هناك سر يتمنى قلب يسوع المسيح للأطفال أن يعرفوه .
عندما عرفكم الله وافتقدكم وأنتم في أرض العبودية ، أرض الخوف والإضطهاد، أتذكرون كيف كنتم حينها ؟ أتذكرون بؤسكم وعوزكم ؟ واضطهاداتكم الكثيرة ؟ وخوفكم الدائم ؟ وقلقكم المستمر ؟ واعتصار قلوبكم في اليأس والإكتئاب ؟وجروحكم التي لم تجدو لها دواء مهما جربتم من طرق متعددة لم تنفعكم في شيء بل زادت مشاكلكم بؤسا؟
تذكرون عندما حل عليكم خبر خلاصكم ، تذكرون عندما اختبرتم لأول مرة حضور يسوع المسيح في داخل أرواحكم ، أتذكرون ؟ أخاطبكم متمنيا أنكم تذكرون ذلك ! وإلا فاجتهدوا أن تتذكروا الطرق الأولى التي سرتم بها أمامه ، كم ضحكتم وابتهجتم من القلب ؟ كم بكيتم من فرط حلاوة طيبة حضوره الحلو المذاق كشهد العسل وهو يلمس بحنيته الآسرة خدود أرواحكم بلطف ماسحا دموعكم.
تتذكرون كم اندهشتم من معرفة هذا الحب وتساءلتم كيف يمكن لأحد أن يحب هكذا ؟ أسرتم بهذا الحب ، ألبابكم أصبحت مثل الشمع والعسل يتقطر بداخلها ، بكيتم ليس دموعا بل أرواحكم ذاتها هي التي كانت تنسكب من عيونكم ، أحببتموه جدا لأنه أحبكم جدا ، وهو مازال يحبكم جدا ، أنتم فقط قد تغيرتم !
كيف تغيرتم ولماذا تغيرتم ؟
أنتم لم تحتملوا تأديب الرب لكم، اعتقدتم بأن الرب عندما سمح بالأمور التي تبدو سيئة في حياتكم ، اعتقدتم بأنه قد تخلى عنكم وأنه نساكم ، فقدتم الثقة الأولى به ، ثم حدث لكم الأمر الكارثي ، أنتم نسيتم العلاقة الأولى مع مخلصكم ، نسيتم الحب الأول معه ، وأصبحتم حتى عندما تفتكرونه تحنون له للحظة ثم تختارون عدم الإيمان ، عدم الإيمان بأن الرب قادر بأن يردكم لتلك الأيام الخالدة ! تقولون في أذهانكم ، هل بإمكانه فعلا أن يسعدنا ويردنا لحبنا الأول له ؟ لا . فهو ينتظرني أنا لكي أعمل الأعمال التي تؤهلني لنيل حبه!
هل نلتم المحبة الأولى بأعمالكم ؟ ألم يأتي هو إليكم مجانا ؟ لماذا تعتقدون الآن بأنه غير استراتيجيته ؟ ألم ينبه قلوبكم كثيرا بأنه هو هو أمس واليوم وإلى الأبد ! هل اعتقدتم أن الله ينسى ؟ نعم اعتقدتم أنه قد نسي تلك الليالي التي جلستم فيها باكيين أمامه ليس لأنكم حزنى ، لا ، بل من فرط النعمة التي تغمركم ، من اتحادكم المقدس به !
هل اعتقدتم أنه نسي تلك الأيام ؟ ألا تعلمون بأنه يشتاق كل يوم لتلك الأيام أكثر جدا مماتشتاق الأم لحضن رضيعها التي لم تراه منذ زمن طويل ؟
هو لم ينسى ولن ينسى أبدا شغفه تجاهكم ، أنتم نسيتم وفقدتم ثقتكم به، عندما أخذكم في طريق الرجوع لحضنه حيث الحب الأول، لم تريدوا الذهاب معه ، أخترتم متعة الحس وراحة الجسد على اضطهادات الطريق ، هو يريد بهذه الإضطهادات أن يطهركم ، أن ينقيكم ، أن يحضركم بلا لوم أمامه ، هو لمصلحتكم أنتم سمح بالصعوبات أن تلمسكم، لكن أنتم أدرتم وجوهكم واخترتم الباب الواسع ، والغريب أن الحنين للحب الأول الذي وضعه في قلوبكم لم تسمحوا له بأن يرجعكم لطريقه ، التهيتم في الخدمة الروحية والعالمية ، وهي سواء لاتساوي شيئا ، أبدا لا شيء.
أنتم تركتم المكان الوحيد المطلوب منكم ، أنتم تركتم حضور يسوع والتهيتم بحضور باقي الأشياء ، شابهتم مارثا كثيرا، تؤمنون بأفواهكم ولكن تختارون طريقكم على طريق الرب! لا تريدون أن تفهموا ! هو لايريدكم أن تفهموا ! هو يريدكم ان تؤمنوا ! أن تثقوا ، أن تتبعوه وأعينكم عليه ، هو لم ولن يترككم ، هو معكم دائما ، اقتربوا منه ، هو يناديكم ، أبكوا أمامه من قلوبكم ، أصرخوا من أرواحكم ، أتركوا أعمالكم واطلبوا حضور الله حيث الخلاص ، كفوا عن الكلام !
لا تأتوا للصلاة ممتلئين بالكلمات ، اصمتوا ! فقط أصغوا له ، لا تتكلموا ، تأملوا بقلوبكم فيه ، إجعلوا انتباهكم أمامه ، سيساعدكم في هذا الطريق ثقوا بذلك ! حتى لو لم تعلموا كيف سيساعدكم وإلى أين يأخذكم ، هو أبدا لن يترككم ، لأنه أبدا لا ينسى ، هو الذي يريدكم وليس أنتم ، هو لايريد تدينكم ، لا يريد صلواتكم المليئة بالكلمات ، هو يريد قلوبكم لينقيها ويغرس حضوره بها ، هلا تسمحون له بذلك ؟ ألا يستحق مخلصكم منكم ذلك ؟
لا تقسوا قلوبكم ، تعالوا بإيمان له ، لا تخافوا فهو يعرف مافي قلوبكم ، ابدؤوا رحلة صلاة القلب مع يسوع ، صدقوني ستندهشون إلى أين سيأخذكم ! اختاروا متعته على متعة العالم ، بالتأكيد العالم سيأتي لكم بإغراءات كثيرة ، امتلئوا بحب الرب ، لا تخونوا حنيته لكم ، اختاروا أن تموتوا على أن تحزنوه .
نعمته معكم وهي التي ستحميكم أجمعين . آمين