدين.. إلخ!
icon10.gif


(أما النقاش العلمي الرصين ـ مع شخص لا يملك الحقيقة مقدما وإنما لا زال صادقا مخلصا يبحث عنها ـ فهذا بالطبع شأن آخر).


ولكن المشكلة في اعداء الكتاب المقدس فماذا تفعل حينما يقولون لك هذا النص مزور وذاك مزور بالاعتماد على النص النقدي وعلماءه؟ هل تقبل بهذا ام تتمسك بالنص التقليدي الذي لا يوجد عنده شئ اسمه نص مشكوك فيه لا زايد ولا ناقص؟!

منطقك عجيب حقا! السؤال هو: بماذا تقتنع أنت شخصيا؟!

هل "تمسكك بالنص التقليدي" في وجه "أعداء الكتاب المقدس" كافٍ بالنسبة لك؟ هل هذا بحد ذاته يثبت حقيقة ـ أو ينفي أكذوبة ـ أن بعض الآيات مشكوك بأمرها؟

الناس ثلاثة، صديقي الجميل: إما شخص لا علاقة له بالأمر ولا يعرف عنه شيئا ولا يريد، وهذا من ثم أراح واستراح. أو شخص بحث ودرس وجاهد بل كافح حتى أدرك بنفسه الحقائق أخيرا ووصل إلى ما يرضي عقله وقلبه معا، وهذا من ثم عالم نسمع له. ثم أخيرا، وهو أغلب الخلق، شخص لا يستطيع ذلك، لضيق وقته أو حاله، وهذا يختار بالتالي ما يميل له قلبه فيقف عنده. لأجل هذا الأخير تحديدا كانت وصيتي: أن يبقى الإنسان فقط منفتحا، مرن العقل والقلب دائما، مستعدا لكل احتمال.

لكن هذا الأخير لا يشارك أيضا بالمناظرات، أستاذنا الحبيب، لأنه ليس بعد أهلا لها (إلا بالطبع إذا كان بهدف المصارعة الحرة كما ذكرنا. لا مانع بالطبع أبدا من بعض التريض العقلي أحيانا).
icon10.gif


أشكرك على الحوار الجميل. :16_4_10:


 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,062
مستوى التفاعل
1,031
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
5842911460.jpg

شجرة مخطوطات العهد الجديد، مع بعص العوامل التاريخية التي أثرت على حالة المخطوطات كما وصلتنا (ويظهر فيها أيضا كيف يتميز النمط البيزنطي عن الإسكندري). ـ صورة أوضح قليلا لهذه الخريطة تجدها أيضا بكتاب "المدخل إلى علم النقد النصي"، مع شروح وافية).

تذكرت اليوم أن لديّ كتابا منذ سنوات عن النقد النصي ولكن للأسف لم يتوفر الوقت أبدا لقراءته. بحثت عن الكتاب فوجدته: الكتاب بالعربية، لأستاذنا الكبير فادي أليكساندر. وبمزيد من البحث على الشبكة وجدت أن الأستاذ فادي قدم أيضا للكتاب بنفسه في رسالته هنا بالمنتدى منذ سنوات. الكتاب بقدر ما تصفحت فيه جهد كبير رائع، مع حياد وموضوعية تستحق التقدير. أعتقد أنه سيضيف إليك الكثير سواء لمعرفتك وفهمك شخصيا أو في مناظراتك أيضا ما دمت مهتما بالمناظرات والدفاعيات.

لفت أيضا نظري أثناء التصفح السريع فقرتان تحديدا ـ ولا شك أن هناك المزيد إذا أمعنا القراءة ـ الأولى من صفحة 230 حيث يقول:
النص المستلم يقدم كل القراءات. النص المستلم يقدم كل ما يمكن أن يطلق "نص العهد الجديد". ولكن ظهر بعد ذلك تيار جديد يسعى لتحديد النص حرفيا. تذكر هذا جيدا، أن نص العهد الجديد ما هو إلا وسيلة لحفظ العهد الجديد نفسه. العهد الجديد نفسه ليس نصا ولكنه تعاليم وعقائد العقيدة المسيحية. العهد الجديد نفسه ليس حرفا وإنما تعليم مستقيم حول العقيدة المسيحية ومبادئها.
هذا من أروع ما قرأت عن العهد الجديد وفهم معناه العميق وفهم الفرق الذي أشرنا إليه سابقا بين الإنجيل والقرآن. للقرآن وللإسلام عموما وضعه الدقيق الخاص الذي ذكرناه باختصار، أما المسيحية فوضعها يختلف تماما: المسيحي يؤمن بالسيد المسيح ذاته، وليس بأيقونة المسيح أو صورته التي "تمثله" لحواسنا ونراها بعيوننا. بالمثل: المسيحي يؤمن بالعهد الجديد ذاته، الذي هو في قلب المسيحي ابتداء، وليس بالمخطوطة نفسها، صورة هذا العهد التي "تمثله" لنا خارجيا. وكما أن تعديل الأيقونة أو تصحيحها لا يمس صاحبها نفسه أبدا أو يمس الإيمان، كذلك تعديل النص أو تصحيحه لا يمس العهد الجديد نفسه أبدا أو يمس الإيمان.


الفقرة أو بالأحرى السطر الثاني الذي لفت أيضا نظري كان عن الفاصلة اليوحناوية، حيث يقول بصفحة 363 في عبارة هامة:
بشكل عام، فإن علماء النص النقدي والنص التقليدي يقرّون بعدم أصالة هذه العبارة (هذه الفاصلة اليوحناوية).
وعليه فيم النقاش، أستاذنا الحبيب؟ إذا كان كلا الفريقان ـ كلاهما ـ قد أقرّ بعدم أصالتها ففيم الدفاع عنها؟ وحتى لو دافعتَ عنها ـ بل حتى لو انتصرتَ مؤقتا على مستوى مناظرة معينة في دفاعك ـ ما قيمة هذا في ميزان الحقيقة، وكم من السنوات يصمد حقا دفاعك وانتصارك هذا إذا كان كلا الفريقان قد أقر بعدم أصالتها؟!

من حيث عقيدة الثالوث: عقيدة الثالوت لا تتوقف بالطبع عليها، بل لديك 260 شاهدا آخر بالكتاب إثباتا لها (وقد أوردها أستاذنا فادي أيضا بكتابه)! لا يبقَ من ثم مبررا لذلك ـ فيما أرى ـ سوى فقط التمسك "الإسلامي" بحرفية الكتاب كما عرفناه، بينما طلبنا للحقيقة ـ ولو على حساب الحرف ـ يشهد بالعكس لنا لا علينا! نحن يا صديقي نؤمن بالحقيقة لا بالمسيحية. إيماننا بالمسيحية فرع من إيماننا بالحقيقة. "المسيحية" و"الحقيقة" بالأحرى كلمتان مترادفتان تشيران بالضبط إلى نفس المعنى الواحد، فلا فرق مطلقا بين الحقيقة والمسيحية. من ثم نحن بالعكس نفتخر حين نقرر بإرادتنا ـ طلبا للحقيقة ـ أن نقوم بتصحيح أية أخطاء وردت بمخطوطات الكتاب. هذا ليس مدعاة لأي تردد أبدا أو خجل، هذا بالعكس مقام فخر وشرف وبرهان صدق وأمانة ودليل شجاعة وإخلاص.

في النهاية ذلك رأيي فقط على أي حال، مجرد رأي، وربما يكون حتى مثاليا بالنسبة للبعض، فما زلت بعيدا تماما عن هذا الميدان وخلفياته وحساباته الثقافية والسياسية المختلفة. تمنياتي لأجلك عموما بقراءة مثمرة ممتعة.

***

(إذا لم يعمل الرابط يمكنك تحميل الكتاب من هنـــا، أو من موقع المكتبة المسيحية حيث يمكنك التعرف أيضاعلى محتويات الكتاب وموضوعه قبل التحميل).


 

II Theodore II

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
16 أكتوبر 2016
المشاركات
231
مستوى التفاعل
16
النقاط
18
الرب يسوع المسيح، يعطي لكل من يقدم خدمة ،نعمة وبركة وفرح، منتدى كله نشاط وحب الله يعطيكم جميعا معرفة مستنيرة.
 
أعلى